بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد كان اخر ما تكلمنا عليه بالامس قول ربنا جل وعلا قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون هذه الاية الكريمة هي اول ثلاث ايات كلها في الامر بالتوجه الى القبلة وذكرنا بالامس ان هذه الاية متأخرة تلاوة ولكنها متقدمة نزولا ان هذه الاية متأخرة متقدمة نزولا متأخرة بالمصحف لانه مر من ايات فيها ان الله عز وجل اخبر عما قاله المنافقون واليهود ما ولاهم عن قبلتهم فحصل الكلام بعد ان تولوا بعد يعني بعد ان تولى النبي او ولى الله عز وجل نبيه الى الكعبة فحصل منهم هذا الكلام وقد مر معنا ومتقدم في ترتيب السورة وهذه الاية متأخرة مع انها نزلت قبلها وهذا دليل على انه لا يلزم من ترتيب الايات في السورة ان تكون كذلك مرتبة في النزول لانه ثبت الحديث ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يقول اذا نزل عليه القرآن ضعوا هذه الاية في السورة التي تقول كذا وكذا قد نرى قد تفيد التحشيد وقد افادني بعض طلاب العلم انها في القرآن والسنة لا تدل الا على ذلك يعني في القرآن والسنة قد لا تأتي الا للتحقيق ولا تأتي للتقليل لان الاصل انها خبر عن الله عز وجل او عن رسوله فلا بد انها تدل على التحقيق قد نرى تقلب وجهك وتقلب وجه النبي صلى الله عليه وسلم بينته السنة كما جاء عن الصحابة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي يقوم يصلي وكان يدعو ربه ويرفع وجهه الى السماء يرجو من الله ويتمنى ان يوجهه الى وجهة ابيه ابراهيم وكان قد توجه الى بيت المقدس بامر من الله جل وعلا وقال الله عز وجل قد نرى هذا تحقيق يعني رأينا تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها وهي قبلة ابيه ابراهيم التي كان يتمناها ويحبها فولي وجهك شطر المسجد الحرام شطرة اي نحو المسجد الحرام وجهة المسجد الحرام وكان اول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم الى المسجد الحرام بعد ان وصل الى المدينة لانه مكث سبع عشرة او ستة عشر شهرا يصلي الى بيت المقدس كانت اول صلاة صلاة الظهر صلاها الى المسجد الحرام. والحديث في صحيح مسلم وجاء في حديث اخر ايضا صحيح انها صلاة صلاة العصر ولا شك ان احد الحديثين هو الصواب والاخر ليس بصواب لكن ما يترتب على تحرير هذه المسألة شيء كبير والاظهر والله اعلم وتقريبا هو الذي مال اليه ابن كثير ومال اليه ابن حجر انها صلاة الظهر ويدل له ايضا انه في صلاة العصر كان بنو سلمة في مسجد بني سلمة وهو ما يسمى بمسجد القبلتين الان صلوا ركعتين الى بيت المقدس فجاء فاتاهم ات وهم يصلون فقال اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الى البيت الحرام فتحولوا جميعا الامام ثم المأمومين واكملوا صلاتهم الى البيت البيت الحرام الى الكعبة وهذا مما استدل به اهل العلم على ان المسلم لا يلزمه العمل بالناس فيه حتى يبلغه فلو نسخ شيء من الشريعة ولم يبلغه بعد فانه لا اثم عليه في عمله بما سبق ما لم يبلغه الناسخ ولهذا ايضا ثبت في مسلم ان اهل قباء اول صلاة صلوها صلاة الفجر من اليوم الذي يليه وصلوا العصر وصلوا المغرب وصلوا العشاء الى بيت المقدس والقبلة قد تحولت لكن ما بلغهم الناسخ قال جل وعلا فولوا وجوهكم شطرة هذا امر والامر يقتضي الوجوب ايها المسلمون ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام حينما تصلون وهذا في جميع الصلوات الا في حال واحدة في صلاة النفل ان في صلاة النافلة في حال السفر وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته النافلة ووجهه الى المدينة وظهره الى مكة. يومئ ايماء ومن هنا يجوز للانسان الان المسافر ان يصلي على سيارته صلاة النافلة قياسا على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ناقته لكن اذا كان سائقا قال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز الاولى به الا يصلي لانه مشغول بالقيادة وربما يؤدي الى ان يقع في خطر يضر باحد لكن من ليس بسائق قال جل وعلا وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق. الذين اوتوا الكتاب وهم اليهود الذين انكروا توجه النبي صلى الله عليه وسلم الى الكعبة لا يعلمون ان التوجه الى القبلة هو الحق وهم يعلمون هذا اما لانهم يعرفون ان هذا دين ابراهيم وان هذا النبي صلى الله عليه وسلم على دين ابراهيم او لما لما علموا او لما علموا ما انزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم لانهم يعرفون ان القرآن حق من عند الله. وان كانوا يجحدونه وهم يعلمون ان هذه القبلة هي الحق وهي الصواب. ولكن هم لا يعنيهم الصواب يعني هم المخالفة. قال جل وعلا وما الله بغافل عما يعملون غافل اي ساهم الله ليس بغافل عن الخلق وعما يعمله الخلق فاعمال اليهود هذه واقوالهم الله قد علمها واحاط بها علما واثبتها عليهم وكتبتها الملائكة وسيجازون عليها وهذا فيه تهديد ووعيد شديد ثم قال سبحانه وتعالى ولان اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلته هذا تسلية للنبي صلى الله عليه واله وسلم قل لا موطئة للقسم والتقدير والله لو اتيت الذين اوتوا الكتاب الذين اعطاهم الله الكتاب والكتاب اسم جنس والمراد بهم اليهود هنا بكل اية بكل علامة تدل على صدقه وان ما فعلته هو الحق وان القبلة الحق هي بيت هي البيت الحرام الكعبة ما تبعوا قبلتك لانهم ليس قصدهم ما يعرفون الحق يعرفون الحق كما يعرفون ابناءهم لكن هم قصدهم المخالفة قال جل وعلا وما انت بتابع قبلتك قبلتهم وهذا فيه ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وبيان ثباته على الحق وتمسكه بالحق فلا يمكن ان يتزحزح عنه وان يطيع هؤلاء اليهود فيترك الحق الذي هداه الله اليه قال وما بعظهم بتابع قبلة بعظ وهم ايضا اليهود والنصارى مختلفون فيما بينهم لا يتبع بعضهم قبلة الاخر. فان اليهود تصلي الى بيت المقدس والنصارى يصلون الى المشرق ولا يمكن ان يتنازل احد منهم للاخر ولان اتبعت اهواءهم وهذا لا يلزم من الشرط ان يقع يا اخواني لا يلزم من الشرط ان يفعل ولا يلزم من الشر ان يتصف به من خطب به كما قال جل وعلا قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين والرحمن لا يمكن ان يكون له ولد. لم يلد ولم يولد فقوله ولئن اتبعت هواءهم لا يلزم منه ان النبي صلى الله عليه وسلم سيحصل هذا منه لكن يقول العلماء مثل هذا النفع والفائدة فيه لمن يمكن ان يقع منه الوقوع في هذا الامر كعامة الناس. اما النبي معصوم لا يمكن ان يتبعه والحاصل ان هذه عظة لنا جميعا من اتبع اهواء اليهود واهواء اهل الكتاب من بعد ما تبين من بعد ما جاءه العلم والحق وتبين له انه اذا لم من الظالمين انك اذا لمن الظالمين اذا الخطاب وان كان ظاهره للنبي صلى الله عليه وسلم فالمراد امته والمراد من يمكن ان يقع منه مثل هذا اما النبي صلى الله عليه وسلم فهو معصوم ويدل عليه قوله وما انت بتابع قبلتهم قبل ذلك في اول الاية ولئن اتبعت اهواءهم والاهواء جمع هوى وهو الميل على الحق مطلقا يعني ما يميلون به عن الحق ويخالفون به الحق من بعد ما جاءك من العلم بل انه لابد ان يعلم الانسان تقوم عليه الحجة ويعرف الحق من الباطل انك اذا لمن الظالمين الذين ظلموا انفسهم باتباع الهوى وترك الحق الذي علمه الله اياه ثم قال جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وهذا خبر من الله جل وعلا عن حال الذين اتاهم