الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذه طبقات فحول الشعراء. لمحمد بن سلام الجمحي قال محمد بن سلام الجمحي ذكرنا العرب واشعارها والمشهورين المعروفين من شعرائها وفرسانها واشرافها وايامها اذ كان لا يحاط بشعر قبيلة واحدة من قبائل العرب وكذلك فرسانها وساداتها وايامها فاقتصرنا من ذلك على ما لا يجهله عالم ولا يستغني عن علمه ناظر في امر العرب فبدأنا بالشعر وفي الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير لا خير فيه ولا حجة في عربية ولا ادب يستفاد ولا معنى يستخرج ولا مثل يضرب ولا مديح رائع ولا مقبع ولا فخر معجب ولا نسيب مستطرف. وقد تداوله قوم من كتاب الى كتاب لم يأخذوه عن اهل البادية ولم يعرضوه على العلماء وليس لاحد اذا اجمع اهل العلم والرواية الصحيحة على بطلان شيء منه ان يقبل من صحيفة ولا يروى عن صحفي وقد اختلف العلماء بعد في بعض الشعر كما اختلفت في سائر الاشياء فاما ما اتفقوا عليه فليس لاحد ان يخرج منه. وللشعر صناعة وثقافة يعرفها اهل العلم. كسائر ما في العلم والصناعات منها ما تثقفه العين ومنها ما تثقفه الاذن ومنها ما تثقفه اليد ومنها ما يثقفه اللسان من ذلك اللؤلؤ والياقوت لا تعرفه بصفة ولا وزن دون المعاينة ممن يبصره ومن ذلك الجهبذة بالدينار والدرهم لا تعرف جودتهما بلون ولا مس ولا طراز ولا وسم ولا صفة ويعرفه الناقد عند المعاينة فيعرف بهرجها وزائفها وستوقها ومفرغها. ومنه البصر بغريب النخل. والبصر بانواع المتاع واختلاف بلاده. مع تشابه لونه ومسه وذرعه. حتى يضاف كل صنف الى بلده الذي خرج منه وكذلك بصر الرقيق فتوصف الجارية فيقال ناصعة اللون جيدة الشط نقية الثغر حسنة العين والانف. جيدة النهوض ظريفة اللسان. واردة الشعر. فتكون في هذه طفتي بمائة دينار وبمئتي دينار. وتكون اخرى بالف دينار واكثر. ولا يجد واصفها مزيدا على هذا الصفة وتوصف الدابة فيقال خفيفة العنان لينة الظهر شديدة الحافر فتي السن نقي من العيون فيكون بخمسين دينارا او نحوها وتكون اخرى بمئتي دينار واكثر. وتكون هذه صفتها. ويقال للرجل والمرأة في القراءة والغناء انه لندي الحلق طلوا الصوت طويل النفس مصيب للحد ويوصف الاخر بهذه الصفة وبين بول بعيد يعرف ذلك العلماء عند المعاينة والاستماع له بلا صفة ينتهى اليها ولا علم يوقف عليه. وان كثرة المدارسة لتعدي على العلم به. وكذلك كالشعر يعلمه اهل العلم قال محمد قال خلاد ابن يزيد الباهلي لخلف ابن حيان ابي محرز وكان خلاد حسن العلم بالشعر يرويه ويقوله باي شيء ترد هذه الاشعار التي تروى قال له هل فيها ما تعلم انت انه مصنوع لا خير فيه قال نعم قال افتعلم في الناس من هو اعلم بالشعر منك؟ قال نعم قال فلا تنكر ان يعلموا من ذلك اكثر مما تعلمه انت وقال قائل لخلف اذا سمعت انا بالشعر استحسنه فما ابالي ما قلت انت فيه واصحابك قال اذا اخذت درهما فاستحسنته فقال لك الصراف انه رديء فهل ينفعك استحسانك اياه؟ وكان ممن افسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه محمد بن اسحاق بن يسار مولى ال مخرمة بن المطلب بن عبدالمناف وكان من علماء الناس بالسير. قال الزهري لا يزال في الناس علم ما بقي مولى ال مخرمة وكان اكثر علمه بالمغازي والسير وغير ذلك فقبل الناس عنه الاشعار وكان يعتذر منها ويقول لا علم لي بالشعر اوتينا به فاحمله ولم يكن ذلك له عذرا فكتب في السير اشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرا قط واشعار النساء فضلا عن الرجال. ثم جاوز ذلك الى عاد وثمود. فكتب لهم اشعارا كثيرة. وليس بشعر انما هو كلام مؤلف معقود بقواف افلا يرجع الى نفسه فيقول من حمل هذا الشعر ومن اداه الاف من السنين والله تبارك وتعالى يقول فقطع دابر القوم الذين ظلموا اي لا بقية لهم وقال ايضا وانه اهلك عادني الاولى وثمود فما ابقى. وقال في عاد فهل ترى لهم من باقية؟ وقال وقرونا بين ذلك كثيرا. وقال الم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم الا الله. وقال انس بن حبيب اول من تكلم بالعربية ونسي لسان ابيه اسماعيل ابن ابراهيم صلوات الله عليهما اخبرني مسمع بن عبدالملك انه سمع محمد بن علي يقول قال ابو عبدالله بن سلام لا ادري ارفعه ام لا واظنه قد رفعه اول من تكلم بالعربية ونسي لسان ابيه اسماعيل ابن ابراهيم صلوات الله عليهما واخبرني يونس عن ابي عمرو ابن العلاء قال العرب كلها ولد اسماعيل الا حمير وبقايا جرهم وكذلك يروى ان اسماعيل ابن ابراهيم جاورهم واصهر اليهم ولكن العربية التي عنا محمد بن علي اللسان الذي نزل به القرآن وما تكلمت به العرب على عهد النبي صلى الله عليه. وتلك عربية اخرى غير هذا لم يجاوز ابناء نزار في انسابهم واشعارهم عدنان اقتصروا على معد. ولم يذكر عدنان جاهلي قط غير لبيد بن ربيعة الكلابي في بيت واحد قاله قال فان لم تجد من دون عدنان والدا ودون معد فلتزع كالعواذل وقد روي لعباس ابن مرداس السلمي بيت في عدنان قال وعك بن عدنان الذين تلعبوا بمدحج حتى طردوا كل مطرد والبيت مريب عند ابي عبد الله فما فوق عدنان اسماء لم تؤخذ الا عن كتب. والله اعلم بها. لم يذكرها عربي قط وانما كان معد موسى ابن عمران صلى الله عليه او قبله قليلا وبين موسى وعاد وثمود الدهر الطويل والامد البعيد ونحن لا نقيم في النسب ما فوق عدنان ولا نجد لاولية العرب المعروفين شعرا. فكيف بعاد وثمود؟ فهذا الكلام الواهن الخبيث. ولم يروي قط عربي منها بيتا واحدا ولا راوية للشعر. مع ضعف اسره وقلة طلاوته وقال ابو عمرو بن العلاء في ذلك ما لسان حمير واقاصي اليمن اليوم بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا فكيف بما على عهد عاد مع تداعيه ووهيه. فلو كان الشعر مثلما وضع لابن اسحاق ومثلما روى الصحفيون ما كان اليه حاجة ولا فيه دليل على علم