وعنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء من حال القيام والركوع وكذلك الجلوس. وذلك ان الساجد تستوي اعضاؤه على الارض واعلى ما فيه الجبهة والانف وكذلك اوسط ما فيه وهما الركبتان وادنى ما في جسده وهما اطراف القدمين وكذلك ايضا اليدين فانها تستوي على الارض فلما كانت كذلك دل على ان الانسان قد وضع مواضع الكمال ومواضع الظاعة كلها كلها على السواء تذللا لله جل وعلا ومع كون السجود يتضمن الاقرار لله سبحانه وتعالى بجملة من الاسماء والصفات. وذلك ان الساجد اذا اذا كان في مثل هذا الموضع ومن بجواره لا يسمع همسه ويدعو الله جل وعلا ويسأله حاجته فكأنه يقر لله سبحانه وتعالى بالسمع والعلم والقدرة التامة وهذا كما انه يتحقق في كل داعي فان الانسان اذا جهر بدعائه فانه يسمع يسمع غيره واذا كان ساجدا فانه لا يسمع الا نفسه ولا يسمع الا ربه. وهذا يدل على ان اخفاء الدعاء من اعظم من وسائل الاجابة كذلك فان الانسان اذا كان من اهل التذلل والخنوع والخضوع واقترن بذلك دعاء فان هذا من مواضع الاجابة. وقد جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث ابي هريرة حينما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر اشعث اغبر اراد النبي عليه الصلاة والسلام بذكر الاشعث الاغبر ويطيل السفر ان الانسان في تذلل وضعف وانكسار. وهذا في قرينة الحال التي حلت بالانسان فانها وان كانت عارضة والانسان في موضع عز الا ان الانسان اقرب الى الاجابة في مثل هذا. لهذا ينبغي للانسان ان مواضع الانكسار والفقر والفاقة والحاجة والضعف وتعلق القلب بالله سبحانه وتعالى فيبتهل لله جل وعلا بالاكثار من بالاكثار من الدعاء كذلك ايضا في حال السجود. وينبغي للانسان ان يحصي ايضا المواضع التي فيها آآ او قمن وحري للانسان ان يجاب ان يجاب دعاؤه ومن هذه مما دلت عليه السنة. مواضع الانكسار في فعل كحال السجود. وكذلك ايضا قرائن الحال التي تحتف بالانسان كحال ضعف الانسان وفقر وفاقته وكذلك خوفه ووجله فان هذا ايضا من مواضع الاجابة. كذلك ايضا في حال العجز التام عن شيء من الامور التي يتلهف اليها. وهذا بقدر تلهف الانسان اليها بقدر ما ما يكون الانسان قريب من الله سبحانه وتعالى في في حال الاجابة. كذلك فان الانسان اذا عرف الله جل وعلا في الرخاء عرفه الله جل وعلا في الشدة. وهذا من مواضع الاجابة كذلك رفع اليدين وقد جاء هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة كما تقدم الاشارة اليه. كذلك التوسل لله جل وعلا باسمائه وصفاته كما جاء في ابي هريرة في قوله يقول يا رب يا رب يا رب وتكرار ذلك ايضا من اسباب من اسباب الاجابة فينبغي للانسان ان ان يحرص ان يحرص على ذلك. وان يأتي بما دل الدليل عليه من اسماء الله جل وعلا وصفاته مما خصه الله سبحانه وتعالى من ذكر اسم الله الاعظم ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر في تحديد الاسم الاعظم وما جاء في ذلك كله ضعيف وامثل ما جاء في هذا بعض الموقوفات واصح ما جاء في هذا الباب ان اسم الله الاعظم هو الله وقيل انه يا ذا الجلال والاكرام وقيل انه يا حي يا قيوم وهي معلولة وامثل ما جاء في هذا في بعض الموقوفات انه انه لفظ الجلالة الله والسجود هو من اعظم المواضع التي يقرب منها او فيها العبد لله سبحانه وتعالى سواء كان في صلاة او في غير صلاة. كلها على حد سواء لعموم الدليل في كالصلوات المفروضة والنوافل وفي غير صلاة وفي غير صلاة ايضا كسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود الاية وغير ذلك. فان الانسان اذا سجد لله جل وعلا على اي حال كان فانه اعظم الى الله عند الله سبحانه وتعالى. وبه يعلم ان جنس السجود اعظم من جنس الركوع والقيام كذلك فان الصلاة المتضمنة لسجود افضل من الصلاة التي لا تتضمنه. وكل صلاة تضمنت سجودا اكثر اعظم واقرب شريطة ان تكون على الوجه المشروع. ولهذا قد يقال ان الصلاة الرباعية افضل من الصلاة الثلاثية والثنائية من وجه من وجه تكرار تكرار السجود كذلك ايضا فان صلاة النافلة النافلة التي يؤديها الانسان وفيها السجود افضل من الصلاة التي ليس فيها سجود كصلاة الجنازة ازى فصلاة النافلة يؤديها الانسان كتحية المسجد وغيرها هي افضل عند الله سبحانه وتعالى باعتبار قرب الانسان من ربه جل وعلا وهذا من وجوه التفضيل ولكن ليس هذا التفاضل من التفاضل المطلق من جميع الوجوه. كما نقول ان كما نقول ان السجود هو افضل افضل من الركوع من وجه وذلك لكون الانسان في مثل هذا الموضع اقرب من الله سبحانه وتعالى. وكذلك نقول فان وجوده افضل من القيام من وجه باعتبار القرب والسجود افضل والقيام افضل من السجود من وجه باعتبار ان القيام ان القيام متضمن بلفظ اعظم من اللفظ الذي يقوله الانسان في سجوده وهو كلام الله سبحانه وتعالى. فجنس كلام الله جل وعلا افضل من جنس كلام غيره وجود كلام الله جل وعلا فيه لا يشرع. فان الانسان مأمور بان يدعو في مثل هذا الموضع وفي الركوع مأمور بان يعظم الله سبحانه وتعالى. ويشرع الانسان تكرار الدعاء في السجود وان يلازم حاجته وان يلحها فان هذا فان هذا من علامات الاجابة وفضل الله سبحانه وتعالى واسع. نعم احسن الله اليك وعن النواس ابن سمعان الانصاري قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والاثم؟ فقال البر حسن الخلق والاثم ما حاك في صدرك كرهت وكرهت ان يطلع عليه الناس. قوله عليه الصلاة والسلام البر حسن الخلق البر هو شامل لجميع ابواب الخير من القولية والفعلية من الظاهر والباطن خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وحسن الخلق. وهذا كقول النبي عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة والمراد من هذا ان الدين مجتمع في ذلك فان الانسان لا يمكن ان يتحقق معه وصف حسن الخلق الا وقد كمل له الدين. كمل له كذلك فان الانسان لا يمكن ان يتمحض النصيحة من جميع ابوابها لمن امر الله جل وعلا ببذلها اليه الا وقد تحقق فيه الدين كله. فان الانسان لا يمكن ان يصل الى درجة حسن الخلق من جميع وجوهه الا وقد كمل له الدين. بسائر بسائر اركانه ودعائمه وواجباته من اركان الاسلام واركان الايمان وذلك انه قدر كامل لا يمكن ان يتأكد في قلب الانسان الا الا من وجه وباء ابي الشرع انما قيد حسن الخلق هنا جماع ابواب البر لفظله ومنزلته وان الانسان يدرك فيه درجة الصائم والقائم. كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جاء عند الترمذي وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من شيء اثقل في ميزان العبد من حسن الخلق. واذا اراد الانسان ان يلتمس كثيرا من اعمال البر العظام وجد انها داخلة في حسن الخلق كبر الوالدين كذلك الصدق في الحديث وكذلك اجتناب اجتناب كثير من الموبقات هي داخلة في هذا الباب. كالكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور والبغي والظلم والعدوان على الناس بسائر انواع الظلم والعدوان سواء ما يتعلق بالاعراض وكذلك ايضا الاموال الدماء فان التعرظ لذلك مناف لحسن الخلق. وكمال حسن الخلق هو وكمال كمال الدين. و انما احل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حسن الخلق من غير بيان مصدره للعلم به. ودلالة الفطرة عليه. بخلاف ما ذكره بعد ذلك في قوله والاثم ما حاكى في نفسك فاحال الى مصدره الى مصدره وهو ما في النفس. واطلق مصدر واطلق مصدر حسن الخلق العلم به وذلك ان مرض حسن الخلق هو الى الفطرة. والفطرة هي التي تدل الناس على على معرفة مواضع المحامد والاخلاق الحسنة في الانسان سواء من الاقوال والافعال. فان الانسان لا يمكن ان يتحقق له وان يسلم له وصف حسن في ذاته الا وان يكون صاحب فطرة سليمة لا تشتالها لا تشتالها شياطين الانس والجن. وكذلك فان الانسان اذا لم تقترن مع لم يقترن مع حسن الخلق سلامة الدين فان حسن الخلق يميل يميل يمنة ويسرة مع الفطر المنحرفة. فان الفطرة اذا ولد عليها انسان فان الانسان تحيد به الفطر الى اليهودية والنصرانية وان مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة في قوله ما من مولود الا ويولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه ذكرا التهود والتنصر والتمجس لانه غاية غاية الاعراض عن كلام الله جل وعلا مع وجود شيء من الشريعة فيه الذي دخله دخله تحريف. وكان ذلك في حكم المنسوخ. فان يحيد عن شيء من الفرعيات فان هذا من باب من باب اولى سواء ما يتعلق سواء ما يتعلق في الاخلاق وغيرها. فان الانسان اذا اذا لم تحط اخلاقه بحيازة الدين وحياطتها فان الفطر تنصرف يمنة ويسرة بخلاف الدين المحفوظ. لهذا من اعظم يحفظ الاخلاق هو حفظ الدين. فحفظ الله جل وعلا الاخلاق عند الناس بحفظ هذا الدين. واما دلالة الفطرة فان ان الفطرة تطمس بحيث لا يعرف الانسان ان هذه الفطرة قد طمست فتجد من يحبب الزنا ويشرعه وتجد من يحبب شرب الخمر وازالة العقول ويحبب ذلك وتجد من يشرع الظلم ويحببه وتجد من من يحبب التطفيف في المكيال ويشرع احوال الامم السابقة ومن يشرع الظلم وغير ذلك والنفوس تأبى عن ذلك كأكل الربا وغيره وتجد من التشريعات المعاصرة من الشذوذ الجنسي وغير ذلك والفطر ربما تميل اليه اذا توطنت اذا توطنت على هذا الامر بخلاف الخلق يحفظه الدين فان الدين اذا اقترن باصل اذا اقترن باصل الاخلاق واقترن الخلق باصل الدين وازى هذا هذا فاستقام للانسان امر الفطرة واستقام له امر الدين. وفي قوله عليه الصلاة والسلام والاثم ما حاك في نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس. المراد بالاثم هي الاوزار وانما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا انواع المآثم سواء كان ما حث الشارع على تركه مما لا يأثم الانسان باقترافه سواء كان ذلك من ابواب المكروهات او كان من اموري التي لا بأس بها ولكن مع تكرارها ربما توقع الانسان فيما به بأس. او كان ذلك من الامور من الامور المحرمة. فانها داخل عند التعريف العام في ابواب الاثم. وعند الاصطلاح الشرعي وفي كلام ايضا الفقهاء فانهم يريدون بالمآثم هي الاوزار ولا لا يمكن ان يتحقق ذلك الا ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا في من وقع في معصية وذنب وهو شامل للصغائر والكبائر ولكن الذي في السياق هنا والتعميم فيما حث الشارع على تركه سواء على سبيل الانفراد وعلى سبيل التأكيد او غير التأكيد. ولهذا ارجع اهذا الى النفس؟ والمرد في هذا الى الفطرة السوية والاثم ما حاك في نفسك. والنفس المراد بها هنا هي النفس التي تبدلت فكيف الجمع برد الشارع هنا الى النفس؟ والله جل وعلا قد بين ان النفس امارة بالسوء الا ما رحم ربي. ويقال ان النفس امارة بالسوء تأمر الانسان بالسوء ولكن من جهة التحقيق تميز بين الخير والشر. وهذا ما ينبغي ادراكه. فان اطر النفس الانسان على ارتكاب المحرم شيء معرفة الخير من الشر في ذاتها شيء اخر. فان النفوس ربما تتشوف الى المال والمغالبة عليه باخذه ولو رجع الانسان الى نفسه لعلي يعني ما ان الربا حرام. ولان السرقة حرام ولكن النفس ترغب ان تتحصل على شيء من المال كذلك شهوة الفرج. وكذلك شهوة اللسان وشهوة البصر وشهوة السمع وغير ذلك. فالنفوس تأمر. ولهذا قال النبي قال الله جل وعلا في كتابه العظيم ان النفس لامارة بالسوء يعني تعمر الانسان. والامر بالشيء هو امر اي حث على الفعل بخلاف العلم الذي يستقر في وهذا هو الذي قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا في قوله والاثم ما حاك في نفسك يعني من علم هل هو من الخير او من الشر بخلاف الامر ولهذا ينبغي للانسان ان يميز بين الامرين بينما تحث النفس عليه وبينما يعلم في قرارة في قرارة النفس. و النفس لها وجوه متعددة ويعرفها اهل الطبائع والسبر لاحوالها وقد تكلم اقوام في هذا الباب ممن صنف ففي هذا الباب من ابواب الروح والنفس واحكامها كابن ابن مندا عليه رحمة الله وكذلك ايضا من المتقدمين من الفلاسية من يونان وغير ذلك كقسطا باللوجا في كتابه الروح والنفس. وكذلك ايضا بعض فلاسفة فلاسفة الهند الذين تكلموا على ابواب الروح بشيء من بشيء من الحقيقة خلطوها بانواع من الخرافات والاباطيل. والمرد في ذلك ان هي ضرب من من اه دروب الغيب وهي متعلقة بالروح والروح من امر الله جل وعلا لا يمكن للانسان ان يتحقق حقيقتها على وجه الكمال الا الا بعلم من الشرع والانسان يعرف سياسة نفسه وينكر اكثرها. ولهذا كثير من من الناس يحمل بين جنبيه وتغلبه مرة ومرات ولا ولا يعرف مكامنها ولا مواضع الخلل فيها فلا تزال به الموارد وتكرر عليه مواضع الزلات جهله بنفسه دليل على جهله بانفس بانفس غيره وانما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم امر المآثم الى نفس الانسان. تحكيم لسائر الفطر. ودلالة ايضا على ان الشريعة اسلامية انما جاءت فيما يوافق الفطر البشرية على العموم. فما من حكم او امر امر الله جل وعلا به. وما من نهي نهى الله جل وعلى عن فعله الا وهو موافق للفطر على سائر انواعها. سواء من الامور التعبدية او سواء كذلك من ابواب الاخلاق والاداب او كان ذلك من ابواب التروك من ابواب الحرام وغير ذلك فان الانسان اذا نظر الى ابواب المحرمات يجد انها تتعلق بامرين ما يتعلق بحق الله جل وعلا المحض واعظم ذلك واعلاه هو الاشراك مع الله جل وعلا غيره. ومنها ما يتعلق بحقوق العباد وهي متنوعة على ثلاثة انواع ما يتعلق بالدماء والاموال والاعراض. واذا اراد الانسان ان يرجع في ذلك الى نفسه فليفرق بين النزعتين نزعة العلم ونزعة ونزعة الامر حتى يتحقق حتى يتحقق له مقصد النبي عليه الصلاة والسلام. وللانسان وازعان وازع من الشرع ووازع من الطبع. فاذا اجتمع في الانسان كان اعظم اعظم اطرا لنفسه. وان وجد فيه وازع الطبع ولم يوجد يوازع الشرع اصبح ضعيفا ينظر الى عين الرقيب فان غابت عنه فانه يجسر على المخالفة. واذا وجد عنده وازع فانه يقترن معه وازع الطبع. وهذا وهذا متلازم لان الانسان لا يمكن ان يوجد في قلبه وازع الشرع الا بوجود وازع الطبع بخلاف ان يوتر الانسان الانسان على وازع شرع من غير وازع طبع فانه يتحين الفرصة حتى يقع فيما يخالف وازع الشرف فيكون هذا في حال المنافقين الذين الذين لا يذكرون الله الا قليلا واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يعني هم يقومون مع النبي عليه الصلاة والسلام في حال المراقبة وهو وازع الشرع وفيه مشاركة لوازع الطبع فاذا غابوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد على قلوبهم ورد على قلوبهم ما كانوا عليه وهذا في الاعمال الظاهرة سواء كان ذلك من اعمال الجوارح كالصلاة او كذا من اقوال كذكر الله سبحانه وتعالى وغيره ووازعوا الطبع اقوى من وازع الشرع عند عامة الناس الا الخلص والكمل من عباد الله. ولهذا قد جاء عن عثمان بن عفان وعمر بن الخطاب عليهم رضوان الله تعالى انهما قال ان الله لا يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ووازع السلطان نوع من انواع وازع الطبع ووازع الطبع هو ان يوتر الانسان على شيء وتبين له العقوبة. فاذا ظهر من العقوبة مما يعلم حاله من ان يفقد مالا او يفقد جسدا او يفقد عرظا وينقص منه فبقدر فبقدر هيبة ذلك في نفسه بقدر ما يخاف ما يخاف ذلك الوازع. ومن الوازع ما ما يوجد في نفس الانسان بلا رقيب. ما يغرس فيه كحال كحال بعض الناس في ابواب حقوق الاموال فانه يأنف يأنف من اخذ الحرام وان لم يجد على ذلك رقيبا كذلك ايضا في ابواب الاعراظ فانا نجد يغلب جانب العرض مع وازع الطبع على وازع الشرع. فان الكافر فان الكافر يجوز له ان يسافر مع اخته ويحرم على الصالح التقي العابد ان يسافر مع الاجنبية لان الكافر وجد فيه وازع طبع يشق عليه ان ان يتجاوزه بخلاف وازع الطبع هنا لمغالبة بخلاف وازع الشرع هنا لمغالبته لوازع الطبع الضعيف فان فانه ربما تغالب فبقدر قوة ايمان الانسان يتغالب وازع الطبع مع وازع الشرع وهذا له ابواب وله له ابواب كثيرة كذلك ايضا في ابواب في ابواب الولاية ولاية الكافر على ابنه ونحو ذلك فان له ولاية له ولاية عليه. سواء كان وان كان فاسقا على خلاف عند العلماء في ابواب ولاية الاب الكافر على ابنه على ابنه المسلم القاصر والاضطراب في ابواب الامور الطبيعية عظيم جدا وذلك لاختلاف اهواء الناس بخلاف وازعي الشرع فان الله جل وعلا قد تكفل بحفظه والله سبحانه وتعالى حينما حفظ شرعه يحفظ معه ذلك الوازع والدخيل في الشرع اقل جدا من الدخيل في الطبع وذلك لتنازع النفوس في بيان مقداره وان امنوا باصل حقيقته ولهذا كثير من الناس ينظر ويخلط بين هذين الاصلين بين الطبع والشرع فاذا قرر الانسان المحاسن والمقابح في ابواب التعبد والشرع بطبعه فان هذا فان هذا زندقة ومن نظر الى مواضع الطبع في احوال الناس والتمسها بالشرع المجرد على سبيل الاستدامة فهذا روشة ليست بمحمودة والشارع انما بين الاخذ بين هذين الامرين بالنصيب الذي قدره بالنصيب الذي قدره الشارع. نعم اليك وعن سعد ابن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن ابي ادريس الخولاني عن ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن عن الله تبارك وتعالى انه قال يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. يا عبادي كلكم ضال الا من هديته. في هذا الخبر القدسي من كلام الله سبحانه وتعالى قول الله جل وعلا يا عبادي والنداء من الله جل وعلا لعباده بمثل هذه الصيغة فيها تعظيم للعباد والاصل في مثل هذا ان السيد يأمر عبده امرا والندا بمثل هذه الصيغة فيها نوع التلطف وتودد وتحبب الى العباد وذلك لما كرم الله جل وعلا به عباده من الانس والجن عن غيره بما وهبهم الله جل وعلا به من اسباب وهبهم الله جل وعلا من اسباب المكارم. مما يحق التكريم واعظم ذلك العقل الذي امر الله جل وعلا الانسان ان يجعله نيرا في طريق تحقيق مصالح دينه ودنياه يا عبادي ونادى الله جل وعلا العباد باشرف اسم وجعله منسوبا اليه فما قال يا ايها العباد وانما قال يا عبادي وهذا تشريف ان وصفهم الله جل وعلا وسماهم باعظم احب اسم وهو العبودية ونسبها اليه جل وعلا يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وهذا غاية العدل والانصاف فان من تمام العدل وكماله ان الانسان اذا امر بامر ان يقوم به بنفسه امتثالا واذا نهى غيره عن شيء ان يخص نفسه بالنهي ولهذا من نظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما حرم امور الجاهلية ابتدأ بمن حوله فقال عليه الصلاة والسلام الاوان ربا الجاهلية موضوع. واول ربا اضع ربا عمي العباس يعني انه وان كان قريب مني فاني اضعه وان كان العباس عليه رضوان الله تعالى هو من اقل الناس تعاملا في مثل هذا ولكن النبي عليه الصلاة والسلام اراد التخصيص هنا حتى يبين ان الحكم عام ونحن اولى بالامتثال منه. واعظم ما يكون البغي في ذلك ان يأمر السلطان بامر واول من يحيد عنه هو. فان هذا من مواضع التمرد وخرم الامر وعدم انضباط الناس ولهذا كان عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى يأمر بنيه قبل ان يأمر غيرهم وذلك ان الناس ينظرون اليهم والله سبحانه وتعالى تلطف وتودد لعباده والظلم لا يمكن ان يكون منه جل وعلا قال سبحانه وتعالى اني حرمت الظلم على نفسي وفيه اثبات صفة النفس لله جل وعلا كقوله سبحانه وتعالى تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما وفيه جواز الحاق صفة التحريم بغير الممكن اصلا وهذا جائز لغة وشرعا اني حرمت الظلم على نفسي والظلم هو وضع شيء في غير موضعه وهو على انواع او على نوعين ظلم الانسان لنفسه وظلم الانسان وظلم الانسان لغيره. ظلم الانسان لنفسه هي الذنوب واعظمها هو الاشراك بالله جل وعلا كقوله لقوله سبحانه وتعالى على لسان العبد الصالح لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم وفي النوع الثاني هو ظلم الانسان لغيره في سائر انواع الظلم الثلاثة وعشرة انواع ظلم في الاموال وظلم في الانفس وظلم في الاعراف اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما والمراد بالظلم هنا هو ظلم الغير. والدليل على ذلك انه قال وجعلته بينكم يعني في التعامل بينكم في هذه الانواع الثلاثة ويخرج من هذا النوع الاول. ويتضمن ذلك جملة من المعاني هي داخلة في النوع الاول من سؤال الله جل وعلا بالعبادة وقوله سبحانه وتعالى وجعلته بينكم محرما فلا تظالم وهذا تأكيد على تحريم الظلم بسائر انواع الظلم وانما خص الله جل وعلا ظلم الغير هنا بهذه الخصيصة وبين مقداره لانه اعظم ما يهلك العباد. اعظم ما يهلك العباد عند الله جل وعلا ما بمظالم الناس وذلك ان اسباب التكفير كلها من الاستغفار والتوبة والحسنات التي تكفر السيئات ودعاء الغير والمصائب والهموم التي تلحق بالانسان وغير هذه المكفرات لا تكفروا هذا النوع من المظالم. وانما الذي يكفره واعادة الحقوق الى اهلها. ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام من كانت عنده مظلمة لاخيه كما في الصحيح فليتحلله منها ما قال فليستغفر فليتحلله منها من قبل ان يأتي يوم لا دينار فيه ولا ولا درهم. ويقول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث عبد الله ابن انيس قد رواه الامام احمد من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل عن عبدالله عن عبدالله بن انيس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما فيناديهم الله جل وعلا بصوت يسمعه منبعه كما يسمعه منقره. فيقول انا الملك انا الديان لا ينبغي لاحد من اهل النار ان يدخل النار وعنده لاحد من اهل الجنة وله عند احد من اهل الجنة حق حتى اقصه منه حتى اللطمة. ولا ينبغي لاحد من اهل الجنة ان يدخل الجنة وعليه لاحد من اهل النار حق. حتى ومنه حتى اللطمة. قالوا يا رسول الله كيف وانا نأتي الله جل وعلا حفاة عراة؟ قال بالحسنات والسيئات. يكون ذلك بالحسنات والسيئات. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح الامام مسلم حينما سأل اصحابه مبينا لهذا الاصل ما تعدون المفلس بكم؟ قال المفلس بنا ما لا دينار له ولا متاع؟ قال المفلس من يأتي يوم القيامة باعمال كالجبال ويأتي وقد ضرب هذا ولطم هذا اخذ مال هذا وسفك دم هذا وهذه كلها تتعلق بهذا النوع من الظلم وكلها من الذنوب ما قال شرب الخمر وما قال زنا وانما ذكر ما يتعلق في امور الناس وهذه المظالم فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فان لم يكن حسناته اخذ من سيئاته فطرحت عليه ثم طرح في النار وهذا غاية العدل وحقوق العباد مبنية على المشاحة وحق الله جل وعلا مبني على المسامحة فاذا اطلقت مشيئة الله سبحانه وتعالى ان الله جل وعلا اذا شاء غفر لعبد وشاء لم يغفر له فالمراد بذلك هي ما كان من حق الله جل وعلا المحض. اما ما كان من حقوق العباد فالله جل وعلا بين هذا المقدار وحكم فيه انه انه جعله بين العباد محرما فلابد فيه من القضاء. من الدما بالتحلل او القصاص. الاموال لابد من الاعانة او القصاص او اقامة الحد وما يتعلق في ابواب الاعراض من التحلل او القصاص ويخرج من هذا ما لا حد فيه من الغيبة والنهي فانها اذا لم تبلغ الانسان فان الانسان يستغفر ويتوب ويدعو الله جل وعلا ويدعو الله جل وعلا للمغتاب. وقد جاء في ذلك بعض الاخبار في هذا ولا يثبت منها ولا يثبت منها منها شيء. ولبيان مقدار خطورة هذا النوع من الظلم جعل الله سبحانه وتعالى المجاهد في سبيل الله ومرتبته في ذلك عظيمة جليلة القدر. والشهيد يغفر له كل ذنب اقترفته يمينه الا الدين وهذا مطلق في سائر انواع الذنوب. والدين وان كان دينارا او درهما. فان الله جل وعلا لا يغفر للانسان حتى يؤدى يؤدى عنه قال سبحانه وتعالى كلكم ضال الا من هديته الظلال المقصود به هو مع عدم معرفة الحق ولهذا وصف الله سبحانه وتعالى نبيه جل وعلا في سورة الضحى وجدك ضالا فهدى والمراد بالضلال هنا في وصي بمحمد صلى الله عليه وسلم هو ان يكون بين قوم ضلال ولم يعرف الحق بدليله فانعم الله جل وعلا عليه بهذه الهداية. وهذا النور. وليس المراد بذلك هو الوقوع في الخطأ فعدم علم الانسان بمواضع الهداية ومواضع الحق وان لم يقترف شيئا من مواضع الضلال فانه يطلق عليه في لغة العرب ضالا. وهذا قبل ان يستعمل هذا الاصطلاح في في كلام العلماء وكذلك في اغلب كلام القرآن كذلك ايضا في في اصطلاح الناس ان يطلق هذا الامر على من انحرف وحاد مع العلم وهذا غالب غالب الاستعمال ولكنه يجوز في لغة العرب ان يوصف الانسان بالضلال في حال عدم معرفة علمه كالانسان الجاهل وهو على انواع. من هو؟ منهم من هو جاهل جهل بسيط ومنهم من له جهل جهل مركب ويتدرج في هذا الانسان في ابواب في ابواب الضلال. ومن من الله عليه سبحانه وتعالى بالهداية الله جل وعلا عليه بالانعام والرشاد والتوفيق والخير وفي هذا اشارة الى ان دلالة الفطرة لا تدل الانسان على مواضع مواضع الخير المقصودة هنا في عدم العلم في قوله كلكم ضال. الفطرة تدل الانسان على الاصول لكنها لا تعلمه ان صلاة الظهر اربعا وصلاة العصر اربعا واوقاتها وتدلها ايضا على مقادير الحسنات ومواضع السيئات كبائر وصغائر هذا لا الا الا من من علم الله سبحانه وتعالى والعلم الشرعي. ولكن من جهة الاصل يعلم الانسان من جهة الاصل ان الخالق له حق العبادة والمخلوق له حق الاحسان وعدم الاذية وعدم الاظرار به في اي نوع من انواع الاظرار. فاذا علم الانسان ان الاصل فيه الظلال والله جل وعلا هداه. هذا السبيل بدلالة وبدلالة الشرع وما انعم الله جل وعلا به على هذه الامة بهذا الدين المحفوظ فهو اعظم نعمة على الاطلاق قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي. والمراد بالنعمة هو الاسلام الذي انعمه الله جل وعلا به على هذه الامة وحفظه الى الى يوم الدين. نعم احسن الله اليك يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم في هذا في قوله جل وعلا يا عبادي تكرار هذا فيه ما تقدم من بيان التودد والتلطف من الله جل وعلا لعباده وهو غني عنهم. وهو مفتقرون اليه تمام وكماله والله جل وعلا غني عن خلقه كمال الغناء. ومع هذا تودد الله جل وعلا لعباده بمثل هذا النداء يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمت. فاستطعموني اطعمكم. هذا ذكر الوصف كلكم جائع اشارة الى ان ابواب الارزاق لا تكون من جهته الاصل بسعي الانسان وضربه السعي المجرد وذلك ان الله سبحانه وتعالى هو الرازق وانما هي مواهب من الله جل وعلا يقسمها بين الناس وذلك لما كان من الانسان هذا الجوع وكان الرزق موهبة من الله سبحانه وتعالى واحسان وجب عليه ان يسأل الله جل وعلا ذلك الموهوب وهو الطعام وان من لم يوفقه الله جل وعلا لو ظرب في الارظ ما تحقق له ما تحقق له ما اراد كذلك ايضا فان الناظر الى احوال الناس يجد ان الذي يضرب في الارض ان ظربه ذلك لا لا يلزم منه التكثر بالمال وان هذا لا تلازم بينه وبين اللهث والسهر في كسب المال. فكم من الناس في داره ويرزق كما ترزق الطير. وكم من الناس يسهر ويصل الليل بالنهار وهو من اهل الفقر والفاقة. وربما كان عكس ذلك لو بقع في داره لسلم من حاجات الناس وديونهم وهذا امر وهذا امر مشاهد مما يدل على ان هذه الاسباب هي اسباب حسية امر الله جل وعلا بالسعي فيها ولكن اذا تجردت من التوكل عن الله سبحانه وتعالى حرم الله جل وعلا الانسان اما ذات المال ذات الخير او ابه ذلك الخير وحرمه الانتفاع منه تمام النفع. فيجد الانسان المحروم الذي يضرب في الارض ولم يعطى مالا ويسأل الله جل وعلا رزقه الله جل وعلا من المتعة والقناعة بالقليل. ويجد في نفسه من القناعة والرضا ما لا يجده صاحب المال وهذا امر وهذا امر لا يدركه لا يدركه الا الا من وقع فيه. وانما المراد هنا في الجوع هو الجوع حسي وفي قوله جل وعلا كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم. المراد من هذا كله تعريض بامر الدعاء. ان يتضرع الانسان لله سبحانه وتعالى وان يدعوه. ولهذا ذكر الله جل وعلا حال الظلال وانه ينبغي للانسان ان يستهدي الله جل وعلا وذكر الله جل وعلا امر الجوع وذكر الله جل وعلا امر العري وان الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق العباد هذه الاشياء استهدوني اهدكم فاستطعموني اطعمكم فاستكسوني اكسكم. وهذا فيه اشارة الى الى تعريض الله سبحانه بامر الدعاء واهمية الدعاء وانه ينبغي للانسان ان يسأل الله جل وعلا حاجته وان يشكر الانسان الله سبحانه الانسان الله سبحانه وتعالى على احسانه فذلك الشكر موجب موجب للمزيد. نعم كذلك فان الانسان حينما ذكر الله سبحانه وتعالى جوعه يدل على ان الاصل فيه الجوع وان الاصل فيه العري وان الله جل وعلا يسر له الاسباب كما ان الاصل فيه الضلال فالاصل فيه الجوع. وان الله جل وعلا يحسن اليه. وهذا ملموس فان الاصل في حال الانسان العري فانه يولد والاصل في حال الانسان انه لا يرزق. وانما الرزق طارئ والاصل في ذلك العدم وهذا موجود ولهذا تجد المال يأتي منك يأتي اليك ويذهب منك. فالاصل فيه الذهاب وهذا فيه اشارة الى نعمة الله سبحانه وتعالى بالانسان حتى يستشيرها كل ما جاء وذهب على سائر انواع على سائر انواع الموهوبات من الله سبحانه وتعالى سواء في ابواب في ابواب الكساء او سواء في ابواب الهداية او سواء ايضا في ابواب في ابواب الاطعام نعم يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار. وانا اغفر الذنوب جميعا. فاستغفروني اغفر لكم. وفي هذا اشارة لما فطر عليه الانسان من الخطأ والزلل وذلك للنقص الموجود فيه وما غرسه الله جل وعلا في نفسه مما يناقض مما يناقض وازع الشرع فالنفوس ربما تتجوف الى بعض شهواتها ولذاتها فاذا لم يعطرها الانسان بالدين تسورت على المحارم فبقدر ضعف وازع الانسان في في دينه يتسور على المحارم من ابواب الصغائر والكبائر وما من احد من الخلق الا ويقع في ذنب وهذا وهذا ظاهر في قوله سبحانه وتعالى يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار. وانا اغفر الذنوب جميعا وهذا اقرار من الله سبحانه وتعالى بالامرين بوقوع الخطأ من العباد وهذا امر سائق كذلك ايظا التعرظ للمغفرة فاستغفروا وفيه اشارة الى ان الله سبحانه وتعالى يغفر للعبد ان استغفر وان وقع في الذنب ورجا المغفرة من غير استغفار ان او في الاغلب لا يتحقق له ذلك انه لا يتحقق له ذلك وفي آآ استغفار الله جل وعلا اظهار ضعف الانسان لله سبحانه وتعالى وفيه اشارة ايضا الى قدرة الله جل وعلا. وكماله وسعة فضله. نعم. يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. وفي هذا بيان لاسلوب من الخطاب عظيم وذلك ان الله جل وعلا حينما بين هذا التودد لعباده بهذه المناداة التعرظ منه سبحانه وتعالى لي بطلب الاستنفار والسؤال وهذا غاية الاحسان والفضل من الخالق جل وعلا ان يعرظ الانسان على عباده حاجتهم فليسألوا فناسب ان يأتي بعد ذلك بيان ان ما ذكر لا يعني حاجة من الله جل وعلا لعباده وان الله سبحانه وتعالى كامل كمالا تاما في هذا الباب وغيره فيناسب الانسان الذي يتنزل في الحديث لمن دونه حتى لا يظن انه تنزل لبيان حاجته اليه او ظعفه امامه ان يبين انه في كلامه هذا توددا وحبا وان هذا لا يلزم استصغاره عنده ولهذا قال الله سبحانه وتعالى مبينا هذا الامر يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني سواء سألتم او اذنبتم اعطيتكم او لم اعطيكم لم تبلغوا ضري فتضروني. وهذا مناسب لما تقدم من التعرض لرزق عباده جل وعلا. نعم نعم احسن الله اليك يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. وهذا مناسب لما تقدم من من الاشارة الى تحريم الظلم وذلك انكم لو انسقتم الى هذا الامر واستجبتم لهذا النداء فكنتم على درجة من التقوى واحدة ان اولكم واخركم واول الدنيا الله اعلم بزمنه واخرها الله اعلى وبانتهائه انسكم وجنكم كانوا على اتقى رجل واحد بالسؤال والانضباط والامتثال لامر الله سبحانه وتعالى ان ذلك لا يزيد في ملك الله جل وعلا جل وعلا شيئا. ومن نظر الى الى هذا الامر من الله سبحانه وتعالى متظمن يجد انه متظمن للتعريض بالسؤال وذلك ان الانسان حين حينما يبين ما له لمحتاج بين يديه اشارة الى انه اسأل فاذا كان يتحلى بالكرم والاحسان ويذكر ما له عند محتاج وغناه فانه لا يليق به ان يذكر ذلك حتى يقع في قلب المحتاج الغل والحسد واهل المكارم يريدون بذلك التعرظ للسؤال والحاجة حتى يحسن اليهم وتلمس مواضع الحاجة. ولهذا ذكر الله سبحانه وتعالى كمال غناه عن عباده كلهم. وانما خص الله سبحانه وتعالى الثقلين الانس والجن. هل لانهم مكلفون فقط او انهم لا يوجد مخلوق يسأل الله جل وعلا كحال بني