اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولقد جاءهم ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فاخذهم العذاب وهم قادمون. فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل بغير الله به. فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام افتروا على الله الكذب. ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلح ريحون. متاع قليل ولهم عذاب اليم وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمنا وما ظلمناهم ولكن كانوا ولكن كانوا انفسهم فهم يظلمون بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك واصلحوا. ثم تابوا من بعد ذلك واصلحوا ان ربك من بعدها لغفور رحيم بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في هذه الايات المباركات من اخر سورة النحل ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فاخذهم العذاب وهم ظالمون هذه الاية بعد المثل الذي ضربه الله لاهل مكة في الاية السابقة وهو قوله جل وعلا وظرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان وهي مكة قرية امنة في غاية الامن ويتخطف الناس من حولهم وكانت مطمئنة يأتيها رزقها رغدا هنيئا واسعا كثيرا سهلا ميسرا من كل مكان من البر والبحر فكفرت بانعم الله لم تشكر الله على هذه النعم واعظم ذلك بعثة النبي صلى الله عليه واله وسلم وما انزله الله عليه من القرآن فكفروا هذه النعمة واعرظوا عنها بل اذوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصدوا عن دينه وسبيله وهذا كفر منهم بهذه النعم وعدم شكر لها فكان مقتضى الصواب والحق ان يشكروا من انعم عليهم بهذه النعم بالايمان برسوله صلى الله عليه واله وسلم واتباع القرآن الذي انزله واخلاص العبادة له وحده لا شريك له لكنهم كفروا بانعم الله وجحدوا الاء الله عليهم فاذاقها الله لباس الجوع والخوف اذاقها الله لباس الجوع والخوف اي اذاقها الخوف والجوع فاما الخوف فان الله سلط نبيه صلى الله عليه واله وسلم عليهم وكذلك الصحابة الذين امنوا وكان النبي صلى الله عليه وسلم عهد قريش في صلح الحديبية ان من اتاه منهم مسلما يرده اليهم فلما رأى هؤلاء الصحابة ان النبي صلى الله عليه واله وسلم سيفي بعهده لهم لحقوا واولهم ابو بصير لحقوا بسيف البحر فصار كل من امن ذهب لحق بابي بصير في الساحل فكانوا يعترظون عير قريش ويقطعون سبيلها وقريش كانوا في ذعر وخوف من ان يغزوهم النبي صلى الله عليه واله وسلم وكذلك اذاقها الجوع لان النبي صلى الله عليه واله وسلم دعا عليهم فقال اللهم اجعلها عليهم سبعا كسني يوسف اي السنين الشداد اللاتي يأكلن ما قدمتم لهن فاستجاب الله دعوته فيهم حتى انهم صاروا يأكلون الجلود ويضعون الوبر في الدم ثم يأكلونه ولما كان هذا الامر ظاهرا عليهم سماه الله لباسا فقال لباس الجوع والخوف لانه ظهر عليهم وظهر اثره فصار كاللباس الذي يظهر من الانسان ويبدو للناظر ومعنى ذلك انهم اصابهم جوع شديد ظهر اثره على وجوههم وابشارهم وجلودهم واصابهم ايضا خوف شديد يظهر عليهم ايضا فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون الباء للسببية وما مصدرية تقدير الكلام بسبب صنعهم بسبب صنيعهم وهو الكفر بانعم بانعم الله والكفر بالله وعدم الايمان وعدم الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ويجوز ان تكون ماء هنا موصولة ويكون تقدير الكلام بسبب الذي كانوا يصنعون بما كسبت ايديهم وما ظلمهم الله وما ربك بظلام للعبيد ثم قال بعد ذلك ولقد جاءهم رسول منهم جاء اهل مكة هل هذه القرية التي كانت امنة مطمئنة جاءهم رسول رسول من غير جنسهم من غير البشر لا منهم من انفسهم يعرفون نسبه ومدخله ومخرجه ويعرفون صدقه وسيرته الحميدة قبل ان يبعث صلى الله عليه واله وسلم فكان مقتضى هذا هو الايمان به والمبادرة هي للايمان به لانه منهم ومن انفسهم ويعرفونه حق المعرفة وليس بغريب ولما جاءهم ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه هذه هي النتيجة كذبوه فيما يدعوهم اليه وهو يدعوهم الى افراد الله جل وعلا بالعبادة ونبذ الاوثان والاصنام يدعوهم الى ان يدخلوا الى الاسلام يدعوهم الى دخول الجنة ويحذرهم من الشرك والكفر ومن عذاب النار صلوات الله وسلامه وبركاته عليه فكذبوه فاخذهم العذاب فكذبوه والفاء هنا للترتيب والتعقيب وهذا دليل انهم من اول ما جاءهم بادروا بالتكذيب وما دخلوا في دينه مدة او او تمهلوا بامره بل لما جاءهم بالحق مباشرة كذبوه قال جل وعلا فاخذهم العذاب نعم ومنه ما مرق في الاية السابقة البسهم الله لباس الجوع والخوف واهلك عددا كبيرا منهم يوم بدر فاخذهم العذاب جزاء وفاقا وهم ظالمون والحال انهم ظالمون لانفسهم ومرتكبون لاشد انواع الظلم وهو الكفر والشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم وهذا من عدل الله جل وعلا الا يعذب احدا الا بعمله الا بصنيع يده بما كسبت يمينه ولهذا حتى المؤمن لا يصيبه شيء من المصائب الا بسبب كسب يده وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كبير ولهذا الواجب على المسلم اذا وقع به امر لا يحمده وقعت به مصيبة ان يرجع ويحاسب نفسه وينظر ما هي الاعمال التي وقع فيه ما وقع بسببها ولا يذهب يبحث لنفسه المخارج وانا افعل كذا واصلي واصوم واتصدق ويصيبني كذا لا والله ما اصابك من شيء الا بسبب ذنوبك ولهذا المؤمنون اذا اصابتهم مصيبة راجعوا انفسهم وقالوا انا لله وانا اليه راجعون ورجعوا على انفسهم محاسبة تدبر لاعمالهم فما كان عندهم مخالفا للشرع تابوا منه وانابوا الى الله جل وعلا ثم قال جل وعلا فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا هذا ارشاد منه جل وعلا لعباده المؤمنين فكلوا مما رزقكم فكل ما يأتيك من الرزق هو من الله ولو ولو سعيت انت واجتهدت في العمل لكن الرزاق هو الله هو الذي رزقك وهيأك لهذا العمل الذي يكون سببا في حصولك على الرزق الذي كتبه الله لك ولهذا نسب الرزق الى نفسه فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا حالة كونه حلالا احله الله وليس مما حرم عليكم وحالة كونه طيبة لان الله جل وعلا احل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث ولهذا يقول اهل العلم كل شيء احل الله اكله فهو طيب وخيره اكثر من ضرره وكل شيء حرمه الله فهو خبيث وخبثه وشره اكثر من خيره. خذها قاعدة ويدخل في الطيب ايضا كيفية الحصول عليه فيحصل على هذا الرزق من حله ومن طريقه المشروع لا يحصل عليه عن طريق الحرام هو عن طريق الغصب او عن طريق السرقة او عن طريق غش المسلمين او عن طريق الربا او غير ذلك وهذه نعمة من الله على عباده فكلوا يا عباد الله من رزق الله الحلال الطيب فهو حلال وهو طيب واشكروا الله على ذلك قال جل وعلا واشكروا نعمة الله قال الشيخ السعدي في تفسير قوله واشكروا نعمة الله قال اي بالاعتراف بالقلب والثناء على الله باللسان وصرفها في طاعته وهذه انواع الشكر الشكر انواع الشكر يكون بامور ثلاثة يكون بالقلب وهو الاعتراف لله جل وعلا والاقرار والامتنان له جل وعلا بهذه النعمة ويكون باللسان فيشكر الله عليها ويحمده ويثني عليه وايضا يكون بالجوارح بالعمل فمن شكر هذه النعم وهذا الرزق ان تتصدق وان تعطي المحتاجين وان تعطوا الفقراء والمساكين وان يكون في ما لك حق للسائل والمحروم وما قيدت النعم بمثل الشكر لله جل وعلا ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انفق ينفق عليك في الحديث الصحيح انفق ينفق عليك وقال لامرأة من الصحابة لا توكي فيوكل الله عليك الايكاء هو ربط في السقاء بحبل او نحوه قال لا توكي على ما عندك من الرزق فيوكي الله عليك لكن انفقي ينفق عليك فانفق ينفق عليك وهذا امر معروف وقد صح الحديث في مسلم وغيره انه ما من يوم الا وينزل في صبيحته ملكان تناديان يقول احدهما اللهم اعطي منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم اعطي ممسكا تلفا فانفق واشكر ربك على ما انعم به عليك بلسانك وقلبك وجوارحك قال جل وعلا ان كنتم اياه تعبدون ان كنتم اياه تعبدون اي تخصونه بالعبادة وتخلصونها له فاشكره ولا تشكر الالهة ولا الاصنام فخصوه بالعبادة ان كنتم فخصوه بالشكر ان كنتم تعبدونه حقا وهذا فيه حث وتهييج لهم ان كنتم موحدين ان كنتم مخلصين في العبادة لله فاشكروه وحده لا شريك له ثم قال جل وعلا انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير بعد ان امرهم بان يأكلوا مما رزقهم حلالا طيبا ذكر لهم جملة مما حرمه الله عليهم ليجتنبوه فليس هو من الحلال وليس هو من الطيب بل هو محرم خبيث فقال انما حرم عليكم الميتة والدم الميتة هي كل ما مات حتف انفه من غير تذكية ولا اصطياد يعني من البهائم التي تؤكل بهيمة الانعام او الصيد كل ما مات منها حتف انفه من غير تزكية ومن غير اصطياد لم يذكى وان كان صيدا لم يصد بالسلاح فهذه حرام لا يجوز للمسلم ان يأكلها الا عند الاضطرار قال جل وعلا والدم والدم معروف وقد كان اهل الجاهلية يأكلون الدم فيجمعونه وربما طبخوه وربما تركوه حتى يتجمد ثم يأكلونه وربما ايضا يقوم احدهم الى اشتد به الجوع فيشق عرقا من دابته من ناقته او شاته حتى يخرج الماء منها حتى يخرج الدم منها ثم يأكله وهو خبيث حرام خبيث بل اثبت الطب الحديث ان الدم هو الذي ينقل الجراثيم وهو اكثر ما يكون في نشر الاوبئة وانتشار ما يضر بني ادم ولهذا حرمه الله على عباده هذه الشريعة السمحة العظيمة التي تتماشى مع مصالح العباد ولهذا امر الله جل وعلا بالتذكية وامر رسوله صلى الله عليه واله وسلم بان تذكى الذبيحة من حلقها ويقطع الوديجين يقطع الوديجان والمريء حتى يخرج اكبر قدر ممكن من الدم ولا يبقى الا الا الذي في العروق ورخص الله عز وجل لعباده في الدم الذي يتبقى وهو قليل في عروق الدم بقوله او دما مسفوحا فدل على ان غير المسفوح والمسفوح والمصبوب السائل انه لا يظر ولهذا ان كان الصحابة رضي الله عنهم يضعون اللحم في القدر وفيه الماء فيتغير لونه ومع ذلك يطبخونه ويأكلونه. والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل معهم جاء عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها انها قالت لولا هذه الاية او دما مسفوحا لتتبع الناس الدم الذي في العروق ليخرجوه قال جل وعلا والدم ولحم الخنزير اي وحرم عليكم لحم الخنزير والخنزير حرام كله لحمه وشحمه وعظامه وعصبه ودمه لكنه خص اللحم بالذكر لانه هو المقصود بالاكل فان ما يذبح يذبح لاجل ان يؤكل ولكن كل الخنزير حرام حتى حكى القرطبي رحمه الله اجماع الامة على ذلك ان الخزير كله حرام قال جل وعلا وما اهل لغير الله به الاهلال هو رفع الصوت عند ذبح بهيمة الانعام والمراد هنا ما يفعله الكفار من رفع اصواتهم حينما يذبحون الذبائح لاصنامهم واوثانهم فهم يهلون ان يرفعون اصواتهم باسماء اصنامهم ويتقربون بها اليهم فقال جل وعلا وما اهل لغير الله به فهو حرام لا يجوز اكله قال جل وعلا فمن اضطر غير باغي ولا عاد. من اضطر اي وقع في الضرورة وهي المخمصة الشديدة المجاعة الشديدة وهذا كان قديما يعرض للناس لما كانوا يسافرون على الابل او على الاقدام وليست هناك اسواق ولا اماكن يجدون الطعام فيها وليس به سيارات او طائرات مثل الان ولو كان الانسان بعيدا من البلد فانه يسير المسافات الطويلة في وقت يسير ويصل الى البلد ويأكل مما احل الله عليه لكن قديما الذاهب الى مكة يأخذ تسعة ايام اذا كان على الابل اذا كان الاقدام قد يكون اكثر من هذا والنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مكذا تسع ليال بين ذي الحليفة ومكة وهو على ناقته صلى الله عليه وسلم مع اصحابه في عرض لهم الجوع ينفد ما معهم من الطعام ولا يستطيعون ان يحملون الكثير فيضطرون ويلحقهم الجوع كما في قصة ابي عبيدة عامر ابن الجراح في سريته التي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم فيها الى جدة يقول احد الصحابة فكان قد قل الزاد معنا فكان يعطينا ابو عبيدة يعطي كل واحد حبة تمر واحدة فكان احدنا لا يبتلعها وانما يضعها تحت لسانه ويمضغها مضغة حتى تبقى مدة طويلة قال وكنا نأكل من الاشجار من النباتات حتى كان احدنا يضع كما تضع الدابة وهم خارجون في سرية فاخرج الله لهم العنبر حوت من البحر وجدوه خارج البحر فاكلوا منه وتزودوا حتى سمنوا وكان من عظمه يقول الصحابي فكان ننصب احد اضلاع ظهره احد الاضلاع فكان يمر من تحتها الراكب على ناقته لعظمه فاكلوا وتزودوا ولما جاءوا النبي صلى الله عليه وسلم واخبروه طلب منهم ان كان معهم شيئا ليأكل منه مع ان طعام البحر كله حلال مع ان ابا عبيدة تردد في اول الامر قال اخشى ان تكون ميتة ثم قال اخشى الا تكون حلالا ثم قال نحن في حالة ضرورة يحل لنا ولو كانت ميتة الحاصل ان الناس قديما كانوا يحتاجون الى هذا فمن اضطرته المجاعة والمخمصة الى اكل الميتة فيحل له ذلك بل قال بعض اهل العلم يجب عليه اذا كان امتناعه من الاكل منها سيؤدي الى هلاكه فانه يجب عليه ان يأكل لان الله جل وعلا يقول ولا تلقوا بايديكم قيل التهلكة ولا تقتلوا انفسكم فمن فمن اضطر وهو غير باغ من البغي وهو العدوان وهو الظلم فيكون ظالما لنفسه باكله من الميتة لانه يجد ما يغنيه ويكفيه عنها ولا عاد اي غير معتد ومتجاوز لحدود الله بان يأكل مما حرم الله عليه فان الله غفور رحيم يغفر له ويرحمه ولا يعاقبه على اكله من الميتة لانه وقع في حال الاضطرار ولهذا تنازع العلماء هل يجوز لمن لم يجد الا الميتة ان يتضلع منها او يأكل حتى الشبع وهل يجوز له ان يتزوج فقال بعض العلم بعض اهل العلم يأكل بقدر حاجته بقدر ما يسد جوعه وقال بعض اهل العلم بل له ان يشبع وله ان يحمل معه ما يكفيه الى ان يجد رزق الله الحلال وكل هذا يدل على سماحة هذه الشريعة العظيمة شريعة نبينا صلى الله عليه واله وسلم فانه في حال الاضطرار يباح للمسلم ان يأكل من الميتة ومما حرم الله عليه لئلا يهلك فاذا اغناه الله امتنع ورجع الامر الى حاله قبل ان يأكل وهو التحريم ثم قال جل وعلا ولا تقولوا لي ما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام وذلك ان كفار العرب كانوا يصفون بالسنتهم كذبا بعض الأنعام فيحرمون شيئا فيحرمون البحيرة والوصيلة والحام ويحرمون شيئا على على الاناث دون الذكور وكل ذلك باجتهاداتهم وعقولهم ما نزل بذلك شرع ولهذا قال جل وعلا ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب اي لا تقولوا لوصف لما وصفته السنتكم كذبا هذا حلال وهذا حرام لا تقولوا البحيرة حلال حرام الوصيلة حرام السائبة حرام لانهم كانوا يفعلون اشياء فاذا ولدت الناقة كذا بطنا اناثا كلها مثلا سيبوها للالهة وقال لا يجوز لاحد ان يأكلها ولا يشرب لبنها كذلك الوسيلة التي الانثى التي تصل اخاها او الحام وهو الذكر او الجمل اذا حمى ظهره من ان يركب الى غير ذلك هذا كله وصف السنة ده كله افتراء كذب حرموه من قبل انفسهم ما انزل الله به من سلطان ولهذا قال جل وعلا ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب لان من احل شيئا لم يحرمه الله او حرم شيئا لم يحله الله فقد افترى على الله الكذب اي اختلق الكذب واتى بفرية من قبل نفسه ما احله الله ما حرمه الله لان الله جل وعلا قال هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا فالاصل في الاشياء هو الحل والاباحة الا ما قام الدليل على تحريمه كما مر معنا انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير كذلك ما جاء في سورة المائدة وغيرها هذا مما حرمه الله والاصل الحل لكن اذا قام الدليل على التحريم فهو حرام فمن جاء يقول هذا حرام لما هو على الاباحة والحل افترى على الله الكذب ومن حرم شيئا احله الله فقد افترى على الله الكذب او احل شيء حرمه الله ولهذا قال جل وعلا ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون الذين يفترون على الله الكذب ببهيمة الانعام وفي غيرها كالذين يفترون الالهة ويجعلون مع الله الهة اخرى فيعبدونهم مع الله ويذبحون لهم وينذرون لهم هذا من اعظم الافتراع فليبشر هؤلاء المفترون انهم لا يفلحون لا في الدنيا ولا في الاخرة ففي الدنيا هم حلال الدم وفي الاخرة لهم عذاب اليم لهم عذاب جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين وفي الدنيا لا يمنون على انفسهم ويصيبهم من الرزايا والبلايا والعذاب ما يستحيل ان يفلحوا معه لان الشرك ظلم عظيم والكفر اعظم الذنوب وصاحبه يعيش بعيشة ضنكا في الدنيا والاخرة بخلاف المؤمن الذي يحيا حياة طيبة في الدنيا وفي الاخرة ففي الدنيا يحيا حياة طيبة بالايمان والتقوى والصلاح وتسهيل الامور وتفريج الكربات وفي الاخرة بالثواب العظيم والنعيم المقيم في جنة الخلد ثم قال جل وعلا متاع قليل يعني الذي يحصل لهؤلاء الكفار من متاع الدنيا يتمتعون ويعيشون مدة فهذا الذي انتم فيه متاع قليل وزمنه يسير ثم يفضون الى العذاب الاليم ولهذا من كان منعما في الدنيا وهو كافر هذا النعيم لا يساوي شيئا مع ما يكون لهم في الاخرة سواء من حيث طول الوقت خالدين فيها ابدا. نسأل الله العافية والسلامة لا يقال انهم يعذبون الف سنة او مئة الف سنة او مليون سنة او تريليون سنة ثم ينقطع العذاب خالدين فيها ابد فما هذا المتاع الذي حصلوا عليه لسنوات قليل وكذلك ايضا من شدة ما يصيبهم من العذاب ينسون كل نعيم مر بهم في الدنيا كما في الحديث الذي في البخاري حديث الذي في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بانعم اهل الدنيا انعم اهل الدنيا على الاطلاق من لدن ادم الى قيام الساعة يصبغ في النار صبغة اي يغمس في النار غمسة واحدة فيقال له هل مر بك نعيم قط فيقول ما مر بي نعيم قط من غمسة واحدة نعوذ بالله ويؤتى بابئس اهل الدنيا اكثرهم بؤسا فيصبغ في الجنة صبغة اي يغمس فيها غمسة فيقال له هل مر بك هل مر بك بؤس قط فيقول ما مر بي بؤس قط من غمسة واحدة ولهذا كثيرا ما يقول الله عز وجل في حق المؤمنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لا خوف عليهم فيما يستقبلهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم من نعيم الدنيا لان الله عوضهم ما هو خير منه واعظم نعيما ولهذا متاعه في الدنيا قليل ولهم بعد ذلك عذاب اليم ومعنى اليم اي مؤلم موجع لمن حل به نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك الذين هادوا هم اليهود واصل هذه التسمية هادوا اي تابوا هؤلاء اباؤهم لكن هؤلاء الذين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا تائبين لكن لزمهم الاسم او اطلق عليهم الاسم وان لم يكونوا حقيقة اذا كان هادوا من هذا يهود اذا تاب وقيل ان اليهود مأخوذ من يهوذا نسبة الى يهودا فيقول جل وعلا وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك حرمنا عليهم ما قصصنا عليك وذلك ما مر في سورة الانعام قال جل وعلا وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن الغنم وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظهر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما او الحوايا او ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون اذا حرم الله على الذين هادوا شيئا من المحرمات من قبل وهذا دليل على ان ذلك تقدم نزوله على هذه الاية قال جل وعلا وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ما ظلمناهم فيما ظيقنا عليهم وحرمنا عليهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون فهم الذين ظلموا انفسهم وعملوا هذه الاعمال التي بسببها ضيقنا عليهم بسبب كسبهم واعمالهم والجزاء من جنس العمل قال ابن كثير فما ظيقنا عليهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون فاستحقوا ذلك كقوله فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ثم قال جل وعلا ثم ان ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك واصلحوا ان ربك من بعدها لغفور رحيم فتح الله لهم باب التوبة لجميع العباد فقال ثم وهذا يدل على الترتيب والتراخي يعني بعد هذا الكفر الذي حصل اذا حصل بعد ذلك منهم توبة الذين عملوا السوء بجهالة عملوا السوء والسوء المراد به الاثم والذنب وقيل له سوء لان عاقبته تسوء صاحبه بجهالة لان كل ذنب عصي الله به فهو جهالة كل ذنب عصي الله به فهو جهلة كما قال الصحابة رضي الله عنهم قال قتادة اجتمع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان كل ذنب عصي الله به فهو جهالة نعم لانه جهالة في حق الله ولو كان صاحبه متعمدا غير جاهل لكن جهل منه في حق الله. حقه ان يطاع فلا يعصى وجهل ممن فعل هذا بعقوبة ومآل ما سيكون له فليس المراد ان التوبة لا تكون الا لمن عمل الذنب جاهلا بل كل من عمل الذنب جاهلا متعمدا قاصدا ثم تاب التوبة النصوح فان الله يتوب عليه قال جل وعلا ثمان ربك للذين امنوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك. تابوا من عمل السوء وانابوا واصلحوا اصلحوا العمل فلابد من شيئين التوبة النصوح وهي ان يتوب مخلصا لله مقلعا عن الذنب نادما عليه عازما الا يعود اليه. متحللا للخلق من حقوقهم ان كان بحق الخلق ويصلح العمل بعد ذلك. لكن ان قال انه تائب وهو باقي على عمل فاسد سيء ما ينفع هذا الكلام فلا بد من التوبة وهي الرجوع الى الله من الذنب الى من المعصية الى الطاعة وكذلك يصدق عمله توبته فيعمل الاعمال الصالحة التي يخلص فيها لله ويتبع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ربك من بعدها لغفور رحيم من بعد هذه التوبة وهذا العمل الصالح غفور لمن فعل ذلك يغفر ذنوبه ورحيما به جل وعلا ومن رحمته ان وفقه للتوبة والعمل الصالح ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين كين شاكرا لانعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكفي ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ثم قال جل وعلا ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام كان امة ومعنى امة اي قدوة يقتدى به في الخير وقال ابن مسعود امة كان معلما للخير وكلا القولين حق فان الرجل الذي هو امة هو الامام الذي يقتدى به في الخير ويكون للمؤمنين اماما للمتقين اماما ومن لوازم ذلك ايضا انه يعلم الخير ويعلموا ما يكون فيه اماما لان هذا مقتضى الامامة وابراهيم مع انه كان رجلا واحدا لكن لفظله وقيامه بما امره الله به جعله الله امة ولهذا تطلق الامة في القرآن على عدة امور فتطلق على الرجل القدوة في الخير الذي يؤتم به وتطلق الامة على الجماعة من الناس وجد امة من الناس يسقون ولقد بعثنا في كل امة رسولا تطلق الامة على الوقت والزمن ومنه قوله جل وعلا وادكر بعد امة اي تذكر بعد زمن وتطلق على الدين والملة انا وجدنا اباءنا على امة فابراهيم عليه السلام لكماله وفضله كان امة اي اماما يقتدى به وقال ابن مسعود هو معلم هو معلم الخير وقلنا ان القولين متلازمان قانتا لله والقانت هو الخاشع المطيع قانتا اي قانتا لله اي خاشعا لله مطيعا له مستديم لذلك ثابت عليه فهذا هو القنوت هو الخشوع والخضوع والطاعة لله جل وعلا مع لزوم ذلك والاستمرار عليه قانتا ولم يك من المشركين لم يكن وما كان من المشركين الذين جعلوا مع الله الها اخر وبهذه الاية وامثالها رجح جمع من المفسرين ان ابراهيم في قوله لقومه لما رأى كوكبا قال هذا ربي انما كان مناظرا من باب المناظرة لا من باب النظر والاستدلال اي انه كان لا يعلم فيريد ان يعرف ربه لان الله قال ولم يك من المشركين وفي اية اخرى قال وما كان نفى عنه في الماضي وفي اللاحق ما كان في وقت من الاوقات واقعا في الشرك وهو امام الحنفاء ولهذا قال الله جل وعلا عنه شاكرا لانعمه اي قائما بشكر نعم الله جل وعلا عليه كما قال جل وعلا وابراهيم الذي وفى فقام بكل ما امره الله به وقام بشكر نعم الله التي انعم بها عليه شاكرا لانعومه اجتباه اي اختاره واصطفاه جل وعلا فهو من المصطفين الاخيار بل هو افضل الانبياء بعد نبينا صلى الله وسلم عليهم وعلى جميع انبيائه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم الى عبادة الله وحده لا شريك له الى الصراط المستقيم الى الطريق الموصل الى الله وهو الاسلام وهو التوحيد وهو افراد الله بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادة لغيره جل وعلا قال جل وعلا واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين قال ابن كثير اي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج المؤمن اليه في حياته وقال بعض اهل العلم ان معنى اتيناه في الدنيا حسنة هذا اورده ابن كثير قال لسان صدق وهذا مروي عن مجاهد اتيناه في الدنيا حسنة اي جعلنا له لسان صدق في الدنيا فهو ابو الانبياء وامام الانبيا وامام الحنفاء عليه السلام وله لسان صدق في الاخرين وكلا القولين حق قال ابن كثير اي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج اليه المؤمن او من جميع ما يحتاج المؤمن اليه في اكمال حياته الطيبة وانه في الاخرة لمن الصالحين ممن اصلحهم الله واصلح قلوبهم فامنوا بالله ووحدوه واصلحوا العمل فهو امام هدى فاتاه الله في الدنيا حسنة وهو في الاخرة من الصالحين ولهذا امر نبيه بان يتأسى به وان يتبعه فهذا هو الامام الذي يقتدى به الذي يستقيم على دين الله وينبغي لكل لكل مؤمن ان يدعو الله بهذا كما قال جل وعلا عن عباد الرحمن والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما تسأل الله ان يجعلك اماما للمتقين يأتمون بك لانك عالم بالحق عامل بالحق داع الى الحق فيأتمون بك قال جل وعلا ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا ثم اوحينا اليك وهذا بعد ابراهيم بمدد طويلة متطاولة ولهذا لم يأتي بالفاء التي تريد الترتيب والتعقيب بل اتى بذمة التي تفيد الترتيب والتراخي فقال ثم اوحينا اليك بما انزل الله عليه على نبيه صلى الله عليه وسلم في هذا القرآن العظيم ان اتبع ملة ابراهيم تبع دينه ومنهجه وطريقته التي كان عليها وهي الحنيفية السمحة ولهذا قال حنيفا اي حالة كونه حنيفا والحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد قصدا فهو امام الموحدين عليه السلام مائلا عن الشرك الى التوحيد الى التوحيد قصدا منه وارادة وهذا كما قال جل وعلا في سورة باخر سورة الانعام قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين قال جل وعلا وما كان من المشركين فاثبت الله له انه من الموحدين وبرأه من الشرك ولم يكن من المشركين. ما كان ولم يك من المشركين وهذه من من اعظم نعم الله عليك يا عبد الله اذا منحك الله اياها ان تكون عبدا لله موحدا تفرد الله تخلص له العبادة ولا تشرك معه غيره ولا تضربوا شيئا من عبادتك لغيره جل وعلا فلست من المشركين وليسوا منك هذه اعظم منحة واعظم نعمة يحصل عليها العبد في الدنيا والاخرة وهذا وان كان على سبيل الخبر عن ابراهيم الا انه متضمن للحث لانه امام قدوة امر الله نبينا ان يقتدي به فكيف بنا نحن فعلينا ان نكون كذلك وان نكون حلفاء موحدين مخلصين العبادة لله وحده لا شريك له وان نحذر من اعمال المشركين وان نبرأ منهم وان نجانبهم ونبغضهم في الله قال جل وعلا انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه انما جعل السبت قيل انما جعل تعظيم السبت على الذين اختلفوا فيه وهم اليهود والنصارى وذلك ان اليهود فيما ذكر ابن كثير وغيره بعض الاخبار ان موسى قال لهم عليكم بيوم الجمعة تتفرغون فيه للعبادة لانه لا بد في الاسبوع من يوم يتفرغ فيه المسلم للعبادة فقالوا نختار السبت لان الله خلق ابتدأ بالخلق يوم الاحد وفرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت فنريد ان يكون عيدنا يوم السبت وهذا كذب وافتراء فالله جل وعلا خلق السماوات والارض وما بينهما وما مسهم من لغوب من تعب ولا اعياء بانه على كل شيء قدير وهو القوي جل وعلا فاختاروا السبت فجعله الله عليهم وكذلك النصارى ذكر ابن كثير وغيره وذكروا بعض الاثار ان عيسى قال لهم عليكم بيوم الجمعة قالوا لا نريد ان يكون عيد اليهود بعدنا فاختاروا الاحد فقيل لي لعيسى دعهم وما اختاروا اذا انما جعل السبت يعني جعل تعظيمه على الذين اختلفوا فيه وقال بعض المفسرين انما جعل السبت او انما جعلت لعنة السبت والعذاب على الذين اختلفوا فيه وهذا لا شك انه ظاهر في اليهود لانه امرهم ان يجتنبوا الصيد يوم السبت تلك القرية التي كانت حاضرة البحر رخص لهم حرم عليهم الصيد يوم السبت واباح لهم الصيد بقية الاسبوع فعقوبة من الله كان الصيد والسمك والحيتان تأتي يوم السبت شرعا من كل جانب ومن كل حدب وصوب ينالها الانسان بيده لكن محرم عليهم الصيد ومن يوم الاحد تختفي لا يرون شيئا حتى يأتي السبت الذي بعده فجؤل السبت عليهم تحريم الصيد فيه والمراد بهم اليهود ولا شك في هذا وبعض اهل العلم يلحق النصارى بهم انما جعل السبت على الذين على الذين اختلفوا فيه وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ان ربك جل وعلا يحكم بينهم يوم القيامة حينما يجمعهم ويجازيهم يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون فيما يختلفون فيه فيهلج اهل الايمان والتقوى وينصرهم ويؤيدهم ويبين انهم على الحق ويعذب الكافرين ويتبين لهم انهم على الضلال والزيغ عن الصراط المستقيم ثم قال جل وعلا ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة هذا توجيه كريم من الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم في الدعوة الى الله لان وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم هي الدعوة الى الله كما قال جل وعلا لنبيه قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني والامر للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن امر لنا والنهي له نهي لنا الا اذا قام دليل على التخصيص ولهذا يجب علينا ان نأتمر بهذا الامر وان ندعو الى الله بهذا المنهج العظيم بهذه الطريقة التي امر الله نبيه ان يدعو اليه من خلالها فقال ادعو الى سبيل ربك اي الى شريعته ودينه الذي ارسلك فيه بالحكمة وهي ما اوحاه الله اليه من الكتاب والسنة المراد يعني بالعلم والموعظة الحسنة وهي التلطف لهم وهو التلطه وهي التلطف واللين اثناء الدعوة مع المدعوين اذا يأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعوة اليه بالحكمة اي بالوحي الذي نزله عليه وهو القرآن والسنة وقيل الحكمة هي ان يدعو كل احد بما يناسب حاله وفهمه وقبوله وانقياده وكلا الامرين حق فان النبي يدعو بالحكمة بالقرآن والسنة يدعو بالقرآن يدعو الناس الى القرآن ويدعوهم الى السنة وكذلك يدعو كل احد بما هو انسب وانفع ما يكون له بقبوله الحق ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة وهي التلطف مع المدعو والرفق وعدم الغلظة وهذا يجب على طلاب العلم وعلى الدعاة ان يعنوا بهذا عناية عظيمة فان الرفق لا يكون في شيء الا زانه ولا ينزع من شيء من شيء الا شانه وبعض الناس تأخذه الغيرة على دين الله لكن يسيء طريقة الدعوة جيد الغيرة على دين الله لكن لا تخرج ايضا عن شرع الله ولهذا الله جل وعلا يقول موسى وهارون لما ارسلهما الى فرعون عدو الله الذي يعلم جل وعلا انه سيموت على الكفر وليستجيب قال فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى فهذا اقرب الى التذكر والاتعاظ والخشية القول اللين والحكمة والموعظة الحسنة. قال جل وعلا وجادلهم بالتي هي احسن اي خاصمهم بالخصومة التي هي احسن ان ربك هو اعلم من ظل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ان ربك جل وعلا هو اعلم بمن ظل عن سبيله. يعلم من ظل عن سبيله وما ضلوا الا بعلمه وفي قضائه وقدره وهو جل وعلا اعلم بالمهتدين وكل ذلك باذنه الكون فانت التزم بالطريقة الشرعية وهداية الخلق او ظلالهم الى الله جل وعلا وانما عليك البلاغ الهداية مردها الى الله فيجب على كل احد ان يلتزم بهذا المنهج العظيم وايظا ان يحذر من من ان يحمله زيادة الحرص على مخالفة الحق فالهداية مردها الى الله لكن انما عليك البلاغ والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والله يهدي من يشاء ويظل من يشاء ثم قال جل وعلا وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به قال بعض المفسرين هذه نزلت في شأن حمزة لما مثل به المشركون قال النبي صلى الله عليه وسلم لامثلن بسبعين منهم فنزلت هذه الاية وقال اكثر المفسرين ومنهم ابن جرير ان هذه اية عامة فقال يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلة في استيفاء الحق كما قال عبد الرزاق وساق بسنده عن ابن سيرين انه قال في قوله فعاقبوا مثل ما عوقبتم به ان احد ان اخذ منك رجل شيئا فخذ منه مثله وكذا قال مجاهد وابراهيم والحسن البصري وغيرهم واختاره ابن جرير اذا اذا عاقبت فعاقب بمثل ما عوقيت به لا تزيد لان طبيعة النفوس الانتقام فاذا حصلت ان عفوت وصافحت فهو افضل. وان اردت المعاقبة فليكن بالمثل من غير زيادة لان الله عدل يحب العدل حتى مع الاعداء وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. ان صبرتم عن معاقبة من عاقبكم وعفوتم عنه وصبرتم على اذاه وعلى عقوبته فهو خير للصابرين ذلك خير لكم لانه انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب وهذا حث لمن ظلم او عوقب ان يصبر فهو خير له عند الله جل وعلا قال واصبر وما صبرك الا بالله اي واصبر على ما اصابك من الاذى وما صبرك الا بالله اي وما صبرك ان صبرت الا بعون الله وتوفيقه اياك او اصبر مستعينا بالله جل وعلا في صبرك على ما اصابك ولا تحزن عليهم يعني لا تحزن على تكذيبهم لك وعدم ايمانهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون لا يضيق صدرك من مكرهم واستهزائهم ومكرهم بك وبدينك. ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ان الله مع الذين اتقوا الذين جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية بفعل اوامره واجتناب نواهيه والذين هم محسنون رعاية فرائضه جل وعلا والقيام بحقوقه ولزوم طاعته ولهذا المعية هنا معية خاصة لان المعية في القرآن نوعان معية عامة فالله مع جميع الخلق بعلمه واحاطته وهناك معية خاصة للانبياء واتباعهم وهي معية تقتضي النصرة والتأييد والحفظ والكلائة فيا عبد الله ان اردت ان تكون من اولياء الله وتفوز بهذه المعية فكن مع المحسنين في جميع امورك في عبادتك مع ربك مع الخلق مع الاهل مع الدواب مع كل شيء وابشر بمعية الله فانه معك جل وعلا بحفظه وكلاءته وتوفيقه واعانته وتسديده ومن كان الله معه من عليه ولا يظره احد فهذا حث على ان يكون الانسان من المحسنين في جميع اموره سواء في عبادته او مع جميع الخلق والله اعلم