بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام امنين ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم ونبئهم عن ضيف ابراهيم اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال ان ان منكم وجلون قالوا لا تنجى انا نبشرك بغلام عليم قال ابشرتموني على ان مسني الكبر فبما تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه الا قال فما خطبكم ايها المرسلون قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين الا ال لوط انا لمنجوهم اجمعين. الا امرأته قد قدرنا انها لمن الغابرين بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ففي هذه الليلة المباركة نبتدع نبتدأ بتفسير هذه الايات المباركات من سورة الحجر وهي قوله جل وعلا ان المتقين في جنات وعيون وكان قبل هذه الايات قد جاء ذكر ما اعده الله جل وعلا لاهل النار ثم ثنى بذكر ما اعده للمتقين ومن اجل هذا سمي القرآن مثاني لانه يذكر الشيء ويثني بظده فقبل هذه الايات قوله جل وعلا وان جهنم لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم وما قبلها من الايات فبعد ان ذكر جزاء الكافرين وما اعده لهم من العذاب ذن بذكر ما اعده لعباده المؤمنين المتقين فقال جل وعلا ان المتقين في جنات وعيون والمتقون جمع متقي وهو كل من اتقى النار بفعل الطاعات وترك المعاصي من جعل بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل اوامره واجتناب نواهيه ان المتقين في جنات وعيون جنات جمع جنة والمراد بها البساتين ذات الثمار والاشجار العظيمة وكذلك فيها عيون عيون جارية وفيها انهار تجري كل ذلك على سبيل التنعيم لعباده المؤمنين ثم قال جل وعلا ادخلوها بسلام امنين يقال للمؤمنين المتقين ادخلوا الجنة بسلام قال المفسرون اي بسلامة ادخلوا الجنة ادخلوها بسلام امنين ايدخلوها بالسلامة من كل داء وكرب وهم وقيل بل ادخلوها ادخلوا الجنة بتحية السلام عليكم بتحية السلام السلام عليكم وجمع ابن كثير بين القولين فقال في تفسيره ادخلوها بسلام اي سالمين من الافات مسلم عليكم اي سالمين من الافات مسلم عليكم فيدخلون الجنة وهم في حال سلامة من كل افة من كل نقص من كل عيب وكذلك ايضا يسلم عليهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ويسلمون عليهم ثم قال امنين ايضا هم في الجنة امنون من الموت فلا يموتون مرة اخرى وامنون ايضا من الخروج منها فهم باقون فيها ابد الاباد خالدين فيها ابدا وهم ايضا امنون من الافات والنقص ولهذا جاء في الحديث الصحيح في صحيح مسلم وغيره ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال يا اهل الجنة ان لكم ان تصحوا فلا تمرضوا ابدا وان لكم ان تعيشوا فلا تموتوا ابدا وان لكم ان تشبوا فلا تهرموا ابدا. وان لكم ان تقيموا فلا تظعنوا ابدا هكذا هم اهل الجنة هم في نعيم عظيم لا تبلغه العقول ولا يعرف قدره الا الله جل وعلا وهذا انما اعده لمن اتقاه فمن اتقاه وقاه من اتقاه في هذه الدار ووقف عند حدوده واجتنب معاصيه وقام بالواجبات والاوامر التي امره بها ومات على ذلك ولم يشرك بالله شيئا فانه فان مصيره الى الجنة ونعم المصير ونعم المآل فهو في سلامة من كل سوء ومن كل نقص وهو امن مطمئن بخلاف اهل النار الذين هم في اشد الخوف والرعب والعذاب والنكال نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ونزعنا اي اخرجنا واذهبنا ما في صدورهم من غل والغل هو الحقد والعداوات التي كانت بينهم في الدنيا ولهذا بعد ان يجتاز الصراط يحبس ويجتاز القنطرة يحبس هناك فيقتص من بعضهم لبعض واحد يذهب ما في صدورهم من غل كما جاء في الحديث الصحيح قال وهو في صحيح البخاري من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى اذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة وفي الحديث الاخر وهو ايضا صحيح الاسناد عن ابي امامة قال يدخل اهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء من الشحناء والظغائن حتى اذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل ثم قرأ ونزعنا ما في صدورهم من غل وهذا هو الصحيح ان الاية عامة في كل المؤمنين وذهب بعض المفسرين انها في ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد بن ابي وقاص والزبير والصواب ان الاية عامة وان ثبت عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه لما قتل الزبير وكذلك ابو طلحة وجاء طلحة بن عبيد الله وجاء اليه بعض ابنائهم قال لهم اني لارجو ان اكون انا واباك ممن قال الله جل وعلا فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل لانهم كلهم من المبشرين بالجنة هم من العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم وارضاهم ولكن الصواب ان هذا ليس خاصا بهم بل هو عام في كل مؤمن وفي كل المؤمنين لانه لابد ان يحصل بين الناس حتى بين المؤمنين في هذه الحياة شيء من الغل وواحر الصدور وشيء من هذه الامور ولكنهم اذا دخلوا الجنة نقاهم الله جل وعلا من ذلك. وهذا هو معنى او هذا هو قوله جل وعلا ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين فاذا نزع الغل صاروا اخوانا متآخين متحابين وايضا هم على السرر جمع سرير وعلى الارائك متقابلين لا ينظر احدهم الى قفا صاحبه وانما وجوههم الى بعض وهذا في غاية الانس وهذا غاية الانس اذا كان الانسان جالسا على الاريكة وعلى المجلس او على الشيء المريح ثم ايضا هو يجلس مقابلا لمن يحبه ويأنس به فان هذا من النعيم فلاهل الجنة ذلك كما اخبر به جل وعلا ثم قال سبحانه وتعالى لا يمسهم فيها نصب اي لا يصيبهم لا يصيبهم في الجنة تعب ولا مشقة ولا اذى لا يمسهم فيها نصب لانها دار جزاء نعم اصابهم النصب في الدنيا ليبلوكم ايكم احسن عملا لقد خلقنا الانسان في كبد وكابدوا العبادة صبروا عليها وعلى الاوامر واجتنبوا النواهي لكن لما انتهوا الى دار الجزاء لا يمسه لا يمسهم شيء من ذلك وانما هم في النعيم المقيم لان الاخرة دار جزاء ليست دار عمل ولهذا معنى الحديث الذي فيه ان اهل الجنة يلهمون التسبيح كما ينهم احدكم النفس ان هذا على سبيل التنعيم لا على سبيل التكليف على سبيل التنعيم لهم لا لا على سبيل التكليف قال جل وعلا لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين وما هم من الجنة بمخرجين بل هم خالدون فيها ابد الاباد لانهم لو كانوا يخرجون من هذا النعيم يحصل لهم شيء من الحزن وهذا امر معروف في امر الدنيا فقد يكون الانسان في غاية السرور والانس ولكن يعلم ان هذا الانس سينقطع بعد مدة فيتكدر خاطره واما اهل الجنة فهم بهذا النعيم ابد الاباد مقيمين فيه. لا يخرجون من الجنة وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء قال جل وعلا نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم. وان عذابي هو العذاب الاليم جمع بين الخوف والرجاء وهكذا ينبغي للمسلم ان يسير الى الله بين الخوف والرجاء لا يغلب جانب الخوف فيحمله ذلك على اليأس والقنوط من رحمة الله ولا ولا يغلب جانب الرجاء الذي يحمله على الامن من مكر الله ولكن يجمع بينهما كما قال السلف قالوا ينبغي للانسان ان يكون في سيره الى الله كالطائر بين الجناحين لا يزيد احدهما على الاخر فيحب فيرجوا رجاء لا يحمله على الامن من مكر الله ويخاف خوفا لا يحمله على اليأس والقنوط من رحمة الله لكن يحمله على الارتداع والحذر والخوف من الوقوع في الذنوب والمعاصي وقال بعض السلف انه في الدنيا يغلب جانب الخوف قليلا ولكن اذا حل به الموت فيجب عليه ان يغلب الرجاء وحسن الظن بالله جل وعلا لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمت احدكم الا وهو يحسن الظن بالله وقال جل وعلا في الحديث القدسي انا عند ظن عبدي بي فينبغي له ان يحسن الظن بالله اذا احس بالموت وان يعظموا الرجاء وان يرجو مغفرته وتجاوزه ويدخله الجنة وان يمن عليه يحسن الظن بالله لان الله جل وعلا عند ظن عبده به لكن بشرط ان يكون من المحسنين قبل ذلك ومن المتقين فهنا جمع في الاية بين الامرين نبئ اي اخبر عبادي والاظافة هنا اضافة تشريف وتكريم ويجوز ان تكون اضافة آآ خلق ذاك الذي يظهر انها اضافة تشريف لان المغفرة والرحمة لا تكون الا لمن امن بالله واجتنب الشرك نبئ عبادي اني انا الغفور الذي يغفر الذنوب كما قال جل وعلا ان الله يغفر الذنوب جميعا وايضا هو الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء وكان بالمؤمنين رحيما و هذا يحمل على حسن الظن وحسن الرجاء ولكن لا يقبل الانسان ايضا عن الخوف من عذاب الله وعقابه ولهذا قال وان عذابي هو العذاب الاليم وان عذابي اذا اوقعته بمن يستحقه هو العذاب الاليم اي المؤلم الموجع الشديد لمن وقع به لان بعض الناس يعتمد على الرجاء فقط وبعض الناس يسأل الله العافية يقنط من رحمة الله وهذا يحصل عند بعض الناس اول ما يستقيم على طاعة الله بعد ان يكون مسرفا على نفسه عاصيا فاذا استقام جاءه الشيطان لان الشيطان عدو مبين فقبل الاستقامة يحمله على الذنوب والمعاصي على الامن من مكر الله واذا استقام جاءه من باب اليأس فقال انت اذنبت ذنوبا كثيرة انت وقعت في ذنوب عظيمة كيف يغفر الله لك فدل القرآن العظيم والسنة على ان من تاب الى الله تاب الله عليه قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا وقال جل وعلا والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما وقال جل وعلا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهذا فهاتان الايتان جمعتا بين الخوف والرجاء وهناك من الناس من اذا نصحته ووعظته عما هو فيه من المنكر رد عليك بان الله غفور رحيم وهذا لا شك في انه غفور رحيم. لكنه شديد العقاب فهو غفور رحيم لمن سلك طريق المغفرة واستقام على الدين وهو ايضا شديد العقاب لمن اعرض عن الصراط المستقيم ووقع في المعصية فان الله سبحانه وتعالى ارسل رسلا وانزل كتبا كل ذلك لبيان المنهج الصحيح ما خلقنا الله عز وجل عبثا ما خلقنا عبثا يا عباد الله استقيموا على امر الله واحسنوا الظن بالله وخافوا عذاب الله حتى تنجو لان هذه الدار تحتاج من المسلم الى ان يجمع بين الخوف والرجاء ليحمله الخوف على حسن الظن ورجاء المغفرة ويحمله الخوف على ترك الذنوب والمعاصي ثم قال جل وعلا ونبئهم عن ضيف ابراهيم ونبئهم اي اخبر قومك لان هذا من علم الغيب الذي اطلع الله جل وعلا عليه نبيه نبينا صلى الله عليه واله وسلم فانه لم يكن في زمن لوط ولا في زمن نوح ولا في زمن غيرهم من الانبياء. ولكن اخبره الله جل وعلا باخبارهم وقص عليه هذا القصص الحق فقال ونبئهم اي اخبرهم عن ضيف ابراهيم والمراد بهم الملائكة الذين مروا بابراهيم عليه السلام فبشروه ب البشارة العظيمة كما سيأتي في الايات قريبا وكانوا في طريقهم الى لوط لاهلاك قوم لوط الذين طغوا ووقعوا في الفاحشة التي ما سبقهم بها احد من العالمين قال جل وعلا ونبئهم عن ضيف ابراهيم والضيف يقولون يطلق على الواحد وعلى الاثنين وعلى الجماعة كلهم يقال لهم ضيف لان ضيف ابراهيم هنا ليس واحدا وانما هم عدد من الملائكة ومع ذلك افردهم ما قال ضيوف قال ضيف وهذا عربي فصيح ونبئهم عن ضيف ابراهيم اذ دخلوا عليه اذ ظرفية اي حين دخلوا عليه او وقته دخلوا عليه او ساعته دخلوا عليه على ابراهيم فقال فقالوا سلاما مر معنا في الايات الماضيات انه رد عليهم السلام قال سلام وهنا اختصر وهذا على سبيل الاختصار والقرآن هكذا يبسط في بعض المواضع ويوجز في بعضها ولهذا من اراد ان يعرف التفسير الكامل للقصص الذي ورد في القرآن يجمع بين الايات التي وردت في القصص حتى تتبين له القصة كاملة فهنا قال اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال ان منكم مجيلون مباشرة قال ان منكم وجلون. الوجل الخوف ان منكم خائفون لكن جاء في سورة هود انهم لما دخلوا عليه قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما رأى ايديهم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة. قالوا لا تخف انا ارسلنا الى قوم لوط فهنا طوى بعض الكلام واختصره لكنه مبين في سورة اخرى وهو انهم لما جاءوا وسلموا عليه رد عليهم السلام ثم راغ الى اهله وجاء بعجل حنيذ اي مشوي وقدمه لهم ليأكلوا منه فعند ذلك امتنعوا ولم يأكلوا فلما رأى منهم ذلك اوجس منهم خيفة خاف منهم لانه لم يأكلوا عند ذلك طمأنوا قالوا لا تخف وهنا مباشرة بعد ان ذكر انهم بعد ان قالوا سلاما قال ان منكم مجيبون لا هناك كلام دار بينهم والخوف حصل بعد ذلك بعد بعض الامور وهذا ايضا كما قال جل وعلا في سورة الذاريات اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ الى اهله فجاء بعجل سمين فقربه اليهم قال الا تأكلون فاوجس منهم خيفة قالوا لا تخفوا بشروه بغلام عليم اذا الملائكة لما جاءوا الى ابراهيم دخلوا عليه وسلموا عليه ورد عليهم السلام واكرمهم وجاءهم بعجل سمين وعجل حنيذ نفسه هو عجل سمين حنيذ اي مشوي وقال الا تأكلون طلب منهم ان يأكلوا امتنعوا من الاكل فخاف منهم فطمأنوه وهدؤوا روعه وقالوا واخبروه بحالهم قال جل وعلا قالوا لا توجل انا نبشرك بغلام عليم في غلام اي ذكر وليس فقط غلام بل عليم صاحب علم في ايات اخرى فبشرناه باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب بشروه بغلام عليم ونبي ويولد له غلام ايضا نبي في حياتكما وهذا من اعظم البشارة ان يقال لرجلين مسنين كما مر معنا وذكرناه عن بعض المفسرين ان ابراهيم قيل كان عمره تسعين عاما وقيل مئة وقيل مئة وعشرة وقيل مئة وعشرين وزوجته كانت قريبا من الثمانين ومع ذلك ولد لهم لان الله على كل شيء قدير قال فبشروه بغلام عليم فقال ابشرتموني على ان مسني الكبر فبم تبشرون وهذا الاستفهام استفهام تعجبي ليس على سبيل الانكار وانما تعجب بعد ان مسه الكبر وتقدم به السن بحيث لا يولد لمثله بشروه بغلام قال ابشرتموني على ان مسني الكبر يعني بعد ان مسني او مع انه قد مسني الكبر واصابني كبر السن بلغ مئة عام فبم تبشرون باي شيء تبشرون انتم قالوا بشرناك بالحق بشرناك بالحق بالحق الثابت الصادق الذي لا مرية فيه ولا خلف فيه قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين القنوط هو اشد اشد اليأس ييأس الانسان من من حصول الامر فقالوا لا تكن من القانطين لا تقوم من الايسين انه لن يولد لك لانه تقدم بك السن وقيل ان القنوط هو ان يستبعد رحمة الله ويستبعد حصول المطلوب او حصول الامر وهو قريب من الذي قبله اذا قالوا فلا تكن من القانطين قال ابراهيم قال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون هذا استفهام انكاري او تقريره. نعم ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. لان نبي لان ابراهيم نبي الله خليل الرحمن يعلم ذلك وانه لا يجوز القنوط فلا يقنط من رحمة الله الا القوم الظالون الذين وقعوا في الظلال ما عرفوا الله ما عرفوا سعة رحمته ما عرفوا انه على كل شيء قدير او لبس عليهم الشيطان وزاغت قلوبهم فاستبعدوا ذلك وهذه الاية كما ان الملائكة قالوها لابراهيم وابراهيم ايضا قاله للملائكة فهي ايضا خطاب لنا لانه كما هو مقرر عند اهل العلم شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلاف فاياك اياك ان تقنط من رحمة الله مهما ضاقت بك الامور مهما وقع بك من من المصائب مهما حصل لك اياك وسوء الظن بربك اياك والقنوط من تفريج الله كربتك اياك القنوط من تنفيس الله عنك هذا مقتضى العبودية هذا مقتضى من عرف اسماء الله وصفاته ومن عرف ربه جل وعلا فانه هو الذي يفرج عن عباده وهو الذي ينفس كربهم وهو الذي يزيل همهم وغمهم وهو جل وعلا على كل شيء قدير لكن هذا انما تثبت عليه القلوب المؤمنة بعض الناس اذا وقعت فيه مصيبة يأس وقال لن اقوم من هذه المصيبة وهذا يظهر في اثناء كلامه لما تتكلم معه تجد انه قد يأس انه يشفى ايقن انه الموت عيسى ان يتخلص من هذا الامر او ان ينجوا منه سبحان الله ما عرف الله وما قدره حق قدره من يظن هذا بربه احسن الظن بالله واياك وظن السوء بالله قال جل وعلا قال فما خطبكم ايها المرسلون ما خطبكم؟ ما شأنكم ايها المرسلون مراد بهم الملائكة هم على ما مر معنا لانه مر معنا في سورة الاعراف وفي سورة هود المراد به قيل هو جبريل وميكائيل واسرافيل وقيل غير ذلك. المهم انهم ملائكة ارسلهم الله قال فما خطبكما؟ اي ما شأنكم؟ ايها المرسلون قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين الا ال لوط ان لم الا ال لوط انا لمنجوهم اجمعين اذا بينوا ان عندهم مهمة اخرى وانما مروا ابراهيم وبشروه ثم عندهم مهمة اخرى لان لوط كما مر معنا هو ابن اخي ابراهيم وكان ابراهيم يعرف شأنه وقومه لان ابراهيم عليه السلام كان في العراق في اول الامر ثم لما ابى قومه واهلكهم الله هاجر الى الشام فمكث اخر عمره في الشام كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي في البخاري لما جاء بهاجر وابنها اسماعيل وتركهم في مكة جاء في الحديث في البخاري وغيره انه رجع الى الشام ثم بعد مدة خرج من الشام ينظر تركته وهكذا نص عليه جمع من اهل العلم انه في اخر عمره ارتحل الى الشام وكان فيها وكان ايضا ابن اخيه هناك لوط قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين لانهم فقالوا جرما عظيما مع الكفر بالله جل وعلا كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء. نسأل الله العافية ويأتونهم في ادبارهم وهذا من المنكر العظيم هذا من المنكر العظيم ومما ينبه عليه انه لا ينبغي ان يقال عن هذا الفعل انه لواط. لا يقال اللواط وانما يقال عمل قوم لوط لانه اذا قيل اللواط قد يعني يسبق الى الذهن انه نسبة الى لوط. ولوط بريء منهم وانكر عليهم ذلك ولهذا جاء في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به يعمل عملك قوم لوط هكذا ينبغي ان يقال وان كان بعضهم يقول المراد هنا ليس نسبة الى لوط وانما المراد به على سعة اللغة وانه مأخوذ من لاط الحوض يلوطه اذا اصلحه او يعني ادخل يده فيه فكأن هذا الفعل يعني مشتق من ذلك ولكن ينبغي ترك هذه العبارة ترك اللواط لانه لم يرد فيها نص صحيح وانما الذي جاء من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط وقد نبه على مثل هذا شيخنا العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال جل وعلا الا ال لوط. وال الرجل اهله اهله والآل تطلق على اهل الرجل وتطلق ايضا على اتباعه اذا لم يرد نص يدل على التخصيص فالمراد اهلي هنا اهله كما جاء في ايات اخرى قال جل وعلا ان عن الملائكة الا لال لوط انا لمنجوهم اجمعين كل اهله الا امرأته قدرناها قدرنا انها لمن الغابرين قدرنا ذلك بما اوحاه الله الينا انها من الغابرين الغابرين يعني الهالكين الباقين مع قومهم الهالكين يقال غبر في المكان اذا مكث فيه فهي من الغابرين اي الباقيين مع اهل العذاب وبينهم وايظا الهالكين الذين ينالهم العذاب ولهذا كانت على دين قومها سبق ان ذكرنا انها كانت على دينهم وانها كانت قد اتفقت مع قومهم مع قومها انه اذا جاء الى لوط ضيف انها تخبرهم بذلك فلما جاءه الملائكة وجاءه هؤلاء الضيف نادت او اشارت الى قومها واخبرتهم فجاءوا اليه جاءوا اليه فالحاصل انها خانت لوط لكن من حيث الديانة لا من حيث العرض كما قال ابن عباس ما خانت امرأة نبي قط وانما الخيانة فخانتاهما المراد ان خانتهم من حيث الملة ليست على ملته وعلى دينه وهو الايمان لكنها على دين قومها وهو الكفر الا امرأته قدرنا قدرنا انها لمن الغابرين فلما جاء ال لوط المرسلون. نعم فلما جاء ال لوط المرسلون قال انكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون واتيناك بالحق وانا لصادقون فاسري باهلك بقطع من الليل واتبع ادبارهم ولا يلتفت منكم احد امضوا ولا يلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون وقضينا اليه ذلك الامر ان ندابر هؤلاء مقطوع مصبحين وجاء اهل المدينة يستبشرون قال ان هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا اولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون فاخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لسبيل مقيم ان في ذلك لاية للمؤمنين ثم قال جل وعلا فلما جاء ال لوط المرسلون عبر هنا وقال ال لوط ولا شك ان ال لوط كانوا مع لوط يعني فجاؤوا الى اهله او جاءوا اليه وسواء عبر بهذا او بهذا كما جاء في بعض الايات فكلها حق فهم جاءوا الى لوط ولوط كان معه اله واهله فجاءوه في مسكنه في مسكنه ومنزله فلما جاء ال لوط المرسلون وهم الملائكة الذين مروا بابراهيم مرسلون من الله فلما جاء ال لوط المرسلون قال انكم قوم منكرون انكرهم قالوا لانهم كانوا شبابا كلهم كانوا شبابا مردى في غاية الجمال والحسن وليس بقومه وفي قريته من هذا وصفه ولهذا قال قوم منكرون ما ما نعرفكم لستم من اهل البلد ولستم من ممن نعرفهم انكرنا حالكم فقالوا له قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون بل جئناك يا لوط بما كانوا فيه يمترون والامتراء الشك وهو انهم كانوا يمترون يشكون ولا يؤمنون في العذاب الذي توعدهم الله به وتوعدهم لان الله سيحل بهم العذاب ان لم يؤمنوا فكانوا في شك من هذا في امتراء فقالوا جئناك بما كانوا فيه يمترون قال ابن كثير يخبر تعالى نعم قال يعنون بعذابهم ثم قال قالوا جئناك بما كانوا فيه يمترون يعنون بعذابهم وهلاكهم ودمارهم. الذي كانوا يشكون في وقوعه بهم وحلوله بساحتهم قالوا واتيناك بالحق وانا لصادقون اتيناك بالحق الذي لا مرية فيها كما قال جل وعلا ما ننزل الملائكة الا بالحق فهم جاءوا بالحق من عند الحق من عند الحق وهذا الذي جاء به حق واقع لا محالة وهذا وفي هذا طمأنة للوط لان لوط ظاق بقومه كما سيأتي لانه رجل وحيد وحل به هؤلاء الضيوف فجاءه قومه يريدون ان يفعلوا بهم الفاحشة ولا قدرة له بهم لكن هنا قدم ان انهم مرسلون لكن جاء في ايات اخرى انهم لما جاءوا اليه ما عرفهم وما علم انهم من المرسلين الى ان جاء قومه واحاطوا به وصار يدافعهم عند باب بيته ويعظهم ويحاول معهم وهو لا يعلم ان هؤلاء من الملائكة لكن هكذا القرآن يجمل في مكان يفصل في مكان والواو لا تدل على الترتيب فالحاصل انه لم يكن يعلم انهم مرسلون وفي الكلام تقديم وتأخير لكن لما هم عند ذلك قام اليهم جبريل عليه السلام و ظربهم فاعمى اعينهم وابصارهم اخذ ابصارهم هذا في اول الامر ثم حل بهم العذاب من اخر الليل كما سيأتي قال واتيناك بالحق وانا لصادقون وكل هذا يعني تأكيد وتثبيت وبيان انهم جاءوا بالحق الذي لا مرية فيه قال وجاء اهل المدينة يستبشرون لا يلزم من الواو ان مجيئهم كان بعد انا علي ان علم انهم ملائكة لا فالواو تقتضي التشريك لا تقتضي الترتيب لكن الايات الاخرى دلت على انه ما علم انهم ملائكة الا بعد ان جاء قومه قال وجاء اهل المدينة يستبشرون وهذه المدينة هي مدينة سدوم سدوم وهي معروفة في الشام صارت بعد ذلك بحيرة طبرية يقال او بحيرة لوط قال يستبشرون اي يبشر بعضهم بعضا لماذا لانهم رأوا عند لوط ضيوف شبان مردا فهم يريدون ان يفعلوا بهم الفاحشة استبشر بعظهم يبشر بعظهم بعظا وجدتم بغيتكم وشباب في غاية الجمال نسأل الله العافية والسلامة من هذه الجريمة النكراء ومما يجدر الاشارة اليه ان الاتيان في الدبر حرام سواء كان في حق الرجال او في حق النساء ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ان الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن اي في ادبارهن وقال صلى الله عليه وسلم ملعون من اتى امرأة في دبرها وقال تلك اللوطية الصغرى ولهذا لا يجوز للرجل ان يأتي زوجته من دبرها في دبرها بل هو حرام والحديث يدل عليه ولا يجوز لها ان تمكنه من ذلك وان ابى الا ذلك ترفع امره الى القضاء او الى من له الشأن ويفرق بينها وبينه لان هذه كبيرة من كبائر الذنوب وذنب عظيم نسأل الله العافية والسلامة قال وجاء اهل المدينة يستبشرون قال ان هؤلاء ضيفي فلا تفضحون قال لهم لوط ان هؤلاء ضيفي هم جماعة لكن يطرق الضيف على الجماعة فلا تفظحون الفضيحة هي فعل الفعل الذي يلزم منه العار ويلزم منه الانفة يؤنف منه فلا تفظحوني لانهم اذا فعلوا الفاحشة في ظيوفه في بيته هذه اعظم فضيحة ولهذا يقول ابن القيم لما تعرض الى هذا الامر انه لو ان احدا اراد ان يفعل باحد الفاحشة قال فان عليه ان يدافع ولو ادى ذلك الى قتله قال اما المرأة فالامر اهون اما الرجل يدافع عن نفسه ولو ادى الى قتله ولان هذا من انكر المنكرات وهو في غاية الاخزاء والفظيحة ولهذا قال لهم مناصحا فلا تفظحون يعني لا تفظحوني واتقوا الله ولا تخزون يذكرهم وهذا دليل انك لو رأيت عاصيا مصرا مصمما على الذنب لا تقل هذا لن يسمع مره وانهه فلوط عليه السلام مع انهم جاؤوا ويظهرون الحرص على هذه الفعلة ومع ذلك وعظهم ونصحهم اتقوا الله هذه اعظم ما يوصى بها ويوعظ بها الامر بتقوى الله اذا قال لك رجل اوصني قل اتق الله حيثما كنت قال جل وعلا ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله اعظم وصية لان تقوى الله فعل الطاعات فعلوا الاوامر واجتناب النواهي العمل بالشرع اتقوا الله ولا تخزوني نعم تعدى احد على ضيفك او على من هو في بيتك يفعل بهذا الفعل هذا خزي على صاحب البيت وهذا دليل على انه يجب عليه ان يدافع بكل ما اوتي ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم من قتل دون عرضه فهو شهيد ولا يستسلم قال قالوا اولم ننهك عن العالمين يعني هو في طغيانهم يعمهون وقالوا منكرين عليه. قالوا يا لوط اولم ننهك عن العالمين نهيناك ان تستضيف احدا وقيل نهيناك ان تؤوي احدا ليس من بلدنا فقال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين مر معنا الكلام على هذا مفصلة ونعيده بشيء من الاختصار فهناك قولان مشهوران لاهل العلم القول الاول انهن بناته فعلا كان عنده بنتان او ثلاثة وذلك انهم قبل ذلك خطأ خطب منه رجلان من اعزائهم واكابرهم واشرافهم فرفض لوط ان يزوجهما لانهما كانا كافرين ولما جاء اليه وهو في هذا الحال عند ذلك قال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين يعني يزوجهم زواجا شرعيا بالطريقة الشرعية المتبعة في زمنه وليس المعنى انه يخلي بينهن بينهم وبينهن وبينهن لكن القرآن يوجز ويجمل وقال اكثر المفسرين وهو الاظهر والله اعلم ان المراد ببنات هنا نساؤهم لان كل نبي اب لقومه كل نبي اب اب لقومه ولهذا نبينا صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث بمثابة الاب لكم وازواجه امهات المؤمنين فهو ابوهم فلما قال بناتي يقصد نساؤهم نسائكم التي معكم هؤلاء هؤلاء بناتي ان كانوا فاعلين تريدون ان تفعلوا هذا الامر النساء نسائكم هن بناتي لاني انا نبيكم فاتوا نسائكم بالطرق المشروعة هذا معنى الاية ولا يجوز ان يظن غير ذلك ولم يقل احد المفسرين بما قد يظنه البعض او يتبادر لذهن من لم يعرف دلالة الكتاب والسنة فالحاصل انه اراد ببناته نسائهم لان كل نبي اب لبنات قومه واراد ايضا ان ينكروهن بالنكاح الشرعي المعروف قال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون لعمرك هذا قسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا غاية التشريف قال الحافظ ابن كثير اقسم تعالى بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريظ لانه ما اقسم بحياة احد من الانبياء ولا من الملائكة قال عمرو بن مالك البكري او النكر عن ابي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا اكرم عليه من من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله اقسم بحياة احد غيره قال الله تعالى لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. رواه ابن جرير واسناده حسن اذا هذا تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم لعمرك اي وحياتك يا نبينا انهم لفي سكرتهم يعمهون ومعنى في سكرتهم يعني في ضلالهم وجهالتهم لكن لشدة تمكنهم بهذه الجهالة كانوا كأنهم سكرى مثل السكران الذي لا لا لا يحسن النزع عما هو فيه في سكرتهم يعمهون. ومعنى يعمهون يعني يتحيرون ويترددون فهم باقون في هذا الظلال هذه الجهالة يعمهون يتحيرون ويترددون لا يخرجون منها ولا يتوبون منها قال جل وعلا فاخذتهم الصيحة مشرقين فاخذتهم الصيحة مشرقين نزلت بهم صيحة من السماء. قيل صاح بهم جبريل صيحة قطعت قلوبهم مشرقين عند اشراق الشمس وجاء في بعض الايات ما يدل على ان العذاب يعني نعم ما يدل على ان الله امر وسيأتي ان الله امر ان يخرج اخر الليل وهو انه في بعضها انه يخرج الصبح فجاء ما يدل على انهم العذاب اخذه في الصباح وجاء ما يدل هنا على انه اخذهم في حال الاشراق لكن لا تعارض قال العلماء لا تعارض كيف قالوا الاية التي تدل على انهم اخذهم مصبحين يعني في اول ما بدأ الصباح واول ما يبدأ الصباح طلوع الفجر الثاني والاية التي تخبر انه اخذهم في حال الاشراق لا تعارض فالاية الاولى اخبرت عن بداية العذاب فبدأ فيه في الصباح وقضي عليهم جميعا عند اشراق الشمس بعد اشراقها لم يبقى منهم احد هلكوا جميعا ولا تعارض بين ايات القرآن قال جل وعلا فاخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل فجعلنا عاليها سافلها قال بعض المفسرين انها رفعت ارضهم الى السماء ثم نكست والقيت فصار اسفل الارظ اعلاها واعلى ارضهم كان هو اسفلها وجاء بهذا اثر اسرائيلي انهم رفعهم جبريل على جناحه حتى سمعت الملائكة نباحة كلابهم ثم قلب الارض عليهم وهذا الاثر ضعيف وقال بعض المفسرين لا يلزم انه قلب الارض ولكن لما نزلت هذه الحجارة التي هي من طين من سجيل اهلكت اعالي ارضهم حتى اسقطت كل شيء كان عاليا فكان اسفل اسقطت كل شيء كان مرتفع الاعلى اعلى البيوت اعلى النخل اعلى الاشجار اعلى نزلت به هذه الحجارة فسوته في الارض فصار في اسفلها بدل ان كان عاليا وهذا محتمل لان الاثر فيه ضعف ضعيف من اخبار ما يسأله وهو ضعيف الاسناد المهم ان ان في ذلك عبرة سواء قلبت الارض لكن لم يرد صريحا او انه لما حل العذاب ورموا بالحجارة سقط كل شيء كان عاليا رفيعا فسواه في الارض فصار في اسفل في اسفلها صار في اسفل ارضهم وفي اسفل مدينتهم. قال جل وعلا فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل مطر مثل المطر لكثرته حجارة من سجيل. السجيل هو الطين اليابس فهو طين يابس حتى صار حجارة فاهلكتهم جميعا ما نجا منهم احد بما فيهم زوجة لوط امرأته كانت من الغابرين قال فامطرنا وامطرنا عليهم حجارة من سجيل ان في ذلك لايات للمتوسمين ان في ذلك في اهلاك قوم لوط واحلال العذاب بهم ايات يا اخوان علامات دلائل اية تتعظ بها تعتبر لكن لمن للمتوسمين للمتفرسين للمعتبرين بايات الله وقيل للمتأملين وكلها بمعنى ففيها والله فيها اية عظيمة عبرة اما يخشى الذي يفعل هذا الفعل ان يحل الله بهذه العقوبة العظيمة تمطر عليه حجارة من السماء ويهلك ابرة موعظة لكن المتوسمين للمتأملين للمتفرسين صاحب الفراسة المتدبر للقرآن وانها لبسبيل مقيم وانها اي قريتهم التي اهلكها الله وهي سدوم لا بسبيل مقيم. قال ابن كثير اي وان قرية سدوم التي اصابها ما اصابها من القلب السوري والمعنوي والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة لطريق ما هي مسالكه مستمرة الى اليوم كقوله وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل افلا تعقلون ثانيا في وقت نزول هذه الايات عن النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان هذه القرية التي اهلكت قوم لوط لا بسبيل مقيم. سبيلها طريقها قائم الى الان قائمة. والسبيل والطريق الذي يمر بها معروف وهي الان على هذا الطريق في الشام يقول الله جل وعلا وانها لبسبيل مقيم يقول الطبري وان هذه القرية وهي مدينة سدوم لا بطريق واضح مقيم ويقول السمعاني اي بطريق واضح لا يخفى ولا يندرس وسماه مقيما لثبوت الايات فيه وقد كانوا يمرون عليه عند مضيهم الى الشام يعني قريش كانوا يمرون بهذا المكان ولهذا الله عز وجل لما ذكر اهلاكهم وتدميرهم وعظ كفار قريش ايظا بقوله وانها لبسبيل مقيم هذه المدينة سبيل مقيم واضح طريق تعرفونه رأيت ابوه في ام اعينكم. وان لم تكونوا حضرتم العذاب فهذا ادعى الى الاعتبار والاتعاظ قال جل وعلا ان في ذلك لاية للمؤمنين ان في ذلك يعني في ما حصل من اهلاك القوم وايضا في بقاء هذه القرية الى الان ويقال هذه قرية لوط قوم لوط الذين فعلوا ما فعلوا واهلكوا في ذلك ايات وعبر للمؤمنين لان المؤمنين هم الذين يعتبرون بالقرآن وان كان اصحاب الايكة لظالمين فانتقمنا منهم وانهما بامام مبين ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين واتيناهم اياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا امنين فاخذتهم الصيحة مصبحين فما اغنى عنهم ما كانوا يكسبون. نعم ثم قال جل وعلا وان كان اصحاب الايكة لظالمين الايكة المراد به الشجر الملتف على بعضه البعض والمراد بهم قوم شعيب كما قال الظحاك وقتادة وغيرهما فهم قوم شعيب وقيل لهم اصحاب الايكة لانه كان هناك ديارهم فيها شجر عظيم ملتف بعظه على بعظ فقيل لهم اصحاب الايكة او اصحاب الشجرة او الاشجار وان كان اصحاب الايكة لظالمين. كذلك قوم شعيب كانوا ظالمين والمراد بالظلم هنا الظلم الاكبر الذي هو الشرك بالله وعدم الايمان به جل وعلا وقد ايضا ذكروا انهم كانوا مع شركهم كانوا ينقصون الكيل والوزن وكانوا يقطعون الطريق فجمعوا بين امور كثيرة اعظمها الشرك فانتقمنا منهم اهلكهم الله عز وجل وانهما لبام مبين وانهما راجع على مدينة قوم لوط وعلى مدينة قوم شعيب هاتان القريتان بامام مبين قالوا بطريق يأتمون به في سفرهم ويهتدون اليه. يعني المخاطبة من كفار قريش يعرفون هاتين القريتين ديار شعيب وديار قوم لوط وهما بامام الامام يطلق على الطريق وهذا الطريق بين واضح هم يعرفون هذا اذا مروا قالوا هذه ديار قوم اصحاب الايكة او قوم شعيب وهذه ديار قوم لوط او اصحاب لوط فهم فهذا شيء معروف لهم وبين وهذا ادعى الى ان يعتبروا ويتعظوا فان ما حكاه القرآن ايضا رأوا بام اعينهم ديار القوم واماكنهم ثم قال ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين قال ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين اصحاب الحجر اي سكان الحجر والمراد به مدينة ثمود وهي موجودة الى الان فهي يقال له الحجر ويقال لها ديار ثمود وهي شمال العلا ويقال لها مدائن صالح لا تزال معروفة بهذا الاسم ولا تزال بيوتهم الى الان موجودة وترى قال ولقد كذب اصحاب الحجر الحجر المرسلين طيب اصحاب الحجر انما ارسل لهم صالح