ادم يقال ان الخطاب في الشريعة موجه للانس والجن. لقوله سبحانه تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. اما من يسأل الله جل وعلا ممن يتعبد له في هذه الارض ربما في ذلك من الخلق ما لا يحصى ممن يتعبد لله جل وعلا بالعبادة التي يتعبد بها يتعبد بها الانس والجن وقد روى الطبراني من حديث سلمان الفارسي ان النبي عليه الصلاة والسلام قال ما من رجل في فلاة يؤذن ويقيم ثم يصلي الا صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طرفه يعني ما لا يرى حده في قوله عليه الصلاة والسلام هنا صلى خلفه من خلق الله اشارة الى انهم ليسوا بانس وهذا يقين ومن خلق الله اشار الى تنوعهم ولو كانوا جنا لذكر جنسا واحدا وهم الجن وانما ذكر من خلق الله. وقول هنا صلى خلفه يعني بصلاته وهو امامهم يعني انهم يأتمرون ولديهم من الادراك والانصياع مما يدركون معه حال ذلك الامر مما يدل على ان خلق الله جل وعلا مما لا يحصيه محصي وذلك مرده وامره الى الله سبحانه وتعالى وذلك ايضا من تأمل عظمة هذا الخالق ناسب كثرة وتنوع العباد والعباد المتضرعون والمتذللون له سبحانه وتعالى. لا لحاجة وانما لعظمة الخالق سبحانه وتعالى وذلك ان البشر الانس والجن هم اضعف من ان ينفردوا بعبادة الله سبحانه وتعالى فالله جل وعلا له من خلقه ما ذكرهم الله جل وعلا في كتابه كالملائكة وما من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تقاهون تسبيحهم سواء من الجمادات وغير ذلك وغير ذلك من المكلفين ممن لا يعلمهم مما لا يعلمه بشر. نعم. يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. وفي هذا اشارة الى ان ضرر الانسان على نفسه ان احسن فلها وان اساء فعليها سواء كانوا فردا او جماعة سواء تواطؤوا او لم او لم يتواطؤوا فان ذلك لا لا ينقص من لا ينقص من ملك الله جل وعلا شيئا. نعم احسن الله اليك يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني عطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي لا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر. والمراد من اشارة الى ضعف ادراك الانسان وعدم علمه وعدم علمه بعظمة الله سبحانه وتعالى على الحقيقة فاذا جهل الانسان سؤله ومقداره الذي ومقدار ذلك السؤل الذي يسأله الله جل وعلا فاستعظمه في نفسه دل على انه ما عرف الله جل وعلا وقدره حق قدره والانسان كلما تعلق بشيء استعظمه ولو كان حقيرا والله سبحانه وتعالى بين ان العباد ان اجتمعوا كلهم وسألوا ما سألوا ان ذلك لا ينقص الله جل وعلا وخزانه شيئا الا كما ينقص المخيط او المخيط اذا وضع في البحر وهو الابرة التي توضع في اليم ثم تخرج فبماذا تخرج بماء او رطوبة ان الانسان لا يفرق بين ابرة قد وضعت في بحر او او ابر او ابرة وضعت في في تراب الا ما يجده مما علق بالتراب وذلك ان الابرة لا تمسك معها من الماء من الماء شيئا اه وهذا اذا كان في بحر اذا كان في بحر فكيف اذا كان ذلك في ملك الله سبحانه وتعالى الذي لا يدركه لا يدركه ولا يحصيه الا الا الله جل وعلا هذا اشارة الى ان الانسان ينبغي ان يسأل ولا يستعظم شيئا. ولا يسأل الا خيرا. ولا يتعلق بقلبه بالدنيا فانه الى اجل سينقضي ويقبل على الله سبحانه وتعالى وانما يسأل من الدنيا بقدر بقدر ما يتزود به في دنياه الى اخرته نعم احسن الله اليك يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه. في هذا اشارة الى ان الاعمال تحصى الصغير والكبير في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. اختلف العلماء في الذنوب التي يغفرها الله جل وعلا لعبده هل يسأل عنها الانسان يوم القيامة؟ يسأل عن كل ذنب فلا يعاقبه الله جل وعلا على على ذنب آآ والا على ذنب لم يغفروا عليه. ذهب بعض العلماء الى ان الانسان اذا استغفر من الذنب ان الله جل وعلا لا يمحوه عنه من صحيفته فيسأل عنه يوم القيامة. ولكن لا يعاقب ويعذب به واما الذي يغفره الله جل وعلا واما الذي لا يغفره الله جل وعلا فيسأل عنه ويقرر به ويعذب عليه اذا لم يرد الله جل وعلا غفران ذلك الذنب. وقد ذهب الى الاول بعض السلف كالحسن البصري وغيره وذهب جماهير العلماء الى ان التائب من الذنب كمن كمن لا ذنب لا ذنب له وقوله هنا فمن وجد خيرا فليحمد الله اشارة الى استحباب الحمد حتى في اعمال البر حتى في اعمال البر فاذا كان هذا في الامر الاجل فهو في العاجل الذي يثاب عليه الانسان. فينبغي على الانسان ان يحمد لان يحمد الله جل وعلا ان وفقه الى شيء من انواع الطاعات من العملية والقولية وذلك لتضمنه نوع من الشكر فالحمد نوع من انواع الشكر ووجه من وجوهه ان يشكر المنعم على ما يسر الله جل وعلا له من هذه العبادة في سر له الوقت ويسر له صحة البدن فاعانه على اداء هذه العبادة حتى يوافقه الله جل وعلا على الاتيان بمثلها قوله هنا فلا يلومن الا الا نفسه. يعني ان الانسان لا يمكن ان يرجع امر لومه الى نفسه الا وقد قامت الحجة عليه وذلك لقيام الوازعين وازع الشرع ووازع الطبع فاذا اجتمع في الانسان قويت الحجة عليه وبقدر ادراك الانسان للعلم الشرعي بقدر قيام الحجة عليه وبقدر تقصيره في ابواب تحصيل العلم مع امكانه له بقدر ما يحاسبه الله جل وعلا على تقصيره ويقع اللوم يقع اللوم على نفسه والشرع لا يلوم النفس الا والنفس تملك التمييز بين الخير والشر. وتملك الاقدام والاحجام. واما النفس التي تؤطر وتقرأ على ذلك فالله جل وعلا لا يكلف نفسا الا وسعها ولا يكلف نفسا الا الا ما اتاها. نعم. احسن الله اليك قال سعيد كان ابو ادريس الخولاني اذا حدث بهذا الحديث جثى على ركبتيه وذلك لما فيه من المعاني العظيمة التي لو تأملها الانسان لتحير في حق ذاته وكذلك في عظمة الله سبحانه وتعالى التي لا يمكن للانسان ان ان يصل الى الى حقيقتها فهذا الكون العظيم اه الذي اه له من الدقة والتنظيم منذ ان خلق الله جل وعلا البشرية يسير في نظام دقيق جدا لا يمكن ان يفعل الانسان ذلك النظام في يوم واحد على تلك الدقة فكيف على مر هذه العصور بهذه الافلاك تسير بنظام تام دقيق والخالق جل وعلا والخالق جل وعلا يسيرها. وهذا دليل على كمال القدرة وضعف الانسان الذي يظن ان المخلوقات انما هي موضع قدميه. او هذه الارض التي هي عليها وما هي الا ذرة من ذرات ما هي ذرة الا من ذرات الكون التي خلقه الله جل وعلا تعالى الله سبحانه وتعالى وجل وعظما. نعم وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فان الشح اهلك من كان قبلكم املهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم. في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الظلم التقوى هي الامر المجانبة والاحتراز من فعل شيء مما لا يجوز فعله وانما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم والمراد بذلك هو ظلم الغير وهو على الانواع الثلاثة التي تقدم الاشارة اليها في الحديث السابق. وآآ الظلم هو من اعظم المهلكات التي توبق الانسان وقد تقدم الاشارة الى هذا. وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على اتقاء الشح والمراد بالشح هو ايثار النفس على غيرها في سائر انواع الحظوظ سواء كان ذلك في الاموال او كان ذلك في غيرها من امور الجاه وغير ذلك. فان الدماء لم تسفك الا بسبب الشح. ان يستأذن الانسان بمال على غيره فيقاتله عليه. او يستأذن الانسان بجاه وهذا نوع من انواع الشح قاتل عليه فتصفك لذلك الدماء وقد اشار النبي عليه الصلاة والسلام الى هذا الامر في حال الامم السابقين. فكلما وقع الانسان الايمان في قلب الانسان زهد في هذين الامرين قصد العظيمة وهي اقامة شعائر الله جل وعلا وما نظر الى حظي الى حظ ذاته والشح باب دقيق يظنه الناس بالاموال وهو ايضا في المعاني من حظوظ النفس من حب مدح الغير والثناء عليهم وتوقي المذام فاذا جعل الانسان هذا الامر خاصا بنفسه ولم يقدم عليه حظ الدين واقامة في شعائر الله سبحانه وتعالى استحق المقت من الله سبحانه وتعالى ووقع لديه الخلط في ابواب الموازنة في امور في امور الاموال وامور الجاه والرئاسة واعظم المهلكات في سائر العصور هو هذا الباب وهو باب الشح ان يشح الانسان بجاهه على غيره او يشح الانسان برئاسة اهل غيره او يقاتل على الجاه فيقاتل عليه فتسفك في ذلك الاف الدماء او ملايين الدماء تعلقا بهذا الباب من الشح والحظ في ذلك حظ الذات لا عصمة الدماء وان تستر بي وان تستر بالدين او تستر او تستر بحقن الدماء. فالمرد في ذلك هو الى ما في قلب الانسان من يقين ومراقبة لله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليك وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتؤدن الحقوق الى اهلها يوم القيامة. حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا لتؤدون الحقوق الى اهلها يعني لابد من الوفاء يوم القيامة وليس بالقصاص وانما يكون بالحسنات والسيئات. لهذا وهذا فيه اشارة ضمنية الى وجوب المسارعة بالتحلل من حقوق الاخرين في امور الاموال والدما والاعراض او الاستيفاء ان كان لهم حق في ذلك الاموال تعاد والدما لابد في ذلك من قصاص فيما يجب فيه القصاص بحسب المقدر شرعا والاعراض في ذلك ما يجب فيه القصاص او التحلل من الناس ذكر النبي عليه الصلاة والسلام للقصاص الذي يكون بين البهائم متظمن لي ان هذه البهائم فيها نوع تكليف فيها نوع فيها نوع تكليف والتكليف لا تخاطب بالعبادات وانما تخاطب في حقوقها فيما بينها فيما بينها لا تعتدي بهيمة على اخرى. قد يقول قائل اذا ما حال الاسد وما حال الحيوانات المفترسة وهي مجهولة مخلوقة لان تعتدي على دماء غيرها يقال ان هذه البهائم جعل رزقها في مثل هذا الموضع في مثل هذا الموضع كما يجعل رزق الانسان في الشاة يذبحها وفي الناقة ينحرها ليأكلها بخلاف التعدي والعدوان فالتعدي والعدوان يحاسب يحاسب عليه الانسان والبهائم فيما بينها على الباب المقدر من ابواب من ابواب العدوان وهذا غاية عدل الله سبحانه وتعالى وفي هذا ايضا ان البهائم تعلم من حامل شأنها وحقوقها ربما ما لا يعلمه بنو ادم. وربما تعلم ايضا من امر الاخرة وقيام الساعة ما لا يعلمه بنو ادم تقدم الاشارة الى هذا الامر والحديث فيه فيه اشارة الى غاية لله سبحانه وتعالى وتمام الانصاف بين العباد وان الله جل وعلا لا يفوت لعبد حقا ويوم القيامة فالنفوس تريد المزيد بالمراتب وتريد النجاة فان الانسان اذا اقبل على ميزان لا يدري هل يزيد ام ينقص فيقول لمن له عليه حق اعطني حسنة واعطني وخذ سيئة لان امامه ميزان فلا يدري ما حاله ولهذا حقوق العباد مبنية مبنية على المشاحة. وحق الله جل وعلا مبني على المسامحة فينبغي للانسان ان يتحلل من حقوق العباد وان يبادر بالوفاء واعادتها الى اهلها حتى يسلم له تسلم له حسناته. ويغفر الله جل وعلا له زلاته بهذا القدر كفاية والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد