الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد. قال الامام ابن هشام باب التوابع يتبع ما قبله في اعرابه خمسة. التوابع عبارة عن الكلمة التي لا يمسها الاعراب الا على سبيل التبع لغيرها وهي خمسة النعت والتأكيد وعطف البيان وعطف النسق والبدل واعدها الزجاجي وغيره اربعة. وادرجوا عطف البيان وعطف النسق اي تحت قولهم العطف. النعت وهو التابع المشتق او المؤول به المباين للفظ متبوعه التابع جنس يشمل التوابع الخمسة. والمشتق او المؤول به مخرج لبقية التوابع. فانها لا تكون مشتقة ولا مؤول بها الا ترى انك تقول في التوكيد جاء القوم اجمعون. وجاء زيد زيد. وفي البيان والبدل جاء زيد ابو عبد الله وفي عطف النسق جاء زيد وعمرو فتجدها توابع جامدة. وكذلك سائر امثلتها ولم يبق الا التوكيد اللفظي فانه قد يجيء مشتقا كقولك جاء زيد الفاضل الفاضل. الاول نعت والثاني توكيد اللفظي. ولهذا اخرجنا بقول المباين للفظ متبوعه. فان قلت قد يكون التابع المشتق غير نعت. مثال ذلك في البيان والبدن قولك قال ابو بكر الصديق وقال عمر الفاروق وفي عطف النسق رأيت كاتبا وشاعرا. قلت الصديق والفاروق وان كانا مشتقين الا انهما صارا لقبين على الخليفتين رضي الله عنهما لاحقين بباب الاعلام كزيد وعمرو وشاعرا في المثال المذكور نعت حذف منعوته وذلك المنعوت هو المعطوف وكذلك كاتب ليس مفعولا في الحقيقة وانما هو صفة للمفعول والاصل رأيت رجلا كاتبا ورجلا شاعرا. وفائدته تخصيص او توضيح او مدح او ذم او ترحم او توكيد فائدة النعت اما تخصيص نكرة كقولك مررت برجل كاتب او توضيح معرفة كقولك مررت بزيد الخياط او مدح النحو بسم الله الرحمن الرحيم او ذم النحو اعوذ بالله من الشيطان الرجيم او ترحم النحو اللهم ارحم عبدك المسكين او توكيد نحو قوله تعالى تلك عشرة كاملة فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة ويتبع منعوته في واحد من اوجه الاعراض ومن التعريف والتنكير. ثم ان رفع ضميرا مستترا تبع في واحد من التذكير وواحد من الافراد وفرعيه والا فهو كالفعل والاحسن جاءني رجل قعود غلمانه ثم قاعد ثم قاعدون اعلم ان للاسم بحسب الاعراب ثلاثة احوال. رفع ونصب وجر وبحسب الافراد وغيره ثلاثة احوال. افراد نية وجمع وبحسب التذكير والتأنيث حالتان وبحسب التنكير والتعريف حالتان فهذه عشرة احوال للاسم ولا يكون عليها كلها في وقت واحد لما في بعضها من التضاد؟ الا ترى انه لا يكون الاسم مرفوعا منصوبا مجرورا ولام معرف منكرا ولا مفردا مثنى مجموعة ولا مذكرا مؤنثا. وانما يجتمع فيه منها في الوقت الواحد اربعة امور. وهي من كل قسم واحد تقول جاءني زيد فيكون فيه الافراد والتذكير والتعريف والرفع فان جئت مكانه برجل ففيه التنكير بدل التعريف. وبقية الاوجع فان جئت مكانه بالزيدان او بالرجال ففيه التثنية او الجمع بدل الافراد وبقية الاوجه. فان جئت مكانه بهن ففيه التأنيث بدل التذكير وبقية الاوجه فان قلت رأيت زيدا او مررت بزيد ففيه النصب او الجر بدل الرفع وبقية الاوجه ووقع في عبارة بعض المعربين ان النعت يتبع المنعوت في اربعة من عشرة ويعنون بذلك انه يتبعه في الامور الاربعة التي يكون عليها وليس كذلك. وانما حكمه ان يتبعه في اثنين من خمسة دائمة. وهما واحد من اوجه الاعراب وواحد من التعريف والتنكير ولا يجوز في شيء من النعوت ان يخالف منعوته في الاعراب ولا ان يخالفه في التعريف والتنكير فان قلت هذا منتقض بقولهم هذا جحر ضب خرب فوصفه المرفوع. وهو الجحر بالمحفوظ وهو خرب وبقوله تعالى ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده فوصف النكهة هي كل همزة لمزة بالمعرفة وهو الذي وبقوله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الضوء فوصف المعرفة وهو اسم الله تعالى بالنكرة وهي شديد العقاب. وانما قلنا انه نكرة لانه من باب الصفة المشبهة ولا تكون اضافتها الا في تقدير الانفصال. الا ترى ان المعنى شديد عقابه لا ينفك في المعنى عن ذلك قلت اما قولهم هذا جحر ضب خرب فاكثر العرب ترفع خربا. ولا اشكال فيه ومنهم من يخفضه لمجاورته للمغفور كما قال الشاعر قد يؤخذ الجار بجرم الجار ومرادهم بذلك ان يناسبوا بين المتجاورين في اللفظ وان كان المعنى على خلاف ذلك وعلى هذا الوجه ففيه خريب ضمة مقدرة منع من ظهوره اشتغال الاخر بحركة مجاورة. وليس ذلك بمخرج له عما ذكرناه من انه تابع لمنعوته في الاعراب كما انا نقول ان المبتدأ والخبر مرفوعان ولا يمنع من ذلك قراءة الحسن. ولا يمنع من ذلك قراءة الحسن البصري الحمدي لله بكسر الدال اتباعا لكسرة اللام. ولا يمنع من ذلك ايضا قولهم في الحكاية من زيدا بالنصب او من زيد اذا سألت من قال رأيت زيدا او مررت بزيد واردت ان تربط كلامك بكلامه بحكاية الاعراب وقد بين بهذا صحة قولنا ان النعت لابد ان يتبع منعوته في اعرابه وتعريفه وتنكيره واما حكمه بالنظر الى الخمسة الباقية وهي الافراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث. فانه يعطى منها ما يعطى الفعل الذي يحل محله في ذلك الكلام. فان كان الوصف رافعا لضمير الموصوف طابقه في اثنين منها. وكملت له حينئذ الموافقة في اربعة من عشرة كما قال المعربون. تقول مررت برجل قائم وبرجلين قائمين وبرجال قائمين وبامرأة قائمة وبامرأتين قائمتين تاء قائمات كما تقول في الفعل مررت برجل قام وبرجلين قاما وبرجال قاموا وبامرأة قامت وبامرأتين قامتا وبنساء قمنا وان كان الوصف رافعا للاسم ضاء وان كان الوصف رافعا لاسم ظاهر. فان تذكيره وتأنيثه على حسب ذلك الاسم الظاهر. لا على حسب المنعوت. كما ان الفعل الذي يحل محله يكون كذلك. تقول مررت برجل قائمة امه فتؤنث الصفة لتأنيث اللام ولا تلتفت لكون الموصوف لانك تقول في الفعل قامت امه وتقول في عكسه مررت بامرأة قائم ابوها فتذكر الصفة لتذكير الاب ولا تلتفتوا لكون الموصوف مؤنثة لانك تقول في الفعل قام ابوها قال الله تعالى ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها ويجب افراد الوصف ولو كان فاعله مثنى او مجموعة كما يجب ذلك في الفعل فتقول مررت برجلين قائم ابواهما وبرجال قائم اباؤهم كما تقول قاما ابواهما وقام اباؤهم. ومن قال قاما ابواهما او واكلوني البراغيث فن الوصف وجمعه مع السلامة فقال قائمين ابواهما وقائمين اباؤهم وجزى الجميع ان تجمع الصفة جمع التكسير اذا كان الاسم المرفوع جمعا فتقول مررت برجال قيام اباؤهم وبرجل قعود غلمانه. وروا ذلك احسن من الافراد الذي هو احسن من جمع التصحيح ويجوز قطع الصفة المعلوم موصوفها حقيقة او ادعاء. رفعا بتقدير