بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الف ميم راء تلك ايات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن اكثرن الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى. يدبر الامر فصلوا الايات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهار ومن كل الثمرات فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار. ان في ذلك لايات لقوم تذكروا وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحدة ونفضل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد في هذه الليلة المباركة نبتدأ تفسير سورة الرعد وقبل ذلك نذكر بعض المقدمات التي تتعلق بالسورة فنقول اولا اسمها هذه السورة تسمى سورة الرعد وذلك لقوله جل وعلا فيها ويسبح الرعد بحمده ولا يعرف لها غير هذا الاسم بل ذكر الطاهر ابن عاشور ان تسميتها في سورة الرعد توقيفي فلا يعرف لها غير هذا الاسم فهي سورة الرعد اخذا من الاية التي وردت في ذلك واما نوعها قال ابن عباس في رواية وهو قول مجاهد وسعيد ابن جبير وقتادة قالوا انها مكية يعني نزلت قبل الهجرة قبل مهاجر النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال ابن عباس في رواية وعكرمة والحسن انها مدنية وقال بعضهم هي مدنية الا ايتين وهي قوله جل وعلا ولو ان قرآنا سيرت به الجبال وقوله ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ورجح ابن عاشور انها مكية واستدل على ذلك قال واستدل على ذلك بقوله الاستدلال او كثرة الاستدلال على التوحيد وتقريع المشركين في هذه السورة يعني فكأن سياق الايات يدل على انها مكية لان من علامات المكي كثرة الحديث او كثرة الامر بالتوحيد وافراد الله بالعبادة مناقشة المشركين وابطال معتقداتهم والتركيز على الايمان باليوم الاخر والبعث والنشور لانهم قوم ينكرون ذلك وهذا يكثر في هذه السورة فدل على انها من قبل المكي يعني نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يهاجر الى المدينة وعدد اياتها ثلاث واربعون اية في العد الكوفي وعدها المدنيون اربعا واربعون اية وعدها الشاميون او اهل الشام خمس واربعون اية وكما ذكرنا ان اختلاف العددي لا يعني اختلاف السورة او ان فيها ايات زائدة او ايات ناقصة لا لكن الاختلاف يأتي احيانا في بعض الايات يعدها بعضهم اية وبعضهم يعدها ايتين مثلا والا القرآن او سورة الراد هي هي عند الجميع ليس فيها زيادة حرف ولا نقصه ثم اختلف القائلون او القائلون القائلون بانها مكية لم يذكروا ترتيبها في النزول لم يذكروا ترتيبها في النزول لكن قالوا نزلت بعد سورة يوسف ونزلت بعدها سورة ابراهيم واما من عدها مدنية فانه يقول انها ان ترتيبها في المصحف هي السابعة والتسعون من سور القرآن لم يرد حديث خاص في فضلها وان كان يكفيها شرفا وفضلا انها من كلام رب العالمين الذي هو صفة الله منزل غير مخلوق وايضا تدخل في ضمن الحديث الذي رواه الامام احمد وابو داود الطيالس والطبري والطحاوي وغيرهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اعطيت مكان التوراة السبع الطوال واوتيت مكان الزبور المئين واعطيت مكان الانجيل المثاني وفضلت بالمفصل وهو حديث حسن الاسناد فهي تدخل في المثاني لان المئين هي ما بلغ مائة اية فما فوق ذلك والمثاني ما كانت دون المئة عدد اياتها دون المئة وليست من المفصل او فوق المفصل فهي من المئين يقول الله جل وعلا الف لام ميم راء سبق الكلام على الحروف المقطعة وان القول الصواب ان يقال الله اعلم بمراده منها ولكن من حكمها وحكم الاتيان فيها التحدي والاعجاز لفصحاء العرب فكأنه يقول هذا القرآن وركبوا من هذه الحروف التي تتكلمون بها ومع ذلك لا تستطيعون ان تأتوا بمثله ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا بل تحداهم بان يأتوا بعشر سور من مثله مفتريات فعجزوا عن ذلك وتحداهم ان يأتوا بسورة واحدة من مثله فما استطاعوا لانه كلام رب العالمين ومما يدل على التحدي والاعجاز وانه حول بيان فصاحة هذا القرآن العظيم انه لابد ان يذكر بعد حروف المقطعة لابد ان يذكر القرآن لابد ان يشير الى القرآن ولابد ان ان يذكره ربما في موضع واحد وذكره ظمنا لكن في اغلب المواضع صرح بذلك فمثلا هذه السورة قال الف لام ميم راء تلك ايات الكتاب ذكر الكتاب وفي سورة البقرة الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه في سورة ال عمران الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق صاد والقرآن للذكر طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى وهكذا ما يأتي بهذه الحروف المقطعة الا ويعقبها بذكر القرآن بذكر كتاب الله عز وجل مما يدل على ان ذلك في التحدي والاعجاز ان يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. قال جل وعلا الف لام ميم راء تلك ايات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق تلك اسمه اشارة يدل على البعيد ولم يقل هذه قال تلك وهو بيان لعلو منزلة ايات هذا القرآن وانها قد نالت من الشرف مكانا عظيما اية الكتاب الكتاب المراد به القرآن على قول جمهوري المفسرين وهناك من قال جاء عن مجاهد انه قال انها ان الكتاب هو التوراة والانجيل قاله مجاهد وقتادة قال الكتاب والتوراة والانجيل وهذا القول فيه نظر بين والصواب ما عليه جمهور المفسرين بدليل السياق والسباق واللحاق كل ذلك يدل على ان المخاطب هو النبي صلى الله عليه واله وسلم وان المعنيون باكثر الخطاب هم قومه فلا مدخل للقول انها نزلت في في اهل التوراة او انها نزلت في اليهود والنصارى وان الكتاب هو التوراة والانجيل فالمراد بالكتاب هو القرآن ثم قال والذي انزل اليك من ربك الحق قال ابن جرير الواو هنا في قوله والذي انزل اليك قالها زائدة ويعنون بزائدة يعني آآ ان المعنى يستقيم حتى لو انك ازلتها ويظهر ولا يعنون ان في كلام الله شيء زائد لا فائدة له ابدا ولهذا بعضهم يتلطف ويقول صلة بدل ان يقول زائدة ولكن لا مشاحة في الاصطلاح هم لا يعنون انه زائد لا فائدة له وليس لوجودها فائدة ولا زيادة في المعنى او التأكيد لا لا يقولون هذا قال اكثر المعربين ان الواو هنا عاطفة والعطف هنا من باب عطف الصفات من باب عطف الصفات فقال تلك ايات الكتاب وهو الذي انزل اليك من ربك فمن باب عطف الصفات هذا الكتاب هو الذي انزله الله او انزله الله على نبيه وانزله بالحق والانزال يدل على العلو لان الانزال هو النقل من من العلو الى الاسفل وهذا دليل على ان القرآن كلام الله وانه وان الله تكلم به واحاول الى جبريل وجبريل نزل به الى النبي صلى الله عليه واله وسلم او انه انزل اول ليلة او في رمضان انزل كله الى السماء الدنيا الى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل بعد ذلك مفرقا على ثلاث وعشرين سنة وهذا يدل على علو ربنا جل وعلا فالله جل وعلا في جهة العلو ولا يحيط به شيء والايات والاحاديث في هذا جم غفير حتى ان الامام الذهبي مؤرخ الاسلام الف كتابا سماه كتاب العلو فحسد فيه من الايات والاحاديث والاثار الشيء الكبير حتى ان حتى انه ربما قارب ثلاث مئة صفحة او ازيد ومما يقرأه الناس دائما في الشفع سبح اسم ربك الاعلى ويقرأ في سورة الجمعة ايضا في غيرها سبح اسم ربك الاعلى فهو الاعلى جل وعلا بل له علو القهر وعلو القدر وعلو الذات وقال جل وعلا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه قال وهو القاهر فوق عباده الرحمن على العرش استوى امنتم من في السماء الى غير ذلك من الايات والنصوص الكثيرة ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيحين يوم عرفة لما سأل او قال لاصحابه انكم مسؤولون عني فما انتم قائلون قالوا نشهد انك بلغت واديت ونصحت فرفع سبابته الى السماء ثم دعا ربه وقال اللهم فاشهد وينكتها الى الصحابة ويرفعها الى ربه فيقول اللهم فاشهد اللهم فاشهد وهذا من فعله صلى الله عليه واله وسلم وكذلك قصة الجارية في مسلم التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم لما اراد سيدها ان يعتقها فقال اين الله؟ فقالت في السماء واشارت بيدها قال من انا؟ قالت انت رسول الله. قال اعتقها فانها مؤمنة دليل على صدق ايمانها واعتقادها قال جل وعلا والذي انزل اليك من ربك الحق اي وهو الذي انزل اليك هذا الكتاب وهو الحق الذي لا مرية فيه فما وراءه حق فبالحق نزل اشتمل على الحق وهو حق في ذاته وكل هذا يقتضي وجوب اتباع الحق كل هذا تزكية من الله جل وعلا وثناء على كتابه بانه الحق والمؤمن يجب عليه ان يتبع الحق اذا اتبع هذا القرآن الذي انزله الله بالحق متلبسا بالحق ومتصفا به ومشتملا عليه وهو حق في ذاته قال جل وعلا ولكن اكثر الناس لا يؤمنون مع انه الحق الذي لا مرية فيه فاكثر الناس لا يؤمنون حكمة بالغة مع قيام الحجة عليهم وارسال بارسال الرسل وانزال الكتب وفطرهم على التوحيد وما يرونه من الايات العظيمة في الكون في السماوات وفي الارض ومع ذلك اكثر الناس لا يؤمنون عنادا واستكبارا وظلالا وطاعة للشيطان والا قد اقيمت عليهم الحجة وازيلت الشبهة وبين الحق بيانا ما بعده بيان قال جل وعلا ولكن اكثر الناس لا يؤمنون ثم قال جل وعلا الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها يثني على نفسه ويتمدح جل وعلا بذكر بعض خلقه او بعض ما خلقه ولا احد احق بالمدح من الله روى المحمود على كل حال فحمده حمده ثناء عليه حمده ايمان حمده تصديق لان كل افعاله جل وعلا يحمد عليها فهي اما دائرة فهي دائرة بين الفضل او العدل اما فور يمن به ويعطيه بلا مقابل واما عدل منه كتعذيب الكافرين واخذ الظالمين فهو من عدله جل وعلا ولذلك هو المحمود على كل حال ينبغي للانسان ان يكثر من حمد الله والثناء عليه لهذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وقال صلى الله عليه واله وسلم للرجل الذي اثنى على الله وقال اني حمدت ربي بمحامد يعني في شعره فقال اما ان ربك اما ان ربك يحب الحمد جل وعلا ولهذا هو المحمود على كل حال في السراء والظراء جل وعلا ولهذا قال الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها جمهور اهل العلم ان معنى الاية انه رفع السماء بلا عمد رفع السماء بلا عمد كما ترونها رفع السماء بلا عمد كما ترون السماء ليس فيها عمد وجاء عن ابن عباس ومجاهد انهم قالوا خلق السماء بعمد لا ترونها وقوله لا ترون يعني هو الذي خلق السماء بغير عمد ترونها. فلا ترون العمد فهو خلقها بغير عمد مرئية لكن خلقها بعمد ولكن انتم لا ترونها وقد تعقب ابن كثير هذا القول فقال وقال اياس بن معاوية السماء مقببة على الارض مثل القبة يعني بلا عمد وكذا روي عن قتادة وهذا هو اللائق بالسياق والظاهر من قوله ويمسك السماء ان تقع الارض الا باذنه فعلى هذا يكون قوله ترونها تأكيدا لنفي ذلك لانها بلا عمد اي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها وهذا هو الاكمل في القدرة الى اخر كلامه رحمه الله اذا خلق الله السماء بلا عماد مع عظمها وثقلها ومع ذلك يمسكها جل وعلا بلا عمد ولا اوتاد تثبتها لانه القدير على كل شيء قال جل وعلا ثم استوى على العرش مر معنا في سورة الاعراف انه استوى استواء حقيقيا يليق بكماله وجلاله جل وعلا على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فهو استواء حقيقي لكن مما يجب ان يعتقد ان الله استوى على العرش بلا حاجة فليس هو بمحتاج الى العرش بل العرش محتاج اليه وهو استواء حقيقي ولا نتكلم في الكيفية ولا نؤول فنقول استوى بمعنى استولى لان هذا التأويل يجر وتلجأ الى مفاسد وتلزم منه مفاسد كأن العرش كان خارجا عن سلطة الله فاستولى عليه بعد ان لم يكن مستوليا عليه هذا لا يقوله احد قال جل وعلا ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر سخر الشمس والقمر يعني ذللهما لمنافع خلقه ومصالح عباده فالله خلق الشمس والقمر لاجل مصالح الخلق فكم يحصل للناس من مصالح طلوع الشمس من الضياء والحرارة وانضاج النبات قتل الجراثيم وغير ذلك من المنافع التي لا تعد ولا تحصى وكم ايظا للقمر من منافع حين طلوعه وبزوغه ومن ذلك مشاهدة او اضاءة الارض ومعرفة اوقات الليل الى غير ذلك من الايات فهذا من فظل الله علينا فسخرها وذللها لعباده اي لمصالحهم ومنافعهم وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى كل منهم ايجري لاجل مسمى عند الله جل وعلا وقدر مقدر قدره الله فهي تجري الى ان يأتي ذلك الاجل المسمى عنده جل وعلا وذلك حين قيام الساعة وعند قيام الساعة تكور الشمس والقمر وتلفان ثم تطرحان في النار كما جاء في الحديث الصحيح الشمس والقمر ثوران عقيران هذا في البخاري وجاء بسند صحيح في بعض روايات الحديث في غير الصحيحين انه قال مكوران في النار مكوراني يعني زيادة مكوران في النار وهذا اشار الله اليه في قوله جل وعلا فاذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر وذلك حينما تقوم الساعة وتنتهي هذه الدنيا لكن قبل ذلك مسخران مدللان يجريان لا لا يتأخران ولا يتوقفان بل هما دائبين ابدوا دائما وابدا وهذا من فظل الله على خلقه بهذه النعمة قال وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى يدبر الامر وهو الله جل وعلا ان يقضيه وحده يدبر امر السماوات والارض ويقضيه وحده ويفصل الايات ان يبينها لكم ويوضح لكم الايات الدالة على انه لا اله الا هو فهو يفسر الايات والعلامات والدلائل الدالة على وحدانيته وعلى وجوب عبادته وافراده بالعبادة لعلكم بلقاء ربكم توقنون لتوقنوا بلقاء الله والميعاد وانه لا اله الا الله فتصدق بوعده ووعيده فتؤمنون ايمانا يقينيا ثابتا في قلوبكم تلقون الله عليه لان من لقي الله لا يوقن لانه هو الاله المعبود فان هذا كافر بالله جل وعلا وشاك لابد من الايمان اليقيني تعتقد وتطوي قلبك على ذلك وهو انه جل وعلا هو الاله المعبود هو الحق لا معبود بحق سواه ولا يجوز ان يعبد احد معه وهو رب كل شيء ومليكه ثم قال جل وعلا وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي نعم مدها اي بسطها طولا وعرضا مع ان الارض كروية كما نقل ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى في مجموع الفتاوى عن ابن حزم وحكى اجماع المسلمين على ذلك فهي كروية وهي تشبه البيضة لكن لعظمها وسعة مساحتها تراها منبسطة والا فهي مستديرة ومن الادلة على ذلك النظرية انك اذا كنت في مكان وجاء اليك شيء من المخلوقات بعيد عنك فاول ما ترى رأسه فالسفينة اذا جاءت في البحر حينما تراها انما ترى اعلاها ثم لا تزال تظهر لك كذلك حتى الجبال وغيرها مما هو محل اتفاق انها كروية لكن لعظمتها وسعتها لا يظهر هذا التكوير فانت تمشي على ارض مبسوطة ولهذا قال هو الذي مد الارض اي جعلها بسطها طولا وعرضا وهذا مما يؤكد ما قاله ابن عاشور ان السورة مكية لانه يذكر الاءه ونعمه وما يدل على ان من فعل ذلك هو الواجب ان يعبد عقلية عظيمة تدعو الى الايمان لان من فعل ذلك ومد بسط الارض وجعل فيها رواسي وانزل الحق على نبيه وسخر الشمس والقمر هذا يدل على قدرته من كان كذلك هو المستحق ان يعبد ولا يجوز ان تصرف العبادة لغيره جل وعلا اذا بسط هذه الادلة يدل على ان السورة مكية لان فيما يتعلق بالتوحيد واثبات التوحيد وتقرير ذلك في النفوس وايضا بالادلة العقلية لان القوم لا يؤمنون بالقرآن لا يؤمنون بالدليل فاقام الله عليهم حجج العقل التي لا مناص منها ولكن مع ذلك اكثرهم لا يؤمنون ليس عن ليس بسبب عدم بلوغ الحجة ولكن بسبب العناد والتكبر والاعراض عن الحق قال جل وعلا وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي اي جبالا ولكنه وصف الجبال بوصف يدل على شيء من علة خلقها فانه خلق الجبال رواسي اي ثوابت لتثبت الارظ لان لا تميد باهلها وهذا حق حتى يقولوا بعض المتكلمين في الجغرافيا وما شابهها يقول ان ما تراه من الجبل ان ما تراه من الجبل هو الثلث وثلثان داخل الارظ وتثبيته للارض امر معلوم فان الزلازل انما تقع في الاماكن التي لا جبال فيها واما التي فيها الجبال لا تقع فيها رواسي ترسي الارض وتثبتها وهذه نعمة من الله جل وعلا على اهل الارض مع ايضا ما فيها من المنافع الاخرى ما يجعله الله جل وعلا فيها قال وجعل فيها رواسي وانهارا وجعل ايظا في الارظ انهارا تجري بالماء فتشربون منه انتم ودوابكم وتزرعون منه الى غير ذلك من المنافع العظيمة والله الذي اجراه اجرى هذه الانهار وسخرها قال جل وعلا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين ومن كل الثمرات جعل الله جل وعلا في هذه في هذه الاشجار وعلى هذه الارض جعل فيها زوجين قال ابن كثير وجعل فيها من كل وجعل فيها زوجين اثنين قال الطبري نوعين جعل فيها زوجين قال نوعين وضربين وصنفين وقال الشوكاني اي جعل كل نوع من انواع ثمرات الدنيا صنفين اما باللونية يعني من حيث اللون كالبياظ والسواد ونحوها او في الطعمية كالحلو والحامض ونحوهما او في القدر كالصغر