ما وراءك يا عصام قال المفضل اول من قال ذلك الحارث بن عمرو ملك كندة وذلك انه لما بلغه جمال ابنة عوف ابن محلم الشيباني وكمالها وقوة عقلها دعا امرأة من كندة يقال لها عصام ذات عقل ولسان وادب وبيان. وقال لها اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة محلم فمضت حتى انتهت الى امها وهي امامة ابنة الحارث اعلمتها ما قدمت له فارسلت امامته الى ابنتها وقالت اي بنية هذه خالتك اتتك لتنظر اليك فلا تستري عنها شيئا ان ارادت النظر من وجه او خلق وناطقيها ان استنطقتك فدخلت اليها فنظرت الى ما لم ترى قط مثله فخرجت من عندها وهي تقول ترك الخداع من كشف القناع فارسلتها مثلا ثم انطلقت الى الحادث فلما رآها مقبلة قال لها ما ورائك يا عصام قالت صرح المخض عن الزب رأيت جبهة كالمرآة المصقولة يزينها شعر حالك كاذناب الخيل ان ارسلته خلته السلاسل واما شطته قلت عناقيد جلاها الوابل وحاجبين كانما خط بقلم او سودا بحمم تقوسا عن مثل عين ظبية عبهر بينهما انف كحد السيف الصنيع حفت به وجنتان كالارجوان في بياض كالجمان شق فيه فم كالخاتم لذيذ المتبسم فيه ثنايا غر ذات اشر تقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان بعقل وافر وجواب حاظر تلتقي فيه شفتان حمراوان تحلبان ريقا كالشهد اذا دلك لرقبة بيضاء كالفضة وكبة في الصدر كصدر تمثال دمية. وعضدان مدمجان يتصلان بهما ذراعان ليس فيهما عظم ولا عرق يجس ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما لين عصبهما تعقد ان شئت منهما الانامل نتأ في ذلك الصدر ثديان كالرمانتين يخرقان عليها ثيابها تحت ذلك بطن طوي طي القباطي المدمجة كسر عكنا كالقراطيس المدرجة تحيط بتلك العكن سرة كالمدهن المجلو خلف ذلك ظهر فيه كالجدول ينتهي الى خصر لولا رحمة الله لانبتر لها كفل يقعدها اذا نهضت وينهضها اذا قعدت كانه دعس الرمل لبده سقوط الطل يحمله فخذان لفة كأنما قلبا على نضج جمان تحتهما ساقان خدلاتان كالبردتين والشية بشعر اسود كأنه حلق الزرد يحمل ذلك قدمان كحذو اللسان فتبارك الله مع صغرهما كيف يطيقان حمل ما فوقهما فارسل الملك الى ابيها فخطبها فزوجه اياها وبعث بصداقها فجهزت. فلما اراد ان يحملوها الى زوجها قالت لها امها اي بنية ان الوصية لو تركت لفضل ادب تركت لذلك منك ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ولو ان امرأة استغنت عن الزوج لغنى ابويها وشدة حاجتهما اليها كنت اغنى الناس عنه ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال اي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت. الى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فاصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا فكوني له امة يكن لك عبدا وشيك يا بني احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا وذكرا الصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة والتعهد لموقع عينه والتفقد لموضع انفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك الا طيب ريح والكحل احسن الحسن والماء اطيب الطيب المفقود والتعهد لوقت طعامه والهدوء عنه عند منامه فان حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة والاحتفاظ ببيته وماله والارعاء على نفسه وحشمه وعياله فان الاحتفاظ بالمال حسن التقدير والارعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير ولا تفشي له سرا ولا تعصي له امرا فانك ان افشيتي سره لم تأمني غدره وان عصيت امره اوغرت صدره ثم اتقي مع ذلك الفرح ان كانت رحا والاكتئاب عنده ان كان فرحا اين الخصلة الاولى من التقصير والثانية من التكدير وكوني اشد ما تكونين له اعظاما. يكن اشد ما يكون لك اكراما. واشد ما تكونين له موافقة يكن اطول ما تكونين له مرافقة واعلمي انك لا تصلين الى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك. وهواه على هواك فيما احببتي وكرهتي والله يخير لك فحملت فسلمت اليه فعظم موقعها منه وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا