اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وعلى الله قصد السبيل ومناجائر ولو شاء لهداكم اجمعين هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمر ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرة بامره ان في ذلك لايات لقوم يعقلون وماذا رأى لكم في الارض الوانه ان في ذلك لاية لقوم يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة النحل في الاية التاسعة منها وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر. ولو شاء لهداكم اجمعين وعلى الله قصد السبيل يقول الحافظ الطبري في تفسيره يقول تعالى ذكره وعلى الله ايها الناس بيان الطريق الحق لكم ثم قال والسبيل هي الطريق والقصد من الطريق هو المستقيم الذي لا اعوجاج فيه وبنحو ذلك قال المفسرون قال مجاهد وعلى الله قصد قصد السبيل اي طريق الحق على الله معنى انها توصل الى الله لان قصد السبيل اي السبيل والطريق القصد المستقيم الذي لا اعوجاج فيه وقال السدي وعلى الله قصد السبيل قال الاسلام وقال وقال العوفي عن ابن عباس وعلى الله قصد السبيل وعلى الله البيان اي يبين لكم الهدى من الضلال وقد ذكرنا ايضا ان القرطبي رحمه الله قال ان في الكلام مضاف محذوف وتقدير الكلام وعلى الله بيان قصد السبيل لان السبل تنقسم الى سبيلين اما سبيل مستقيم وهو الذي عناه الله جل وعلا بقوله اهدنا الصراط المستقيم وهو الذي عناه الله جل وعلا بقوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه والنوع الثاني سبل معوجة كما في هذه الاية ومنها جائر ومعنى جائر اي منحرف عن الحق فيه جور وميل وانحراف وقد بين النبي صلى الله عليه واله وسلم هذين السبيلين وهو انه صلى الله عليه واله وسلم كان جالسا مع اصحابه فخط خطا مستقيما ثم خطوطا متعرجة فقال عن الخط المستقيم هذا هو الصراط المستقيم. هذا هو الذي يوصل الى الله ويوصل الى الجنة. واما هذه السبل وهي كثيرة فعلى رأس كل سبيل او طريق منها شيطان يدعو الى النار. ولهذا تجد ان الله جل وعلا وحد سبيل الحق قال وان هذا صراطي مستقيما. فاتبعوه ولا تتبعوا السبل. الحق واحد ولهذا جاء وصفه بالافراد بان الطريق الموصل الى الله طريق واحدة. واما الطرق المعوجة المنحرفة فهي كثيرة لا تعد ولا تحصى فاليهود لهم طريق والنصارى لهم طريق والمجوس لهم طريق والوثنيون لهم طريق وكل اصحاب الاهواء واصحاب الضلالات كل منهم له طريق. ولهذا قال ولا تتبعوا السبل جمعها لكثرتها قصد السبيل هنا المراد به الصراط المستقيم الموصل الى الله الذي كان عليه النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو صراط المنعم عليهم كما قال جل وعلا اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم. قال جل وعلا في سورة النساء ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا اذا هذا هو الصراط المستقيم. صراط نبينا صلى الله عليه وسلم. صراط الانبياء. صراط الصديقين. ابو بكر وامثاله صراط الشهداء كعمر وامثاله صراط الصالحين كل من اصلح العمل من السابقين والاخرين. فهذا السبيل على الله بيانه. ولهذا وظحه غاية الايضاح. وبين انه غاية البيان فارسل رسلا وانزل كتبا واعطى واعطى الرسل من واعطى الرسل من الايات ما يدل على الحق. ووظح الحق بالدلائل والبينات الافاقية في الافاق وفي الانفس وفي المخلوقات بينه بيانا ما بعده بيان حتى قال نبينا صلى الله عليه واله وسلم وهو رسول الله ويعمل بامر الله يقول تركتكم على المحجة ليلها تركتكم على البيظاء ليلها ونهارها سواء لا يزيغ عنها الا هالك. اي تركتهم على المحجة على الطريقة على السبيل. بيظاء ليلها ونهارها سواء في النهار واضحة وفي الليل ايضا في ظلمة الليل بيضاء واضحة لا تخفى على الانسان وبين لنا صلى الله عليه وسلم كل شيء. فهذا هو قصد السبيل اي السبيل القاصد. المستقيم المعتدل الموصل الى الله وهو صراط الذين انعم الله عليهم. قال جل وعلا وعلى الله قصد السبيل. ثم قال ومنها جائر ومن السبيل ما هو وجائر ومعنى جائر اي معوج ومائل عن الاستقامة مثل طريق اليهود وطريق النصارى وطريق المجوس وطريق الفرق الضالة قبل الاسلام وفي هذا الدين ايضا. كل من انحرف عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم وتعبد لله بغير طريقه فهو طريق جائر ومائل عن الحق قال جل وعلا ولو شاء لهداكم اجمعين. لو شاء الله جل وعلا لهد الخلق اجمعين ولكنه سبحانه وتعالى يهدي من يشاء بفظله ويظل من يشاء بعدله وهو جل وعلا لا يحكم على العباد بعلمه الازلي السابق. وانما يخلقهم ويوجدهم ويأمرهم وينهاهم ويقيم عليهم الحجة