الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فنبتدأ هذه الليلة في الدرس في المجلس الرابع آآ تفسير سورة النبأ وسورة النبأ تسمى بسورة النبأ لقوله لذكر النبأ فيها وتسمى بسورة عما يتساءلون وتسمى ايضا سورة التساؤل لقوله عما يتساءلون وتسمى سورة المعصرات لورود ذكر الصلاة المعصرات فيها وهي مكية باتفاق آآ اهل العلم وترتيبها في النزول هي السورة الثمانين هي السورة الثمانون في ترتيب نزولها نزلت بعد المعارج وقبل النازعات وعدد اياتها اربعون اية في عد الجمهور وعدها اهل مكة والكوفة اعدها احدى واربعين اية يقول جل وعلا عما يتساءلون عما اصلها عن ماء عن الذي هو حرف الجر وما اه الذي هو اسم استفهام ولكن حذفت الالف من اخر اه اضغمت النون في الميم فقيل عما وحذفت الالف للتفريق بينما الاستفهامية وما الموصولة فانها تثبت فيها الالف اه والمعنى عن اي شيء يتساءلون والمراد بهم كفار قريش وقيل بل المراد بهم كفار العرب فقال عم يتساءلون عن اي شيء يتساءلون ثم قال عن النبأ العظيم والنبأ المراد به الخبر الهائل المفظع الباهر خبر عظيم واختلف الذي هم فيه مختلفون يسألون عن ذلك النبأ وذلك الخبر العظيم المهول الذي هم مختلفون فيه فمنهم من يصدق به ومنهم من يكذب به الناس قسمان مختلفون منهم من صدق به ومنهم من كذب به واختلف العلماء في المراد بهذا النبأ فقال بعضهم المراد بهذا النبأ هو القرآن الذي انزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم فهم مختلفون هل هو من كلام الله ام لا هل من من قول النبي صلى الله عليه وسلم او ان النبي اه يعني اختلقه من قبل نفسه ولهذا قالوا اساطير الاولين وقيل المراد به البعث المراد به البعث بعد الموت وهم مختلفون فيه فمنهم مصدق ومنهم مكدد الكفار يشملهم التكذيب كلهم على التكذيب وقيل المراد به الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال الطبري يعني ان هذه الاقوال متقاربة محتملة يحتمل المعنى الجميع ورجح بعض اهل العلم رجح القرطبي انه القرآن ورجح الحافظ ابن كثير والامير الشنقيطي ان المراد ان المراد به البعث بعد الموت قالوا بدليل ما جاء بعده في الايات التالية انه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث قال جل وعلا كلا سيعلمون ومعنى كلا هنا كلمة ردع وزجر والمعنى ليس الامر كما تزعمون ثم اكده وقال ثم كلا سوف يعلمون ليس الامر على ما يقولون من التكذيب وعدم وجود هذا ولهذا سيعلمون وهذا تهديد لهم سيعلمون غدا حينما تقوم الساعة حينما يفظون الى الاخرة فيتبين لهم الحق وان البعث كان حقا كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ثم بدأ يعدد بعض نعمه جل وعلا على عباده فقال الم نجعل الارض مهادا اي جعلناها ممهدة جعل الارض ممهدة للخلائق ذلولا لهم قارة ساكنة ثابتة مثل المهاد للصبي يبنون عليها بيوتهم ويذهبون ويجيئون وينامون فهي ممهدة لهم والجبال اوتادا اي جعلنا الجبال اوتادا جمع وتد والمراد انها جعلها رواسي ارسى بها الارض وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها ولا امتد والاوتاد جمع وتد ومنه وتد الخيمة اي الوتد الذي تثبت فيه فالجبال كذلك تثبت الارض قال جل وعلا وخلقناكم ازواجا قال ابن كثير اي ذكرا وانثى يستمتع كل منهما بالاخر ويحصل التناسل بذلك كقوله جل وعلا ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة. وهذا ايضا من فظل لله جل وعلا ورحمته لم يجعل بني ادم كلهم رجال ذكور فقط وليسوا كلهم اناث بل جعلهم ازواجا ذكر وانثى فيتزوج الرجل الذكر بالانثى ويحصل بذلك من المصالح والمنافع الشيء العظيم ومنها عمارة الارض ومنها ايضا الذرية ومنها قضاء الوتر الى غير ذلك فهذا من منة الله جل وعلا على عباده. قال وجعلنا نومكم سباتا سباتا اي قطعا للحركة جعلنا النوم سباتا يعني يقطع الحركة حركتكم لتحصل لكم الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعائش في عرض النهار وقيل سباتا يعني قاطعا للتعب فالنوم يقطع ما سبقه من التعب ولا مانع ايضا ان يقال ان معنى كونه سباتا اي ان الانسان ينقطع فيه عن الذهاب والمجيء ويرتاح في مكان واحد ولا والا لو كان الانسان اذا نام يذهب ويجيء وهو نائم يحصل بذلك ظرر كثير وربما يخرج الى الشارع تصدمه سيارة يذهب ويلقي نفسه بالبئر لكن جعله الله عز وجل جعل حركته منقطعة. فيبقى على الفراش قال جل وعلا وجعلنا الليل لباسا جعل الليل لباسا يغشى الناس ظلامه فيلبس الارض فتصبح مظلمة ويغطيها يكون لها كالجلباب وفي ذلك من المنافع ما لا يعلمه الا الله ولهذا اذا جاء الليل ولم يكن الكهرباء تشتغل عند الانسان فانه يأتيه النوم مباشرة. ويأتيه السكون والهدوء قال جل وعلا وجعلنا النهار معاشا. اي جعلنا النهار طلب للمعاش وجعلناه وقتا واسعا لطلب الرزق وايضا جعلناه مشرفا مشرقا نيرا مضيئا ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا. بنى الله جل وعلا فوق الخلق سبع سماوات شداد اي شديدة محكمة قوية ولهذا جاء في الحديث بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة. وجاء في بعض الاثار وكثف كل سماء مئة خمس مئة سنة وجعلها محكمة شديدة قال جل وعلا وجعلنا سراجا وهاجا وهي الشمس فجعلها سراجا منيرا تسرج لاهل الارض وتضيء وتنير لهم بعد ظلمة الليل وايضا جعلها وهاجا اي متوهجة شديدة الحرارة فيحصل بحرارتها من المصالح ما لا يحصيه الا الله وجعلنا سراجا وهاجا وانزلنا من المعسرات ماء زجاجا والمؤسرات قيل هي الرياح والصواب انها السحاب فانزل الله من المعصرات اي من السحاب ووصفها بانها معصرات لانها تعتصر بالمطر فينزل منها المطر. ولهذا قال فجاجا. ومعنى زجاج اي منصبا وقيل متتابعا وقيل كثيرا وكل ذلك حق فالله سبحانه وتعالى جعل السحاب جعل السحب تتحلب بالمطر وينزل منها المطر وهذا المطر كثير متتابع قال جل وعلا وانزلنا من المعسرات ماء زجاجا فاخرجنا به لنخرج به حبا ونباتا يعني اذا انزلنا من السحب وجعلناها تعتصر بالمطر وتتحلب بالمطر وجعلناه مطرا كثيرا فجاجا متتابعا لاجل ان نخرج به حبا ونباتا لكم ايها العباد لكم به الحبوب التي تأكلون منها مثل حب البر والشعير والذرة والارز ونحوها وكذلك ايضا انبتنا به نباتا اي خضرا تأكل منه دوابكم فالحب للاناسي ولا والانعام كذلك والنبات للدواب وجنات الفافا ايوة انبتنا به جنات والجنات جمع جنة وهي البساتين قيل لها جنات لانها تستر ما بداخلها لكثرة اشجارها واغصانها ولهذا قال الفهفا اي من كثرتها وطولها تلتف اغصان بعضها على بعض انبتها الله عز وجل بهذا الماء الذي انزله من السحاب وجاء عن ابن عباس انه قال الفافا مجتمعة قال جل وعلا ان يوم الفصل ميقاتا اخبر ان يوم الفصل وهو اليوم الذي يفصل الله فيه بين العباد وهذا من دلائل او هذا مما استدل به الذين قالوا ان قالوا ان النبأ العظيم هو البعث لانه ذكرها ذكره هنا فقال ان يوم الفصل اي يوم القيامة الذي يفصل الله جل وعلا فيه بين عباده كان ميقاتا اي وقتا ومجمعا وميعادا للاولين والاخرين مؤقت وهو في الطريق ولا شك في ذلك فله اجل معدود لا يزال لا يزاد عليه ولا ينقص ولا يعلم وقته على التعيين الا الله جل وعلا ثم قال يوم ينفق في الصور فتأتون افواجا والذي ينفخ في الصور هو اسرافيل والصور على هيئة القرن او هيئة البوق مثل قرن الشاة اعلاه واسع واسفله ضيق او البوق الذي ينفخ فيه مر الكلام عليه في اول التفسير والذي ينفخ فيه هو اسرافيل وينفخ فيه نفختين نفخة الصعق فيصعق من كان موجودا على وجه الارض ويموت والنفخة الثانية نفخة البعث والنشور وهي والله اعلم المراد المرادة هنا لانه قال يوم ينفخ في الصور فتأتون افواجا اي جماعات تخرجون من بطن الارض جماعات جماعات من كل حدب وصوب لا يتأخر منكم احد لاجل المجازات والحساب قال وفتحت السماء فكانت ابوابا فتحت السماء فجعلت طرقا ومسالك لنزول الملائكة لان الملائكة تنزل يوم القيامة وتحيط بالناس كما سيأتي يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون قال جل وعلا وفتحت السماء فكانت ابوابا وهذه القراءة للتخفيف فتحت قراءة عاصم وحمزة والكسائي وقرأ الباقون بالتشديد وفتحت السماء فكانت ابواب وسيرت الجبال فكانت سرابا سيرت الجبال وحركت عن اماكنها وزلزلت كما قال جل وعلا وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وكما قال تعالى وتكون جبال كالعين المنفوش وقال جل وعلا ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذروها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتاع وقال جل وعلا ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وهذا لشدة اهوال القيامة هذه الجبال الصماء القوية الكبيرة تقلع من اماكنها وتسير فتصبحوا مثل الهباء الذي يتراءى للناظر كالسراب وسيرت الجبال فكانت سرابا ان جهنم كانت مرصادا ان جهنم وهو اسم من اسماء النار ويدل على وصف من اوصافها وهو شدة الظلمة تجهم جهنم شديدة التجهم يعني سوداء مظلمة كانت مرصادا اي كانت معدا معدة ومرصدة للطاغين الذين طغوا وتجبروا وتجاوزوا الحد فكفروا بالله جل وعلا ومآبا اي مرجعا ومآلا يؤبون ويؤولون اليها نعوذ بالله ثم اخبر انهم لابثين فيها احقابا اللبث اللبث اي البقاء والاحقاب جمع حقب قيل انه ثمانون سنة وقيل سبعون سنة وقيل اربعون سنة والصواب انه لا نهاية له لانه جاء في ثلاث ايات من كتاب الله جل وعلا الاخبار بان الكفار خالدين في نار جهنم ابدا فهي احقاب متتالية لا تنقضي ولا تنتهي لان القرآن يفسر بعضه بعضا وجاء فيها قراءة قراءة لا بهين هذه قراءة الجمهور وقرأ حمزة لبثنا بغير الف لا بدين فيها احقابا اي مددا طويلة لا تنتهي لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا لا يذوقون في هذه النار وفي جهنم نعوذ بالله بردا شرابا باردا ولا شيئا باردا يبرد اجسادهم من الخارج ولا شرابا شرابا يبرد اجوافهم يعني هم لا يجدون فيها خارج ابدانهم يعذبون بالنار الشديدة. ويشربون ماء فلكن هذا الماء لا يزيدهم الا حرقة واحتراقا لا يبرد اجوافهم كما هو حال الماء الان اذا شربه الانسان ثم قال جل وعلا الا حميما وغساقا. هذا الاستثناء منقطع وتقدير الكلام لا يذوقون في النار بردا شيئا يبرد ابدانهم ولا شرابا يبرد اجوافهم لكن يشربون حميما وغساقا والحميم هو الماء شديد الحرارة الذي بلغ الغاية في الحر كما قال جل وعلا وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشو الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا. من شدة حرارته انه اذا ادنى هذا الماء الى وجهه ليشرب سقطت جلدة وجهه فيه نعوذ بالله وغساقا الغساق قالوا هو صديد اهل النار وما يخرج من ابدانهم وهو منتن الريح قبيح الطعم وعظة شديد البرودة فيجمع لهم بين حميم الان وهو الماء شديد الحرارة الذي يقطع امعاءه وبين الغساق الغساق الذي هو شديد البرودة نعوذ بالله ثم قال جزاءه وفاقا هذا الجزاء لهم جزاء من الله موافقا لاعمالهم لانهم كانوا لا يرجون حسابا ما كانوا يرجون المجازاة والمحاسبة على اعمالهم لانهم مكذبون بالبعث والنشور مكذبون للقرآن مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم والايمان بالبعث واعتقاد المحاسبة والجزاء ركن من اركان من اركان الايمان ومن كفر به فهو كافر قال جل وعلا وكذبوا باياتنا كذابا كذبوا باياتنا التي ارسلناها اليهم وجعلناها لهم فمنها القرآن ومنها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها الايات الافاقية الليل والنهار والشمس والقمر وهذا الفلك ومنها ايات نفسية وفي انفسكم افلا تبصرون ومنها احياء الارض بعد موتها الى غير ذلك من الايات والدلائل الدالة على البعث والنشور. ولا تكذب بها كذابا اي تكذيبا شديدا وقرأت كتابا وكذابا قرأت كذابا وكذابا نعم لا هذا سيأتي لا يسمعون فيها لغو ولا كذابا هنا كذابا فقط كذبوا بالايات تكذيبا عظيما قال وكل شيء احصيناه كتابا يخبر جل وعلا انه احصى على العباد اعمالهم لا يخفى شيء كما قال جل وعلا ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا وكما قال جل وعلى وكل شيء احصيناه في امام مبين الى غير ذلك من الايات الدالة على احصاء العمل لا يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد قال جل وعلا فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا هذا امر فيه تبكيت وتوبيخ واهانة لهم وذوقوا هذا العذاب فلن نزيدكم نعوذ بالله الا عذابا. وهذه كما قال بعض المفسرين من اشد الايات على الكفار لن نزيدكم في مستقبل ايامكم الا عذابا فوق العذاب الذي انتم فيه نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا ان للمتقين مفازا ومعنى ما فاز اي مكان يفوزون فيه فالمنفاز يطلق على مكان الفوز ويطلق على زمن الفوز فهم فائزون في امكنتهم وهو دخول الجنة ويبقى فائزون في ايامهم والنعيم الذي يجدونه ثم فسر هذا المفاز وذكر شيئا منه فقال حدائق واعنابا احداك جم حديقة وهي البساتين الغناء الكبيرة واعنابا الاعناب مما في الحدائق لكن خصها بالذكر لفظلها وشرفها وكواعب اترابا. ايضا لهم في هذه الجنة كواعب والكوائب جمع كائب وهي المرأة البكر التي حان بلوغها وتكعب ثديها وهن نواهد وثلديهن نواهد لم يتدلين لانهن ابكار عرب عروب اتراب ومعنى اترابا يعني في سن واحدة متقاربات ليس فيهن عجوز وصغيرة جدا فهن متقاربات الاعمار قال جل وعلا وكأسا دهاقا والكأس المراد بها الخمر وهي خمر لذة للشاربين ومعنى دهاقا قيل انها مملوءة متتابعة كما قال ابن عباس وقال عكرمة صافية كل هذه الاقوال حق يعطون كأسا من الخمر وهذه الكأس دهاقا كأس مليئة ومتتابعة وصافية في غاية اللذة قال لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا لا يسمعون في الجنة لغوا وهو الكلام الباطل الذي لا خير فيه. ولا كذابا لا يسمعون كذابا اي كذبا ولا يكذب بعضهم بعضا ليس بها الا الصدق آآ كذابا قرأت بالتخفيف هي قراءة الكسائي وقرأ ومعناها كذابا لا يسمعون فيها لغو ولا كذبا. وقرأ الباقون بالتشديد قال جل وعلا جزاء من ربك عطاء حسابا. هذا النعيم الذي سبق ذكره جزاء من ربك جزاء على اعمالهم لانهم عملوا ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. لكن عطاء من الله لان العطاء هو الذي بغير مقابل فهو وان اعطاهم هذا الجزاء مقابل اعمالهم لكنه اعطاهم وتفضل عليهم واعطاهم ثوابا فوق اعمالهم. لا باعمالهم التي عملوها هذا العطاء ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة احد بعمله. قالوا ولا انت؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته قال جل وعلا جزاء من ربك عطاء حسابا ومعنى حسابه اي كافيا يكفيهم هذا النعيم وهذا العطاء لا يتمنون غيره بل يرضون به ويستشعرون كثرته وكفايته قال جل وعلا رب السماوات والارض وما بينهم الرحمن لا يملكون منهم خطابا قرأ جمهور القراء ربي على انه بدل من ربك من ربك رب السماوات وكذلك الرحمن ايضا فجزاء من ربك الذي هو رب السماوات وهو الرحمن وقرأ ابن كثير ونافع ابو عمرو رب السماوات بالرفع على الاستئناف والرحمن ايضا. نعم قرأه بالرفع بالظم وقرأ الرحمن ايضا بالضم على انه خبره اذا جزاء من ربك من هو هو رب السماوات والارض المالك لهما المتصرف فيهما الخالق لهما وما بينهما وربما بين السماوات والارض لا يملكون منه خطابا لا يملك احدا ان يتكلم وان يبتدأ الكلام الا باذنه لا يستطيع ان يخاطب ربه ولا يتكلم الا باذنه جل وعلا. كما قال جل وعلا من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وقال يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه قال جل وعلا يوم يقوم الروح والملائكة صفا وهذا وهبط الشفاعة والكلام انما يكون يوم يقوم الروح والملائكة فقيل ان الروح هو جبريل وقيل ان الروح هو ملك عظيم وقيل ان الروح المراد به ارواح بني ادم والملائكة فهم يقومون جميعا بين يدي الله جل وعلا وذلك يوم الجزاء والحساب صفا فيقوم الجن والانس ثم تصف الملائكة من ورائهم ويحيطون بهم صفوفا صفوفا حتى قيل انه تنزل ملائكة السماء الدنيا فيحيطون ببني ادم ثم تنزل ملائكة السماء الثانية من ورائهم وهكذا السماوات السبع لا يتكلمون لا يتكلم احد منهم لا الملائكة ولا الروح ولا بني ادم الا من اذن له الرحمن اذن له بالكلام وقال صوابا اي قال حقا وقيل ان صوابا هو لا اله الا الله وهو حق ولكن المراد انه يقول صوابا ويقول حقا ومن الحق واحق الحق كلمة لا اله الا الله. ثم قال ذلك اليوم الحق. يعني ذلك اليوم الذي لا شك فيه ولا مرية فيه وفي وقوعه. فمن شاء اتخذ الى ربه مآبا اتخذ مآبا يعني عملا صالحا حينما يؤوب ويرجع الى الله ينفعه وينجيه من عذاب الله جل وعلا فيا عبد الله اتخذ مئابا اعمل الاعمال الصالحة حتى اذا اوبت الى ربك ورجعت اليه وجدت ما يسرك ثم قال انا انذرناكم عذابا قريبا. هذا تهديد للكفار لان كل ما هو ات فهو قريب وهو في الطريق قال جل وعلا انا انذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ذلك اليوم ينظر الانسان باعماله اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. ووجدوا ما عملوا حاضرا قال جل وعلا ويقول كافر يا ليتني كنت ترابا عند ذلك يتمنى الكافر انه كان ترابا وليس ادميا لان التراب لا يجازى وقيل بل المراد انه حينما يرى البهائم تحشر ثم يقتص من بعضها لبعض ثم بعد ذلك يقول الله لها كوني ترابا يتمنى انه يكون كذلك ترابا لا يجازى ولا يحاسب وليس الامر كذلك. بل لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين نسأل الله العلي العظيم ان ينجينا واياكم من عذابه وان يجعلنا واياكم من المعتبرين باياته ومن اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته