المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ دروس من تفسير القرآن الكريم. تفسير سورة الواقعة الدرس الثاني عشر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا واغفر لنا ولشيخنا والحاضرين. قال الامام رحمه الله تعالى عند قوله تعالى فبهذا الحديث انتم مذهنون. قال العوفي عن ابن عباس اي مكذبي اي مكذبون غير مصدقين. وكذا قال الضحاك ابو حرزة لابو حرزة هو بالتقريب يا شيخ ابو حزرة. هو في حزرة وفي حرزة بس هذا اظنها حزرة. نعم نعم وابو حزرة والسدي وقال مجاهد مدهنون اي تريدون ان تمالؤوهم فيه وتركنوا اليهم وتجعلون ان رزقكم انكم تكذبون. قال بعضهم معنى وتجعلون رزقكم بمعنى شكركم. انكم تكذبون اي تكذبون بدل الشكر وقد روي عن علي وابن عباس انهما قرأها وتجعلون شكركم انكم تكذبون. كما سيأتي. وقال ابن جرير وقد ذكر عن الهيثم ابن عدي ان من لغة ازدي شنوءة ما ما رزق فلان بمعنى ما شكر فلان. وقال الامام احمد حسين بن محمد لان شيخ سحيم ما هو؟ حدثنا حسين بن محمد قال حدثنا اسرائيل عن عبد الاعلى عن ابي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله الله عليه وسلم وتجعل وتجعلون رزقكم يقول شكركم انكم تكذبون تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا بنجم كذا وكذا وهكذا رواه ابن ابي حاتم عن ابيه عن مخول ابن ابراهيم النهدي. وابن وابن جرير عن محمد ابن مثنى عن عبيد الله ابن موسى وعن يعقوب ابن ابراهيم عن يحيى ابن ابي بكيت ثلاثتهم عن اسرائيل به مرفوعة. وكذا رواه الترمذي عن احمد ابن ابن منيع من ايه؟ ابني منيع من حفاظ الكبار له كتب في الحديث له مسند كبير عن احمد بن منيع عن حسين بن محمد وهو المروزي به وهو المروزي به وقال حسن غريب. وقد رواه سفيان المروزي نسبة الى مروة مارو بلدها فيه مرو شاهيجان وهناك مرو الرو ومرو الروظ يقال لمن ينسب اليها مربوذك مروى الشاهجان يقال لمن ينسب اليها مروزك للتفريق وهذا وكل منهما ايضا موجود في اصحاب الامام احمد المروزي والمروج لكن اكثر من ينقل عنه المسائل عن الامام احمد المرعودي وفي اسانيد الاحاديث مروزي نعم قال عن حسين بن محمد وهو المروزي به وقال حسن غريب. وقد رواه سفيان الثوري عن عبد الاعلى ولم يرفعه. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن عن ابن عباس قال ما مطر قوم قط الا اصبح بعضهم كافرا. يقول مطرنا بنوء كذا وكذا. وقال ابن عباس وتجعلون شكركم انكم تكذبون وهذا اسناد صحيح الى ابن عباس وقال مالك في الموطأ عن صالح ابن كيسات عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني الجهني انه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم صلاة الصبح بالحديبية في اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله اعلم. قال قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا ذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. اخرجه في الصحيحين وابو داوود والنسائي كلهم من حديث مالك به. وقال مسلم حدثنا محمد ابن سلمة المراد وعمرو بن سواد قال قال حدثنا عبدالله بن وهب عن عمرو بن الحارث ان ابا يونس ان ابا يونس حدثه عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ما انزل الله من السماء من بركة الا اصبح فريق من الناس بها كافرين. ينزل ينزل الغيث فيقولون بكوكب كذا وكذا. انفرد به مسلم من هذا الوجه وقال ابن جرير