بسم الله الرحمن الرحيم يوم الصفقة. قال ابن الكلبي بعث كسرى انوشروان الى عامله باليمن بعير تحمل نبعا. وكانت عير كسرى تبذر من المدائن حتى تدفع الى النعمان ابن المنذر بالحيرة والنعمان يبذرقها بخفراء من بني ربيعة حتى تدفع الى هوذة ابن علي حنفي باليمامة. فيبذرقها حتى يخرجها من ارض بني حنيفة ثم تدفع الى بني تميم. وتجعل لها جعالة تسير بها الى ان تبلغ اليمن. وتسلم الى عمال كسرى باليمن ولما بعت كسرى بهذه العير ووصلت الى اليمامة قال هودة ابن علي للأساورة الذين يرافقونها. انظروا الى الذي تجعلونه لبني لتميم فاعطونيه. وانا اكفيكم امرهم واسيروا بها معكم حتى تبلغوا مأمنكم. وخرج هوذة والاساورة والعير معهم من هجر حتى اذا كانوا بنطاع بلغ بني تميم ما صنع هوذة فساروا اليهم واخذوا ما كان معهم. واقتسموه وقتلوا عامة الاساورة وسلبوهم واسر هودة ابن علي فاشترى هوذة نفسه بثلاثمائة بعير فساروا معه الى هجر واخذوا منه فداءه وعند ذلك عمد هوذة الى الاساورة الذين اطلقهم بنو تميم وكانوا قد سلبوا. فكساهم وحملهم ثم انطلق معهم الى كسرى وكان هوذة رجلا جميلا شجاعا لبيبا فدخل عليه وقص عليه امر بني تميم وما صنعوا. فدعا كسرى بكأس من الذهب فسقاه فيها. واعطاه اياها وكساه قباء ديباج منسوجا بالذهب واللؤلؤ وقلنسوة قيمتها ثلاثون الف درهم ودعا بعقد من در فعقد على رأسه ثم انه سأله عن ماله ومعيشته فاخبره انه في عيش رغد. وانه يغزو المغازي فيصيب فقال له كسرى كم ولدك؟ قال عشرة قال فايهم احب اليك؟ قال غائبهم حتى يقدم وصغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يبرأ. قال كسرى الذي اخرج منك هذا العقل حملك ان طلبت مني الوسيلة. ثم قال يا هودة رأيت هؤلاء الذين قتلوا اساورتي واخذوا مالي ابينا وبينهم صلح؟ قال هوذا ايها الملك بيني بينهم حساء الموت وهم قتلوا ابي. فقال كسرى قد ادركت ثأرك. فكيف لي بهم؟ قال هوذا ان لا تطيقها اساورتك وهم يمتنعون بها ولكن احبس عنهم الميرة فاذا فعلت ذلك بهم سنة ارسلت معي جندا من اساورتك فاقيموا لهم السوق فانهم يأتونها فتصيبهم عند ذلك خيلك. فعلى كسرى ذلك وحبس عنهم الميرة في سنة ثم ارسل الى هوذة فأتاه فقال ائت هؤلاء فاشفني منهم واشتف وارسل معه الفا من الاساورة بقيادة رجل يقال له المكعبر فساروا حتى نزلوا المشقر من ارض البحرين. وبعث هوذة الى بني حنيفة فاتوه فدنوا من حيطان المشقر. ثم نادى ان كسرى قد بلغه الذي اصابكم في هذه السنة. وقد امر لكم بميرة فتعالوا فامتاروا فصب عليهم الناس وكان عظم من اتاهم بنو سعد فجعلوا اذا جاءوا الى باب المشقر ادخلوا رجلا رجلا حتى يذهب به الى المكعبر فتضرب عنقه. وقد وضع سلاح او قبل ان يدخل فاذا مر رجل من بني تميم بينه وبين هوذة اخاء او رجل يرجوه. قال للمكعبر هذا من قوم فيخليه له فنظر خيبر ابن عبادة الى قومه يدخلون ولا يخرجون. فقال ويلكم اين عقولكم فوالله ما بعد السلب الا القتل. وتناول سيفا وضرب سلسلة كانت على باب المشقر فقطعها وقطع يد رجل كان واقفا بجانبها فانفتح الباب فاذا الناس يقتلون فثارت بنو تميم فلما علم هوذة ان القوم قد نذروا به كلم المكعبر في مئة من خيار فوهبهم له يوم الفصح