بسم الله الرحمن الرحيم يوم ذي قار كان منزل ايوب ابن محروف في اليمامة في بني امرئ القيس بن زيدمنة. فاصاب دما في قومه فهرب ولحق باوس بن قلام بالحيرة وكان بينهما نسب من قبل النساء فلما قدم عليه اكرمه وانزله في داره فمكث معه ما شاء الله ان يمكث ثمان اوسا قال له يا ابن خال اتريد المقام عندي وفي داري؟ فقال له نعم. فقد علمت اني ان اتيت قومي وقد اصبت فيهم دما لم اسلم ما لي دار الا دارك اخر الدار. قال اوس اني قد كبرت وانا اخاف ان اموت فلا يعرف ولدي لك من الحق مثل ما اعرف. واخشى ان يقع بينك وبينهم امر يقطعون فيه الرحم فانظر احب مكان في الحيرة اليك فاعلمني به ليقطعكه او لك فاختار موضعا في الجانب الشرقي من الحيرة فابتاعه له بثلاثمائة اوقية من ذهب وانفق عليه مائتي اوقية ذهبا. واعطاه مائتين من الابل برعاعها وفرسا وقينا. فمكث في منزل اوس حتى هلك ثم تحول الى داره بعد مهلك اوس. واتصل بالملوك الذين كانوا بالحيرة وعرفوا له حقه وحق ابنه زيد. ولم يكن منهم ملك يملك الا ولولد ايوب منه جوائز وحملان. ثم ان زيد ابن ايوب تزوج امرأة من ال قلام فولدت حمادا ثم خرج زيد يوما من الايام يريد الصيد في ناس من اهل الحيرة وهم منتدون بحفير فانفرد في الصيد وتباعد من اصحابه فلقيه رجل من بني امرئ القيس الذين كان لهم الثأر قبل ابيه. فقال له وقد عرف فيه شبه ايوب ممن الرجل قال من بني تميم قال من ايهم؟ قال ما رأيي قال له الاعرابي واين منزلك؟ قال الحيرة قال امن بني ايوب انت؟ قال نعم ومن اين تعرف بني ايوب واستوحش من الاعراب وذكر الثأر الذي هرب ابوه منه فقال له سمعت بهم ولم يعلمه انه قد عرفه. فقال له زيد فمن اي العرب انت قال انا امرؤ من طيء فامنه زيد وسكت عنه ثم ان الاعرابي تغفل زيدا فرماه بسهم فوضعه بين كتفيه ففلق قلبه فلم يرم حافر دابته حتى ما ولبث اصحاب زيد حتى اذا كان الليل طلبوه وقد فقدوه. وظنوا انه قد امعن في طلب الصيد. فباتوا يطلبونه حتى يئسوا ثم غدوا في طلبه فاقتفوا اثره حتى وقفوا عليه ورأوا معه اثر راكب يسايره فاتبعوا الاثر حتى وجدوه قتيلا. فعرفوا ان صاحب الراحلة قتله. فاتبعوه واغذوا السير فادركوه مساء الليلة الثانية فصاحوا به وكان من ارمى الناس امتنع منهم بالنب حتى حان الليل بينه وبينهم وقد اصاب رجلا منهم في مرجع كتفيه بسهم فلما اجله الليل مات وافلت الرامي ورجعوا وقد قتل زيد ورجل اخر معه. فمكث حماد بن زيد في اخواله حتى ايفع ولحق بالوصفاء ثم تحول الى دار ابيه وتعلم الكتابة فيها. فكان اول من كتب من بني ايوب وخرج من اكتاب الناس. وطلب حتى صار كاتب النعمان الاكبر. فلبث كاتبا له. حتى ولد له ابنه زيد وكان لحماد صديق من الدهاقين ولما حضرته الوفاة اوصى بابنه زيد الى الدهقان فاخذه اليه فكان مع ولده وكان زيد قد حذق الكتابة والعربية قبل ان يأخذه الدهقان فلما اخذاه علمه الفارسي فلقنها. ثم ان الدهقان اشار على كسرى ان يجعل زيدا على البريد في حوائجه ولم يكن كسرى يفعل ذلك الا باولاد المرازبة فمكذا يتولى ذلك لكسرى زمنا اطمئن النعمان هلك فاختلف اهل الحيرة في من يملكونه الى ان يعقد كسرى الامر لرجل ينصبه. فاشار عليهم الدهق بزيد بن حماد فكان على الحيرة الى ان ملك كسرا منذر بن ماء السماء. ثم ان زيدا تزوج نعمة بنت ثعلبة العدوية فولدت له عدية وولد للدهقان ابن سماه شاهان مرد. فلما تحرك عدي بن زيد اي فاعطرحه ابوه في الكتاب حتى اذا حلق ارسله الدهقان مع ابنه الى كتاب الفارسية فكان يختلف اليه مع ابنه ويتعلم الكتابة والكلام بالفارسية حتى خرج من افهم الناس وافصحهم بالعربية وقال الشعر وتعلم الرمي بالنشاب فخرج من الاساورة الرماة وتعلم لعب العجم على الخيل بالصوالجة وغيرها ثمان الدهقان وفد على كسرى ومعه ابنه شاهان مرد فاثبته كسرى مع سائر اولاد الدحقان في صحابته وقال الدهقان لكسرى ان عندي غلاما من العرب خلفه ابوه في حجري فربيته وهو افصح الناس واكتبهم بالعربية والفارسية. والملك محتاج الى مثله فان رأى ان يثبته مع ولدي فعل. فقال ادعه فارسل الى عدي. وكان جميل الوجه فائق الحسن. وكان تتبرك بالوجه الجميل فلما كلمه وجده اظرف الناس واحظرهم جوابا. فرغب فيه واثبته مع ولد الدهقان فكان عدي اول من كتب بالعربية في ديوان كسرى. فرغب اهل الحيرة الى عدي ورهبوه. ولم يزل بديوان كسرى في المدائن ان يؤذن له عليه في الخاصة وهو معجب به قريب منه وابوه زيد يومئذ حي الا ان ذكر عديق قد ارتفع وخمل ذكر ابيه فكان عدي اذا اراد المقام بالحيرة استأذن كسرى. فقام في اهله الشهر والشهرين واكثر واقل ثم يعود وان كسرى ارسله الى ملك الروم بهدية من طرف ما عنده. فلما اتاه عدي بما اكرمه وحمله الى عماله على البريد ليريه سعة ارضه وعظيم ملكه وكذلك كانوا يصنعون فمن ثم وقع دي بدمشق وقال فيها الشعر وكان مما قال الي من جيروني وندم لا يفرحون بما نالوا ولا يرهبون صرف المنون قد سقيت في دار بشر قهوة مزة بماء سخين. وفسد امر الحيرة وعدي بدمشق حتى اصلح ابوه زيد بينهم. اذ ان اهل الحيرة حين كان عليهم المنذر ارادوا قتله. لانه كان لا يعدل فيهم وكان يأخذ من اموالهم ما فلما تيقن ان اهل الحيرة قد اجمعوا على قتله بعث الى زيد. فقال له يا زيد انت خليفة ابي وقد بلغني ما اجمع عليه اهل الحيرة فلا حاجة لي في ملككم دونكموه ملكوه من شئتم فقال زيد ان الامر ليس الي ولكني اصبر لك هذا الامر ولا الوك نصحا فلما اصبح غدا اليه الناس فحيوه تحية الملك. فقالوا له الا تبعث الى عبدك الظالم يعنون المنذر فتريح منه رعيتك فقال لهم اولا خير من ذلك؟ قالوا اشر علينا. قال تدعونه على حاله. فانه من اهل بيتي ملك وانا اتيه فاخبره ان اهل الحيرة قد اختاروا رجلا يكون امر الحيرة اليه. الا ان يكون غزو او قتال لك اسم الملك وليس اليك سوى ذلك من الامور. قالوا رأيك افضل. فاتى المنذر فاخبره بما قالوا. فقبل ذلك وفرح وقال ان لك يا زيد علي نعمة لا اكفرها ما عرفت حق سبد. فولى اهل الحيرة زيدا على كل شيء سوى اسم الملك فانهم اقروه للمنذر. ثم هلك زيد وعدي بالشام وكان لي زيد الف ناقة للحمالات كان اهل الحيرة اعطوه اياها حين ولوه ما ولوا. فلما هلك ارادوا اخذها فبالغ ذلك المنذر فقال لا واللات والعزى لا تؤخذ مما كان في يد زيد ففروق. وانا اسمع الصوت ثم ان عديا قدم المدائن على كسرى بهدية قيصر. فصادف اباه والدهقان الذي رباه قد هلك جميعا. فاستأذن كسرى في المام بالحيرة فاذن له فتوجه اليها وبلغ المنذر خبره فخرج فتلقاه في الناس ورجع معه وعدي انبل اهل الحيرة في انفسهم. ولو اراد ان يملكوه لملكوه. ولكنه كان يؤثر الصيد واللهو واللعب على الملك فمكث سنين يبدو في فصلي السنة فيقيم في جفير ويشتو بالحيرة ويأتي المدائن في خلال ذلك فيخدم وكسرى ولم يزل على حاله تلك حتى تزوج هندا بنت النعمان بن المنذر. وهي يومئذ جارية حين بلغت او كادت. كان للمنذر ابنان احدهما النعمان وكان في حجر ال علي بن زيد فهم الذين ارضعوه وربوه. وكان له ابن اخر في حجر بني مارينا. وكان له سواهما من الولد عشرة. وكان يقال لولده الاشاهب لجمالهم. وكان النعمان من بينهم احمر ابرش قصيرا. فلما احتضر المنذر اوصى باولاده الى اياس بن قبيس وملكه على الحيرة الى ان يرى كسرى رأيه. فمكث مملكا عليها اشهرا. وكسرى بن هرمز في طلب رجل يملكه عليهم فقال لعلي من بقي من ال المنذر وهل فيهم احد فيه خير؟ فقال نعم ايها الملك السعيد. ان في ولدي المنذر لبقية وفيهم كلهم خير. فقال ابعث اليهم فاحضرهم. فبعث عدي اليهم فانزلهم جميعا عنده. ثم قال للنعمان لست غيرك فليوحشنك ما افضل به اخوتك عليك من الكرامة فاني انما اغترهم بذلك ثم كان يفضل اخوته جميعا في النزل والاكرام والملازمة ويريهم تنقصا للنعمان. وانه غير طامع في اتمام امره على يده وجعل يخلو بهم رجلا رجلا. فيقول اذا ادخلتكم على الملك فالبسوا افخر ثيابكم واجملها واذا دعا لكم بالطعام لتأكلوا فتباطؤوا في الاكل وصغروا اللقم. ونزلوا ما تأكلون. فاذا قال لكم اتكفون العرب فقولوا نعم. فاذا قال لكم فان شذ احدكم عن الطاعة وافسد افتكفونني؟ فقولوا لا ان بعضنا لا يقدر على بعض ليهابكم ولا يطمع في تفرقكم ويعلم ان للعرب مناعة وبأسا فقبلوا منه وخلى بالنعمان وقال له البس ثياب السفر وادخل متقلدا سيفا. واذا جلست للاكل فعظم اللقم. واسرع المضغ والبلع وزد في الاكل وتجوع قبل ذلك فان كسرى يعجبه الاكل من العرب خاصة. ويرى انه لا خير في العربي اذا لم يكن اكولا شرها. ولا سيما اذا رأى غيره طعامه وما لا عهد له به. واذا سألك هل تكفيني العرب؟ فقل نعم. فاذا قال لك فمن لي باخوتك اقول له ان عجزت عنهم فاني عن غيرهم لاعجز. وخلى ابن مارينا بالاسود اخيه فسأله عما اوصاه به عدي فاخبره فقال غشك والصليب والمعمودية وما نصحك ولئن اطعتني لتخالفن كل ما امرك به لكن ولئن عصيتني ليملكن النعمان. ولا يغرنك ما اراكه من الاكرام والتفضيل على النعمان. فان ذلك دهاء ام هو مكر وان هذه المعدية لا يخلو من مكر وحيلة. فقال ان عديا لم يألمني نصحا وهو اعلم بكسرى منك. وان خالفت اوحشته وافسد علي وهو جاء بنا ووصفنا. والى قوله يرجع كسرى. فلما ايس ابن مارينا من قبوله منه قال ستعلم ودعا بهم كسرى فلما دخلوا عليه اعجبه جمالهم وكلامهم. ورأى رجالا قل ما رأى مثلهم فدعا لهم بالطعام ففعلوا ما امرهم به عدي. فجعل ينظر الى النعمان من بينهم ويتأمل اكله فقال لعدي بالفارسية ان يكن في احد منهم خير ففي هذا. فلما غسلوا ايديهم جعل يدعو بهم رجلا رجلا فيقول اتكفيني العرب؟ فيقول نعم الا حتى انتهى الى النعمان اخرهم فقال اتكفيني العرب؟ قال نعم. قال كلهم؟ قال نعم قال فكيف لي باخوتك؟ قال ان عجزت عنهم فاني عن غيرهم اعجز فمن لك هو خلع عليه والبسه تاجا قيمته ستون الف درهم فيه اللؤلؤ والذهب. فلما خرج وقد ملك قال ابن مارينا اسود دونك عقبى خلافك لي ثم صنع عدي بن زيد طعاما. ودعا علي بن مارينا اليه وقال اني عرفت ان صاحبك الاسود كان احب اليك ان يملك من صاحب النعمان. فلا تلمني على شيء كنت على مثله. وان احب الا تحقد علي شيئا لو قدرت عليه ركبته وان نصيبي من هذا الامر ليس باوفاري من نصيبك. وحلف لابن مارينا الا يهجر ولا يبغيه غائلة ابدا فقام ابن مارينا وحلف انه لا يزال يهجوه ويبغيه الغوائل ما بقي وقال الا ابلغ عديا عن عدي فلا تجزع وان رثت قواك فان تظفر فلم تظفر حميدا وان تعطب فلا يبعد سواك ندمت ندامة الكسعي لما رأت عيناك ما صنعت يداك ثم قال عدي بن مارينا للاسود اما اذا لم تظفر فلا تعجزن ان تطلب بثأرك من هذا المعدي الذي فعل بك ما فعل. فقد كنت اخبرتك ان معدا لا ينام كيدها ومكرها وامرتك ان تعصيه فخالفتني. قال فما تريد؟ قال اريد الا تأتيك فائدة من مالك وارضك الا عرظتها ايا ففعل. وكان ابن مارينا كثير المال والضيعة فلم يكن في الدهر يوم يأتي الا على باب النعمان هدية من ابن مارينا. وكان اذا ذكر عدي بن زيد عند النعمان احسن الثناء عليه وشيع ذلك بان يقول ان عدي بن زيد فيه مكر وخديعة والمعدي لا يصلح الا هكذا. فلما رأى من يطيف بالنعمان منزلة ابن مرين عنده لزموه وتابعوه. فجعل يقول لمن يثق به من اصحابه اذا رأيتموني اذكر عديا عند الملك بخير فقولوا له انه لكذلك. ولكنه لا يسلم عليه احد. وانه ليقول ان الملك يعني النعمان. عامله وانه هو ولاه ما لله فلم يزالوا به حتى اضغنوه عليه. فكتبوا كتابا على لسانه الى قهرمان له ثم دسوا اليه حتى اخذوا الكتاب منه. واتوا به النعمان فقرأه. فاشتد غضبه. فارسل الى عدي بن زيد. عزمت عليه كالا زرتني فاني قد اشتقت الى رؤيتك وعدي يومئذ عند كسرى فاستأذن كسرى فاذن له فلما اتاه لم ينظر اليه حتى حبسه في محبس لا يدخل عليه فيه احد فجعل عدي يقول الشعر. وهو في الحبس. فكان اول ما قاله وهو محبوس ليت شعري عن الهمام ويأتيك بخبر الانباء عطف السؤال. اين عنا اختاروا المال والانفس اذ ناهدوا ليوم المحال. ونضال في جنبك الناس يرمون وارمي وكلنا غير الي. فاصيبوا الذي تريد بلا غش واروي عليه وليت اني اخذت حتفي بكفي ولم القى ميتة الاقتال. محل محلاهم لصرعة العام فقد اوقعوا الرحى بالثفال. وقال سعى الاعداء لا يأتون شرا علي ورب مكة والصليب ارادوا كي تمهل عن عديل ليسجن او يدهده في القليب. وكنت لزاز خصمك لم اعرض. وقد سلكوك ففي يوم عصيب. اعلنهم وابطن كل سر كما بين اللحاء الى العسيب ففزت عليهم لما التقينا بتاجك فوزة القدح وما دهري بان كدرت فضلا ولكن ما لقيت من العجيب على من مبلغ النعمان عني وقد تهدى النصيحة بالمغيب يا حظي كان سلسلة وقيدا وغلا والبيان لدى الطبيب لك بانني قد طال حبسي ولم تسأل بمسجون حريم. وبيت مقفر الا نساء ارامل قد هلكن من النحيب. يبادرن دموع على عديد كشن خانه خرز الربيب. يحاذرنا الغشم على عديد وما اقترفوا عليه من الذنوب. فان اخطأت او فقد يهم المصافى بالحبيب. وان اظلم فقد عاقب تون وان اظلم فذلك من نصيب. وان اهلك تجد فقدي وتخذل اذا التقت العوالي في الحروب فهل لك ان تدارك ما لدينا تغلبن على الرأي المصيب. فاني قد وكلت اليوم امري. الى رب قريب مستجيب. ولما طال سجن عدي كتب الى اخيه ابي وهو مع كسرى بهذا الشعر ابلغوا ابيا على نائيه وهل ينفع المرء ما قد علم بان اخاك شقيق الفؤاد كنت به وثقا اما سالب لدى مالك موثق في الحديد اما بحق واما ظلم. فلا اعرف عنك كذا في الغلام ما لم تجد عالما تحترم. فارضك ارضك ان تأتينا. تنم نومة ليس فيها حلم فكتب اليه اخوه ابي ان يك خانك الزمان فلا عاجز باع ولا الف ضعيف. ويمين الاله لو ان جاؤوا طحونا تضيء وفيها سيوف ذات زر مجتازة غمرة الموت صحيح سربالها مكفوف. كنت في حمي هلج جئت كاسعى لمن لو سمعت اذ تستضيف او بمال سألت دونك لم يمنع تلاد لحاجة او طريق او بارض استطيع اتيك فيها لم يهن بعد بها او مخوف. ولعمر لئن جزعت عليه لدى يجوعون على الصديق اشوف ولا عمري لئن ملكت عزائي لقليل شرواك فيما اطوف. وذهب بين اخوه الى كسرى فكلمه في امره وعرفه خبره فكتب الى النعمان يأمره باطلاقه وبعث معه رجلا وكان للنعمان خليفة عند كسرى. فلما علم بامر كسرى في عدي كتب اليه انه قد كتب اليك في امر عديل ولما جاء الرسول دخل على عدي قبل ان يذهب الى النعمان وقال له يا عدي اني قد جئت بارسالك فما عندك فقال عندي الذي الذي تحب ووعده بعدة سنية وقال له لتخرجن من عندي واعطني الكتاب حتى ارسله اليه. فانك والله ان خرجت من عندي لاقتلن. فقال لا استطيع الا ان اتي النعمان بالكتاب فاوصله اليه فانطلق بعض من كان هناك من اعدائه. واخبر النعمان ان رسول كسرى دخل على عدي وهو ذاهب به وان فعل والله لم يستبق منا احدا انت ولا غيرك. فبعث من قتله. ودخل الرسول الى النعمان فاوصل الكتاب اليه. فقال نعم وكرامة وبعث اليه باربعة الاف مثقال وجارية. وقال له اذا اصبحت فادخل اليه فخذه فلما اصبح الرسول غدا الى السجن فلم ير عديا. وقال له الحرس انه مات منذ ايام ولم نجتري على اخبار الملك خوفا منه. وقد عرفنا كراهته لموته. فرجع الرسول الى النعمان واخبره انه رآه بالامس. ولم يره اليوم فقال ايبعث بك الملك الي فتدخل اليه قبلي؟ ثم تهدده ورشاه وتوثق منه الا يخبر كسرى الا مات قبل وصوله الى النعمان. ندم النعمان على قتل عدي. وعرف انه قد احتيل عليه في امره. واشترى اعداءه عليه وهابهم هيبة شديدة ثم انه خرج للصيد فرأى ابنا لعدي يقال له زيد. فلما رآه عرفة شبهه فقال له من انت فقال انا زيد بن عدي بن زيد فكلمه فاذا غلام ظريف ففرح به فرحا شديدا واعتذر اليه من امر ابيه وقربه واعطاه ووصله وجهزه وسيره الى كسرى ووصفه له وقال ان عديا كان ممن اعين به الملك في نصحه ولبه. فاصاب ما لابد منه. وانقطعت مدته وانقضى اجله. ولم يصب به احد اشد من مصيبته واما الملك فلم يكن ليفقد رجلا الا جعل الله له منه خلفا. لما عظم الله من ملكه وشأنه وقد بلغ ابن له ليس بدونه. رأيته يصلح لخدمة الملك. فسرحته اليه. فان رأى الملك ان يجعله مكان ابيه فليفعل وليصرف عما الى عمل اخر. فلما وقع زيد بن عدي عند الملك هذا الموقع سأله عن النعمان فاحسن الثناء عليه. وقام عند الملك سنوات بمنزلة لابيه واعجب به كسرى فكان يكثر الدخول عليه والخدمة له. وكانت لملوك الاعاجم صفة من النساء مكتوبة عندهم وكانوا يبعثون في طلب من يكون على هذه الصفة من النساء. فاذا وجدت حملت الى الملك غير انهم لم يكونوا يطلبونها في ارضي العرب ولا يظنونها عندهم. ثم انه بدا للملك في طلب تلك الصفة. وامر فكتب بها الى النواحي. ودخل اليه زيد بن عدي وهو في ذلك القول فخاطبه فيما دخل اليه فيه. ثم قال اني رأيت الملك قد كتب في نسوة يطلبن له. وقرأت الصفة وقد كنت بال المنذر عارفا. وعند عبدك النعماني من بناته واخواته وبنات عمه واهله اكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة قال فاكتب فيهن قال ايها الملك، ان شر شيء في العرب وفي النعمان خاصة انهم يتكرمون. زعموا في انفسهم عن العجب. فانا اكره ان يغيب فهن عمن تبعث اليه او يعرض عليه غيرهن. وان قدمت انا عليه لم يقدر على ذلك. فابعثني وابعث معي رجلا من ثقاتك لكي يفهموا العربية حتى ابلغ ما تحب. فبعث معه رجلا جلدا فهمه. وخرج به زيد. وجعل يكرم الرجل طيفه حتى بلغ الحيرة ودخل على النعمان اعظمه زيد وقال له ان كسرى احتاج الى نساء لنفسه وولده واهل بيته واراد كرامتك بصهره فبعث اليك قال ما هؤلاء النسوة قال هذه صفتهن قد جئنا بها وكانت الصفة ان المنذر الاكبر اهدى الى ان وشروان جارية كان اصابها اذ اغار على الحادث الاكبر ابي في شمر الغساني وكتب اليه بصفتها وبقيت هذه الصفة الى ايام كسرى ابن هرمز حتى ارسل بها الى النعمان مع زيد ورفيقه وهي. اني قد وجهت الى الملك جارية معتدلة الخلق نقية اللون والثغر بيضاء قمراء واطفاء كحلاء. دعجاء حوراء عينا قنواء شماء برجاء جاء اسيلة الخد شهية المقبل جثلة الشعر. عظيمة الهامة بعيدة مهوى القرض عيطاء. عريضة طيب كاعب الثدي ضخمة مشاش المنكب والعضد. حسنة المعصر. لطيفة الكف سبطة البنان ضامرة البطن خميصة الخصم غرث الوشاح رداح الاقبال رابية الكفل لفاء الفخذين ريا الروادف ضخمة المأكمتين مفعمة الساق مشبعة الخلخال لطيفة الكعب والقدم قطوف المشي مكسال الضحى بظة المتجرد سموعا للسيد ليست بخنساء ولا سفعاء رقيقة الانف عزيزة النفر لم تغذى في بؤس حيية ان رزينة حليمة ركينة كريمة الخال. تقتصر على نسب ابيها دون فصيلتها وتستغني بفصيلتها دون جماع قبيلتها قد احكمتها الامور في الادب فرأيها رأي اهل الشرف وعملها عمل اهل الحاجة صناع الكفين قطيعة اللسان رهوة الصوت ساكنة. زين الولي وتشين العدو. ولما قرأ هذه الصفة على النعمان شق عليه. وقال لزيد والرسول يسمع اما في مهى السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته. فقال الرسول لزيد بالفارسية ما المها والعين وقال له بالفارسية كاوان اي البقر فامسك الرسول وقال زيد للنعمان انما اراد الملك كرامتك. ولو علم ان هذا يشق عليك لم يكتب اليك به فانزلهما يومين عنده ثم كتب الى كسرى ان الذي طلب الملك ليس عندي وقال لزيد اعذرني عند الملك فعاد الى كسرى فقال زيد للرسول الذي قدم معه اصدق الملك عما سمعت فاني ساحدثه بمثل حديثك ولا اخالفك فيه فلما دخل الى كسرى قال زيد هذا كتاب النعمان اليك فقرأوا عليه فقال له كسرى. واين الذي كنت خبرتني به قال كنت خبرتك بظنتهم بنسائهم على غيرهم. وان ذلك من شقائهم واختيارهم الجوع والعري على الشبع والرياش وايثارهم السموم والريح على طيب ارضك هذه. حتى انهم ليسمونها السجن فسل هذا الرسول الذي معي عما قال فان يكرم الملك عن مشافهته بما قال واجاب به. فقال للرسول ما قال فقال الرسول ايها الملك انه قال اما في بقر السواد وفارس ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا فعرف الغضب في وجهه ووقع في قلبه ما وقع. ولكنه لم يزد على ان قال رب عبد قد اراد ما هو اشد من هذا ثم صار امره الى التباب. وشاع هذا الكلام. حتى بلغ النعمان كسرى اشهرا على ذلك وجعل النعمان يستعد ويتوقع حتى اتاه كتاب كسرى ان اقبل فان للملك حاجة اليك فانطلق حين اتاه كتابه فحمل سلاحه وما قوي عليه ثم لحق بجبلي طي وكان متزوجا اليهم. فاراد النعمان طيئا ان يدخلوه الجبلين ويمنعوه. فابوا عليه خوفا من كسرى. وقال له لولا صهرك لقتلناك. فانه لا حاجة بنا الى معاداة كسرى ولا طاقة لنا به. فاقبل يطوف على العرب ليس احد منهم يقبله غير ان بني رواحة بن قطيعة بن عبس قالوا ان شئت قاتلنا معك بمنة كانت له عندهم. قال ما احب ان اهلككم فانه لا طاقة لكم بكسرى ثم اقبل حتى نزل في ذي قار في بني شيبان سرا فلقي هاني بن مسعود الشيباني. وكان سيدا منيعا فاستجاب به فاجاره وقال له قد لزمني ذمامك وانا مانعك مما امنع نفسي واهلي وولدي منه. ما بقي من عشيرة الادنين رجل. وان ذلك نافعك لانه مهلكي ومهلكك وعندي رأي لك لست اشير به عليك لادفعك عما تريده من مجاورتي. ولكنه الصواب وقال هاته فقال ان كل امر يجمل بالرجل ان يكون عليه الا ان يكون بعد الملك سوقه. والموت نازل لكل احد. ولان تموت كريما خير من ان تتجرع الذل او تبقى سوقة بعد الملك. هذا ان بقيت فامض الى صاحبك واحمل اليه هدايا ومالا والق بنفسك بين يديه. فاما ان صافح عنك فعدت ملكا عزيزا. واما ان اصابك فالموت تخير من ان يتلعب بك صعاليك العرب ويتخطفك ذئابها وتأكل ما لك وتعيش فقيرا مجاورا او تقتل مقهورا. فقال فكيف بحرم قال هن في ذمتي لا يخلص اليهن حتى يخلص الى بناتي. فقال هذا وابيك الرأي الصحيح ولن اجاوزه ثم اختار النعمان خيلا وحللا من عصب اليمن وجوهرا وطرفا كانت عنده. ووجه بها الى كسرى وكتب اليه يعتذر ويعلمه انه صائر اليه ووجه بها مع رسوله فقبلها كسرى وامره بالقدوم عليه. فعاد اليه الرسول فاخبره بذلك وانه لم ير له عند كسرى سوءا. فمضى اليه بعد ان استودع هاني بن مسعود حلقته واهله و ولده الف شكة حتى اذا وصل الى المدائن لقيه زيد بن عدي على قنطرة ساباط فقال له ان جنوعين ان استطعت النجاة فقال له افعلتها يا زين؟ اما والله لان عشت لك لاقتلنك قتلة لم يقتلها قط ولالحقنك بابيك. فقال له زيد امضي لشأنك نوعين. فقد اخيت لك اخي لا يقطعها المهر قل ارن فلما بلغ كسرى انه بالباب بعث اليه فقيده وبعث به الى سجن كان له. فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه. فلما قتل كسرى النعمان استعمل اياس بن قبيصة على الحيرة. وما كان عليه النعمان. وبعث اليه ان يجمع ما خلفه النعمان ويرسله اليه. فبعث اياس الى هاني ابن مسعود يأمره بان يرسل اليه ما استودعه النعمان من الدروع وغيرها. وقال له لا تكلفني ان ابعث اليك والى قومك بالجنود تقتل المقاتلة وتسبي الذرية فبعث اليه هاني يقول ان الذي بلغك باطل وما عندي قليل ولا كثير. وان يكن الامر كما قيل. فانا احد رجلين. اما رجل استودع امانة فهو كن ان يردها على من اودعه اياها. ولن يسلم الحر امانته. او رجل مكذوب عليه فليس ينبغي ان تأخذه بقول عدو او حاسد فلما منعها هانئ غضب كسرى ثم اخذت بكر بن وائل تغير في السواد فوفد قيس بن مسعود بن خالد بن ذي الجدين على كسرى فسأله ان يجعل له اكلا وطعمة على ان يضمن له بكر ابن وائل الا يدخل السواد ولا يفسد فيه فاقطعه وما والاها وقال هي تكفيك وتكفي اعراب قومك. فكانت له حجرة فيها مائة من الابل للاضياف اذا نحر ناقة اقيدت اخرى. فكان يأتيه من اتاه من بكر فيعطيه جلة تمر وكرباسة. حتى اذا قدم الحارث ابن وعلة كسر ابن حنظلة اعطاهما جلتين تمر اعطاهما جلتي تمر وكرباستين فغضب وابيا ان يقبل ذلك منه. وخرج واستغوي اناس من بكر ابن وائل ثم اغار على السواد. فلما بلغ ذلك كسرى اشتد حناقه عليهم وارسل الى قيس ابن مسعود وهو وقال له لقد غررتني من قومك وزعمت انك تكفيني وامر به فحبس في ساباط. ثم ارسل الى ياسر بن قبيصة واستشاره في الغارة على بكر فقال له ماذا ترى؟ وكم ترى ان نغزيهم من الناس وقال له اياس ان الملك لا يصلح ان يعصيه احد من رعيته وان تطعني لم تعلم احدا لاي شيء عبرت وقطعت الفرات فيروا ان شيئا من العرب قد كربك ولكن ترجع وتضرب عنهم وتبعث عليهم العيون حتى ترى غرة منهم. ثم ترسل حلبة من العجم فيها بعض القبائل الى التي تليهم فيوقعون بها وقعة الدهر ويأتونك بطلبتك. فقال له كسرى انت رجل من العرب وبكر ابن وائل اخوالك. فانت تعصبوا لهم ولا تألوهم نصحا فقال اياس رأي الملك افضل وقام اليه عمرو بن عدي بن زيد العبادي وكان كاتبه وترجمانه بالعربية وفي امور العرب. فقال له اقم ايها الملك وابعث اليهم بالجنود يكفوك وكان عنده النعمان ابن زرعة التغلبي وهو يحب هلاك بك؟ فقال لك كسرى يا خير الملوك ادلك على عدو يطلبهم وعلى غرة بك؟ قال نعم قال امهلهم حتى نقيض فانهم لو قاضوا تساقطوا على ماء يقال له ذو قار. تساقط الفراش في النار. فاخذتهم كيف شئت وانا عندك الى ان اكفيكهم ومع ذلك فان مطالبتهم في ذلك الوقت كثير. وذلك مما يوهن كيدهم ويكون ايسر على الملك هلاكهم فوافقه كسرى واقرهم اتى اذا قاضوا جاءت بكر ابن وائل فنزلوا بالحنو حنو ذي قار. ولما بلغ كسرى نزولهم عقد للنعمان ابن زرعة على تغلب والنمر وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة واياد وعقد لياس بن قبيصة على العرب ومعه كتيبتاه الشهباء والدوسر. وعقد للهامريز على الف من الاساورة وعقد لخنزبين على الف وبعث معه وقد كانت تخرج من العراق فيها البز والعطر والالطاف توصل الى باذان عامل كسرى باليمن وامر عمرو بن عدي ان يسير بها وكانت العرب تغفرهم وتجيرهم حتى تبلغ اللطيمة اليمن وعهد كسرى اليهم اذا شارفوا بلاد بكر ودنوا منها ان يبعثوا النعمان ابن زرعة يخيرهم بين ثلاث خلال. اما ان يعطوا بايديهم فيحكم الملك بما شاء واما ان يعروا الديار واما ان يأذنوا بحرب. وكان كسرى قد اوقع قبل ذلك ببني تميم يوم الصفقة فالعرب وجلة خائفة منه وكانت هند بنت النعمان في بني سيناء فلما علمت بمسير جموع كسرى قالت تنذر العرب. الا ابلغ بني بكر رسولا فقد جد النفير بعن فقير ليس الجيش كله مفداكم ونفسي والسرير وذا السرير. كاني حين جد بهم اليكم. معلقة الذوائب بالعبور. فلو اني اطقت لذاك دفعا اذا لدفعته بدمي وزيري. فلما بلغ الخبر بكر ابن اوائل سار هاني ابن مسعود حتى انتهى الى ذي قار. فنزل به واقبل النعمان ابن زرعة حتى نزل على ابن اخته مرة ابن عمرو. فحمد الله النعمان واثنى عليه ثم قال انكم اخوالي واحد طرفي وان الرائد لا يكذب اهله وقد اتاكم ما لا قبل لكم به من احرار فارس وفرسان العرب. والكتيبتان الشهباء والدوسر. وان في الشر خيارا يفتدي بعضكم بعضا خير من ان تصطلموا. انظروا هذه الحلقة فادفعوها وادفعوا رهنا من ابنائكم بما احدث سفهاؤكم قم فقال له القوم ننظر في امرنا. ثم بعثوا الى من يليه من بكر وبرزوا ببطحاء ذي قار بين الجلهتين واخذوا يترقبون من يأتي من قبائل بكر لا ترفع جماعة الا قالوا سيدنا في هذه فرفعت لهم جماعة فقالوا سيدنا في هذه فلما دانوا اذا هم بعبد عمرو بن بشر بن مرفد فقالوا لا ثم رفعت لهم اخرى فقالوا سيدنا في هذه فاذا هو بجبلة ابن باعث ابن صرم الشكري فقالوا لا. ورفعت اخرى فقالوا في هذه سيدنا فاذا هو الحارث بن وعلة بن المجالد الذهني فقالوا لا ثم رفعت لهم اخرى فقالوا في هذه سيدنا. فاذا فيها الحارث بن ربيعة بن عثمان التيمي في تيم الله. فقالوا لا. ثم رفعت لهم اخرى اكبر مما كان يجيء فقالوا لقد جاء سيدنا. فاذا رجل اصلع الشعر عظيم البط مشرب حمرة هو حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي. فقالوا يا ابا معدان قد طال انتظارنا وقد كرهنا ان نقطع امرا دونك وهذا ابن اختك قد جائنا. والرائد لا يكذب اهله وهذا هانئ ابن قبيصة يهم بركوب الفلاة. ويقول لنا لا طاقة لكم بجموع الملك. قال حنظلة فما الذي اجمع رأيكم واتفق عليه ملائكم قالوا ان اللخا اهون من الوهى. وان في الشر خيارا. ولان يفتدي بعضنا بعضا خير من ان نصطلم جميعا فقال حنظلة قبح الله هذا رأيا. لا تجر احرار فارس ارجلها ببطحاء ذي قار وانا اسمع هذا الصوت. ثم امر بقبته فضربت بوادي ذي قار ثم نزل ونزل الناس فاطافوا به. ثم قال لا ارى غير القتال فانا ان ركبنا الفلات متنا عطشا وان اعطينا بايدينا تقتل مقاتلتنا وتسبى ذرارينا ثم قال لهنئ ابن مسعود يا ابا امامة ان ذمتكم ذمتنا عامة وانه لن يوصل اليك حتى تفنى ارواحنا فاخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك فان تظفر فترد عليك وان تهلك فاهون مفقود. فامر بها هانئ فاخرجت وفرقت في القوم ثم التفت حنظلة الى النعمان وقال لولا انك رسول لما ابت الى قومك سالما ورجع النعمان الى اصحابه فاخبرهم بما رد عليه القوم فباتوا ليلتهم مستعدين للقتال. وبكر يتأهبون للحرب. فلما اصبحوا اقبلت الاعاجم نحوهم يسيرون على تعبئة ومعهم الجنود والافيال عليها الاساورة وكان نازلا في بني شيبان ربيعة بن غزالة السكوني ثم التجيبي هو وقومه فقال يا بني شيبان اما اني لو كنت منكم لاشرت عليكم برأي مثل عروة العلم. فقالوا انت والله من اوسطنا فاشر علينا. فقال لا تهدف لهذه الاعاجم فتهلككم بمشابها ولكن تكردسوا كراديس. فاذا اقبلوا على كردوس شد الاخر فقالوا قد اتيت رأيا. فقالوا قد رأيت رأيا. ولما تقارب الزحفان قام حنظلة بن ثعلبة فقال ان النشاب الذي مع الاعاجم يفرقكم فاذا ارسلوه لم يخطئكم فعاجلوهم اللقاء وابدأوهم بالشدة ثم قام الى وضين راحلة امرأته فقطعه. ثم تتبع الظعن يقطع وظنهن فسقطن على الارض فقال كل رجل منكم عن حليلته ثم ضرب قبة على نفسه ببطحاء ذي قار وعلى الا يفر حتى تفر القبة وقطع سبعمائة رجل من شيبان اقبيتهم من مناكبها لتخف ايديهم لضرب السيوف. وقام هاني ابن مسعود فقال يا قوم مهلك مقدور خير من نجاة معرور وان الحذر ليدفع القدر. وان الصبر من اسباب الظفر المنية ولا الدنية. واستقبال الموت خير من استدباره والطعن في الثغر اكرم من الطعن في الدبر. يا قوم جدوا فما من الموت بد. فتح لو كان له رجال اسمع صوتا ولا ارى قوما. ويا ال بكر شدوا واستعدوا. والا تشدوا ترد وقام شريك بن عمرو بن شراحيل فقال يا قوم انما تهابونهم انكم ترونهم عند الحفاظ اكثر منكم انكم ترونهم عند الحفاظ اكثر منكم. وكذلك انتم في اعينهم فعليكم بالصبر فان الاسنة ترضي الاعنة يا ال بكر قدما قدما. وجعل الناس يتحاضون ويرجزون. فقالت امرأة من ان تهزموا نعانق ونفرش النمارق او تهزم نفارق فراق غير وامق. وقال حنظلة بن ثعلبة قد جد اشياعكم فجدوا مع التي وانا مؤذ جلد. والقوس فيها وتر عرد. مثل ذراع البكر او واشد قد جعلت اخبار قومي تبدو ان المنايا ليس منها بد. هذا عمير حيه الد يقدمه ليس له مرد حتى يعود كالكوميت الورد. خلوا بني شيبان فاستبدوا نفسي فداكم وابي والجد. وقال يزيد ابن حنظلة ابن ثعلبة ابن سيار. من فر منكم فر عن حريمه وجاره وفر عن نديمه انا ابن سيار على شكيمه. ان الشراك قد من اديمه. وكلهم يجري على قديمه من قارح الهجنة او صميمه. وقال عمرو بن جبلة فليشكر يا قوم لا يغرركم هذه الخرق ولا وميض البيض في الشمس برق. من لم يقاتل منكم هذا العنق فجنبوه الراحة واسقوه المرق. ووقف الجيشان متقابلين فكانت فكانت بنو عجل في الميمنة بازاء خنابزين وعليهم حنظلة بن ثعلبة وبنو شيبان في الميسرة بازاء كتيبة الهامريز وعليهم بكر بن زيد بن مسهر. واثناء بكر في القلب وعليهم هاني بن مسعود. فخرج تشاور من الاعاجم في اذنيه درتان من كتيبة الهامريس يتحدى الناس للبراز. فنادى في بني شيبان فلم يبرز اليه احد حتى اذا دنا من بني يشكر برز له يزيد ابن حارثة فشد عليه بالرمح فطعنه ودق صلبه واخذ حليته وسلاحه وخرج الهامريز يدعو الى البراز فخرج اليه الحوفزان فقتله. وبذلك الحين ارسلت اياد وكانت في جيوش كسرى الى بكر وقال رسولهم اي الامرين اعجب اليكم؟ ان نطير تحت ليلتنا فنذهب او نقيم ونفر حين تلاقون او ما قالوا بل تقيمون فاذا التقى الناس انهزمتم بهم. وقال يزيد ابن حمار السكوني وكان حليفا لشيبان اطيعوني واكمنوا لهم كمينا ففعلوا وجعلوا يزيد رأسهم وكمنوا في مكان يقال له الخبيء واجتلدوا وحملت ميسرة بكر عليهم حنظلة على ميمنة الجيش. وحملت ميمنة بكر عليها يزيد ابن مصهر على ميسرة الجيش. وخرج عليهم الكمين من الخبيء وعليهم يزيد ابن حمار فشدوا على قلب الجيش وولت اياد منهزمة كما وعدتهم. وانهزمت الفرس وتبعتهم بكر. ولحق مرثد بن الحارث النعماني عثمان بن جرعة فاهوى له طعنا فسبقه النعمان بصدر فرسه فافلته. ولكن اسود بن مجير العجل وضع يده في يده ثم جز ناصيا وخلى سبيله. ثم اتبعت بكر الفرس واحلافه من العرب يقتلونهم بقية يومهم وليلتهم حتى اصبحوا من الغد. وقد السواد ودخلوه في طلب القوم. اما اياس بن قبيسة فكان اول من انصرف الى كسرى بالهزيمة وكان لا يأتيه احد بهزيمة جيش الا نزع كتفيه فلما اتاه اياس سأل عن الخبر فقال هزمنا بكر بن وائل فاتيناك بنسائهم فاعجب ذلك كسرى وامر له بكسوة ثم استأذنه ياس وقال ان اخي قيس بن قبيس مريض بعين التمر فاردت ان اتيه فاذن له كسرى فركب فرسه الحمامة ولحق باخيه. ثم اتى كسرى رجل من اهل الحيرة وهو بالخورنق فسأل هل دخل على الملك احد؟ فقيل نعم اياس فقال ثكلت اياسا امه. وظن انه قد حدثه الخبر فدخل عليه وحدثه بهزيمة القوم وقتلهم فامر به فنزعت كتفه