اما بعد يقول الله جل وعلا ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله شاهدين على انفسهم بالكفر اولئك حبطت اعمالهم وفي النار هم خالدون هذه الاية الكريمة مباركة فيها بيان ان المشركين لا يعمرون مساجد الله وانما يعمرها اهل الايمان والتقوى ولهذا قال او قرأ الجمهور مساجد وقرأ ابن كثير وابو عمرو ويعقوب مسجدا فيكون المراد به المسجد الحرام فقط وكلا القراءتين حق لكن الصواب ان معنى الاية يتعلق بجميع المساجد ما كان للمشركين اي ليسوا باهل ان يأمروا مساجد الله. لان اهم ما تعمر به المساجد الايمان فلابد ان يكون مؤمنا بالله جل وعلا وهم يفتقدون هذا الشيء والمراد بالعمارة هنا هي العمارة العمارة بالعبادة وان كانت العمارة الحسية البناء كذلك لكن ايضا والاهم هو عمارة المساجد بالطاعة بالصلاة والتعبد فيها لله وحده لا شريك له وذلك لا يكون الا من المؤمنين لان الكافر لا يقبل الله له عمل ما لم يؤمن ولهذا نفى الله جل وعلا عنهم عمارة المساجد فقال ما كان للمشركين اي ليسوا باهل ان يعمروا مساجد الله بما تعبر تعمر به من العبادات لانهم كفرة لم يأتوا باصل الايمان ولهذا قال شاهدين على انفسهم بالكفر فهم بحالهم ومقالهم يشهدون على انفسهم بالكفر كفار كفار يدل على ذلك ويشهد عليه اقوالهم يدعون الاصنام ويعتقدون ان مع الله اله اخر ويذبحون وكذلك بالاعمال يذبحون لغير الله ويتقربون الى غير الله فهم شهدوا على انفسهم بالكفر في اقوالهم وافعالهم. ومن كان كافرا لا يعمر مساجد الله انما يعمرها اهل الايمان ولهذا قال جل وعلا اولئك حفظت اعمالهم اولئك وهم المشركون الذين شهدوا على انفسهم بالكفر حبطت اي ذهبت وزالت اعمالهم. فمهما عملوا من عمل من عمل من حسنة فانها تبطل اذهب اثرها ولا ينتفعون بها. كما قال جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا والشرك يكفي لاحباط العمل كما قال الله جل وعلا ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك وقال بعد ان ذكر ثمانية عشر نبيا في كتابه قال ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون قال جل وعلا وفي النار هم خالدون حبطت اعمالهم وهم خالدون مخلدون. ابد الاباد لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين