بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد. يقول الله جل وعلا ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منه في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ان الذين فرقوا دينهم يعني تركوا دينهم الحق فتفرقوا فيه. فصاروا فرقا لست منه في شيء لست منهم وليسوا منك قال مجاهد وقتادة نزلت هذه الاية في اليهود والنصارى الذين فرقوا دينهم وجاء عن ابن عباس انه قال ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ذلك ان اليهود والنصارى اختلفوا قبل ان يبعث محمد صلى الله عليه واله وسلم فتفرقوا. فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه واله وسلم انزل عليه. ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا الاثر وخلاصة هذه الاية آآ هذا القول الاول على انه في اليهود والنصارى. وقال بعض المفسرين انها في المسلمين حتى انه جاء عن ابي امامة قال وكانوا شيعا قال هؤلاء الخوارج قال هم الخوارج وروي مرفوعا لكن لا يصح مرفوعا وجاء عن ابي هريرة ايضا انه قال نزلت هذه الاية في هذه الامة ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا والحاصل ان يقال ان هذه الاية تذم التفرق. وان من تفرقوا في دينهم فليسوا من النبي والنبي ليس منهم لان النبي النبي صلى الله عليه وسلم جاء بدين بدين الحق ولزمه وجمع الله له اصحابه وائتلفوا على الحق ولم يتفرغوا في الحق فيؤخذ من هذه الاية عدم جواز التفرق في الدين. وان الواجب ان يجتمع الجميع على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وسواء قلنا ان الاية في اليهود او قلنا انها في المسلمين فان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فكل ما في القرآن عبرة لنا وتوجيه لنا. فالله جل وعلا قال ان الذين فرقوا دينهم وهذا كما قال جل وعلا في اية اخرى وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة فالتفرق مذموم ويجب على كل احد ان يحذر من التفرق لان سبب التفرق هو ترك الحق والحق واحد لا يتعدد اهدنا الصراط المستقيم فاذا الزم الانسان نفسه باتباع الحق وكل الزم نفسه بذلك فانه لا يكون تفرغ. ولهذا ما تفرق الصحابة رضي الله عنهم لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد موته ما تفرقوا في الدين كانوا على منهج مستقيم. جاء التفرق بعد ذلك فيجب الحذر من التفرق ومن مخالفة الحق لان مخالفة الحق نتيجتها الحتمية التفرق ولزوم الحق الاجتماعي واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا اي فرقا واحزابا لست منه في شيء قال الطبري اخبر نبيه انه بريء ممن فارق دينه الحق وفرقه وكانوا فرقا فيه واحزابا شيعا وانه ليس منهم وليسوا منه فيكفي هذا تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم وتبرئة الله لنبيه انه ليس منهم وليسوا منه. فكيف يسلك الانسان دينا او طريقة لا يكون من حزب النبي صلى الله عليه وسلم وجنده ولا يكون معه قال جل وعلا لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. امرهم الى الله سيجازيهم وينبئهم ويخبرهم بما كانوا يفعلونه من الافعال. ومن ذلك ما كانوا يخالفون به الحق وهذا يتضمن التخويف والتهديد والترهيب من هذا الامر وهذا دليل انه ليس عليك امر امر المتفرقين انما عليك ان تدعوهم الى الاجتماع والى الحق وانت لست منهم وليسوا منك وسيجازي الله عز وجل كل عامل بعمله. ثم قال جل وعلا من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون. من جاء بالحسد؟ بالحسنة انظر الى كرم الكريم وجود الرحمن الرحيم من جاء بالحسنة فله عشر امثالها تضاعف عشر مرات بل جاء في الحديث بل في القرآن قال الله جل وعلا مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة هذه كم؟ سبعمائة لان الله يضاعف الحسنة الى سبع مئة ضعف. وجاء في الحديث الذي في الصحيحين قال الله جل الحديث القدسي يقول الله جل وعلا كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة الا الصيام فانه لي وانا اجزي به فالله يضاعف اقل ما يضاعف ما تضاعف لك الحسنة بعشر مرات اي كرم اعظم من هذا؟ ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون فهذا كرم من الله وكثير من الناس بل نقول من المسلمين يدخلون النار عصاة الموحدين سبحان الله يعني سيئاته زادت على الحسنات التي تظاعف عشر مرات. دليل ان السيئات الكثيرة مع ان الحسنات تظاعف عشر مرات فينبغي العبد يفرح بهذه النعمة ولا يغتر من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون. لا يظلم ربك احدا بل يضاعف لصاحب الحسنات وصاحب السيئات لا يجزى الا بسيئة بل ان ترك السيئة من اجل الله جعلها الله حسنة كما جاء في الحديث من هم بحسنة فعملها في بيع كتبت له عشرا الى سبع مئة الى اظعاف كثيرة. ومن هم بسيئة ومن ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة. وان عملها كتبت له واحدة ويمحو الله عز وجل ولا يهلك على الله الا هالك رواه البخاري ومسلم بل ان ترك السيئة هم بها ثم تركها من اجل الله كتبها الله له حسنة لكن لو انه هم بها وتركها او ما استطاع يفعلها عجز. بذل كل وسعه تكتب عليه سيئة لكن هذا اذا تركها من اجل الله لانه جاء في الحديث فانما تركها من جراء يعني من اجل قال جل وعلا قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم. دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين اعلن يا نبينا وقل انني هداني ربي هداية التوفيق المستلزمة لهداية الارشاد هداني ربي الى صراط مستقيم لا اعوجاج فيه. وهو الدين. دين الاسلام ثم قال دينا قيما هذا الصراط الذي هداني الله عز وجل اليه دينا قيما ومعنى قيما لا عوج فيه وقيل قال القرطبي لا عوج فيه وقال الطبري مستقيما وقال ابن كثير دينا قيما اي قائما ثابتا وكل هذه الاقوال حق وقيما فيها قراءتان قرأ ابن عامر واهل واهل الكوفة قيما بكسر القاف والتخفيف. وقرأ الباقون قيما بفتح القاف والتشديد طيب وهما لغتان قيم وقيم دينا قيما ملة ابراهيم. اذا هدى الله نبيه الى دين مستقيم لا اعوجاج فيه. ثابت قائم وهو ملة ابراهيم. ملة ابراهيم ما هي ملة ابراهيم؟ لان ملة بدل من دين. دينا قيما ملة ابراهيم ملة ابراهيم حنيفا. هي الحنيفية السمحة وهي التوحيد وهي عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من الشرك مع تجنبه ولهذا قوله حنيفا هذه حال من ابراهيم. ملة ابراهيم حنيفا والحال انه حنيف والحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد قصدا. امام الموحدين عليه السلام وقد امر الله نبينا ان يقتدي به وان يعلن ان هذا هو دينه قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيف وما كان من المشركين ما كان نفى عنه الشرك لم يكن في وقت من الاوقات من المشركين. اذا هذه هي الحنيفية هذا دين ابراهيم. افراد الله بالعبادة وعدم فعل الشرك والبراءة منه. فهو من الموحدين لا من المشركين ثم قال جل وعلا قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي. بين الاصول ثم بين الفروع فالاصول ملة ابراهيم الحنيفية التوحيد وعدم الشرك والفروع يخلص فيها لله. قل ان صلاتي قيل الصلاة هي الفريضة وقيل الصلاة هي النافلة وقيل المراد صلاة الليل وقيل صلاة العيد. والصواب ان المراد جنس الصلاة كل الصلوات التي يصليها العبد يجب ان تكون لله. فرضها ونفلها وصلاة العيد وصلاة الليل وغير ذلك فامر الله فامر الله نبيه ان يعلن قل ان صلاتي ونسكي اي ذبحي النسك هو الذبح فصل لربك وانحر لعن الله من ذبح لغير الله كما في الحديث الذي في صحيح مسلم فالذبح يجب ان يكون لله. قل ان صلاتي ونسكي والذبح مطلقا. قيل ان المراد به ذبح الهدي في الحج وقيل ذبح الاضحية والصواب العموم. ونسكي ومحياي ومماتي. محياي ما اعمله من من العمل في اياتي ما اعمله من العبادة في حياتي ومماتي ما اموت عليه من العمل لله رب العالمين لله كله لله رب العالمين. هذا اشارة الى الاخلاص الصلاة الذبح كل الاعمال التي تعملها تتعبد لها تتعبد بها لله في هذه الحياة. وما تموت عليه يجب ان يكون لله رب العالمين لا شريك له هذا الاخلاص اذا اردت النجاة لا شريك له وبذلك امرت والامر له ربه جل وعلا هذا دين الله. وانا اول المسلمين المستسلمين المنقادين لهذا من هذه الامة لان كل نبي هو اول امته اسلاما. ثم قال جل وعلا قل اغير الله ابغي ربا؟ هذا استفهام انكار ينكر عليهم اغير الله ابغي اي ابتغي واطلب ربا اعبده؟ وهو رب كل شيء هو الرب وحده لا شريك له ولهذا لا يقال اسم الرب بال التعريف لا يطلق الا على الله. على غيره يجوز ان يطلق عليه بالاضافة رب الدار رب الدابة اما بالتعريف هكذا الرب علم على ربنا قل اغير الله ابغي ربا اي اطلب والتمس ربا اعبده وهو رب كل شيء قال الطبري التمس سيدا يسودني وهو سيد كل شيء دونه جل وعلا ثم قال ولا تكسبوا كل نفس الا عليها لا تكسبوا كل نفس لا تجترحوا نفس ولا تعمل نفس عمل الا كان تبعته عليها. كما قال جل وعلا ولا تزر وازرة وزرا اخرى. كل نفس بما كسبت رهينة وهذا من عدل الله جل وعلا ولا تكسبوا كل نفس من الكسب والعمل الا عليها كسبها عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى. ولا تحمل نفس وازرة وزر غيرها لا تأخر نفس ذنب غيرها. لا يحمل الله احدا عمل احد. كل نفس بما كسبت رهين. وهذا من لله جل وعلا ورحمته ما تسأل الا عن عملك ولا يحمل الله عمل غيرك عليك والوازرة الاثمة يعني النفس الاثمة لا تزر يعني لا يحمل وزر نفس اذا اثمت ووقعت في الوزر على نفس اخرى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. ثم الى ربكم ايها الناس مرجعكم مآلكم ومردكم فينبئكم ويخبركم بما كنتم فيه تختلفون. هذا الاختلاف الذي يكون بين اهل الحق واهل الباطل يأتي يوم يرد الجميع الى الله فيهلج الله اهل الحق. وينبئ ويخبر الجميع من هو الذي على الحق. ومن هو على الذي على الباطل. فيكرم من كان على الحق دخول الجنة ويخزي ويذل من كان على الباطل بدخول النار. قال جل وعلا وهو الذي جعلكم خلائف الارظ ورفع بعضكم فوق بعض درجات. خلائف جمع خليفة وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفة اي جعلكم خلائف للامم الماضية والقرون السابقة هذه حكمة الله جاء للناس خلائف يخلف بعضهم بعضا. نحن قبلنا اناس ادركناهم ثم ذهبوا ومضوا ثم جئنا وسنذهب ويخلفنا غيرنا وهو الذي جعلكم خلائف الارظ يعني خلائف في الارض يخلف بعضكم بعضا. تقومون بالخلافة بخلافة الارض وعمارتها. ورفع بعضكم فوق بعض درجات لستم سواء فرفع بعضكم فوق بعض درجات فيكم العالم وفيكم غير العالم فيكم الذكر وفيكم الانثى فيكم الحاكم وفيكم المحكوم فيكم الغني فيكم الفقير وهكذا وهذه حكمة عظيمة ومن اعظم حكمها شكر الله جل وعلا يشكر العبد ربه فقد فظلنا الله عز وجل على كثير من العالمين. لو ما يأتيك ايها المسلم من التفظيل على غيرك الا ان الله هداك للاسلام هداك للسنة ولو كنت افقر الناس يا اخي الدنيا منتهية ولن يموت احد قبل يومه واجله لكن لو كان اغنى الناس وهو على الكفر والظلال ما تنفعهم قال جل وعلا ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما اتاكم. يختبركم يختبركم جل وعلا يبتليكم فيما اتاكم. تشكر ام تكفر؟ تغتر بمالك؟ تتكبر بعلمك تفتخر بنسبك واذا لا اي نعم ابو ذر لما قال لابن لبلال يا ابن السوداء قال له النبي صلى الله عليه وسلم انك امرؤ فيك جاهلية فاقسم ابو ذر على بلال وظع خده على الارض واقسم عليه ان يطأ عليه بقدمه انتبه هذه مصيبة وبلية ما يسلم منها مجتمع تفاخر بالاحساب والانساب والطعن في الاخرين هذا والله ابتلاء يا اخي انت مبتلى مختبر هل تنجح في الاختبار والا تخفق وتقع في هذه الذنوب ليبلوكم فيما اتاكم ان ربك سريع العقاب وانه لغفور رحيم. فهو سريع العقاب فحسابه وعقابه سريع لمن عصاه واذا احل به العقوبة كأن لم يلبث ساعة من نهار وهو الغفور الرحيم جل وعلا. يغفر الذنوب ويسترها ويرحم العبد ويتجاوز عنه وهكذا جمع الله بين الترغيب والترهيب في هذه الاية. وبهذا نكون انتهينا من سورة الانعام