الله الكتاب وهم اليهود والنصارى وقيل اليهود خاصة لان السياق معهم يعرفونه اي يعرفون النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال بعض المفسرين يعرفون او يعرفون التوجه هذا قول ابن جرير الطبري يعرفون ان التوجه الى الكعبة حق كما يعرفون ابناءهم واكثر المفسرين ومنهم ابن كثير ان المراد يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون ابناءهم ولهذا جاء عن عبد الله ابن سلام وين كان عبد الله بن سلام يعني قد امن فهو من الصحابة لكن جاء عنه انه يقول اني لاعرف ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من معرفتي لولدي فاني لا ادري ما فعلت النساء هم يعرفون انه رسول الله اكثر مما يعرف ولده. مع ان الانسان اعرف الناس بولده اذا المسألة ليست مسألة انهم لا يعرفون الحق يعرفون الحق ويخالفونه هذا فيه ذنب يا اخوان اذا عرفت الحق وجب عليك ان تتبعه قال جل وعلا ولان اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية نعم قال جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم مثل ما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون فريقنا هذا من العدل طائفة منهم هم رؤساؤهم واحبارهم اما عامتهم ما يدرون عن هذا لانهم ما يطلعون على الثورات يكتب لهم رؤساؤهم واحبارهم في صحف ويطلعونهم على شيء منها لكن لا يطلعونهم على جميعه وان فريق منهم ليكتمون الحق كتمان الحق اخفاؤه وعدم اظهاره وهم يعلمون انه الحق الذي انزله الله ثم قال جل وعلا حاكما ومبينا ومفلجا للحق على غيره الحق من ربك فلا تكونن من الممترين الحق وهو ما انزله الله عز وجل عليك يا نبينا وشرعه لك هو الحق وهو من ربك والله هو الحق وما انزله هو الحق فلا تكونن من المنكرين المنكر هو الشاك ان ترى في شيء يعني شك فيه وكما قدمت قليلا انه لا يلزم من النهي او اسناد الامر او النهي عن الامر ان يكون المنهي عنه متصف به فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يوم من الايام شاكا ولكن هذا ايضا لمن يمكن ان يقع منه الشك كالامة هياكل الانسان في شك في افتراء من ان دين الاسلام هو الحق الذي لا مرية فيه ولو سمع ما سمع ثم قال جل وعلا ولكل وجهة هو موليها ولكل النون تنوين العوض عوض به عن جملة بدل ان يقول ولكل من اليهود ولكل من المسلمين واليهود والنصارى وجهة اتى بتنوين العوظ الذي يعوض عن هذه الجمل كلها وهذا من بلاغة القرآن واعجازه ولكل وجهة والوجهة والجهة والوجه بمعنى واحد يعني لهم وجه او لهم وجهة او تقول لهم جهة كلها بمعنى واحد هو موليها يعني هو جل وعلا موليهم اياها لكل واحد من هذه من اهل الكتاب وجهة ووجه ولاهم الله اليه في صلاتهم يتوجهون اليه فاستبقوا الخيرات بعد ذلك ارشد الى ما ينبغي للانسان ان يبادر فيه ويسارع قال فاستبقوا الخيرات. والمسابقة هي المسارعة وقال في اية اخرى وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض قال سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض والمتأمل يجد ان الله عز وجل في باب العمل الصالح والخير يدعو الى المسابقة والمسارعة والمبادرة ولكن لما جاء امر الدنيا قال هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا بمناكبها فامشوا طلب الدنيا اسعى ابذل السبب لكن امشي لا تستعجل لا يكون عندك حرص شديد وكثير من الناس الا ما رحم الله عكسوا هذا الامر الان بامر الدنيا يتسارعون ويتسابقون وفي امر الاخرة يتأخرون ولا يبادرون فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا في اي جهة كنتم ولهذا الخير ولله الحمد ميسر تسابق الى الخير في بيتك في بلدك في مسجدك في الشارع في الطائرة في بلد اخر يستطيع وخص باب النفقة في اي مكان كنت فقدم لنفسك اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا. في اي جهة كنتم ولهذا يا اخوان هذي من رحمة الله ان العمل بالايمان والعمل الصالح والمسابقة الى الخيرات لا تختص بمكان دون مكان ولا يقول الانسان انا لا لا استطيع اعبد الله الا في هذا المكان بل حتى لو كان باي مكان كان ولهذا لم يضيق الله عز وجل على عباده في العبادة حتى الذي يضيق عليه في مكان يخرج الى مكان اخر ولهذا قال ومن يهاجر في سبيل الله يجب مراغما كثيرا وسعة وعد من الله مراغما يعني اماكن وسعة في الرزق هذا من رحمة الله ما لي احد عذر يقول والله انا ما استطيع اعبد الله الان يجب ان تعبدوا الله في كل وقت واوان وفي كل مكان قال جل وعلا اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير. جل وعلا فهو على كل شيء قدير ولو اكلتكم السباع عند الموت ومن احرقته النار ومن غرق في البحر ومن تقطع اربا اربا يأتي به الله يوم القيامة ولا يغيب احد من المكلفين بان الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء ثم قال سبحانه وتعالى ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام. هذه الاية الثانية التي تأمر بالتوجه الى القبلة ومن حيث خرجت من اي جهة خرجت وجئت وتريد تصلي فولي وجهك شطر المسجد الحرام نحو وجهة المسجد الحرام وانه للحق من ربك هذا التوجه والصلاة الى البيت الحرام هي الحق من ربك من الله الذي قوله هو الحق وهو الاله المعبود جل وعلا وما الله بغافل عما تعملون وما الله بساه ولا ذاهل عما تعملون من العمل ثم قال وهي الاية الثالثة ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم صفرا من العلماء من قال كرر ثلاث مرات للتأكيد لان هذا امر في غاية الخطورة ولهذا اجتمع عليه على انكار تغير تغيير القبلة تحول القبلة اجتمع عليه كل اعدائه اليهود والمنافقون وكفار قريش فناسب ان يؤكد وهذا قول كبير من المفسرين وقال بعضهم غير ذلك فقال بعضهم كما قال ابن كثير قيل تأكيد وهذا القول الذي ذكرناه قال لانه اول ناسك وقع في الاسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره وقيل بل هو منزل على احوال فالامر الاول لمن هو مشاهد للكعبة يعني الاية الاولى هذا لمن يرى الكعبة لانه قال فيه فولوا وجوهكم شطرة والثاني لمن هو في مكة غائبا عنها لمن هو في مكة غائب عن الكعبة يعني داخل مكة لكن ليس قريبا من البيت والثالث لمن هو في بقية البلدان وهكذا وجهه فخر الدين الرازي وقال القرطبي يعني هذه اقوال المفسرين الاول لمن هو بمكة فوافق قول الرازي والثاني بمن هو في بقية الامصار؟ خالك هنا. والثالث لمن خرج في الاسفار ورجح هذا الجواب القرطبي وعلى كل حال لا مانع من وجود التأكيد في القرآن يوجد التأكيد في القرآن. واذا جاء التأكيد فهو يدل على شدة الاهتمام في الموضوع وعلى خطر الموضوع والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال جل وعلا ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره اي نحوه وجهته وصوبه لئلا يكون للناس عليهم حجة لاجل الا يكون للناس عليكم حجة والناس المراد بهم هنا اليهود لانهم يقولون ما دمت اتجهت الى قبلتنا فاتبعن في غيرها ما دام تتجه الى قبلتنا توافقنا بغير القبلة وهذا يعني تقريبا قول يعني ابن كثير وغيره وهو في الحقيقة قول متوجه لئلا يكون للناس عليكم حجة وهناك قول بان المراد به مشركي قريش لكن فيه نظر والله اعلم لان النبي ما وافق كفار قريش بشيء وهم ثم هو رجع الى القبلة التي كانوا يستقبلونها. الاظهر والله اعلم هنا ان الناس هم اليهود لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم الا الذين ظلموا يحتمل ان يكون الاستثناء متصل فلا يكون للناس حجة الا الناس الذين ظلموا وهم اليهود وغيرهم ما قيل كفار قريش وقال بعضهم الاستثناء هنا منقطع وتقدير الكلام بالا يكون للناس عليكم حجة لكن الذين ظلموا لا تخشوهم واخشوني فهذا موضوع اخر فالذين ظلموا ليس من جنس الناس على هذا القول والاظهر انه متصل والله اعلم فكأن المعنى وجهكم الله الى الكعبة لئلا يحتج عليكم محتج بانكم ما دمتم تتوجهون الى بيت المقدس وهو دين اليهود فوافقوهم في بقية دينهم الا الظالم ان الظالم لا حيلة فيه ولا يردعه حق ولا يرده حق الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم اخشون لا تخشون وهذا دليل ان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم واصحابه يعلمون من هم المخالفون لان الخشية هي الخوف المقرون بعلم خوف مقرون بالعلم بمن تخشاه ولهذا هو خوف العلماء انما يخشى الله من عباده العلما لانهم يعرفون ربهم ويعلمون قدرته والوهيته وصفاته والخوف هو مجرد الخوف سواء تعرف او لا تعرف. تعلم هذا الشيء الذي خفت منه تعرف انه يعني لا الخوف هو الخوف وفزع القلب لشيء ولو لم تكن تعرفه انه يفعل او لا يفعل. رأيت شيء وانت لا تدري ما قدرته ففزعك منه يسمى خوفا لانك لا تعرفه والرهبة هي الخوف المقرون بعمل مقرون بعمل وهو الذي يورث من رهب الفزع مما يخاف منه يورثه مفارقة ما خاف منه فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ايضا شرع التوجه الى الكعبة لئلا يكون للناس عليكم حجة ولاجل ان يتم علينا النعمة فقد اتم الله النعمة على نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى اصحابه وعلينا فالمسلمون يتوجهون الى بيت الله لا الى غيره الى قبلة ابراهيم الى اول بيت وضع للناس هذا من تمام النعمة والاستقلال عن اليهود وعن اهل الضلال ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون الا هذا يكون سببا يعني هذه هي العلة الثالثة لتهتدوا الى ما ضل عنه ما ضلت عنه الامم الاخرى فهذا هو الحق وهو الهدى الذي اراده الله جل وعلا ثم قال سبحانه وتعالى وهنا مما يذكر ذكر بعض اهل العلم يقول ان العمل بامر الله سبب للهداية لان الله لما امرنا بالعمل بالتوجه الى الكعبة قال لعلكم تهتدون. اذا العمل بطاعة الله وباوامر الله تأتمر بامره تجتنب نواهيه هذا سبب هدايتك وثباتك على الحق ثم قال سبحانه وتعالى كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون كما ارسلنا اي مثلما اتممنا عليكم النعمة ارسلنا فيكم رسولا منكم او اتممنا عليكم النعمة مثل ما ارسلنا اليكم رسولا منكم من انفسكم وهذا من نعم الله عز وجل كما قال جل وعلا لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم نعمة ومنة من الله انه بعث الينا رسولا من انفسنا قيل من انفسكم يعني من العرب خاصة وقيل من اهل مكة خاصة وقيل من المسلمين خاصة من الناس خاصة وليس من الملائكة ولا من الجن الله عز وجل امتن على المؤمن لان هذا ادعى الى قبول الحق لو جاء رسول من الملائكة انكر كثير من الناس يقول لا نعرفه لكنهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه وامانته يسمونه الصادق الامين ويثقون به. فلما قال اعبدوا الله لا شريك له كذبوا وكفروا هذا عناد ليس خفاء في الحق يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم يتلو اي يقرأ القرآن. ويزكيكم ان يطهركم من رذائل الاخلاق ويعلمكم الكتاب والحكمة اعلمكم الكتاب وهو القرآن تفسيره واحكامه معانيه التي تشكل عليكم وكذلك يعلمكم الحكمة وهي السنة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون لان العرب ما كانوا يعلمون شيئا النبوات من اجهل الناس في هذا البلد لانهم وثنيون لكن من الله عليهم بهذا النبي العظيم فعلمهم ما لم يكونوا يعلموا فذاقت هذه الامة المسلمة بما علمها الله غيرها في العلم وفي كل باب فضل الله يؤتيه من يشاء. كنتم خير امة اخرجت منه والنبي وسلم افضل الرسل فضل الله يمن به على من يشاء من عباده ونستفيد هنا ايها الاخوة ان من اداب طالب العلم يعلم الناس الكتاب يقرئه الا اذا وجد من يقرئ الناس. كان هناك هناك اناس يختصون بتعليم القرآن يقومون بالواجب الكفائي وايضا يزكيهم تزكية التطهير بحيث يتطهرون من الاخلاق الرذيلة فينهاهم عن منكرات الاخلاق وعن سفاسف الامور واعظم ما ينهى عنه الشرك وسائر الذنوب ومنها انه يفسر لهم القرآن ويفسر لهم دلالة القرآن دلالة النصوص في الكتاب والسنة يعلمهم اياه فاذا كان هذا مع الصحابة رضي الله عنهم وهم من هم؟ فهما وعلما وتقى يحتاجون الى من يعلمهم فكيف بمن جاء بعد ذلك ولغته ضعيفة وفهمه ضعيف وليس في التقوى والخشية مثل الصحابة رضي الله عنهم ولا شاهد التنزيل ولا رأى شيئا من ذلك من باب اولى. ولهذا المجاهدة في تعليم العلم في هذه الازمنة اوجب منها فيما مضى من الازمنة لكثرة الشر كثرة الناس وقلة الدعاة الى الله بحق الواجب عظيم ما احد يقول هذه مهمة المشايخ او مهمة العلماء من علم شيئا عرف الحق فيه وجب عليه ان يبلغه لقول النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو اية فانت تصلي ورأيت انسان اخطأ في الصلاة انت تعرف ان السنة ان ترفع يديك عند التكبير او تضع اليمنى على اليسرى على الصدر او ان تقول كذا في الصلاة تتوضأ كذا. رأيت انسان يخطي في هذا علمه يجب التعليم ان تكون عالما والا اذا كان لا يعلم الناس الا من يكون عالما ما ما احد استطاع يعلم كما العلماء معدودين في هذا الزمان هذي فيها مسؤولية لان الدين مسؤولية الجميع لكن على بصيرة ما يقوم واحد يتكلم يقول قم تكلم والله يفتح عليك ما عندك علم لا تتكلم لا تقل على الله بغير حق هذا تبليغ عن الله يا اخي ومن اظلم من افترى على الله الكذب او كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم لكن الانسان يتعلم ولو اية ولا اقل من ان يعلم اهله واولاده ومن يثق بي فالمسؤولية عظيمة والله المستعان قال جل وعلا فاذكروني اذكركم واشكروني ولا تكفرون قال الحسن البصري اذكروني فيما اوجبت عليكم اذكركم فيما اوجبت لكم على نفسي اذكروني بما اوجبت عليكم. يعني اعملوا بطاعتي وانا اذكركم بانجاز ما وعدتكم بالثواب العظيم هذا حق وقال سعيد بن جبير اذكروني بطاعتي. اذكركم بمغفرتي وفي رواية برحمته وهو حق وهو موافق للذي قبله والصواب وهو يعني حصل ان المراد بذكر الله هنا اذكروني بكل ما امرتكم به فيدخل في ذكر الله قراءة القرآن والتسبيح والتحميد والصلاة وجميع الاعمال التي امر الله بها فاذا فعلنا ذلك فالجزاء اذكركم والذي جاء في الحديث من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه فما اعظم ذكر الله عز وجل ولهذا كم يمر بنا من الشدائد والمصائب وضيق الصدر وربما بعضهم الوسوسة الحل ذكر الله الحل ذكر الله الزم ذكر الله واعظمه القرآن لانه حصن حصين نجاة كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك الرجل الذي انطلق والعدو وراءه صراعا يريدون امساك الامساك به. قال حتى انتهى الى حصن حصين فنجا قال ذلك مثل ذكر الله. والعدو الشيطان. الشيطان يطاردك دائما فاذا بدأت بالذكر واستمريت على الذكر نجوت منه ما يستطيع يصل اليك ثم قال جل وعلا يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين مر معنا ان هذا النداء عظيم وعزيز على النفوس. ولهذا قال ابن مسعود اذا سمعت يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانه خير تؤمر به او شر تنهى عنه ولذلك اذا سمعت هذا النداء فانتبه لانه اما خير تؤمر به واما شر تنهى عنه ولا يأتمر بما سيأتي من امر او ينتهي عما ينهى عنه الا من كان متصلا بالايمان وفيه تزكية باهل الايمان لان هذا مذهب اهل السنة والجماعة اذا قيل امؤمن انت؟ قال ان شاء الله واذا قيل مسلم؟ قال نعم لان الامام مرتبة عالية ما يبلغها كل احد ثم قال جل وعلا استعينوا بالصبر والصلاة وقد مر الكلام على هذه الاية اطلبوا الاعانة على ما ينوبكم وما يعرض لكم بالصبر على ما اصابكم وبالصلاة تصلون كما فعل ابن عباس لما جاءه خبر وفاة ابن اخيه استرجع ثم صلى ركعتين اطال فيهما ثم قال فعلنا ما امرنا به ربنا ان الله مع الصابرين. المعية هنا المعية الخاصة لان معية الله نوعان معية عامة فهو مع جميع خلقه بعلمه واحاطته وقدرته وسمعه وبصره ومعية خاصة وهي النصر والتأييد والتمكين وتحقيق ما يطلبه الانسان وهذه خاصة بالانبياء واتباع الانبياء ولا تقول لمن يقتل في سبيل الله امواتا بل احياء بل احياء ولكن لا تشعرون لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله والله اعلم بمن يقتل في سبيله لكن اذا ظهر انه قتل في المعركة ظاهر انه يريد وجه الله مقبلا غير مدبر فهذا الذي يظهر انه في سبيل الله فلا تقولوا انه ميت لكن ليس المراد ميت هنا خروج الروح نعم هو مات هذه الموتة خروج الدنيا في الروح خرجت لكن هو بعد هذه الموتة الان ليس بميت هو في نعيم عظيم ولهذا جاء الحديث ان اهل الجنة ارواحهم في اجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت رواه مسلم وغيره وهم في نعيم عظيم لكن اما الموتة التي كتبها الله في الدنيا فذاقوها لكن المراد ليس معنى ذلك انهم ماتوا وانتهى كل شيء ماتوا فاحياهم الله. حياة مرزخية كاملة وهذا فيه حث على الجهاد في سبيل الله وعلى شراء تلك الحياة الاخرة اذا وجد اذا وجدت اذا وجد الجهاد في سبيل الله تحت راية امام من ائمة المسلمين وسواد وقدرة لا جهاد التفجيريين والدواعش الذين يفجرون مساجد المسلمين وبيوتهم واقاربهم ويزعمون انه جهاد. هذا جهاد في سبيل الشيطان لا في سبيل الرحمن قال جل وعلا بل احياء بل هنا للاضراب بل هم احياء عند ربهم حياة عظيمة ولهذا جاء في الحديث صحيح اورده ابن كثير رحمه الله في صحيح مسلم قال ان ارواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى قناديل معلقة تحت العرش فاطلع عليهم ربك اطلاعه فقال ماذا تبغون قالوا يا ربنا واي شيء نبغي؟ وقد اعطيتنا ما لم تعطي احدا من خلقك ثم عاد اليهم بمثل هذا فلما رأوا انهم لا يتركون من ان يسألوا قالوا نريد ان تردنا الى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة اخرى لما يرون من ثواب الشهادة احياء يكلمهم الله فيقول الرب جل جلاله جل جلاله اني كتبت انهم اليها لا يرجعون فيتركهم اذا هم احياء كما اخبر الله جل وعلا وصدق الله ورسوله ولكن لا تشعرون الشعور هو الاحساس فانتم لا تشعرون بهذا لانهم قد دفنتموه وغطي هم ولكن لا تشعرون لا تحسون بهذا والله على كل شيء قدير ثم قال جل وعلا ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقسم من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين. نبلونكم اي نختبرنكم الابتلاء الاختبار وهذه حكمة بالغة لابد ان يبتلى الناس لان هذي ما هي دار راحة الدنيا دار نكد دار تعب دار مصائب منج من من هذا احد نبينا صلى الله عليه وسلم وهو نبينا متى بعض ولده مات زوجه كسرت رباعيته شج وجهه الدنيا دار ابتلاء واختبار ولله في ذلك حكمة لا يلزم هذا الاختبار يا اخوان انه انه بسبب يعني بعد الانسان عن ربه لا ليرفع الله له درجته كما جاء في الحديث ان الرجل لتكتب له المنزلة في الجنة لا يبلغها بعمله فيبتلى بالمصائب فيصبر عليها. فيبلغ هذه المنزلة ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع وقد حصل النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه الخوف حتى زلزلوا وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معهم متى نصر الله وبلغت القلوب الحناجر هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يزال المسلمون ينزل بهم الخوف مرة بعد مرة بشيء من الخوف ولكن قال بشيء ولله الحمد انه ليس شيء غالب يصيبهم شيء وليس اغلب حياتهم هكذا والجوع وهو ما يجده الانسان من الم حينما لا يجد الطعام الذي يأكله ولهذا لو كان الشبع والدنيا مكرمة عند الله عز وجل اعطاها نبيه وقد كان صلى الله عليه وسلم يربط الحجر على بطنه ومات وما شبع من خبز الشعير ومات ودرعه مرهون عند يهودي في اصع اخذها لازواجي هذا اعظم لدرجاتهم. ولهذا كان عمر وغيره لما انعم الله عليه بشيء من النعم قال اني اخشى ان ان نكون ممن عجلت لهم طيباتهم فكيف بنا نحن اليوم وما نحن فيه من الغنى والرفاهية قال جل وعلا ونقسم من الاموال صبغ مصيبة في المال ينقص المال يخسر تتعطل سيارة تصدم يحترق البيت يحصل شيء ينقص ماله والانفس نقص من الانفس يموت بعض الاقارب يموت احد اقاربه ابوك او امك او ولدك او اخوك او عزيز عليك والثمرات كذلك ثمرات النبات والمزارع والبساتين بساتينكم يصيبها نقص تصيبها افة فتفسد كلها او يصيب عافى بعضها لكن ما هو المخرج؟ وبشر الصابرين المخرج من هذه بشر الصابرين وهذا حث على الصبر اي فاصبروا اذا وقعت فيك مصيبة اصبر واحتسب اصبر واحتسب بعض الناس يشكي للناس يا اخي ما يملكون الناس شيء ولهذا ما سلم احد من هذه المصائب النبي صلى الله عليه وسلم اصابته والصحابة اصابتهم والملوك والكبراء والوزراء والصغار والكبار ما احد ينجو من هذه الامور لانها تقدير العزيز العليم بل حل الصبر على امر الله ولهذا قال الصبر هو الصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى اقدار الله المؤلمة هذا من اقدار الله المؤلمة التي تقع بالانسان ثم قال الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون هذا بيان للصابرين وصف شرح من هم الصابرون الذين اذا اصابتهم مصيبة وقعت بهم مصيبة في المال في النفس في الارزاق قالوا انا لله. نحن ملك لله. نحن عبيد الله ملكه عبيده يفعل بنا ما يشاء نحن العبيد وهو الرب جل وعلا نحرم مماليكه يفعل بنا ما يشاء يغني من يشاء ويفقر من يشاء يصح من يشاء ويمرض من يشاء فالامر امره هذا مقتضى العبودية. انا لله وانا اليه راجعون غاية التسليم فنحن لله وراجعون اليه ومردنا اليه فهو ربنا فليفعل بنا ما ما يشاء جل وعلا ثم قال اولئك عليهم صلوات من ربهم اولئك اسم اشارة دالة على بعدي وعلو مكانة هؤلاء الصابرين اولئك عليهم صلوات من ربهم الصلاة من الله هي الثناء على عبده في الملأ الاعلى عليهم صلوات ثناء يثني الله عز وجل عليهم في الملائكة وفي الملأ الاعلى ورحمة بسبب ما اصابهم لما صبروا يثني الله عليهم وايضا تتنزل عليهم رحمته في الدنيا والاخرة فكم يصب الله على الصابرين من الرحمة في الدنيا والاخرة وهذا امر يعرفه الناس وقديما قيل من صبر ظفر والنبي صلى الله عليه وسلم يقول واعلم ان النصر مع الصبر ومن يتصبر يصبره الله قال صلى الله عليه وسلم ما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر يقول عمر كما في البخاري وجدنا خير عيشنا بالصبر الذي ما يصبر ما يستطيع يعيش تبقى حياته كلها نكد وهم قال جل وعلا واولئك هم المهتدون الذين هداهم الله الى الصراط المستقيم فهم