فمن اختار طريق الضلال صار من اهل الضلال. ومن اختار طريق الهدى صار من اهل الهدى ولهذا قال جل وعلا فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم. قال والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم والله جل وعلا قادر على هداية الخلق كلهم. ولكنه جل وعلا لحكم عظيمة جعل منهم المهتدي ومنهم الضال مع انه مكنهم واعطاهم الالات وجعل لهم حرية الاختيار بوفق اعمالهم. وهذا كقوله جل وعلا ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا وكقوله جل وعلا ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين. ثم قال جل وعلا وقبل ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره ذكر مناسبة بين هذه الاية وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر بعد قوله في الاية او في الايات السابقة لما ذكر نعمه على عباده. قال ابن كثير لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه ذكر الخيل والبغال والحمير لتركبها. في الاية التي قبل هذه الاية. ثم قال هنا وعلى الله قصد السبيل. ما وجه المناسبة بين الايتين قال ابن كثير رحمه الله لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية ذكر من الحيوانات ما يسار عليه في السبل والطرقات الحسية المحسوسة المشاهدة قال نبه على الطريق المعنوية الدينية وكثيرا ما يقع في القرآن العبور من الامور الحسية المحسوسة الى الامور المعنوية النافعة الدينية قال كقوله وتزودوا فان خير الزاد فان خير الزاد التقوى. بعد ان امر بالتزود في الحج في الطعام والشراب والراحلة وما يحتاج اليه اعقبه بان خير الزاد التزود للاخرة وهو زاد التقوى وقال جل وعلا يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير بعد ان ذكر انه بعد ان امتن علينا بانه جعلنا لباسا يغطي ابداننا ويغطي سوءاتنا وعوراتنا قال بعد ذلك ولباس التقوى خير ان يتلبس الانسان بالتقوى فيجعل التقوى ثيابا له ذلك خير وهذه الاية نظير هذه الايات. ثم قال جل وعلا هو الذي انزل من تمائما لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون. يمتن جل وعلا على عباده بما انعم وتوظل به عليهم قال الحافظ ابن كثير لما ذكر تعالى ما انعم به على عباده من الانعام والدواب شرع في ذكر نعمه عليهم في انزال المطر من السماء وهو العلو مما لهم فيه بلغة ومتاع لهم ولانعامهم فقال لكم منه شراب اي جعله عذبا زلالا يصوغ لكم شرابه ولم يجعله ملحا ملحا اجاجا نعم بعد ان ذكر الله نعمه علينا وما سخره لنا من بهيمة الانعام وما هدانا اليه ووضحه من الصراط المستقيم اردف ذلك ايضا بذكر شيء من نعمه علينا. لان الانسان اذا تذكر هذه النعم وتدبر في شأنها وتأمل حمله ذلك على شكر المنعم. واعظم ما يشكر به المنعم جل وعلا هو افراده جل وعلا بالعبادة والتوحيد وعدم الشرك معه وعدم اشراك احد معه في عبادته جل وعلا قال هو الذي انزل من السماء والسماء يطلق على جهة العلو. كل ما علاك فهو سماء. في لغة العرب. فيطلق على السماء الدنيا سماء ويطلق على السحابي سماء ويطلق على سقف البيت سماء. والمراد به جهة العلو قال هو الذي انزل من السماء ماء وهذه اية عظيمة من ايات الله. فهذه السماء التي نراها خالية لا شيء فيها لا ماء فيها لا سحاب فيها ليس فيها شيء الله جل وعلا جعل الماء ينزل منها. ويرزق عباده. وهذا دليل على قدرته جل وعلا ودليل على رحمته ودليل على لطفه بعباده. لان اي شيء يكون فوقك اذا قضى عليك فالاصل انه يؤذيك. لو رميت حجرا يسيرا. ما يمكن ان يستقر في الهواء. الا وينزل عليك فكيف يزجي جل وعلا وينشأ هذا السحاب الثقال الذي يحمل ملايين الاطنان من المياه ومع ذلك لا يسقط على العباد. فجأة والا لاهلكهم. لكنه ينزل مطرا طيبا نافعا فسبحان العلي القدير سبحان اللطيف الخبيث جل وعلا فهذه النعمة يا اخوان هذا الماء الذي نشربه الان. نعم توفر الماء عندنا الان. ما نجد مشقة البيوت مليئة بالماء والمسجد النبوي مليء بالماء بل مساجد والعمل مليء بالماء وكل مكان تجد فيه الماء لكن هذا الماء الذي جاء به هو الله لو شاء لامسك المطر فجفت الارض وجفت الديار وماتت النباتات والزروع والحروف ومات الناس ومات دوابهم هذه نعم من الله يا اخوان يجب ان يشكر عليها ويحمد. تأمل تأمل في ايات الله. تأمل في نعمه. فان هذا يكون سببا في تقييد هذه النعم وبقائها. ويكون سببا في شكر القلب واعترافه وتعلقه بربه جل وعلا. قال هو الذي انزل من السماء ماء. لكم منه شراب فجعل من هذا الماء جزء منه شراب لنا عذبا زلالا لذيذا طيب المذاق ولم يجعله كله ملحد ملحا اجاجا. لو شاء لجعله كله مثل ماء البحر ما احد يستطيع يشرب ماء البحر الا عند الاضطراب فهذه نعمة من الله مع ان هذا الماء يخترق الارض ويمر فيها وفيها السبق السبخة وفيها المالحة وفيها الترابية وفيها الارض الجبلية وفيها وفيها فيحفظه ويستقر عذبا زلالا يشرب منه العباد قال جل وعلا ومنه شجر فيه تسمون في الكلام تقدير. وينبت منه من هذا الماء وبسببه ينبت منه لكم شجر انواع لا تعد ولا تحصى من الاشجار. ونعمة اخرى فيه تسيمون والصوم هو الرعي. الصوم هو الرعي ومنه السائمة. يقال لبهيمة الانعام انها لا تزكى الا اذا كانت سائمة. تسوم يعني ترعى بنفسها. وتذهب الى المرعى وترجع فانبت لنا شجرا ونعمة فوق هذا جعل هذا الشجر غذاء ومأكلا لدوابنا نسيم فيه دوابنا ترعى فيه دوابنا تأكل حتى تدر اللبن ونتغذى بذلك نعم لا تعد تعد ولا تحصى نعم من الله جل وعلا قال ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب. ايضا ينبت لنا بهذا الماء ينبت لنا به الزرع الزروع لا يمكن ان ينبت زرع الا بالماء. وايضا ينبت لنا به الزيتون ايضا ينبت لنا به النخل النخيل بانواعها ايضا ينبت لنا به سائر الاعناب العنب وما شابهه كلها جل وعلا ينبتها بقدرته بسبب نزول هذا الماء وان باتها نعمة اخرى يا اخوان. لانه احيانا ينزل المطر ينزل الماء ولا تنبت الارض فان باتوا نعمة بعد نعمة ومنة بعد منة من الله جل وعلا قال ومن كل الثمرات. يعني غير الزرع والزيتون والنخيل والاعناب هناك ثمرات ماذا تعد؟ من انواع ان الخيرات والثمرات الله انبتها لنا جل وعلا. قال ومن كل الثمرات ان في ذلك في انزال المطر وجعله شرابا لنا وان باتوا الاشجار التي تسوم وترعى فيها دوابنا وفي انبات الزرع والنخيل والزيتون والاعناب وكل الثمرات. ان في ذلك لايات. اي ان في ذلك لاية اي دلالة اية لان الاصل في الاية هي العلامة. ففي ذلك علامة ودليل على انه لا اله الا الله وحده لا شريك له من يفعل هذه الاشياء هو الله وحده لا شريك له وهو المستحق ان يعبد دون من سواه. جل على لكن لمن لقوم يتفكرون يتدبرون يتأملون كثير من هذه النعم نحن لما نذكر بها نتذكر لكن ربما نمر عليها في كثير من الاوقات لا نقف عندها لانه كما قيل اذا كثر الامساس قل الاحساس فتعود الانسان انه يرى المطر ويرى النباتات ويرى الفواكه والخضار والتمر والانعام ولا يكاد يتذكر منة الله عليه فيها. انت ما لك الا تذهب للسوق او تتصل بصاحب البضاعة بالهاتف ويأتيك بالبضاعة الى حد بيتك كم مرت في هذه الثمرة قبل ان تأتي اليك بذرت حرثت لها الارض. سقيت اعتني فيها مر بها وقت الى ان نضجت ثم قطفت ثم جلبت الى السوق مات ما تشعر بشيء من هذا انت طيب من ينعم عليك هذه النعم الا يستحق منك ان تشكره؟ وانت واعظم الشكر التوحيد. تطيع ولا تعصيه. جل وعلا ولله المثل الاعلى انت لو يحسن اليك انسان باحسان يسير. تجد في نفسك انك تشكر صنيعه هذا وفعله لو ان رجلا وانت جالس اعطاك كوب ماء صب الماء وقال خذ تقول جزاك الله خيرا يعني يسرك فعله هذا. فكيف بالمنعم المتفضل بكل النعم؟ هاتان العينان. ما الذي انعم بهما ما الذي جعله منبصرتين ما الذي رزقك هذا اللسان من الذي رزقك هذا الانف؟ من الذي رزقك هذا الهواء الذي تتنفس منه؟ كما كم الان في هذا المسجد المبارك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من الناس هل يشكو احد يقول والله انتهى الاكسجين كيف اتنفس؟ ما الذي يأتينا بالهواء من الذي يجعل هذا الهواء في لحظة في ثوان معدودة يدخل الى القلب فيصفي الدم كله ويرد الى البدن صافيا من هو الله. يا اخوان تذكروا نعم الله فان هذا ادعى الى شكره والى تعظيمه والى طاعته والى عدم معصيته جل وعلا ثم قال وسخر لكم الليل والنهار. التسخير في اللغة يأتي بمعنى التذليل سخره يعني ذلله وقيل هيأه وقيل سيره وكل هذه المعاني حق. فالله سخر لنا الليل والنهار قال الامام الشوكاني رحمه الله في تفسيره معنى تسخيرهما معنى تسخيرهما تصيرهما نافعين يعني تصير الليل والنهار ما في عيني لهم للعباد بحسب ما تقتضيه مصالحهم وتستدعيه حاجاتهم. يتعاقبان دائما كالعبد المطيع لسيده لا يخالف ما يأمره به ولا يخرج عن ارادته. نعمل ليس اخرنا الليل نعم الله وفي الليل من المنافع والمصالح التي لا توجد في النهار وفي النهار من المصالح والمنافع التي لا توجد في الليل. ولو شاء لجعل الليل علينا سرمدا الى يوم القيامة فلم نحصل المصالح والمنافع التي في النهار ولو شاء لجعل النهار علينا سرمدا الى يوم القيامة فلا نحصل المصالح التي تحصل لنا في الليل. فمن الذي سخر الليل والنهار؟ وذل لعباده هو الله وحده لا شريك له نعم عظيمة يا اخوان ثم قال وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر ايضا وسخر لكم الشمس والقمر فتطلع الشمس في ابانها ووقتها فاذا طلعت كم ينتفع الناس بها بالظياء بالكهرباء بالحرارة انبات النبات بتطهير الارض بقتل الجراثيم والاشياء المؤذية بانبات النبات الى غير ذلك واذا اردت تعرف شيئا من الخير الذي جعله الله عز وجل في الشمس انظر اذا اشتد بك البرد في الليل كم تدفع او كم تتكلف من دفع المال من اجل ان ان تدفئ نفسك. تستخدم الكهرباء اذا خرجت هذه الشمس مجانا الحرارة. الدفء هي من نعم الله عز وجل علينا كذلك سخر لنا القمر فيه منافع عظيمة منها ضوءه ونوره يبصر به الناس وينتفعون وقد بعض الناس يؤلف على ضوء القمر. كما قال البخاري محمد ابن اسماعيل البخاري رحمه الله صاحب الصحيح ذكر انه جاء الى المدينة. وانه كان يكتب على ضوء القمر في هذا المكان يؤلف الصحيح الى غير ذلك من المنافع التي لو اراد الانسان ان يقف عندها ما يستطيع ان يأتي عليها جميعها. قال جل وعلا والنجوم مسخرات كذلك النجوم مسخرات مذللات تجري بامر الله ولها من المنافع الشيء العظيم وعلامات وبالنجم هم يهتدون كما سيأتي ما تصح العبادة الا اذا عرف الانسان النجوم الذي يسير في الليل في ظلمة الليل كيف يعرف القبلة يبي يعرف المشرق من المغرب كذلك ايضا معرفة النجوم والنجم الفلاني انه اذا طلع باذن الله هذا هو وقت زرع الزرع الفلاني او غرس الزرع الفلاني وهكذا مع ان هذه النجوم مسخرات مذللات تجري وفق تقدير الله لها لا يختل نظامها قال جل وعلا مسخرات بامره جل وعلا ان في ذلك لايات لقوم يعقلون في هذا التسخير لليل والنهار والشمس والقمر والنجوم فيها ايات علامات ودلائل وبينات تدل على انه لا اله الا الله انه مستحق ان يعبد انه هو الاله الحق جل وعلا ولكن لقوم يعقلون يعقلون عن الله مراده يفهمون ويستخدمون عقولهم بما يعود عليهم بالنفع التدبر والتأمل وقوله جل وعلا وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتهم بامره فيها قراءات فقرأ حفص وهي القراءة التي نقرأ عليها قرأ والنجوم مسخرات النجوم بالظم على انه مبتدأ ومسخرات خبره وما قبلها قرأها بالنصب سخر لكم الليل وقع عليه مفعول بي لسخر اي سخر الله لكم الليل والنهار معطوف عليه والشمس معطوفة عليه والقمر كلها منصوبة قرأها كلها بالنصف الا والنجوم مسخرات بالرفع. وقرأ الجمهور فرواها كلها بالنصب. جمهور القراء. جعل لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرة كلها بالنص ومسخرات حال وقرأ ابن عامر برفع الاسماء الاربعة قالوا سخر لكم الليل والنهار وما بعدها قرأها بالرفع فقرأ والشمل نعم والشمس والشمس والقمر والنجوم مسخرات وعلى كل حال المعنى لا يختلف كثيرا لكن من منهم من جعل مسخراتهم خبر ومنهم من جعلها حال والحال انها مسخرة مذللة وهذا كله يدل على فضل الله جل وعلا على عباده. ومننه ونعمه التي تستحق منا الشكر ثم قال جل وعلا وماذا رأى لكم في الارض مختلفا الوانه؟ ايضا وسخر لكم ما ذرأ والاصل في الذرء هو الخلق اذا رأى يعني خلق لكن اذا كان خلقوا وفرقه فانه يقال ذرأ فهنا خلق وفرق فوزع لنا جل وعلا في الارض من اصناف النبات والمخلوقات الشيء الكثير ولهذا قال وما ذرأ لكم اي وسخر لكم ما ذرأ وما خلق قال قتادة ذرأ يقول وما خلق لكم مختلف الوانه من الدواب ومن الشجر والثمار نعم من الله متظاهرة اذكروا فاشكروها لله جل وعلا قال وماذا رأى لكم في الارض مختلفا الوانه؟ يقول الحافظ ابن كثير لما نبه تعالى على معالم السماوات والارض سخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر قال نبه على ما خلق في الارض من الامور العجيبة والاشياء المختلفة من الحيوانات والمعادن والنباتات والجمادات على اختلاف الوانها واشكالها وما فيها من من المنافع والخواطر الصين ان في ذلك لاية لقوم يذكرون اي الاء الله ونعمه فيشكرونها. ما خلق في الارض اعم من النبات اعم من الجبال اعم من المعادن كل ما خلقه من الارض والمنابع التي في الارض الان هذه من الله هو الذي خلقها لنا جل وعلا لان الله كرم بني ادم لكن طلب منهم شيئا واحدا وامرهم به وخلقهم لاجله وهو ان يعبدوه وحده لا شريك له. ولا يجعل له شريكا فلا يدعون غيره ولا يرجون غيره ولا يخافون غيره اقصد خوف العبادة ورجاء العبادة ودعاء العبادة ولا يطلب تفريج الكربات وقضاء الحوائج الا منه جل وعلا ولا يطاف الا ببيته تقربا اليه. لا يطاف بالقبور ولا تدعى من دون الله. ولا يذبح لها ولا ينذر هذا كله حق الله فلا يجوز صرفها لغير الله يجب ان تصرف له وحده لا شريك له. من فعل ذلك هو المستحق ان تصرف له العبادة. لا يجوز ان تصرف لمن لا يستحقها ما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا استخرجوا منه حلية تلبسونها. وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا منه فضله ولعلكم تشكرون. والقى في الارض رواسي ان تميد بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالنجم هم يهتدون افمن يخلق كمن لا يخلق. افلا تذكرون ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ان الله لغفور رحيم قيم. والله يعلم ما تسرون وما تعلنون. والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون غير احياء وما يشعرون اي ان يبعثون اله واحد. فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم وهم مستكبرون. لا جرم ان الله يعلم ما يسر وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين. حسبك ثم قال جل وعلا وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا. اي هو جل وعلا الذي ذل البحر وهيأه لمنافع العباد والا فالبحر ماء والاصل انه مغرق ومهلك وخاصة اذا هبت به الرياح العاتية ومع ذلك سخره لنا سخره للعباد وذلله. فيقضون فيه منافعهم. يسيرون على ظهره ويأكلون من لحمه من اللحم الذي فيه ويستخرجون الحلية الى غير ذلك من المنافع فالمسخر له هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له. قال وسخر وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وهو السمك ولهذا قال طريا والاصل في الطراوة انها ظد اليبوسة ضد اليوبوسة وصفه بذلك وصف اللحم لانه طري لبيان لطافته. وانه سائغ قال الشوكاني في تفسيره وصفه بالطراوة للاشعار بلطافته والارشاد الى المسارعة باكله. لكونه مما يفسد بسرعة ولهذا لحم السمك من انفع اللحوم. والله الذي سخره لنا ولو سأل حرمنا ذلك فلما ابتلى الله اليهود جعل السمك يأتي يوم الاحد يوم السبت الذي حرم عليهم فيه ان يصطادوا وبقية ايام الاسبوع يذهب السمك لا يرون سمكة واحدة وفي هذا اليوم يأتي تترا من كل جهة لو شاء جل وعلا لذهب بالسمك عنا فنخوض البحر ولا نجد شيئا نصطاده او نأكل منه. كلها نعم من الله يستحق عليها الشكر. ولهذا صدق قتادة رحمه الله لما قال هذه اسمها سورة النعم سورة النحل قال سورة النعم بكثرة النعم التي عددها الله جل وعلا قال وتستخرج منه حلية تلبسونها. حلية فيخرج منها اللؤلؤ والمرجان. كما قال جل وعلا في اية اخرى يخرج منهم اللؤلؤ والمرجان حلية يحتاجها الناس وينتفعون بها والله جل وعلا الذي جعل ذلك في قاع البحر وهذا العباد الى استخراجه. قال جل وعلا وترى الفلك مواخر فيه الفلك هي السفن والبواخر والفلك يستوي فيها الواحد والجمع والذكر والانثى تقول الفلك اذا كانت واحدة تقول الفلك قال جل وعلا عن نوح ويصنع الفلك نوح صنع سفينة واحدة وهنا يقول وترى الفلك مواخر فيه اي السفن الجمع فالفلك يستوي فيه الواحد والجمع فتقول عن الواحدة هذه فلك وتقول عن مجموعة السفن هذه فلك قال وترى الفلك مواخر فيه ومواخر قال الحسن اي مواقر مملوءة فترى الفلك مواخر يعني يقول ترى الفلك والسفن في البحر مليئة بالامتعة والاطعمة والبضائع هذا امر معروف هناك الان بعض الفلك حامل الطائرات هي اكثر من سبعمائة او الف طائرة تسير في البحر وكم فيها من المتاع والسيارات وغير ذلك فمن الذي سخره الاصل انك اذا وضعت شيء في ماء وفيه شيء ثقيل يغرق وهذه تحمل الاف الاطنان ومع ذلك لا تغرق ما الذي سخره هو الله وحده لا شريك له وقال قال الحسن مواخر اي مواقر اي مملوءة وقيل مواخر اي مقبلة ومدبرة بريح واحد الريح واحدة لكن تجد هذه السفينة تذهب جنوبا والاخرى تذهب شمالا والريح واحدة وقيل بواخر اي تشق البحر تمخره اي تشقه لان المخر هو الشق قالوا وذلك في صدرها صدر السفينة ويسمى جؤجؤ في لغة العرب جؤجؤ السفينة يعني مقدمتها وهو ذلك الجزء منها المنحني المسمم يشق الماء هذا يعرفه من يركب البحر اذا مرت بجوارك السفن او حتى القوارب ماذا تفعل بالماء؟ والله جل وعلا هو الذي جعلها تمخر البحر وتشقه وقيل مواخر اي تمخرها الريح وكل ذلك حق والله جعل الفلك في البحر وجعلها ايضا مواخر تمخره تشقه تسير فيه تحمل الامتعة بريح واحدة مملوءة قال جل وعلا ولتبتغوا من فضله ايضا ولتطلبوا من رزقه وتتصرفوا في تحصيل الرزق وقال بعض المفسرين ولتبتغوا من فضله قالوا مراد التجارة تفتح من فظله اي تتاجر وتحصلوا على الارباح وعلى ونعم معظم التجارات انما هي عن طريق البحر لانه ارخص وامن وهذا امر نعرفه التجار لو اراد ان ينقل بضاعته عن طريق الطائرة لدفع اضعافا مضاعفة وعرضة للخطر بينما البحر يبتغي الناس فيه من فضل الله ومن رزقه ويتاجرون ويذهبون ويجيئون كل ذلك من تفضل الله جل وعلا وانعامه على عباده ولا يريد منهم جزاء ولا شكورا وانما يريد منهم ان يأكلوا من رزقه وان يعبدوه وحده لا شريك له. فقط يريد منهم ان يعبدوه ان يفردوه بما هو حقه. وهو اخلاص العبادة له ولا يصرفون ذلك لغيره سبحانه وتعالى. قال ولعلكم تشكرون نعم هذه النعم يا اخوان تدعو العبد ان يشكر الله تحمله على الشكر اشكر الله دائما اشكره بقلبك. وهو الاقرار والاعتراف. والاستكانة لله ومعرفة هذه النعم كم هي عظيمة وبلسانك بان تشكر الله وتثني عليه. وبجوارحك تعطي تتصدق تنفع اخوانك يظهر شكر النعمة عليك واعظم النعم لكن هذه بعد اعظم النعم وهو التوحيد ان تتعبد لله تفرده بالعبادة. وايضا تشكره بلسانك وقلبك وجوارحك كما قال القائل افادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والظمير المحجب شكر يكون بالقلب والاقرار والاعتراف ويكون ايضا باللسان ويكون ايضا بالجوارح يظهر عليه الشكر نعمة العلم نشرها بين الناس شكر نعمة الغناء الصدقة ونفع الناس شكر نعمة القوة والصحة مساعدة الاخرين القيام بطاعة الله وهكذا قال جل وعلا والقى في الارض رواسيا ان تميد بكم القى في الارض رواسي وهي الجبال فهي ترسي الارظ وتثبتها والجبال اوتادا فلولا هذه الجبال لمادت الارض ان تميد بكم اي لئلا تميد بكم لاجل الا تميد بكم والميد في الاصل في اللغة هو الاضطراب مادت الارض تميل يعني تضطرب. تتحرك تتزلزل تضطرب ولهذا المناطق الجبلية يندر وقوع الزلازل فيها تقع الزلازل في الاماكن المفتوحة في التي ليست فيها جبال واحيانا تضطرب الارض اذا جاء الزلزال ثواني ما يصل الى دقيقة كم يدمر كم ينهدم من البيوت كم يموت من الناس نحن ما نشعر بهذه النعمة الله جل وعلا ثبت لنا الارظ وارساها ثبتها بهذه الجبال جعلها رواسي والا لكانت مضطربة ما احد يستطيع يعيش عليها ولا يستقر فهذه من نعم الله العظيمة علينا مولد شيء خلقه الله الا لحكمة عظيمة علمه من علمه وجهله من جهله قال جل وعلا والقى في الارض رواسي ان تميد بكم وانهارا ايضا جعل في الارض انهارا بعضها نهار طويلة تمشي مئات الكيلوات لماذا يستفيد العباد منه انظر مثلا نهر النيل كم طوله كم دولة تستفيد منه تجد الحياة متركزة عليه المزارع والبيوت لان فيه حياة للناس ماء يجري يزرعون ويحرثون هذه نعم عظيمة من الله عز وجل. وتجده ينبع في بلد وينتفع منه اناس في بلدان اخرى ويشق الارظ ولا ينقطع ماؤه من الذي جعله الله وحده لا شريك له فيجب ان نشكره على هذا قال وانهار وسبلا. السبل الطرق ايضا جعل لنا في الارض طرق الان بعد مجيء السيارات وهذي طرق معينة لكن قديما ايضا تجد الناس لهم طريق موحد. ولهذا الحجاج مثلا اذا جاؤوا من الشام او من العراق او من اليمن او من اي مكان تجد انهم كلهم يسلكون طريقا واحدا اما لانه اقصد او لانه لا يعترظه شيء يمنع. لو شاء لو شاء لجعل الارض كلها جبال شاهقة ما فيها طرقات ما تستطيع تثبت عليها بقدميك بل انه احيانا جل وعلا تجد الجبال متصلة وتجد بينها شقا اجعل طريقنا يمشي الناس معه لو لم يكن هذا الطريق ربما ما يستطع الناس ان يأتوا من هذا قد يحتاجون الى ان يمشوا مئات الكيلوات او اكثر مثلا جبال السروات التي المدينة فيها جبال الثروات تمتد من اليمن الى تبوك اكثر من الفين كيلو او اكثر كلها جبال لو جعل حدا فاصلا من اين يعبر الناس فجعل سبل والارض ايضا جعلنا فيها طرقات نسير فيها ونقطع المسافات هذه ايضا من ايات الله ونعمه علينا جل وعلا قال وسبلا لعلكم تهتدون تهتدون بهذه الايات بهذه العلامات بهذه الرواسي بهذه السبل بهذه الانهار. بهذه النعم تهتدون سبيل الحق وتقدرون الله حق قدره فتعبدونه وحده لا شريك له تطيعونه فلا تعصونه ثم قالوا علامات وبالنجم هم يهتدون. ايضا جعل لعباده علامات دلائل فتمشي مع هذه الارض يأتيك جبل يأتيك مثلا ارض نائمة يأتيك اكام علامات تعرف الطريق ولهذا بعض الاماكن التي تستوي ارضها كلها مثل بعضها اكثر اكثر الناس يظيع فيها لا يدري اين يذهب لا يعرف الشمال من الجنوب وخاصة في الليل وجعل علامات تمشي مع هذا الطريق بعد مدة يأتيك جبل اذا هذا هو الجبل الفلاني. اذا نحن في الطريق الصحيح لو كانت الارض كلها مشتبهة مثل بعضها البعض كيف يهتدي الناس فجعلوا العلامات والدلائل من الجبال والاكام وغيرها هذي اية من ايات الله ونعمة من الله عز وجل علينا قال جل وعلا وبالنجم هم يهتدون ايضا ومن نعمه علينا انه جعل النجوم لنا ايات نهتدي بها بحيث اننا نهتدي الى معرفة الطريق وان هذا طريقنا الذي نريد الى جهة الجنوب لان النجم الفلاني هذا في الشمال دائما الدب الاكبر او القطب او نجم الجدي مثلا او النجم الفلاني وكثير من الناس الان الذين لا يعنون بهذا لا يعرفون هذه الامور. لكن قبل هذه الوسائل وهذا التطور كان الناس يسافرون ليس هناك كهربا يمشي على قدميه ليس معه نور ويضرب الاف الكيلوات ويعرف اين يسير عن طريق النظر في النجوم ويعرف انه باتجاه القبلة اذا حان وقت الصلاة يقول هذه القبلة ما الذي يدريك نظره الى النجم واهتدى به هذه كلها من نعم الله ومننه التي تستحق ان يشكر جل وعلا عليها. ثم قال افمن يخلق كمن لا يخلق افلا تذكرون هذا استفهام انكاري ينكر الله جل وعلا على الذين يعبدون الاصنام ويجعلونها الهة ويتعبدون لها وهي لا تخلق هي مخلوقة الذي يجب ان يعبد هو الخلاق وحده لا شريك له هذا هو الاله هو الرب هو المستحق ان يعبد الذي يخلق الخلق ولهذا قال منكرا عليهم افمن يخلق وهو الله كمن لا يخلق الخلاق هو الله ما هناك؟ احد يخلق معه فكيف يساوي الخلاق بغيره كيف يسوى الخالق بغيره؟ هذا اظلم الظلم ان يجعل مع الله الها اخر اله مخلوق عاجز اجعل شريكا للخالق القادر جل وعلا ولهذا انكر على المشركين وعلى الكفار افمن يخلق كمن لا يخلق الجواب لا ولم يذكروا الجواب لماذا لانه ما يختلف فيه اثنان كما يقال. ولا تنتطح فيه عنزان الذي يخلق افضل من الذي لا يخلق فكيف يسوى بينهما فتعبد الاوثان والاصنام والاحجار مع الله تعالى الله ثم قال افلا تذكرون التذكر الاتعاظ والاعتبار هذا ايضا استفهام انكاري افلا تعتبرون؟ تذكرون تتعظون ترجعون الى صوابكم تعلمون انه لا اله الا الله تفردونه بالعبادة بالطاعة تقفون عند حدوده ولا تعصونه جل وعلا ثم قال جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها لماذا؟ لكثرتها والله ما تستطيع تحصي نعم الله عز وجل التي فيك انت فظلا عما في الكون وعما في غيرك. وهنا عبارة يقولها بعظ الناس وهي غلط كثير من الناس اذا اراد تذكر نعم الله عز وجل ماذا يقول يقول نعم الله لا تعد ولا تحصى لا تعد ولا تحصى نقول لا تعد لكن ما تحصى اما العد تستطيع انك تعد. تقول نعمة البصر. نعمة السمع. نعمة العقل. نعمة اليد نعمة الصحة نعمة الولد نعمة كذا تستطيع تعد لكن لن تحصي النعم كلها ولن تقارب ذلك ولهذا الصواب ان يقال نعم الله تعد ولكن لا تحصى اما تقول نعم الله لا تعد ولا تحصى هذا مخالف لظاهر القرآن. الله اثبت قال وان تعدوا اثبت العد لكنها الاحصاء قال جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها لماذا؟ لكثرتها. طيب قوله وان تعدوا هذا فيه دليل الى انه ينبغي الانسان تذكر النعم يعدد نعم الله عليهم ما استطاع منها حتى يكون ذلك ادعى لشكر الله ولطاعته ولعبادته وحده لا شريك له ولكن كما قدمنا قبل قليل اذا كثر الامساس قل الاحساس. مع كثرة مس النعم لنا خلاص كانها صار شي معتاد ما نشعر بها. ولهذا انظر الانسان اذا مرظ يعرف قدر الصحة عليه اذا جاع يعرف قدر الشبع واذا وفقد الماء ثم وجده يجد قدر نعمة الماء الى غير ذلك فتعداد النعم والتأمل فيها والتدبر والتفكر مدعاة لشكر النعم وشكر المنعم جل وعلا وافراده بالعبادة قال جل وعلا ان الله لغفور رحيم غفور فان العبد عنده تقصير في باب الشكر ولكن ربكم غفور. اشكروا الله ما استطعتم وما يحصل عندكم من سهو او او غفلة فتوبوا الى الله واستغفروه فانه جل وعلا غفور رحيم. غفور يغفر الذنوب ويسترها ورحيم بالعباد يقبل توبتهم ويعفو عنهم على ما عندهم من التقصير والا ما احد يستطيع ان يشكر نعم الله على الكمال ابدا سبق ان ذكرنا ونذكر لكم الخبر الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا من كان قبلنا عبد الله خمس مئة سنة في رأس جبل واجرى الله له عينا او نهرا باسفل الجبل وتنبت فيها رمانة او شجرة فكانت طيلة وقته يعبد الله فاذا جاء الصباح جاء ونزل وشرب من الماء واخذ الثمرة او توضأ ثم رجع الى العبادة خمس مئة سنة فسأل الله ان يقبضه ساجدا فقبضه الله ساجدا فلما فاتى الله به بعد موته فقال ادخل عبدي برحمتي قال بل بعملي يا ربي انا عبدت الخمس مئة سنة ومت ساجد بعملي فقال زنوا عمله فوزنوا عمله خمس مئة سنة فرجحت بها نعمة البصر فقط فقال الله ادخلوا عبدي النار بعمله قال بل برحمتك بل برحمتك قال ادخل عبدي الجنة برحمتي مهما كان الانسان من اجتهاد وصلاح وعمل لا يمكن ان يؤدي شكر هذه النعم لكن يسدد ويقارب وهذا من رحمة الله بنا لو نبقى الليل والنهار نشكر الله ما استطعنا ان نؤدي شكر نعمته لكن سددوا وقاربوا. ولهذا قال في اخر الايات ان الله لغفور رحيم ما يحصل من التقصير لكن على لسان التوبة والرجوع والاقرار والاعتراف فان هذا سبب لمغفرة الله جل وعلا لذنوب العباد وسبب رحمته لهم جل وعلا ثم قال جل وعلا والله يعلم ما تسرون وما تعلنون اخبر جل وعلا عن علمه المحيط فما ان تعلنونه ايها العباد وتظهرونه وتجهرون به وما تسرونه وتخفونه اما بعمله خفية وفي مكان بعيد او في ظلمة الليل او تخفونه في انفسكم فان الله يعلمه ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه شيء تحدث نفسك فيه لسانك ما نطق اذنك ما سمعت مجرد حديث نفس الله يعلمه جل وعلا فهذا يحمل العبد على مراقبته جل وعلا لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء والله يعلم ما تسرون وما تعلنون ثم قال والذين يدعون من دونه والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون هذا كما قال جمع المفسرين ان السورة مكية نعم وخاصة اولها هذه الايات كلها تتحدث عن نعم الله عن توحيد الربوبية عن ذم الالهة لان الخطاب مع قوم كفار غير مؤمنين وهم اهل مكة قبل ان يدخلوا في الاسلام يقول الله جل وعلا والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون الذين يدعون من دون الله من دون الله يعني من سوى الله من عدا الله فالمعبود الحق هو الله وحده لا شريك له. لا اله الا الله ومعنى من دونه يعني كل من دعا احدا من دون الله فقد اشرك وكفر وهؤلاء المدعوين او هؤلاء المدعوون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون هذه الاصنام التي يخلق يعبدونها من يعبد الاصنام او الاشجار او الاحجار او يعبد الشمس او يعبد القمر او يعبدوا النار او يعبد القبر كل هؤلاء لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ما يستطيعون الخلق اذا لا يستحق العبادة الا الذي يخلق وهو الله وحده لا شريك له وكل من دعي من دونه فهو لا يخلق شيئا وشيء النكرة هنا في سياق النفي فتدل على العموم ما يستطيعون ان يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ما يستطيعون يخلقون شيئا كائنا من ما كان في الصغر وهم يخلقون الاصنام مخلوقة والاشجار مخلوقة والشمس والقمر مخلوقة والاولياء مخلوقون والموتى مخلوقون فمن كان مخلوقا لا يستحق ان يعبد لا تجوز العبادة الا للخالق وحده لا شريك له اما المخلوق هذا عاجز محتاج الى غيره ما هو بقدير ما يستطيع يخلق فكيف يدعى مع الله ثم قال جل وعلا اموات غير احياء اكثر المفسرين على ان اموات غير احياء راجع على ما يدعى من دون الله على الاوثان والاصنام والانداد اموات وقال بعض المفسرين يعود على عابديهم على من يعبدونهم والصواب الاول ان هذه التي تدعى من دون الله ولا تستطيع الخلق انهم اموات غير احيائ وما يشعرون ايانا يبعثون الذين تدعون من دون الله اموات غير احياء لا روح بهم وما يشعرون ايان يبعثون ما يحسون ولا يدرون متى يبعثون لا تدري هذه المعبودات من دون الله وهذه الاوثان وهذه الاصنام وهؤلاء الاولياء وغيرهم لا يشعرون متى يبعثون اذا الاصنام تبعث نعم قال جمع من المفسرين الاصنام تبعث يوم القيامة فتقرن بالجن التي كانت فيها لانه ما من صنم الا معه جني بل كانوا يعبدون الجن فمن عبد صنما اوليا او قبرا حقيقة وهو يعبد يعبد جن بداخله قال فتقرن بالجن التي كانت فيها فيتبرأون من عبادة المشركين ثم تطرح الجن مع الكفار في النار وقال بعضهم وقيل بل تبعث الاصنام ثم تتبرأ من عابديها ثم تطرح في النار كما قال تعالى انكم وما تعبدون حصب جهنم انتم لها واردون ما تعبدون الاصنام حصى بجهنم وهذه الاصنام ما تدري هذه الهتكم ما تدري متى تبعث لا تخلق وهي اموات جمادات لا روح فيها وما تشعر متى تبعث وتخرج فكيف تعبدونها من دون الله تبت هذه العقول تترك عبادة الخالق العليم القدير الذي بيده الامر وتعبد هذه الجمادات التي لا التي هي ميتة غير حية ولا تشعر ايانا تبعث ثم قال الهكم اله واحد يعني بعد ان بين بطلان عبادة من يدعى من يدعى من دون الله قرر وبين ان الاله والمعبود اله واحد وهو الله وحده لا شريك له فقال والهكم اله واحد والهكم مستحق للعبادة ان يعبد اله واحد وهو الله قال فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون الذين لا يؤمنون بالاخرة الكفار قلوبهم منكرة منكرة لالوهية الله منكرة لانفراد الله جل وعلا بالعبادة ولهذا لما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم الى عبادة الله وحده قالوا اجعل الالهة اله واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. والله اعلم وصلى الله وسلم