والكبر او في الكيفية كالحر والبرد وقال بعض المفسرين وهو قول الفراء بل قول مجاهد وايضا قول الفراء قال ياني بالزوجين الذكر والانثى من كل جعل فيها من كل زوجين اثنين اي جعل كل نبات وكل نوع ينقسم الى صنفين ذكر وانثى نقله القرطبي في تفسيره والحاصل ان هذا امر معلوم فان النباتات تجد فيها الذكر والانثى الاعم الاغلب فيما يعرفه الناس فهذا النخل مثلا ذكر وانثى وكثير من النباتات ولهذا يلقح الذكر الانثى وسمى الله الرياح لواقح قالوا من معنى كونها لواقع انها تلقح الشجر فاثناء هبوبها تمر على الذكر فتحمل حبوبه الى الانثى فتلقح ويصلح النبات ويؤتي اكله فهذا من فضله جل وعلا وقدرته ورحمته انه جعل في المخلوقات وفي الثمرات خاصة من كل زوجين اثنين ذكر وانثى او على ما قاله اه الشوكاني وقد يكون صنفين وان كان الذي يظهر والله اعلم ان مسألة الطعم والمذاق واللون انه لا لا يقتصر به على نوعين هل فيه انواع متعددة واذواق متعددة والاقرب هو قول مجاهد والفراء من معهم قال ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين وهذا في الحقيقة اية من ايات الله ومن فعل ذلك هو المستحق ان يعبد لا سواه لا لا يستحق الكفر وعدم الايمان به بل يستحق العبادة له لانه مستحق لها دون غيره ثم قال جل وعلا يغشي الليل النهار يغسل ليل النهار يعني يجلل الليل النهار قال الطبري يجلل الليل النهار فيلبسه ظلمته فيلبسه ظلمته وقال ابن كثير يغسل ليل النهار اي جعل كلا منهما يطلب الاخر طلبا حثيثا فاذا ذهب هذا غشيه هذا واذا انقضى هذا جاء الاخر فينصرف في الزمان او فيتصرف في الزمان كما يتصرف ايضا في المكان والسكان جل وعلا يغشى الليل النهار ان في ذلك لايات في كل ما سبق من هذا الخلق الذي ذكره الله فيه ايات اي دلالات وعبر وعظات يتعظ بها من كان من اهل التفكر لقوم يتفكرون ومعنى ان يتفكرون اي يعملون عقولهم وفكرهم في التدبر والتأمل في عظم هذه المخلوقات وان من خلقها هو القدير على كل شيء وله القدرة النافذة وهو المستحق ان يعبد دون من سواه ولا ولا يجوز ان يشرك معه غيره ولا يجوز ان يشرك معه غيره جل وعلا ثم قال وفي الارض قطع متجاورات قال ابن كثير اي اراض يجاور بعضها بعضا في الارض قطاع من الارض هذه قطعة وهذه قطعة وتجد وهي متجاورات بجوار بعضها لكنها مختلفة قال الطبري متجاورات متقاربات متدنيات يقرب بعضها من بعض بالجوار وتختلف بالتفاضل مع تقاربها فمنها سبخة ومنها طيبة وتختلف الوانها حمراء وبيضاء وصفراء وسوداء مع انهما قطع متجاورة بجوار بعضها وهذا ظاهر للعيان يسير في الارض تجد هذه ارض بيضاء هذه ارض سبخ هذه ارض زراعية هذه ارض تكثر عليها الحجارة مع انها متجاورة حول بعظها والذي جعلها كذلك هو الله جل وعلا يقول ابن كثير اي اراض يجاور بعضها بعضا مع ان هذه طيبة تنبت ما ما ينتفع به ما ينتفع به الناس وهذه سبخة مالحة لا نبت فيها ولا تنبتوا شيئا وهكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد ابن جبير والظحاك وغيرهم ثم قال ابن كثير وكذا يدخل في هذه الاية اختلاف الوان بقاع الارض فهذه تربة حمراء وهذه بيضاء وهذه صفراء وهذه سوداء وهذه محجرة او محجرة وهذه يعني كثيرة الحجارة وهذه سهلة وهذه مرملة وهذه سميكة وهذه رقيقة والكل متجاورات فهذه بصفتها وهذه بصفتها الاخرى فهذا كله مما يدل على الفاعل المختار لا اله الا هو ولا رب سواه نعم هذا هذه كلها تدل على قدرة الله وعلى استحقاقه ان يعبد قال جل وعلا وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل نعم وجعل في الارض جنات والجنات كما ذكرنا مرارا جمع جنة وهي البساتين وانما قيل لها جنة لكثرة اشجارها واغصانها بحيث تجن وتستر ما ورائها او ما بداخلها فجعل الله جنات من اعناب جمع عنب والعنب المعروف والكرم وما شابهها الله الذي جعلها وجعل ايضا فيها زرع وجعل فيها زرعا وجعل فيها نخلا وفي قوله وزرع ونخيل وصنوان صنوان وغير صنوان فيها قراءة. قراءتان فقرأ ابن كثير وابو عمرو وحفص بالرفع كما هنا قال في الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل وصنوان صنوان وغير صنوان هذا بالرفع وقرأ الباقون قوله وزرع وما بعدها قرأوها بالجر عطفا على اعناب وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان والقراءتان صحيحتان سبعيتان متواترتان وقوله جل وعلا ونخيل صنوان وغير صنوان قال ابن كثير الصنوان هي الاصول المجتمعة في منبت واحد الاصول المجتمعة في منبت واحد وقال غيره الصنوان هي النخل المجتمع وغير الصنوان النخل المتفرق باصل واحد فمعنى الصنوان تجد بعض النخيل اربع او خمس او ست نقلات اصلها واحد وهذا معروف فان النخلة تنبت تنبت نخلا صغارا ثم يكبر فبعد مدة تجد ثلاث نخلات او اربع نخلات او خمس نخلات في اصل واحد من جهة الارض اصلها واحد ثم تبرعت فوق ذلك وهذا معنى قوله صنوان يعني مجتمعة ولهذا جاء في الحديث اما علمت ان عم الرجل سمو ابيه ما اجتمع مع ابيه اصلهم واحد وغير صنوان نخلة واحدة بجذع واحد وساق واحد لا يشاركها غيرها وهذا اكثر النخل فمن الذي جعل بعظها مجتمعة الاصول وبعضها باصل واحد هو الله وحده لا شريك له وهذا يدل على قدرته جل وعلا ومن كان كذلك يجب ان يخص بالعبادة وان يفرد بها فيعبد وحده لا شريك له قال جل وعلا ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد كل هذه الاشجار جنات من اعناب والزروع والنخل الصنوان وغير الصنوان كله لا تسقى بماء واحد تكون في المزرعة الواحدة هذه النباتات يخرج الماء ماء واحد فيسقي هذه وهذه اثناء مروره ماء واحد لكن الطعم يختلف ولهذا قال ونفضل بعضها على بعض في الاكل فطعم النخلة ليس مثل طعم العنبة وطعم العنبة ليس مثل طعم الرمان وطعم الرمان ليس مثل طعم التين مع انها في ارض واحدة ويسقيها ماء واحد ويختلف طعمها من الذي جعلها كذلك هو الله وحده لا شريك له الا يدل على قدرته جل وعلا بلى ومن كان متصلا بهذا الوصف هو الذي يجب ان يعبد وهو المستحق للعبادة فكيف تصرف العبادة لحجر او وثن او صنم او ميت لا يحيي ولا يميت ولا ينبت زرعا ولا غير ذلك قال جل وعلا يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل نفضل بعضها على بعض وهذا جيد وهذا اجود وهذا بين بين ثم قال وقوله ونفضل فيها قراءتان قرأ حمزة والكسائي يفضل بعضها على بعض بالياء وقرأ الباقون نفظل والمعنى لا يختلف هو الله سبحانه وتعالى سواء قلنا نفضل بنون الجمع لانه عظيم والعظيم يعبر بما يدل على الجمع او بالياء يفضل هو جل وعلا بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون ان في ذلك فيما سبق جعل الارض قطع متجاورات جعل فيها جنات من اعناب وجعل فيها زرعا ونخيلا صنوان وغير صنوان وفظل بينها في الاكل والطعم والمذاق مع انها تسقى بماء واحد وفي ارض واحدة كل هذا فيه ايات لكن لقومي يعقلون يعقرون اي يفهمون ويعقلون عن الله مراده التدبر في هذه الاشياء يكفي من فتح الله عقله على ان الله جل وعلا هو المعبود وحده لا شريك له لان ما يدعى من دون الله لا يملكون نفعا ولا ظرا اموات غير احياء فكيف يعبدون وكيف يجعلنا الهة ويشركون مع الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ثم قال سبحانه وتعالى اقرأ وان تعجب فعجب قولهم ائذا كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد. اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وان ربك لذو مغفرة على ظلمهم وان ربك شديد العقاب ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربها انما انت منذر ولكل قوم هاد الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير ثم قال جل وعلا وان تعجب فعجب قولهم وان تعجب فعجب قولهم قال الشوكاني قال القرطبي والشوكاني تبعه الشوكاني معنى الاية وان تعجب يا نبينا من تكذيبهم لك بعد ما كنت عندهم الصادق الامين فاعجب ايضا من من انكارهم للبعث وان عجبت من تكذيبهم لك مع معرفتهم التامة بك وكنت عندهم الصادق الامين فاعجب كذلك من انكارهم للبعث واعادتهم بعد موتهم وقال وقال الطبري وان تعجب يا محمد من هؤلاء المشركين المتخذين ما لا يضرهم ولا ينفعهم الهة يعبدونها من دون الله فاعجب ايضا من قولهم اين كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد والحاصل ان هذه الاية وان تعجب اما ان يقال انها تدل على شيء قد عجب منه النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك واما ان لم يكن هناك شيء قد عجب منه فيكون معنى الاية ان عجبت فاعجب من كذا ان اردت ان تتعجب من شيء فاعجب من قولهم اي اذا كنا ترابا ائنا لمبعوثون ونحو ونحى الى هذا القول ابن كثير رحمه الله في تفسيره وان تعجب فعجب قولهم ائذا كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد نعم هذا شيء عجيب من الذي خلقكم اول مرة الستم قد احياكم الله واوجدكم فلماذا تستبعدون اعادتكم مرة اخرى وقد رأيتم اوجدكم من غير شيء وها انتم احياء فكيف تنكرون ان يعيدكم مرة اخرى هذا شيء عجيب هذه عقول مغلقة ما تعقل ولا تعرف الفرق ولا تقيس ولهذا اعادة الخلق اهون على الله جل وعلا من خلقه اول مرة وان كان ذلك كله على الله هين جل وعلا هذا شيء عجيب قال فعجب قولهم ائذا كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد اولئك الذين كفروا بربهم نعم لان هذا من المكابرة مكابرة العقول والفطر ولهذا الايمان بالبعث واليوم الاخر احد اركان الايمان الستة التي تحمل العبد على الاستعداد لذلك اليوم فكم يعمل المسلم من الاعمال لاجل ذلك اليوم وكم يترك من ويجتنب من النواهي خشية ذلك اليوم لان الذي لا يؤمن باليوم الاخر يقول انما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا ما فيه بعث ولا نشور ولا مجازاة ولهذا كثيرا ما يقرن الله جل وعلا بين ركنين من اركان الايمان الايمان به وباليوم الاخر لان الايمان به يدل على الاخلاص ويقتضي الاخلاص والايمان باليوم الاخر يقتضي الاستعداد لذلك اليوم بالاعمال الصالحة واجتناب الاعمال الطالحة قال جل وعلا اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم يعني انهم يعذبون في النار بالاغلال والاغلال جمع غل الاغلال جمع غل وهي حلقة من الحديد تحيط بالعنق حلقة من حديد تحيط بالعنق وقال بعضهم هي طو هو طوق يشد به تشد به اليد الى العنق والاية هنا واظحة في اعناقهم فالاغلال جمع غلب وهي حلقة مستديرة توضع في اعناقهم يعذبون بها في نار جهنم لانهم انكروا البعث والنشور واعادة بعثي الخلق مرة اخرى اولئك الاغلال في اعناقهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار قد ذكرنا مرارا ان الصحبة تدل على الملازمة فيقال فلان صاحب فلان لشدة ملازمته له فحينما يقال اصحاب النار يدل على شدة ملازمتهم للنار ولهذا قال بعد ذلك خالدين فيها وفي اية اخرى خالدين فيها ابدا نعوذ بالله وهم ملازمون للنار لا يخرجون منها لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يخرجون منها هم فيها خالدون الخلود هو المكث المدد الطويلة ولكن اذا اكد بابدا فهو الذي لا نهاية له وان لم يؤكد بابدا فله نهاية وبهذا وجه كثير من المفسرين قول الله جل وعلا ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه الاية قال بعض المفسرين لا توبة له او هذا كفر الصواب ان قتل نفسه التي حرم الله جريمة عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب لكن لا تصل الى الكفر وقوله خالدين خالدا فيها لم يؤكده بابدا لو اكده بابدا فهو الذي لا نهاية له لكنه قال خالدا فيها واما بالنسبة للكفار كما في هذه الاية فقد اكد في اية اخرى خلودهم الابدي وبناء على هذا ما جاء مطلقا يرد الى المقيد فيقال خالدين فيها ابد الاباد لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين بسبب كفرهم بالبعث والنشور قال جل وعلا ويستأجرونك بالسيئة قبل الحسنة يستأجرك هؤلاء المكذبون من قومك يستأجرونك بالسيئة والسيئة هي البلاء او العقوبة قبل الحسنة قبل الرخاء او قبل العافية والسلامة وهذا لجهلهم وظعف عقولهم فهم يقولون ان كنت صادقا فاتنا بما تعدنا ائتنا بالعذاب ان كنت صادقا هذا السيئة لهم بالسيئة مستأجرون بالبلاء بالعقاب بالعذاب قبل الحسنة قال ابن كثير رحمه الله اي هؤلاء المكذبون يستأجرونك بالسيئة اي بالعقوبة كما اخبر عنه في قوله وقالوا يا ايها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون. لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت ان كنت من الصادقين وقال ويستأجرونك بالعذاب كما هنا لا ويستأجرونك بالعذاب في اية اخرى وقال ايضا سأل سائل باداب واقع يعني سأل سائل لعذاب وهو واقع وسيقع وهو يستأجر اليه ويسأل عنه وقال جل وعلا يستأجر بها الذين لا يؤمنون بها والذين امنوا مشفقون منها ويعلمون انها الحق فقال جل وعلا وقالوا ربنا عجل لنا قطنا الى غير ذلك من الايات التي تدل على انهم يستعجلون العذاب لكفرهم وجهلهم وقلة عقولهم ويستأجرونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات قد خلت ومضت قبلهم المثلات والمثولات جمع مثل جمع مثلة بفتح الميم وضم الثاء والمراد العقوبات المنكلات مضت من قبلهم المثلات العقوبات الشديدة التي تكون مثالا تمثل به العقوبات ويضرب به المثل فقد مضت قبلهم في الامم السابقة الذين كفروا ككفرهم وانكروا البعث والميعاد يقول الله جل وعلا ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات يستأجرونك وقد خلت ومضت من قبلهم في الامم السابقة المثلات العقوبات التي كانت مثالا بينا على قوة الله وقدرته وشدة نكاله وكانت دليلا واظحا ايظا ومثالا واظحا على جزاء من كفر به واستعجل بالسيئة قبل الحسنة فلكم في ذلك عبرة وعظة ان كنتم تريدون الاتعاظ والاعتبار ثم قال جل وعلا وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم لذو مغفرة اي لا يزال خيره وبره جل وعلا واحسانه نازلا بعباده يقول ابن كثير ولا يزال يقول وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم اي انه تعالى ذو عفو وصفح وستر للناس مع انهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار ثم قرن هذا الحكم بانه شديد العقاب ليعتدل الرجاء والخوف كما قال تعالى فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين وقال ان ربك لسريع العقاب وانه لغفور رحيم وقال نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الاليم الى امثال ذلك من الايات التي تجمع بين الرجاء والخوف نعم نص اهل العلم على ان الانسان ينبغي ان يسير الى الله بين الخوف والرجاء وان يكون بين الخوف والرجاء كالطائر بين الجناحين لا يزيد هذا على هذا لان الطائر اذا زاد جناح على الاخر او نقص عنه اختل طيرانه نزول او صعودا فكذلك المؤمن ينبغي ان يسير الى الله بين الخوف والرجاء بين الخوف الذي لا يحمله على اليأس من رحمة الله لكن يحمله على اجتناب الذنوب والمعاصي وبين الرجاء الذي لا يحمله على الامن من مكر الله ولكنه يحمله على رجاء ان ينجيه الله وان يسلمه من عذابه وهذا يقع فيه كثير من الناس الان بعض الناس اذا وعظته وخوفته قال له قال لك الله غفور رحيم ولا شك غفور رحيم شديد العقاب هو حينما يقول الغفور الرحيم كانه يقول ليش تقول لي هذا ذنب يعذبك الله عليه الله غفور رحيم نعم غفور رحيم لمن سلك طريق الهداية ولهذا قال ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون للمتقين ليس لكل احد ولهذا لا يجوز للانسان ان ان ييأس من رحمة الله وان يقنط ان الله يغفر الذنوب جميعا واياك والامن من مكر الله تعمل الذنوب والمعاصي وتقول الله غفور رحيم. الله غفور رحيم شديد العقاب وانزل اليك كتابا واوامر ونواهي وارسل رسلا فهذا هذه الاية تجمع بين الخوف والرجاء ليعتدل الامر عند المؤمن فهو بعد ان بين ان عذابه شديد وانه اهلك من اهلك من الامم بين ايضا انه ذو مغفرة للناس يغفر ذنوبهم ويستر زلاتهم اذا تابوا اليه وايظا وان ربك لشديد العقاب عقابه شديد وهذا هو الخوف اذا انزله باحد لا يقادر قدره ولا يستطيعه احد فهذا يحمل او يجمع بين الترغيب والترهيب وبين العظة والعبرة لهؤلاء المكذبين لو كانوا يعقلون ثم يقول ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربه يقول الذين كفروا وهم كفار قريش ومن معهم لولا انزل عليه يعني هلا انزل عليه اي على النبي صلى الله عليه واله وسلم لولا انزل عليه اية من ربه وهم يعنون بالاية كما قالوا في اية اخرى لولا انزل عليه كنز او جاع معه ملك هكذا يقصدون بالاية والا قد انزل الله عليه اية هي اعظم الايات وهي القرآن العظيم هذا الكلام الذي لا يستطيعون ان يأتوا بمثله وقد قال صلى الله عليه واله وسلم ما من نبي بعثه الله او ارسله الا اتاه من الايات ما على مثله امن البشر لا بد يؤيده باية معجزة يؤمن على مثلها البشر قال وكنت وكان الذي اوتيته وحي يوحى فارجو ان اكون اكثرهم تابعا وحي يوحى ولهذا