المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد. الدرس السادس قال رحمه الله تعالى باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا. وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما يعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون. وقوله اتخذوا واحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله الذين امنوا اشد حبا لله وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله كفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل. وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله مر معنا ان التوحيد هو شهادة ان لا اله الا الله لهذا قال العلماء العطف هنا التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله هذا من عطف المترادفات ولكن هذا فيه نظر من جهة ان الترادف غير موجود ترادف الكامل. لكن الترادف الناقص موجود فاذا هو من قبيل عطف المترادفات التي معناها واحد لكن يختلف بعضها عن بعض في بعض المعنى التوحيد مر معنا تعريفه في اول الكتاب وقوله باب تفسير التوحيد يعني الكف والايضاح عن معنى التوحيد وقد قلت لك ان التوحيد هو اعتقاد ان الله جل وعلا واحد في ربوبيته لا شريك له واحد في الهيته لا ند له واحد في اسمائه وصفاته لا مثل له سبحانه وتعالى قال جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ويشمل ذلك انواع التوحيد جميعا فاذا التوحيد هو اعتقاد ان الله واحد في هذه الثلاثة اشياء وشهادة ان لا اله الا الله يعني تفسير شهادة ان لا اله الا الله هذه الشهادة اعظم كلمة قالها مكلف ولا شيء اعظم منها وذلك لان معناها هو الذي قامت عليه الارض والسماوات وما تعبد المتعبدون الا لتحقيقها ولامتثالها شهادة ان لا اله الا الله الشهادة تارة تكون كهادة حضور وبصر وتارة تكون شهادة علم. يعني يشهد على شيء حضره ورآه او يشهد على شيء علمه هذان نوعان بمعنى الشهادة فاذا قال قائل اشهد يحتمل انه سيأتي بشيء رآه او بشيء علم واشهد ان لا اله الا الله هذه شهادة علمية ولهذا في قوله اشهد العلم والشهادة في اللغة وفي الشرف وفي تفاسير السلف لاي القرآن التي فيها لفظ شهد كقوله شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط. لا اله الا هو العزيز الحكيم وكقوله الا من شهد بالحق وهم يعلمون شهد تتضمن اشياء الاول بما سينطق به الاعتقاد بما شهده شهد ان لا اله الا الله يعني اعتقد بقلبه معنى هذه الكلمة وهذا فيه العلم وفيه اليقين لان الشهادة فيها الاعتقاد والاعتقاد لا يسمى اعتقادا الا اذا كان ثم علم ويقين الثاني التكلم بها شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم صار اعتقاد وصار ايضا اعلاما ونطقا بها والثالث الاخبار بذلك والاعلام به ينطقه بلسانه من جهة الواجب وايضا لا يسمى شاهدا حتى يخبر غيره بما شهد هذا من جهة الشهادة. فاذا يكون اشهد ان لا اله الا الله معناها اعتقد و اتكلم واعلم واخبر بان لا اله الا الله فاسترغت اذا عن حال الاعتقاد وافترقت اذا عن حال القول. وافترقت اذا عن حال الاخبار المجرد عن الاعتقاد. فلابد من الثلاثة مجتمع ولهذا نقول في الايمان انه اعتقاد الجنان وقول اللسان وعمل الجوارح والاركان لا اله الا الله هذه هي كلمة التوحيد وهي مشتملة من حيث الالفاظ على اربعة الفاظ الاول لا الثانية الى ثالث الا الرابع لفظ الجلالة الله. اما لا هنا فهي النافية للجنس تنفي جنس استحقاق الالوهية عن احد الا الله جل وعلا يعني في هذا السياق واذا اتى بعد النفي الا وهي اداة الاستثناء صارت تفيد معنى زائدا وهو الحصر والقصر فيكون المعنى الالهية الحقة او الاله الحق هو الله بالحصر والقصر ليس ثم اله حق الا هو دون ما سواه وكلمة اله في عالم يعني من جهة الوزن فعال قالوا فعال تأتي احيانا بمعنى فاعل وتأتي احيانا بمعنى مفعول وننظر هنا فنجد ان كلمة الهاء في اللغة بمعنى عبدة وقال بعض اللغويين اله يأله اذا تحير اله فلان يأله او تأله اذا تحير وسمي الاله عندهم الها لان الالباب تحيرت في كونه وصفه كنهي حقيقته. وهذا القول ليس بجيد. بل الصواب ان كلمة اله فعال بمعنى مفعول. وهو المعبود فاله معناها معبود ويدل على ذلك ما جاء في قراءة ابن عباس انه قرأ في سورة الاعراف اتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك والهتك كان ابن عباس يقرأها هكذا. ويذرك والهتك قال لان فرعون كان يعبد ولم يكن يعبد فصوب القراءة ويذرك والهتك يعني وعبادتك وقراءتنا وهي قراءة السبعة وياذرك والهتك يعني المتقدمين فهذا معناه ان ابن عباس فهم من الالهة معنى العبادة قال الرادج في فعله المعروف الذي ذكرته لكم من قبل لله در الغانيات المدهي سبحن واسترجعن من تأله يعني من عبادتك فاذا يكون الاله هو المعبود. لا اله يعني لا معبود الا الله هنا لا معبود لا النافية للجنس كما تعلمون تحتاج الى اسم وخبر لانها تعمل عمل ان عمل ان اجعلني لا في نكرة فاين خبر لا نافية للجنس كثير من الناس من المنتسبين للعلم قدروا الخبر لا اله موجود الا الله وهذا يحتاج الى مقدمة قبله وهو ان المتكلمين والاساهرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا ان كلمة اله هي بمعنى فاعل لان فعال تأتي بمعنى مفعول او فاعل. فقالوا هي بمعنى اله. والاله هو القادر الاله بانه القادر على الاختراق ولهذا تجد في عقائد الاشاعرة ما هو مسخور في شرح العقيدة السنوسية التي تسمى عندهم بام البراهين. قال ما نصه فيها؟ الاله هو المستغني عما سواه اليه كل ما عداه. قال فمعنى لا اله الا الله لا مستغنيا عما سواه ولا مفتقرا الى كل ما عداه الا الله. ففسروا الاله الالوهية في الربوبية. وفسروا الاله بالقادر على الاختراع او بالمستغني عما سواه المفتقر اليه كل ما عداه وبالتالي يقدرون الخبر موجود لا اله موجود يعني لا قادر على الاختراع والخلق موجود الا الله لا مستغنيا عما سواه ولا مفتقرا اليه كل ما عداه. موجود الا الله. لان الخلق جميعا محتاجون الى غيره. وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك في المسلمين. لانهم ظنوا ان التوحيد هو افراد الله بالربوبية. فاذا اعتقد ان القادر على الاختراع هو الله وحده صار موحدا. اذا اعتقد ان المستغني عما سواه والمفتقر اليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا وهذا من افضل الباطل اين حال مشركي قريش الذين قال الله جل وعلا فيهم ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر يقولن الله وفي اية اخرى ليقولن ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن خلقهن عزيز ونحو ذلك من الايات وهي كثيرة كقوله قل من يرزقكم من السماء والارض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحيك ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال الايات من سورة يونس. وهذا معلوم ان مشركي قريش لم يكونوا ينازعون في الربوبية. فاذا صارت هذه الكلمة دالة على غير ما اراد اولئك وهو ما ذكرناه انفا من ان معنى لا اله يعني لا معبود فيكون الخبر اما ان يكون تقديره موجود فيكون المعنى لا معبود موجود الا الله. وهذا باطل لاننا نرى ان المعبود كثيرة قد قال جل وعلا اجعل الالهة مخبرا عن قول الكفار؟ اجال الالهة الها واحدا. فالمعبودات كثيرة والمعبودات موجودة فاذا تقدير الخبر بموجود غلط ومن المعلوم ان المتقرر في علم العربية ان خبر لا النافية للجنس يكثر حذفه بلغة العرب وفي نصوص الكتاب والسنة ذلك ان خبر لا النافية للجنس يحذف اذا كان المقام يدل عليه. واذا كان يعلم ما المقصود من ذلك؟ وقد قال ابن مالك في اخر باب لا النافية للجنس حينما ساق هذه المسألة وساعة في ذا الباب يعني باب لا نافع الجنس وشاع في ذا الباب اسقاط الخبر اذا المراد مع سقوطه ظهر. اذا اذا ظهر المراد مع الحذف الخبر فانك تحذف الخبر لان الكلام الانسب ان يكون مختصرا. كما قال عليه الصلاة والسلام لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول. اين الخبر كلها محذوفات؟ لانها معلومة لدى السامع. اذا فالخبر هنا معلوم وهو انه ليس الخبر موجودا. يعني يقدر بموجود ان الالهة التي عبدت مع الله موجودة في قدر الخبر بقولك بحق او حق لا اله بحق يعني لا لا معبود بحق او لا معبود حق الا الله ان قدرت الظرف فلا بأس او قدرت كلمة مفردة حق لا بأس لا معبود حق الا الله هذا معنى كلمة التوحيد فيكون اذا كل من عبد غير الله جل وعلا عبد نعم ولكن هل عبد بالحق؟ ام عبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي؟ عبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي وهذا يفهمه العربي من سماع كلمة لا اله الا الله. ولهذا بئس قوم كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بئس قوم ابو جهل اعلم منهم بلا اله الا الله. يفهم هذه الكلمة وابى ان يقولها ولو كانت كما يزعم كثير من اهل هذا العصر وما قبله لقالوها بسهولة ولم يدروا ما تحتها من المعاني لكن يعلم ان معناها لا معبود حق الا الله وان عبادة غيره انما هي ولن يقر بالظلم على نفسه وبالبغي ولن يقر بانه باغ متعدد وبالتعدي والعدوان وهذا هو حقيقة معنى لا اله الا الله. وفيها الجمع بين النفي والاثبات كما سيأتي في بيان اية الزخرف. واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهديه قال الامام رحمه الله وقوم وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم عقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه هذه الاية تفسير للتوحيد وذلك اننا عرفنا التوحيد بانه افراد الله بالعبادة. وهو توحيد الالهية وهذه الاية اشتملت على الثناء على خاصة عباد الله بانهم وحدوا الله في الالهية وهذه مناسبة الاية للباب. وقد وصفهم الله جل وعلا بقوله اولئك الذين يدعون. ويدعون بمعنى يعبدون لان الدعاء هو العبادة. والدعاء نوعان كما سيأتي تفصيله دعاء مسألة ودعاء عبادة. قال هنا اولئك الذين يدعون. يعني يعبدونه. يبتغون الى ربهم الوسيلة الوسيلة هي الحاجة الوسيلة هي القصد والحاجة. يعني ان حاجاتهم يبتغونها الى ربهم ذو الربوبية الى ربهم ذي الربوبية الذي يملك الاجابة وفي قول الله جل وعلا في سورة المائدة يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون سئل ابن عباس رضي الله عنهما وهي من مسائل نافع من الازرق المعروفة سئل عن قوله الوسيلة في قوله وابتغوا اليه الوسيلة ما معنى الوسيلة؟ قال الوسيلة الحاجة فقالا له وهل تعرف العرب ذلك؟ قال نعم الم تسمع الى قول الشاعر وهو عنترة ان الرجال يخاطب امرأة ان الرجال لهم اليك وسيلة ان يأخذوك تكحلي وتخضبي لهم اليك وسيلة يعني لهم اليك حاجة ووجه الاستدلال من اية المائدة انه قال وابتغوا اليه الوسيلة فقدم الجار والمجرور على لفظ الوسيلة وتقديم الجار والمجرور وحقه التأخير يفيد الحصر والقصر. وعند عدد من علماء المعاني يفيد الاختصاص. وهذا او ذاك ووجه الاستدلال ظاهر في ان قوله تعالى في اية الاسراء يبتغون الى ربهم الوسيلة ان حاجاتهم انما يبتغونه ما عند الله وقد اختص الله جل وعلا بذلك فلا يتوجهون الى غيره. وقد حصروا وقصروا التوجه في الله جل وعلا. وقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ الالوهية يعني قال يبتغون الى ربهم وسيلة ولم يقل يبتغون الى الله الوسيلة لان اجابة الدعاء والاثابة هي من مفردات الربوبية لان ربوبية الله على خلقه تقتضي ان يجيب دعاءهم وان ان يعطيهم فصولهم لان ذاك من افراد الربوبية. فاذا انظهر من قوله يبتغون الى ربهم الوسيلة ان فيها تفسير التوحيد وهو ان كل حاجة من الحاجات انما تنزلها بالله جل وعلا. يدعون يعبدون هم انما يطلبون حاجاتهم من الله جل وعلا. فلا يعبدون بنوع من العبادات ويتوجهون به لغير الله. فاذا نحروا فانما ينحرون يبتغون الى ربهم الحاجة. واذا صلوا انما يصلون يبتغون الى ربهم الحاجة. واذا استغاثوا فانما يستغيثون بالله يبتغون اليه الحاجة دون ما سواه. الى اخر مفردات توحيد العبادة. فهذه الاية دالة بظهور على ان قوله يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة انه هو التوحيد. وقد استشكل بعض اهل العلم ايراد هذه الاية هذا الباب وقال ما مناسبة هذه الاية لهذا الباب؟ وبما ذكرت لك تتضح المناسبة جليا. قال جل وعلا ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه وهذه حال خاصة عباد الله انهم جمعوا بين العبادة وبين الخوف وبين الرجاء يرجون رحمته يخافون عذابه وهم انما توجهوا اليه وحده دون ما سواه فانزلوا الخوف والمحبة والدعاء والرغب والرجاء لله جل وعلا وحده دون ما سواه وهذا هو تفسير التوحيد قال رحمه الله وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا فطرني فانه سيهدين وجه الاستدلال من هذه الاية في قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني هذه الجملة فيها البراءة وفيها الاثبات البراءة مما يعبدونه قال بعض اهل العلم تبرأ من العبادة ومن ومن المعبودين قبل ان يتبرأ من العابدين لانه اذا تبرأ من اولئك فقد بلغ به الحنق والكراهة والبغظاء والكفر بتلك العبادة مبلغها الاعظم وقد جاء تفصيل ذلك في اية الممتحنة كما هو معلوم اذا مناسبة هذه الاية للباب ان قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني اشتملت على نفي فهي مساوية لكلمة التوحيد بل هي دلالة كلمة التوحيد. ففي هذه الاية تفسير شهادة لا اله الا الله ولهذا قال جل وعلا بعدها وجعلها كلمة باقية في عقبه ما هذه الكلمة؟ هي قول لا اله الا الله كما عليه تفاسير السلف. فاذا قوله جل وعلا انني ابراء مما تعبدون هذا فيه النفي الذي نعلمه من قوله لا اله فتفسير شهادة ان لا اله الا الله في هذه الاية. لا اله معناها انني براء مما تعبدون الا الله معناها الا الذي فطرني فاذا في اية الزخرف هذه ان ابراهيم عليه السلام سرح لهم معنى كلمة التوحيد بقوله انني براء مما والبراءة هي الكفر والبغضاء والمعاداة تبرأ من عبادة غير الله اذا ابغضها وكفر بها وعاداها وهذه لا بد منها. لا يصح اسلام احد حتى تقوم هذه البراءة في قلبك. لانه ان لم تقم هذه البراءة في قلبه فلا يكون موحدا البراءة هي ان يكون مبغضا لعبادة غير الله كافرا بعبادة غير الله معاديا لعبادة غير الله كما قال هنا انني براء مما تعبدون اما البراءة من العابدين فانها من اللوازم وليست من اصل كلمة التوحيد البراءة من العابدين وقد يعادي وقد لا يعادي وهذه لها مقامات منها ما هو مكفر ومنها ما هو نوع موالاة ولا يصل لصاحبه الى الكفر اذا تحصل لك ان البراءة التي هي مظمنة في النفي لا اله بغظ لعبادة غير الله. وكفر بعبادة غير الله. وعداوة لعبادة غير الله وهذا القدر لا يستقيم اسلام احد حتى يكون في قلبه ذلك قال الا الذي فطرني وهذا استثناء كما هو الاستثناء في كلمة التوحيد لا اله الا الله قال بعض اهل العلم قال ان الذي فطرني ذكر الفطر دون غيره لان في ذلك التذكير بانه انما يستحق العبادة من فطر. اما من لم يفطر ولم يخلق شيئا فانه لا يستحق شيئا من عبادي اذا مناسبة هذه الاية ظاهرة للباب ووجه الاستدلال منها ومعنى البراءة ومعنى النفي والاثبات فيها وفي كلمة التوحيد قال وقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله اربابا الربوبية اربابا جمع رب. والربوبية هنا هي العبادة يعني اتخذوا احبارهم ورهبانهم معبودين من دون الله يعني مع الله. وذلك انهم اطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال. والطاعة من التوحيد فرد من افراد العبادة ان يطيعه في التحليل والتحريم. فاذا اطاع غير الله في التحليل وفي التحريم فانه قد عبد ذلك الغير فهذه الاية فيها ذكر احد افراد التوحيد احد افراد العبادة وهو الطاعة وسيأتي ايرادها في باب مستقل ان شاء الله تعالى مع بيان ما تشتمل عليه من المعاني قال وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا. يحبونهم كحب الله اثبت الله جل وعلا انهم اتخذوا من دون الله اندادا يعني مع الله او من دونه اندادا جعلوهم يستحقون شيئا من العبادات ووصفهم بانهم يحبونهم يعني المشركين يحبونهم كحب الله وقوله هنا كحب الله المفسرون من السلف فمن بعدهم هنا على قولين. منهم من يقول يحبونهم كحب الله هي كلها في الذين اتخذوا اندادا يعني يحبون اندادهم كحبهم لله وقال اخرون يحبونهم كحب الله يعني يحبونهم كحب المؤمنين لله فالكاف بمعنى مثل هنا كقوله ثم قست قلوبكم فهي من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة كالحجارة يكاف هنا اسم بمعنى مثل لانه عطف عليها اسم اخر قال او اشد قسوة يحبونهم كحب الله يعني ساووا محبة تلك الالهة بمحبة الله فهم يحبون الله حبا عظيما ولكنهم يحبون تلك الالهة ايضا حبا عظيما. وهذا التساوي هو الشرك والتسوية هذه هي التي جعلتهم من اهل النار كما قال جل وعلا في سورة الشعراء مخبرا عن قول اهل النار تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ يقويكم برب العالمين. ومعلوم انهم ما سووا تلك الالهة برب العالمين في الخلق والرزق ومفردات الربوبية. وانما سوهم برب العالمين في المحبة والعبادة. فاذا هنا يكون قول يكون قوله جل وعلا يحبونهم كحب الله يعني يحبونهم محبة مثل محبتهم لله. وهذا الوجه ارجح من الوجه الاخر الذي تقديره كحب المؤمنين لله والذين امنوا اشد حبا لله وجه الاستدلال من الاية ومناسبتها للباب ظاهرة بان التشريك في المحبة مناف لكلمة التوحيد مناف للتوحيد من اصله. بل حكم الله بانه اتخذوا اندادا من دون الله. ووصفهم بانهم اتخذوا الانداد في المحبة والمحبة وهي التي تبعث على التصرفات فاذا هنا فيه ذكر للمحبة والمحبة نوع من انواع العبادة. ولما لم يفردوا الله بهذه العبادة صاروا متخذين متخذين اندادا من دون الله وهذا معنى التوحيد ومعنى شهادة ان لا اله الا الله ثم قال رحمه الله في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل في هذه في هذا الحديث بيان التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله ذلك ان ثمة فرق ذلك ان ثمة فرقا بين قول لا اله الا الله وبين التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله توحيد والشهادة ارفع درجة ومختلف عن مجرد القول. وهذا الحديث فيه قيد زائد عن مجرد القول. قال عليه الصلاة والسلام من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله فيكون الواو هنا تعطف ويكون ما بعدها غير ما قبلها. لان الاصل في العطف المغايرة ويكون كفر بما يعبد من دون الله هذه زيادة على مجرد القول. فيكون قال لا اله الا الله مع ذلك ومع قوله كفر بما يعبد من دون الله يعني تبرأ مما يعبد من دون الله. هذا قول والقول ان الواو هنا ليست عاطفة عطف مغايرة شيء عن شيء اصلا وانما هي من باب عطف التفسير. يعني يكون ما بعدها بعض ما قبلها. كقوله جل وعلا من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال. جبريل وميكال بعض الملائكة فعطفهم وخصهم بالذكر واظهر اسم جبريل ومثال لبيان اهمية هذين الاسمين واهمية الملكين لان اولئك اليهود لهم كلام في جبريل وميكال. المقصود ان يكون العطف هنا عطف خاص بعد عام او عطف تفسير لان ما بعدها داخل فيما قبلها. وهذا تفسير لقوله لا اله الا الله. فيكون اذا لا اله الا الله على هذا القول الثاني متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله. وهذا هو الذي ذكرته لك في معنى البراءة في اية الزخرف ان لي براء مما تعبدون الا الذي فطرني قلنا البراءة تتضمن الربط والكفر والمعاداة. الكفر بما يعبد من دون الله. وهذا تفسير ظاهر لكلمة التوحيد. قال عليه الصلاة والسلام من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون لله على تفسير وهذا الوجه الثاني هو الاظهر الانسب لسياق الشيخ رحمه الله تعالى بل هو الذي يتوافق مع ما قبله من الادلة قال حرم دمه وماله وحسابه على الله عز وجل ذلك انه صار مسلما من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله صار مسلم. والمسلم لا يحل دمه الا باحدى ثلاث ولا يحل مالك ولهذا قال هنا حرم ماله ودمه اذا يظهر لك من هذه الترجمة وما فيها من الايات والحديث ان تفسير التوحيد وتفسير شهادة ان لا اله الا الله يحتاج منه الى مزيد عناية ونظر وتأمل وتأني حتى تفهمه بحجته وببيان وجه الحجة في بعد ذلك قال الشيخ رحمه الله وتفسير هذه الترجمة ما يأتي بعدها من ابواب فالكتاب كله هو تفسير للتوحيد وتفسير لكلمة لا اله الا الله وبيان ما يراد ذلك وبيان ما ينافي اصل التوحيد وما ينافي كمال التوحيد وبيان الشرك اكبر والشرك الاصغر والشرك الخفي وشرك الالفاظ وبيان بعض مستلزمات التوحيد توحيد العبادة من الاقرار لله بالاسماء والصفات وبيان ما يتضمن توحيد العبادة من الاقرار لله جل وعلا بالربوبية. هذا وصلى الله