الذين اهتدوا الى الحق فاذا جائتهم المصائب لا لم يصيحوا وينوحوا ويولول ويشق الجيوب ويلطم الخدود ويشتكوا الرب الى الخلق انا لله وانا اليه راجعون ويصبرون على امرهم فهم المهتدون الى الحق وهذا خبر يقتضي الحث على سلوك طريقهم ولهذا جاء عن عمر رضي الله عنه قال نعم العدلان ونعمة العلاوة تفسير هذه الاية. قال نعم نعم العدلان ونعمة العلاوة فالعدلان اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة والعدل الاصل العدلان العدلاني مثنى عدل والعدل هو المثل كانهما مثلان متعادلان صلوات ورحمة وهناك العلاوة فوق هذا كما يوضع على البعير يعدل بين حمله يمين وشمال هناك علاوة توضع فوقه شبهها بهذا والعلاوة التي فوق ما يعطيه الله عز وجل من الصلاة عليه ورحمته هذان عدلان فوق ذلك واولئك هم المهتدون ثم قال سبحانه وتعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم الصفا في الاصل هو الحجر الاملس والمروة تطلق على الحجارة البيضاء الرقاق لكن المراد هنا علمان على الصفا والمروة اللذان يبدأ الساعي فيهما. فالصفا يبدأ الذي يسعى بعد ان يطوف بالبيت جبل بمكة في المسعى اسمه الصبا ويبدأ منه والمروة ينتهي اليها وسبب نزول الاية ان الانصار في جاهليتهم او الاوس والخزرج اذا حجوا او اعتمروا يطوفون بالبيت فقط ولا يطوفون بين الصفا والمروة فلما جاء الله بالاسلام تحرجوا هل امرهم على ما كانوا عليه لا يطوف بين الصفا والمروة فانزل الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما لا جناح يعني لا اثم عليه لكن ليس معنى هذا ان الطواف ان السعي بين الصفا والمروة وهو الطواف بين الصفا والمروة ما هو بواجب ولهذا لما قال عروة لعائشة ارأيتي قوله ان الصفا والمروة من شعائر الله فوالله ما على احد جناح ان لا الا يتطوف بهما ما عليه اثم لو لو لم يطف بهما قالت بئس ما قلت يا ابن اختي لانه ابن اسماء اخت عائشة بنت ابي بكر بئس ما قلت يا ابن اختي انها لو كانت على ما اولتها عليه كانت فلا جناح عليه الا يطوف بهما الله قال فلا جناح عليه ان يطوف ما قال الا يتطوف وهذا رواه البخاري وغيره بل هو في الصحيحين اذا هذا سبب نزوله. وجاء ايضا سند صحيح وهي يقول ابن كثير وهي رواية الزهري انه قال فحدثت بهذا الحديث ابا بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث فقال لي ان هذا العلم ما كنت سمعته. يعني ما سمع انه بسب الانصار ولقد سمعت رجالا من اهل العلم يقولون ان الناس الا من ذكرت عائشة كانوا يقولون ان طوافنا بين هذين الحجرين من امر الجاهلية فانزل الله عز وجل الاية وقال اخرون من الانصار انما امرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة. فانزل الله عز وجل الاية ولا مانع كل هذا حق واذ جاء عن انس لما سئل عن الصفا والمروة قال كنا نرى انهما من امر الجاهلية فلما جاء الاسلام امسكنا عنها فانزل الله من الصفا والمروة. فيرجع الى القول الاول اذا هذي سبب نزولها لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وليس هناك مانع ان كل هذه الاسباب التي ذكرت كانت موجودة قبل نزول الاية. فنزلت الاية امنة لكل هذه الامور ولا مانع من تعدد مقتضيات سبب النزول يكون اكثر من امر واكثر من قضية فتنزل الاية بعدها فتكون شاملة لها بالدلالة. لا لا شيء يمنع من هذا كما نص عليه اهل العلم ان الصفا والمروة من شعائر الله. الشعائر جمع شعيرة والاصل في الشعيرة هي العلامة ومن شعائر الله يعني من علامات وشعائر الحج والعمرة ولهذا السعي بين الصفا والمروة ركن في الحج وركن في العمرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كتب عليكم السعي فاسعوا وعائشة تقول في الحديث فلا اتم الله حج ولا عمرة من لم يطف بينهما والنبي صلى الله عليه وسلم سعى بينهما وقال خذوا عني مناسككم فهي ركن لكن الاية جاءت لسبب نزول معين فمن حج البيت او اعتمر معروف الحج والعمرة فلا جناح اي فلا اثم لكن هذا لنفي ما كانوا يتوهمونه اي يطوف بهما وهذا دليل على ان السعي بين الصفا والمروة طواف ايضا طواف كما كالطواف حول البيت ولا حرج ان يقول الانسان طفت بين الصفا والمروة او سعيد كله حق وهذا نص القرآن ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم من تطوع خيرا فان الله شاكر عليم. وهذا الذي يظهر والله اعلم انه افادة عن الحث على التطوع لكن يجب ان يعلم ان السعي لا تطوع فيه اما الطواف بالبيت نعم لكن لو اراد يطوع بالطواف اراد ان يتطوع بعمرة بحج غير الواجبة من تطوع بذلك فان الله شاكر عليم. يشكر له تطوعه ويعلم تطوعه ايضا الذي قام به ويصلح تصلح الاية للاستدلال بفعل التطوع بجميع الاعمال الحج وغير الحج من تطوع بالصدقة ما هي بالزكاة الواجبة من تطوع باشياء لا تجب عليه باطعام الطعام بامور ليست واجبة عليه فليبشر فان الله شكور شئ سيشكر له عمله هذا ويعلم عمله لا يخفى عليه منه شيء. فهو حث على التطوع ثم قال جل وعلا ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل فيدخل فيه اليهود وكل من فعل ذلك حتى من هذه الامة الذين يكتمون يخفون ويجحدون ما انزلنا من البينات ما انزله الله من البينات والدلائل الواضحات توضح الحق وتبينه انزل الله القرآن وانزل على الام السابقة كتبا وجاء بالدلائل البينة التي تدل على الحق فمن كفر او كتم بعد ذلك بعد ما انزل المبيانات والهدى هدى المراد به الحق الذي هو هدي الانبياء فالبينات القرآن والهدى يشمل السنة ويشمل كل خير جاء حتى ولو لم يكن في الكتاب بل كان في السنة او كان من فعل النبي صلى الله عليه وسلم او تقريره من بعد ما بيناه للناس لابد من البيان لكن لو كان ما علم الحق ولم يفعل هذا الامر او لما قيل له كتمه لانه لم يعلمه حقا او قال له قاله له من لا يثق به ولا يظن انه حق فامره يختلف ولهذا قال من بعد ما بيناه اي وضحناه للناس بالكتاب هذا دليل انه لا يلزم الناس العمل الا ما في الكتاب والسنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم الا اني اوتيت الكتاب ومثله مع من بعد ما بينه للناس بالكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون هؤلاء الذين يكتمون لعظم جرمهم يلعنهم الله ولعن الله وطرده وابعاد طردهم وابعادهم من رحمته فيلعنهم ويطردهم ويبعدهم من رحمته وايضا يلعنهم اللاعنون من الناس والجن والملائكة يدعون عليهم بذلك ان يطردهم الله ويبعدهم من رحمته لانهم كتموا الحق لكن الذين يعلمون العلم قال النبي صلى الله عليه وسلم العلم الشرعي قال ان طالب العلم ليستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر حتى الحوت في البحر يستغفر له. وكاتم العلم يلعنه كل شيء الملائكة والناس اجمعون هذا فيه خطر كتمان الحق كتمان العلم ولهذا من كتم علما الجمه الله بلجام من نار كما صح في الحديث قال جل وعلا الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم الا هذا استثناء متصل الا الذين تابوا يعني كتموا ما انزل الله من الهدى من البينات والهدى من بعد ما بينه للناس لكن تاب من هذا الفعل وهي الرجوع من المعصية الى الطاعة. فتاب من كتمانه الى بيان الحق والدعوة اليه واصلح العمل لا يكفي ان يقول تبت لابد ان يتوب ويصلح العمل يتوب ويعلن التوبة ويصلح العمل بحيث يظهر من اعماله صدق توبته بعض الناس يقول انه تعب عن هذا الذنب ولكن هو باق عليه ولم يتغير ولم يتزحزح لابد من مع التوبة من اصلاح العمل كن عملا صالحا يؤديه لله خالصا ويكون فيه متبعا للنبي صلى الله عليه وسلم الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا هذا من صدر منه كتمان العلم وقع في مثل هذه الامور او ارتد عن الاسلام لابد من البيان لابد من البيان وان يبين ويعلن رجوعه عما كان عليه من الشر لكن لو كان انسان اصلا كافرا ثم امن هذا يكفي التوبة والرجوع الى الله عز وجل ويصلح العمل لكن من كان يتبنى كفرا او ذنبا او دينا غير الحق لابد من البيان وهو اعلان البراءة مما كان يفعل وهذا امر مهم لا يتفطن له كثير من الناس اذا توبة فاصلاح للعمل فبراءة بيان وتبرؤ من من الشر والكفر الذي كان عليه ان الذين نعم الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم التواب اي كثير التوبة الرجاع على عباده فيوفقهم ليتوبوا ويتوبوا عليهم اذا تابوا وهو الرحيم ومن رحمته ان وفقهم للتوبة وقبلها منهم وستر ذنوبهم واعظم لهم الثواب ولا يهلك على الله الا هالك ولله المثل الاعلى. انت لو انك الان اخذت سلعة من مكان وبعد شهر رددت عليه وقبلها منك الا ترى ان هذا فعل جميل منهم طيب تعمل الذنب ولو بقيت عشر سنوات عشرين سنة ثلاثين سنة اربعين سنة خمسين سنة ما يكن ثم تتوب منه يغفره الله لك كله يتجاوزان اي كرم اعظم من كرم الله عز وجل؟ ولهذا الاستغفار من سعادة المرء كثرة الاستغفار من سعادة المرء حرك لسانك بالاستغفار يا اخي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدون له في المجلس الواحد ربي اغفر لي وتب علي انك انت التواب الغفور وكان الصبيحة كل يوم يقول استغفر الله مائة مرة وقال انه ليغان على قلبي واني لاستغفر الله مائة مرة قال توبوا الى الله واستغفروه فاني اتوب اكثر من سبعين مرة هذا من علامات السعادة اجري الاستغفار على لسانه وهناك عبارة جميلة لابن الجوزي قيل له ايهما افضل؟ الاستغفار او التسبيح قال في كل خير لكن الثوب المتسخ احوج الى الصابون منه الى الطيب عندنا ذنوب نحتاج نستغفر منها نعم التسبيح رفعة درجات وحسنات لكن الاستغفار يمحو ويزيل مثل الصابون للوسخ ولهذا لو عليك ثوب متسخ وانتم مخير يا تغسل بصابون يا تحط عليه عود كمبودي تغسله لو حطيت عليه عود وهو وسخ ما احد يقبله بيحتاج انسان يجمع بينهم ولهذا من السنة ان ان تسبح الله تقول سبحان الله وبحمده صبيحة كل يوم مئة مرة ومن قال ذلك غفرت ذنوبه وان كان مثل زبد البحر الا ولم يأتي احد بافضل منه الا رجل قال مثله او اكثر وهكذا يا اخوان ترى التقوى ما تأتي مرة واحدة والعمل الصالح لكن يضرب من كل خير بسهم عنده اعمال صالحة في اليوم والليلة كثيرة تسبيح استغفار تهليل تحميد صلاة فريضة صلاته نافلة قراءة قرآن صلة رحم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا قال جل وعلا ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ان الذين كفروا بالله وماتوا وهم كفار على الكفر ما تابوا لو تابوا تاب الله عليهم ولهذا اليهودي الذي قال اشهد ان لا اله الا الله ثم خرجت روحه بعد هذه الكلمة غفر الله له لكن هذا مات مصرا على الكفر اولئك عليهم لعنة الله مستحقون للعنة الله وطرده وطردهم وابعادهم من من رحمة الله والملائكة تلعنهم والناس والناس اجمعين كل الناس وهذا والله هو اسوأ الناس حالا كلهم يقولون اللهم اطرده من رحمته اللهم العنه هذا امر خطير الانسان لما يسمع دعاء رجل واحد عليه قد يكون ظالم له يقشعر جلده فكيف من يلعنه الله جل وعلا وهي تلعنه الملائكة كلهم ويلعنه الناس اجمعون اي خسارة اعظم من هذا؟ فيجب الحذر من هذا الذنب الخبيث الخطير الذي يورث هذه المصيبة وهذه العاقبة ثم قال سبحانه وتعالى خالدين فيها ايظا هذه عقوبة فوق العقوبة خالدين فيها الى خالدين في لعنة الله المصاحبة لهم في النار. وقيل خالدين في النار ومؤدى القولين واحد واكثر النصوص جاءت بالخلود في النار خالدين فيها ولا شك ان من كانت هذه حاله كما مر فهو خالد في لعنة الله وهو خالد في نار جهنم مضغة تأكيد ذلك خالدين فيها ابدا. لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون لا يخفف لا ينقص عنهم العذاب لا ينقص عنهم ويخفف بل عذابهم في زيادة فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. نعوذ بالله ولا هم ينظرون الانظار الامهال يمهل فترة عن العذاب عذاب سرمدي متواصل بمزيد نعوذ بالله وهذا هو الخزي واعظم الخزي نسأل الله عز وجل ان ينجينا واياكم من النار ثم قال جل وعلا والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم الهكم اي معبودكم لانه من الهيأ له والتأله هو التعبد المصحوب بالحب والتعظيم الهكم معبودكم الذي تعظمونه وتحبونه ويجب ان ان تفعلوا ذلك اله واحد لا شريك له من هو لا اله الا هو لا اله الا الله ومعنى لا اله لا معبود حق سواه ولا اله نافية الالوهية عما سوى الله والا الله مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له ثم وصفه بوصفين عظيمين وسماه باسمين كريمين فقال الرحمن الرحيم ليدل عباده على ان رحمته سبقت عذابه جل وعلا ما قال لا اله الا هو تديد العقاب القهار قال الرحمن الرحيم لان رحمته سبقت عذابه. ولهذا جاء في الحديث في البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كتب كتابا عنده فهو عنده فوق العرش ان رحمتي سبقت عذابي ولهذا والله ما يهلك على الله الا هالك لا حيلة فيه وهذا مما يفتح الصدور ويعظم الرجاء ان ربك رحمن رحيم رحمن ذو رحمة واسعة ورحيم ذو رحمة واصلة فرحمته وسعت كل شيء وهو يرحم الخلق وكان بالمؤمنين رحيما ان الله بالناس لرؤوف رحيم ولكن يحذر الانسان من ان يحال بينه وبين رحمة الله لان الله جل وعلا قال ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون الذي ما يتقي الله عز وجل ما يستحق الرحمة ولا تناله رحمة الله عز وجل ثم قال هنا ذكر ابن كثير مسألة وهي ما هو اسم الله الاعظم والحقيقة ان اسم الله الاعظم منهم من قال ما فيه شيء من اسماء الله يختص بانه الاسماء الاسم الاعظم. كل اسماء الله كلها عظيمة قال والاعظم هنا بمعنى عظيم وقال بعض المفسرين بل هو مما استأثره استأثر الله بعلمه لا يعلمه احد والقول الثالث قالوا الاسم الاعظم معروف ومعلوم لكن اختلفوا على عشرة اقوال بهذا اصحها قولان القول الاول ان الاسم الاعظم هو اسم الله والقول الثاني انه الحي القيوم. وقد جاءت في هذا الاحاديث قال شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله قال ما دام صحت الاحاديث لا مانع ان يكون كل منهما الاسم الاعظم فالله الاسم الاعظم. يا الله يا الله والحي القيوم يا حي يا قيوم كلها من اسماء الله او كل منهما الاسم الاعظم. ولهذا يدعو الانسان بمثل هذا لان الاسم الاعظم اذا دعي به الله جل وعلا اجاب ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ثم قال جل وعلا ان في خلق السماوات والارض وانا اخترت هذين القولين لان فيهما حديثان يحسنهم الشيخ الالباني يصحح احدهما ويحسن الثاني يعني صحيح وهناك ايضا قول اخر لكنه يعود الى هذه الاقوال فهدان هما اصح ما يقال الاسم العوام. الله والحي القيوم كلاهما من اسم عظيم اسم الله الاعظم. فان دعوت بهذا او دعوت بهذا ثم قال جل وعلا ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون ان في خلق السماوات والارض نعم او قبل ذلك نقول لما ذكر جل وعلا توحيده والوهيته والهكم اله واحد لا اله الا هو اردف ذلك واعقبه