قال حماد الراوية اتيت مكة فجلست في حلقة فيها عمر بن ابي ربيعة فتذاكروا العذريين فقال عمر كان لي صديق من عذرة يعرف بالجعد وكان يلقى مثل الذي القى من الصبابة بالنساء والوجد بهن على انه كان لا عاهر الخلوة ولا سريع السلوى وكان يوافي الموسم في كل سنة فغمني ذات سنة ابطاؤه اتى قدم حجاج عذره فاتيت القوم انشد صاحبي فاذا غلام قد تنفس الصعداء ثم قال عن ابي المسهر تسأل قلت عنه اسأل واياه اردت قال هيهات اصبح ابو المسهر لا يؤنس منه فيهمل ولا يرجى فيعلل اصبح والله كما قيل لعمرك ما حبي لاسمى اتارك نعيش ولا اقضي به فاموت فقلت وما الذي به فقال مثل الذي بك من تهوركما في الضلال وجركما اذيال الخسار فكأنما لم تسمع بجنة ولا نار قلت ومن انت منه قال اخوه وقلت اما والله يا ابن اخي ما يمنعك ان تسلك مسلك اخيك من الادب وان تركب منه مركبة الا انك وانهك البرد والبجاد لا ترقعه ولا يرقعك ثم صرفت وجه ناقتي وانا اقول رائحة حجاج عذرة وجهة ولما يهرح في القوم جعد ابن مهجع خليلان نشكو ما نلاقي من الهوى متى يقل اسمع وان قلت يسمع الا ليت شعري اي شيء اصابه؟ فلزفرات هجنا من بين اضلع فلا يبعدنك الله خلا وانني سالقى كما لاقيت في الحب مصرعي ثم وقفت موقفي من عرفات وبينما انا كذلك اذا انسان قد تغير لونه وساءت هيئته فادنى ناقته من ناقته حتى خالف بين اعناقهما ثم عانقني وبكى. وبكى حتى اشتد بكاؤه فقلت ما ورائك فقال برح العدل وطول المطر ثم انشأ يقول لان كانت عدية ذات لبي لقد علمت بان الحب داء. الم تنظر الى تغيير واني لا يفارقني البكاء واني لو تكلفت الذي بي تعفى الكلب وانكشف فالغطاء وان معاشري ورجال قومي حتوفهم الصبابة واللقاء اذا العذري مات خلي درع فذاك العبد يبكيه النساء فقلت يا ابا المسهر انها ساعة تضرب اليها اكباد الابل من شرق الارض وغربها فلو دعوت كنت قمينا ان تظفر بحاجتك وان تنصر على عدوك فتركني واقبل على الدعاء فلما تدلت الشمس للغروب وانفض الناس سمعته يتكلم بشيء فاصغيت اليه فاذا هو يقول يا رب كل غدوة وروحة من محرم يشكو الضحى ولوحة انت حسيب الخطب يوم الدوحة فقلت له وما يوم الدوحة قال والله لاخبرنك ولو لم تسألني تيممنا نحو مزدلفة فقال اني رجل ذو مال كثير من نعم وشاء وذو المال لا يصدره القل ولا يرويه الثماد واني خشيت عاما اول على مال التلف ونصر الغيث ارض كلب فانتجعت اخوالي منهم فاوسعوا لي عن صدر المجلس وسقوني جمة الماء وكنت فيهم في خير حال ثماني عزمت على موافقة ابلي بماء لهم يقال له الحوادات فركبت فرسي وصمدت خلفي شرابا فلما كنت بين الحي ومرعى الغنم رفعت لي دوحة عظيمة. فنزلت عن فرسي وشددته في بعض اغصانها وجلست في ظلها فصطع غبار من ناحية الحي ورفعت لي شخوص ثلاثة. فارس يطرد مسحلا واتانا وعليه درع صفراء وعمامة خز سوداء واذا فروع شعره تضرب خصرة فقلت غلام حدث عهد بعرس اعجلته لذة الصيد فترك ثوبه ولبس ثوب امرأته فما جاز عني الا يسيرا حتى طعن المسح لطعنة وثنى طعنة للاتان فصرعهما ورجع نحوي وهو يقول نطعنهم سلك ومخلوجة توكلأ مين على نبل فقلت انك تعبت واتعبت ولو نزلت استرحت فثنى رجله ونزل وشد فرسه بغصن من اغصان الشجرة والقى رمحه وجلس فجعل يحدثني حديثا ذكرت به قول ابي ذؤيب وان حديثا منك لو تبذلينه جنى النحل في البان عود مطاف فقمت الى فرسي فاصلحت من امره ثم رجعت وقد حسر العمامة عن رأسه فاذا غلام كأن وجهه الدينار المنقوش فقلت سبحانك اللهم ما اعظم قدرتك واحسن صنعتك فقال لي مما ذاك فقلت مما راعني من جمال وجهك وبهرني من حسنك فقال وما الذي يروعك من حبيس التراب واكيل الدواب فلا يدري اينعم ام يبأس قلت لا يصنع الله بك الا خيرا ثم تحدثنا ساعة فقال ما هذا الذي صمت في سرجك قلت تراب اهداه الي بعض اهلك فهل لك من ارب فقال انت وذاك فاتيته به فشرب منه وجعل ينكت بالسوط على ثناياه وظل الصوت يتبين لي والله فيهن فقلت له مهلا فاني خائف ان تكسرهن فقال ولم وقلت لانهن رقاق وهن عذاب فرفع عقيرته وغنى اذا قبل الانسان اخر يشتهي تناياه لم يأثم وكان له اجرا فان زاد زاد الله في حسناته مثاقيل يمحو الله عنه بها الوزر ثم قام الى فرسه فاصلح من امره ورجع فبرقت لي بارقة تحت الدرع فاذا نهد كانه حق عاج فقلت ناشدتك الله اانت امرأة قالت اي والله الا اني اكره العشير العاهر واحب الغزل ثم جلست وجعلت تشرب معي ماء افقد من انسها شيئا حتى نظرت الى عينيها كانها عينا مهاتم مذعورة فما راعني الا ميلها الى الدوحة سكرا فزين لي الغدر وحسن في عيني ثمان الله عز وجل عصمني منه فجلست حجرة منها فما لبثت الا يسيرا قد تنتبهت مذعورا ثلاثة عمامتها برأسها وجالت في متن فرسها وقالت جزاك الله عن الصحبة خيرا فقلت اتنصرفين ولم تزوديني منك زادا فناولتني يدها فقبلتها فشممت منها رائحة المسك المفتوت فذكرت قول الشاعر كانها اذ تقظى النوم وانتبهت طيابة ما بها عين ولا اثر قلت واين الموعد قالت ان لي اخوة شرسا وابا غيورا لان اسرك احب الي من ان اضرك ثم انصرفت فجعلت اتبعها بصري حتى غابت فهي يا ابن ابي ربيعة حلتني هذا المحل فقلت يا ابا المسهر ان الغدر بك مع ما تذكر لمليح فاشتد بكاؤه فقلت لا تبكي فما قلت لك ما قلت الا مزاحا ولو لم ابلغ في حاجتك بمالي لسعيت في ذلك حتى اقدر عليه فقال جزاك الله خيرا فلما انقضى الموسم شددت على بعيري وحملت عليه قبة حمراء من ادم كانت لابي وحملت معي الف دينار ومطرفة خز واتينا بلاد كلب وسألنا عن ابي الجارية فوجدناه في نادي قومه وهو سيد الحي والناس حوله فوقفت على القوم فسلمت فرد الشيخ السلام ثم قال من الرجل قلت عمر بن ابي ربيعة قال المعروف غير المنكر ما الذي جاء بك قلت خاطبا قال الكفاء والرغبة. قلت اني لم اتي ذلك لنفسي عن غير زهادة فيكم ولا جهالة بشرفكم ولكني اتيت في حاجة ابن اختكم العذري وها هو ذلك فقال والله انه لكفؤ الحسب رفيع النسب غير ان بناتي لا يقعن الا في هذا الحي من قريش ووجمت لذلك وعرف التغير في وجهي فقال اما اني صانع بك ما لم اصنع بغيرك فقلت وما ذاك فمثلي من شكر قال اخيرها فهي وما اختارت قلت ما انصفتني اذ تختار لغيري وتولي الخيار غيرك فاشار الي العذري ان دعه يخيرها وارسل اليها ان من الامر كذا وكذا فارسلت اليه ما كنت استبد بامر دون القرشي والخيار له في قوله وحكمه فقال لي انها ولتك امرها فاقض ما انت قاض فحمدت الله عز وجل واثنيت عليه وقلت اشهد اني قد زوجتها من الجعد ابن مهجع واصدقتها هذا الالف دينار. وجعلت تكرمتها العبد والبعير والقبة. وكسوت الشيخ المطرف وسألته ان يبني عليها بها من ليلته وارسل الى امها فأبت ذلك وقالت تخرج بنتي كما تخرج الامة فقال الشيخ فخذي في جهازها فما برحت حتى ضربت القبة في وسط الحريم ثم اهديت اليه ليلى وبت انا عند الشيخ فلما اصبحنا اتيت القبة فصبحت صاحبي فخرج الي وقد اثر السرور فيه وقلت كيف كنت بعدي؟ وكيف هي بعدك فقال ابدت لي كثيرا مما كانت تخفيه عني يوم لقيتها فسألتها عن ذلك فانشأت تقول كتمت الهوى لما رأيتك جازعا وقلت فتى بعض الصديق يريد. فوريت عما ابي وفي داخلي الحشا من الوجد برح ما علمت شديد. فقلت اقم على اهلك بارك الله لك فيهم وانطلقت وانا اقول كفيت اخي العذري ما كان نابه واني لاعباء النوائب حمال اما استحسنت مني المكارم والعلا اذا طرقت اني لما لي بالذال فقال العذري اذا ما ابو الخطاب خلى مكانه فاغفر لدنيا ليس من اهلها عمر فلا حي فتيان بعده ولا سقيت ارض الحجازين بالمطر