قال ابن الكلبي في حديث جذيمة والزباء وهو جريمة الابرش والزباء التي ذكرها عدي ان جريمة الابرش ملك بعد ابيه وكان جريمة من افضل ملوك العرب وابعدهم مغارا واشدهم نكاية. واول من استجمع له الملك ارض العراق وكان به برص فكانت العرب تكره ان تسميه او تنسبه اليه اعظاما له فقيل جريمة الابرش وجريمة الوضاع وكانت منازله بين الحيرة والانبار وعين التمر وبقت وناحيتها وكانت تجبى اليه الاموال وكان غزا قسما وجديسا في منازلهم فاصاب حسان بن تبع بن اسعد بن ابي كرب قد اغار على قسم وجديس باليمامة فانكفأ راجعا واتت سرية تبع على خير جريمة فاجتاحها وبلغ جريمة خبرهم فقال ربما اوفيت في علم ترفعن ثوبي شمالات في فتو انا رابئهم من كلال غزوة ماتوا ليت شعري ما اباتهم. نحن ادلجنا وهم باتوا. ثم ابنى غانمين عام واناس بعدنا ماتوا. نحن كنا في ممرهم. اذ ممر القوم خوان وفي ملك جريمة ومغازيه العرب يقول الاول واضحى جريمة في يبرين منزله قد حاز ما جمعت في دهرها عادوا. وكان ملك العرب يومئذ بارض الجزيرة ومشارق بلاد للشام عمرو بن الظرب بن حسان بن اذينة بن السميدع بن هوبر العاملي فجمع جريمة جنوده من العرب فسار اليه يريد غزاته واقبل عمرو ابن الظرب بجموعه من الشام فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل عمرو بن الظرب وفظت جنوده وانصرف جريمة بمن معه. غانمين فقال في ذلك الاعور بن عمرو بن هناءة بن مالك بن فهم الازدي كأن عمرو ابن تورنا لم يعش ملكا ولم تكن حوله الرايات تختفق لقد جذمت في شعواء مشعلة فيها خرافيش بالنيران ترتشق ويقال ان الزباء رومية ولذلك قال عدي مخالفة بنت الرومي زبا. فملك بعد عمرو ابن الظالب ابنته الزباء واسمها نائلة وكان في جنودها بقايا من العماليق والعاربة الاولى وسليح وتزيد ابن حلوان ابن عمران ابن الحاف ابن قضاعة ومن كان معهم من قبائل قضاعة وكان للزباء اخت تسمى زبيبة. فبنت لها قصرا حصينا على الفرات الغربي تشكو عند اختها وتربع ببطن النجار. وتصير الى تدمر فلما اجتمع لها امرها اجمعت لغزو جزيمة الابرش تطلب ثأر ابيها فقالت لها اختها زبيبة وكانت ذات رأي ودهاء وارب. ان غزوتي جزيمة فانما هو يوم له ما بعده ان ظفرت اصبت ثأرك وان قتلت ذهب ملكك. والحرب سجال وعثرتها لا تستقال وان كعبك لم يزل ساميا على من ناوأك ومن قصد لك ولم تر البؤسا. ولا تدرين لمن تكون العاقبة ولا على من تدور الدائرة فقالت لها الزباء قد اديت النصيحة والرأي ما رأيت وانصرفت عما اجمعت عليه من غزو جريمة وارادت ختلة فمكرت به وكتبت اليه انها لم تجد ملك النساء الا الى قبح في السماء وضعف في السلطان وانها لم تجد لملكها موضعا ولا لنفسها كفوا فاقبل الي وتقلد امري وصل ملكي بملكك وبلادي ببلادك وزعم حماد وابو عمرو وابو عبيدة ان جريمة هو الذي كتب اليها واراد تزوجها فلما انتهى كتاب الزباء الى جريمة وقدم عليه رسلها استخفه ما دعت اليه ورغب فيها وفيما اطمعته فيه فجمع اهل من ثقات اصحابه وهو بالبقة من شاطئ الفرات فعرظ عليهم ما دعته اليه الزب وعرضته عليه واستشارهم في امره فاجمع رأيهم على ان يسير اليها ويستولي على ملكها وكان فيهم رجل يقال له قصير وهو قصير بن سعد بن عمرو بن جريمة بن قيس بن رب بن نمارة بن لخ وكان حازما اثيرا عنده وناصحا له فخالفهم فيها. وفيما اشاروا به عليه. وقال رأي فاتر وغدر ظاهر فرادوه في الكلام ونازعوه الرأي وقال اني لارى امرا ليس بالخساء ولا الزكا فذهبت مثلا. وقال لجزيمة اكتب اليها فان كانت صادقة فلتقبل اليك. والى فلما تمكنها من نفسك؟ ولم تقع في يدها وقد وترتها وقتلت اباها فلم يوافق جريمة ما اشار به قصير وقال قصير اني امرؤ لتميل العجز ترويتي اذا انا دون شيء مرة الودم مثل تضربه العرب فقال جزيمة لا ولكنك امرؤ رأيك في الكني لا في الضحك فذهبت مثلا ودع جريمة ابن اخته عمرو بن عدي فاستشاره فشجعه على المسير وقال ان نمارة قومي مع الزباء ولو قد رأوك صاروا معك فاطاعه جريمة وعصى قصيرا. فقال قصير لا يطاع لقصير امر وفي ذلك يقول نهشل بن حري الدارمي ومولى عصاني واستبد برأيه كما لم يطع بالبقتين قصير وقالت العرب ببقة ابرم الامر فذهبت مثلا واستخلف جريمة عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه وجعل عمرو بن عبدالجن معه على خيوله تارة في وجوه اصحابه فاخذ على الفرات الجانب الغربي فلما نزل الفرضة دعا قصيرا فقال له من رأيك قال ببقة تركت الرأي والامر فذهبت مثلا واستقبلته رسل الزباء بالهدايا والالطاف فقال يا قصير كيف ترى وقال خير يسير في خطب كبير فذهبت مثلا وستلقاك الخيل فان سارت امامك فهي صادقة. وان اخذت جنبتيك فان القوم غادرون بك. فاركب العصا كانت فرسا لجزيمة لا تجارى. فلقيته الخيول والكتائب. فحالت بينه وبين العصا فركبها قصير فنظر اليه جريمة موليا فقال ويل امه حزما على ظهر العصا فذهبت مثل فجرت به الى غروب الشمس فنفقت وقد قطعت ارظا بعيدة فبنى عليها برجا يقال له برج العصا فقالت العرب خير ما جاءت به العصا. وصار جذيمة وقد احاطت به الخيول حتى دخل على الزباء فلما رأته تكشفت فاذا هي مظفورة الاسب محتبية بشعرها فقالت يا جذيم اداة عرس ترى قال بلغ المدى وجف الثرى وامر غدر ارى فقالت لا والهي ما من عدم مواس ولا قلة اواس ولكنها شيمة ما اناس فاجلسته على النطع وامرت بطست من ذهب فاعدت له وسقته من الخمر حتى اذا اخذت منه مأخذها امرت براهشيه فقطعا. وقدمت اليه الطسط. وقد قيل ان قطر من دمه في غير الطست طلب بدمه. وكانت الملوك لا تقتل بضرب الاعناق. الا في قتال تكرمة للملك فلما ضعفت يداه سقطتا فقطر من دمه في غير الطست فقالت لا تضيعوا دماء الملوك فانها شفاء من الخبل والجنون