المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الثالث الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه اما بعد فان الاهتمام بالعلم والرغبة فيه والحرص عليه والاقبال عليه دليل صحة القلوب لان القلب اذا صحى لنفسه وعرف ما ينفعه فانه سيحرص على العلم ذلك لان الله جل جلاله مدح اهل العلم ورفعهم على غيرهم درجات قال سبحانه يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وقال جل وعلا امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر اولو الالباب فعدم استواء من يعلم مع من لا يعلم هذا انما يذكره ويعييه اهل الالباب انما يتذكر اولوا الالباب واما الجاهل فهو لا يعرف انه جاهل ويقنع بالجهالة ثم هو لا يعلم معنى العلم واهمية العلم وان العلم هو الشرف الاعظم في هذه الحياة ولهذا قال العلماء من دلائل اهمية العلم ان الله جل جلاله ما امر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يدعو بالازدياد من شيء الا من العلم فقال سبحانه لنبيه وقل رب زدني علما وما امره بالازدياد او بدعاء الازدياد من غير العلم وكفى بذلك شرفا العلم يشترك كثيرون في الاهتمام به لكن لا يستوون في اخذه ولا في طريقة اخذه وهم طبقات فمنهم المتعجل الذي يظن ان العلم يحصل في اسابيع او في اشهر او في سنين معدودة وهذا بعيد عن الخواطر لان العلم لا ينتهي حتى يموت المرء وبقي من العلم اشياء كثيرة لم يعلمها فان العلم واسع الاطراف واسع الجنابات والله جل وعلا هو ذو العلم الكامل واعطى البشر بمجموعهم اعطاهم بعض علمه فهذا يفوت عليه شيء من العلم وذاك يفوت عليه شيء من العلم ولكن بمجموعهم لو جمع علم من فيها لكان شيئا قليلا جدا من علم الله كما تضع الابرة في البحر ثم تخرجها لم تنقص من ماء البحر شيئا واذا كان كذلك فان روم العلم لا يمكن ان يكون باطلاق بل ينبغي لطالب العلم ان يكون متدرجا فيه والتدرج سنة لا بد منها هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي سنة الصحابة وهي سنة اهل العلم بعدهم فالنبي عليه الصلاة والسلام ما علم الصحابة العلم جملة واحدة وانما علمهم في سنين عددا في مكة علمهم اصل الاصول الذي به سلامة القلب وصحته وسلامة العقل وصحته الا وهو توحيد الله جل جلاله والبراءة من كل ما سوى الرب جل وعلا ثم بعد ذلك اتى العلم شيئا فشيئا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل اخذ من العلم بقدر ما يسر له وقدر له. هكذا اهل العلم من من بعد الصحابة لا تجد ان اولئك خاضوا العلم خوضا واحدا. فمنهم من برز في علم العربية ومنهم من برز في علم الاصول ومنهم من برز في ومنهم من برز في الحديث ومنهم من برز في علوم الالة الاخرى كالمصطلح ونحوه ومنهم من برز في الفقه وهكذا في علوم واذا كان كذلك كانت وصية ابن شهاب الزهري التي لابد ان نحفظها كانت وصيته نعم الوصية حيث قال من رام العلم جملة ذهب عنه جملة كما يطلب العلم على مر الايام والليالي فالمتعجلون لا يحصلون العلم. فلا بد اذا من التدرج. ثم تم صنف اخر ايضا من الشباب او من طلاب العلم وهم المتذوقون المتذوقون اهل التذوق في اخذ العلم. يأتي ويطلب علما ما مدة قليلة ثم يأتي ويحكم على هذا العلم او يحكم على من يعلم ذاك العلم وايضا ينتقل الى اخر ثم يحكم على ذلك العلم الاخر وعلى من يعلم ذلك العلم الاخر وهذا دليل نقص في العلم ونقص في الادراك والعقل. لان العلوم لا يحكم عليها الا من حواها من جميع جنباتها واحاط من ورائها وهذا لا يتأسى لاكثر الشباب الذين يتذوقون تجد انه في مدة من الزمن اشهر او سنة حضر عند فلان من اهل العلم او من المعلمين من طلبة العلم فحكم على نفسه او على ذلك المعلم بانه كذا وكذا ثم انتقل الى غيره ثم في الاخر تجد ان هذا النوع ييأس ولا حصلوا علما كثيرا ذلك لانه تعجل وكان متذوقا في العلم التذوق بمعنى كثرة التنقل والاخذ من هذا بشيء والاخذ من ذاك بشيء هذا لا يكون المرء به عالما ولا طالب علم وانما ما قال الاولون يكون اديب لانهم عرفوا الادب بانه الاخذ من كل علم بطرف. وهذا مما لا ينبغي ان يسلك يعني ان يكون طالب العلم الذي اراد صحة العلم وصحة السلوك فيه لا يصلح ان يكون متذوقا. اذا دعى السبيل الى ان يكون محصلا نفسه متدرجا في العلم والتأصيل امره عزيز جدا تأصيل العلم وتغسيل طلب العلم وان يحفظ كما حفظ الاولون. انظر ان كنت معتذرا انظر كتب التراجع. حيث ترجم اولئك المصنفون لاهل العلم تجد انه في ترجمة امام من الائمة وحافظ من تجد انهم يذكرون في اوائل ترجمته انه قرأ الكتاب الفلاني من الكتب القصيرة من المتون المختصر وقرأ الكتاب الفلاني وحفظ كذا وحفظ كذا. لماذا يذكرون هذا ويجعلونه منقبة لاولئك لان لان حفظ تلك المتون وقراءة تلك المختصرات هي طريقة العلم في الواقع. وهذه سنة العلماء ومن تركها فقد ترك سنة العلماء في العلم والتعليم منذ تشعب العلم بعد القرن الرابع الهجري. لهذا ينبغي لك ان تكون حريصا على التأني في طلب العلم. وان تحكم ما تسمع وما تقرأ شيئا فشيئا ومن المهمات ايضا الا تدخل عقلك الا صورة صحيحة من العلم لا تهتم بكثرة المعلومات بقدر ما تهتم بالا يدخل العقل الا صورة صحيحة للعلم اذا اردت ان تتناولها؟ تناولتها بالاحتجاج او بالذكر او بالاستفادة تناولتها تناولا صحيحا اذا كنت تدخل في عقلك مسائل كثيرة واذا اتى النقاش لاحظت من نفسك ان هذه المسألة فهمتها على غير وجهها والثانية فهمتها على غير وجهها لها قيد لم تهتم به لها ضوابط ما اعتنيت بها تكون صور في الذهن كثيرة وتكون المسائل كثيرة لكن غير منضبطة. وليس ذلك بالعلم انما العلم ان تكون الصورة في الذهن للمسألة العلمية منضبطة من جهة سورة من جهة الصورة صورة المسألة ومن جهة الحكم ومن من جهة الدليل ومن جهة وجه الاستدلال. فهذا هذه الاربع تهتم بها جدا. اعيدها الاولى صورة المسألة الثانية حكم المسألة في اي علم في الفقه او في الحديث او في المصطلح او الاصول او النحو او التفسير الى اخره حكم المسألة. الثالث دليلها ما دليل هذا الذي قال كذا وكذا الرابع ما وجه الاستدلال؟ استدل بدليل كيف اعمل عقله في هذا الدليل فاستنبط منه الحكم فاذا عودت ذهنك على هذه الاربع صرت مسيرا جيدا في فهم العلم. والذي يحيط بذلك الاهتمام باللغة العربية الاهتمام بالفاظ اهل العلم لان من لم يهتم بالفاظ اهل العلم وبلغة العلم لم يدرك مراداتهم من كلامهم. هذه كلمة لاجل ان بعض الاخوة طلب ان تكون مقدمة لهذا الدرس حتى يجتمع من يريد حضور درس التوحيد ولو تهيأ ان نجعل كل يوم عشر دقائق في بيان وصية او في بيان شيء من تهتمون به لكان ذلك مناسبا ان شاء الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله الله تعالى باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب. وقول الله تعالى ان ابراهيم كان امة لله حنيفا ولم يكن من المشركين. وقوله والذين هم بربهم لا يشركون. وعن حصين ابن عبد الرحمن قال كنت عند سعيد بن جبير رضي الله عنه فقال ايكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت انا ثم قلت اما اني لم اكن في صلاتي ولكني لدغت قال فما صنعت؟ قلت ارتقيت. قال فما حملك على ذلك؟ قلت حديث حدثنا قلت حديث الشعبي قال وما حدثكم؟ قلت حدثنا عن بريدة ابن الحصيب انه قال لا رقية الا من عين او حمى. قال قد احسن من انتهى الى ما سمع ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عرضت علي الامم فرأيت النبي ومعه الرهب والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه احد اذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم امتي فقيل لي هذا موسى وقومه. فنظرت فاذا سواد عظيم. فقيل لي هذه امته ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب بغير حساب ولا عذاب فنهض النبي صلى الله فنهض فدخل منزله فخاض الناس في اولئك فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا اشياء اخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة ابن محصن فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم. قال انت من ثم قام رجل اخر فقال ادع الله ان يجعلني منهم. قال سبقك بها عكاشة هذا الباب باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب وقد ذكر في الباب قبله فضل في التوحيد وما يكفر من الذنوب وهذا الباب ارفع رتبة من بيان فضل التوحيد فان فظل التوحيد يشترك فيه اهله اهل التوحيد هم اهل الاسلام فلكل من التوحيد قبل ولكل مسلم نصيب من التوحيد وله بالتالي نصيب من فضل التوحيد وتكفير الذنوب اما خاصة هذه الامة فهم الذين حققوا التوحيد ولهذا عطف هذا الباب على ما قبله لانه اخف باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب وتحقيق التوحيد هو مدار هذا الباب تحقيقه بمعنى تحقيق الشهادتين. لا اله الا الله محمد رسول الله ومعنى تحقيق الشهادتين تصفية الدين يعني ما يدين به المرء من شوائب الشرك والبدع والمعاصي فصار تحقيق التوحيد يرجع الى ثلاثة اشياء الاول ترك الشرك بانواعه الاكبر والاصغر والخفي والثاني ترك البدع بانواعها والثالث ترك المعاصي بانواعها وتحقيق التوحيد صار تصفيته من انواع الشرك وانواع البدع وانواع المعاصي وتحقيق التوحيد يكون على هذا على درجتين درجة واجبة ودرجة مستحبة وعليها يكون الذين حققوا التوحيد على على درجتين ايضا فالدرجة الواجبة ان يترك ما يجب تركه من الثلاث التي ذكرت يترك الشرك خفيه وجليه صغيره وكبيره يترك الشرك خفيه وجليه صغيره وكبيره ويترك البدع ويترك المعاصي هذه درجة واجبة والدرجة المستحبة من تحقيق التوحيد وهي التي يتفاضل فيها الناس من المحققين للتوحيد اعظم تفاضل الا وهي الا يكون في القلب شيء من التوجه او القصد لغير الله جل وعلا يعني ان يكون القلب متوجها الى الله بكليته ليس فيه التفات الى غير الله نطقه لله وفعله وعمله لله. بل وحركة قلبه لله جل جلاله وقد عبر عنها بعض اهل العلم تعني هذه الدرجة المستحبة هي لله جل جلاله وقد عبر عنها بعض اهل العلم تعني هذه الدرجة المستحبة ان يترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس يعني في مجال اعمال القلوب واعمال اللسان واعمال الجوارح فاذا ان رجع تحقيق التوحيد الذي هذا فضله وهو ان يدخل اهله الجنة بغير حساب ولا عذاب رجع الى الى فينك المرتبتين وتحقيقه تحقيق الشهادتين. لا اله الا الله محمد رسول الله لان في قوله لا اله الا الله الاتيان بالتوحيد والبعد عن الشرك بانواعه ولان في قوله اشهد ان محمدا رسول الله البعد عن المعصية والبعد عن البدع لان مقتضى الشهادة بان محمدا رسول الله ان يطاع بما امر وان يصدق فيما اخبر وان يجتنى به وان يجتنب ما عنه نهى وزجر والا يعبد الله الا بما شرع فمن اتى شيئا من المعاصي والذنوب ثم لم يتب منها او لم تكفر له فانه لم يحقق التوحيد الواجب واذا اتى شيئا من البدع فانه لم يحقق التوحيد في الواجب واذا لم يأتي شيئا من البدع ولكن حسنها بقلبه او قال لا شيء فيها فان حركة القلب كانت في غير تحقيق التوحيد في غير تحقيق شهادة ان محمدا رسول الله فلا يكون من اهل تحقيق التوحيد. كذلك اهل الشرك بانواعه ليسوا من اهل تحقيق التوحيد واما مرتبة الخاصة التي ذكرت ففيها يتنافس المتنافسون وما تم الا عفو الله ومغفرة ورضوانه ما من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب استدل الشيخ في هذا الباب ايتين وبحديث اما الاية الاولى قال رحمه الله وقول الله تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله ولم يك من المشركين هذه الاية فيها الدلالة على ان ابراهيم عليه السلام كان محققا للتوحيد وجه الدلالة ان الله جل وعلا وصفه بصفة الاولى انه كان امة والامة هو الامام الذي جمع جميع صفات الكمال البشري وصفات الخير وهذا يعني انه لم ينقص من صفات الخير شيئا وهذا هو معنى تحقيق التوحيد والامة تطلق في القرآن اطلاقات ومن تلك الاطلاقات ان ان يكون معنى الامة الامام المقتدى به في الخير وسمي امة لانه يقوم مقام امة في الاقتداء ولانه يكون من ثار على سيره غير مستوحش ولا متردد لانه ليس مع واحد فقط وانما هو مع امة الوصف الثاني الذي فيه تحقيق التوحيد انه قال قانتا لله حنيفا وهاتان الصفتان خامسا لله صفة حنيفا صفة. ولكن هذه وهذه متلازمتان لان القنوت لله معناه دوام الطاعة وملازمة الطاعة لله جل وعلا. فهو ملازم لله جل وعلا حنيفا هذا فيه النفي. ففي قوله قانتا لله الاثبات. في لزوم الطاعة ولزوم افراد التوحيد وفي قوله حنيفا النفي قال العلماء الحنيف هو ذو الحنف وهو الميل عن طريق المشركين ماثلا عن طريق المشركين. مائلا عن هدي وسبيل المشركين فصار اذا عنده ديمومة وقنوت وملازمة للطاعة وبعد عن سبيل المشركين. ومعلوم ان الى المشركين الذي صار ابراهيم عليه السلام حنيفا عن ذلك السبيل يعني مائلا عن ذلك السبيل اذا عنه معلوم انه يشتمل على الشرك والبدعة والمعصية. فهما اخلاق فهي الثلاث اخلاق مشركين شرك وبدعة ومعصية من غير انابة ولا استغفار قال ولم يك من المشركين لم يك يك هذه هي يكن وفي النفي يجوز حذف النون نون يكن في مثل هذا ولم يك من المشركين. وفي اية اخرى ولم يكن من المشركين. فهما في اللغة اذا جاءت يكن في سياق النفي كما هو معلوم ولم يك من المشركين المشركين جمع تصحيح للمشرك والمشرك اسم فاعل الشرك والمشرك اسم فاعل الشرك وال كما هو معلوم في العربية اذا جاءت قبل اسم الفاعل او اسم المفعول فان انها تكون موصولة كما قال ابن مالك في الالفية وصفة صريحة صلة ال وكونها بمعرب الافعال قلب والاسم الموصول عند الاصوليين يدل على العموم فكان اذا المعنى ولم يك من المشركين يعني ولم يك فاعلا للشرك بانواعه لم يك منهم ولم يك من الذين يفعلون الشرك بانواعه وايضا دل قوله ولم يك من المشركين ولم يك من المشركين على انه ابتعد عنه. لان من ان تكون تبعيضية فيكون تكون المباعدة بالاجسام ويحتمل ان تكون بيانية فتكون بمعنى الشرك المقصود ان الشيخ رحمه الله استحضر هذه المعاني من الاية فدلته الاية على ان انها في تحقيق التوحيد قال جل وعلا ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا. ولم يك من المشركين ذلك بان من جمع تلك الصفات فقد حقق التوحيد. ومن حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب في تفسير امام الدعوة المصنف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في تفسيره لاخر سورة فسر هذه الاية فقال رحمه الله ان ابراهيم كان امة لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين قانتا لله لا للملوك ولا للتجار المترفين حنيفا لا يميل يمينا ولا شمالا كحال العلماء المفتونين. ولم يك من المشركين خلاف لمن كفر سوادهم وزعم انه من المسلمين وهو من التفاسير الرائقة الفائقة البعيدة المعاني وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم قال بعد ذلك قوله وقوله والذين هم بربهم لا يشركون هذه من ايات في سورة المؤمنون وهي في مدح خاصة المؤمنين ووجه الاستدلال من الاية على الباب انه قال والذين هم بربهم لا يشركون لا يشركون نفي للشرك وكما ذكرت لكم من قبل ان النفي اذا تسلط على الفعل المضارع فانه يفيد عموم مصدر الذي اتق الذي استكن في الفعل. يعني كانه قال جل وعلا والذين هم بربهم لا يفعلون شركا او لا يشركون لا بشرك اكبر ولا اصغر ولا خفي والذي لا يشرك هو الموحد فصار عندنا لازم وهو فصار عندنا لازم وهو ان من لم يشرك اي انواع من الشرك انه ما ترك الشرك الا لتوحيده قال العلماء قدم هنا قوله بربهم والذين هم بربهم لا يشركون لان الربوبية تستلزم العبودية فصار عدم الاشراك في الربوبية معناه عدم الاشراك في الطاعة وعدم الاشراك في العبودية وهذا وصف الذين حققوا التوحيد. لانه يلزم من عدم الاشراك الا يشرك هواه واذا اشرك المرء هواه اتى بالبدع او اتى بالمعصية. فصار نفي الشرك نفيا للشرك بانواعه ونفيا للبدعة ونفيا للمعصية وهذا هو تحقيق التوحيد لله جل وعلا فاذا الاية دالة على ما ترجم به الامام رحمه الله من قوله باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب اب واولئك قال فيهم الله جل وعلا والذين هم بربهم لا يشركون اما الحديث فهو حديث طويل وموضع الشاهد منه قوله عليه الصلاة والسلام فنظرت فاذا سواد عظيم فقيل لي هذه امته ومعهم سبعون الف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في اولئك فقال بعضهم فلعلهم الذين اصطحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا اشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه فقال هم الذين لا يسترقون ولا سوونا ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون هذه في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وهذه صفة من صفاتهم وتلك الصفة خاصة بهم. لا يلتبس امرهم بغيرهم لان هذه الصفة كالشامة يعرفون بها من هم الذين حققوا التوحيد؟ قال هم الذين لا لا هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون. فذكر اربع صفات الاولى انهم لا يسترقون. ومعنى يسترقون يعني لا يطلبون الرقية والطالب للرقية في قلبه ميل للراقي حتى يرفع ما به من جهة السبع وهذا النفي لا يفترقون لان الناس في شأن الرقية تتعلق قلوبهم جدا اكثر من تعلقهم بالطب ونحوه. فالرقية عند العرب في الجاهلية وهكذا حال اكثر الناس لهم تعلق بها فالقلب يتعلق بالراقي ويتعلق بالرقية وهذا ينافي كمال التوكل على الله جل جلاله. واما ما جاء في بعض الروايات انهم الذين لا يرقون فهذا غلط لان الراقي محسن الى غيره وهي لفظة شاذة والصواب ما جاء في هذه الرواية من انهم الذين لا يسترقون يعني لا يطلبون الرقية وذلك لان طالب الرقية يكون في قلبه ميل الى هذا الذي رقاه والى الرقية ونوع توكل او نوع استرواح لهذا الذي يرقي او للرقية قال ولا يكتوون والكي مكروه في اصله لان فيه تعذيبا بالنار مع انه مأذون به شرعا لكن فيه كراهة والعرب تعتقد ان الكي يحدث المقصود دائما فلهذا تتعلق قلوبهم بالكيف فصار تعلق القلب بهذا الكي من جهة انه سبب يؤثر دائما ومعلوم ان الكي يؤثر باذن الله جل وعلا اذا اجتمعت الاسباب وانتفت الموانع النبي لاجل ان في الكي بخصوصه ما يتعلق الناس به من اجله قال ولا يتطيرون والطيرة شيء يعرض على القلب من جراء شيء يحدث امامه اما ان يجعله يقدم على امر او ان يحجم عنه وهذه صفة من لم يكن التوكل في قلبه عظيما. قال بعدها وعلى ربهم يتوكلون وهي جامعة للصفات السابقة هذه الصفات لا يعنى بذكرها ان الذين حققوا التوحيد لا يباشرون الاسباب كما فهمه بعضهم من ان تحقيق التوحيد او ان الكمال الا يباشر سببا البتة او لا يتداول بثة هذا غلط لان النبي صلى الله عليه وسلم رقي عليه الصلاة والسلام ولانه عليه الصلاة والسلام تداوى وامر بالتداوي وامر ايضا بعض والصحابة بان يكتوي ونحو ذلك فليس فيه ان اولئك لا يباشرون الاسباب مطلقا او لا يباشرون اسباب الدواء وانما فيه ذكر لهذه بخصوصها هذه الثلاث بخصوصها لانها يكثر تعلق القلب والتفاته الى الراقي او الى الكي او الكاوي او الى التطير ففيها انقاص من التوكل اما التداوي فهو مشروع اما واجب او مستحب وفي بعض الاحوال يكون مباحا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام المقصود من هذا ان التداوي ان التداوي فعلا يعني ان يفعل التداوي وان يطلب الدواء ليس خادما لتحقيق التوحيد ولكن الذي هو من صفة اهل تحقيق التوحيد انهم لا يسترقون بخصوص الرقية ولا يكتوون بخصوص الكي ولا يتطيرون واما ما عدا ذلك مما اذن به فلا يدخل فيما يختص به اهل تحقيق التوحيد. فاذا الاظهر عندي مما في هذا الحديث انه مخصوص بهذه الثلاثة. لا يسترقون ولا يكترون ولا يتطيرون. اما الاسباب الاخرى المأذون بها فلا تدخلوا في صفتي الذين حققوا التوحيد قال فقام عكاشة ابن محصن فقال ادعو الله ان يجعلني منهم فقال انت منهم ثم قام رجل اخر فقال ادعوا الله ان يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة هذا فيه دليل على ان اهل تحقيق التوحيد قليل. وليسوا بكثير ولهذا جاء عديدهم في هذا الحديث بانهم سبعون الفا قد جاء في بعض الروايات عند الامام احمد وعند غيره بان الله جل وعلا اعطى النبي صلى الله عليه وسلم مع كل الف من السبعين الفا تدعونا اعطاه سبعين الفا فيكون العدد قرابة خمسة ملايين من هذه الامة. فان كان ذلك الحديث صحيحا وقد صحح اسناده بعض اهل العلم فانه لا يكون للعدد في هذا الحديث مفهوم او كان قبل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ان يزاد في عدد اولئك الذين حققوا التوحيد. ما معنى ان يزاد في عددهم يعني ان الله جل وعلا يمن على اناس من هذه الامة اكثر من السبعين الفا ممن سيأتون فيوفقهم لعمل تحقيق التوحيد والله جل