بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا ولو ترى ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين لو هنا شرطية وجوابها محذوف يقدره بعض المفسرين بقولهم ولو ترى لرأيت شيئا مهيلا او لرأيت شيئا مخيفا او نحو ذلك من الكلام فيقول الله جل وعلا ولو ترى اذ وقفوا على النار لرأيت امرا عظيما وهو ما يحصل لهم حينما يوقفون ويحبسون على النار ولو ترى اذ وقفوا ومعنى وقفوا يعني حبسوا ولو ترى اذ حبسوا او حين حبسوا على النار وعندما وجدوا مس النار وعذابها قالوا متمنين يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا يتمنون انهم يردون الى الدنيا فيؤمنون بجميع الايات ولا يكذبون بشيء منها ونكون من المؤمنين فنصدق بالايات ولا نكذب بشيء منها ونكون في جملة المؤمنين ومع المؤمنين وقوله نرد ولا نكذب فيها ثلاث قراءات فقرأ حفص وحمزة ويعقوب بنصب الباء في ولا نكذب وفي نكون ايضا لا ولا نكذب ونكون على انها سبقتها ان مظمرة بعد واو المعية وقرأ الجمهور برفع الفعلين ولا نكذب بايات ربنا ونكون وقرأ ابن عامر برفع الباء لنكذب ونصب نكون والمعنى لا يكاد يعني يختلف اختلافا كبيرا بسبب هذه القراءات لكن هذا مما قرأ فيه ومما فاتنا التنبيه عليه في قوله جل وعلا والله ربنا ما كنا مشركين فيها قراءتان والله ربنا على انه بدل من لفظ الجلالة من اسم الله والله ربينا او النصب والله ربنا على ان ربنا منادى تقبل كلام الله يا ربنا قال جل وعلا بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل بدأ بل هنا للاضراب الانتقالي وبعد ان قولهم ان اظرب عن قولهم السابق وانتقل الى قول اخر عنهم فقال بل بدا لهم اي ظهر لهم بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل وهو ما كانوا يخفونه في قلوبهم من التكذيب والكفر والجحود فذاك الذي كان في قلوبهم بدأ وظهر لهم في الاخرة وظهر لهم نتيجة ما كان في وبهم وانهم كانوا خاسرين فقال بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه لو ردوا الى الحياة الدنيا كما تمنوا وطلبوا لعادوا لما نهوا عنه من التكذيب والكفر باية الله ويكونون ضد المؤمنين وهذا كما قدمنا دليل على ان الله جل وعلا عليم بما لم يكن لو كان كيف يكون مع انهم لا يمكن ان يردوا ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون. لكن قال الله جل وعلا ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه هذا دليل على ان الله جل وعلا علمه متعلق بالممكن والمستحيل فقال لو ردوا مع انهم لن يردوا لكن لو ردوا وهذا شيء مستحيل لعلم الله ماذا سيفعلون؟ لعادوا لمن هو عنه قال جل وعلا وانهم لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون كذب في قولهم اننا لا نكذب ونكون مع المؤمنين وما ذكروه في هذا كما كذبوا اول مرة قال جل وعلا وقالوا ان هي الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين اي وقالوا حينما يردون لقالوا مثل ما قالوا قبل ذلك لقالوا انما هي ان هي الا حياتنا الدنيا. ما هي الا حياتنا الدنيا. الدنيا من الدنو. يعني ما الا هذه الحياة الدنيا فقط ما فيه بعث ولا فيه حياة اخرى ولا اخرة يعني انكار البعث وانكار الجزاء والمحاسبة وقالوا ان هي الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين. لن نبعث ولن نحشر ولن ننشر مرة اخرى وكفى بهذا كفرا التكذيب بالبعث لانه تكليف باحد اركان الايمان قال جل وعلا ولو ترى اذ وقفوا على ربهم ولو ترى قال ابن كثير يذكر تعالى حال الكفار اذا وقفوا يوم القيامة على النار وشاهدوا ما فيها من السلاسل والاغلال ورأوا باعينهم تلك الامور العظام والاهوال فعند ذلك قالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب باياتنا. نعم هذا يتعلق بالايات السابقة وقال عند هذه الاية هذه الاية ثم قال ولو ترى اذ وقفوا على ربهم اي اوقفوا بين يديه. قال اليس هذا بالحق؟ اي اليس هذا المعاد بحق؟ وليس بباطل كما كنتم تظنون؟ قالوا بلى وربنا والحصر ان هذه الاية متعلقة بما قبلها. والله جل وعلا يقول ولو ترى اذ وقفوا كما قدمنا في لو انها شرطية اي لرأيت امرا خطيرا او امرا عظيما ولو ترى حالهم اذا وقفوا وحبسوا على النار او يوقفوا على ربهم وحبسوا بين يديه ووقفوا للمجازاة والمحاسبة ثم قال لهم حين ذاك جل وعلا اليس هذا بالحق؟ وهذا استفهام توبيخ وتقريع لهم اليس هذا بالحق؟ اليس هذا المعاد والبعث والنشور بحق وليس بباطل كما كنتم تقولون وما نحن بمبعوثين ان هي الا حياتنا الدنيا وما نحن من مبعوثين قالوا بلى وربنا قالوا بلى وربنا اقسموا قالوا نعم بلاء هو حق ونحن فيه الان واقسموا على ذلك وربنا اي ونحلف بربنا على ذلك قال فذوقوا العذاب لانه انتهى وقت الامهال لو اقروا بهذا في الدنيا لنفعهم ذلك اما وقد انتهوا الى المجازاة فلا خيار لهم الا ان يذوقوا جزاء ما عملوا. قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون يذوقوا العذاب. اوصلوا النار نعوذ بالله ان العذاب يذاق ويذوق الكفار حقيقته واثره ويتألمون اشد الالم بما كنتم تكفرون الباء للسببية وما مصدرية بسبب كفركم ما ظلمهم الله عز وجل ولكن كانوا انفسهم يظلمون ويجوز ان تكون ما موصولة على ضعف في ذلك بالذي كنتم تكفرونه فالحاصل ان الله سبحانه وتعالى يجازيهم على اعمالهم جزاء وفاقا ولهذا كل هذه المواعظ العظيمة ايقاظ للقلوب الحية تأمل يا عبد الله الان هذا الكلام اخبر الله ان الكفار يقولونه ولا يردون وانما يعذبون في النار وانت ما زلت ممهلا مهملا تستطيع ما زلت ممهلا تستطيع انك تتوب من الذنوب والمعاصي وتقلع اما عندك من الخلل وتقوم بالواجبات ما زلت في دار العمل وهذي من ثمرات قراءة القرآن ومعرفة تفسير القرآن الانسان يتعظ بما فيه فهو الحمد لله لا يزال يستطيع ان يتوب ويستغفر ويقلع لكن حال هؤلاء الاشقيا نعوذ بالله انهم لا يردون وانما هم الى العذاب والى النار وبئس المصير. قال جل وعلا قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها قد خسروا اعظم الخسارة وقد مر معنا اكثر من مرة معنى الخسارة وان المراد انهم خسروا الجنة خسروا انفسهم فانزلوها النار بدلا من الجنة وهذه هي الخسارة العظيمة ان الانسان يخسر نفسه ويقع في عذاب الله ولو اطاع الله لكان في الجنة وفي النعيم المقيم وما خسارة المال تعوض لكن هذه الخسارة ما تعوض نعوذ بالله. فقد خسروا انفسهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله. وبين سبب الخسارة هنا هو التكذيب بلقاء الله. التكذيب باليوم الاخر. لان لقاء الله يدل على البعث والنشور. والحياة بعد الموت قد كذبوا بلقاء الله حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة حتى ابتدائية تفيد السبب حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة ومعنى بغتة اي فجأة بدون مقدمات قالوا الفجأة هو حصول الشيء بدون تهيؤ له ولا استعداد والمراد ان الساعة تأتي بغتة والمراد بالساعة القيامة والساعة تطلق في القرآن ويراد بها يوم القيامة وتطلق ويراد بها مطلق الزمان قد يكون قليلا وقد يكون كثيرا تطلق على جزء من الوقت قد يكون كثيرا وقد يكون قليلا. لكن المراد بها هنا والله اعلم الساعة حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة فجأة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها الحسرة هي الندم الشديد الاصل ان الحسرة ما تنادى لكن اوقعوا النداء على الحسرة ليدل ذلك على شدة حسرتهم حتى قال سيبه ايه المعنى يا حسرتنا احضري يا حسرتنا احضري لشدة العذاب والنكال الذي هم فيه وقال وقال يعني بعضهم هذا من باب اه نعم لعله على كل حال يعني بعضهم كأنه يريد ان يجعل هذا من باب المجاز ولا مجاز في القرآن ولا في كلام العرب وانما المراد انهم لشدة حسرتهم ينادون الحسرة يا حسرتنا كانهم يقولون يا حسرتنا احضري او اقبلي او هلمي او ما شابه ذلك من التعبير الحاصل انهم من شدة تحسرهم ينادونهم بحسرتهم ينادون بالحسرة على انفسهم لتيقنهم بوقوع ذلك لهم ام وهو شدة الاسف والندم على ما مضى ولا يستطيعون ان يفعلوا شيئا مقابل ذلك يا قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها. التفريط هو التقصير في الشيء مع القدرة عليه الاصل في التفريط وهو التقصير في الشيء مع القدرة عليه او على فعله وهم يقولون يا حسرتنا على ما فرطنا فيها على ما قصرنا وكانوا يستطيعون فيها يجوز ان يكون في امر الساعة ويجوز ان يكون بالاعمال الصالحة والمعنى متلازم يا حسرتنا على ما قصرنا في امر الساعة وعدم الاستعداد لها او يا حسرتنا على ترك الاعمال الصالحة قبل مجيء الساعة يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون اوزارهم على ظهورهم والاوزار جمع وزر والاصل في الوزر هو الثقل او الحمل الثقيل والمراد به هنا الذنوب واطلق الوزر على الذنب لثقله او لثقل عاقبته على جانيه ولهذا يحملون اوزارهم على ظهورهم وقد اورد ابن كثير في تفسيره بعض الاثار التي تدل على ان الانسان الكافر يحمل اثامه على ظهره ومنها ما رواه ابن ابي حاتم في تفسيره وابن جرير عن ابي مرزوق وهو تابعي قال يستقبل الكافر او الفاجر عند خروجه من قبره كاقبح او يستقبل الكافر او الفاجر عند خروجه من قبره كاقبح صورة رآها وانت نريحا. فيقول من انت فيقول اوما تعرفني فيقول لا والله الا ان الله قبح وجهك وانتن ريحك فيقول انا عملك الخبيث هكذا كنت في الدنيا خبيث العمل منتنه طالما ركبتني في الدنيا هلم اركبك فهو قوله وهم يحملون اوزارهم على ظهورهم الا ساء ما يزيلون والحاصل ان المعنى ان الله سبحانه وتعالى بين انهم يحملون اثامهم يوم القيامة على ظهورهم وانهم يلقون الله باعمالهم وانه لا لا فر ولا مهرب مما عملوه لا يضيع منه شيء ولا يخفى منه شيء ثم قال الا ساء ما يزيرون قبح ما كانوا يعملون ويرتكبون من الذنوب. والمراد به الكفر والتكذيب بالاخرة ثم قال جل وعلا وما الحياة الدنيا الا لعبوا ولهوا في الغالب قال ابن كثير انما غالبها كذلك. لعب واللعب هو كل عمل او قول في خفة وسرعة وسرعة وطيش ليس له غاية هو كل عمل او قول في خفة