هو ونصبا بتقدير اعني او امدح او اذم او ارحم. اذا كان الموصوف معلوما بدون الصفة جاز لك في الصفة الاتباع والقطع مثال ذلك في صفة المدح الحمدلله الحميد اجاز فيه سيبويه الجر على الاتباع والنصب بتقدير امده والرفع بتقدير هو وقال سمعنا بعض العرب يقول الحمد لله رب العالمين بالنصب فسألت عنها يونس فزعم انها ومثاله في صفة الذم وامرأته حمالة الحطب قرأ الجمهور بالرفع على الاتباع وقرأ عاصم بالنصب على الذم ومثاله في صفة الترحم مررت بزيد المسكين يجوز فيه الخفظ وعلى الاتباع والرفع بتقديري هو والنصب بتقدير ارحم. ومثاله في صفة الايضاح مررت بزيد التاجر. يجوز فيه الخفظ على الاتباع والرفع بتقديره هو والنصب بتقدير اعني. ولا فرق في جواز القطع بين ان يكون الموصوف معلوما حقيقة او ادعاء. فالاول مشهور فقد ذكرنا امثلته والثاني نص عليه سيبويه في كتابه فقال وقد يجوز ان تقول مررت بقومك الكرام يعني بالنصب او بالرفع جعلت المخاطب كانه قد عرفهم ثم قال نزلتهم هذه المنزلة وان كان لم يعرفهم والتوكيد وهو اما لفظي النحو اخاك اخاك ان من لا اخا له ونحوه اتاكي اتاكي اللاحقون احبسي احبسي ونحو لا لا ابوح بحب بثنة انها وليس منه دكا دكا وصفا الثاني من التواضع التوكيد ويقال فيه ايضا التأكيد للهمزة وبإبدالها الفا على القياس في نحو فأس ورأس وهو ظربان لفظي ومعنوي والكلام الان في اللفظ وهو اعادة اللفظ الاول بعينه سواء كان اسما كقوله اخاك اخاك ان من لا اخ له كساع الى الهيجا بغير سلاح وانتصاب اخاك الاول باظمار احفظ او الزم او نحوهما والثاني تأكيدا له او فعلا كقوله فاين الى اين النجاة ببغلة اتاك اتاك اللاحقون احبسي احبسي وتقدير البيت اين تذهب الى اين النجاة ببغلة؟ فحذف الفعل العامل في اين الاول؟ وكرر الفعل والمفعول في قوله اتاك اتاك واللاحقون هنا فاعل باتاك الاول وفاعل للثاني. لانه انما ذكر للتأكيد. لا ليسند الى شيء. وقيل انه فاعل بهما معا وذلك لانهما لما اتحدا لفظا ومعنى نزل منزلة الكلمة الواحدة وقيل انهما تنازع قوله اللاحقون ولو كان كذلك لزم ان يضمر في احدهما فكان يقول اتوك اتاك اللاحقون على اعمال واتاكي اتوك على اعمال الاول وقوله احبسي احبسي تكرير للجملة لان الضمير المستتر في الفعل في قوة الملفوظ او حرفا كقوله لا لا ابوح بحب انها اخذت علي مواثقا وعهودا وليس من التأكيد الاسم قوله تعالى كلا اذا دكت الارض دكا دكا. وجاء ربك والملك صفا صفا. خلافا لكثير من النحويين. لانه جاء في التفسير ان معناه دكا ام بعد دك وان الدك كرر عليها حتى صارت هباء منبثا وان معنى صفا صفا انه تنزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن والانس. وعلى هذا فليس الثاني فيه تأكيدا للاول بل المراد به التكرار كما يقال علمته الحساب بابا بابا. وكذلك ليس من تأكيد الجملة قول المؤذن الله واكبر الله اكبر خلافا لابن جني. لان الثاني لم يؤتى به لتأكيد الاول بل لانشاء تكبير ثان بخلاف قوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فان الجملة الثانية خبر ثان جيء به لتأكيد الخبر الاول او معنويا وهو بالنفس والعين مؤخرة عنها. ان اجتمعتا وتجمعان على افعل مع غير المفرد. وبكل لغير مثنى تجزأ بنفسه او بعامله وبكلا وكلتا له ان صح وقوع المفرد موقعه واتحد معنى المسند. ويضافن لضمير المؤكد وباجمع وجمعاء وجمعهما غير مضافة. النوع الثاني التأكيد المعنوي وهو بالفاظ محصورة منها النفس والعين وهما لرفع المجاز عن الذات تقول جاء زيد فيحتمل مجيء ذاته ويحتمل مجيء خبره او كتابه. فاذا قلت نفسه ارتفع الاحتمال الثاني. ولابد من اتصالهما بضمير عائد على المؤكد وذلك ان تؤكد بكل منهما وحده وان تجمع بينهما بشرط ان تبدأ بالنفس تقول جاء زيد نفسه عينه ويمتنع جاء زيد عينه نفسه. ويجب افراد النفس والعين مع المفرد وجمعهما على وزن افعولي مع التثنية والجمع تقول جاء الزيدان انفسهما اعينهما والزيدون اعينهم والهندات انفسهن اعينهن. ومنها كل لرفع ارادة الخصوص بلفظ العموم تقول جاء القوم. ويحتمل مجيء جميعهم فيحتمل مجيء بعضهم وانك عبرت بالكل عن البعض فاذا قلت كلهم رفعت هذا الاحتمال. وانما يؤكد بها بشروط احدها ان يكون المؤكد غير مثنى وهو المفرد والجمع. الثاني ان يكون متجزأ بذاته او بعامله فالاول كقوله تعالى. فسجد الملائكة كلهم اجمعون والثاني كقولك اشتريت العبد كله. فان العبد يتجزأ باعتبار الشراء وان كان لا يتجزأ باعتبار ذاته. ولا يجوز جاء الزيدون كله لانه لا يتجزأ لا بذاته ولا بعامله. الثالث ان يتصل به ضمير عائد على المؤكد فليس من التأكيد قراءة بعضهم ان كلا فيها خلافا للزمخشر والفراء. ومنها كلا وكلتا وهما بمنزلة كل في المعنى تقول جاء زيدان فيحتمل مجيئهما معا هو الظاهر ويحتمل مجيء احدهما وان المراد احد زيدين. كما قالوا في قوله تعالى لولا نزل هذا القرآن على رجل ان من القريتين عظيم. ان معناه على رجل من احدى القريتين. فاذا قيل كلاهما اندفع الاحتمال. وانما يؤكد بشروط احدهما ان يكون المؤكد بهما دالا على اثنين. الثاني ان يصح حلول الواحد محلهما. فلا يجوز على المذهب الصحيح ان يقال اختصم الزيداني كلاهما لانه لا يحتمل ان يكون المراد اختصم احد زيدين فلا حاجة للتأكيد الثالث ان يكون ما اسندته اليهما غير مختلف في المعنى فلا يجوز مات زيد وعاش عمر كلاهما. الرابع ان يتصل بهما ضمير عائد على المؤكد بهما. ومنها اجمع وجمع وجمعهما وهو اجمعون وجمع وانما يؤكد بها غالبا بعد كل. فلهذا استغنت عن ان يتصل بها ضمير يعود على المؤكد. تقول اشتريت العبد كله اجمع والامة كلها جمعاء والعبيد كلهم اجمعين. والاماء كلهن جمع. قال الله تعالى فسجد الملائكة كلهم هم اجمعون. ويجوز التأكيد بها وان لم يتقدم كل قال الله تعالى لاغوينهم اجمعين. وان جهنم لموعدهم اجمعين وفي الحديث اذا صلى الامام جالسا فصلوا جلوسا اجمعون. يروى بالرفع تأكيدا للضمير وبالنصب على الحال وهو ضعيف لاستلزامه تنكيرها وهي معرفة بنية الاضافة. وقد فهم من قول اجمع وجمعاء وجمعهما انهما لا يثنيان فلا فلا يقال اجمعان ولا جمعاوان. وهذا مذهب جمهور البصريين وهو الصحيح لان ذلك لم يسمع وهي بخلاف النعوت لا يجوز ان تتعاطف المؤكدات ولا ان يتبعن نكرة وندر يا ليت عدة حول كله رجب. ذكرت في هذا الموضع مسألتين من مسائل باب النعت احداهما ان النعوت اذا تكررت فانت فيها مخير بين المجيء بالعطف وتركه فالاول كقوله تعالى سبح اسم ربك الاعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى. وكقول الشاعر الى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم. والثاني كقوله تعالى ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم. مناع الخير معتد اثيم الاية الثاني ان النعتة كما يتبع المعرفة كذلك يتبع النكرة وذكرت ان اللفظ التوب وذكرت ان الفاظ التوكيد مخالفة للنعوت في الامرين جميعا. وذلك انها لا تتعاطف اذا اجتمعت لا يقال جاء زيد نفسه وعينه ولا جاء القوم كلهم اجمعون. وعلة ذلك انها بمعنى واحد وشيء لا يعطف على نفسه بخلاف النعوت فان معانيها مختلفة وكذلك لا يجوز في الفاظ التوكيد ان تتبع نكرة. لا يقال جاء رجل نفسه لان الفاظ التوكيد معارف. فلا تجري على النكرات وشذ قول الشاعر لكنه شاقه ان قيل ذا رجب يا ليت عدة حول كله رجب. وعطف البيان وهو تابع موضح او مخصص حامد غير مؤول هذا الباب الثالث من ابواب التوابع. والعطف في اللغة الرجوع الى الشيء بعد الانصراف عنه وفي الاصطلاح ظربان عطف ونسق وسيأتي وعطف بيان والكلام الان فيه وقول تابع جنس يشمل التوابع الخمس وقولي موضح او مخصص مخرج للتأكيد فجاء زيد نفسه ولعطف النسق جاء زيد وعمرو وللبدل كقولك اكلت الرغيف ثلثه وقولي جامد مخرج للنعت فانه وان كان موضحا في نحو جاء زيد التاجر ومخصصا في نحو جاءني رجل تاجر لكنه مشتق وقولي غير مؤول مخرج لما وقع من النعوت جامدا نحو مررت بزيد هذا وبقاع عرفج فانه في تأويل المشتق الا ترى ان المعنى مررت بزيد المشار اليه وبقاع خشن. فيوافق متبوعه اعني بهذا ان عطف البيان لكونه مفيد اذا فائدة النعت ومن ايضاح متبوع وتخصيص يلزمه من موافقة المتبوع في التنكير والتذكير والافراد وفروعهن ما يلزم من كاقسم بالله ابو حفص عمر وهذا خاتم حديد. اشرت بالمثالين الى ما تضمنه الحد من كونه موضحا للمعارف مخصصا للنكرات والمراد بابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولك في نحو خاتم حديد ثلاثة اوجه. الجر بالاضافة على معنى منه والنصب على التمييز وقيل على الحال والاتباع. فمن النص معنى التمييز قال ان التابع عطف بيان. ومن خرجه على الحال قال انه صفة. والاول اولى لانه جامد جمودا فلا يحسن كونه حالا ولا صفة ومنع كثير من النحويين كون عطف البيان نكرة تابعا للنكرة والصحيح الجواز وقد خرج على ذلك قوله تعالى ويشقى من ماء صديد. وقال الفارسي في قوله تعالى او كفارة طعام مساكين يجوز في طعام ان يكون بيانا وان يكون بدلا ويعرب بدل كل من كل ان لم يمتنع احلاله محل الاول كقوله انا ابن التارك البكري بشر وقوله ايا اخوينا عبد شمس ونوفل كل اسم صح الحكم عليه بانه عطف بيان مفيد للايضاح او للتخصيص صح ان عليه بانه بدل كل من كل. مفيد لتقرير معنى الكلام وتوكيده لكونه على نية تكرار العامل واستثنى بعضهم من ذلك مسألة وبعضهم مسألتين وبعضهم اكثر من ذلك ويجمع الجميع قولي ان لم يمتنع احلاله محل الاول. وقد ذكرت لذلك مثالين احدهما قول الشاعر انا ابن التارك بكري بشر عليه الطير ترقبه وقوعا. والثاني قول الاخر ايا اخوينا عبد شمس ونوفل اعيذكم بالله ان تحدثا حربا. وبيان ذلك في البيت الاول ان قوله بشر عطف بيان على البكري. ولا يجوز ان يكون بدلا منه لان بدل في نية احلاله محل الاول. ولا يجوز ان يقال انا ابن التارك بشر. لانه لا يضاف ما فيه الالف واللام نحو التارك