المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الاول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بعث عباده المرسلين بتوحيده فاقاموا الحجة على العباد واتفقوا من اولهم الى اخرهم على ان لا معبود حق الا الله وعلى ان عبادة غيره باطلة وانه ما عبد غير الله الا بالبغي والظلم والعدوان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تأكيدا بعد تأكيد لبيان مقام التوحيد واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فهذا الكتاب وهو كتاب التوحيد للامام المصلح المجدد شيخ الاسلام والمسلمين محمد بن عبد الوهاب وهو غني عن التعريف لما جعل الله جل وعلا لدعوته من اثر في شرق الارض وفي غربها وفي شمالها وفي جنوبها ذلك انها دعوة محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام وكتاب التوحيد الذي نحن الان بصدد شرحه كتاب عظيم جدا واجمعت العلماء واجمعت العلماء اعني علماء التوحيد على انه لم يصنف في الاسلام في موضوعه مثله فهو كتاب وحيد وفريد في بابه لانه رحمه الله طرق في هذا الكتاب مسائل توحيد العبادة وما يضاد ذلك التوحيد اما من اصله واما يضاد كماله وهذا على نحو التفصيل الذي ساق به الشيخ رحمه الله تلك المسائل والابواب لم يوجد في كتاب على نحو سياقته مجموعة ولهذا طالب العلم لا يستغني البتة عن هذا الكتاب من جهة معرفته بمعانيه لانه مشتمل على الاي والحديث وقد شبه بعض العلماء هذا الكتاب بانه قطعة من صحيح البخاري رحمه الله وهذا ظاهر في ان الشيخ رحمه الله جعل هذا الكتاب ككتاب البخاري من جهة ان الترجمة فيها اية وحديث والحديث دال على والاية دالة على الترجمة وما بعدها مفسر لها وما ساق من كلام اهل العلم من الصحابة او من التابعين او من كلام ائمة الاسلام فهو على نفق طريقة ابي عبدالله البخاري رحمه الله فانه يسوق اقوال اهل العلم في بيان المعاني هذا الكتاب صنفه امام الدعوة ابتداء في البصرة لما رحل اليها وكان الداعي الى تأليفه ما رأى من شيوع الشرك بالله جل جلاله ومن افتقاد التوحيد الحق في المسلمين فرأى مظاهر الشرك الاكبر والاصغر والخفي. فابتدأ في البصرة جمع هذا الكتاب وتحرير الدلائل لمسائله ذكر ذلك تلميذه وحفيده الشيخ الامام عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في المقامات ثم حرره الشيخ رحمه الله واكمله لما قدم نجدا. وصار هذا الكتاب كتاب وصار هذا تابوا كتاب دعوة فهو يمثل الدعوة الى التوحيد لان الشيخ رحمه الله بين فيه اصول دلائل التوحيد بين فيه معناه وفضله وبين ضده والخوف من ضده بين افراد توحيد العبادة وافراد توحيد الاسماء والصفات اجمالا وبين الشرك الاكبر وصور من وصورا من الشرك الاكبر وبين الشرك الاصغر وصورا من الشرك الاصغر وبين الوسائل وبين حماية التوحيد وما به وبين ايضا شيئا من افراد توحيد الربوبية فهذا الكتاب كتاب التوحيد كتاب عظيم جدا ولهذا يعظم ان تعتني به عناية حفظ ودرس وتأمل لانك اينما كنت فانت انت محتاج اليك في نفسك او في تبليغ العلم لمن وراءك. سواء كان ذلك في البيت ام كان في المسجد ام كان في العمل ام في اي جهة؟ فمن فهم هذا الكتاب فهم اكثر مسائل توحيد العبادة بل فهم جلها واغلبها نبتدئ الشرح وقد كنت نظرت في كيف تكون طريقة شرح هذا الكتاب؟ والكتاب كما تعلمون طويل لا يمكن شرحه بتوسط او ببسط في نحو ثمانية عشر درسا والعلماء الذين شرحوه وهم كثر كانوا بين مطيل ومتوسط ومختصر فنظرت في ذلك فتقرر ان يكون الشرح فيه ذكر للفوائد التي كثيرا ما تلتبس على طلبة العلم وفيه بيان مناسبة الاية والاحاديث بالترجمة وفيه بيان وجه الاستدلال من الاية او من الحديث على المقصود وفيه ذكر شيء من تقرير الحجاز مع الخصوم في هذه المسائل ربما بما لا يطالب بما لا يطالعه كثير منكم في الشروح وهذه الطريقة التي سنسلكها طريقة مختصرة سوف نأتي بها ان شاء الله تعالى ونسأله المدد منه والاعانة والتوفيق فنأتي بها على الكتاب كله باذن الله معاه عدم الاخلال باسهامه وعدم الاخلال بمعانيه اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال شيخ الاسلام والمسلمين مجدد الدعوة والدين الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى كتاب التوحيد وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقوله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسول ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقوله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وقوله تعالى قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا الى قوله وان هذا صراطي مستقيم وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديت النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا. قلت يا رسول الله افلا ابشر افلا ابشر الناس؟ قال لا تبشرهم لا تبشرهم فيتكلوا. لا تبشرهم. قال لا تبشرهم فيتكلوا قوله كتاب التوحيد وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون عادة المصنفين والمؤلفين ان يضعوا بعد البسملة والحنبلة خطبة للكتاب يذكرون فيها طريقتهم في هذا الكتاب ومرادهم من تأليفه وها هنا سؤال معروف وهو ان الشيخ رحمه الله خالف طريقة المصنفين فلم يجعل للكتاب خطبة يبين فيها طريقته. بل قال كتاب التوحيد وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا يعبدون فاخلاه من الخطبة والسبب في ذلك والسر فيه فيما يظهر لي ان التوحيد الذي سيبينه الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب هو توحيد الله جل جلاله وتوحيد الله بينه الله جل وعلا في القرآن فكان من الادب في مقام التوحيد الا يجعل فاصلا بين الحق والدال على الحق. وكلام الدال عليه فالحق الذي لله هو التوحيد والذي دل على هذا الحق هو الله جل جلاله والدليل عليه هو كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من لطائف اثر التوحيد على القلب كما صنع البخاري رحمه الله في صحيحه اذ لم يجعل لصحيحه خطبة بل جعل صحيحه مبتدأ بالحديث ذلك ان كتابه كتاب سنة ومن المعلوم ان الادب الا يتقدم بين يدي الله ورسوله فلم يقدم كلامه على كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فجعل البخاري صحيحه مفتتحا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. وكتابه كتاب سنة فجعل كتابه في ابتدائه مبتدأ بكلام صاحب السنة عليه الصلاة والسلام وهذا من لطيف المعاني التي يرعاها من نور الله قلوبهم لمعرفة حقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم كتاب التوحيد التوحيد مصدر وحد يوحد توحيده وقد جاء هذا اللفظ التوحيد بالقلة جاء في السنة الدعوة الى توحيد الله كما جاء في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا الى الجبل معاذ بن جبل الى اليمن قال انك تأتي قوما اهل كتاب. فليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان يوحدوا الله الى ان يوحدوا الله. يوحدوا مصدره التوحيد وفي الرواية الاخرى من حديث ابن عباس هذا الذي فيه قصة بعث معاذ الى اليمن وهي في الصحيحين قال فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. فدل على ان التوحيد هو شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتحقيق هاتين الشهادتين هو تحقيق توحيد التوحيد جعل الشيء واحدة وحد يعني جعله واحدة تقول وحدت المتكلم اذا جعلته واحدة ووحد المسلمون الله اذا جعلوا المعبود واحدا وهو الله جل وعلا والتوحيد المطلوب يشمل ما امر الله جل وعلا به في الكتاب من توحيده وهو ثلاثة انواع الاول توحيد الربوبية والثاني توحيد الالوهية والثالث توحيد الاسماء والصفات توحيد الربوبية معناه توحيد الله بافعاله افعال الله كثيرة منها الخلق والرزق والاحياء والاماتة وتدبير الملك والنفع والضر الشفاء والاجارة يجير ولا يجار عليه واجابة دعوة المضطر واجابة دعوة الداعي ونحو ذلك من افراد الربوبية فالمتفرج بذلك على الكمال هو الله جل وعلا فتوحيد الربوبية توحيد الله بافعاله سبحانه وتوحيد الالوهية مأخوذ من اله يأله الهة اذا عبد مع المحبة والتعظيم. يقال تأله اذا عبد معظما محبا ففرق بين العبادة والالوهة فان الالوهة عبادة فيها المحبة والتعظيم والرضا بالحاج والرجا والرغب والرهب فمصدر الا هيأ له؟ قلوها واله. ولهذا قيل توحيد الالهية وقيل توحيد الوهية وهما مصدران الا هيأ له. ومعنى الهى في لغة العرب يعني عبد مع المحبة والتعظيم والتألف العبادة على ذاك النحو قال الراجز لله در الغانيات المدهي سبحن واسترجعن من تأله. يعني من عبادتي فتوحيد الالهية او توحيد الالوهية هو توحيد العبادة. يعني جعل العبادة لواحد وهو الله جل جلاله. العبادة انواع والعبادة يفعلها العبد والله جل وعلا هو المستحق للالوهة وللعبادة. يعني هو ذو الالوهة وهو ذو العبادة على خلقه اجمعين توحيد الالوهية هو توحيد الله بافعال العبد. افعالك متنوعة التي تفعلها تقربا فاذا توجهت بها لواحد كنت بواحد وهو الله جل وعلا كنت موحدا توحيدا الالهية فاذا توجه العبد بها لله ولغيره كان مشركا في هذه العبادة والنوع الثالث من التوحيد توحيد الاسماء والصفات. ومعناه ان يعتقد العبد ان ان الله جل جلاله واحد في اسمائه وصفاته لا مماثل له فيهما. وان شركا بعض العباد الله جل وعلا في اصل بعض الصفات لكنهم لا تركونه جل وعلا في كمال المعنى بل الكمال فيها لله وحده دون من سواه فمثلا المخلوق قد يكون عديدا والله جل جلاله هو العزيز له للمخلوق من صفة العزة ما يناسب ذاته. الحقيرة الوضيعة الفقيرة. والله جل وعلا له من كمال هذه الصفة منتهى ذلك. ليس له فيها مثيل وليس له فيها مشابه على التام. قال جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير هذه الانواع الثلاثة من التوحيد ذكرها الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب لكن لما كانت التصانيف قبله اعتنى فيها العلماء اعني علماء السنة والعقيدة ببيان وعين النوعين الاول والثالث وهو توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات هما توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات لما اعتنى العلماء بهما لم يبسط الشيخ رحمه الله القول فيهما. وانما بسط قول فيما الناس بحاجة اليه ويفتقدون التصنيف فيه. وهذه طريقة الامام رحمه الله ان كتاباته المختلفة وان مؤلفات الشيخ انما كانت للحاجة ليست للتكاثر او الاستكثار او للتفنن وانما كتب فيما الناس بحاجة اليه لم يكتب لاجل ان تباع ولكن كتب لاجل ان يدعوا. وبين الامرين فرق فاذا الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب بين توحيد الالهية والعبودية وبين افراده من التوكل والخوف والمحبة والرجاء والرغبة نحو ذلك والاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر كل هذه عبادات لله سبحانه دون من سواه والشيخ رحمه الله لما بسط ذلك بين ايضا ضده وهو الشرك فهذا الكتاب كتاب التوحيد الذي فيه بيان توحيد العبادة والربوبية والاسماء والصفات. وفيه ايضا بيان ضد ذلك. وضد التوحيد الشرك والشرك اتخاذ الشريك. يعني ان يجعل واحدا شريكا لاخر. يقال اشرك بينهما اذا جعلهما اثنين او اشرك في امره غيره اذا جعل ذلك الامر لاثنين فيه تشريك. والله جل وعلا نهى عن الشرك كما سيأتي الشرك في كلام اهل العلم مبينين ما دلت عليه النصوص يقسم الى قسمين باعتبار ويقسم الى ثلاثة باعتبار اخر الشرك يقسم الى شرك اكبر والى شرك اصغر ويقسم ايضا باعتبار اخر الى شرك اكبر وشرك اصغر وشرك خفي والشرك هو اتخاذ الشريك مع الله جل وعلا في الربوبية او في العبادة او في الاسماء والصفات والمقصود هنا النهي عن اتخاذ الشريك مع الله جل وعلا في العبادة والامر بتوحيده سبحانه التقسيم الاول ان يكون الشرك اكبر واصغر الاكبر هو المخرج من الملة والاصغر ما حكم الشارع عليه بانه شرك وليس فيه تنديد كامل يلحقه بالشرك الاكبر وعبر عنه بعض العلماء بقوله ما كان وسيلة الى الشرك الاكبر على هذا يكون الشرك الاكبر تم منه ما هو ظاهر وثم منه ما هو باطن خفي الظاهر من الشرك الاكبر كشرك عباد الاوثان والاصنام وعباد القبور والاموات والغائبين والباطل كشرك المتوكلين على المشايخ او على الالهة المختلفة او كشرك وكفر المنافقين لان المنافقين مشركون في الباطن فشركهم خفي. ولكنه اكبر وفي الباطن وليس في الظاهر الشرك الاصغر على هذا التقسيم منه ما هو ظاهر ومنه ما هو باطن خفي الظاهر من الشرك الاصغر كلبس الحلقة والخير وكالتمائم وكالحلف بغير الله ونحو ذلك من الاعمال والاقوال والباطن من ذلك الخفي كيسير الرياء. ونحو ذلك. فيكون اذا الرياء على هذا التقسيم منه ما هو اكبر كرياء المنافقين يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا. ومنه رياء المؤمن رياء المسلمين حيث يتصنع في صلاته او يحب التسميع او المراءات تقسيم الثاني للشرك ان يكون ثلاثة اقسام. اكبر اصغر خفي وهذا التقسيم يعنى به ان الاكبر ما هو مخرج من الملة مما فيه صرف مما فيه صرف العبادة لغير الله جل جلاله والاصغر ما كان وسيلة لذلك الشرك الاكبر فيه تنديد لا يبلغ به من ندد ان يخرج من الاسلام. وقد حكم الشارع على فاعله بالشرك او حقيقة الحال انه ندد واشرك الشرك الخفي هو يسير الرياء ونحو ذلك في هذا التقسيم من اهل العلم من يقول بالاول ومنهم من يقول بالثاني وهما متقابلان وهما متساويان احدهما يوافق الاخر. ليس بينهما اختلاف. فاذا سمعت من يقول ان الشرك اكبر واصغر هذا صحيح واذا سمعت وهو قول ائمة الدعوة ان الشرك اكبر واصغر وخفي فهذا ايضا صحيح اذا تبين ذلك فالشرك يعبر عنه بالتنديد ولهذا قال جل وعلا فلا تجعلوا لله اندادا وقال النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك التنديد منه تنديد اعظم ومنه تنديد ليس فيه صرف العبادة لغير الله فاذا كان التنديد في جعل العبادة لغير الله صار التمديد اكبر صار شركا اكبر واذا كان التنديد فيه جعل غير الله جل وعلا ندا لله في عمل ولا يبلغ ذلك الشرك الاكبر فانه يكون تنديد اصغر وهو في الشرك الاصغر هذه مقدمات وتعاريف مهمة بين يدي شرح هذا الكتاب العظيم قال امام هذه الدعوة رحمه الله كتاب التوحيد وقول الله تعالى قول هذه كما في صحيح البخاري تنطقها اما على العطف كتاب التوحيد وقول الله يعني وكتاب قول الله او على الاستئناف وقول الله تعالى قال وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هذه الاية فيها بيان التوحيد وجه ذلك ان السلف فسروا الا ليعبدون يعني الا ليوحدوني دليل هذا الفهم ان الرسل انما بعثت لاجل التوحيد. توحيد العبادة. فقوله الا يعبدون يعني الا ليوحدون قوله وما خلقت الجن والانس الا هذا فيه حصر ومعلوم ان مال نافية مع الا تفيد الحصر والقصر معنى الكلام خلقت الجن والانس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها ففيه قصر علة الخلق على العبادة. وقوله الا ليعبدون الا هذه تسمى اداة استثناء مفرغ مفرغ من اعم الاحوال كما يقول النحاس يعني وما خلقت الجن والانس لشيء او لغاية من الغايات ابدا الا بغاية واحدة وهي ان يعبدوني وقوله ليعبدون اللام هذه تسمى لام التعليل ولام التعليل هذه قد يكون المعنى تعليل غاية او تعليل علة تعليل الغاية يكون ما بعدها مطلوبا. لكن قد يكون وقد لا يكون. يعني هذه الغاية ويسميها بعض العلماء لام الحكمة وفرق بين العلة والحكمة يعني ما الحكمة من خلق الجن والانس ان يعبدوا الله وحده دون ما سواه هذا التعليل بقوله ليعبدون قلنا تعليل غاية مثلا قلت لك لما احظرت الكتاب؟ قلت احضرته لاقرأ فيكون علة الاحضار او الحكمة من الاحضار القراءة. قد تقرأ وقد لا تقرأ بخلاف اللام التي يكون معناها العلة التي يترتب عليها معلولها. والتي يقول العلماء في نحوها الحكم دائر مع علته وجودا وعدما هذه تلك علة القياس التي لا يتخلف فيها المعلول عن العلة فهنا اللام هذه لام علة الغاية. لان من الخلق من وجد وخلقه الله جل وعلا لكن عبد غيره ولام الحكمة شرعية ما بعدها يكون مطلوبا شرعا قال جل وعلا هنا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. نفهم من هذا ان هذه الاية دالة على التوحيد من جهة ان الغاية من الخلق هو التوحيد. والعبادة هنا هي التوحيد حقيقة العبادة الخضوع والذل فاذا انضاف اليها المحبة والانقياد صارت عبادة شرعية