اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء اه اه فاخرج به فاخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار واتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في هذه الايات المباركات من سورة ابراهيم يقول جل وعلا الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم هذه السورة كما هو متقرر هي سورة مكية ولهذا يعدد الله جل وعلا شيئا من نعمه على خلقه لان هذه النعم لا ينكرها احد هذه النعم لا ينكرها احد فالخطاب هنا مع قوم لا يؤمنون بالله ورسوله ولكنهم يقرون بما يرون من هذه النعم فتقوم عليهم الحجة لان من كان يفعل ذلك هو المستحق ان يفرد بالعبادة وان يخص بالعبادة دون من سواه فاخبر جل وعلا انه الذي خلق السماوات والارض خلقها في ستة ايام وما مسه من لغوب ولا تعب ولا اعياء جل وعلا لانه على كل شيء قدير وخلقها على غير مثال سابق واودع فيها مصالحها ومنافعها قال جل وعلا وانزل من السماء ماء والسماء هنا المراد به السحاب لانه في اللغة كل ما علاك فهو سماء كل ما علاك وكان فوقك فهو سماء بالنسبة لك فالمراد بالسماء هنا هو السحاب انزل منه ماء وهو المطر فاخرج به اي بالماء الذي انزله اخرج به من الثمرات رزقا لكم فانزل الماء واحيا به الارض فانبتت الارض ثم اثمرت اثمر هذا النبات ثم صار رزقا لكم تأكلونه هنيئا مريئا طيبا مباركا فهذه كلها نعم متوالية فالذي خلق السماء والارض وانزل من السماء ماء ثم انبت به النبات ثم اخرج الثمرات من هذا النبات ثم جعل هذه الثمرات ايضا رزقا طيبا لو شاء لجعله لجعل هذه الاشجار لا ثمر فيها او لا تثمر ولو شاء لجعلها تثمر ولكن تكون ظارة للبدن ولكن الله جل وعلا من على عباده بان اخرج النبات اخرج منه الثمرات التي هي رزق رزق للعباد يأكلون منها ويطعمون منها ويتفكهون فيها فالفاعل لذلك هو المستحق ان يعبد من فعل بخلقه ذلك هو سبحانه وتعالى المستحق ان يعبد وان يخص بالعبادة وان يوحد ولا يشرك معه احدا واي طاعة فلا يعصى جل وعلا قال وسخر لكم الفلك التسخير يأتي بمعنى التذليل والتطويع فسخر بمعنى ذلل او طوع لكم والاصل في التسخير حقيقته تذليل اي عمل شاق او شاغل بقهر وتخويف او بتعليم وسياسة بدون عوظ هكذا يقول اهل اللغة ويستعمل التسخير في تصريف الشيء غير ذي الارادة في محل او في عمل عجيب او عظيم من شأنه ان يصعب استعماله فيه الا بتوفيق من الله جل وعلا فالفلك سخرها لنا اي ذللها وطوعها فجعل هذه السفن العظام مذللة للخلق طوعاء ايديهم فيحملون عليها الامتعة والارزاق ويركبون فيها ويعبرون البحار كل ذلك من تسخير الله جل وعلا لها فمن سخرها يستحق ان يعبد وحده لا شريك له قال وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره بامره جل وعلا وباذنه فتهب الرياح ولو شاء لاسكن الريح لو شاء لجعلها رياحا عاتية تضطرب بهذه الفلك فتغرقها ولكنه سخرها لعباده فهي تجري في البحر بامره تحمل بني ادم وامتعتهم وارزاقهم قال جل وعلا وسخر لكم الليل وسخر لكم الانهار اي ذللها لكم تجري بالماء فمنه تشربون ومنه تسقون زروعكم وتنتفعون منه بالمنافع العظيمة فمن الذي سخره لكم وذلله وطوعه لكم هو الله وحده لا شريك له قال جل وعلا وسخر لكم الشمس والقمر دائبين سخر الشمس والقمر دائبين قال الطبري سخر لكم الشمس والقمر دائبين تتعاقبان لصلاح انفسكم ومعاشكم وقال ايضا دائبين قال الطبري في اختلافهما عليكم وقيل معناه انهما ذائبان في طاعة الله والاصل في الدأب هو الجري على عادة واحدة والمعنى انهما لا يفتران ولا يقفان وجعل الليل والنهار دائبين فالليل له منافعه وخصائصه فهو محل للنوم وراحة الابدان والنهار كذلك جعله معاشا وفيه من المصالح والمنافع للخلق ما لا يحصيه الا الله جل وعلا وجعلهما دائبين اي مستمرين فما جعل الليل علينا سرمدا الى يوم القيامة وما جعل النهار علينا سرمدا وانما يأتي هذا ويعقبه هذا في نظام محكم لا يتأخر هذا عن ميعاده ووقته ولا يتقدم الاخر عن وقته وميعاده ولا يأتي يوم تتوقف يتوقف الليل ويستمر او يتأخر ولا يأتي ويستمر النهار كل ذلك تدبير العليم الحكيم فذلل الليل والنهار وطوعه ما لنا ولنا في اختلاف الليل والنهار منافع عظيمة لا يحصيها الا الله جل وعلا قال جل وعلا وسخر لكم الليل نعم وسخر لكم الشمس والقمر دائبين سخر اي ذلل وطوع الشمس والقمر دائبين مستمرين على عادة واحدة وشأن واحد لا يتغيران وفي مجيء الشمس من المنافع ما لا يحصيه الا الله وكذلك في مجيء القمر للخلق فيه منافع عظيمة وكذلك سخر الليل والنهار ذل له ذل لهما وطوعهما لنا كل ذلك فضلا منه ومنة جل وعلا يمتن بها علينا لتقوم بها حياتنا ومعاشنا فالفائل لذلك هو المستحق ان يطاع فلا يعصى وان يشكر ولا يكفر جل وعلا ثم قال سبحانه وتعالى واتاكم من كل ما سألتموه ايضا اتى عباده واعطاهم سؤلهم قال الحافظ ابن كثير يقول هيأ لكم كل ما تحتاجون اليه في جميع احوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم ما يحتاج اليه العباد ويسألونه اما بالقول واما لسان حالهم يدل على ذلك قال بعض السلف من كل ما سألتموه وما لم تسألوه يعني اعطاكم من كل ما سألتموه وما لم تسألوه ايضا وهذا بيان لكرمه وجوده وربوبيته جل وعلا ثم قال جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها العد هو التعداد يعد النعم حاول ان يحصيها نقول اما العد فممكن لكن لا يمكن الاحصاء لا يمكن ان نحصيها ولهذا مقولة بعض الناس نعم الله لا تعد ولا تحصى نقول لا لا تقول لا تعد لا تعد لكن ما تحصى لان الله جل وعلا قال وان تعدوا اخبر انه يمكن ان نعد النعم فنقول نعمة البصر نعمة السمع نعمة الغنى نعمة الاولاد نعمة الايمان يمكن ان يعد الانسان لكن لا يحصي لا يمكن ان يحصي نعم الله لكثرتها ولهذا لا تقول نعم الله لا تعد ولا تحصى قل نعم الله لا تحصى لا يمكن ان نحصيها وان كان بعض اهل العلم يقول لا مانع ان نقول لا تعد ولا تحصى مثل ما سلك ابن كثير رحمه الله لكن ظاهر الاية يدل على انه يمكن محاولة العد لانه قال وان تعدوا نعمة الله الذي اخبر انه ممتنع الاحصاء قال لا تحصوها اذا نعم الله علينا يا اخوان كثيرة لا يمكن ان نحصيها ولكن اين الذي يتذكر ويعدد نعم الله عليه انت لو لو تعد النعم عليك وتتذكر هذه النعم هذا يدفعك الى شكر الله لكن كأن البصر ملك لنا حق على الله ان يجعلنا مبصرين كم من الناس غير مبصر الصحة كانها حق لنا على الله لا نعمة منه وفضل كم من الناس مريض كم من الناس لا يسمع كم من الناس مقطوع اليد او اعرج كم من الناس من لا ينجب كم من الناس من هو فقير كم من الناس من لا يملك بيتا ماذا ماذا تعد ماذا تذكر وماذا تترك فنعم الله لا تحصى يا اخوان لكن الواجب علينا ان نتذكر ونشكر الله عليها لان الشكر يكون باللسان فيشكر العبد ربه على نعمه ويثني عليه بها ويكون بقلبه هو الاعتراف والاقرار واستشعار هذه النعم ويكون ايضا بالجوارح بالاعمال فيتصدق ويعين المحتاجين ويفعل اشياء تدل على شكر النعمة لان الشكر يكون بهذه الثلاثة كما قال الشاعر قال افادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والظمير المحجبة اشكركم امد لكم ولساني اثني عليكم والظمير المحجبة يعني القلب هكذا شكر الله جل وعلا وباللسان تثني على الله وتحمده وتقر وتعترف بقلبك ويظهروا على جوارحك شكر هذه النعم فتقوم بالطاعة وبالاعمال الصالحة بالصدقات بالصلاة بالحج بالعمرة بصلة الرحم بغير ذلك وغير ذلك مما تستطيعه قال جل وعلا ان الانسان لظلوم كفار اه قبل ذلك اورد ابن كثير كلاما جميلا في تفسيره قال وقوله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها يخبر تعالى عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها كما قال طلق بن حبيب رحمه الله ان حق الله ان حق الله اثقل من ان يقوم به العباد وان نعم الله اكثر من ان يحصيها العباد ولكن اصبحوا توابين وامسوا توابين امس توابين تتوبون الى الله وتستغفرونه واصبحوا كذلك والا لن تستطيعوا احصاء النعم وقال ابن كثير وفي صحيح البخاري ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يقول اذا فرغ من طعامه اللهم لك الحمد غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا هذه ايضا صيغة من صيغ الحمد والثناء منها الحمد لله الله جل وعلا يضحك الى العبد العبد يأكل اكلة فيحمده عليها يسمي المسلم في اول اكله وشربه ويحمد الله بعد ذلك وهذا ايضا من الصيغ اذا انتهى من الطعام هذا في البخاري اللهم لك الحمد غير مكفي يعني غيرها ما نستطيع مكافأة نعمك علينا ولا مودع هذا الخير الذي اعطيتنا اياه ولا مستغن عنه ربنا في ظهر الحمد والشكر وشدة الحاجة الى نعم الله جل وعلا ثم قال ان الانسان لظلوم كفار قال واتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار لظلوم الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وجنس الانسان وظلوم جهول وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا الاصل في الانسان الظلم الا ان المؤمن يجتنب هذا الظلم واعظم الظلم اعظم الظلم الشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم ولهذا الانسان جنس الانسان والمراد به هنا الكافر ظلوم لا يشكر الله على ما انعم عليه على ما انعم عليه به وقد يحصل من بعض المسلمين لا يشكر الله على النعمة فاذا كان غنيا تجد انه يفخر بجده واجتهاده وسعيه وهذا جمعته من عرق جبيني وبسعي يدي والله لا يغني عنك عرق جبينك ولا يدك شيئا. بعض الناس يعمل اكثر مما تعمل. ويجتهد اكثر مما تجتهد وما حصل على بعض ما حصلت عليه فهو خير يسوقه الله اليك بفظله وجوده وكرمه فيغني من يشاء ويؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء فقال الانسان يشكر الله على النعم لا تسندها الى نفسك وفي قصة قارون معتبر لمن يعتبر قال انما اوتيته على علم عندي كان نهاية امره ان خسف الله به في الارض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة فاذا اغناك الله واعطاك واغناك اشكر اشكر الله عليها واياك اياك ان تظن ان هذا بقوتك وانما هو خير ساقه الله اليك وهيأك للاسباب التي يصل اليك من طريقها وايضا انسان كفار والكفار صيغة مبالغة والمراد انه شديد الجحود لنعمة الله شديد الجحد لنعمة الله التي انعم بها عليه وذلك بصرفها او بصرف العبادة الى غير الله وهذا في حق الكافر كفار جحود يجحد النعم ويكفر النعم فالله الذي ينعم عليه وتجده يجعل مع الله شريكا الها اخر وهذا اعظم الكفر واعظم الجحود ان نعبد الاصنام انه مني فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي الي وارزقهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الارض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربي لسميع الدعاء ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب. ثم قال جل وعلا واذ قال ابراهيم ربي اجعل هذا البلد امنا اذ ظرفية وتقدير الكلام واذكر حين او وقت او ساعة قال ابراهيم عليه السلام وهو خليل الرحمن اذ قال داعيا ربه رب اجعل هذا البلد امنا واجنبني وبني ان نعبد الاصنام فقد سأل ابراهيم ربه ان يجعل مكة بلدا امنا وان يرزق اهله ان يجعل مكة بلدا امنا وان يجنبه وذريته عبادة الاصنام فاستجاب الله دعاءه فجعل مكة بلدا امنا كما قال جل وعلا او لم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم وقال جل وعلا ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا بل مكة بلد حرام امن يأمن فيه كل شيء ليس بني ادم فقط فيأمن فيه الناس وتأمن فيه البهائم والصيد الصيد والطير انظروا الى حمام مكة هذا النوع هو من من الحمام البري والاصل في الحمام البري انه ينفر من الناس في مكة ربما يصطدم بك الحمام احيانا في طيرانه ولا يتحرك من الذي امنه الله مكة حتى النباتات تأمن فيها لا يقطع شجرها ولا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها نعم بلدا امنة والله جل وعلا يصطفي من ارضه من بلاده ومن عباده ومن الاعمال يصطفي فاصطفى مكة وجعلها بلدا حراما امنا كما اصطفى كذلك المدينة وجعلها حرما وهذا يدل على فضل مكة ولا شك. والواجب على المسلم اذا جاء مكة ان يحرمها كما حرمها الله بل ان الذنوب بمكة معظمة كما قال جل وعلا ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم. مجرد الارادة والسيئات في مكة معظمة وقال بعض اهل العلم انها مضاعفة والصواب انها معظمة ما معنى معظمة يعني السيئة بمكة عظيمة جدا من منها اذا عملت في مكان غير مكة على سبيل التقريب لهذا القول الزنا حرام مع النساء الاجنبيات لكن اذا زنا عياذا بالله الانسان باحد محارمه او بامه هذا اعظم واشنع فهو معظم فالذنوب بمكة معظمة الله فالله جل وعلا اخبر عن خليله انه دعا ربه ان يجعل مكة قال هذا البلد اي مكة امنا يأمن اهله ويأمن كل شيء فيه قال واجلبني وبني ان نعبد الاصنام ثم سأل الله ان يجنبه وذريته عبادة الاصنام والمراد به الشرك بان عبادة الاصنام هي الشرك بالله جل وعلا ولهذا ابراهيم مع جلالة قدره ومقامه عند ربه ومقامه عند ربه بل هو خليل الرحمن فاز بالخلة مع نبينا صلى الله عليه واله وسلم يخاف من الشرك بالله جل وعلا ومع ذلك يسأل الله ان يجنبه الشرك فلا يقع فيه ولا يفعله ويكون في جانب الموحدين لا في جانب المشركين واذا كان ابراهيم عليه السلام يخاف من الشرك فمن يأمن بعده كما قال ابراهيم التيمي رحمه الله من يأمن البلاء بعد ابراهيم من يأمن البلاء بعد ابراهيم عليه السلام ولهذا عليك ان تجعل هذا من دعواتك اجعل هذا الدعاء من الدعاء الذي تدعو به سواء في صلاتك او في اوقات ما تدعو وهو ان تقول اللهم اجنبني وبني ان نعبد الاصنام اللهم جنبني وبني ان نعبد الاصنام كذلك تدعو لابنائك وذريتك لا يرظى موحد يعبد الله وحده لا شريك له ولا يحب ان يكون من نسله من يكون مشركا عدوا لله يعبد الاصنام والاوثان من دون الله فادعوا بهذا الدعاء لك ولولدك لا تنسى هذا الدعاء اللهم جنبني وبني ان نعبد الاصنام قال ابن كثير رحمه الله ينبغي لكل داع ان يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته لما ذكر هذا قال وقال واجنبني وبني ان نعبد الاصنام قال ينبغي لكل داع ان يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته يعني ان يجنبه ذلك وهذا فيه دليل على خطر الشرك لانه يحبط العمل فلو كان الانسان موحدا ثم وقع في شيء من الشرك وهو يعلم بذلك فانه يحبط عمله كما قال جل وعلا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك وقال جل وعلا انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار وقال في سورة الانعام بعد ان ذكر ثمانية عشر نبيا قال ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون انبياء الله لو اشركوا بالله وجعلوا له شريكا لحبط عنهم لزال وذهب ما كانوا يعملون من الاعمال الصالحة فالواجب الحذر من الشرك قولا وعملا وان تدعو الله ان يجنبك الشرك ويجنب ذريتك واجنبني وبني ان نعبد الاصنام ثم ذكر سبب هذا الدعاء لماذا قال انهن اضللن كثيرا من الناس لانهن اضللن كثيرا من الناس ظلت اكثر الامم واكثر الناس كما في الحديث الذي في البخاري يقول الله عز وجل يوم القيامة لادم اخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين الى النار نعوذ بالله فواحد الى الجنة وقد اضللنا كثيرا من الناس وظلوا عن الصراط المستقيم وزاغوا عنه بسبب هذه الاصنام لانهم جعلوها شركاء لله فعبدوها من دون الله. قال جل وعلا فمن تبعني فانه مني فمن تبعني فوحد الله وافرده بالعبادة واجتنب الشرك فانه مني من ابراهيم لان ابراهيم امة قانتا وهو امام الحنفاء فان كان منه ومعه فهم من الموحدين من الناجين من حزب الايمان قال ومن عصاني فانك غفور رحيم من عصاني فلم يكن معي فانك غفور رحيم وهذا من حسن ظن ابراهيم بربه لكن لا يعني ان ابراهيم يعتقد ان من عصاه وكان مشركا انه يغفر له وانما قال هذا على سبيل الدعاء ولعله قاله قبل ان يعلم او قبل ان يعلمه الله ان من مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يغفر له كما استغفر لابيه كما سيأتي وذلك قبل ان يعلم انه من اهل النار وانهم يموتوا على الشرك ولكن جاءت في نصوص اخرى تبين ان من مات على الشرك لا يغفر له ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبالمناسبة هناك حديث يتناقل وربما ذكره بعض الوعاظ ان الله جل وعلا يقول يا عبادي قد غفرت لكم ما بيني وبينكم فتغافروا وفي لفظ فتصافحوا هذا الحديث لا اصل له ولا يوجد هذا الحديث لا بسند ضعيف ولا بسند صحيح ثم هذا الحديث معارض للقرآن فان الله جل وعلا لا يغفر الشرك والمشرك هذا عمل بينه جعل مع الله شريكا هذا في حق الله اشرك بالله غيره فبناء على هذا الحديث يغفر له ويغفر للمشركين حاش وكلا كيف يغفر له والله جل وعلا يقول ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ولو اشركوا لحفظ عنهم ما كانوا يعملون لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم الى غير ذلك من النصوص من الكتاب والسنة وهذه هي المشكلة يا اخوان ان هناك من يتناقل مثل هذه الاحاديث ويظنون انهم يحسنون الى الناس وهم يغرون الناس بهذا ويكذبون عليهم ويجرؤونهم على المعاصي وربما تجد بل ان الذي نقل اخبرني بعض طلبة العلم ان بعض الناس يستدل بهذا الحديث اذا ترك الصلاة وقيل له لم لا تصلي فقال يا اخي لا تقنطنا من رحمة الله الله يقول في الحديث القدسي يا عبادي ما كان من ذنوب بيني وبينكم فانا اغفرها لكم فتغافروا سبحان الله اذا يترك الناس الصلاة ويتركون التوحيد ويتركون ما اوجب الله ويفعلون ما حرم الله ويغفر الله لهم الله على كل شيء قدير لكنه جل وعلا انزل الينا كتبا وارسل الينا رسلا وبين لنا وشرع لنا وحرم علينا الشرك وامرنا بالتوحيد امرنا بالصلاة وحرم علينا تركها لا يمكن تكون هذه الاحكام كلها هكذا هذا الحديث يلغي هذه الشريعة كلها كلام باطل احذروا من الله يا عباد الله احذروا احذروا من معصية الله فان اخذه اليم شديد ولهذا مدح الله الذين يخافونه بالغيب ويخشونه ويخافون عقابه ويخافون عذابه ويرجون رحمته. قال جل وعلا ربي اني ربنا ربنا او ربي اذا جاءت مثل هذا فهو منادى منصوب التقدير يا ربنا في الاية السابقة ربي اجعل هذا البلد امنا معناه يا رب وهذه دعوات الانبياء حينما يدعون الله عز وجل تجدهم يدعونه بلفظ الرب هذا من اسباب اجابة الدعاء اذا اردت ان يستجيب الله لك قل يا رب يا رب يا رب واذكر حاجتك فابراهيم يقول ربي ربي اجعل هذا البلد امنا. واستجاب الله دعاءه وبهذه الاية التي معنا يقول ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع. يعني يا ربنا اني اسكنت من ذريتي والمراد به اسماعيل ابنه اسماعيل وزوجه هاجر لان ابراهيم عليه السلام دعا اهل العراق ودعا نمرود ملكهم واقام عليهم الحجة ثم بعد ذلك اهلك الله من عصوه فهاجر ابراهيم او انتقل الى الشام من العراق ثم في الشام وهبه الله الذرية فولد له اسماعيل قال السمعاني في تفسيره ولد قال ان اسماعيل ولد لابراهيم وعمره تسع وتسعون سنة واسحاق من بعده بثلاثة عشر سنة هذا عليه اكثر المفسرين ان بين اسماعيل واسحاق ثلاثة عشر سنة واسماعيل هو ابن هاجر كانت جارية اهداها الملك الذي اراد ان يعتدي على زوجه على سارة فجعل ابراهيم يدعو الله فامسك الله يده واذله حتى قال اخرجوها عني انما ادخلتم علي شيطانة واهداها هاجر خادمة لها ثم تسرى ابراهيم بهاجر وهبتها له سارة فانجب منها اسماعيل وسارة انجبت اسحاق بعد ذلك كما مر سيأتي في قصة مجيء الملائكة لاهلاك قوم لوط وانهم مروا بابراهيم وانه اتاهم بعجل حنيذ وانهم كفوا ايديهم ولم يأكلوا فخاف منهم فقالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ولا من حليم وهو اسحاق قال ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع وهي مكة لم يكن فيها زرع اينما كان واد بين جبلين وقد ذكر ذكر في السير وبعضها باسانيد صحيحة ان ابراهيم جاء بهاجر وباسماعيل من الشام ووضعهما بمكة ووضع عندهما شيء من الطعام والشراب ثم انصرف راجعا الى الشام فلحقت به هاجر تقول يا ابراهيم الى من تتركنا؟ وهو لا يجيبها؟ فقالت له في المرة الثالثة الله امرك بهذا الله امرك بانك تتركنا هنا انا ولدي الربيع قال نعم قالت اذا لا يضيعنا فلما توارى عنهم بحيث لا يرونه دعا بهذا الدعاء ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون فاستجاب الله دعاءه فالمحفوظ من حفظه الله يا اخوان الله هو الرزاق وهو الحفيظ جل وعلا لكن على الانسان ان يصدق الله ويصدقه الله امرأة مع رظيع في واد غير ذي زرع وليس فيه احد من الناس لكن ليقضي الله امرا كان مفعولا فجرت قصة هاجر لما انتهى الطعام والشراب من عندها فجعل ابنها الرضيع يتلوى اسماعيل ليس عندها ماء ونفذ اللبن الذي في ثديها فجعلت تنظر يمينا وشمالا لانها على بوعد الله ان الله لا يضيعنا فذهبت حتى صعدت على جبل الصفا فجعلت تنظر يمينا وشمالا لعلها ترى احدا يغيثهم فلم ترى احدا فنزلت من الصفاء الى جبل المروة لعلها ترى من الجهة الاخرى فلما جاءت في بطن الوادي ساعة سعيا شديدا من شدة شفقة الوالدة على ولدها فلما صعدت المروة كذلك فعلت ونظرت فلم ترى احدا فرجعت الى الصفا سبعة مرات فصار بعد ذلك سنة السعي بين الصفا والمروة. انظروا يا اخوان الصدق مع الله ثم سمعت صوتا فجعلت تسكت نفسها ثم قالت اغث ان كان عندك شيء فاذا جبريل فضرب بعقبه بئر زمزم فنبع الماء. ويذكر شراح الحديث وفيه بعض الاثار انها تقول زمزم يعني اعلو وجعلت تهجر عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم لو ما حجرت عليه لكان زمزم عينا معينا عين تجري على وجه الارض وزمزم اية من ايات الله يا اخوان بئر بين جبال تعرفون مكة ومعها لا ينضب على كثرة الخلق والان صار يباع الماء ويحمل ويصدر ويكاد كل حاج او معتمر يحمل معه ماء وماء وزمزم لا تنتهي ولا تنضب اية من ايات الله سبحان الله بل قال في زمزم ماء زمزم لما شرب له لما شرب له. ولهذا اذا اعتمرت او حججت بعد ان تطوف بالبيت صلي ركعتين اعمد الى ماء زمزم حتى ولو كان هذا الذي في في الحاويات المعدة للماء واشربه بنية ما تريد بنية الشفاء اذا كنت مريضا بنية حفظ القرآن بنية صلاح الذرية بنية العلم بنية حفظ القرآن ماء زمزم لما شرب له هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم وقال ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم طعام يستعاظ به عن الاكل حتى جاء عن ام المؤمنين عائشة انها شرب من ماء زمزم حتى صار لها عكن مسافط في البطن سمنت عليه وشفاء سقم ايضا يتداوى به من الاسقام والامراض فالحاصل ان هذا ان المراد بذرية ابراهيم اسماعيل وامه هاجر ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ولا تزال مكة ليست ليست ارض زراعية ولكن جعل الله رزقها دارا يوجب اليها ثمرات كل شيء فاذا اراد الله امرا اتمه يا اخوان قال جل وعلا عنه مخبرا عن دعاء ابراهيم بواد ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم قال ابن كثير هذا دليل على ان دعاء ابراهيم كان بعد ان بنى البيت وقال غيره لا يلزم لكن ابراهيم قد اعلمه الله انه في هذا المكان سيكون بيت بيت الله المحرم فهو يدعو ويذكر عند بيتك المحرم بناء على ما اعلمه الله ولعل هذا اظهر لانه بعد بناء البيت كانت قد نزلت جرهم بعضهم يقول نزلت قبلها بناء البيت وليس فقط اسماعيل وامه قال عند بيتك المحرم يعني الذي جعلته حرما حراما قال جل وعلا ربنا ليقيموا الصلاة يا ربنا لاجل ان يقيموا الصلاة اهمية اقامة الصلاة عند بيتك المحرم لماذا؟ يبيعون يشترون يتاجرون همهم جمع المال؟ لا الهدف الاساسي ليقيموا الصلاة واقامة الصلاة يعني الاتيان بها والمداومة على فعلها وهي من اهم الاركان الصلاة فاين اين المفرطون عن هذه الاية ينام ويترك الصلاة او ينام صلاتين ثلاثة او لا يصلي او يصلي مرة في الاسبوع لا لابد من اقامة الصلاة. ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. في اوقاتها مع جماعة المسلمين قال ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس الافئدة جمع فؤاد وهو القلب فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم اي اي اجعل قلوب بعض خلقك تنزع الى مساكن ذريته اسماعيل وزوجه هاجر تنزع اليهم تحب مكة تحب الاتيان الى هذا المكان وتهوي اليهم قال بعضهم فانزعوا وقال بعضهم تحن اليهم والى زيارة البيت وهو كذلك لكن تأملوا يا اخوان قال افئدة من الناس من هنا تبعيضية افئدة من بعض الناس قال ابن عباس لو ان ابراهيم قال فاجعل افئدة الناس لحن اليهود والنصارى وغيرهم الى الى مكة لكنه قال من الناس فصار الناس المسلمون فقط. فدعا بهذا الدعاء وقال من الناس اي من بعض الناس وهم المسلمون فاستجاب الله دعاءهم قالها ابن كثير قال ابن عباس ومجاهد وسعيد ابن جبير لو قال افئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم واليهود والنصارى والناس كلهم. ولكن قال من الناس فاختص به المسلمون فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم اي هواهم الى مكة من اجل الحج او العمرة يهوون مكة والمجيء اليها يحنون اليها وهذا ولله الحمد كل مسلم يجد هذا واذ جعل البيت مثابة للناس يثوبون اليه مرة بعد مرة يجد الانسان من الشوق والمحبة والحنين الى مكة والذهاب اليها فتجده يعتمر مرارا وتكرارا ولا ولا يقول خلاص انا اعتمرت وحججت يكفي لا يزال الشوق موجودا يهوي قلبه الى الذهاب الى مكة سبحان الله قال فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات وارزقه ايضا موت يحن الناس ويهوون ويريدون المجيء الى مكة لكن مع الفقر وقلة ذات لا وارزقهم من الثمرات ولهذا مكة لا تكاد تخلو من الطعام ابدا بركة دعاء ابراهيم مع ما جعله الله فيها من البركة في الطعام ايضا لكن حتى في زمن كفار قريش وهم كفار لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف عندهم رحلتان رحلة في الشتاء الى اليمن لانها بلد حارة فيأتون بخيراتها ورحلة رحلة الشام في الصيف لانها بلاد باردة فيأتون بخيراتها والناس يتخطفون من حولهم كما قال جل وعلا او لم نمكن لهم حرما امنا يوجب يوجبى اليه ثمرات كل شيء رزقا من لدناه انظروا كيف استجاب الله دعاء ابراهيم لكن تأملوا يا اخوان في الصفة التي تدعو الله بها ربنا ربنا الدعاء يا رب ربي ربي ربنا ادعوا بهذا الاسم العظيم. دعوات الانبياء بهذا الاسم في القرآن قال وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. سبحان الله واد غير ذي زرع لكن الثمرات توجبى اليهم من الاماكن التي تزرع فيها وتأتي الثمرات خاصة ليأكلوا منها قال لعلهم يشكرون لعلهم يشكرونك واعظم الشكر عبادة الله وحده لا شريك له توحيده واقام الصلاة ثم الاتيان بسائر الطاعات وبهذا تدوم النعم هذا اعظم ما يشكر الله جل وعلا به يا اخوان ثم قال جل وعلا ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن ربنا اي يا ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن يبتهل الى الله فانت العليم الذي احاط علمك بكل شيء فتعلموا ما اخفيه وما اعلنه وكانه يقول وانت تعلم ما في قلبي انني اريد ان يعبدوك ذريتي ومن يأتي اليهم اريد بهذا الاخلاص لك وافرادك بالعبادة وحج بيتك المحرم قال ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الارض ولا في السماء سبحانه وتعالى فاذا استشعر الانسان هذا واعتقد وعلم وان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء منعه من المعصية من الناس من اذا ورته الجدران عن الناس انتهك حدود الله وما علم المسكين ان الله يراه قال النبي صلى الله عليه وسلم الاحسان ركن واحد وهو ان تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك جل وعلا الله يراك يا عبد الله تقدم على المعصية سبحان الله الله ينظر اليك انت لو ينظر اليك رجل من بني ادم ولو طفل صغير ولو طفل يعقل ست سنوات سبع سنوات تجد انك ما تعمل هذه المعصية امامه. فكيف يهون الله جل وعلا عليه؟ الذي يراك في كل احوالك. ويسمع ويعلم احوالك انه لموعظة انسان يتقي الله هذا النبي صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت او امام الناس فقط في الحرم في المسجد النبوي واذا خلا خاصة مع هذه الاجهزة التي قربت الشر وان كان فيها خير في جوانب اخرى قد يطلق بصره وينظر الى ما حرم الله عليه في اقصى الدنيا وفي مشارقها ومغاربها لا يجب ان يكون في القلب خوف من الله واستحضار واستشعار بان الله ينظر اليك ويراك وانظر الى قول ابراهيم عليه السلام ربنا انك تعلم ما ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الارض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربي لسميع الدعاء الحمد لله الثناء على الله جل وعلا بجميع انواع المحامد لانه هو المستحق ان يحمد وكل نعمة منه وما بكم من نعمة فمن الله الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل الكبر في حال كبر السن ولهذا قال السمعاني وغيرهم من المفسرين ان اسماعيل اكبر ابناء ابراهيم ولد له وابراهيم عمره تسع وتسعون سنة وقيل عمره مئة وسبعة عشر سنة وقيل غير ذلك هذا في حال الكبر واسحاق بعده بثلاثة عشر سنة في ثلاثة عشرة سنة اذا هذه ايضا نعمة عظيمة في حال الكبر وعدم حصول الولد وهبه على الكبر اسماعيل واسحاق والترتيب هنا ترتيب زمني لان اسماعيل قبل اسحاق ثم اسحاق بعد ذلك ثم قال ان ربي لسميع الدعاء سميع هنا بمعنى مجيب يا اخوان كما تقول في الصلاة لما يقول الامام سمع الله لمن حمده معناه استجاب الله لمن حمده في شرع للمسلم ان يقول ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فالله يستجيب دعاء من يحمده ولهذا استجاب دعاء ابراهيم وهذا دليل ان ابراهيم دعا ربه ان يهبه ذرية هكذا ينبغي للانسان هذا هو التعبد لله في جميع احوالك وجميع شؤونك تسأل ربك فيحمد ربه ويثني عليه او وهب له في حال كبره وفي حال كون امرأته عاقر كما قص الله عز وجل ذلك في اكثر من موضع ومع ذلك وهبهم اسم اسحاق وهب إبراهيم إسماعيل واسحاق وسار وهبها اسحاق بل وبشرها بانه يولد لاسحاق يعقوب نعم ومن وراي اسحاق يعقوب وهذا قرة العين تعلم ان ترزق ولد وتعلم انه ايضا سيولد للولد وايضا انه يكون عليم نبي من انبياء الله والله على كل شيء قدير ثم قال جل وعلا ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. هذا من دعاء ابراهيم فدعا الله عز وجل ان يجعل مكة بلدا امنا وان يجعل افئدة الناس تهوي اليهم ودعاه بالذرية فرزقه الله الذرية ثم بعد مجيء الذرية دعاه دعاء اخر فقال ربي اجعلني اي يا رب ربي اجعلني مقيم الصلاة واقامة الصلاة الاتيان بها في وقتها الاتيان بها خالصة لله في وقتها مع جماعة المسلمين بهذه الشريعة كاملة الاركان والشروط والواجبات هذا هو اقام الصلاة ولا يترك يفوت الصلاة عن وقتها الا لعذر مسافر او لعذر لكن الصلاة لابد من الاتيان فيها كل يوم في اوقاتها ولو يصلي ويخلي بلا شغل ترك الصلاة ولعلنا يا اخوان نعقل مر معنا في هذه الليلة ربي ربي اجنبني وبني ان نعبد الاصنام. وهنا ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. اذا تسأل الله ان يجنبك وذريتك عبادة الاصنام وتسأل الله ان يجعلك تسأل الله لك ولذريتك ان يجعلكم من مقيمي الصلاة اذا ادعوا ربك ان يعينك ويجعلك ممن يقيم الصلاة وادع لذريتك لو دعوت بلفظ الحديث لفظ الاية ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. ربنا وتقبل دعاء ايضا قبل دعائي لان ابراهيم امام يقتدى به امام هدى دعوات عظيمة دعاء تجنب الشرك هو وذريته ومعنى ذلك التوحيد ودعاء باقامة الصلاة فيكون ممن يقيم الصلاة من المصلين هو وذريته فلا يغفل الانسان يا اخوان عن هذين الامرين ادعوا الله ان يجنبك الشرك انت وذريتك وادعو الله ان يجعلك مقيم الصلاة انت وذريتك قال جل وعلا ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعائي ربنا وتقبل دعائي. قري قرأ بعضهم او قرأ الجمهور دعاء بحذف الياء بحذف ياء المتكلم تخفيفا وتكسر وقرأ بعضهم باثبات الياء وهي قراءة ابن كثير وابو عمرو وتقبل دعائي والمعنى واحد اذا ايظا يا اخوان انت تدعو وتسأل الله ايضا ان يقبل دعائك هذه فائدة عظيمة في باب الدعاء تدعو وايضا تدعو الله ان يقبل دعائك قال جل وعلا ربنا اغفر لي ولوالدي والمؤمنين يوم يقوم الحساب ايضا بلفظ الرب يا اخوان ربنا اغفر لي ولوالدي حتى الانبياء يسألون الله مغفرة الذنوب اسألوا الله المغفرة قال ولوالدي قال بعض اهل العلم هذا دليل ان والدة ابراهيم كانت مسلمة واما والده فكان يظنه مسلما لكن بعد ذلك جاء من النصوص ما يدل على انه كان كافرا وان الله اعتبر لابراهيم عن دعائه لابيه ما كان الا عن موعدة وعده الله اياها ذا اياه فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه لكن ما جاء في والدته غير ذلك فهنا سأل الله لوالديه المغفرة لكن جاء في ابيه ما يدل على ان الله لم يغفر له وسكت عن والدته فدل على انها مسلمة وهذا كما قالوا ايضا في والدي نوح ان والد نوح كان مسلمين لانه قال في اخر سورة نوح رب اغفر لي ولوالدي فدل على انهما مسلمين ولوالدي والمؤمنين يوم يقوم الحساب لجميع المؤمنين يوم يقوم الحساب القيامة حينما تقوم الساعة ويحاسب الناس فيسأل الله ان يغفر ذنوبه ويكفر سيئاته سيئاته ويتجاوز عنه حينما يحاسب الجبار جل وعلا عبادة فان تلك هي السعادة حينما يغفر الله ويتجاوز ويستر الذنوب وينجي عبده في ذلك اليوم شديد الهول الذي تفزع فيه القلوب ولا ينجو الا من نجاه الله والله اعلم