وسرعة وطيش ليست له غاية مفيدة بل غايته اراحة البال وتقصير الوقت هذا غايته وبغا يريح باله ويقصر الوقت كما يفعله كثير من الناس. يبغى يتسلى هذي حقيقة الدنيا يا اخواني في الغالب انها لعب وانها له وهي ايام يا اخي ايام ترى ما هي بكثيرة هذه الدنيا فهذا غالب الدنيا الا الرجل المؤمن الذي عقل امره فاستغلها بالجد وبما يعود عليه بالنفع قل هذه حقيقة الدنيا لعب ولهو واللهو قالوا هو ما ما يشغل به الانسان او ما يشتغل به الانسان مما ترتاح اليه نفسه ولا يتعب في الاشتغال به عقله ولا عشت ولا يتعب في الاشتغال به عقله فالحاصل ان المراد بان باللعب واللهو يعني انه ان هذه الدنيا حقيقتها ليست جد وليست دار القرار وليست دار بقاء وهذا الغالب على اهلها والغالب عليها انها لعب ولهو فلماذا انت تتمسك باللغو واللعب لمن زجل همك هي الدنيا يا اخي الدنيا لهو ولعب وزائلة وفانية ائتني بامر الاخرة واستغل هذه الدنيا للاخرة هي مزرعة فقدم اليوم ما يسرك غدا والا الدنيا مثل الحلم فلهذا كل سيخرج منها. المؤمن الكافر ولكن الكافر كان يعيش جنة جنته فينتهي الى عذاب الله فلا يغتر بالدنيا لا يغتر بها لا ينبغي للانسان ان يغتر بها واظن بل اجزم ان ما تركنا غافلين سواء من حيث من حيث كثرة من يموت ممن حولنا او حتى من حيث احوالنا وابداننا كل انسان يعرف حاله ويعرف كيف انه ما عمر الليالي والايام تتغير حاله ويتعب بدنه ويثقل مقامه تتغير عليك الامور لان هذي ما هي بدار بقاء هذي معبر فتزود منها للاخرة فوصف الله عز وجل في اكثر من اية لانها له وباطل ولعب ان متاع الغرور فوالله ان الله قد وعظنا ونصحنا ولكن مع ذلك الانسان يغفل فيحتاج الى قراءة القرآن والتدبر وكذلك معرفة معاني التفسير معاني القرآن حتى ينتفع بهذا قال جل وعلا وما الحياة الدنيا الا لئيم وله ولا الدار الاخرة خير الدار الاخرة خير من الدنيا لمن؟ لكل احد؟ لا للذين يتقون فقط واما الذين لا يتقون الدنيا خير لهم من الاخرة من حيث انهم يحصل لهم فيها نعيم وراحة اما الدار الاخرة الى عذاب النار وبئس المصير والدار الاخرة ولا الدار الاخرة فيها قراءتان فقرأ الجمهور ولا الدار بلا ميل الاولى لام الابتداء والثانية لام التعريف ولا الدار الاخرة والاخرة رفعا ولا الدار بالضم وكذلك الاخرة بالضم وقرأ ابن عامر ولدار الاخرة بلا من واحدة والاخرة بالجر على انه مضاف اليه والمعنى لا يختلف فهو خبر من الله ان الدار الاخرة او دار الاخرة خير للذين يتقون خير من الدنيا لما فيها من النعيم ولهذا لا يخفى عليكم الحديث في الصحيح انه يؤتى بابئس اهل الدنيا فيصبغ في الجنة صبغة اي يغمس غمسة فيقال هل مر بك بؤس قط؟ فيقول ما مر بي بؤس قط من غمسة واحدة في الدار الاخرة خير للذين يتقون. يتقون معصية الله يتقون ما حرم الله عليهم يجعلون بينه وبين النار وقاية بفعل اوامر الله واجتناب نواهيه ثم قال افلا تعقلون العقل هو الفهم الا تفهمون مراد الله جل وعلا اعملوا عقولكم حتى تعقلوا عن الله مراده وتنتبهوا وتستعدوا وتكون من اهل الخيرية في الاخرة ثم قال جل وعلا قد نعلم قد نعلم انه انه ليحزنك الذي يقولون قد هنا للتحقيق وللتكثير وليست للتقليل فهي للتحقيق وللتكفير ايضا قد نعلم انه لا يحزنك قرأ نافع ليحزنك قرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي ليحزنك ليحزنك نعم قرأ نافع ليحزنك بظم الياء وكسر الزاي. وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الزاي. ليحزنك هو المعنى لا يختلف حزن واحزن كم بمعنى او لغتان في الكلمة انه ليحزنك الذي يقولون نعم وهذا دليل ان النبي صلى الله عليه وسلم يتأذى من هؤلاء الكفرة ومن اقوالهم ومع ذلك اخبره الله انه عليم بما يقع له وانه يعلم انه يحزنه فسلاه وكذلك لا شك انك ايها المؤمن اذا استهزأ بك وطعن في دينك ان ذلك يحزنك ولكن اصبر اصبر الله جل وعلا ما جعل الدنيا دار راحة هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم وقال جل وعلا لقد خلقنا الانسان في كبد ما يبدأ الراحة هذه الحياة قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون قال ابن كثير رحمه الله يقول تعالى مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب قومه له ومخالفتهم اياه قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون. اي قد احق علما بتكذيب قومك لك وحزنك وتأسفك عليهم كقوله فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وكما قال تعالى لعلك بافع نفسك الا يكونوا مؤمنين. وقال فلعلك بافع نفسك على اثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا وقال فلا تأس على القوم الكافرين فانهم لا يكذبونك لا يتهمونك بالكذب في نفس الامر ولكن الظالمين بايات الله يجحدون لكن يعانيدون الحق ويدفعونه اذا معنى الاية فانهم لا يكذبونك يعني في حقيقة الامر. هم من الداخل يعلمون انك رسول الله حقا لكن هؤلاء يجحدون هؤلاء الكفرة هؤلاء الظالمون يجحدون بايات الله والا هم في الحقيقة هم يعلمون انك رسول. وانك جئت بالحق وهذا يعني مما يسلي به النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهمه امر قومه كان حريص على انهم يعتبرون يستجيبون ويفهمون ويصدقون ويؤمنون والنبي صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين ما قصر ولكن هؤلاء باية الله يجحدون. ولهذا اورد ابن كثير وغيره اثار عن ابي جهل انه سئل سأله بعض قومه اثر اثر محمدا كاذبا ام صادق قال والله انه لصادق ولكن متى كنا تبعا لبني هاشم يعني ما نتبعهم في بعض الاثار انه قال اطعموا فاطعمنا وسقوا فسقينا ثم قالوا منا نبي من اين لنا ذلك والله ما نتبعه. اذا هم هم هو مؤمن مصدق في الحقيقة. لا يكذبونك من قلوبهم لا هو يعلم انك رسول الله حقا لكن هو يجحد هذه الايات ويجحد هذه البينات هذي تسرية للنبي صلى الله عليه وسلم كانه يقول لا تأسع القوم الكافرين بلغت البلاغ المبين واديت ما ما امرتك به واقمت الحجة عليهم فتكذيبهم هذا بناء على جحودهم لا على انهم لم يبلغهم الحق ولم يعرفوه. فقد ايقنوا فيه قد ايقنوا به من انفسهم في بواطنهم قال فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون الظالمين هنا الكافرين لانه اشد الظلم وهو الكفر. باية الله يجحدون. يجحدون الايات والا هم يعرفونها لكن في الظاهر يجحد ما بباطنه وما بقلبه فيظهر غيره. وهو التكذيب لك وهنا قال فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. قالوا هذا وضع الظاهر موضع المظمر لان الحديث عنهم لو كان غير كلام الله جاز لك ان تقول قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكنهم بايات الله الله ما قال ولكنه ما اتى بالضمير اتى بالاسم الظاهر. ولكن الظالمين وهذا يقولون وضع الظاهري موضع المضمر في هذا الموطن يفيد زيادة التوبيخ لهم والاجراء عليهم وبيان علة تكذيبهم وهو الظلم بسبب ظلمهم قال جل وعلا ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله. ولقد جاءك من نبأ المرسلين ولقد كذبت الواو هنا استئنافية وقيل اللامواقعة في جواب القسم وهي تفيد وقد تفيد التحقيق وهذا خبر مؤكد باللام وبقد. ولقد كذبت رسل من قبلك مما سبقك من رسلنا فصبروا فصبروا على ما كذبوا اذا لك بهم اسوة حسنة فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل فاصبر كما صبر اولي اولي العزم من الرسل ولا تستعجل لهم فالله يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر كما صبر من قبله وكذلك يقال للمؤمن اصبر على دينك يا عبد الله اذا كنت تعاني كما صبر نبيك صلى الله عليه وسلم بل ان الانسان يا اخوان لا يستغني عن الصبر لا بد له من الصبر في هذه الحياة. لو لم تصبر على نفسك التي بين جنبيك وتصابرها ما صليت الفجر مع الجماعة ما فعلت كثير من الاعمال فلابد من الصبر والجهاد والاحتساب ده يعني الانسان اذا وضع في باله ان هذه ما هي دار مقر. انت الان اذا كنت مسافر الى مكان تاخذ راحتك في كل شيء ولا تقول لا انا مسافر ان شاء الله اذا رجعت الى البلد انت الان مسافر في هذه الدنيا لا تجعلها دار قرار واصبر على ما فيها وصابر واستغلها بما يعود عليك بالنفع في السفر قريب السفر قريب ودار البقاء هي الاخرة ان في الجنة وان في النار قال جل وعلا فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا. واوذوا يعني كذبوا فصبروا على التكذيب واوذوا حتى جاءهم نصرنا كما قال جل وعلا ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون. وان جندنا لهم الغالبون وقال جل وعلا انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد اذا اوذوا حتى اتاهم نصرنا. اذا ما هو الحل؟ هذا يعرض لنا شيء من هذا او بعض الناس قد يكون يضطهد في دينه او في شدة ما عنده معين او قليل المعين نقول اصبر على ما يصيبك من التكذيب وكذلك الاذى لابد ينالك الاذى بعض الناس ربما ربما يترك دينه او يترك بعض السنة وبعض امور السنن لانه يؤذى يقول يا شيخ هذا احرجني. اشغلني كل يقول لي كذا ويقول لي كذا. فاصبر يا اخي ماذا تنتظر انت؟ اصبر اصبر حتى يأتيك النصر ولابد هذه الدنيا ما هي دار مقام ولا دار باستمرار لابد يستريحه برا ويستراح من فاجر ولهذا قال واوذوا حتى اتاهم نصرا يعني اوذوا وصبروا ولم يتركوا دينهم حتى اتاهم نصرنا واضاف النصر اليه ببيان شرفه وعظمته تأكد وقوعه نصر الله ما هو نصر غيره ثم قال ولا مبدل لكلمات الله ما هي كلمة الله؟ الاية الايات التي تلوتها عليكم قبل قليل هذه كلمات الله ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون. وان جندنا لهم الغالبون وان جندنا هم الغالبون او لهم الغالبون. نعم هذه كلمة الله كلمات الله التي قال ولا احد يستطيع يبدل ولا يغير والله ان نصر الله لاولياءه قادم ولابد. ولهذا تأملوا في قصص الانبياء والرسل ماذا حصل الانبيا مع رسلهم؟ لما كذبوهم واذوهم نصرهم الله وكان نهاية المطاف النصرة لانبيائه واوليائه كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم نصره الله وصار دخل الناس في دين الله افواجا واقر الله عينه بالاسلام قبل موته صلى الله عليه وسلم النصر قادم لا تستبطئه. المهم ان تفعل ما عليك تثبت على دينك وتصبر هذا ما ما يأتيك من التكذيب والاذى قال جل وعلا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين من اخبار المرسلين الذين من قبلك جاءك نبأ نوح كيف نصرناه على قومه بعد ان مكث فيهم الف سنة الا خمسين عاما جاء كنب هود مع قومه عاد كيف نصره الله عليهم وقومه وصالح مع قومه والانبياء الرسل الذين سبقوا. قد جاءك وهذا دليل الثاني يا هذا نوع تسلية. الانسان اذا كان في امر ورأى ان هذا يقع على الاولياء على الصالحين يهون الامر عليه ويكون سببا يعني ثباته. قال جل وعلا وان كان كبر عليك اعراظهم فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض او سلما في السماء. ان كان كبر عليك يعني تعاظم تعاظم وشق عليك اعراض قومك فلم يستجيبوا رغم ما قمت به ورغم الايات فان كان شق عليك يعني فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض او سلم من في السماء فالمراد بهذا بيان ان النبي صلى الله عليه وسلم انا قد اديت ما اوجبت عليه وفعلت واقمت الحجة لكن انزال لا يزال الامر يتعاظم ويشق عليك فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض. والنفق هو السرب السرب في الارض يكون له مخرج من جهة اخرى يعني له ان تشق شقا وصربا تحفر حفرة في الارض او سلما في السماء السلم هو المصعد او الدرج يعني الشيء الذي يصعد عليه فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض او سلما في السماء فتأتيهم باية طبعا لا يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم ان يفعل هذا لكن الله يبين له انه قد ادى ما عليه وان هؤلاء القوم لن يؤمنوا مهما فعل معهم لو انه ابتغى نفقا في الارض او انه اتخذ سلما في السماء ليأتيهم باية لا يمكن ان يؤمنوا يأتيهم باية وعلامة تدل على صدقه لا يمكن ان يؤمنوا ولهذا قال له ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين لو شاء الله جل وعلا لجمع هؤلاء على الهدى وامنوا جميعا والله على كل شيء قدير لكن اقتضت حكمته انه لا يؤمن اكثر الناس وما اكثر الناس من مؤمنين بل كما في الحديث الصحيح ان الله يقول لادم اخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل الف وتسع مئة وتسعة وتسعين الى النار حكمة بالغة فلا تكونن من الجاهلين الذين يجهلون امر الله وحكمته ولا يلزم يا اخوان من النهي عن الجهل ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم متصفا بذلك. حاشا وكلا فلا يلزم نهيه عن الجهل ان يكون جاهلا لكن الذي يظن ان النبي صلى الله عليه وسلم فرط او لم يأتهم باية تدل على صدقه من ظن ذلك فهو جاهل والنبي صلى الله عليه وسلم ليس بجاهل. لكن الله عز وجل لا يلزم من نهي النبي عن ان يكون من وجهه ان يكون منهم. ولا يلزم نهيه عن لا عن لا تكن من الممترين ان يكون ممتريا او شاكا حاشى وكلا قال جل وعلا انما يستجيب الذين يسمعون انما يستجيب الذين يسمعون سماع تفهم يستجيبوا للحق الذين يسمعون الحق فيعقلونه وانتهى الكلام هنا ولهذا الوقف هنا لازم متعين يقف القارئ هنا انما يستجيب الذين يسمعون ثم يبدأ والموت يبعثهم الله ثم اليه يرجعون ولا يجوز ان يصل الكلام الذين يسمعون والموتى الموتى لا يسمعون ولكن انما يستجيب للحق الذين يسمعون سماع تفهم وتعقل يسمعون فيعقلون وينتفعون بما يسمعون والموتى يبعثهم الله الموتى يبعثهم الله يوم القيامة لان هؤلاء الذين لا يستجيبون للحق اموات القلوب فهم اموات في الدنيا وفي الاخرة في الدنيا ماتت قلوبهم وفي الاخرة يبعثهم الله ويجازيهم على اعمالهم والموتى يبعثهم الله ثم اليه يرجعون. يردون اليه ويرجعون فيجازيهم على اعمالهم والله هو الموعد وهو المرجع واليه المرجع والمآل وهذا فيه حث المسلم على احسان العمل واصلاح العمل يوم يقف بين يدي الله ويرجع الى الله يعمل عملا لا يخذله ذلك اليوم ولا يخزيه اه ابن كثير رحمه الله ذكر ايات تشهد لقوله جل وعلا ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين قال قال هذه كقوله جل وعلا ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا. لامن من في الارض كلهم جميعا. افانت تكره الناس فحتى يكونوا مؤمنين وقال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس ولو شاء الله لجمعهم على الهدى قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص ان يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى. فاخبر فاخبره الله انه لا يؤمن الا من قد سبق له من السعادة في ذلك من ذلك في الذكر الاول وهذا في الحقيقة حتى نحن نحتاج الى مثل هذا. احيانا خاصة القريب تجد الانسان يجتهد اجتهاد عليه ما بعده ولا يترك شيء وتجده يحزن ويضيق صدره وكذا وكذا. والله يا اخي لا تملك انت الهداية. الهداية بيد الله. لكن تبذل الاسباب ولا تيأس ولا تنقطع لكن من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا قال جل وعلا وقالوا لولا نزل عليه اية وقالوا اي قال كفار قريش لولا نزل عليه اية من ربه لولا ولولا هنا تحضيظية يعني هلا نزل عليه اية من ربه حتى تقطع الحجة تقيم الحجة وهذا كله من باب التعنت. وقالوا لولا نزل عليه اية والاية المراد بها العلامة يعني البينة البينات او الايات التي تدل على صدقه وعلى انه رسول من عند الله لولا نزل عليه اية من ربه قل ان الله قادر على ان ينزل اية قل ان الله قادر جل وعلا ولا يعجزه شيء ان ينزل اية ولكن اكثرهم لا يعلمون اكثر هؤلاء الكفار لا يعلمون ما هم عليه من البلاء. حتى اذا نزلت الاية. لا يعلمون ما هم فيه من الشر والباطل. مع انهم يقترحون الاية والله جل وعلا لم ينزل هذه الايات لانها لو نزلت لهلكوا جميعا ان لم يؤمنوا بها ثم قال وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم بين الله جل وعلا انه ما من دابة والدابة تبرأ على كل ما يدب على الارض يقال دب يدب اذا مشى على الارض فما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امثالكم لان المخلوقات اما ان تكون دابة تدب تمشي على الارض او طائر يطير فما من دابة ولا طائر يطير بجناحيه الا امثالكم ومعنى امثالكم اي خلق امثالكم وقيل اصناف مصنفة والمراد انهم جماعات مثلكم وخلق مثلكم قد احصاهم الله وقوله بجناحيه قيل هذا تأكيد ان الطائر لا يطير الا بجناحيه وقال بعضهم لا هذا ليس تأكيدا. بعضهم قال هذا من باب توكيد الشمول. لا. قالوا هذا لدفع الايهام لان العرب تطلق الطيران على السرعة فيقول احدهم قر في حاجتي يعني اسرع في حاجتي ولا طائر لا المراد بالطائر هنا الطائر المعروف الذي له جناحان وليس على ما يستخدمه العرب من السرعة او طائره في عنقه وهذا هو الاولى يا اخوان الاولى الا يحمل القرآن على التوكيد. يحمل على التأسيس والتوكيد موجود في القرآن ولا شك في ذلك فقال ولا طائري يطير بجناحيه الا امم امثالكم. الا اداة حصر. وهم من امثالكم جماعات مثلكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ما فرطنا ما ضيعناه سبحانه وتعالى قل ما ضيعنا ما فرطنا في الكتاب ولا ما ضيعنا ولا اغفلنا شيء في الكتاب هو اللوح المحفوظ من شيء ثم الى ربهم يحشرون. حتى هذه الدواب وهذه البهائم كلها محفوظة محفوظ عليها عملها. ويعلم الله عز وجل ما تفعل ثم الى ربهم يحشرون. وهذا دليل ان حتى الدواب البهائم والوحوش والطير كلها تحشر يا اخوان والدليل على ذلك هذه الاية لانه قال ما من دابة في الارض يشمل كل دابة ما قال بني ادم والجن ولا طائر ثم قال ثم الى ربهم يحشرون يعني يجمعون ويعاد تعاد الحياة اليهم وهذا قد دل عليه قوله جل وعلا قال واذا الوحوش حشرت وقال جل وعلا ومن اياته خلق السماوات والارض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم اذا يشاء قديث وقال جل وعلا وكل اتوه داخرين وجاء ايضا في السنة ما رواه ابن جرير الطبري وصححه الشيخ وصححه الشيخ الالباني في الصحيحة من حديث ابي هريرة مرفوعا قال يقضي الله بين خلقه الجن والانس والبهائم وانه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء حتى اذا لم يبق تبعة عند احد قال كونوا ترابا. فذلك حين يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا وفي صحيح مسلم ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان ان الجماء انه ليقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء وايضا جاء عند احمد بسند صحيح كما في السلسلة الصحيحة قال النبي صلى الله عليه وسلم يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماد من القرناء وحتى الذرة من الذرة وايضا روى الامام احمد بسند صحيح صححه الشيخ الالباني وغيره من حديث ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان فقال يا ابا ذر هل تدري فيما فيما تنتطحان قال لا. قال لكن الله يدري وسيقظي بينهما يا اخوان كل شيء سيحشر ويجمع حتى الدواب وهذا من كمال عدل الله عز وجل. يقتص لهذه الدواب من بعضها من بعض ثم ذلك يقول لها كوني ترابا فان ذلك يتمنى الكافر ان يكون كذلك لكن لا يمكن ما يكون ترابا بل يجازى على عمله اذا افادت هذه الاية الكريمة ثم الى ربهم يحشرون ان الجميع يحشر حتى الدواب تحشر والبهائم والطير كما عليه النصوص الاخرى. ثم قال جل وعلا والذين كذبوا باياتنا صمم وبكم في الظلمات يخبر عن حال المكذبين بايات الله وهم اولئك الذين قد عمت قلوبهم صم عن سماع الحق وبكم عن النطق به وليس المعنى انهم ليس عندهم الة السمع ولا الة النطق. لا هي عندهم لكنهم صم عن النطق بالحق سم عن سماع الحق فيتبعونه وبكم عن النطق بالحق فيقولونه قال جل وعلا في الظلمات فهم في ظلمات الجهل والكفر والشك ظلمات بعضها فوق بعض قال من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم مرد الامر الى الله جل وعلا يهدي من يشاء ويضل من يشاء هذا حسب ما قدره في الازل لكن حين واقع الناس يوجدهم ويخلقهم ويرسل اليهم رسلا وينزل على الرسل الكتب ويدعوهم الى الحق ويقيم عليهم الحجة. فيختارون بانفسهم طريق الضلال فلا حجة لهم فيما كتبه الله عليهم. لانهم لا يدرون ماذا كتب الله ولهذا هم يباشرون الامور مباشرة من يختار بارادته ورغبته ولهذا كم مر معنا من الايات التي تدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم اقام الحجة على كفار قريش وانهم كفروا وابوا وكذبوا واستهزأوا وسخروا فاخذهم الله باعمالهم لا بعلمه الازلي فالله جل وعلا لا يؤاخذ العباد بعلمه الازلي لا يؤاخذهم بافعالهم لانكم كما تعرفون مراتب القدر والله عز وجل يؤاخذهم بافعالهم. لا بعلمه الازلي قال جل وعلا ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم. وهو طريق الاسلام هو طريق الحق الذي لا اعوجاج فيه ثم قال جل وعلا قل ارأيتكم هذا التركيب اختلف العلماء من اي شيء هذا التركيب لكن خلاصة ما قالوا ان معناه اخبروني ارأيتكم؟ قالوا معناها اخبروني وهو تركيب يفتتح به الكلام الذي يراد تحقيقه هو الاهتمام به ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله او اتتكم الساعة يعني ان اتاكم عذاب عذاب الله جل وعلا قبل مجيء الساعة نزل بكم عذاب او اتتكم الساعة وقامت القيامة ثم جاءكم العذاب حين قيام الساعة اغير الله تدعون ان كنتم صادقين وهذا استفهام يتضمن التقرير والانكار هل تدعون غير الله ليكشف عنكم هذا العذاب؟ الجواب لا ولهذا ما اتى به نعم لا اتى بما يؤكده نعم اتى بما يؤكده. قال اغير الله تدعون ان كنتم صادقين؟ يعني غير الله تدعون في كشف هذا العذاب ان كنتم صادقين فيما تقولون مما انتم مقيمون عليه؟ ثم قال بل اياه تدعون. وبل هنا للاظراب للاضراب الانتقالي فهو اضرب وانتقل ويقال هنا الاظراب الابطالي ايضا. قال بعظهم هو للاضراب الابطالي يعني يبطل دعوة غير الله انكم تدعون غير الله فهو اضرب عن الكلام وابطل ما قد يتوهم. ولهذا قال بل اياه تدعون جل وعلا في كشف ما تدعون اليه ان شاء لان الله جل وعلا يجيب دعوة المضطرين. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء حتى لو كان كافرا كما جاء في الحديث ان الله يجيب دعوة المظلوم ولو كان كافرا فالله هو الذي يجيب الدعاء في كشف ما تدعونا اليه ان شاء يكشف ما بكم من الضراء والبأساء والمصائب ان شاء ذلك جل وعلا لانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وتنسون ما تشركون في كشف عنكم الضراء وتنسون شرككم ذلك الامر الذي سبب لكم هذا هذه العقوبة فتقعون فيه مرة اخرى او انكم حينما تضطرون تنسون الشركاء والشرك تتمحص عندكم الفطرة فتدعون الله وحده لا شريك له. وتنسون الهتكم التي تزعمون انها تنفع وتضر وهذا عند الاضطراب ثم قال جل وعلا ولقد ارسلنا الى امم من قبلك يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بانه ارسل الى امم من الامم السابقة وهم كثر من قبلك فاخذناهم بالبأساء والظراء لعلهم يتضرعون دون البأساء تكون في الاموال فقر فساد الاموال والظراء تكون في الابدان الامراض والاوجاع فالله جل وعلا يبتلي الامم فيأخذهم بالبأساء والضراء يأخذهم جل وعلا في اموالهم قال ابن كثير يعني الفقر والضيق في في العيش والظراء وهي الامراظ والاسقام والالام. كل ذلك انهم يرجعون ويتوبون الى الله جل وعلا فاخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. ومعنى يتضرعون يعني يتذللون من الضراعة والتذلل والخشوع والخضوع الله جل وعلا ومعنى ذلك انهم يؤمنون بالله ويستقيمون على دينه ويخضعون له قال جل وعلا فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا وهنا قالوا لولا حرف توبيخ وتنديم في هذا الموطن حرف توبيخ وتنديم لهم. قال فلولا اذ جاءهم بأسنا يعني حين جاءهم بأسنا اي عذابنا تضرعوا فلانوا وخشعوا وخضعوا واستجابوا ولكن قست قلوبهم اي طلبت وغلظت نعوذ بالله صلبت وغلظت على ما هي فيه من الشر وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون زين لهم الشيطان اعمالهم هذه حال كثير من الامم انهم لم يأخذهم الله عز وجل بالبساء والضراء كان الواجب ان يرجعوا ويتوبوا ويعلموا ان هذا بسبب تلك الاعمال التي يقومون بها وهذا ليس خاص بالكفار حتى المؤمنين اذا نزلت بهم البأس والضراء عليهم ان يراجعوا انفسهم. ان كان ذلك خاصا بكل انسان بنفسه او كان عاما. ويتوب ويحدي الثوب وهو رجوع الى الله وانابة. قال جل وعلا فلما نسوا ما ذكروا به يعني تركوا تركوا العمل بما ذكرناهم فيه ونجوب الايمان والاستقامة على الدين والخضوع لله والعمل بطاعة الله فتحنا عليهم ابواب كل شيء هذه قراءة قراءة الجمهور فتحنا وقرأ ابن عامر فتحنا وهذه حكمة الله يأخذ الناس بالضراء والسراء فان تابوا فذاك ان ابوا ان يتوبوا فتح الله عليهم الدنيا وانعم عليهم وارغد عليهم العيش حتى يغتروا فيأخذهم عند غرتهم وهذا استدراج من الله ومكر بهم فلا يغتر الانسان. قال فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء. يعني من الخيرات ومن النعم ومن الارزاق وارغد عليهم عيشهم حتى اذا فرحوا بما اوتوا فرحوا فرح اشر وبطر وزهو ما هو فرح يشكرون الله على عز وجل على هذه النعم فهم فرحوا فرح اثر وبطر واعجب بذلك حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة نعوذ بالله اخذناهم فجأة فاذا هم مبلسون والمبلسون جمع مبلس وهو اليائس اليأس من الخير هذا هو هو المبلس وقيل الابلاس الحزن والندم. فاذا هم حزنون نادمون يائسون من كل خير لان اخذ الله شديد قد جاء في ذلك حديث صحيح اه رواه الامام احمد وصححه الشيخ الالباني في السلسلة الصحيحة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب. انتبه اذا رأيت الله يعطي العبد على من الدنيا على معاصيه ما يحب فانما هو استدراج ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء وجاء ايضا عن آآ قتادة قال بغت القوم امر الله. وما اخذ الله قوما قط الا عند سلوتهم. وغرتهم فلا تغتروا بالله فانه لا يغتر بالله الا القوم الفاسقون فالانسان ينبغي ان يكون يلاحظ هذه الامور ولا يغتر يا اخي بالدنيا. فان جاءتك ضراء فلتكن واعظا لك ورادعا. واذا انعم الله عليك بالدنيا وانعم اعطاك ما تحب وانت مقيم على الذنوب انتبه ترى هذا استدراج من الله تب الى الله وارجع الى امره فيجب الانسان ان يتوب الى الله في السراء والضراء قال جل وعلا فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين. دابر الشيء اخره هو المراد انه اهلكهم عن اخرهم ما ترك منهم احدا نعوذ بالله فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين يجب على المسلم ان يحمد الله اذا اهلك اعداء الله يجب عليه ان يحمد الله على اهلاكهم وهو تعليم للمؤمن او للمؤمنين يحمدون الله عند اهلاك عدوهم ثم قال جل وعلا قل ارأيتم ان اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به كرر ارأيتم للتوبيخ؟ اخبروني اذا اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم يحتمل انه اخذ الاسماء السمع نفسه اخذ الالة الة السمع والة البصر ويحتمل ان المراد اخذ الانتفاع بها ولعل هذا اقرب بدليل قوله وختم على قلوبكم دليل انه لا يأخذ الالات انفسها لكن يأخذ سمعهم فلا ينتفعون به. صم وايضا يأخذ ابصارهم بدليل انه قال ختم على قلوبكم والختم هو الطبع فيختم على القلب ويطبع عليه حتى لا يصل اليه الحق. ولا يلج فيه ولا يدخله قال جل وعلا من اله غير الله يأتيكم به؟ استفهام للتوبيخ والانكار. والتقريع. من اله غير الله يأتيكم بما اخذ من من السمع والابصار والختم على القلوب من يأتيكم به؟ انظر كيف نصرف الايات ثم هم يصطفون؟ انظر كيف نصرف الايات؟ وتصرف الايات هو الاتيان بها على وجوه مختلفة ومتنوعة فسره الله لهم واتهم بايات متنوعة مختلفة متكاثرة ثم هم يصدفون اي يعرضون ويصدون عن الحق ما نفعت فيهم هذه الايات ثم قال جل وعلا قل ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله بغتة يعني فجأة بدون مقدمات او جهرة ان يأتي بعد ظهور مقدمات يأتيهم نهارا جهارا وقيل البغتة هو العذاب ليل والجهرة والعذاب نهارا وكل الامرين محتمل كلها حق قل ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله بغتة او جهرة؟ هل يهلك الا القوم الظالمون استفهام بمعنى النفي ما يهلك الا القوم الظالمون اي الكافرون لان الظلم وضع الشيء في غير موضعه والمراد المشركون هذا دليل ان الله سبحانه وتعالى يأخذهم ويهلكهم وكل هذا يعني عظة وعبرة لمن كان له قلب. ثم قال وما نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين بين جل وعلا الحكمة من ارسال الرسل. وهو البشارة والنذارة البشارة للمطيعين بالخيرات والنعيم في الدنيا والاخرة في الخير والانس والاستقامة والطمأنينة في الدنيا وفي الاخرة النعيم العظيم المقيم ومنذرين العصاة منذرين عن الذنوب والمعاصي ومنذرين من عذاب الله جل وعلا. هذه مهمة الرسل فعلى الانسان ان ينتظر ويحذر ما حذروا منه ويأخذ بما امروا به ويؤمن ويوقن بما بشروا به قال فمن امن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الفاعون للتفريع والكلام مفرع على ما قبله. فمن امن من الناس بقلبه واصلح العمل بجوارحه جمع بين الايمان بالقلب في الظاهر والباطن والعمل بالجوارح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قال ابن كثير لا خوف عليهم فيما يستقبلهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم فهم امنون في مستقبل ما يمر بهم من افزاع يوم القيامة والخوف الذي يلحق بالناس لا يحزنون على ما فاتهم من نعيم الدنيا. لان الله اعطاهم من النعيم ما هو اعظم واقوى. فلا يندمون على شيء مما كان في الدنيا قال جل وعلا والذين كذبوا باياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون. والذين كذبوا باياتنا. تكذيبهم المراد به الكفر لان هذا عمل القلب تكذيب يعني كفروا بقلوبهم يمسهم العذاب ان يصيبهم بما كانوا يفسقون بسبب فسقهم فالباء للسببية وما مصدرية بسبب فسقهم او موصولة والفسق هو الخروج عن طاعة الله هو الخروج عن طاعة الله فيما كانوا يفسقون بما كانوا يخرجون عن طاعة الله ونكتفي بهذا القدر. والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على على عبده ورسوله نبينا محمد