هذا الحديث وهو حديث معاذ بن جبل وابي ذر قد جاء عند الترمذي وغيره من حديث حبيبنا ابي ثابت عن ميمون ابن ابي شبيب والصواب في ذلك الارسال انه من حديث ابي شبيب مرسلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح موصولا وهو من جهة المعنى صحيح قال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيثما كنت. فيه دليل على ان الاسلام شامل لاصلاح الباطن والظاهر العام والخاص في على الانسان وانه ينبغي ان يتقي الله في كل موضع وان الاسلام ليس محصورا في المساجد وليس هو عبادات وطقوس وانما هو في في كل موضع حاظر الانسان لهذا قال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيثما كنت يعني في كل موضع في الطريق في الدار الطائرة في السيارة في البر والبحر في اثناء البيع والشراء وغير ذلك كل هذا يضبط الاسلام معاملات الناس وتقوى الله هي ان يجعل الانسان بينه وبينه عذاب الله وقاية. والمراد بالتقوى مشتقة من من الوقاية ان يجعل الانسان بينه وبين العذاب عذاب الله جل وعلا حاجزا يقيه. وهذا الحاجز هو الترك ابواب الترق للمحرمات والفعل الواجبات ايضا من الحواجز في ذلك هو الاستغفار ان يكثر الانسان من الاستغفار والتوبة وان يكثر من انواع المكفرات من الحسنات التي تذهب السيئات. لهذا قال عليه الصلاة والسلام مبينا هذا الامر قال واتبع السيئة الحسنة تمحها في قوله عليه الصلاة والسلام بعد الامر بتقوى الله اينما كان الانسان ان اتبع السيئة الحسنة تمحها في اشارة الى ان السيئة تقع من الانسان وهو مفروغ منها ولا احد معصوم وانما اشار الى تكفير السيئة وهو ان يتبعها الحسنة وهذا ظاهر في قول الله جل وعلا واقم الصلاة وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين وهذا من مكفرات السيئات يعني العمل الصالح. والعلماء عليهم رحمة الله يقولون انه كما ان الحسنة تذهب السيئة كذلك فان السيئة تذهب ما يقابلها من الحسنات وهذا ظاهر في قول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. فلما احباط العمل والمخاطب بذلك اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على ان فعلهم ذلك لم يخرجهم من الايمان ولكنه ربما يكون سبب سببا لاحباط العمل. كذلك في قول الله جل وعلا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى. ويعني ان الانسان اذا فعل فعلا حسن من يبطله بما يقابله من منكر يفعله سواء كان بنقيض تلك الحسنة او كان بسيئة اخرى يقع فيها الانسان ولهذا روى الامام احمد في كتابه المسند من حديث ابي اسحاق عن امه عن عائشة عليها رضوان الله تعالى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة عليها رضوان الله تعالى انها قالت لام زيد ابن ارقم لما تبايع زيد بالعينة قالت اخبريه انه قد ابطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يتوب يعني ان الانسان اذا وقع في شيء من انواع الكبائر ان ذلك يوجب ابطال الحسنات وهذا وهذا ظاهر ابطال السيئة للحسنة على نوعين. ابطال سيئة ابطال الحسنة بفعل نقيضها. ونقيض ان يتصدق الانسان مثلا بصدقة ويبطلها بما ينقض تلك الصدقة وهو المن والاذى. ومعلوم انه اذا لم توجد الحسنة يعني الصدقة فانه يوجد المن اي عكسها. والحالة الثانية ان يبطلها بذنب اخر. كحال الذي يرفع صوته عند صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما ابطل صلاة او صياما او صدقة او نسخ فيكون حينئذ من غير جنسيان. لهذا ينبغي الانسان ان يحذر من هذا باب وهو احباط السيئات احباط الحسنات بالسيئات وكما ان السيئة تحبط وتزول بالحسنة كذلك ايضا العكس وفضل الله عز وجل واسع وقوله عليه الصلاة والسلام وخالق الناس بخلق حسن اشار الى الخلق الحسن بعد ذكر تقوى الله ومحو السيئة الحسنة كأنه اشار عليه الصلاة والسلام الى جملة من التفاصيل فذكر من ثم خصه بخصيصة ثم ذكر خصيصة منه. فقال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيثما كنت. فذكر تقوى الله جل وعلا على سبيل العموم وهي ضمنت اجتناب النهي قدر الامكان وفعل الامر قدر المستطاع وهذا عام. ثم ذكر عليه الصلاة والسلام بابا واحدا من ابواب من ابواب التقوى وهو فعل فعل الحسنة وهذا اشارة الى شطر اعمال البر ثم بعد ذلك ذكر عليه الصلاة والسلام خصلة من اعمال الحسنات وهي حسن الخلق. فقال عليه الصلاة والسلام وخالق الناس بخلق حسن وهذا فيما يظهر اشارة الى باب التكفير فان اعظم ما يكون في ميزان الانسان يوم القيامة وحسن الخلق كما روى الترمذي وغيره. قال عليه الصلاة والسلام ما من شيء اثقل في ميزان للعبد يوم القيامة من حسن الخلق