الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فلا يزال الكلام في تفسير الايات من سورة الانبياء فيقول جل وعلا وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين ففي هذه الايات والتي قبلها والتي بعدها يقص الله جل وعلا قصص انبيائه ولهذا سميت هذه السورة بسورة الانبياء هنا يقول جل وعلا وايوب اذ نادى ربه اي واذكر يا نبينا ايوب او عبدنا ونبينا ايوب عليه السلام اذ نادى ربه حين نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين وذلك انه اصابه مرض واشتد به هذا المرض حتى تخلى منه الناس جميعا ولم تبقى معه الا زوجته فنادى ربه لما مسه هذا الظر وسيأتي ان شاء الله شيء من ذكر بعض التفصيل وهذه الاية كقوله جل وعلا في سورة صاد واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب فهنا قال اني مسني الضر وفي سورة صاد قال مسني الشيطان بنصب وعذاب فهناك اشار الى سبب اه المرض وانه كان بسبب مس الشيطان له بالتعب وان كان الاصابة من الله جل وعلا فهو الذي قدره. لكن هناك ذكره او اسنده الى من باشره او الى السبب الذي باشره وكان سببا في وقوعه وهو انه تسلط الشيطان عليه على ما سيأتي ان شاء الله في سورة صاد اذ نادى ربه اني هذا تفصيل النداء وبيان ما هو النداء الذي نادى به ربه والنداء هو النداء بياء النداء وهي الاصل في الباب. يا الله يا رب ولكنها تحذف احيانا لدلالة الكلام عليها ولهذا قال ربي اني مسني الضر اذ نادى ربه اني مسني الضر وفي سورة صاد كذلك اذ نادى ربه اني مسني الضر وآآ النداء باسم الرب من اسباب اجابة الدعاء كما ذكر ابن القيم وغيره ان دعوات الانبياء في القرآن كلها بلفظ الرب او اجلها واغلبها بلفظ الرب ربي اني لما انزلت الي من خير فقير ربي مسني الضر وانت ارحم الراحمين وغيرها من الايات فهذا دليل انه ينبغي للمسلم ان يكون هذا في دعائه وندائه لربه جل وعلا اذ نادى ربه ولا شك ان الداعي ينادي ربه ويسأله وهذا دليل على انه لابد من رفع الصوت لان المناداة لا تكون الا برفع صوت فلو ان انسانا جعل يدعو بقلبه من غير ان يتكلم لا يسمى دعاء وانما الدعاء ان يكون مصحوبا بصوت مسموعا ولو ان يسمع نفسه وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر مسني اي اصابني الظر وهو المرض الذي اصابه وانت ارحم الراحمين. هذا توسل الى الله جل وعلا اليه بصفة الرحمة فانت وانت فانت الرحمن الرحيم فارحمني وانقذني من هذا الظر الذي اصابني وهذا قد دل عليه قوله جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ولهذا قال العلماء يدعو ربه بما يناسب المقام الذي هو فيه فاذا كان يريد مغفرة الذنوب يقول ربي اغفر لي وارحمني انك انت الغفور الرحيم والتوبة ربي تب علي انك انت التواب الرحيم وهكذا قال جل وعلا فاستجبنا له اخبر اتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب ايضا وانه لما سأل ربه استجاب الله له مباشرة كما قال جل وعلا في سورة صاد اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب لما دعا ربه قال له اركض برجلك يعني اضرب برجلك الارض وصار من ذلك عينا فامره ان يغتسل ان يشرب منها وان يغتسل فيها وقيل ضرب الارض خرجت عينان عين اغتسل بها فذهب عنه الضر الخارجي الذي اصابه في بدنه من الخارج والعين الاخرى شرب منها فذهب ما به من الضر الذي كان في باطنه وقيل غير ذلك وسيأتي ان شاء الله الكلام عليها مفصلا في سورة صاد فالحاصل ان الله جل وعلا استجاب له وكان ايوب صابرا وكانت زوجته تأمره بالدعاء ولم يرد الدعاء واراد الصبر لعظم المقام لان الصبر على ما يصيب العبد هذا من اعظم المنازل عند الله جل وعلا وهذا امر معلوم ولهذا لما قيل للامام احمد لما كان في السجن الا تدعو عليه الا تدعو على الخليفة الذي حبسك عند خلق القرآن قال ليس بصابر من دعا ليس بصابر من دعا ولهذا الله جل وعلا يقول انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب فكون الانسان يصبر ويحتسب هذا فيه الاجر العظيم عند الله جل وعلا ولو دعا فذلك ايضا مشروع قال فاستجبنا له اي استجبنا دعاءه فكشفنا ما به من ضر كشف الله عنه الضرر الذي اصابه والمرض الذي اصابه وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في هذه الاية او عند اولها قال يذكر تعالى عن ايوب عليه السلام ما كان اصابه من البلاء في ما له وولده وجسده وذلك انه كان له من الدواب والانعام والحرث شيء كثير واولاد كثيرة ومنازل مرضية فابتلي في ذلك كله وذهب عن اخره ثم ابتلي في جسده يقال بالجذام في سائر بدنه ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله يذكر يذكر بهما الله عز وجل حتى عافه الجليس وافرد في ناحية من البلد ولم يبق من الناس احد يحنو عليه سوى زوجته كانت تقوم بامره ويقال انها احتاجت فصارت تخدم الناس من اجله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل وهذا حديث اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه كذلك الالباني قال ابن كثير وفي الحديث الاخر يبتلى الرجل على قدر دينه. فان كان في دينه صلابة زيد في بلائه وهذا ايضا حديث صحيح ويشهد له الذي قبله وهو من حديث سعد بن ابي وقاص وقد صححه الالباني في تحقيقه لكتاب الايمان ثم قال وقال يزيد ابن ميسرة يعني بعد ان ذكر ابن كثير او لخص ابن كثير رحمه الله اه ما اصاب ايوب عليه السلام من الاذى والظرر اردف ذلك ببعض الاثار الواردة عن السلف فقال قال يزيد ابن ميسرة لما ابتلى الله ايوب عليه بذهاب الاهل والمال والولد ولم يبقى له شيء احسن الذكر ثم قال احمدك رب الارباب الذي احسنت الي اعطيتني المال والولد فلم يبقى من قلبي شعبة الا قد دخله ذلك فاخذت ذلك كله مني وفرغت قلبي ليس يحول بيني وبينك شيء لو يعلم عدوي ابليس بالذي صنعت حسدني قال فلقي ابليس من ذلك منكرا رواه ابن ابي حاتم قال ايضا قال ايوب عليه السلام يا ربي انك اعطيتني المال والولد فلم يقم علي فلم يقم على بابي احد يشكوني لظلم ظلمته. وانت تعلم ذلك وان كان يوطأ لي الفراش او توطؤوا لي الفرش فاتركها واقول لنفسي يا نفس انك لم تخلقي لوطأ الفراش الفراش اللين تطأ وتجلس عليه ما تركت ذلك الا ابتغاء وجهك ايظا رواه ابن ابي حاتم آآ ثم قال ابن كثير وهذا فيه فائدة يعني في الاشارة الى المدة التي مكث التي مكثها ايوب في مرضه فقال ابن كثير وقد روي وابن كثير رحمه الله قدم بهذا لان الجزم بصحة ذلك فيه صعوبة لانه لم يرد فيه حديث صحيح صريح ولهذا قال وقد روي انه مكث في البلاء مدة طويلة. ثم اختلفوا في السبب المهيج له على الدعاء فقال الحسن وقتادة ابتلي ايوب عليه السلام سبع سنين واشهرا. ملقى على كناسة بني اسرائيل تختلف الدواب في جسده فرج الله عنه واعظم له الاجر واحسن عليه الثناء وقال وهب ابن منبه مكث في البلاء ثلاثين ثلاث سنين لا يزيد ولا ينقص وجاء عن انس في حديث مرفوع في رفعه ضعف انه مكث ثماني عشرة سنة وقيل ثلاثون سنة. والله اعلم اي ذلك مكث لان الجزم بمثل هذا هذا من امور الغيب التي لا يستطيع احد ان يجزم بها الا عند وجود الدليل الصحيح الصريح في ذلك اه آآ ثم سنورد بعض القصص التي اوردها الحافظ ابن كثير آآ تأسيا بائمة التفسير فقد اوردها ابن جرير الطبري واوردها ابن كثير واورده واوردها غيره وايرادنا لها هو من باب الاستئناس ولانها مما يجوز حكايته لانها ليس مما يعارض شرعنا وليس في شرعنا ما يدل عليها تفصيلا وان كان الايات من حيث الجملة تدل على انه نزل بايوب ظرر ظراء وانه مكث فيه مدة وانه دعا الله وان الله استجاب له لكن هذه التفصيلات ما وردت لكن ليس هناك شيء يمنع ان تكون حقا وذكرها لا يمنع وذكرها ليس فيه محظور فهذا من قسم الاسرائيليات التي يجوز حكايتها والاستئناس بها تأسيا بائمة التفسير نذكر ما ذكره ابن او بعض ما ذكره ابن كثير في ذلك يقول ابن كثير رحمه الله وقال السدي تساقط لحم ايوب حتى لم يبقى الا العصب والعظام فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالزاد يكون فيه فقالت له امرأته لما طال وجعه يا ايوب لو دعوت ربك يفرج عنك فقال قد عشت سبعين سنة صحيحة فهل قليل لله ان اصبر له سبعين سنة فجزعت من ذلك فخرجت فكانت تعمل للناس بالاجرة يعني تعمل بالاجرة عند الناس حتى تصيب شيئا تطعم زوجها فكانت تعمل للناس بالاجرة وتأتيه بما تصيب فتطعمه وان ابليس انطلق وان ابليس انطلق الى رجلين من فلسطين كان صديقين له واخوين يعني صديقين لايوب واخوين له في الله فأتاهما فقال اخوكما ايوب اصابه من البلاء كذا وكذا. فاتياه وزوراه واحملا معك ما من خمر ارضكما فانه ان شرب منه بريء فاتياه فلما نظر اليه فلما نظرا اليه بكيا فقال من انتما؟ فقالوا نحن فلان فقال نحن فلان وفلان فرحب بهما وقال مرحبا بمن لا يجفوني عند البلاء فقال يا ايوب لعلك كنت تسر شيئا وتظهر غيره فلذلك ابتلاك الله اي نعم وهذا من شماتة الاعداء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم واعوذ بك من شماتة الاعداء ان بعض الناس اذا رأى الانسان يبتلى تكثر مصاعبه واوجاعه يقول هذا والله اعلم عنده عمل خبيث في السر. انظر كيف الله. الله جل وعلا ما يعاقبه الا بسبب ذنوبه وهذا لا يلزم قد يبتلي الله عز وجل عبده بالمصيبة ليبلغ المنزلة التي كتبها الله له في الجنة كما جاء في الحديث وان العبد ليبتلى بالمصيبة فيصبر عليها نعم معنى الحديث قال ان الرجل تكتب له المنزلة في الجنة لا يبلغها بعمله فيبتلى بالمصائب فيصبر عليها فيبلغ منزلته او كما قال صلى الله عليه واله وسلم والحاصل انه لا يلزم ان كثرة البلاء والمرض دليل على سخط الله عز وجل بل قد تكون قرينة على محبة الله عز وجل لعبده كما جاء في الحديث ان الله اذا احب قوما ابتلاهم في الحديث ايضا اشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل والحديث الاخر يبتلى الرجل على قدر دينه فان كان في دينه صلابة شدد عليه وان كان في دينه رقة خفف عليه فهذا ليس دليلا على انه فعل امورا اكثر من غيره قال فقال فقال له فقال يا ايوب لعلك كنت تسر شيئا وتظهر غيره. فلذلك ابتلاك الله فرفع رأسه الى السماء ثم قال هو يعلم ما اسررت شيئا اظهرت غيره ولكن ربي ابتلاني لينظر اا لينظر ااصبر ام اجزع فقال له يا ايوب اشرب من خمرنا فانك ان شربت منه برأت فقال فغضب وقال جاءكما الخبيث يعني ابليس. فامركما بهذا كلامكما وطعامكما وشرابكما علي حرام فقام من عنده وخرجت امرأته تعمل للناس فخبزت لاهل بيت لهم صبي فجعلت لهم قرصا وكان ابنهم نائما فكرهوا ان يوقظوه فوهبوه لها. يعني وهبوا القرص والخبز لها فاتت به الى ايوب فانكره وقال ما كنت تأتيني بهذا فما بالك اليوم؟ فاخبرته الخبر قال فلعل الصبي قد استيقظ يعني من نومه فطلب القرص فلم يجده فهو يبكي على اهله فانطلقي به اليه فاقبلت حتى اذا بلغت درجة القوم درجة الباب يعني قريبا منهم فنطحتها شاة لهم فقالت تعس ايوب الخطاء يعني صدمتها نطحتها شاة فدعت على ايوب على زوجها لكن هذا الدعاء يقال ولا يراد تعيس عبد الدينار تعس وانتهك وانتكس الحديث تعيس عبد الدرهم تعيس عبد الخميلة تعس عبد الخميصة قالت تعس ايوب الخطاء فلما صعدت وجدت الصبية قد استيقظ وهو يطلب القرص ويبكي على اهله. لا يقبل منهم شيئا غيره. فقالت رحم الله ايوب فدفعت اليه القرص ورجعت ثم ان ابليس اتاها في صورة طبيب فقال لها ان زوجك طال سقمه فان اراد ان يبرأ فليأخذ ذبابا فليذبحه باسم صنم بني فلان فانه يبرأ ويتوب بعد ذلك فقالت ذلك لايوب فقال قد اتاك الخبيث لله علي ان برئت ان اجلدك مائة جلدة. وهذا كما في دل عليه قوله جل وعلا في سورة صاد وخذ بيدك ضعفا فاضرب به ولا تحنس والضغط هو مجموعة الحزمة من من الاعواد وقيل العرجون اعواد عرجون النخل فامره الله ان يأخذ آآ ضعفا اي مجموعة فيها مئة شمراخ مين شماريخ عرجون النخل فضربها به مرة واحدة وبر بقسمه ولم يحنث قال وهذا دليل يعني على غيرته على التوحيد آآ قال فقال اتاك الخبيث لله علي ان برئت ان اجلدك مائة جلدة فخرجت تسعى عليه فحضر عنها الرزق فجعلت لا تأتي اهل بيت فيريدونها فلما اشتد عليها ذلك وخافت على ايوب الجوع حلقت من شعرها قرنا فباعته من صبية من بنات الاشراف فاعطوها طعاما طيبا كثيرا فاتت به ايوب فلما رآه انكره وقال من اين لك هذا قالت عملت لاناس فاطعموني فاكل منه فلما كان الغد خرجت فطلبت ان تعمل فلم تجد فحلقة ايضا قرنا فبعته من من تلك الجارية فاعطوها ايضا من ذلك الطعام فاتت به ايوب فقالت والله فقال والله لا اطعمه حتى اعلم من اين اهو فوضعت خمارها فلما رأى فلما رأى رأسها محلوقا جزع جزعا شديدا فعند ذلك دعا الله عز وجل اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين آآ واورد ايضا ابن ابي حاتم اه عن نوفل البكالي ان الشيطان الذي عرج في ايوب كان يقال له صوت يعني عرج يعني مس مس يعقوب بالضر آآ كما مر معنا في سورة او كما اشرنا اليه في سورة صاد ان الله سبحانه وتعالى قال عن ايوب قال اني مسني الشيطان بنصب وعذاب قال ان الشيطان الذي عرج في ايوب كان يقال له صوت قال وكانت امرأة ايوب تقول ادعوا الله فيشفيك فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني اسرائيل فقال بعضهم لبعض ما اصابه ما اصابه الا بذنب عظيم الا بذنب عظيم اصابه فعند ذلك قال اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين اه واورد ايضا اثرا اخر ومما اورده ابن كثير اه وهذه الاثار يعني فيها عبرة وفيها لعل ان سبب دعاء ايوب وقوله اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين لما سمع من شماتة هؤلاء الناس وانه ما اصابه شيء الا بسبب آآ ذنوب كان يخفيها ولا يظهرها وهذا يعني اتهام له بالنفاق وهو نبي من انبياء الله قال ابن كثير وقد رواه وقد روى ابن ابي حاتم من وجه اخر مرفوعا بنحوه فقال اخبرنا يونس ابن عبدالاعلى وساق بسنده عن انس ابن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان نبي الله ايوب لبث ببلائه اه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد الا رجلين من اخوانه كانا من اخص اخوانه كانا يغدوان اليه ويروحان فقال احدهما لصاحبه تعلم والله لقد اذنب ايوب ايوب لقد اذنب ايوب ذنبا ما اذنبه احد من العالمين فقال له صاحبه وما ذاك قال منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به. فلما راح اليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له. فقال ايوب عليه السلام لا ادري ما تقول غير ان الله عز وجل يعلم اني كنت امر على الرجلين يتنازعان فيذكرون الله فيذكر ان الله يعني يحلفان يحلف احدهما والله فيذكر ان الله فارجع الى بيتي فاكفر عنهما من زيادة تقواه وتعظيمه لله انه اذا سمع رجلا يحلفان يكفر لانه قد لا يبر احدهما فيحنث في قسمه قال فارجع الى بيتي فاكفر عنهما كراهة ان يذكر الله الا في حق قال وكان يخرج في حاجته فاذا قضاها امسكت امرأته بيده حتى يبلغ يعني يخرج لقضاء الحاجة والغائط ونحوه وكان لا يستطيع ان يمشي الا ان زوجته تمسك بيده فلما كان ذات يوم ابطأت عليه فاوحى الله الى ايوب في مكانه ان اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب لكن هذا الحديث قال عنه ابن كثير رفعه رفع هذا الحديث غريب جدا يعني ما يصح رفعه وان كان رواه الطبري ورواه ابو يعلى ورواه الحاكم وابن حبان وقال الهيثمي رواه ابو يعلو والبزار ورجاله ورجال البزاري رجال الصحيح. لكن الصواب كما قال ابن كثير رحمه الله ثم ايضا اورد ما رواه ابن ابي حاتم قال حدثني ابي وساق بسنده عن ابن عباس قال والبسه الله حلة من الجنة فتنحى ايوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت يا عبد الله اين ذهب ايوب؟ يعني انها تركته يقضي حاجته ثم رجعت فتأخرت وابطأت عليه فشفاه الله في هذه امره ان يظرب الارض فظربها واغتسل وشرب وتحسنت حاله فجاءت زوجته تريد تأخذ بيده لترده الى مكانه فلم تعرفه لانه قد تغير حسن وشفي من المرض وكان عليه حلة هذا هو مفاد الخبر والله اعلم قال فقالت يا عبد الله اين ذهب المبتلى الذي كان ها هنا؟ لعل الكلاب ذهبت به او الذئاب فجعلت تكلمه ساعة فقال ويحك انا ايوب فقالت اتسخر مني يا عبد الله قال ويحك انا ايوب قد رد الله علي جسدي وبه قال ابن عباس ورد عليه ماله وولده عيانا ومثله معه آآ هذي يعني جملة من الاخبار التي ذكروها ففي قصص ايوب كيف انه ابتلي واشتد مرضه وانه لم يقم عليه الا زوجته وانه شفي من ذلك هذا ملخص ما ذكر والعلم عند الله تعالى قال جل وعلا فكشفنا ما به من ضر يعني عافيناه وشافيناه فرجع صحيحا سليم البدن كأن لم يكن به ضر قال واتيناه اهله ومثلهم معهم اتيناه اهله اه قال ابن عباس اتيناه اهله رد الله عليه ما له وولده عيانا ومثلهم معهم ومثلهم معهم لان ايوب ابتلي قالوا فابتلي اولا بموت الاولاد وذهاب المال وما بقي الا امرأته فمن الله عز وجل عليه وشفاه ورد عليه اهله. فظاهر كلام ابن عباس انه احيا اولاده واحيا من مات من ولده له وايضا رد عليه ماله وايظا رد عليه مثلهم معهم فرد عليه مثلهم معهم ولكن كلام ابن عباس هنا اه محتمل ولهذا تأملت في اقوال المفسرين المتأخرين فمنهم من يقول يعني ان الله احياهم بعد موتهم له ومنهم من يقول اتوا واتيناه اهله ومثلهم معهم قال رد يعني رزقه من الذرية بنفس العدد الذي هلك من اهله وزاد عليه مثلهم فمثلا لو انه هلك له خمسة ابناء فانه رزقه بعشرة ابناء خمسة مثلهم هؤلاء اهله السابقون او بعددهم والاخرون اه زاده الله عز وجل اياهم من فظله فهذا قول ابن عباس وقال اه مجاهد ومن معه ان ذلك وعد وعد الله ايوب ان يؤتيه الله اياهم في الاخرة يعني اتيناه اهله يعني في الاخرة نرده لهم ونجعلهم كلهم من اهل الجنة ونعطيه مثلهم ايضا نعيما من عندنا في الجنة وقال مجاهد قيل له يا ايوب ان اهلك ان اهلك لك في الجنة فان شئت اتيناك بهم وان شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم قال لا بل اتركهم اتركهم لي في الجنة قال فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا. قال حماد ابن زيد عن ابي عمران الجوني عن نوفل البيكالي. قال اوتي اجرهم في الاخرة اعطي مثلهم في الدنيا قال فحدثت به مطرفا فقال ما عرفت وجهها قبل اليوم. وهكذا روي عن قتادة والسدي وغير واحد من السلف والله اعلم هذا يعني هذان القولان اللذان ذكرهما ابن جرير وابن كثير وحسبك بهذين الامامين معرفة بمذهب السلف واقوال السلف ولو نظرنا الى غير هذين الكتابين لوجدنا هناك من ذكر اقوالا اخرى فانظر مثلا الى ما ذكره القرطبي في تفسيره وما ذكره الشوكاني فقد ذكروا اقوالا اخرى متعددة لكن اه ابن جرير لما ذكر هذين القولين ذكرهما وسكت ولم يرجح وابن كثير ذكرهما ايضا وقال في اخرهما والله اعلم فلم يرجحا فالله اعلم فالله على كل شيء قدير. يحتمل ان الله رد اليه اولاد اهله كما احياء اولئك القوم الذين ماتوا وهم الوف فاحياهم الله وكما احيا صاحب القرية الذي مر على قرية وهي خاوية فالله على كل شيء قدير واد محتمل ويقال قد يقال ان ظاهر القرآن يدل عليه ويحتمل ان المراد اذنه اهله اي في الاخرة جزاء على صبره واتيناه مثلهم معهم ويحتمل انه يكون المراد اتينا واهله يعني نفس العدد وزدنا عليهم كل ذلك محتمل. ولهذا الجزم بان المراد كذا او كذا مم غير بين ولهذا نقول الله اعلم ثم لا يترتب على معرفة هذا شيء لماذا؟ لان هذا اعطاه الله ايوب وحصل له ذلك ولا شك وقد مضى ايوب لسبيلي الله اعلم. قال جل وعلا رحمة من عندنا. يعني اعطيناه اهله كشفنا ما به من الضراء واتيناه اهلهم اهله ومثلهم واتيناه مثلهم معهم رحمة من عندنا. قال ابن كثير اي فعلنا به ذلك رحمة من الله تعالى وقال ابن جرير الطبري ورحمة منا يعني فعلنا ذلك فعلنا فعلنا ذلك رحمة منا له رحمه الله لانه قال انت ارحم الراحمين وهذه فائدة الدعاء بما يناسب المقام. قال ذكرى وذكرى للعابدين قال ابن كثير اي وجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن اهل البلاء ان ما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا وليتأسوا به في الصبر على مقدورات على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء وله الحكمة البالغة في ذلك وقال الطبري قبله اي وتذكرة للعابدين ربهم فعلنا ذلك به ليعتبروا به ويعلموا ان الله قد يبتلي اولياءه ومن احب من عباده في دنيا بضروب من البلاء في نفسه واهله وماله من غير هوان به عليه. ولكن اختبارا منه ليبلغ بصبره عليه واحتسابه اياه وحسن يقينه منزلته التي اعدها الله له تبارك وتعالى من الكرامة عنده. فبذلك عبرة للمعتبرين و نكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد