بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. اولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجد تدلل الله وهم ذاخرون. ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دار والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون. وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارهبون. وله ما في السماوات والارض وله الدين وصبا افغير الله تتقون؟ وما بكم من نعمة من الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون ثم اذا كشف الضر عنكم اذا فريق منكم بربهم يشركون. ليكفروا بما اتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون. ويجعلون البنات سبحانه ولهم ما يشتهون. واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر بها. ايمسكه على هو ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون. للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى. وهو العزيز الحكيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في هذه الايات المباركات من سورة النحل اولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون لا يزال الكلام مع الكفار كفار قريش خاصة وهي صالحة ايضا لكل كافر فالله جل وعلا ينكر عليهم بهذا الاستفهام الانكار لانهم يرون هذا باعينهم ولهذا الاظهر ان الرؤيا هنا رؤيا بصرية فان هؤلاء يرون الاشياء يتفيأ ظلالها عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون فقال منكرا عليهم او لم يروا الى ما خلق الله من شيء ومن هنا بيانية اولم يروا الى ما خلقه الله جل وعلا من الاشياء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله ومعنى يتفيأ اي يتنقل ظلاله من جهة المشرق وجهة المغرب ففي حال شروق الشمس يكون ظلال الاشياء الى جهة المغرب وبعد الزوال واتجاه الشمس الى جهة الغروب فان ظلال الاشياء يتجه الى المشرق فتبوأ ظلالها وتقلبه في الصباح والمساء بل ظلال كل الاشياء وليس شيئا بعينه يختص بذلك فتقلب ظلالها يمينا وشمالا اية من ايات الله جل وعلا لان الكفار المشركين لا يقرون بالادلة الشرعية ولهذا تجب ان تجد ان القرآن يركزوا معهم على جانب الادلة العقلية التي يستوي فيها العقلاء كلهم مسلمهم وكافرهم يقول الطبري في تفسير هذه الاية يتفيأ ظلاله قال يرجع من موضع الى موضع فهو في اول النهار على حال ثم يتقلص ثم يعود الى حال اخرى في اخر النهار يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل عن يمينها في الصباح وعن شمالها في المساء سجدا لله وهم داخرون وهذا من سجود الاشياء لله جل وعلا يقول ابن كثير رحمه الله ان كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال اي بكرة وعشيا فانه ساجد بظله لله تعالى فانه ساجد بظله لله جل وعلا وقال مجاهد اذا زالت الشمس سجد كل شيء لله عز وجل وكذا قال قتادة والضحاك جاء عن ابن عباس انه قال يسجد ظل الاشياء لله جل وعلا وقد مر معنا في سورة الرعد في الاية الخامسة عشر منها الكلام على سجود الاشياء طوعا وكرها وفصلنا القول فيها الا ان هذه الاية فيها بيان ان كل الاشياء تسجد لله جل وعلا كما قال سبحانه وتعالى ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دابة وقال جل وعلا ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والاصال فكل شيء يسجد لله جل وعلا. وقد مر معنا هناك ان سجود كل شيء بحسبه ولا يزم من سجود الاشياء غير المكلفين ان يكون سجودها على الجبهة والانف والاعضاء السبعة كما هو من بني ادم وقد قرر هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فسجود الاشياء كل شيء بحسبه ومثل هذه الجمادات وكذلك الكفار الذين يأبون ان يسجدوا لله طوعا فانهم يسجدون لله باعتبار خضوعهم لامره وجريان امره عليهم واقداره عليهم وهم ساجدون اي خاضعون ذالون لامر الله جل وعلا قال جل وعلا وهم داخرون ومعنى داخرون اي خاضعون صاغرون فتسجد الاشياء كلها وهي داخرة اي صاغرة خاضعة لله سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دابة فيسجد له جل وعلا كل دابة والدابة هي ما يدب على الارض هذا هو الاصل في الدواب يعني ما يدب على الارض من ذوات الاربع او ذوات الاثنين مثل الطير فهذه كلها دواب ولكن خصها بالذكر دون غيرها اه ان امرها ظاهر عند المخاطبين فبين الله جل وعلا انه يسجد له كل دابة فهي تسجد لله جل وعلا وسجود كل شيء بحسبه وسجود كل شيء بحسبه لكن لابد ان يعتقد المسلم ان كل الاشياء تسجد لله جل وعلا كما ان كل الاشياء تسبح لله جل وعلا ولكن لا نفقه تسبيحها فيجب اعتقاد ذلك فهي تسجد لله تسجد طوعا الا الكفار من بني ادم والجن فانهم يسجدون لله كرها وهم كارهون بخضوعهم وذلهم لامر الله وجريانه عليهم. بينما المؤمنون والملائكة يسجدون لله طائعين متقربين الى الله جل وعلا بذلك قال جل وعلا ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دابة والملائكة وكذلك الملائكة يسجدون لله جل وعلا ويتقربون اليه بذلك وهم لا يستكبرون لا يستكبرون عن عبادة الله جل وعلا لان الملائكة لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ولا يوجد عصاة الا في بني ادم وفي الجن واما الملائكة فكلهم طائعون لله يسجدون له ولا يستكبرون عن عبادته سبحانه وتعالى ثم قال عنهم يخافون ربهم من فوقهم اي يخاف الملائكة ربهم من فوقهم فيسجدون خائبين له خائفين منه وجلين منه جل وعلا ويفعلون ما يؤمرون اي قال ابن كثير اي مثابرين مثابرين على طاعته تعالى وامتثال اوامره وترك زواجره كما اخبر في الاية الاخرى انهم لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فتضمنت هذه الايات الاشارة الى سجود كل شيء لله جل وعلا ولكن بالنسبة للمكلفين منهم من يسجدوا لله طوعا باختياره وهم المؤمنون والملائكة ومنهم من يسجد كرها وهم الكفار يسجدون لله وذلك بخضوعهم لامر الله وجريان امر الله عليهم وتصريفه لهم فلا يستطيعون ان يمتنعوا من قضائه وقدره وما ينزله بهم وبقية المخلوقات سجودها بحسبها ولكن لابد من اعتقادي ان كل شيء يسجد لله سبحانه وتعالى. ثم قال جل وعلا وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارهبون الله جل وعلا كثيرا ما يبدئ ويعيد في كتابه الكريم بالامر بافراده جل وعلا بالعبادة والنهي عن الاشراك به لان هذا هو اصل العبادة فاعظم ما يؤمر به واعظم العبادة هو التوحيد اعظم ما الاشياء واهمها هو توحيد الله جل وعلا وافراده بالعبادة واعظم الذنوب هو الشرك بالله جل وعلا. ولهذا قال لان الخطاب مع قوم منكرون وهم كفار وهم كفار قريش مع قوم منكرين وهم كفار قريش يقول وقال الله لا تتخذوا وهذا نهي ينهاهم ان يتخذوا الهين وانما هو اله واحد سبحانه وتعالى فهو المعبود وحده لا شريك له وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين والهكم اله واحد قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. جل وعلا فالله يأمر هؤلاء باني بان يحذروا من ان يجعلوا مع الله شريكا فاذا كان يحرم ان يجعلوا الالهة الهين فمن باب اولى من جعل من جعلها الهة كثيرة وانما هو اله واحد فاياي فارهبون ايها اياي فخافون لان الرهبة هي نوع من الخوف ولكن اذا كانت تحمل صاحبها على بذل السبب للنجاة والفرار مما يرهب منه يسمى رهبة والا الخوف والرهبة والخشية هي متقاربة في المعنى كلها يجمعها انها خوف لكن الخوف هو مجرد فزع القلب واما الخشية فهي الخوف المبني على علم واما الرهبة فهي الخوف المثمر للهرب مما يخافه الانسان. ولهذا قال فاياي فارهبون يعني خافوني بترك ما انتم عليه من عبادة غيري اقبال الي وعلى اتباع ديني وديني نبيي صلى الله عليه واله وسلم. ثم قال وله وله ما في السماوات والارض وله ما في السماوات وما في الارض كل ما في السماوات وما في الارض له جل وعلا خلقا وملكا وتدبيرا وتصريفا فهو المالك لما في السماوات وما في الارض. خلقها واوجدها ويتصرف فيها وتجري على قضائه وقدره فهذا هو الملك العظيم فهذا هو الواجب ان يخص بالعبادة وان يعبد دون من سواه لان له ملك السماوات والارض واما من زعمتموهم الهة مع الله فانهم لا يملكون شيئا ولا يملكون نفعا ولا ظرا. فكيف يجعل الهة مع الله تعالى الله عما يقول ويعمل المشركون علوا كبيرا. قال وله ما في السماوات وما في الارض وله الدين ايه بقى اي له الدين كله ومعنى واصبا. قال بعض السلف اي واجبا له الدين اخلاص العبادة له واجبا على كل احد وقال بعض السلف معنى واصبا اي خالصا له الدين خالصا يخلص له الدين ولا يجعل معه الهة اخرى وقال بعض السلف اي دائما وله الدين دائما يعني ان الانسان دائما وابدا لا يتعبد الا لله وحده لا شريك له ومنذ ان يجري عليه قلم التكليف فيجب ان يلازم العبودية لله دائما وابدا حتى تخرج روحه. وهذه المعاني كلها حق وهي متلازمة فله جل وعلا الدين خالصا يجب ان يخلص له الدين ويجب ان يدوم الانسان على عبادته وحده لا شريك له وكذلك هذا امر واجب عليه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ثم قال افغير الله تتقون وهذا استفهام انكاري فله الدين يجب عليكم ان تخلصوا له وتثبتوا على ذلك ولهذا انكر عليهم افغير الله تتقون تجعلونه الها تتقونه تحاولون ان تجعلوا بينكم وبين غضبه وقاية هذا لا يكون الا لله وحده لا شريك له. واما غيرهم فانهم لا يملكون نفعا ولا ظرا. قال جل وعلا وما من نعمة فمن الله وهذا من بيان الادلة العقلية الدامغة التي لا ترد لا يردها صاحب العقل السليم ولو كان كافرا فكل النعم التي بكم ايها الناس فهي من الله وحده لا شريك له والكفار يعرفون هذا ويقرون به ويعلمون ان نعمة البصر مثلا ونعمة السمع ونعمة الحياة وغيرها من النعم انها من الله وان اصنامهم لا تملك هذا ولا تأتيهم بالابصار ولا بالسمع ولا تملكوا لهم ظرا ولا نفعا فاذا علمتم ذلك وان النعم كلها من لدنه جل وعلا وجب عليكم ان تفردوه بالعبادة فالمنعم المتفضل بهذه النعم هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له قال جل وعلا ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون. فالنعم كلها منه وهو الذي الذي يمن بها ويهبها لعباده واذا مسكم الظر ايها الناس وحتى المشركون يعرفون هذا ويفعلونه فاذا مسكم الظر اذا ثم اذا مسكم الظر فاليه تجأرون. والجؤار هو الصراخ والظج بالدعاء المعنى انكم تجأرون يعني تضجون بالدعاء وتصرخون لشدة ما وقع بكم تجأرون اليه جل وعلا بالدعاء يستغيثونه ليكشف ذلك عنكم لان الجميع اذا نزلت بهم الضرورة ووقعوا في حال اضطرار رجعوا الى التوحيد حتى الكفار كما قال جل وعلا واذا مسكم الظر في البحر ظل من تدعون الا اياه فلما نجاكم الى البر اعرضتم وكان الانسان كفورا فاذا كانوا في البحر واحاط بهم البحر من كل جانب وعصفت بهم الرياح وظنوا انهم قد هلكوا تركوا اصنامهم والهتهم لا يدعونها ولا يستغيثون بها رجعوا الى حال الاضطرار فكانوا لا يستغيثون الا بالله لانه جل وعلا هو الذي يجيب المضطر. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء هو الله وحده لا شريك له فيذكرهم الله عز وجل بهذا لانهم يقرون به فاذا وقعوا في في الاضطرار وفي المصائب وفي الخوف وفي الهلع جأروا وضجوا بالدعاء صاحوا وصرخوا مستغيثين بالله يطلبون منه ان ينجيهم مما وقع بهم من الظر. فهذا الذي تلجأون اليه وقت الاضطرار هو الواجب ان يعبد في كل حال وفي كل وقت واوان في حال الظراء وفي حال السراء لانه هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل قال جل وعلا ثم اذا كشف الضر عنكم اذا فريق منكم بربهم يشركون. اذا كشف الضر الذي حل بكم والشدة والمصيبة التي حلت بكم اذا فريق منكم ايها المشركون اذا فريق او الخطاب لعموم الناس المؤمن والكافر اه اذا فريق منكم بربهم يشركون رغم انه نجاهم وتبين لهم حقيقة وعيانا انه لا ينجي من المهالك الظرورات الا الله وحده لا شريك له ومع ذلك اذا رجعوا الى البر الى البر او الى حال الطمأنينة جعلوا لله شريكا وهذا اظلم الظلم وهذا اظلم الظلم وهذا اظل الظلال اين هذه العقول التي لما وقعت في الضرورة ما نفعها شيء من الالهة ولا الاصنام ولا ولا اي شيء يدعى من دون الله بل هم ايقنوا بذلك فخصوا الله بالدعاء. وجأروا اليه وحده لا شريك له. فلما نجاهم مما هم فيه من من الظرورة اذا هم يشركون اي يجعلون مع الله شريكا. تعالى الله عما يفعلون. قال جل وعلا ان يكفروا بما اتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ليكفروا قيل ان اللام هنا لام العاقبة اذا منهم فريق يشركون لتكون عاقبة امرهم الكفر بما اتاهم الله ثم تهددهم وتوعدهم بقوله فسوف تعلمون وقيل ان اللام لام كي لكي يكفروا بما اتيناهم بفعلهم هذا وهم وهو وهو الاشراك بالله فانهم بذلك يكونون قد كفروا بالله جل وعلا فقال لهم فتمتعوا قال ابن كثير اي اعملوا ما شئتم وتمتعوا بما انتم فيه قليلا فسوف تعلمون قال اي عاقبة ذلك سوف تعلمون عاقبة كفركم ووقوعكم في الشرك لان كل ما هو ات قريب والدنيا مهما طال امدها فهي منتهية منقضية والناس سائرون الى الاخرة وعند ذلك يجازى الناس باعمالهم من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها لان الله جل وعلا حكم عدل ثم قال جل وعلا ويجعلون لي ما لا يعلمون ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم. تالله لتسألن عما كنتم تفترون قال الطبري ويجعل هؤلاء المشركون من عبدة الاوثان لما لا يعلمون منه ظرا ولا نفعا يجعلون له نصيبا يجعل هؤلاء المشركون نصيبا وحظا من عبادتهم لهذه الالهة التي لا يعلمونها لا يعلمون انها تنفع ولا تضر ومع ذلك يجعلون لها شيئا من العبادة فهذه عقول ضالة والا العقل السليم يقتضي ان انه انما يتعلق بمن يملك له النفع والضر واما اذا كان لا ينفعه ولا يضره فلما يتعلق به ولهذا لا يصح ولا تحق العبادة ولا تحل الا لله. وحده لا شريك له. لانه هو الذي ينفع وهو الذي يضر وهو الذي يكشف السوء وهو الذي بيده الامر جل وعلا. واما غيره فمخلوقون مربوبون لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا. قال ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا اي حظا مما رزقناهم اي من اموالهم ويدخل في ذلك ما جعلوه من الانعام من بهيمة الانعام التي رزقهم الله جعلوا منها شيئا لالهتهم كما قال جل وعلا جعلوا نعم وجعلوا لله شركاء وقال جل وعلا اه كما قال ابن كثير قال يخبر تعالى عن قبائح المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الاصنام والاوثان والانداد وجعلوا لها نصيبا مما رزقهم الله فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا هذا لله بزعم وهذا لشركائنا يعني هذا تفسير قوله جعلوا نصيبا مما رزقهم الله لالهتهم التي يعلمون انها لا تملك نفعا ولا ظرا وهذا من ضلالهم وكذلك جعلوا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وجعلوا اشياء من تلقاء انفسهم جعلوها لالهتهم لاصنامهم ولا عند ولا علم عندهم ولا حجة عندهم في ذلك وانما سول لهم الشيطان وزين لهم الشرك والكفر فاتبعوه على ذلك قال تالله لتسألن عما كنتم تفترون. اقسم جل وعلا وقوله الحق ولو لم يقسم وقوله الصدق ومن اصدق من الله قيلا ومن احسن من الله حديثا ولكنه اقسم لتأكيد الامر وذهاب وجلائه وذهاب الغموض عنه لاقامة الحجة عليهم ولهذا تالله هذا قسم والتاء من حروف القسم فالله والله بالله فاقسم جل وعلا ان الجميع سيسألون عما كانوا يفترون لتسألن ايها الكفار يا كفار قريش ويدخل فيه غيرهم ايضا عما كنتم تفترونه اي تختلقونه من الكذب لان جعل الهة اخرى مع الله هذا افتراء وكذب واختلاق لا حقيقة له ولا معبود بحق سواه جل وعلا وهذا فيه من التخويف والتأكيد والتحذير مات ترعوي له وتتعظ به القلوب المؤمنة لكن هؤلاء لا حيلة فيهم لانهم قد استولى عليهم الشيطان وهم قد عرفوا طريق الحق لكنهم تركوه عمدا واتبعوا طريق الضلال. ثم قال جل وعلا ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون هذا ايضا ذكر شيء من ضلالات كفار قريش انهم يجعلون لله البنات سبحانه وتعالى عما يشركون وهم يقولون الملائكة بنات الله الملائكة بنات الله فيجعلون الملائكة بناتا لله وهذا جرم خطير وذنب كبير ان جعلوا لله ولدا هذا امر خطير بل هذا من من اعظم الظلم ان يجعل للواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد يجعل له ولد وهم ايضا لم يجعلوا له ذكرا لم يجعلوا ولده ذكرا وانما جعل له الانثى تعالى الله عما يقولون ولهذا قال وجعلوا لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وهم يشتهون الذكور يشتهون الذكور ولا يريدون البنات كما سيحكي الله عز وجل شيئا من ضلالاتهم في الايات التاليات فهم لا يريدون البنات والله جل وعلا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. فجعلوا له ولد وايضا جعل له من الولد اظعف القسمين الذي يترفعونهم عنه وهن البنات تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. قال جل وعلا ويجعل لله البنات سبحانه التسبيح هو التنزيه والتبرئة لله جل وعلا عن كل نقص وعيب مع التعظيم له ولهذا اذا سمع الانسان امرا لا يليق بالله جل وعلا يبادر الى الى التسبيح والى التنزيه سبحانه وتعالى عما يشركون. قال ولهم ما يشتهون واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم اذا بشر احدهم بالانثى التي جعلها لله وهذا كما قال جل وعلا في اية اخرى قال الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة جائرة تجعلون لكم الذكر والله جل وعلا تجعل له الانثى. مع ان الله جل وعلا لم يلد ولم يولد ليس له ذكر ولا الانثى وليس له صاحبة ولا ولد لكن من زيادة جرمهم وظلمهم وكفرهم وعدم معرفة قدر الله جل وعلا ينسبون له الولد وايضا لا ينسبون له خير القسمين وانما ينسبون له الاناث دون الذكور. وهم لا يرظون بهذا لانفسهم قال جل وعلا واذا بشر احدهم بالانثى يعني ولد له ولدت زوجه له بنتا انثى بشر بشارة لانه يفرح بالمولود لان الاصل بالبشارة هو الخبر الذي تتغير له بشرة الوجه فرحا ولا شك انه يفرح بالولد فاذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ظل اصبح وصار وجهه من مسودة اسود لانه بشر بشيء يسوءه وهو كظيم اي ساكت من شدة ما هو فيه من الحزن او كظيم قد امتلأ حزنا فكظم وسكت بسبب المصاب الذي يرى انه قد حل به انظر انظر الى هؤلاء المجرمين يصفون الله بالولد ويجعل له البنات وهم لا يرضون بنسبة البنات اليهم بل هذه حالهم اذا بشر احدهم بالانثى يسود وجهه استياء وكذلك يكظم ويصبحوا كظيما صامتا حزينا ممتلئا حزنا لشدة ما وقع به قال جل وعلا يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ومعنى يتوارى يعني يختفي من القوم ويستتر لانه يرى انه وقع به عار وامر فيه العار وبه الذلة والصغار في توارى ويستتر ويختفي من القوم من الناس من قومه لماذا؟ من سوء ما بشر به حسب اعتقاده فيرى ان ما بشر به سوء وامر وفيه مساءة وفيه نقص وعيب وعار قال جل وعلا ايمسكه على هون وهذا اخبار عن حاله حال هذا الذي يسود وجهه اذا بشر بالانثى فيصبح كظيما ويتوارى من الناس ويختفي من سوء ومساءة ما بشر به عليه فهو احد رجلين اه ايمسكه على هون؟ يعني يمسك هذه الانثى او البنت فلا فلا يقتلها ولكن يبقيها ويمسكها ولكن على هون اي على مذلة وصغار فيرى ان في امساكه لا ان عليه ذل وهو ان وصغار بسبب ذلك ام يدسه في التراب ومعنى يدسه يعني يدفنه في التراب حيا وقد كانوا يأيدون البنات في جاهليتهم وكان احدهم يأد ابنته وهي حية خشية العار وخشية ان تقع في الزنا بعد ذلك وهذا من جهلهم وضلالاتهم فان الله جل وعلا لما خلق ادم وخلق منه زوجه جعل ذلك جعل لهم نسلا ليقوم بعمارة الارض ليقوموا بعمارة الارض ولابد من وجود الذكر والانثى ولا يمكن ان يكون الناس كلهم ذكورا او كلهم اناثا ولا تقوم مصالحهم ولا يحصل الهدف من استخلافهم ووجود ذريتي الا بوجود الذكر والانثى والنساء امهاتهم ايضا وجداتهم ولكن هكذا العقول اذا اعرضت عن الحق وتلقت اوامرها واعمالها من وحي الشيطان فانك لا لا تدري باي واد تهلك تهلك وايضا ترى العجب العجاب فكيف تفظي العقول باصحابها الى مثل هذا وذلك بسبب اعراضهم عن الحق ولهذا يا اخوان الله جل وعلا يقول والذين اهتدوا زادهم هدى اتق الله واسلك طريق الهدى وابشر بالخير سيزيدك الله هدى وتوفيقا واقبالا عليه واياك اياك من معصية الله فانه يبعدك عن الله فلما جاءوا ازاغ الله قلوبهم فلا يزال الانسان يعصي ويبعد تبعده المعاصي عن الله وتوقعه في السوء مرة بعد مرة. قال جل وعلا ايمسكه على هون ام يدسه في التراب؟ الا ساء ما يحكمون الا بئس ما حكموا به؟ لان هذا الحكم من عندهم. بئس اي قبح هذا الحكم الذي حكموا به هذا حكم حكم من الشيطان من قبل عقولهم والا الله جل وعلا حرم قتل البنات وحرم قتل الاولاد كما سيأتي فهذا حكم من لدنهم ومن شياطينهم وهو حكم قبيح سيء ولهذا قال الا ساء ما يحكمون؟ ثم قال للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء فالكفار لهم مثل السوء قال الشوكاني رحمه الله مثل السوء اي لهؤلاء الذين وصفهم الله سبحانه بهذه بهذه القبائح الفظيعة مثل السوء اي صفة السوء من الجهل والكفر وقيل وصفهم الله سبحانه بالصاحبة والولد وقيل هو حاجتهم الى الولد ليقوم مقامهم ووأدهم البنات لدفع العاري وخشية الاملاق و نحوه كلام ابن كثير رحمه الله فانه قال واذا بشر احدهم واذا بشر نعم قال اي بئس ما قالوا الا ساء ما يحكمون قال اي بئس ما قالوا وبئس ما قسموا وبئس ما نسبوا اليه كقوله تعالى واذا بشر احدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسود وهو كظيم وقال ها هنا للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء اي النقص انما ينسب اليهم ولله المثل الاعلى اي الكمال المطلق من كل وجه وهو منسوب اليه وهو العزيز الحكيم اذا للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء سواء قيل هو الكفر او الجهل او البنات او الولد كل هذا لهم ومتحقق في نصيبهم. والله جل وعلا له المثل الاعلى واما مثل السوء الذي وصفوه به فهو متعال عنه جل وعلا فله المثل الاعلى. ولهذا قال آآ الطبري آآ قال يعني الكمال المطلق من كل وجه. اهذا قول ابن كثير؟ قال له الكمال المطلق من كل وجه؟ وقيل ولله المثل الاعلى. قيل الاخلاص والتوحيد وآآ لله جل وعلا وقيل لا اله الا الله. والحاصل ان له المثل الاعلى لانه جل وعلا علي في صفاته علي في ذاته علي في قدره وب قهره لخلقه فله المثل الاعلى من كل شيء ولهم مثل السوء لانهم ناقصون فيناسب حالهم النقص والله هو الكامل جل وعلا من كل وجه فيناسبه آآ الكمال والعلو وله من كل مثل اعلاه ومن كل شيء احسنه وهو العزيز الحكيم الذي جمع بين العزة المقرونة بالحكمة فهو العزيز الذي لا يذل من لاذ بحماه وهو ايظا الحكيم الذي يظع كل شيء موظعه فهو حكيم في افعاله واقداره واقواله جل وعلا ثم قال جل وعلا ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم قرأت الاية ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دار ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى. فاذا اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ويجعلون والله ما يكرهون. وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون تالله لقد ارسلنا الى امم من قبلك فزين لهم الشيطان عمالهم فهو وليهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب اليم وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله انزل من السماء ماء فاحيا به الارض بعد موته ان في ذلك لاية لقوم يسمعون. ثم قال جل وعلا ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة آآ قبل ذلك نذكر قول ابن جرير عند قوله وللذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء. يقول الطبري رحمه الله مثل السوء هو القبيح من المثل وما يسوء ظربه له فهذا للكفار والله جل وعلا له المثل الاعلى. ثم قال جل وعلا ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم والظلم كما هو معروف يشمل الظلم الاكبر الذي هو الكفر والشرك وما دونه والناس لا ينفكون عن الظلم ابدا فما هناك احد يسلم من الظلم لكن المؤمنون سلموا من الظلم الاكبر الذي هو الشرك ان الشرك لظلم عظيم لكن ما يسلم الاحد من ظلم نفسه الظلم الاصغر ولهذا لما قال ابو بكر رضي الله عنه يا رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي قال قل اللهم اني اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم فلابد يقع الانسان في شيء من الظلم لكن المؤمن يتجنب لا يقع في الظلم الذي هو الشرك وهو الكفر الظلم الاكبر وكذلك اجتنب كبائر الذنوب لكن لابد يقع شيء ولهذا قال قال جل وعلا واذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون وقال صلى الله عليه واله وسلم كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون ولهذا لا احسن للمسلم ان يلزم الاستغفار وان يكون من ديدنه في الليل والنهار لانه يظلم يظلم ويقع في الظلم ليلا ونهارا. ويخطئ بالليل والنهار واللسان يخطئ والعين تخطئ واليد تخطئ والرأس يخطئ فلا ينجي من ذلك الا كثرة التوبة والرجوع الى الله جل وعلا ليمحو عن نفسه هذا هذه الاثار التي يخشى على الانسان ان لم يتب منها قال ولا يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة لو لو يؤاخذهم لعاجلهم بالعقوبة لعاجلهم بالعقوبة لانهم كلهم يظلمون كلهم يظلموا وان كانوا يتفاوتون بالظلم. لكن هنا قال بظلمهم واطلق فهو عام قال ما ترك عليها من دابة ما ترك على الارض من دابة تدب طيب ما ذنبها شؤم بني ادم لان الذنوب لا تقتصر على من فعله يا اخوان واتقوا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصة لا الذنوب لها اثار ولهذا ذكر ابن كثير عن آآ عن بعض السلف لعله عن قتادة نعم عن اورد اثر رواه ابن جرير الطبري عن ابي سلمة قال سمع ابو هريرة رجلا وهو يقول ان الظالم لا يظر الا نفسه قال فالتفت اليه فقال بلى والله ان الحبار لتموت في وكرها هزالا بظلم الظالم اي ولذلك الله جل وعلا يقول ظهر الفساد في البر والبحر فحتى الدواب تتأثر بظلم بني ادم ولو يؤاخذ الله عز وجل العباد على ظلمهم هلكوا جميعا ما ما يستحقون ان يبقوا لا هم ولا دوابهم التي معهم وذلك بامتداد جرم ضلالهم الى الدواب ولكن الله جل وعلا رؤوف رحيم يمهل ولا يهمل فيمهل العباد ويدعوه الى التوبة ويفتح لهم باب التوبة فمن تاب تاب الله عليه ولو عمل طيلة عمره جميع الذنوب بما فيها الشرك والكفر ثم تابت توبة نصوح فان التوبة تجب ما قبلها ومن ابى واصر على الذنوب فالله الموعد وان لم يمت الان يموت بعد ذلك اذا جاء الاجل قال جل وعلا ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم مطلقا لا الى اجل مسمى وقت مسمى كل نفس لها وقت تموت اليوم الفلاني الساعة الفلانية الدقيقة الفلانية الثانية الفلانية ولهذا كل ما هو ات قريب قال ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى يعني الى وقتهم الذي وقته لهم فاذا جاء اجلهم الاجل والوقت الذي سماه وحدده لهم لا يستأثرون ساعة ولا يستقدمون لا يستأخرون عن الهلاك ساعة والساعة تطلق تطلق على مطلق الزمان يعني لسه فقط الساعة التي نعرفها الان انها ساعة ستون دقيقة هذه ساعة جزء من الوقت ويطلق على الدقيقة ويطلق على المدة الطويلة ساعة من الزمان الوقت ما هو محدد يعني وقت معين فالحاصل انهم لا يستأخرون ساعة من الزمان ثانية دقيقة ثانية ما يتأخرون ولا يستقدمون لا يسبقونا ولا يموت احدهم قبل اجله لان هذا امر قد فرغ منه عند الله جل وعلا كل هذا من اقامة الحجة جل من اقامة الحجة من الله جل وعلا على خلقه وخاصة ان المخاطبون بهذا كفار وهم يرون هذا يموت احيانا الابن قبل ابيه ويموت الصاحب قبل صاحبه يتأخر هذا ويموت هذا ما يموتون مرة واحدة من الذي يفعل ذلك بهم؟ هو الله جل وعلا فانتم لكم اوقات واجال والله جل وعلا لو اراد ان يؤاخذكم بظلمكم ما ترك على الارض من احد. لا انتم ولا دوابكم ولكن يؤخركم الى اجل مسمى ولكن لا يعني ذلك الامهال المطلق وعدم الموت وعدم البعث بل لكم اجل ولكم ساعة لا تستقدمون عنها ولا تستغفرون ثم قال جل وعلا ويجعلون لله ما يكرهون وتصف السنتهم الكذبة ان لهم الحسنى قال ابن كثير ويجعلون لله ما يكرهون اي من البنات ومن الشركاء الذين هم عبيده وهم يأنفون ان يكون عند احدهم شريك له في ماله لانهم قالوا ان الملائكة بنات الله وزعموا ان الله له صاحبة وان له ولد فهم يجعلون لله ما يكرهون هم يكرهون هذا يكره احدهم البنت كما مر في الايات يتوارى من القوم وينقلب وجهه اسود من شدة ما لحق به وهذا الذي يأنف منه يجعله لله يكرهه ويجعله لله وينسبه الى الله كذلك ايضا يجعل له شريكا وهم احدهم لا يرظى ان يشاركه احد في ماله او في زوجه هذا دليل على ظلمهم وجورهم وقبحهم وعدم ادبهم مع الله جل وعلا قال ويجعلون لله ما يكرهون وتصب السنتهم الكذب ان لهم الحسنى تصف السنتهم الكذب اي تقول الكذب تقول الكذب وتفتريه ان لهم الحسنى قيل الحسنى يعني يقولون لنا الحسنى الحياة الحسنة الطيبة في الدنيا وفي الاخرة وقيل ان الحسنى هم الاولاد اجعلوا لله ما يكرهون هن البنات والزوجة والشريك و يجعلون لانفسهم الحسنى كذبا يقول نحن لنا الاولاد او ان لنا الحسنى الحياة الطيبة الحسنة في الدنيا والاخرة وقال بعض المفسرين بل يريدون بالحسنى لنا ايضا الجنة في الاخرة فقال جل وعلا لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون وقد ذكرنا ان معنى لجرم بمعنى حقا اذا جاءت لا جرم فمعناها حقا وتقدير كلام حقا ان لهم النار ليس لهم الحسنى ليس لهم الجنة ليس لهم الحياة الحسنة لا جرم اي حقا ان لهم النار وانهم مفرطون قالوا معنى مفرطون منسيون بالنار منسيون مضيعون في النار يعني متروكون في النار مفرطون هم يقول لهم الحسنى ولهم الجنة لا لهم النار وهم ايضا يتركون فيها مددا لا تنتهي في وسطها لا يموت احدهم ولا يحيى ولا يخرج منها نعوذ بالله وهذا تكذيب لله جل وعلا لهم في قولهم وبيان حقيقة ما يصيرون اليه وما ينتهون اليه ثم قال جل وعلا والله لقد ارسلنا الى امم من قبلك تالله قلنا ان هذا قسم والتالي القسم لان حروف القسم الواو والتاء والباء تالله بالله والله فيقسم جل وعلا مؤكدا لنبيه ليسليه ويهون عليه ما يجده من قومه تالله لقد ارسلنا الى امم من قبلك لست اول الرسل ولست اول من يصنع به هذا فهذه سنتنا في الامم السابقة ارسلنا اليهم رسلا من لدنا بادروهم بالتكذيب وفعلوا تلك الافاعيل التي فعلت معك ولهذا قال فزين لهم الشيطان اعمالهم تلك الامم الكافرة زين لهم الشيطان وحسن لهم اعمالهم التي يعملونها من عبادة غير الله ودعاء الاوثان والانداد ومعارضة الرسل والتكذيب بالحق زينه لهم وحسنه في نفوسهم فزين لهم الشيطان اعمالهم فهو وليهم اليوم فهو وليهم وهو في ذلك اليوم يوم القيامة لا يملك لهم نصرع لانه هو ذليل مخزع وبئس الولي هو لمن تولاه لكن المؤمنين الذين تولوا الله جل وعلا ورسوله الله وليهم يوم القيامة فينجيهم من العذاب ويخلصهم منه ويهون عليهم عرصات القيامة واما اولياء الشيطان فهو وليهم المتولي لامرهم وهو يوم القيامة لا لا يستطيع ان يدفع عن نفسه ولا ان يفعل شيئا فهو وليهم اليوم ويحتمل ان يكون فهو وليهم اليوم يعني في الدنيا هو الذي تولاهم وزين لهم اعمالهم فصار وليا لهم فصدروا عن تزيينه وتسويله واطاعوه واتبعوه وتولوه فهو وليهم اليوم ولهم عذاب اليم في الاخرة يوم يبعثهم الله جل وعلا فلهم عذاب اليم اي مؤلم موجع لمن حل به ولا يغني عنهم وليهم بل هو قائدهم الى النار وهو امامهم في النار ولهذا يقوم فيهم خطيبا في نار جهنم ويتبرأ منهم ويجعل اللائمة عليهم وانه انما دعاه فاستجابوا له وما له عليهم من سلطان ثم قال جل وعلا وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه هادي حكمة او حكمة وعلة انزال الكتب او انزال القرآن على النبي صلى الله عليه واله وسلم وان الله انما انزله لحكم عظيمة فمنها لتبين لهم الذي اختلفوا فيه تلفوا فيه قال الطبري لتبين لهم ما اختلفوا فيه من دين الله فتعرفهم الصواب منه والحق من الباطل وتقيم عليهم بالصواب منه حجة الله الذي بعثك بها اذا القرآن بيان وحكم عدل يحكم بين الناس وبه يعرف الحق من الباطل فيعرف من كان على الحق انه على الحق لان القرآن يؤيده ويدل على ما هو عليه. ويعرف الكافر انه على باطل لان القرآن يحذر مما هو عليه والله جل وعلا حكيم عليم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا الله جل وعلا انزل الكتب وارسل الرسل كل ذلك لاقامة الحجة على الخلق وما كان ليعذبهم دون ان يبعث اليهم من يحذرهم وينذرهم ويأمرهم وينهاهم الا لتبين لهم الذي الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة ايضا جعل جعله هدى يهتدى به من الضلالة فمن تمسك بهذا القرآن هدي الى صراط مستقيم ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ورحمة من اتبعه دخل في جملة المرحومين وصار الى رحمة الله جل وعلا لقوم يؤمنون لكن ذلك للمؤمنين يكون هدى ورحمة لمن امن به واما من اعرض عنه فانه لا يكون رحمة له لانه ابى ان يأخذ ما فيه واعرض عما فيه قال جل وعلا والله انزل من السماء ماء هيظا بين شيئا من اياته التي لا ينكرها كل عاقل ولو كان كافرا انه انزل من السماء ماء هذه السماء التي لا لا ماء فيها ولا سحاب اذا شاء جل وعلا انشأ فيها السحابة الثقال وانزل منها منه منه الماء الذي تكون به حياة الحيوان نباتاتهم وآآ في كل شيء وجعلنا من الماء كل شيء حي فهذه اية عظيمة تدل على ان الله جل وعلا قل اله الحق الذي يجب ان يعبد فلا اصنامكم ولا اوثانكم ولا اولياؤكم ولا شيطانكم يستطيعون ان يأتوا بالماء او يأتوا بالسحاب فالواجب ان يعبد من ينزل الغيث وينزل المطر وحده لا شريك له جل وعلا قال والله والله انزل من السماء ماء هذه نعمة انزاله من الماء انزال الماء من السماء نعمة انزال ما نعمة ومن السماء الخالية ليس فيها شيء نعمة اخرى وايضا اذا نزل من السماء يعم الارض كلها لكن لو نبع من الارض يصيبوا المكان الذي حوله فالله جل وعلا انعم على العباد بانزال الماء من السماء فانزال الماء نعمة وكونه من السماء نعمة اخرى واحيا به الارض بعد موتها نعمة ثالثة لانه قد ينزل الماء ولا ولا تنبت الارض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس السنة الا تمطر ولكن السنة ان تمطر ولا تنبت الارض واحيانا يأتي الماء ويأتي السيل متواليا ولكن لا تنبت الارض شيئا فهي نعم تترى من الله جل وعلا قال فاحيا به الارض بعد موتها فاصبحت حية خضراء تنبت يعني ازهرت بالنباتات وبما ينفع العباد والبلاد والدواب ايضا وكان هذا بعد موتها ويبسها قال ان في ذلك لاية بانزال المطر وفي احياء الارض بعد موتها اية علامة دلالة لكن لمن لقوم يسمعون لقوم يسمعون كلام الله سماع الانتفاع لان هناك سماع الصوت وهناك سماع الانتباه اما الصوت فهم يسمعون لكن المراد الذي ينفع الانسان سماع الانتفاع ولهذا قال الله عن المنافقين سم بكم عمي فهم لا يبصرون سم بكم يعني كأنهم ما يسمعون معهم اذان ويسمعون ولهذا يستغشون ثيابهم ولا يريدون يسمعون قول النبي صلى الله عليه وسلم. لكن المراد هنا سماع الانتفاع وفي هذه ايات ودلائل بينات لقوم يسمعون عن يسمعون فيعقلون عن الله مراده وينتفعون بما سمعوا للاخذ بما جاء فيه نعم وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين ارسموا ودم اللبنا لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون. نعم. ثم قال جل وعلا وان لكم في الانعام لعبرة لكم ايها الناس في انعامكم ابرة وموعظة ثم ذكر موضع العبرة قال نسقيكم مما في بطونه بما في بطون النعم او في بطون هذا الحيوان ولهذا قال الطبري الظمير في بطونه لان الانعام تذكر وتؤنث بطونها وبطونه او لان الانعام اسمه جنس فعاد الضمير على المعنى فعاد الظمير اليها باعتبار المعنى او عاد على مفرد الانعام وهو مذكر وذكر النعم او عائد على المذكور فتقديره من بطون المذكورين الحاصل انه لا اشكال في عود الضمير هنا في قوله في بطونه وفي اية اخرى قال في بطونها في اية اخرى قال مما في بطونها قال وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها كما في سورة المؤمنون اية واحد وعشرين قال ولكم في الانعام وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالص سائغا سبحان الله هذا اللبن تأخذه تحلبه من ضرع الدابة ابيظ خالص لا دم فيه لا فرض فيه مع ان الله اخرجه لك من بين الدم والفرث هذا عبرة يدل على رحمة الله بعباده وعلى قدرة الله جل وعلا والله فيها عبرة قال لبنا خالصا يعني خالصا من مخالطة الدم والفرث له ايضا سائغا للشاربين السائغ هو ما يجري في الحلق بسهولة ما يدري الانسان مشكلة لا بد يعمل له شيء اخر ولهذا يذكر بعض المفسرين مثلا يقول ما غص احد بلبن ما غص احد بلبن لانه سائغ من الذي يفعل ذلك؟ هو الله وحده لا شريك له قال جل وعلا ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذ منه سكرا ورزقا حسنا ايضا ويسقيكم من ثمرات النخيل والاعناب فتتخذون منه سكرا والسكروا هو الشراب المسكر ورزقا حسنا الرزق هو الطعام ووصف بالحسن لما فيه من المنافع ولهذا بعض المفسرين يقول هذه اول الايات في تحريم الخمر