قال طرفه تبالي في وصف ناقة تباري عتاق الناجيات واتبعت وظيفا وظيفا فوق مور معبد. المور الطريق والمعبد هو الذي دلل من كثرة وطأ الاقدام عليه وقال ايضا في معلقته الى ان تحامتني العشيرة كلها وافردت افراد البعير المعبد يعني الذي صار ذليلا لانه اصيب بالمرض فجعل بعيدا عنه باقي الابعرة فصار دليلا لعدم المخالطة في الشرع العبادة هي امتثال الامر والنهي على جهة المحبة وجاء والخوف قال بعض العلماء ان العبادة هي ما امر به من غير اضطراب عرفي من غير اقتضاء عقليا ولا اضطراد عرفي. وهذا تعريف الاصوليين وقال شيخ الاسلام في بيان معناها في اول رسالة العبودية العبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة اذا فيكون دلالة هذه الاية ان كل فرد من افراد العبادة يجب ان يكون لله وحده دون ما سواه. لان الذي خلقهم خلقهم لاجل ان يعبدوه فكونهم يعبدون غيره وهو الذي خلقهم هذا من الاعتداء والظلم لانه ليس من يخلق كمن لا يخلق قال جل وعلا افمن يخلق كمن لا يخلق قال يا شيخ رحمه الله وقوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. هذه الاية تفسير للاية قبله الاية قبلها فيها بيان معنى العبادة فيها بيان الغرض من الخلق وانه لاجل العبادة هذه العبادة ارسلت بها الرسل بدليل قوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا بعثت الرسل بهاتين الكلمتين اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. ففي قوله اعبدوا الله اثبات وفيه وفيه لقوله اجتنبوا الطاغوت نفي. وهذا معنى التوحيد وهو انه مشتمل على اثبات ونفي لا اله الا الله اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت لان النفي فيه اجتناب الطاغوت وهو كل اله عبد بالبغي والظلم والعدوان والاثبات اثبات العبادة في الله وحده دون ما سواه ففي قوله اعبدوا الله التوحيد المثبت وفي قوله اجتنبوا الطاغوت نفي الاشراك والطاغوت هو كل فعلوت من الطغيان وهو كل ما جاوز به العبد حده من متبوع او معبود او مطاع قال وقوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه قضى كما فسرها عدد من الصحابة هنا بمعنى امر ووصى وامر ووصى فيها معنى القول دون حروف القول فتكون الا تعبدوا ان هنا تفسيرية. يعني امر ووصى ماذا لا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا قوله لا تعبدوا الا اياه هذا معنى لا اله الا الله بالمطابقة لان لا نفي في الجملتين وهنا تعبد وفي كلمة التوحيد اله والاله هو المعبود لا تعبدوا الا اياه يعني احصروا العبادة فيه وحده دون ما سواه. امر هذا ووصى بهذا وهذا معنى التوحيد. فان دلالة الاية على التوحيد ظاهرة بان التوحيد افراد العبادة الله او تحقيق كلمة لا اله الا الله وهذا الذي دلت عليه هذه الاية. قال وبالوالدين احسانا يعني واحسنوا وبالوالدين احسانا. قال وقوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. هذا ايضا فيه اثبات ونفي فيه امر ونهي. اما الامر ففي قوله اعبدوا الله. والنهي في قوله ولا تشركوا به شيئا وقد مر معك دلالة قوله اعبدوا الله مع النفي على توحيد الله. قوله هنا ولا تشركوا به شيئا لاحظ ان لا هنا نافية ومن المتقرر في علم الاصول ان النفي اذا تسلط على نكرة فانه يفيد العموم ولا بعدها نكرة وهو المصدر المستكن في الفعل. لان الفعل المضارع مشتمل على مصدر وزمن. لا تشركوا يعني لا اشراكا به تشركوا متظمنة لمصدر والمصدر نكرة فيكون قوله لا تشركوا يعني اي نوع من الشرك ولا تشركوا به شيئا وشيئا هنا ايضا نكرة في سياق النفي في سياق النهي لا تشركوا به شيئا فدلت على عموم الاشياء. فصار اذا عندنا في قوله تعالى ولا تشركوا به شيئا ثم عموما. الاول دلت الاية على النهي عن جميع انواع الشرك وذلك لان النهي تسلط على الفعل والفعل فيه مصدر مستكن والمصدر نكرة والثانية ان مفعول تشرك شيئا وشيئا نكرة والنكرة جاءت في سياق النفي في سياق النهي وذلك يدل على عموم الاشياء يعني لا الشرك الاصغر مأذون به ولا الاكبر ولا الخفي. بدلالة قوله لا تشركوا به. وكذلك لا ليس مأذونا ان يشرك لا بملك ولا بنبي ولا بصالح ولا بعالم ولا بطالح ولا بقريب ولا ببعيد بدلالة قوله شيئا. وهذا ادلال ظاهر. الوضوح في الدلالة على التوحيد جمع بين النفي والاثبات. قال وقوله تعالى قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا قل تعالوا يعني يا من حرم بعض الانعام وافترى على الله في ذلك قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا قال العلماء ان هنا تفسيرية متعلقة بمحذور تقديره وصاكم لان ان التفسيرية تتعلق كما ذكرت لك بكلمة فيها معنى القول دون حروف القول وحددوها بقوله وصاكم بانه في اخر الاية جاء ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون في الاية الاولى ثم لعلكم تذكرون في الاية الثانية ثم لعلكم تتقون في الاية الثالثة قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا قال العلماء ان هنا تفسيرية متعلقة بمحذور تقديره وصاكم لان ان التفسيرية تتعلق كما ذكرت لك بكلمة فيها معنى القول دون حروف القول وحددوها بقوله وصاكم لانه في اخر الاية جاء ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون في الاية الاولى ثم لعلكم تذكرون في الاية الثانية ثم لعلكم تتقون في الاية الثالثة. كلها فيها فاذا يكون تقدير الكلام قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم وصاكم الا تشركوا به شيئا يعني امركم والوصية هنا شرعية واذا كانت الوصية من الله شرعية فهي امر واجب وقوله لا تشركوا به شيئا دلالتها على التوحيد كدلالة اية النساء قبلها ثم ساق الشيخ رحمه الله اثر ابن مسعود قال قال قال ابن مسعود من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى التي عليها خاتمه يعني التي كانت من اخر ما وصى به من اخر ما امر به يعني التي لو قدر انه وصى وختم على هذه الوصية وفتحت بعد وحاته عليه الصلاة والسلام وانتقاله الى الرفيق الاعلى لكانت هذه الايات التي فيها الوصايا العشر. هذا من ابن مسعود سعود للدلالة على عظم شأن هذه الايات التي افتتحت بالنهي عن الشرك. والنبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ دعوته بالامر بعبادة الله وحده والنهي عن الشرك واختتمها ايضا كما دل عليه كلام ابن مسعود هذا بالامر بالتوحيد والنهي عن الشرك فدل على ان ان ذلك اولى المطالب واول المطالب واهم المطالب قال بعد ذلك وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديت النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي يا معاذ اتدري ما حق والله على العباد وما حق العباد على الله؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال حق الله على العباد ان يعبدوه لا يشركوا به شيئا. هذا موطن الشاهد. حق العباد على الله حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وهذا قد مر بيان معناه. لكن الشاهد من هذا الحديث ومناسبته للابتداء ابتداء كتاب التوحيد انه اتى فيه بلفظ حق. اتدري ما حق الله على العباد ثم قال قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. هذا الحق حق واجب لله جل وعلى لان الكتاب والسنة بل ولان المرسلين جميعا اتوا بهذا الحق وببيانه وانه اوجب الواجبات على العباد. ثم قال وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا حق العباد على الله هذا حق احقه الله على نفسه باتفاق اهل العلم وبايجابه على نفسه في بعظ اقوالهم كما قاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله حق العباد على الله هل هذا الحق واجب ام لا؟ نقول نعم هو حق واجب لكن بايجاب الله ذلك الحق على نفسه. والله جل وعلا يحرم على نفسه ما يشاء بما بما يوافق حكمته ويوجب على نفسه ما يشاء بما حكمته اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. حرم الله الظلم على نفسه. كذلك اوجب على اخي اشياء بعظ اهل العلم تحاسى لفظ الايجاب على الله وقال يعبر بانه حق يتفضل به حق تفضل لا حق ايجاب. وهذا ليس متعين لان الحق الواجب اوجبه الله على نفسه والعباد لا يوجبون على الله جل وعلا ام من الحقوق