بذكر الدليل او بذكر الاشياء الدالة على الوهيته وربوبيته سبحانه وتعالى وخلق السماوات والارض لا شك انه عظيم في خلق السماوات والارض وايجادهما سبع سماوات وايجاد وخلق الاراضيين على غير مثال سابق وبين السماء وبين الارض والسماء الدنيا مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام وفوقها مسيرة خمسمائة عام البحر الماء وفوقهم خمس مئة عام العرش او الكرسي لا شك انه يدل على عظمة الله. هذه السماء ما فيها من كواكب ونجوم وشمس وقمر والله انها ايات عظيمة ولهذا ثبت في السيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في بني سعد صغيرا يقولون كان يكثر النظر في السماء صلى الله عليه وسلم تدبر يتأمل الانسان اذا كنت بعيدا عن الاظاءة وعن الكهربا تعجب السماء تتوهج بالنجوم ما فيها موظع ابرة الا وترى فيها كوكبا ونجما سبحان من خلقها وسيرها تغيب نسير والليل والنهار فيها فيها ايات علامات دلائل لكن لمن كان له قلب وقديما قيل اذا كثر الامساس قل الاحساس الناس اذا رأوا عمارة طويلة يتعجبون ناطحة سحاب طيب والسماء والارض والجبال هذا هو الخلق العجيب ولهذا اعرابي قال مقولة جميلة يحكيها المفسرون يقول سماء ذات ابراج ليل داج يعني مظلم وسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج الاثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير الا يدل ذلك على اللطيف الخبير بلى وفي كل شيء له اية جل وعلا وفي انفسكم افلا تبصرون ولهذا التدبر والتأمل ترى من اعظم ما ينفع الله عز وجل به الانسان انه في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار. الليل والنهار يختلفان فهذا مظلم وهذا مضيء يختلفان في الطول والقصر يزيد الليل وينقص النهار ثم يبدأ يزيد النهار وينقص الليل لا يتأخران عن وقتهما ما سمعنا انه الليل اخذ اجازة اسبوع او يوم ولا النهار اية عظيمة يا اخوان تدل على عظم من خلقها جل وعلا واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر الفلك هي السفينة هي السفن والفلك يقول يستوي فيها المذكر والمؤنث فيقال للواحدة فلك ويقال للمجموعة فلك وقد دل على ذلك القرآن فقال جل وعلا حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وقال جل وعلا ويصنع الفلك نوح يصنع الفلك سفينة واحدة وقال الله عز وجل للفلك وفي هذه الاية والفرقة التي تجري في البحر التي تجري في البحر سبحان الله خشب خشبة تطفو كالبحر بل الان سبل ضخام مئات الاطنان او او الاف الاطنان وتطفو فوق البحر مع انك لو رميت حجر صغير انغمس وسط البحر وهذه السفن تطفو نعمة من الله عز وجل بها على على عباده التي تجري في البحر بما ينفع الناس. تجري بما ينفع الناس تحمل الارزاق تحمل الناس انفسهم تجري في مصالح الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها كذلك في انزال الماء من السماء فاذا نزل على الارض احيا الله به الارض بعد ان كانت ميتة الصحراء تمتليء بالغبار فاحياها الله وصارت ارضا خضراء جميلة منبتة من الذي فعل ذلك والله قال وبث فيها اي في الارض بث فرق ونشر فيها في الارض من كل دابة والله ما يستطيع احد ان يحصي انواع الدواب النوع فقط فضلا عن الافراد ولهذا وهذا يعرفه كثير منكم اذا جاء الربيع تكون في مكان اذا جاء الربيع تأتي معه دواب ما تعرفه في حياتك من الذي خلقها؟ من الذي اوجدها هذي كلها ايات عبر لمن يعتبر قال جل وعلا وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض والارض تصرف الرياح الاتيان بها على وجوه مختلفة سواء من حيث النفع هذه ريح تأتي بالمطر وهذه تلقح النباتات وهذه ريح تأتي بالعذاب وهي ريح تأتي بالهواء او ايظا تصريفها تأتي من جهة الجنوب ومن جهة الشمال ومن جهة الشرق ومن جهة الغرب وما بينهما ما الذي يسرفه والله مع انك انت تحس بالريح ولا تراه تحس بها ولا تراها وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء كذلك تصريف السحاب المسخر المذلل بين السماء والارض مع ان السحاب يحمل كميات من الماء لا يعلم وزنها الا الله ومع ذلك ما اسقط على رؤوسنا ارأيت لو انك حملت ايش تسمونه؟ وايت او تريلا من الماء خزان ماء هل يمكن يثبت في السماء بدون شيء لا اذا نزل السحاب تجري الشعاب والاودية وتمتلئ الارض من الماء ومع ذلك هذا السحاب ما سقط على الارض ما الذي يمسكه ويسخره ويذلله ويسوقه حيث يشاء هو الله سبحانه وتعالى قل لا ايات في كل هذه الامور خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر ما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحى به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصرف الرياح والسحاب المسخر بين السماء ايوة يا رب كل هذه ايات علامات دلائل واضحات تدل على الله فالخالق لهذه الاشياء المدبر له المستحق ان يعبد لكن لمن لقوم يعقلون يعقلون العقل هو الفهم يعقلون عن الله مراده هناك من باب المناسبة قال الفول نعم وتسريب الرياح هناك مقولة ذكرها بعض المفسرين يقولون جاء النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اللهم اجعلها رياح ولا تجعلها ريح يقول ان الرياح بالجمع للخير تأتي بالخير والريح بالافراد تأتي بالعذاب هذا القول لا يسلم فيه. اول الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح انه في الاغلب اذا جاءت الريح بالافراد انها تدل على العذاب لكن جاءت في موطن تدل على الخير وجرينا بهم بريح طيبة ريح واحدة وسماها طيبة لكن لو قيل الاعمى الاغلب نعم هذا له وجه من النظر وهذا اذا لم ننظر ايظا للقراءات غالبا التي جاءت فيها ريح احيانا بعضها تجد فيها قراءة رياح لكن على القول بالقراءة التي نقرأ عليها. ثم قال جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونه كحب الله ومن الناس من تبعيضية من بعض الناس لانه ليس كل الناس يفعل هذا من يتخذ من دون الله اندادا من دون الله اندادنا الانداد جمع ند وهو الشبيه والمثيل والمعنى يتخذون شركاء مع الله يجعلونه ندا يصرفون له محبتهم تعبدون له يحبونهم كحب الله يحبون اندادهم واصنامهم مثل ما يحبون الله والمحبة التي لله يا اخوان محبة عبادة لا يجوز ان يتقرب بها لغير الله يعني التقرب الى احد بمحبتك له لا يجوز الا لله هل تحب الله وتتعبد له بمحبته تتقرب تتعبد تتذلل له بهذه المحبة هذه محبة العبادة. من صرف لغير الله فهو مشرك كافر ولهذا قال والذي والذين امنوا اشد حبا لله اذا هؤلاء المشركون يحبون الالهة ويحبون الله ايضا محبة عظيمة لكن يسوون بين الله وبين الالهة والانداد لكن الذين امنوا اشد حبا لله لانهم لا يحبون الا الله لا يحبون الا الله فكانت محبتهم خالصة قال جل وعلا ولو يرى الذين ظلموا لو شرطية اين جوابها كثيرا ما تأتي له ويحذف جوابها يكون يحذف لنكتة بلاغية حتى يذهب الذهن كل مذهب وتقدير الكلام ولو ترى ولو يرى الظالم الذين ظلموا اذ يرون العذاب لرأوا شيئا مخيفا لرأوا عذابا شديدا لرأوا شيئا مهيلا لرأوا قدر ما شئت يذهب الذهن كل مذهب سيرون ماذا هو يعرف انه عذاب لكن ما قدره ما حجمه ولو يرى الذين ظلموا والمعنى ظلموا هنا اشركوا كفروا لانه سيقول في اخر الايات وما هم بخارجين من النار فمن اشرك مع الله احدا في المحبة كافر لان الله قال وما هم بخارجين من النار والذي لا يخرج من النار هو الكافر المشرك المحو ومعنى الذين ظلموا هنا يعني كفروا اذ يرون العذاب اي حين يرون العذاب الذي ينزله الله عز وجل بهم لرأوا شيئا لا تطيقه العقول من شدته ثم قال ان القوة لله جميعا القوة لله جميعا هو القوي وحده لا شريك له وكل من دونه فهو ضعيف ومن كان به قوة فمن الله والله الذي اودعها به لكن قوة الله لا يغالبها قوة جل وعلا وان نعم وان الله شديد العذاب فهو القوي والقوة كلها له وهو شديد العقاء العذاب وعذابه شديد لا يقادر قدره احد نعوذ بالله من عذاب الله ثم قال اذ تبرأ الذين اتبعوا يعني واذكر حين تبرأ ومعنى تبرأ تبرأ من الشيء يعني طلب البراءة منه والتنصل وتخلى منه ما يريده اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا تبرأ المتبوعون من اتباعهم وبئس الصداقة والعلاقة التي تنتهي باهلها الى ان يتبرأون من بعضهم وكل يفر ولا يريد احدا الا المتقين ولهذا قال اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب يعني رآه من الاتباع والمتبوعون رأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب والاسباب جمع سبب والمراد به اسباب الخلاص اسباب النجاة وقيل تقطعت بهم الاسباب التي كانت بينهم في الدنيا. كان في اسباب تربط بعظهم ببعظ في الدنيا يود بعضهم بعضا طلبات مال رفقة امور تقطعت انتهت ما تنفع ما ينفع ذلك اليوم الا الايمان بالله وحده لا شريك له وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم يعني المتبوعون تبرأوا من اتباعهم وتقطعت الاسباب والوصلات التي كانت بينهم في الدنيا كما قال ابن عباس وعندها يقول الذين اتبعوا لو ان لنا كرة رجعة الى الدنيا مرة ثانية فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا يتخلص منهم نتخلى عنهم لكن هذا لا يمكن ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون. اذا مثلا الانسان ما يرجع للدنيا فلا يمكن ان يرجع فنتبرأ منهم كما تبرأ منا مثل ما تبرأوا منا قال الله عز وجل كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم مثل هذه القراءة يريهم اعمالهم التي عملوها مع هؤلاء المتبوعين وغيرهم حسرات يتحسرون عليها ويندمون اشد الندم لانها تسوءهم لانها عذاب مهين اعمال تسوء صاحبها ويضيق صدره بها وما هم بخارجين من النار فوق هذا يتحسرون لما يروا من اعمالهم الخبيثة التي تلقي بهم في نار جهنم وقال بعض المسلمين يتحسرون حينما يرون الاعمال الصالحة انهم ما عملوها يتحسرون على فعلها ولكن ظاهر السياق انهم يتحسرون على اعمالهم ومن اعمالهم هذه كما جاء في الحديث فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم وينظر امامه ولا يرى الا النار تسوء هذه الاعمال اذا ما زلنا يا اخوان في دار الامهال تب الى الله من الاعمال السيئة يا اخي واعمل الاعمال الصالحة التي تسرك يوم تراها قال جل وعلا وما هم بخارجين من النار. هذا دليل ان الاشراك مع الله في المحبة محبة الاصنام مع الله مع انهم يحبون الله حبا شديدا كفر وما هم بخارجين من النار. والذي لا يخرج من النار هو الكافر اما عصاة الموحدين يخرجون ومن هنا قال شيخ الاسلام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله يقول فكيف بمن لم يحب فكيف بمن لم يحب الله فكيف بمن يحب الند اشد من حب الله اذا كان هؤلاء يحبون الله حبا شديدا لكن يشركون معه الاصنام. اخبر الله انهم لن يخرجوا من النار فكيف بالذي ما احب الله اصلا او احب الصنم او القبر او من يدعوه من دون الله اكثر من محبة الله نعوذ بالله من الخذلان ثم قال سبحانه وتعالى يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا هذا ثاني موطن يمر بنا يا ايها الناس في سورة البقرة موطنا يا ايها الناس وسورة البقرة مدنية وهذا دليل على ان ما ذكره السيوطي وغيره ان وجود يا ايها الناس في سورة يدل على انها مكية اه غير صحيح على اطلاقهم ليس مطردا ليس مطردا لكن بحسب الغالب الاغلب نعم يا ايها الناس اعبدوا يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا هذا من رحمة الله بنا يخلقنا ويهيئ لنا الرزق ويأمرنا بان نأكل منه لكن قال حلالا طيبا قال بعض المفسرين حلالا يعني محللا لكم محللا قد احله الله لكم وقال بعض المفسرين حلالا مأذونا لكم فيه وقال وسمي الحلال حلالا لانحلال عقدة الحظر فيه انحلال عقدة الحظر ما هو بمحظور عليك متاح لك ثم قال طيبا الطيب هو الذي تستلذه يستلذه الانسان هو حلال محلل لك وايظا رزقا طيبا يا اخوة انظروا كذا ما هي مآكلكم ما الذي تأكلون الله لكم الطيبات لا يدري انسان ماذا يأكل فسبحان من خلق ورزق ومع ذلك يكفر به ويعصيه العباد حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان الخطوات جمع خطوة وخطوة بفتح الخاء وضمها فبالفتح للمرة الواحدة يقال خطا خطوة يعني مرة واحدة وبالضم تطلق على ما بين القدمين اذا مشيت بقدميك المسافة التي بين قدميك هذي تسمى خطوة وخطوات الشيطان اي طرائقه ومسالكه طرائقه ومسالكه وهو كل ما يدعو اليهم وهما كانا ضد الحق لان الشيطان عدو قال انه لكم عدو مبين لان قائلا لماذا لا نتبع خطوات الشيطان؟ قال انه لانه عدو مبين بين العداوة ظاهر العداوة وقال في اية اخرى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فسبحان الله كيف يتخذ الانسان عدوه صديقا كيف يتخذ عدوه ويطيعه ويتبعه ويترك الحق الذي امره الله به ربه ثم قال انما يأمركم بالسوء والفحشاء وهذا تفصيل لخطوات الشيطان وما هي فقال انما وهذا اداة حصر يأمركم بالسوء بالسوء والفحشاء قيل السوء هي الصغائر والفحشاء هي الكبائر لان الذنوب تنقسم الى قسمين صغائر وكبائر كما قال الله عز وجل في اية اخرى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم يعني الصغائر وقيل للذنب سوء بالمعصية لسوء عاقبتها على صاحبه على صاحبها وقيل للفواحش فاحشة لقبحها وفحشها وقال بعض المفسرين السوء والفحشاء شيء واحد فهي من باب عطف الخاص على العام السوء عم والفحشاء خاصة بالذنوب الكبيرة ولكن السوء يشمل جميع الذنوب وقيل غير ذلك لكن القول بانها الصغائر والكبائر له وجه من النظر لانه قد جاء في اية اخرى ما يدل على تقسيم الذنوب الى صغائر وكبائر وعلى كل حال الشيطان يأمر بالصغائر والكبائر من الذنوب ولهذا الشيطان عدو يقول ابن القيم بمدارس السالكين يقول الشيطان له ست مداخل على الانسان فاول ما يأتيه من باب الكفر يقول اكفر فان ابى عليه اتاهم من باب البدعة فان ابى عليه الابتداع اتاهم من باب الكبائر فان ابى عليهم ارتكاب الكبائر اتاهم من باب الصغائر فان ابى عليه من الصغائر اتاه من باب فعل المفضول وترك الفاضل لا تشتغل بالعلم يثقل العلم عليه هل يشتغل بعمل صالح لكن يفعل المفضول ولا يرفع الفاضل الاكثر ثوابا والاعظم اجرا له. لانه عدو فان لم يفعل اتاهم من باب فعل المباحات اه صير هم الصيد يطلع للصحراء يطلع للبر الفسحة الذهاب المجيء هو مباح لكن يظيع عليه عمره العمر كله هكذا اذا هذا عدو لابد ان نستعيذ بالله منه وان نعصيه قال وان تقولوا على الله ما لا تعلمون يعني ويأمركم بالقول على الله بغير علم هذا من الشيطان والقول على الله من غير بغير علم من اعظم الذنوب ولهذا يجب على الانسان يتقي الله ان يتكلم في دين الله بغير علم يقول الله يقول كذا والله امرنا بكذا هذا دين الله انتبه لا تقول على الله بغير علم بعض الايات جعله الله قرين الشرك القول على الله بغير علم تكلم بعلم والا اسكت ثم قال والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا