المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الثالث عشر. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى باب من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى وقول الله تعالى وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. وعن خولة بنت حكيم الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر لما خلق لم يضره شيء حتى لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك رواه مسلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بعث عباده المرسلين بتوحيده فاقاموا الحجة على العباد واتفقوا من اولهم الى اخرهم على ان لا معبود حق الا الله. وعلى ان عبادة غيره باطلة. وان ما عبد غير الله الا بالبغي والظلم والعدوان الاستعاذة طلب العيال يقال استعاذ اذا طلب العياد والعياذ طلب ما يؤمن من الشر الفرار من شيء مخوف الى ما يؤمن منه او الى من يؤمن منه ويقابلها اللي يعظ وهو الفرار الى طلب الخير او التوجه والاعتصام والاقبال لطلب الخير ومادة افعل مثل ما هو هنا استعاذ وكما سيأتي استغاث استعان ونحو هذه المادة هي موضوعة في الغالب للطلب فغالب مجيء السين والثاء للطلب. استسقى اذا طلب السقيا واستغاث اذا طلب الغوث واستعاذ اذا طلب العياذ قلنا في الغالب لانها تأتي احيانا للدلالة على كثرة الوصف في الفعل كما في قوله جل وعلا واستغنى الله اغنى ليس معناها طلب الغناء وانما جاء بالسين والتاء هنا للدلالة على عظم الاتصاف بالوصف الذي اشتمل عليه الفعل وهو الغنى فهذه المادة استعاذ استغاث استعان واشباه ذلك فيها طلب والطلب من انواع التوجه والدعاء. اذا طلب فان هناك مطلوبا منه والمطلوب منه لما كان ارفع درجة من الطالب كان الفعل المتوجه اليه يسمى دعاء. ولهذا في حقيقة اللغة وفي دلالة الشرف الاستعاذة طلب العود او طلب العياذ وهو الدعاء المشتمل على ذلك. الاستغاثة طلب الغوث دعاء مشتمل على ذلك هكذا في كل ما فيه بلد نقول انه دعاء. واذا كان دعاء فانه عبادة والعبادة لله جل وعلا بالاجماع وبما دلت عليه النصوص وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. اذا وكل فعل من الافعال او قول من الاقوال فيه طلب عبادة لما؟ لانه دعاء. لان كل طلب دعاء فالذي يطلب شيئا اذا طلبه من مقارن فيقال هذا الكمال. واذا طلبه ممن هو دونه يقال هذا امر. واذا طلبه ممن هو اعلى منه فهذا دعاء والمستعير والمستغيث لا شك انه طالب ممن هو اعلى منه لحاجته اليه. ولهذا كل دليل فيه يثير افراد الله جل وعلا بالدعاء او بالعبادة. دليل على خصوص هذه المسألة وهي ان الاستعاذة عبادة عبادة من العبادات العظيمة. واذ كانت كذلك فان افراد الله بها واجب قال هنا من الشرك الاستعاذة بغير الله وقوله الاستعاذة بغير الله هذا الغير يشمل كل ما يتوجه الناس اليه بالشرك ويدخل في ذلك بالاولية ما كان المشركون الجاهليون يتوجهون اليه بذلك. من الجن ومن الملائكة ومن الصالحين ومن الاشجار والاحجار ومن الانبياء والرسل الى غير ذلك هل قوله هنا باب من الشرك الاستعاذة بغير الله الاستعاذة بغير الله. هل هذا المقصود منه ان الاستعاذة جميعا لا تصلح الا وانه لو استعاذ بمخلوق فيما يقدر عليه انه يدخل في الشرك الجواب هذا فيه تفصيل ومن اهل العلم من قال الاستعاذة لا تصلح الا لله. وليس ثم استعاذة قلوبا فيما يقدر عليه. لان الاستعاذة توجه القلب واعتصامه والتجاؤه ورغبه ابوه فيها هذه المعاني جميعا فهي توجه للقلب وهذه المعاني جميعا لا تصلح الا لله جل وعلا وقال اخرون قد جاء فادلة بانه يستعاذ بالمخلوق فيما يقدر عليه لان حقيقة الاستعاذة طلب انكفاف الشر طلب العياز وهو ان يعيد من شر احدق به واذا كان كذلك فانه قد يكون المخلوق يملك شيئا من ذلك. قالوا فاذا تكون الاستعاذة لغير الله شركا اكبر اذا كان ذلك المخلوق لا يقدر على ان يعيد او لا يقدر على الاعاذة من ما طلب الا الله جل وعلا الذي يظهر من ذات ان المقام كما ذكرت لك فيه تفصيل. وذاك ان الاستعاذة فيها عمل ظاهر وفيها عمل باطن فالعمل الظاهر ان يطلب العون ان يطلب العيال وهو ان يعصم من هذا الشر او ان ينجو من هذا الشر وفيها امل باطن وهو توجه القلب وسكينته واضطراره وحاجته الى اهذا المستعاذ به واعتصامه بهذا المستعاذ به وتفويض امر نجاته اليه اذا كان هذان للاستعاذة فاذا قيل الاستعاذة لا تصلح الا لله يعني لا تصلح الا بالله لا يستعاذ بمخلوق مطلقا يعنى به انه لا يستعاذ به من جهة النوعين جميعا. لان منه القلب. يعني النوعين معا لان منه عمل القلب وعمل القلب الذي وصفه بالاجماع لا يصلح الا لله جل وعلا. واذا قيل الاستعاذة تصلح للمخلوق فيما يقدر عليه تصلح بالمخلوق فيما يقدر عليه فهذا لما جاء في بعض الادلة من الدلالة على ذلك وهذا انما يراد منه الاستعاذة بالقوم ورغب القلب في ان يخلص مما هو مما هو فيه من البلاء وهذا يجوز ان يتوجه به الى المخلوق واذا حقيقة الاستعاذة تجمع الطلب الظاهر وتجمع المعنى الباطن ولهذا اختلف اهل العلم فيها فالذي ينبغي ان يكون منك دائما على ذكر ان توجه اهل العبادات الشركية لمشركيه لمن يشركون به من الاولياء او الجن او الصالحين او الطالحين او غير ذلك انهم جمعوا بين القول باللسان وبين اعمال القلوب التي لا تصلح الا لله جل وعلا وبهذا يبطل ما يقوله اولئك الخرافيون من ان الاستعاذة بهم انما هي في ما يقدرون عليه وان الله اقدرهم على ذلك. فيكون ابطال مقالهم راجعا الى جهتين الجهة الاولى ان يبطل قولهم في الاستعاذة وفي اشباهها ان هذا الميث او هذا الجني على هذا الامر. واذا لم يقتنع بذلك او حصل هناك ايراد اشتباه فيه فالاعظم ان يتوجه المولد للادلة السنية ان يتوجه الى اعمال القلب وان هذا الذي توجه الى ذلك الميت او الولي قد قام وبقلبه من العبوديات ما لا يصلح الا لله جل جلاله. اذا فنقول الاستعاذة بغير الله شرك اكبر لانها صرف للعبادة لغير الله. صرف العبادة لغير الله جل جلاله وكان ذلك في الظاهر مع طمأنينة القلب بالله وتوجه القلب الى الله وحسن ظنه بالله وان هذا العبد انما هو سبب وان القلب مطمئن فيما عند الله فان هذه تكون استعاذة للظاهر واما القلب فانه لم تقم به حقيقة استعاذة واذا كان كذلك كان هذا جائزا قال رحمه الله وقول الله تعالى وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا وانه هذه معطوفة على اول السورة وهو ما اوحى الله جل وعلا الى نبيه. قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن ثم بعد ايات وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. و معنى رهقا وهنا يعني خوفا واضطرابا في القلب او الارهاق والرهق في الابدان وفي الارواح فلما كان كذلك تعاظمت الجن وزاد شرها قال وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن. وقد كان المشركون اذا نزلوا بواد او بمكان مخوف كانوا يعتقدون ان لكل مكان مخروف جني او سيد من الجن يخدم ذلك المكان هو له ويسيطر عليه. فكانوا اذا نزلوا واديا او مكانا قالوا نعود بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه. يعنون الجن. فعادوا بالجن لاجل ان يكفى عنهم الشر مدة مقامهم. لهذا قال جل وعلا وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. فزادوهم يعني زادوا الجن الانس خوفا و اضطرابا وتعبا في الانفس وفي الارواح. واذا كان كذلك كان هذا مما هو من العقوبة عليهم والعقوبة انما تكون على ذنب. فدلت الاية على ذم اولئك وانما ذنوا لانهم صرفوا تلك العبادة لغير الله جل وعلا. والله سبحانه امر ان واستعاذ به دون ما سواه. فقال سبحانه قل اعوذ برب الفلق. وقال قل اعوذ برب الناس وقال قل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين. واعوذ بك ان يحضرون. والايات في ذلك كثيرة كقوله واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله. فعلم من التنسيق على المستعاذ به وهو الله جل وعلا على ان الاستعاذة حصلت بالله وان الله امر نبيه ان تكون استعاذته به وحده دون ما سواه وذكرت لكم اصل الدليل في ذلك وان الاستعاذة عبادة. واذا كانت عبادة فتدخل فيما دلت عليه الايات من افراد العبادة بالله وحده قال وعن قوله انت حكيم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك في قوله فزادوهم رهقا تم قول اخر وهو قول قتادة وبعض السلف من ان رهقا معناها اثما فزادوهم اثما. وهذا ايضا ظاهر من جهة الاستدلال اذا كانت الاستعاذة موجبة للاثم فهي اذا عبادة اذا صرفت لغير الله وعبادة مطلوبة اذا صرفت لله جل جلاله. وهذا يستقيم مع ترجمة من ان الاستعاذة بغير الله شرك قال وعن خولة بنت حكيم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك. رواه مسلم وجه الدلالة من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم بين فظل الاستعاذة بكلمات الله فقال من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وجعل المستعاذ منه المخلوقات الشريرة والمستعاذ به هو كلمات الله وقد استدل اهل العلم حين ناظروا المعتزلة وردوا عليهم فدلوا بهذا الحديث على ان كلمات الله ليست بمخلوقة قالوا لان المخلوق لا يستعاذ به والاستعاذة به شرك. كما قاله الامام احمد وغيره من ائمة السنة فوجه الدلالة من الحديث اجماع اهل السنة على الاستدلال به على ان الاستعاذة المخلوق شرك وانه لما امر بالاستعاذة بكلمات الله فان كلمات الله جل وعلا ليست بمخلوقة قال من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. المقصود بكلمات الله التامات هنا الكونية التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وهي المقصودة بقوله جل وعلا قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي وبقوله ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة اظفر ما نفدت كلمات الله وسنة ربك صدقا وعدلا. وفي القراءة الاخرى وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا. هذه الاية في الكلمات الشرعية وكذلك بالكلمات الكونية. اذا فقوله اعوذ بكلمات الله التامات يعني الكلمات ونية من شر ما خلق يعني من شر الذي خلقه الله جل وعلا. وهذا العموم المقصود من شر المخلوقات التي فيها شر. وليست كل المخلوقات فيها شر بل ثم مخلوقات طيبة ليس فيها شر والملائكة والرسل والانبياء والاولياء. وهناك مخلوقات خلقت وفيها شر فاستعيذ بالله جل وعلا بكلمات الله جل وعلا من شر الانفس الشريرة