بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الكهف لنبيه صلى الله عليه واله وسلم واتل ما اوحي اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته. ولن تجد من دونه ملتحدا يأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة كتابه العزيز وابلاغه الى الناس والقرآن هنا من كتاب ربك اي القرآن لا مبدل لكلماته لا مغير لها ولا محرف ولا مؤول لانه جل وعلا حفظ هذا القرآن انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون قال جل وعلا ولن تجد من دونه منتحدا لن تجد من دون الله جل وعلا ملتحدا قال مجاهد اي ملجأ. وقال قتادة وليا ولا مولى وقال شيخنا الشيخ ابن عثيمين يعني لن تجد ايها النبي من دون الله ملتحدا اي احدا تميل اليه او تلجأ اليه اذا كما انه اخبار للنبي صلى الله عليه وسلم وحث وهو امر له كذلك لنا فالجأوا الى الله ولا تميلوا الى احد سواه. قال جل وعلا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي واصبر نفسك قال ابن كثير اي اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمد ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشية من عباد الله سواء كانوا فقراء او اغنياء او اقوياء او ضعفاء يقال انها نزلت في اشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يجلس معهم وحده ولا يجالسهم بضعفاء اصحابه كبلال وعمار وصهيب وخباب وابن مسعود وليفرد اولئك بمجلس على حدة فنهاه الله عن ذلك فقال ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وامره ان يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء فقال واصبر نفسك واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه اذا واصبر نفسك اي احبسها مع هؤلاء الذين يدعون الله دعاء مسألة ودعاء عبادة. واجلس اليهم وقوي عزائمهم قاله شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع واصبر نعم واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة الغداة هو اول النهار والعشي اخر النهار يريدون وجهه اي مخلصين لله جل وعلا في دعائهم له لانهم يدعونه دعاء المسألة ودعاء العبادة فهم مخلصون بذلك يبتغون وجهه قال ولا تعدوا عيناك عنهم اي لا تتجاوز عيناك عن هؤلاء السادة الكرام تريد زينة الحياة الدنيا لا تتعداهم عينك الى غيرهم فترغب في الجلوس اليهم وانت ان عدت ان فعلت ذلك ولا يلزم من النهي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء انه وقع فيه ولكن نهي له ولغيره ممن يمكن ان يقع له ذلك قال ولا تأدوا عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا مر معنا بيان الزينة وان زينة الحياة الدنيا هي ما جعله الله فيها من المتاع من الاموال البيوت والثمرات سائر الزينة ومن المفسرين من قال هنا في المراد به في هذه الاية كما قال الشوكاني قال لا تريد مجالسة اهل الشرف والغنى وهذا داخل في الزينة لان الزينة هي المال ويدخل فيه ايضا محبة مجالسة اهل هذا المال والرغبة اليهم وترك مجالسة المخلصين لله الذين يدعون الله ويجتهدون في طلب العلم وفي ذكر الله وعبادته لان لانه كما قيل الصاحب ساحب فالانسان اذا جلس مع اهل الغنى واهل الدنيا لا بد ان تتطلع عينه ويتخلق باخلاقهم ويتأثر بافكارهم واذا جالس عباد الله المقبلين على الله الذين ليس عندهم من الدنيا الا حاجتهم فان هذا ادعى الى ان يقبل على الله جل وعلا معروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم احشرني في زمرة المساكين والنفس هذه عجيبة تحتاج الى من يتعاهدها وهي تتطبع وتتخلق باخلاق من تجالسه وتكون معه لان النبي صلى الله عليه وسلم قال المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. قال جل وعلا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا لا تطع من اغفلنا قلبه وجعلنا قلبه غافلا لاهيا عن ذكرنا يحتمل ان المراد ذكر الله مطلقا يعني باللسان من القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل ويحتمل ان يكون اغفلنا قلبه عن ذكرنا يعني عن العمل بمقتضى القرآن فلا يؤمن به ولا يتبعه وكلا القولين يعني الاية تدل عليهما فلا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه اي اتبع ما تميل اليه نفسه. وتهواه من الشر. وكان امره فرطا الفرص فيه قولان للمفسرين فقال بعضهم الغرب فرط من الافراط وهو التقصير والمراد ان امره كان عليه ضياعا وكأن اعماله صارت كلها سفها وضياعا وتفريطا وقيل فرط من الافراط وهو مجاوزة الحد وكان امره غربا يعني متجاوزا فيه لحدود الله ولا يقف عند حدود الله وذهب شيخنا الشيخ ابن عثيمين الى ما هو اعم من هذا هي في الحقيقة يعني لفتة مهمة قال فرطا اي منفرطا عليه ضائعا. يعني منفرطا يعني امره منفرط عليه اي منفرطا عليه ضائعا تمضي الايام والليالي ولا ينتفع بشيء ولا ولا ينتفع بشيء وفي هذا اشارة الى اهمية حضور القلب عند ذكر الله وان الانسان الذي يذكر الله بلسانه لا بقلبه تنزع البركة من اعماله واوقاته حتى يكون امره فرطا عليه تجده يبقى الساعات الطويلة ولم يحصل شيئا انتهى كلامه رحمه الله فاحرص رعاك الله لا يكن امرك عليك فرطا كن ممن يذكر الله ويستحضر ما يقرأ وما يذكر وما يقول لان مواضعة القلب واللسان من انفع ما يكون للعبد وهي التي يعني تترتب عليها الاجور العظيمة قال جل وعلا وقل الحق من ربكم اي اعلن ذلك يا نبينا وقل للناس جميعا قل الحق من ربكم من الله وحده لا