الا لما فيه الالف واللام نحو البكر ولا يقال الضارب زيد كما تقدم شرحه في باب الاضافة وبيان ذلك في البيت الثاني ان قوله عبد شمس ونوفل عطف بيان على قوله ايا خوينا ولا يجوز ان يكون بدلا لانه حينئذ في تقرير احلاله محل الاول. فكأنك قلت ايا عبد شمس ونوفل وذلك لا يجوز لان المنادى اذا عطف عليه اسم مجرد من الالف واللام وجب ان يعطى ما يستحقه لو كان منادى. ونوفل لو كان منادى قيل فيه يا نوفل بالضم لا يا نوفل بالنصب. فلذلك كان يجب ان يقال هنا ايا اخوينا عبد شمس ونوفل وعطف النسق بالواو الرابع من التوابع عطف النسق. وقد مضى تفسير العطف فمن نسقوا فهو التابع المتوسط بينه وبين متبوعه احد حروف العطف الاتي ذكرها ولم احده بحد لوضوح على انني فسرته بقول بالواو الى اخره فان معناه ان عطف النسق هو العطف بالواو والفاء واخواتهما واعترضت بعد ذكر كل حرف بتفسير نعم وهي لمطلق الجمع. قال السيرافي اجمع النحويون واللغويون من البصريين والكوفيين على ان الواو للجمع من غير ترتيب. واقول اذا قيل جاء زيد وعمرو فمعناه انهما اشتركا في المجيء. ثم يحتمل الكلام ثلاثة معان احدها يكون جاء معا والثاني ان يكون مجيئهما على الترتيب. وثالثا يكون على عكس الترتيب. فان فهم احد الامور بخصوصه فمن دليل لين اخر كما فهمت المعية في نحو قوله تعالى واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل وكما فهم الترتيب في قوله تعالى اذا زلزلت الارض زلزالها واخرجت الارض اثقالها وقال الانسان مالها. وكما فهم عكس الترتيب في قوله تعالى اخبارا عن منكر البعث ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا. ولو كانت للترتيب لكان اعترافا بالحياة بعد الموت وهذا الذي ذكره قول اكثر اهل العلم من النحات وغيرهم وليس باجماع كما قال السيرافي. بل روي عن بعض الكوفيين ان الواو وانه اجاب عن هذه الاية بان المراد يموت كبارنا وتولد صغارنا فنحيا. وهي بعيد. ومن اوضح ما يرد عليه قولنا العرب اختصم زيد وعمرو وامتناعه من ان يعطف في ذلك بالفاء او بثم لكونها للترتيب. ولو كانت الواو مثلهما لم مع ذلك معها كما امتنع معهما. والفاء للترتيب والتعقيب اذا قيل جاء زيد فعمرو فمعناه ان مجيء عمرو وقع بعد مجيء في زيد من غير مهلة فهي مفيدة لثلاثة امور التشريك في الحكم ولم انبه عليه لوضوح والترتيب والتعقيب. وتعقيب كل شيء بحسبه فاذا قلت دخلت البصرة فبغداد. وكان بينهما ثلاثة ايام ودخلت بعد الثالث فذلك تعقيب في مثل هذا عادة فاذا دخلت بعد الرابعة والخامس فليس بتعقيب ولم يجز الكلام والفاء معنى وللفاء معنى اخر وهو التسبب. وذلك غالب في عطف الجمل. نحو قولك سهى فسجد وزنا فرجم وسرق وقوله تعالى فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه. ولدلالته على ذلك استعيرت للربط في جواب الشرط نحو من يأتيني فاني ولهذا اذا قيل من دخل داري فله درهم افاد استحقاق الدرهم بالدخول ولو حذف الفاء احتمل ذلك واحتمل الاقرار بالدرهم له وقد تخلو الفاء العاطفة للجمل عن هذا المعنى كقوله تعالى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعل له غثاء احوى وثم للترتيب والتراخي اذا قيل جاء زيد ثم عم. فمعناه ان مجيء عمرو وقع بعد مجيء زيد بمهلة فهي مفيدة ايضا لثلاثة التشريك في الحكم ولم انبه عليه لوضوح والترتيب والتراخي. وما قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة فقيل التقدير خلقنا اباكم ثم صورنا اباكم فحذف المضاف منهما. وحتى للغاية والتدريج معنى الغاية اخر الشيء ومعنى التدريج ان ما قبل ينقضي شيئا فشيئا الى ان يبلغ الى الغاية. وهو الاسم المعطوف. ولذلك وجب ان يكون المعطوف بها جزءا من المعطوف عليه. اما تحقيقا كقولك اكلت السمكة حتى رأسها او تقديرا كقوله القى صحيفة كي يخفف رحله وازداد حتى نعله القاها. فعطف نعله بحتى وليست جزءا مما قبلها تحقيقا لكنها جزءا تقديرا لان معنى الكلام القى ما يثقله حتى نعله. لا للترتيب زعم بعضهم ان حتى تفيد الترتيب كما تفيده ثم والفاء وليس كذلك. وانما هي لمطلق الجمع كلوة ويشهد لذلك قوله عليه الصلاة والسلام كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس. ولا ترتيب بين القضاء والقدر وانما الترتيب في ظهور المقضيات والمقدرات واو لاحد الشيئين او الاشياء مفيدة بعد طلب التخيير او الاباحة وبعد الخبر الشك او التشكيك. مثالها لاحد شيئين قوله تعالى لبثنا ايوما او بعض يوم ولاحد الاشياء فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة ولكونها لاحد شيئين او الاشياء امتنع ان يقال سواء علي اقمت او قعدت. لان سواء لابد فيه من شيئين لانك لا تقل سواء علي هذا الشيء ولا اربعة معان معنيان بعد الطلب وهما التخيير والاباحة ومعنيان بعد الخبر وهما الشك والتشكيك للتأخير تزوج هندا او اختها وللاباحة. جالس الحسن او ابن سيرين والفرق بينهما ان التخيير يأبى جواز الجمع بينما قبلها وما بعدها. والاباحة لا تأبى. الا ترى انه لا يجوز له ان يجمع بين تزوج هند واختها. وله ان يجالس الحسن مسيرين جميعا ومثالها للشك قولك جاء زيد او عمرو. اذا لم تعلم الجائي منهما ومثالها للتشكيك قولك جاء زيد او عمرو اذا كنت عالما بالجاء منهما ولكنك ابهمت على المخاطب وامثلة ذلك من التنجيل قوله تعالى فكفارة اطعام عشرة مساكين الاية فانه لا يجوز له الجمع بين الجميع الاعتقاد ان الجميع هو الكفارة وقوله تعالى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت ابائكم الاية وقوله تعالى لبثنا يوما او بعض يوم قوله تعالى وانا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين. وام لطلب التعيين بعد همزة على احد المستويين تقول ازيد عندك ام عمرو؟ اذا كنت قاطعا بان احدهما عنده ولكنك شككت في عينه. ولهذا يكون الجواب بالتعيين لا بنعم ولا بلا وتسمى ام هذه معادلة لانها عادلة الهمزة في الاستفهام بها الا ترى انك ادخلت الهمزة على احد الاسمين الذين استوى الحكم في ظنك بالنسبة اليهما وادخلت ام على الاخر ووسطت بينهما ما لا تشك فيه وهو قولك عندك. وتسمي ايضا متصلة. لان ما قبله وما وبعدها لا يستغنى باحدهما عن الاخر. وللرد عن الخطأ في الحكم لا بعد ايجاب ولكن بل بعد نفي ولصرف الحكم الى ما ما بعدها بل بعد ايجاب. حاصل هذا الموضع ان بين لا ولكن وبل اشتراكا وافتراقا. فاما اشتراكهما فمن وجهين. احدهما انها عاطفة والثاني انها تفيد رد السامع عن الخطأ في الحكم الى الصواب. واما افتراقهما فمن وجهين ايضا احدهما ان لا تكون لقصر القلب وقصر الافراد وبل ولكن انما يكونان لقصر القلب فقط. تقول جاءني زيد لا عمرو ردا على من اعتقد ان عمرا جاء اذون زيد؟ او انهما جاءاك معا وتقول ما جاءني زيد لكن عمرو او بلعم ردا على من اعتقد العكس والثاني ان لا انما بها بعد الاثبات وبل يعطف بها بعد النفي ولكن انما يعطف بها بعد النفي ويكون معناها كما ذكرنا ويعطف ببل بعد الاثبات ومعناه حينئذ اثبات الحكم لما بعدها وصرفه عن ما قبلها. وتصيره كالمسكوت عنه من قبل ان لا انه ومن من قبل انه لا يحكم عليه بشيء وذلك كقولك جاءني زيد بل عمرو. وقد تضمن سكوتي عن اما انها غير عاطفة وهو الحق وبه قال الفارسي وقال الجرجاني عدوها في حروف العطف سهو ظاهر. والبدل وهو تابع مقصود بالحكم بلا واسطة وهو ستة كل نحو مفازا حدائق وبعض النحو من استطاع واشتمال النحو قتال فيه واضراب وغلط ونسيان نحن تصدقت بدرهم دينار بحسب قصدي الاول والثاني او الثاني وسبق اللسان او الاول وتبين الخطأ. الباب الخامس من ابواب التوابع بدل وهو في اللغة العوض قال الله تعالى عسى ربنا ان يبدلنا خيرا منها وفي الاصطلاح. تابع مقصود بالحكم بلا واسطة فقول يبيعون جنس يشمل جميع التوابع وقولي مقصود بالحكم. مخرج للنعت والتأكيد وعطف البيان فانها مكملة للمتبوع المقصود بالحكم. لا انها هي المقصودة بالحكم ولا بلا واسطة مخرج لعطف النسق جاء زيد وعمرو فان وان كان تابعا مقصودا بالحكم ولكنه بواسطة حرف العطف واقسامه ستة احدها بدل كل من كل وهو عبارة عما الثاني فيه عين الاول كقولك جاءني محمد ابو عبد الله وقوله تعالى مفازا حدائقه وانما لم اقل بدل الكل من الكل حذرا من مذهب من لا يجيز ادخال العلا كل. وقد استعمله الزجاجي في واعتذر عنه بانه تسامح فيه موافقة للناس. الثاني بدل بعض من كل وضابطه ان يكون الثاني جزءا من الاول كقولك اكلت الرغبة ثلثه وكقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا فمن استطاع بدل من الناس هذا هو المشهور. وقيل فاعل بالحج اي ولله على الناس ان يحج مستطيعهم وقال الكسائي انها شرطية مبتدأ. والجواب محذوف اي من استطاع فليحج ولا حاجة لدعوى الحذف مع امكان تمام الكلام والوجه الثاني يقتضي انه يجب على جميع الناس ان يحج وذلك باطل باتفاق فيتعين القول الاول. وانما لم اقل البعض بالالف واللام لما قدمته في كل آآ لما قدمته في كل. والثالث بدأوا الاشتمال وضابطه ان يكون بين الاول والثاني ملابسة بغير الجزئية كقولك اعجبني زيد العلم وقوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ونبهت بالتمثيل بالايات الثلاث على ان البدل والمبدل ان يكونان نكرتين نحو قوله تعالى مفازا حدائق ومعرفتين مثل الناس ومن ومختلفين مثل الشهر وقتال. والرابع والخامس بدل الاضراب وبدل الغلط وبدل النسيان كقولك تصدقت بدرهم دينار. فهذا المثال محتمل لان لان تكون قد اخبرت بانك تصدقت بدرهم ثم عنا لك ان تخبر بانك تصدقت بدينار وهذا بدل الاضراب. ولان تكون قد اردت الاخبار بالتصدق بالدينار فسبق تانوك الى الدرهم وهذا بدل الغلط ولن تكون قد اردت الاخبار بالتصدق بالدرهم فلما نطقت به تبين فساد ذلك القصد وهذا هو بدل النسيان وربما اشكل على كثير من الطلبة الفرق بين بدلي الغلط والنسيان وقد بيناه ويوضحه ايضا ان الغلط في اللسان والنسيان في الجنان