حدثني يونس قال اخبرنا سفيان عن محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي عن ابي سلمة عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ان الله قائل ليصبح القوم بالنعمة او ليصبح القوم بالنعمة او ليصبح القوم بالنعمة او يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين. يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا. قال محمد هو ابن ابراهيم فذكرت هذا الحديث لسعيد ابن المسيب فقال ونحن قد سمعنا من ابي هريرة وقد اخبرني من شهد عمر ابن الخطاب رضي الله الله عنه وهو يستسقي فلما استسقى التفت الى العباس فقال يا عباس يا عم رسول الله كم ابقى من نوء الثريا كم بقي؟ كم بقي من نوء الثريا؟ فقال فقال العلماء يزعمون انها تعترض في الافق بعد سقوطها سبعة. قال فما مضت سابعة حتى مطروا وهذا محمول على السؤال عن الوقت الذي اجرى الله فيه العادة بانزال المطر لا ان ذلك النوء مؤثر نفسه في نزول المطر فان هذا هو المنهي عن اعتقاده. وقد تقدم شيء من هذه الاحاديث عند قوله تعالى ما يفتح الله للناس الرحمة فلا ممسك لها. وقال ابن جرير حدثني يونس قال اخبرنا سفيان عن اسماعيل ابن امية فيما احسبه او غيره ان الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا ومطروا يقول مطرنا ببعض عتالين الاسد. فقال كذبت بل هو رزق الله. ثم قال ابن حدثني ابو صالح السراري قال حدثنا ابو جابر محمد محمد بن عبد الملك الاودي قال حدثنا جعفر ابن الزبير عن القاسم عن ابي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما مطر قوم من ليلة الا اصبح قوم بها كافرين ثم قال وتجعلون حقكم انكم تكذبون يقول قائل مطرنا بنجم كذا وكذا. وفي حديث عن ابي سعيد مرفوعا لو قحط الناس سبع سنين ثم مطروا لقالوا مطرنا بنوء المجدع وقال مجاهد وتجعلون رزقكم انكم تكذبون. قال قولهم في الانواء مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا يقول قولوا هو من عند الله وهو رزقه. وهكذا قال الضحاك وغير واحد. وقال قتادة اما الحسن فكان يقول بئس ما اخذ قوم لانفسهم لم يرزقوا من كتاب الله الا التكذيب. فمعنى قول الحسن هذا وتجعلون حظكم من كتاب الله انكم تكذبون به. ولهذا قال قبله افبهذا الحديث انتم مدهنون وتجعلون رزقكم انكم تكذبون انتهى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه اللهم نسألك علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا ودعاء مسموعا ربنا لا تكلنا لانفسنا طرفة عين فانه لا حول لنا ولا قوة الا بك يقول الله جل وعلا في هذه السورة سورة الواقعة افبهذا الحديث انتم مذهنون وتجعلون رزقكم انكم تكذبون لما ذكر القرآن والقرآن حديث ذكر جل وعلا انهم مدهنون في هذا القرآن وانهم اذا جاءهم رزق الله جل وعلا كذبوا بانواع من التكذيب اما اللفظي واما المعنوي والله جل وعلا وصف القرآن في غير موضع بانه حديث وانه محدث وهذا معناه انه حديث العهد بربه جل وعلا وانه ليس بالقديم لان الله جل وعلا تكلم به فسمعه منه جبريل عليه السلام فنزل به الى محمد عليه الصلاة والسلام فاذا وصف القرآن بانه حديث يكون بمعنى انه جديد وليس بالقديم وله معنى اخر وهو ان القرآن حديث لان الناس فيما يتناقلون بينهم وفيما تتحرك به السنتهم ويتناجى به الناس يتناجون بالاحاديث ويتناجون بالكلام الذي يسميه العرب حديثا لهذا كل كلام يقوله الانسان لنفسه او يبلغه غيره فانه يسمى حديثا لانه تحدث به والقرآن حديث بهذا المعنى لان الانسان يتلوه ولان افضل ما تحدث به الناس فيما بينهم ان يتلون كتابه ان يتلون كتاب الله جل وعلا ويتدارسونه بينهم هذا قول اهل السنة واما المعتزلة فانهم قالوا ان الحديث هنا بمعنى المحدث كما في الاية الاخرى ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث الا كانوا عنه معرضين وفي رعاية الانبياء ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون فيجعلون حديث ومحدث بمعنى مخلوق من الاحداث وهو الايجاد وهذا تفسير باطل لان القرآن كلام الله جل وعلا كما في اية براءة فاجره حتى يسمع كلام الله ولانه كلمة محدث حديث اللغة تحمل على ما ذكرنا سالفا وهو ما يتلى ويقرأ ويتحدث به او من الجديد الحديث الذي هو جديد العهد بربه جل وعلا من جهة تكلم الرحمن به سبحانه فقوله جل وعلا هنا افبهذا الحديث انتم مدهنون يعني مكذبين مدهنون اي مكذبون غير مصدقين به وقد تقدم لكم مرارا في هذا في التفسير ان الفاء التي تأتي بعد الهمس والواو التي تأتي بعد الهمس انها عاطفة على جملة على جملة محذوفة تقدرها بحسب السباق والسياق وهنا مثلا يمكن ان تقدره بقولك ايكون القرآن بهذه المنزلة العظيمة فبهذا الحديث انتم مدهنون تكذبون ولا تصدقون اذا كان القرآن اقسم الله بمواقعه على احد التفسيرين وجعله في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون تبيينا لعظمته وعظم شأنه عند الله جل وعلا ايكون القرآن بهذا بهذه المثابة وهذه المنزلة فبهذا الحديث تكذبون لا تصدقون والاشارة هنا لقوله هذا الحديث اشارة للقريب لاجل احداث شأنه وتعظيمه فكأنه لقربه من النفوس دائما ولقرب تلاوته ولقرب حروفه ايحاء الله جل وعلا لنبيه به فهو قريب يشار اليه بهذا وهذا من مقتضيات المعاني في البلاغ واصل الجبهان لقوله مدهنون اصله هو ان يعطي المرء شيئا خلاف ما يكون عليك لانهم اذا ارادوا ان يستحسنوا شيئا طلوه بالدهن فصار ظاهره غير ما اخفاه ولهذا قيل للمداهنة مداهنة لان فيها هذا المعنى وكما قال سبحانه ودوا لو تدهنوا ايدهنون يعني ودوا لو ذكرت لهم ما يرضيهم ظاهرا فيعطونك ما يرضيك ظاهرا وهذا في الحقيقة نوع من الكذب لانه خلاف ما يعتقده الانسان بما يقول لهذا صار هنا انتم مدهنون يعني مكذبين غير مصدقين قال جل وعلا بعدها وتجعلون رزقكم انكم تكذبون الرزق هنا مر معك في التفسير هل الرزق هنا هو المطر او الرزق هنا هو الحظ من القرآن قولان للسلف كما سمعت. والمشهور والاظهر هو الاول وهو ان وهو المطر لكن من السلف من فسرها بان الرزق هو الحظ من التنزيل وهو القرآن اه لاجل مناسبة لما سبق من الايات لكن تفسيرها بان الرزق والمطر اولى من جهتين الجهة الاولى ما جاء في الاحاديث التي سمعت من انهم كانوا يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا. وما جاء في الاستشهاد بهذه الاية في هذا الموطن والثاني انه اذا فسر الرزق هنا بالقرآن او بالحظ من القرآن يعني الذي تعطوه وما انعم عليهم به من القرآن فانه يكون في هذه الاية نوع اعادة للمعنى الذي جاء في الاية قبله واذا قلنا ان معنى قوله افبهذا الحديث انتم مدهنون يعني اف بهذا القرآن انتم مكذبون فيكون وتجعلون رزقكم انكم تكذبون يعني وتجعلون حظكم من القرآن انكم تكذبون فيه اعادة والاصل ليس الاعادة الاصل استئناف المعاني والاعادة التي لها فائدة ليس هذا مما يدخل فيها دخولا ظاهرا بهذا كان اكثر التفسير على ان قوله وسيجعلون رزقكم انكم تكذبون ان المراد بالرزق هنا المطر وحقيقة الرزق هو ما يرزق الله جل وعلا به عباده من النعم سواء اكانت نعمة مما يؤكل او يشرب او يلبس او من النعم الدينية فانها من الرزق الذي يسوقه الله جل وعلا لكنه خص في الاستعمال بان الرزق اخص من النعمة فالرزق فيما يستعمله الانسان في حياته وما يرزقه لاجل معاشه واستقامة دنيا واما الامور الدينية الاستعمال الخاص جعلها تدخل النعم ونحوها ولا تدخل في الرزق. ففي قوله اذا وتجعلون رزقكم انكم تكذبون تجعلون هنا بمعنى تصيرون لانها نصبت مفعولين المفعول الاول رزقا والمفعول الثاني المصدر المنسبت من ان جملتها ان ان المفتوحة مع جملتها الاسم والخبر هذا في تقديري مصدر اذا تبين هذا فحقيقة مذهب المشركين بانهم كذبوا برزق الله جل وعلا الذي رزقهم اياه بالمطر كما انهم كذبوا بنعمة الله جل وعلا التي انعم بها عليهم من المطر والقرآن والنعم المختلفة فاما في المطر فمرت عليك الاحاديث التي مع حديث زيد ابن خالد الجهني ونحوها التي فيها ان المشركين كانوا اذا اصابهم مطر قالوا بنوء كذا وكذا وكلمة بنوء كذا وكذا الباء هنا يريدون بها السببية والا فانهم يعلمون ان الذي ينزل المطر هو الله جل وعلا ولكن يجعلون للنوء تأثيرا في انزاله النوم ينزله ينزل المطر فهو السبب في الانزال والسبب هل هو لانه واسطة او لان له تأثيرا مستقلا هذا فيه تردد عند عند الذين يعتقدون في الكواكب منهم من يعتقد فيه الاستقلال وانه يفيض ما يشاء يعني الكوكب ومنهم من يعتقد السببية وان له تأثيرا سببيا والمسبب هو الله جل وعلا لكن هو الذي يؤثر في الانزال. واذا اراد الكوكب ان يمتنع امتنع. ولهذا فيجعلون الفضل للكوكب وهذا لاجل اعتقادهم في ان الخواكب لها ارواح ولهذا يصورون الكواكب والنجوم يصورونها في في اصنام واوثان ويقولون انها عند السؤال تحل هنا روح الكوكب فتسأل فتعطي والعياذ بالله. وهذا يعني تارة الاستقلال وتارة غير الاستقلال واذا تبين ذلك فانه من قال مطرنا بنوء كذا يعني الاستقلال يعني الاستقلال او السببية التي هي بمعنى ان الكوكب سبب يفيض عليهم من الخيرات بدون اذن الله جل وعلا فهذا كفر اكبر لله جل جلاله واما القسم الثاني فهو ان يعتقد ان الكوكب سبب الانزال وهذا كفر اصغر وكفر نعمة لان الحقيقة ان الكواكب لا تأثير لها لا تأثير لها لا استقلالا كما هو ظاهر فالله جل وعلا هو الذي يستقل بالافعال جل جلاله ولا تأثير لها ايظا بالسببية. فلم يجعل الله جل وعلا الكواكب اسبابا لافاضة الامطار او الخيرات او طلوع الزرع وانما هي علامات للاوقات التي اجرى الله جل وعلا سنته فيها بانزال الغيث واخراج الزرع ونحو ذلك فمن سنته جل وعلا انه جعل في وقت ظهور انجم معينة تسمى الوسم مثلا انه اذا نزل المطر انبت في الارض بانواع من النبات وخرجت الكمأة الى اخره وهذا توقيت وليس ربطا السببية وكذلك اذا ظهرت الثريا مثل ما قال هنا اعدد كذا ثم ينزل المطر اذا ظهر النجم الفلاني فانه يزرع كذا هذا من جهة التوقيت كما انه يقال اذا صارت اذا زالت الشمس فانه يصير كذا وكذا يعني من جهة التوقيت او اذا غربت الشمس يصير كذا من جهة التوقيت لا من جهة ان لها تأثيرات فاذا اذا قلنا اذا قال المسلم الموحد انه في وقت كذا في وقت النجم الفلاني يكون كذا وكذا هذا لا بأس اذا كان يعني الظرفية يعني ان طلوع النجم وقت ودليل على ما اجرى الله جل وعلا سنته عليه. مثل ما يستدل بسائر علامات التوقيت ونحو ذلك. اما انها تستقل والعياذ بالله فهذا كفر اكبر او انها سبب من الاسباب الذي يفعل ويؤثر فهذا ايضا باطل كما ذكرنا لك سادة والتكذيب انكم تكذبون. حقيقة التكذيب باللغة بل قبلها نقول الكذب حقيقة الكذب والاخبار بخلاف الواقع سواء كان المخبر متعمدا عالما بانه خلاف الواقع او كان غير عالم. فلذلك من اخبر بخلاف الواقع يقال له كذبت سواء اكان قاصدا عالما بانه غير الواقع او لم يكن عالما لا من جهة اللغم فيقول فلان يقول مثلا القائل ان فلانا يمدح فلانة فيقال كذب بانه اخبر بخلاف الواقع ولو كان صادقا انه مدحه وهذا يصدق عليه من باب التنبيه قول ابن عمر لي تلميذه صاحبه نافع لا تكذب علي كما كان عكرمة يكذب على ابن عباس رضي الله عنه يعني بذلك لا تخبر عني خلاف الواقع وهنا يقول قائل كذبت يعني اخبرت بخلاف الواقع ولا يعني انه قصد الكذب وتعمد فاذا قصد الكذب وتعمده هذا كذب وهو كبيرة او ذنب عظيم اذا لم يقصده ولم يتعمده فانه معفو عن الانسان اذا كان يظن شيئا فلم يظهر على ما يظن وهذا يطلق عليه كذب وهذا يطلق عليه كذب في اللغة لانه اخبار بخلاف الواقع اذا التكذيب التكذيب هو رد الحق ورد الخبر الموافق للواقع وهذا هؤلاء كذبوا بالقرآن وكذبوا برزق الله جل وعلا. وردوا الواقع وهو انه جل وعلا هو المنعم به وهو المتفضل لذلك صار منهم ذلك تكذيبا ولو لم يقولوا بنص العبارة ان الله لم ينزل هذا المطر هم لم يقولوا ان الله لم ينزل هذا المطر لم يقولوا ان الله لم ينعم علينا بهذا المطر ولو سئلوا اا انعم الله عليكم بهذا المطر؟ يقولون نعم هو من نعمة الله لكن هم نسبوه الى الكوكب وقالوا مطرنا بنوء كذا فاخبروا بخلاف الواقع وردوا الواقع المتيقن وهم معتقدون لما به فصاروا مكذبين لما انزل الله جل وعلا عليهم من نعمة الرزق الذي هو الغيث والمطر نعم قال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن اقرب منكم ولكن لا تبصرون. فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين يقول تعالى فلولا اذا بلغت اي الروح الحلقوم اي الحلق وذلك حين الاحتضار. كما قال تعالى الا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن انه الفراق. والتفت الساق بالساق الى ربك يوم اذ المساق ولهذا قال ها هنا وانتم حينئذ تنظرون. اي الى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت. ونحن اقرب اليه منكم اي بملائكتنا ولكن لا تبصرون اي ولكن لا ترونهم كما قال تعالى في الاية قال يقول تعالى فلولا اذا بلغت اي الروح الحلقوم اي الحمص وذلك حين الاحتضار. نعم. كما قال تعالى الا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن انه الفراق والتفت الساق بالساق الى ربك يومئذ ولهذا قالها هنا وانتم حينئذ تنظرون اي الى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت. ونحن اقرب اليه منكم اي بملائكتنا ولكن لا تبصرون اي ولكن لا ترونهم كما قال تعالى في الاية الاخرى وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى اذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون. ثم ردوا الى الله مولاه من الحق الا له الحكم وهو اسرع الحاسبين. وقوله تعالى فلولا ان كنتم غير مدينين معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم الى مكانها الاول. ومقرها من الجسد ان كنتم غير مدينين. قال ابن عباس يعني محاسبين وروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة. والضحاك والسدي وابي حزرة مثله وقال سعيد بن جبير والحسن البصري فلولا ان كنتم غير مدينين غير مصدقين انكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس وعن مجاهد غير مدينين غير موقنين. وقال ميمون ابن مهران غير معذبين مقهورين قال جل وعلا فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا ان كنتم غير مدينين ترجحونها ان كنتم صادقين لما ذكر في الايات السالفة القرآن وانزال القرآن وبيان شيء من عظمة الله جل وعلا وانعامه وفضله على عباده ذكرنا لكم ان السورة موضوعها البعث وانقسام الناس بعد الموت الى ثلاثة اقسام وهو بعد ان ذكر ذاك رجع الى موضوع السورة والى الحجة عليهم بانهم عاجزون فيجب عليهم الاستسلام والانقياد للقرآن وانهم ليس لهم ان يكذبوا وليس لهم ان يدهن وليس لهم الا يصدقوا. بل يجب عليهم لضعفهم ويجب عليهم لخطورة الممر وخطورة ما سيكون عليه الامر من انقسام الناس وانهم ضعفاء مقهورون يعلمون ذلك من انفسهم يجب عليهم اذا ان يصدقوا بالقرآن ويجب عليهم اذا ان يصدقوا وبالنبي صلى الله عليه وسلم ويجب عليهم ان ينسبوا الرزق الى الله جل وعلا وحده دون ما سواه ولهذا قال هنا فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون والحلقوم اسم للحلق يعني المكان المعروف من الرقبة قال فلولا اذ فلولا اذا بلغت الحلقوم اذا بمعنى حين ولولا هنا بمعنى هلا فيها التحويل والدعوة الى ان يفعلوا قال فهلا حين بلغت الروح الحلقوم بلغت الروح الحلق واصبحت تتردد في قرب مخرجها من الفم والانف وانتم حينئذ تنظرون والحال انكم حين خروج هذه الروح وقرب بانفصالها عن البدن تنظرون الى هذا الميت تنظرون الى هذا الذي ينزع الى هذا المحتضر هل تستطيعون الارجاع هل تستطيعون ان تتدخلوا قال سبحانه ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون وهنا في قوله نحن اقرب اليه يعني قرب الملائكة لان الملائكة تأتي الى المحتضر وتقرب منه حتى تتسابق الى اخذ روحه ان كان مؤمنا او كان كافرا فاما المؤمن فتأخذه ملائكة الرحمة كما جاء في حديث البراء ابن حازم الطويل المعروف. واما الكافر فتأخذه ملائكة العذاب الى اخره فاذا نحن اقرب اليه هذا قرب الملائكة وفي القرآن اية اخرى في سورة قاف في قوله ونحن اقرب اليه من حبل الوريد وذكرنا لكم في بعض هذه الدروس ان القرب نوعان قرب عام وقرب خاص وعنا قرب الله جل وعلا من عباده ليس الا القرب الخاص واما القرب العام وهو انه يقرب جل وعلا من كل عباده او من جميع اصناف عباده فهذا ليس من صفات الله جل وعلا بل انما هو قرب بملائكة الرحمن جل وعلا. كما قال لك ابن كثير هنا ونحن اقرب اليه منك هم يعني قرب الملائكة ونحن اقرب اليه من ونحن اقرب اليه من حبل الوريد يعني قرب الملائكة وهكذا واما القرب الخاص فهو القرب من الداعي ان رحمة الله قريب من المحسنين والقرب من عبادة في اخر الليل ودنوه منهم جل وعلا في يوم عرفة ونحو ذلك من القرب الخاص وهو جل وعلا عالم سبحانه وتعالى على خلقه مستو على عرشه ويقرب من عباده من خاصة عباده على ما يليق بجلاله جل وعلا وبعظمته قال ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون لانهم بينهم وبين الميت مساء ولكن الملائكة اقرب واقرب لانهم عند مخرج النفس يريدون ان يتناولوا هذه النفس قال جل وعلا بعدها فلولا ان كنتم غير مدينين وكلمة مدينين فاس فسرت بعدة تفاسير منها ان مدينين بمعنى محاسبين او مدينين بمعنى اه غير المصدقين او اه ما شابه ذلك غير موقنين او غير معذبين ومقهورين ونحو ذلك. وهذه كلها في الواقع ترجع الى معنى واحد الادانة بضرب من التوسع فقوله جل وعلا فلولا ان كنتم غير مدينين ان اصله مدينين من الدين والدين يكون بمعنى الجزاء ما لك يوم الدين يعني ما لك يوم الجزاء. كما تدين تدان يعني كما تجازي تجازى ومدينين ايضا تأتي بمعنى دان بالشيء اذا اعتقده والتزمه وادانه اذا رده فيكون مدينين من ادانا يصير تفسير من فسرها غير اه مصدقين يعني غير معتقدين لذلك بالفرق بين دان وادان هنا وبقية التفاسير تأتي ايضا على توجيه من اللغة. المقصود من ذلك ما نبهتكم مرارا عليك بهذه الدروس في التفسير ان تفاسير السلف يكون اذا اختلفوا فيكون لمأخذ اما من اللغة واما من السياق واما لاجل سبب النزول جعلهم يختلفون في التفسير. وهذا يرد الى هذا يعني الاقوال تكون متقاربة واما ان يكون لاجل ان السنة جاءت ببعض التفاسير دون بعض فتدل على بعض الاقوال دون بعض. والا في الغالب اقوال السلف متقاربة. وانما هو ايضاح للعبارة وهو الذي يسميه ابن تيمية وغيره اختلاف تنوع يعني اختلاف تنوع في العبارات لا اختلاف آآ اصلي او اختلاف تضاد قال ترجعونها ان كنتم صادقين فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين يعني ان استطعتم ان ترجعوا تلك الروح فارجعوها فانكم لن تستطيعوا. واذا كنتم بهذه الصفة من العجز والقهر والذل ونحو ذلك فانهم انهم يجب عليكم عليكم ان توقنوا بالله جل وعلا وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم وان تعدوا العدة لما بعد خروج الروح لانكم ولا شك يوما تخرج ارواحكم فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم الى اخر الايات. لهذا تنتبه الى ان من طريقتي الحجة في كتاب الله جل وعلا انه ينظر الى طريقة التفكير التي يفكر بها من يرد عليه او من يحاجج كيف يفكر ثم يأتي فاذا كان يفكر من جهة تعظيم نفسه طرف رفع نفسه فانه يبين له فيها الصور التي تدل على انه مقهور ذليل. لا يمكن ان يعمل شيئا ولا شك حينئذ اذا حصل نوع ذلة ونوع ذل الانسان وعلم ذلك وتيقنه في نفسه انه ينفتح عليه باب من ابواب الخير لان من جند الشيطان الكبر والكبر نفس الشيطان ونفخه في الانسان ولهذا تتنوع الحجاج مع المشركين وكيفية التأثير عليهم بانواع المؤثرات في كتاب الله العظيم. وهذا مما ينبغي ان يستفيد منه العلماء وطلبة العلم والدعاة الى الله جل وعلا في طريقة القرآن في رد مقال او حال المعرضين عن دين الله جل وعلا نكتفي بهذا نعم قرب العام يعني من جميع الناس اما الخاص فهو خاص بعباد الله الصالحين في بعض الازمنة اما العام يعني من كل انسان ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه. ونحن اقرب اليه من حبل الوريد يعني من كل انسان دائم هذا قرب الملائكة وهو في حياته يتنقل يتنقل هذا قرب الملائكة الملائكة لا تنفك عنه له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله. كذلك هنا عند النزع قال ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون هذا عند النزع في كل انسان على العموم لا يحمل على قرب الله جل وعلا وانما هو قرب الملائكة هذا هو الصحيح كما ذهب اليه المحققون