بسم الله الرحمن الرحيم كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم قم الى صراط العزيز الحميد. الله الذي له ما في السماوات وما في الارض وويل للكافرين من عذاب شديد يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونه اعوجاجا اولئك في ضلال بعيد. وما آآ ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من ان يشاء ويهدي من يشاء. وهو العزيز الحكيم ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهن بايام الله ان في ذلك لايات لكل صبار شكور. ثم قال جل وعلا في سورة إبراهيم الف لام راء كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور هذه السورة هي سورة إبراهيم وهذا اسمها ولا يعرف لها غير هذا الاسم انما تعرف بسورة ابراهيم وذلك لان لانه ذكر ابراهيم فيها وجاء قصصه وهي سورة مكية اي نزلت قبل الهجرة. في قول الجمهور. قالوا سورة مكية وقال قتادة هي مكية الا ايتين. وهي قوله جل وعلا المتر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا الى قوله وبئس القرار وقيل بل هي مكية من اول هذه الاية الم ترى الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا الى قوله فان مصيركم الى النار فان هذا نزل في قصة بدر في غزوة في بدر وبناء على هذا تكون مدنية لان بدر بعد الهجرة قال الطاهر بن عاشور وليس ذلك الا توهما يعني القول بان هذه السورة مكية الا اية كذا وكذا يقول هذا توهم ما هو بصحيح وهناك قاعدة الاصل ان السورة تأخذ حكما واحدا. فاذا قيل هذه السورة مكية فالاصل ان جميعها مكية او مدنية الاصل انها ان جميعها مدنية الا اذا قام دليل صحيح صريح على خلاف ذلك. يصار الى الدليل فسورة ابراهيم سورة مكية. يعني نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته. صلى الله عليه واله وسلم وترتيبها في النزول يقولون نزلت بعد سورة الشورى. وقبل سورة الانبيا وترتيبها السورة السبعون هي السورة السبعون في نزول او في ترتيب السور من حيث النزول يعني نزل قبلها تسع وستون سورة. واما عدد اياتها فاختلف العادون فيه. فقال المدنيون هي اربع وخمسون اية. وقال اهل الشام هي خمس وخمسون اية. وقال اهل البصرة هي احدى وخمسون اية وقال اهل الكوفة هي اثنتان وخمسون اية. وهذا كما سبق مرارا وتكرارا لا يؤثر او لا يظن ان فيه اختلاف في هذه السورة بسبب عد الايات لا لكن الخلاف ان ان الخلاف انما يكون حينما يعد بعض العادين هذه الاية بكمالها اية واحدة والاخر يعدها ايتين من هنا يأتي الاختلاف والا هي هي القرآن محفوظ بحفظ الله لا زيادة فيه ولا نقصان. آآ يقول الله جل وعلا الف لام راء سبق الكلام عن الحروف المقطعة ان يقال الله اعلم بمراده منها والحكمة منها التحدي والاعجاز كانه يقول هذا القرآن الذي عجزتم ان تأتوا بمثله هو مركب من كلماتكم من حروف كلامكم الذي تتكلمون فيه ومع ذلك ما تستطيعون ان تأتون بمثله قالوا ومما يدل على انها للتحدي والاعجاز انه لابد ان يذكر بعد الحروف المقطعة يذكر يشار الى القرآن. يذكر وهنا ولهذا هنا قال الف لام راء كتاب في اول سورة البقرة الف لام ميم ذلك الكتاب. هي سورة الاعراف الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. قاف والقرآن المجيد وهكذا بل هذا في جميع السور التي بدأت بالحروف المقطعة الا في سورة واحدة وهي مخرجة على انه ذكر معنى الكتاب ضمنا. قال الف لام راء كتاب انزلناه اليك. اذا القرآن كتاب هو القرآن انزلناه اليك دليل على انه من عند الله. وان الله جل وعلا تكلم به. وانزله على نبيه ايه؟ تكلم به حرفا بالحرف والصوت. وسمعه منه جبريل. والقاه الى نبينا صلى الله عليه واله وسلم وقوله انزلناه دليل على علو الله. لان النزول يكون من اعلى الى اسفل. انزلناه اليك لماذا؟ ما هي العلة؟ لتخرج الناس من الظلمات الى النور. لتخرج الناس به بهذا الكتاب بهذا القرآن من الظلمات وهي ظلمات الكفر والجهل والشك والمعاصي الى نور الايمان والهداية والتقوى فيا من تريد النور تريد حصول النور والسلامة من الظلمات الزم كتاب الله جل على فان الله انزله على نبيه لهذه العلة لاجل ان يخرج الناس به من الظلمات الى النور. والمراد من يؤمن به القرآن هدى للناس جميعا. لكن انما ينتفع به المؤمنون هدى للمتقين. لانه هم يعملون بمقتضاه. فمن عمل بمقتضاه ما دل عليه اخرجه الله من الظلمات الى النور ومن ابى ان يؤمن به فهو باق في ظلماته. ولا يزال مترديا فيها. لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم قال ابن كثير اي باذن ربهم اي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يد رسوله المبعوث عن امره يهديهم الى صراط العزيز الحميد. اذا حتى الهداية يا اخوان الهداية تكون باذن لربهم باذن الله يهدي من يشاء ويظل من يشاء. ولهذا المسلم يقول في صلاته كل يوم اهدنا الصراط تقييم فيسأل الله الهداية لان الهداية بيده جل وعلا. وقد جعل لذلك اسبابا فمن اقبل على الحق واستجاب وامن وعمل صالحا زاده الله هدى والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم ومن وتكبر وتجبر ولم يسمع للحق. فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم الجزاء من جنس العمل. قال جل وعلا لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد قال ابن كثير العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب بل هو القاهر لكل ما سواه الحميد قال اي المحمود في جميع افعاله واقواله وشرعه وامره ونهيه. الصادق في خبره نعم اذا انزل الله على نبينا صلى الله عليه واله وسلم القرآن لاجل ان يخرج الناس من الظلمات الى النور باذن الله جل وعلا ويهديهم الى صراط العزيز الحميد وهو دين الاسلام الذي ارتضاه الله جل وعلا اهدنا الصراط المستقيم وهو الطريق الموصل الى الله الذي دل عليه القرآن وهو الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف. ثم قال جل وعلا الله الذي له ما في السماوات. قرئ بالكسر. الله على انه بدل من الحميد الى صراط العزيز الحميد الله. وقرأ بالظم على اذا بالرفع عن الاستئناف. الله الذي له ما في السماوات وما في الارض وهما قرأتان سبعيتان الله الذي له ما في السماوات وما في الارض اذا ليخرج انزل الله القرآن ليخرج به النبي صلى الله عليه وسلم من ظلمات الكفر والجهل والشقاق والنفاق الى نور الايمان والهداية والاسلام وذلك باذن الله الى صراطه جل وعلا تقييم الى صراط الله العزيز. والله هو العزيز وهو الحميد المحمود على كل حال. وهو الله الذي له ما في السماوات وما في الارض. فكل ما في السماوات وما في الارض خلقه وملكه فهي ملك له. خلقها ويتصرف فيها. ويدبرها ويجريها على بما يريد جل وعلا وهذا فيه تقرير توحيد الربوبية ولان القوم كفار مشركون فيقررهم بهذه الادلة العقلية التي لا تقاوم. ولهذا قال الله الذي له ما في السماوات وما في الارض وويل للكافرين من عذاب شديد. الا يؤمنون بمن له ملك السماوات والارض؟ كل ما في السماوات وما في الارض ملكه تحت قهره وتدبيره وتصريفه جل وعلا. فمن كان مالكا لها يجب ان يفرد بالعبادة وان وبها لانه الملك حقا والرب حقا جل وعلا. قال جل وعلا وويل للكافرين هذا تهديد وتخويف ويل للكافرين الذين كفروا به ولم يؤمنوا ولم يتبعوا النور الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوا القرآن ويل لهم اي الهلاك لهم. وقيل كلمة وعيد وتخويف من عذاب شديد. وهو عذاب جهنم وهم يعذبون في الدنيا وفي الاخرة. فيؤخذون في الدنيا ويقتلون ويؤسرون. وايضا اذا افضوا الى الاخرة لهم عذاب النار وبئس المصير. وهذا فيه تخويف وتحذير لمن كان له قلب او يلقى السمع وهو شهيد. قال جل وعلا الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة. وهم الكافرين. وويل للكافرين الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة. هذا تقدير الكلام. ومعنى يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة. قال ابن كثير ان يقدمونه ويؤثرونها عليها. يعني يستحبون الحياة الدنيا الاخرة ان يقدمون الحياة الدنيا ويؤثرون على الاخرة. ولهذا يتبعون انفسهم هواها في هذه الحياة. فلا يؤمنون ولا يبتدعون عن الذنوب والمعاصي ولا هنا ما حرم الله. وقال الطبري اي يختارون الحياة الدنيا ومتاعها ومعاصي الله فيها طاعة الله هذا معنى يستحبون الحياة الدنيا هذه حال الكفار يستحبونها يقدمونها يتمتعون بها يعرضون عن الاخرة. ولا يعملون لها لا يؤمنون ولا يعملون الاعمال الصالحة. قال جل وعلا ويصدون عن سبيل الله زيادة على هذا الفعل القبيح الذي فعلوه بانفسهم وهو تقديم الدنيا على الاخرة الاعراض عن الاخرة ايضا يصدون غيرهم ويمنعون غيرهم من الدخول في دين الاسلام. وفي ويمنعون غيرهم من الدخول في في سبيل الله الموصلة اليه ويدينه. دين الاسلام. قال اويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا. يبغون سبيل الله والطريق الموصلة اليه يبغونها عوجا اي يبتغونها تحريفا وتبديلا فهم يريدون معوجة تتبع اهواءهم ولا يريدونه صراطا مستقيما. فيبغون هذه السبيل وهذه الطريق الموصلة الى الله يريدون معوجة لان الله جعل السبيل الوحيد هو سبيله الموصل اليه هذا هو المستقيم. وما غيره من السبل فهي معوجة منحرفة كما خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مستقيما وقال هذا يوصل الى الجنة وخط خطوطا كثيرة متعرجة. قال على رأس كل طريق منها ان يدعو الى النار وهم يريدون هذا يريدونها معوجة والانعواج ظد يعني الاعتدال وايجاد ضد الاعتدال. فهم لا يريدونها طريقا مستقيمة. ويبغونها عوجا اولئك بظلال بعيد. اولئك الذين يفعلون هذا يقدمون الدنيا على الاخرة ويصدون غيرهم عن السبيل ويريدون السبيل معوجة. اذا يقول الله جل وعلا عن هؤلاء الذين يحبون الحياة الدنيا عن الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغون سبيل الله معوجة منحرفة مائلة عن الحق وفق اهوائهم وارائهم وشهواتهم قال اولئك في ضلال بعيد اي بظلال بعيد قد بعدوا عن الحق بعيدا وذهبوا عنه بعيدا لان هذه الافعال التي يفعلونها تدل على بعدهم في الضلال خاصة انهم اضافوا الى ذلك الصد عن سبيل الله فنأوا بانفسهم وصدوا غيرهم عنه فهو من ابعد الضلال واكبره واكثره. ثم قال جل وعلا وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه يخبر جل وعلا انه ما ارسل من رسول الا بلسان قومه والا اداة حصر ومعنى بلسان قومه يعني بلغة قومه لاجل ان يفهموا عنه ويعون ما يقول ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الامام احمد بسند صحيح كما في سلسلة الصحيحة من هذه من حديث ابي ذر قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يبعث الله عز وجل نبيا الا بلغة قومه لم يبعث الله عز وجل نبيا الا بلغة قومه حتى يفهموا عنه ويعقلوا ويعرفون يفهمون ما يدعو اليه ويتكلم به قال جل وعلا ليبين لهم يعني ما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه لاجل ان يبين لهم الحق ويظهره ويجليه ويوضحه فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم فبعد بعث الرسل وبعد بيانهم للحق واظهارهم له الناس قسمان يظل الله من يشاء اي بعد البيان واقامة الحجة كما يقول ابن كثير اي بعد البيان واقامة الحجة عليهم يظل تعالى من يشاء عن وجه الهدى ويهدي من شاوي الى الحق وهو العزيز جل وعلا القوي الذي لا يمانع ولا يغالب وهو الحكيم فكل افعاله واحكامه وفق الحكمة وفي غاية الحكمة فهو يهدي من يشاء لحكمة لحكمة عظيمة ويظل من يشاء لحكمة عظيمة جل وعلا فهو حكيم في افعاله واقواله واقداره وفي اظلال من يضل وفي هداية من يضل. ثم قال جل وعلا ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور يقول جل وعلا لنبينا صلى الله عليه وسلم لقد ارسلنا كما ارسلناك الى قومك قد ارسلنا قبلك نبينا موسى باياتنا اي بادلتنا وحججنا بالايات والحجج والدلائل وقد اتاه الله تسع ايات كلها تدل على صدقه وانه رسول من عند الله ان اخرج قومك من الظلمات الى النور ارسله بالحجج ان اخرج قومك عن هنا تفسيرية ارسله بالحجج وفسر ذلك لاجل ان يخرج قومه من من الظلمات ظلمات الكفر والشرك والمعاصي قيل النور الى نور الايمان والهداية والاسلام وهكذا ارسل الله جميع الرسل بالدعوة الى الى الله جل وعلا الى عبادة الله وحده لا شريك له وباخرى اخراج الناس من الظلمات الى النور لمن امن به واتبعهم قال جل وعلا وذكرهم بايام الله ايضا مما قاله الله عز وجل لموسى حينما ارسله الى قومه قال ذكرهم اي عظهم بايام الله المراد بايام الله التي اهلك فيها الامم التي قبلهم بيوم هلاك قوم نوح ويوم هلاك قومه عاد قوم صالح وقوم شعيب وغيرهم من الامور المكذبة عظهم ذكرهم بايام الله يعني عظهم من التذكرة والعظة بايام الله التي انزل فيها عقوبته على اولئك القوم لما كفروا فما انتم منهم ببعيد فان لم تؤمنوا وترجعوا وتتوبوا الى الله فان مصيركم مصيرهم كما اهلكهم الله يهلككم فذكرهم بايام الله ان في ذلك لايات لكل صبار شكور ان في ذلك اي فيما صنعناه في اوليائنا من بني اسرائيل وهو تنجيتهم واظهارهم على عدوهم وفي اهلاكنا لاعدائهم ان في ذلك لايات لكل صبار شكور لكل صبار والصبار هنا ذي صبر قالوا ذي ذي صبر على طاعة الله والصبار كثير الصبر والشكور اي ذو شكر لله على ما انعم عليه من نعمه. والشكور كثير الشكر والدليل انه لا ايمان الا بالصبر والشكر فبنو اسرائيل على ما ذهب اليه جمع المفسرين لما صبروا على امر الله وعلى طاعته وعلى دينهم وشكروا الله جل وعلا نجاهم الله واهلك عدوهم وهذا فيه ايات عبر وعظات علينا ان نتعظ بها نصبر على ديننا ونتمسك به ونشكر الله جل وعلا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. ومن اعظمها نعمة الايمان والهداية الى الحق اخبار من قبلنا او شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه فكما ان هذا في قوم موسى الا ان لنا في ذلك عبرة وانه لابد من الصبر ان يصبر الانسان على دينه لهذا قال العلماء يصبروا على طاعة الله ويصبر عن معصية الله ويصبر على اقدار الله المؤلمة اذا وقعت به والله اعلم