غيره جل وعلا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وهذا على سبيل التهديد وعلى سبيل الوعيد الشديد فالحق من ربكم وهو الذي جئتكم به ما جاء في كتاب الله هذا هو الحق. فمن شاء فليؤمن ويتبعه ويعمل بما فيه. ومن شاء فليكفر لا يظر الا نفسه وهذا تهديد ووعيد اكيد انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها فاخبر بعد ذلك عن حال الظالمين الذين ظلموا انفسهم بالكفر وهم الذين كفروا ومن شاء فليكفر ثم بين عقوبة من كفر قال انا اعتدنا للظالمين اي اعددنا وهيئنا وارصدنا للظالمين وهم الكافرين الظلم الاكبر ان الشرك لظلم عظيم. نارا احاط بهم سرادقها سرادقها قال ابن عباس السرادق هو حائط من نار وقال الامير الشنقيطي رحمه الله السرادق في الاية للعلماء فيها اقوال مرجعها الى شيء واحد وهو احداق النار بهم من كل جانب يعني السرادق هو الذي يحيط بالكفار كالسور من كل جانب رحيط بالكفار قال وهو احداق النار بهم من كل جانب فمن العلماء من يقول سرادقها اي سورها ثم قال ومنهم من يقول عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار والمهم ان السرادق هو سور يحيط باهل النار ما يستطيعون الخروج منها نعوذ بالله فينجو من العذاب او يفر منه انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل الاستغاثة طلب الغوث والاصل فيها طلب تفريج الشدة والكرب فاذا استغاثوا من حر النار ومن الظمأ الذي لحقهم بسبب العذاب الشديد وطلبوا ماء يغاثوا بماء لكن كالمهل المهل قال ابن عباس المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت ومعنى دردي الزيت يعني سهالة او حثالة الزيت بقية الزيت اما يكون عندك زيت اخره قال المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت وهو ما رسب اسفل الاناء الذي فيه الزيت قال وقال مجاهد هو كالدم والقيح وقال عكرمة هو الشيء الذي انتهى حره وقال اخر هو كل شيء اذيب وقال قتادة اذاب ابن مسعود شيئا من الذهب في اخدود فلما ان ماع وازبد قال هذا اشبه شيء بالمهل وقال الضحاك ماء جهنم اسود وهي سوداء واهلها سود قال ابن كثير بعد ان ذكر هذه الاقوال وهذه الاقوال ليس شيء منها ينفي الاخر فان المهلة يجمع هذه الاوصاف الرذيلة كلها فهو اسود منتن غليظ حار نعوذ بالله اذا يغاثون بهذا الماء لكنه ماء حار منتن شديد الحرارة لدرجة انه من حرارته يشوي الوجوه اذا قرب احدهم هذا الماء من وجهه ليشرب بفمه شوى وجهه وتساقطت وتساقط لحمه من شدة قبح هذا الماء وحرارته نعوذ بالله نسأل الله العافية بما انك المهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقة بئس الشراب ذلك الماء الذي هو كالمهل الذي يسقون وشاءت اي وساءت النار مرتفقا اي وقبحت قبح مرتفقها مرتفقا. لان المرتفق هو ما يرتفق به الانسان هذا هو الاصل لان الاتفاق هو محل لان المرتفق هو محل الاتفاق والمرتفق مكان الاستراحة هذا هو الاصل ارتفق بكذا يعني ارتاح به واطمأن واستراح فهم نعوذ بالله لا راحة لهم يعني مكان ارتباقهم النار والنار لا راحة فيها. بل فيها العذاب الاليم الشديد والاغلال والنكال شاءت وقبحت مرتفقا لهم وذلك انما كان جزاء وفاقا لاعماله واعظمها الكفر بالله جل وعلا. ثم قال جل وعلا ان الذين امنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من احسن عملا بعد ان ذكر حال الكافرين وما اعده لهم لانه قال فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. فذكر عقوبة الكافرين ثم ثنى لعقوبة المؤمنين فقال ان الذين امنوا يعني صدقوا واقروا بقلوبهم وعملوا الصالحات جمعوا الى الاقرار القلبي والتصديق العمل بالجوارح قولا وفعلا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من احسن عملا انا لا نضيع ولا نذهب سدى اجر من احسن عملا احسان العمل هو ان يكون العمل لله خالصة ويكون صاحبه فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم متابعا فليبشر الذين احسنوا العمل لن يضيع الله اعمالهم بل سيعطيهم مقابل الحسنة عشر حسنات من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ويضاعف الله جل وعلا الى سبع مئة ضعف فليبشروا بل الله بل الله جل وعلا لا يضيع عمل احد لا الكافر ولا المسلم لا الحسنات ولا السيئات لكن السيئة بمثلها والحسنة تضاعف عشر مرات وهذا وعد كريم من الله جل وعلا لعباده المؤمنين. ثم قال اولئك لهم جنات عدن اي له اي لهم جنات اقامة لا يبغون عنها حولا لان عدن من العدون يقال عدن عدن في المكان اذا مكث فيه واطال الاقامة فجنات عدن يعني جنات يمكثون فيها ابد الابد خالدين فيها ابدا جنات عدن تجري من تحتها الانهار تجري من تحت غرفهم ومنازلهم ومعلوم ان الايات جاءت في جريان الانهار احيانا من تحتهم احيانا من تحتها وهذه لا تعارض بينها فهي تجري من تحت اهل الجنة وهي تجري من تحت الاشجار لان اهل الجنة في الجنة على الارائك والسرر فالانهار تجري من تحته موية كما مرار من اربعة انواع. انهار من من ماء غير اس ومن لبن لم يتغير طعمه ومن عسل مصفى ومن خمر لذة للشاربين يا الله من فضلك يا الله من فضلك نسأل الله ان يجعلنا واياكم منهم وانهار مطردة قال جل وعلا يحلون فيها من اساور قال الطبري يلبسون فيها اي في هذه الجنات المؤمنون يلبسون فيها من الحلي اساور من ذهب والاساور معروفة ما كانت مستديرة على الذراع نحوه كذلك الاقدام فهم يحلون ويلبسون حلية من ذهب هذا حليتهم ويلبسون ثيابا خضرا ثيابا في غاية الجمال. ومن احسن الالوان وهو الخضرة لان الخضرة اشد ما يكون راحة للعين وابهجوا ما يكون للنفس ولهذا النبات اخظر الارض اخضرت تخظر تزدان وثيابا ثيابا خضرا من سندس. نوع هذه الثياب ثياب خضراء فشيء منها من سندس وهو ما رق من الديباج واستبرق وهو ما غلظ من الديباج وقال بعض المفسرين من سندس اي من ديباج ومن استبرق اي من حرير استبرق هو الحرير فالحاصل ان لباسهم من اجود انواع اللباس من الحرير والديباج قال جل وعلا متكئين فيها اي متكئين في الجنات على الارائك جمع اريكة وهي الاسرة يجلسون عليها ولكم فيها ولهم فيها متكأ يتكئون عليه وهذا غاية ما يكون الانسان من الانس والراحة لما يكون في الجنة وفي البساتين والانهار تجري من تحته وهو على الاريكة نعم الثواب وحسنت مرتزقا نعم الثواب هذا الثواب الذي اعده الله للذين امنوا وعملوا الصالحات وحسنت مرتفقا يرتفقون به من الاتفاق او المرفق او المرفق كلاهما وارد هو ما يرتفق به الانسان ويطمئن ويرتاح اليه. نعم هذا هو المرتفق. حسن هذا المرتفق مرتفقا الانسان يرتاح فيه غاية الراحة قال جل وعلا واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعنابي وحففناهما بنخل آآ قال ابن كثير تبعا لابن جرير يقول تعالى بعد ذكر المشركين المستكبرين عن مجالسة الضعفاء والمساكين من المسلمين وافتخروا عليهم باموالهم واحسابهم فضرب لهم مثلا برجلين في نعم ضرب الله فضرب لهم مثلا برجلين جعل الله مسلمي نعم جعل لاحدهما جنتين اي اي بستانين من اعناب محفوفتين بالنخل المحدق في جنباتها والذي يظهر والله اعلم انه ليس خاص فقط بهؤلاء. وان قلنا انه باولئك الذين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان لا يجالسوا الفقراء. لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص فهو مثل لكل الناس واضرب لهم مثلا رجلين يعني مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين بستانين ومزرعتين من اعناب من اعناب يعني مزرعتان فيهما الاعناب الكثيرة وحففناهما بنخل جعلنا حواف هاتين الجنتين نخل وهذا ابدع ما يكون في البساتين وفي المزارع تكون الثمار بالوسط وتجعل النخيل تحيط بها من اطرافها لان منظر النخيل جميل جدا قال وحفزناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا جعلنا بين هذه النخيل داخل الجنات زروع مع الاعناب ويحتمل جعلنا بين الجنتين ايضا زرعا وهما جنتان متوازيتان قال كلتا الجنتين اتت اكلها كلتا الجنتين يعني اتت اعطت واخرجت واثمرت اكلها كلها جاد ثمرها وطلعها ما فسد شيء منه ولم تظلم منه شيئا ولم تنقص منه شيئا بل جاءت ثمرته في غاية الجودة والكثرة وفجرنا خلالهما نهارا. ايضا فجرنا نهرا جعلنا فيها نهرا فجرناه. فصار ماؤه امشي على وجه الارض انظر الى تصوير هاتين الجنتين قال وفجرنا خلالهما نارا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره انا اكثر منك مالا واكثر اعز نبرا يعني هذا صاحب الجنتين كان له ثمر قرأ عاصم وكان له ثمر واحيط والاية الاخرى واحيط بثمره بفتح التاء والميم ثمر والمراد بهما يخرج ما تخرجه الاشجار من الثمار وقرأ ابو عمرو بضم الثاء وسكون الميم وكان له ثمر وكان له ثمر جمع ثمار وقرأ الباقون بضم التاء والميم وكان له ثمر وكلا القراءات قراءته سبعية حاصلوا هذه القراءات يعني المعنى قال آآ بعض اهل العلم نسيت اسمه الان ان الثمر على قراءة الفتح هو ثمر الشجر وعلى القراءات الاخرى اختلفوا فيه الثمر او الثمر فقيل هو ثمر الشجرة مثل القراءة الاولى بالفتح وقيل هو الذهب والفضة الثمر هو الذهب والفضة وقيل المراد بها انواع المال اي جعلنا له الاموال كثيرة وهذا والله اعلم متوجه لانه ذكر اه الثمار التي هي ثمرة الاشجار وما تنبته ذكره قبل ذلك اتت اكلها ولم تظلم منه شيئا وزيادة على ذلك كان له ثمر كان اوله ثمر كان له اموال طائلة يعني غني ليس فقط المزرعتان او البستانان وكذلك الذهب والفضة الذهب والفضة اذا انعم الله على هذا الرجل بهذه الانعام الكثيرة بتلك الجنتين وما فيهما واعطاه اموالا طائلة وذهب وفضة وكان له ثمر فقال صاحب الثمر والجنتين لصاحبه الفقير وهو يحاوره لان المحاورة هو ان يراجع احدهما الاخر في الكلام ويجاوبه ويتجاذبان اطراف الكلام قال انا اكثر منك مالا نعم يعني ما له كثير عنده هاتان الجنتان والاموال الطائلة والذهب والفضة واعز نفرا قيل اعز نفرة اعز عشيرة ايظا عشيرته عزيزة فهو جمع بين الجاه والمال جمع بين الجاه والمال قال قال جل وعلا واعز نفرا وقال بعض المفسرين ان معنى اعز نفرة المراد به يعني اكثر خدما وحسما واتباعا قال ودخل جنته وهو ظالم لنفسه. يعني تباخر على ذاك الرجل واغتر بماله وجاهه ثم بعد ذلك قال وبعد ذلك دخل جنته اما انه يعني دخل احدى الجنة دخل جنته يعني احدى الجنتين وهو ظالم لنفسه والظلم هنا والكفر والشرك بدليل ما سيأتي بعد ذلك فهو ظالم لنفسه بالكفر بالله جل وعلا وانكار البعث قال ما اظن ان تبيد هذه ابدا قال عن جنته التي دخلها ما اظن انت في ان تبيد اي تفنى وتذهب وتزول هذه الجنة ابدا بل هي باقية ابدا. اغتر فره ماله نسأل الله العافية والسلامة وجاهه ثم قال وما اظن الساعة قائمة ما اظن انكر البعث ما اعتقد ان الساعة ان هناك ساعة ستقوم ولئن رددت الى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا. شوفوا الافتراض هكذا يغتر اهل الاموال احدهم يغتر بدنياه تجده عاص ولكن اذا تكلم معك واذا هو حتى واثق كانه يظن ان هذا الغنى في الدنيا سينفعه ايضا عند الله عز وجل يعني صاحب المال محترم في الدنيا والاخرة لا يحترم اذا كان يقوم به بطاعة الله في الدنيا والاخرة اما اذا كان لا يقوم به بحقه والله لا ينفعه ذلك بل هو عذاب ونكالا عليه يوم القيامة قال ولئن رددت الى ربي يعني اذا رجعت الى ربي ان كان الامر لو صار امر كما تقول اننا سنبعث لكن لا بعث ولكن لو اننا بعثنا او بعثت لاجدن خيرا منها منقلبة اجد خير منها عند الله مرجع منقلبة يعني مرجعا سانقلب الى ما هو خير من هذه الجنة لا الدعاوى ما تنفع قدمت عملا تستحق به ذلك ابشر بنعيم خير من الدنيا كلها واما تعرظ عن امر الله والله ما تنفعك الاموال قال جل وعلا قال له صاحبه وهو يحاوره صاحبه الفقير الذي لا مال عنده قال له وهو يحاول يجادله ويناقشه اكفرت بالذي خلقك؟ بالذي خلقك من تراب؟ والاستفهام هنا للانكار عليه والتوبيخ له اكفرت بالذي خلق وهو الله جل وعلا وخلقك من تراب ذكره باصله فانت اصلك من تراب لان لانك من نسل ادم وادم من تراب ثم من نطفة من نطفة مذرة وهو ماء الرجل حينما يجامع المرأة ثم سواك رجلا جل وعلا عدلك وصيرك رجلا مستقيما غنيا ذا مال كيف تكفر به وتكذب البعث والنشور وتكذب ما جاء من الحق في ذلك قال جل وعلا لكنه والله ربي لكن هو الله ربي اصلها لكن انا ربي الله لكن انا الله ربي قال شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ورحم جميع اهل العلم وجميع المسلمين والمسلمات قال حذفت الهمزة تخفيفا اصله لكن انا حذفت الهمزة تخفيفا وادغمت النون الساكنة الاولى بالنون الثانية المفتوحة وصارت لكن يعني باثبات الالف وقد قرأ نافع في رواية إسماعيل وابن عامر لكن بإثبات الألف في الأصل في اثبات الالف في الوصل اذا وصل الكلام لكن وقرأ الباقون لكن بغير الف في الوصل يعني الفرق بينهما ان ابن عامر ونافع يقرأون لكن ويأتي بالالف في الوصل والبقول لا لكن بدون وصل لكن هو الله واما في الوقف لم يختلفوا كلهم بدون كلهم قرأوا بالالف اذا وقف لكن لكن لكن بالالف قال لكنه هو الله ربي جل وعلا ولا اشرك بربي احدا لكن انا ربي الله لا اشرك به احدا ولا اكفر كما كفرت وانكر البعث بل اهرده بالعبادة واوحده ولا اجعل له شريكا كائنا من كان جل وعلا هذا هو التوحيد. ولولا اذ دخلت جنتك اي هلا حين دخلت جنتي قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله لو انك لما دخلت جنتك قلت ما شاء الله وما موصولة اي هذا الذي شاء الله ولا قوة الا بالله ولا قوة لاحد الا لله جل وعلا وقوة غيره كلها قوة ضعيفة والله الذي امده بها القوة المطلقة لله سبحانه وتعالى وقد قال بعض اهل العلم وهذا قاله شيخ من الشيخ ابن عثيمين اه ان الانسان اذا رأى ما يعجبه فعليه فله حالان اما ان يرى ما يعجبه من مال غيره او في غيره عند غيره فهذا يقول ما شاء الله تبارك الله كما في الحديث اذا رأى احدكم ما يعجبه فليبرك فان العين حق واما اذا كان رأى ما يعجبه من ما له هو فيقول كما هنا ما شاء الله لا قوة الا بالله قال هذا جمع بين النصوص لان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه ويمكن جمعه مع ما ورد في شرعنا بان يبرك مع الاخرين ومع نفسه يقول ما شاء الله لا قوة الا بالله ولو برك لا حرج والحاصل ان ما شاء الله هو من ذكر الله عز وجل هو من ذكر الله عمر الانسان اذا رمى يعجبه ان يقول ما شاء الله تبارك الله او اللهم بارك لكن لو قال لكن لو قال ما شاء الله لا اله الا الله وما شابه ذلك فالامر فيه سعة ان شاء الله كما قاله شيخنا الشيخ ابن باز وشيخنا الشيخ ابن عثيمين وغيرهم من اهل العلم ولولا اي هلا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله ثم قال ان ترني انا اقل منك مالا وولدا يعني ان احتقرتني بانه لا مال لي ولا ولد فعسى الله فعسى ربي ان يؤتيني خيرا من جنتك وان هنا شرطية ان رأيتني انا اقل منك مالا ولدا فعسى هذا جواب الشرط فأسى ربي ان يؤتيني خيرا من جنته وعسى هنا للترجي فعسى ارجو الله وقيل للتوقع فعسى ربي ان يؤتيني خيرا من جنتك انت احتقرتني وتقول ما عندي مال واعتز ويعني افتخرت علي بمالك واولادك وجنتك وغير ذلك فانا ارجو ربي ان يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل ويرسل عليها حسبانا من السماء فيعطيني خيرا من جنتك وهذا محتمل في الدنيا والاخرة ويرسل على جنتك هذه التي افتخرت بها واغتررت بها وانكرت البعث يرسل عليها حسبانا من السماء والحسبان فينا هو العذاب وقيل الحسبان هي الصاعقة وقيل الحسبان هي المرامي التي يرمى بها من السماء والمعنى عذابا من السماء ترمى به رميا وتقذف والمعاني متقاربة فالحسبان هو ما ينزل من السماء عذابا سواء كان مطرا او نارا او صاعقة او غير ذلك فقال ويرسل عليها حسبانا من السماء لان الذي من السماء ما يدفع الارض يمكن يجاهد ويكافح لكن لا يأتي من السماء ما ما الانسان ما له فيه حول ولا قوة فتصبح صعيدا زلقا تصبح جنتك هذه التي مليئة بالاشجار والنخل والزروع تصبح صعيدا زلقة صعيد الصعيد هو الارض الملساء وزلقا يعني خالية من النباتات لا نبات ولا شجر فيها بل صارت زلقا تزلق القدم فيها لانها ليس بها اي نبات. وقال بعض اهل العلم آآ بل المراد انها يصيبها الماء يعني يغمرها الماء تذهب نباتاتها واشجارها وثمارها فتصبح بلقعا كما قال ابن كثير اي بلقعا ترابا لا نبتدي بل عن ترابا املس فالحاصل ان معنى صعيد انزلق يعني تصبح ارض جرداء ملساء ما فيها شيء من هذه الثمار التي اعجبتك وافتخرت بها وحملتك على الكفر باليوم الاخر او يصبح معها غور فلن تستطيع له طلبا او يصبح ماؤها الذي تسقي منه الاشجار غورا اي غائرا في الارض فلن تستطيع له طلبا ما تطلبه وتخرجه لتسقي به زرعك لانه غار في اسفل الارظ وهذا يا اخوان يعني هي عبرة لان الله جل وعلا يقول كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى والدنيا لا تراها خطر على الانسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فاتقوا الدنيا واتقوا النساء. وقال للصحابة حتى لا يزيغ قلب احدكم ان ازاغه شيء الا الدنيا لا تقول لا انا بس ابى احصل الفلوس وبعدين شوفوا انا وش اعمل الدنيا اذا دخلت ما تخرج لكن انسان يسعى بالكفاف ولا بأس لكن لابد يعرف حق الله فيها ويجعلها كما قال شيخ الاسلام قال ينبغي ان تكون الدنيا مثل الحمار الذي تركبه ولا يركبك بعض الناس يجعل حمار يركبه همه الدنيا يغضب من اجله يغضب من اجلها كل سعيه لبقائها وعدم التعرض لها ومن الناس من لا يجعلها كالحمار اذا احتاجها ركبها واخذ منها وانفق قال جل وعلا واحيط بثمنه اخبر عن استجابة دعائه استجابته لدعاء العبد الفقير الذي ليس عنده مال فقال واحيط بثمره. قال الطبري واحاط الهلاك والجوائح بثمنه بثمن الغني صاحب جنتين فاصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على رؤوسها فاصبح يقلب كفيك تلهفا وحزن وندما وهذه حالة الندم يقلب كفيه يصفقهما ببعض حزنا ذهبت امواله كلها جائحة وهي خاوية اي خالية من النباتات والاشجار باقي العروش فقط اصول الاشجار او البيوت فقط وقيل ان خالد على عروشها لفظ يستخدم في ذهاب كل شيء في ذهاب كل شيء يقال خالية عن العروش يعني لا شيء فيها وهي خالية وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم اشرك بربي احدا تبين ان هذه العقوبة كانت بسبب الشرك لانه اخطر الذنوب واعظمها نسأل الله العافية والسلامة قال جل وعلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله ما كان له جماعة ينصرونه مع انه كان يفتخر اعز نفرا اين هم اين هم لما حلت هذه الجائحة بمزرعتي ما يستطيعون نصرتهم وما كان منتصرا ولا يستطيع هو ان ينتصر بنفسه قال الفئته نصرته ولا هو انتصر لان امر الله لا يطيقه احد ولا يعارضه احد جل وعلا واذا احل الله عز وجل العقوبة ما احد يستطيع ان يدفعها يجب على الانسان يعرف ضعفه وحاله ويتعلق بالقوي سبحانه وتعالى واعظم ذلك بطاعته والتوكل عليه والعمل بمرضاته واجتنان معاصيه ومساخطه ثم قال جل وعلا هنالك الولاية الحق الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبى. هنالك يعني يوم القيامة الولاية الولاية قرأ حمزة والكسائي بكسر الواو الولاية ومعناه السلطان والقدرة لله جل وعلا وقرأ الباقون بفتحها الولاية يعني بكسر الواو وبفتح الواي. وبفتحها. الولاية والولاية ومن العلماء من يفرق بينهم ومنهم من يقول هما بمعنى لكن لغتان في الكلمة فالحاصل ان هناك يوم القيامة تكون النصرة والسلطة كلها لله الحق وهو خير ثوابا من غيره لان ثوابه عظيم. وهو خير عقبى لانه يعقب اولياءه نصرا وتمكينا فهو خير من غيره في ثوابه لعظم ثوابه جل وعلا وهو خير عقبة لانه يعقب اولياءه نصرا وتمكينا ونجاة من النار ودخول الجنة ثم قال جل وعلا واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح شيما تذره الرياح واضرب يا نبينا لهؤلاء المشركين مثل الحياة الدنيا هذه التي يغترون فيها ويغترون بها وعملهم كله لها فانها كما ان انزلناه من السماء مثل المطر. الماء ننزله من السماء فاختلط به نبات الارض قال الطبري فنبت بذلك المطر انواع من النبات مختلط بعظها ببعظ ثم بعد ذلك فصارت ازدانت وازدهرت واختلطت صار بها من انواع الربيع والزهور والنباتات. لكن بعد ذلك فاصبح هشيما اصبح هذا النبات هشيما ومعنى هشيما قال الطبري يابسا متفتتا وقيل هامدا تذروه الرياح تحمله الرياح وتطيره وتفرقه صار يابسا فاذا هبت الرياح حملته معها وابعدته وكان الله على كل شيء مقتدرا جل وعلا فهو المقتدر على كل شيء والقدير على كل شيء فهو قادر على اعدام الموجود مثل هذا النبات وايظا قادر على ايجاد المعدوم قبل ذلك ما كان فيه نبات ولا مطر فانزل المطر وانبت به الارظ والله على كل شيء قدير ثم قال المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا المال والبنون زينة الحياة الدنيا يعني مما يتزين به الانسان في هذه الحياة الدنيا ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم المال الصالح الرجل الصالح فالمال من زينة الدنيا يتمتع به الانسان ويستغني به عن غيره لكن لا ينفقه في معاصي الله ثم تزدان به الحياة الحقيقة كون الانسان عنده مال تزدان حيل كذلك البنون اذا رزقه الله اولادا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله خص الاولاد بالذكر البنون البنون خصهم بالذكر لان العرب يقول على عادة العرب لانهم كانوا يكرهون البنات والذي يضع والله اعلم ان الامر اعم لان البنون يزدان تزدان بهم الحياة لانهم يعيشون مع ابيهم ثم يخلفونه ويحيطونه ويبقون معه بينما البنات وين كنا بقينا عنده زينة فترة لكن اذا الزوجة ذهبت مع زوجها لكن الابناء ابناء الرجل معه هم الباقون عنده وهم المحيطون به وهم يعني الذين يخلفونه لكن هذا اذا كانوا صالحين قد يكونون شقاء على الانسان نسأل الله العافية والسلامة المال والبنون زينة الحياة الدنيا ثم ارشد الى ما هو خير من ذلك فقال والباقيات الصالحات والمراد بها الاعمال الصالحة من الاقوال والافعال التي تبقى في صحيفة العبد العبد ويجدها يوم القيامة وهن صالحات وقد جاءت احاديث ان الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله. ولا شك ان الاحاديث في هذا صحيحة لكن هذا من الاعمال هذا من الباقيات الصالحات النبي صلى الله عليه وسلم لما قالهن الباقيات الصالحات نعم هن من الباقيات الصالحات لكن الباقيات الصالحات تشمل كل عمل وقول صالح عمله صاحبه مخلصا به لله متبعا له النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الباقيات الصالحات ستبقى ويجدها يوم القيامة وهي صالحة لا تضره وليست طالحة والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا اي خيرا اجرا ومثوبة عند الله جل وعلا وخير املا اي خير ما يؤمله الانسان لان هذه الصالحات هن الباقيات واما الدنيا فانية الانسان ما يأمل بالدنيا الدنيا ان لم تتركه تركته ولابد لكن خير ما يؤمله الانسان بعقد الامل عليه بعد الله جل وعلا الاعمال الباقيات الصالحات الذي ينبغي للانسان ان يكون له خصيصة من العمل سرا ما يطلع عليها احد يعمل بها النجاة بين يدي الله جل وعلا. ويكثر من الاعمال الصالحة. ثم قال سبحانه وتعالى ويوم نسير الجبال وترى الارض باردة وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا اي واذكر يوم نسير الجبال. قال ابن كثير يخبر تعالى عن اهوال يوم القيامة. وما يكون فيه من الامور العظام. كما قال تعالى يوم يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا اي تذهب عن اماكنها وتزول كما قال تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وقال تعالى وتكون الجبال كالعهن المنفوش وقال تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا لا يذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتاع هذا يوم القيامة ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة اي ظاهرة. قال الطبري ظاهرة وظهورها لرأي لرأي اعين الناظرين من غير شيء يسترها من جبل ولا شجر ظاهرة خلاص بارزة ما فيها لا اشجار ولا شيء ما يختفي منها شيء ارض ارض فقط ما فيها شيء من الاشجار ولا الجبال كقرصة نقي قال وحشرناهم فلم نغادر احدا يعني في ذلك الحين حينما يسير الجبال وترى ارض بارزة تبدل الارض غير الارض في ذلك الوقت هذا حشر الناس وهو جمعهم لمجازاتهم فلم نغادر منهم احدا ما تركنا احد من لدن ادم الى اخر رجل يموت بل الى الذين تقوم عليهم الساعة ما نغادر ما نترك احدا الا وبعثناه الا وحشرناه فمن كان ميتا بعثناه ومن كان حيا ايضا جمعناه معهم لماذا لنحاسبهم على اعمالهم قال جل وعلا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم اول مرة. اي عرض الناس كلهم على ربك صفا قيل صفا واحدا وقيل صفوفا من وراء بعضهم وقيل كل امة تحشر صفا والحاصل انهم يحشرون صفا كما اخبر الله عز وجل لقد جئتمونا كما خلقناكم اول مرة ايها الناس جميعكم جئتمونا كما خلقناكم اول مرة حفاة عراة لا مال معكم ولا ولد وقيل كما خلقناكم اول مرة يعني فرادى جئتمونا فرادى وكل القولين حق قال جل وعلا كما خلقناكم اول مرة بل زعمت الا نجعل لكم موعدا. بل هنا الاغراب والانتقال اضراب الانتقالي بل زعمتم وهذا من العام المخصوص ليس كلهم زعموا وانما الاغلب والاعم الكفار. لكن الانبياء واتباع الانبياء ما زعموا الذي يجعل لهم موعدا بل هم يؤمنون بالبعث واليوم واليوم الاخر قال بل زعمتم اي ظننتم وقلتم زعما كذبا بل زعمتم ان لن نجعل لكم موعدا لن نجعل هناك موعد وساعة وقيامة ومجازاة ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه وظع الكتاب يعني احضر وظع كتاب الاعمال كتاب اعمال كل انسان امامه ونخرج له يوم القيامة كتاب يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسابا حسيبا اذا وضع كتاب الاعمال لكل انسان فترى المجرمين مشفقين لما توضع يوضع كتاب كل إنسان امامه وآخر كتابه بيمينه واخذ كتابه بشماله ترى المجرمين مشفقين خائفين جدا مما في كتاب كتابهم ويقولون يا ويلنا يا ويلتنا ايا هلاكنا ويا خسارتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها اي شيء لهذا الكتاب اكتساب اعمالك لا يغادر لا يترك صغيرة من الاعمال والذنوب ولا كبيرة الا احصاها اثبتها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا ووجدوا هؤلاء كلهم الناس ما عملوا من اعمال حاضر امام اعينهم يقرأونه ما غاب منه شيء ولا يظلم ربك احدا جل وعلا فلا يزيد احدا عملا لم يعمله بل احصاها عليهم وهو ايضا جل وعلا لا يظلم احدا فيحكم بين عباده بالعدل والانصاف جل وعلا ثم قال جل وعلا واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه مرت هذه الاية مرارا وان الله عز وجل امر الملائكة بالسجود وكان ابليس من ضمنهم لادم لما خلق ادم فسجدوا كلهم الا ابليس لماذا؟ لانه كان من الجن قال ابن كثير اي خانه اصله فانه خلق من مارج من نار واصل خلق الملائكة من نور كما ثبت في صحيح مسلم خلقت الملائكة من نور وخلق ابليس من مالك من نار وخلق ادم مما اصيب لكم وهذا دليل ان ابليس من الجن لكن هو كان من الملائكة لانه كان يعبد الله معهم ومن جملتهم لكن هو لا هو الملائكة من نور وهو من نار وهذا كما قال جل وعلا في اية اخرى والجان خلقناه من قبل من نار السموم اي من قبل ادم قبل وجود ادم الجن موجودون قبل الانس لانه لما خلق الله ادم قال الملائكة اسجدوا وكان ابليس معهم وهو من الجن اذا كان موجودا قبل وجود ادم قال جل وعلا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه يعني فخرج عن طاعة ربه لان الفسق هو الخروج عن طاعة الله فنسق عن امر ربه افتتخذونه وذريته اولياء هذا استفهام انكاري. ينكر الله عز وجل افتتخذونه؟ تتخذون الشيطان وذريته نسله ومن يريد له وكانوا على طريقته. تتخذونهم اولياء تتولونهم وتأخذون بامرهم وهم لكم عدو لان عداوة الشيطان لا يمكن ان تتبدل كما قال الله جل وعلا ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ولهذا من السفه ونقص العقل ونقص التصرف ان يتخذ الانسان عدوه وليا سبحان الله قال وهم لكم عدو. ابليس وذريته بئس للظالمين بدلا اي اي بئس هذا البدل بدلا لهم الظالمون الكافرون بدل ان ان يتولوا الله يتخذوا الله وليا لهم ويتولون المؤمنين اتخذوا الشيطان وليا فبئس هذا البدل وهذا البديل بدلا وهو ابليس وذريته. ثم قال جل وعلا ما اشهدتهم خلق السماوات والارض هاي ما احضرتم ذلك فاستعين بهم على خلقها ما اشهدتم يعني ما احظرت الجن وما جعلتهم حاضرين شاهدين لما خلقت السماوات والارض لاني خلقتها قبل ان يوجدوا ولست بحاجة اليهم حتى يحضروا. فلماذا تتخذون هؤلاء وتطيعونهم ولا خلق انفسهم. ايضا ولا اشهد بعضهم اشدت بعظهم خلق بعظ فاستعين به. ايظا ما حضر بعظهم خلق الاخر فاستعين به على خلقه بل تفردت بجميع ذلك. قاله الطبري وما كنت متخذا المضلين عضدا تعرفوا انتم متخذ المضلين الذين يضلون عن الحق عضدا اي اعوانا وانصارا قال اهل العلم وها الدليل على انه لا يجوز للانسان ان يتخذ الضالين عونا له ولا انصارا لان الله جل وعلا قال وما كنتم متخذا المضلين عضودا والله جل وعلا ما اتخذهم لهم ولا غيرهم لكن ليبين عجز هؤلاء وظعفهم وانهم لا يستطيعون شيئا. فلماذا يعبدون مع الله؟ قال جل وعلا ويوم يقول نادوا شركاء الذين زعمتم فدعوهم واذكر يوم يقول الله جل وعلا نادوا شركائي في الدار الدنيا التي زعمتموهم يقول لهؤلاء الكفار ليتخذوا مع الله شركاء نادوا شركاؤكم انت الذي زعمتم زعمتم انهم شركاء والا في الحقيقة ليس لي شريك لا شريك له جل وعلا فدعوهم فلم يستجيبوا لهم نادوا الهتهم واصنامهم وشركائهم فلم يستجيبوا لهم لماذا؟ لانهم لا يملكون نفعا ولا ظرا بل الشركاء اتخذوهم شركاء من الاوثان والاصنام والكفار يلقون في النار انكم وما تعبدون من دون الله حصبوا جهنم نسأل الله العافية وجعلنا بينهم موبقا الموبط مكانه الهلاك اي جعلنا بينهم حائلا مهلكا بحيث لا يمكن ان يذهبوا الى شركائهم وقال الحسن موبقا عداوة بينهم يوم القيامة. وقال ابن عباس مهلكا وقيل موبقا واد عميق في جهنم فالحاصل ان الله جعل بينهم موبقا يعني جعل بينهم العداوة وايضا جعل بينهم مكانا مهلكا لان كل مشغول في نفسه قال جل وعلا ورأى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعها. رأى المجرمون النار باعيانهم الكفار فظنوا هنا اي ايقنوا تيقنوا لان الظن يأتي بمعنى اليقين ويأتي بمعنى الشك الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم يعني يوقنون صفاتهم يوقنون بالبعث والنشور ويأتي الظن بمعنى آآ ما يغلب على الظن وقد يعني يكون فيه التخمين ليس مؤكدا لكن هنا بمعنى اليقين فظنوا اي ايقنوا انهم مواقعوها اي مخالط النار وواقعون فيها. ولم يجدوا عنها مصرفا. لم يجدوا عن هذه النار نعوذ بالله معدلا ومكانا ينصرفون اليه لينجو من العذاب. جزاء وفاقا. ثم قال جل وعلا ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل. ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل قال الامين الشنقيطي رحمه الله اي رددنا وكثرنا تصريف الامثال بعبارات مختلفة واساليب متنوعة في هذا القرآن للناس ليهتدوا الى الحق ويتعظ فعارضوا بالجدال والخصومة هذا ذنبهم والا قد صرف الله وبين وردد وكرر بهذا القرآن من الامثال والاصل في المثل هو القول الغريب السائر في الافاق وقد ضرب الله امثلة كثيرة للناس ليتعظوا وكان الانسان اكثر شيء جدلا مراد الانسان الكافر كان اكثر شيء خصومة ومماراة بالباطل بقصده الحاضر الحق كما حكى الله عز وجل قصهم ومر معنا ايات كثيرة ثم قال جل وعلا وما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم الا ان تأتيهم سنة الاولين او يأتيهم العذاب قبلا يعني ما منع الناس من الايمان فلما جاءهم الهدى والحق وما منعهم من استغفار الله الا ان تأتيهم سنة الاولين وهي ما سبق في علم الله انهم لا يؤمنون وهذا قول وقيل المراد بسنة الله هنا ما منع الناس من الايمان والاستغفار الا طلبهم ان تأتيهم سنة الاولين او يأتيهم العذاب قبولا هذا الذي منعهم التكذيب وعدم الايمان سنة الاولين اما المراد بها سنة الله ما قضاه الله وقدره عليه من الهلاك او تعنتهم وطلبهم للعذاب. ائتنا بعذاب اليم او يأتيهم العذاب قبلة اي مقابلة ومعاينة ومباشرة. لانهم غير مصدقين مكذبين قال جل وعلا وما نصر المرسلين الا مبشرين ومنذرين ما ارسل الرسل الا مبشرين بالخير للمؤمنين ومنذرين للكافرين وليس لهم ان يجبروا الناس على الايمان او على الهداية ويجادل الذين كفروا بالباطل ليلحظوا به الحق واتخذوا اياته وما انذروا هزوا. يجادل ويخاصم الكفار دائما بالباطل هو ضد الحق كقولهم ابشر يهدوننا؟ من يحيي العظام وهي رميم؟ اين لمبعوثون خلقا جديدا وغير ذلك من مجادلاتهم وقصدهم بذلك ليدحضوا الحق ليبطلوا الحق ويزيلونه ويذهبون به واتخذوا اياتي وما انذر هزوا. اتخذوا اياتي ودلائلي وبيناتي التي نصبتها على الحق وما انذر به من الحق هزوا اي سخرية يسخرون بها وقبل فيها قراءتان. قرأ عاصم وحمزة والكسائي قبلا بضم القاف والباء قرأ بالكسر وقرأ الباقون قبلا اي مقابل يرونه قبل اعينهم ثم قال ومن اظلموا ممن ذكر باية ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه. من اظلم مرة معنى الكلام لا احد اظلم ممن ذكر باية الله وعظ بها وامر فاعرظ عنها تولى ولم يأخذ بها ونسي ما قدمت يداه نسي ما اسلف من الذنوب المهلكة فلم يتب منها ثم قال جل وعلا انا جعلنا على قلوبهم اكنا جعلنا على قلوب هؤلاء الذين لا احد اظلم منهم المتولون على الحق جعلنا على قلوبهم اكنة اي اغطية ان يفقهوه لكي لا يفقهوا الحق وعلى قلوبهم اغطية تمنع اصول الحق اليها فلا يفقهونه ولا يفهمونه وفي اذانهم واقرأ ثقلا وصمما لا يسمعون الحق ولا يخلصوا الى قلوبهم وان تدعوهم الى الهدى فلن يهتدوا اذا ابدا وان تدعوهم يعني ترشدهم الى الهدى الى الايمان والدخول في دين الاسلام فلا يهتدوا ابدا فليهتدوا اذا ابدا لان قلوبهم في اكنة واذانهم صم لا تسمع الحق وربك الغفور ذو الرحمة اخبر عن نفسه جل وعلا انه الغفور الذي يغفر الذنوب وذو الرحمة الواسعة الواصلة لو يؤاخذهم بما كسبوا لاجل لهم العذاب لو يؤاخذ الله عز وجل العباد هؤلاء وغيرهم بما كسبوا مباشرة ما بقي احد لكنه جل وعلا يمهل ولا يهمل حليم وهذا من مغفرته ورحمته بخلقه يتوب الرجل بعد خمسين سنة ثلاثين سنة اربعين سنة يتوب توبة نصوحة فيغفر له الذنوب السابقة كلها. مع انه قد يكون ارتكب الكفر والاجرام سائر الذنوب قال وربك الغفور ذو الرحمة ولو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب سبحان الله والحمد لله على فضله والله لو كان جل وعلا يؤاخذنا بما كسبنا مباشرة ما بقي منا احد ما في احد منا ما اذنب وعمل ذنوب ولكن الله جل وعلا غفور رحيم حليم. لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونهم اويلا. لكن ليس معنى امهاله ورحمته بهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة انه لا يعاقبه ابدا لا لكن لهم موعد يمهلهم الى موعدهم بل لهم موعد لا يجدوا من دونه موئلا ليجدوا من دونه مكانا يؤولون اليه يوم القيامة او يفرون اليه ويهربون وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا تلك القرى اهلكناهم ودمرناهم لما ظلمه لما حصل منهم الظلم وجعلنا لمهلكهم موعدا جعلنا لمهلكهم موعدا موعدا لاهلاكهم والقضاء عليهم فهذا فيه التحذير من الذنوب والمعاصي وان الله اهلك الامم وابادهم لما ظلموا. وجعل لمهلكهم موعدا وان اكتفي بهذا القدر ونستمع بعض الاسئلة آآ من الاسئلة الواردة يقول هل الخضر نبي هذا فيه خلاف خلاف بين اهل العلم والاظهر انه نبي وان شاء الله سيأتي الكلام عليه ان شاء الله مفصلا ونستدل لمن قال انه نبي لانه ذكر شيئا من علم الغيب الذي لا يعلمه البشر العاديين حتى موسى ما علمه فقال سائل من عمان هل فيه حكمة معلومة ميلان الشمس عن اصحاب الكهف؟ نعم وهو حتى لا تصيب الشمس ابدانهم فتفسدهم لان الشمس فاذا اصابت الشي بعد مدة تبليه فمن لطف الله بهم ان الشمس لم تصب ابدانهم لئلا تبيد ابدانهم واجسامهم لانهم مكثوا ثلاث مئة سنة فلم تصبهم الشمس حتى لا تتغير الوانهم او تفسد ابدانهم آآ واذكر ربك اذا نسيت الا تعني اذكره اذا نسيت ذكره؟ هذا ذكرته ان هذا كثير قال ويحتمل ان الاية يعني يحتمل ولا مانع على العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ان الانسان اذا نسي يقول لا اله الا الله يذكر الله قال هل يشرع قول ربنا اهدنا لاقرب من هذا رشد عند نسيان المرء شيئا استدلالا بالاية؟ نعم هذا قول هذا قول لبعض اهل العلم قول لبعض اهل العلم يقول اذا نسيت الاستثناء في الحلف او في امر من امورك فانك تقول اهدنا لاقرب من هذا رشدا قولي باهل العلم ولكن الذي يظهر ان الانسان انه اذا ذكر يستثني اذا ذكر يستثني قال جل وعلا كثيرا ما نقول اذا طال نومنا نومة اصحاب الكهف فحكم فما حكم ذلك؟ حكم كذب باطل ما هو بصحيح نومة اهل الكهف ثلاث مئة سنة اصلا نحن ما يعمر احدنا ولا ثلث اعمار ولا ثلث وقت نوم اهل الكهف من يبلغ المئة الا نادرا؟ هذا كذب ما ينبغي للانسان ان يقول مثلك هذا لكن بعض الناس على سبيل التوسل يعني اذا طال الشيء قال هذا مثل نومة اهل الكهف يعني نوم طويل. من من هذا الباب لكن ينبغي له ترك هذا والاعراض عنه قال اه كيف نوفق بين كلب اصحاب الكهف والنهي عن اقتنائه نقول ما فيه معارضة النبي صلى الله عليه وسلم قال آآ يعني لا يجوز اقتناء الكلب الا كلب صيد او ماشية بعضنا الروايات كلب حراسة فاتخاذ الكلب الحراسة لا بأس به يتخذ كلب للحراسة ولعلهم اتخذوا الكلب للحراسة هم لاجل ان ينبهم اذا جاء احد فلا فلا اشكال في اتخاذ الكلب للحراسة. هذا امر والامر الثاني لو قلناه ان هذا كان مشروعا عنده ممنوعا عندنا فنقول شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه وقد ورد في شرعنا خلافه وهو النهي عن اقتناء الكلاب قال ما صحة وجود سد يأجوج ومأجوج الى يومنا هذا موجود نعم سنذكر نتكلم عليه ان شاء الله باذن الله عز وجل غدا وفق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد