اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. واتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنيين اسرائيل الا تتخذوا من دوني. الا تتخذوا من دون وكيلا ذرية من حملنا مع نوح. انه كان عبدا شكورا وقضينا الى بنين اسرائيل اسرائيل في الكتاب قضينا الى بني اسرائيل اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرة ولتعلنن علوا كبيرا. فاذا وعد اولاهما ما بعثنا عليكم عبادا لنا بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار. وكان وعدا مفعولا. ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر ان احسنتم احسنتم لانفسكم. وان اسأتم فلها فاذا كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا. عسى ربكم ان رحمكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا. وان الذين لا يؤمنون اخرة اعتدنا لهم عذابا اليما. ويدعو الانسان بالشر دعاء جاءه بالخير وكان الانسان عجولا. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في هذه الايات المباركات في اول سورة الاسراء يقول جل وعلا واتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني اسرائيل الا تتخذوا من دوني وكيل ذرية من مع نوح انه كان عبدا شكورا آآ مر معنا ان معنى قوله واتينا موسى الكتاب اي واعطينا موسى وهو موسى ابن هارون وهو موسى ابن عمران اخو هارون موسى بني اسرائيل ان الله اتاه الكتاب وهو التوراة وجعل الله هذه التوراة في حين نزولها على موسى وقبل ان تمتد اليها يد التحريف والتبديل كانت هدى يهتدى بها من الضلالة هدى لبني اسرائيل يهتدون بها من الضلالة اذا اتبعوا احكامها وما فيها من الاوامر واجتنبوا ما فيها من النواهي قال جل وعلا الا تتخذوا من دوني وكيلا. ذكرنا ان في قوله الا تتخذوا قراءتين الاولى الا تتخذوا واصلها ان لا تتخذوا وقالوا ان ان هنا تفسيرية فهي تفسيرية للهدى الذي جعله الله عز وجل في الكتاب في التوراة فمن الهدى الذي فيه وهو اعظمه واجله التوحيد وهو الا تتخذوا من دوني وكيلا نهاهم ان يتكلوا او يتوكلوا على غيره وان وان يصرفوا عبادة التوكل لغيره فان هنا تفسيرية وقرأ ابو عمرو الا يتخذوا على ان ان مصدرية والحاصل ان الله جل وعلا امتن على بني اسرائيل انه قد اتاهم الكتاب وهو التوراة وانه جعله هدى لهم يهتدون به من الضلالة ومن اهم ما امرهم فيه وما جاءهم فيه وجوب افراد الله جل وعلا بالعبادة وعدم اتخاذ وكيلا من دونه لانه جل وعلا هو الذي يكفي عباده ما يخافونه لانه على كل شيء قدير واما غيره فانه هو محتاج الى الحفظ والكلائة. ولهذا ذكرنا قول ابن جرير الطبري قال الوكيل هو الذي تفوض اليه الامور والمراد به الرب لانه يتكل عليه العباد في جميع شؤونهم سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا ذرية من حملنا مع نوح هذا منادى منصوب وحرف النداء محذوف وتقديره يا ذرية يا ذرية من حملنا مع نوح وهذا كما يقول ابن كثير قال هذا تهييج وتنبيه على المنة لان كلنا كل الخلق الموجودون من بعد نوح فهم من ذرية نوح كما قال جل وعلا وجعلنا ذريته هم الباقين فالناس ولهذا يقول بعض علماء النسب نوح هو الاب الثاني للبشر فالاب الاول هو ادم ثم لما اغرق الله الناس الكفار في زمنه صار الناس كلهم من نسل نوح وجعلنا ذريتهم هم الباقين فالذين بقوا من الناس هم من ذرية نوح ولهذا هذا الخطاب لنا ذرية من حملنا مع نوح كانه يقول يا ذرية يا ذرية من حملنا مع نوح المنة عليكم عظيمة انجى الله ابائكم من الغرق فانتم من نسلهم ولولا ان جاءوا الله لاصلكم ما وجدتم فهذه منتنا كما انها منة على المؤمنين الذين نجاهم الله مع نوح فهي كذلك منة عليكم انتم. لانكم من نسلهم ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا ونوح هو ابو الانبياء ونوح هو اول الانبياء والناس من بعده كلهم من ذريته ولم يكن بيننا نوح وبين ادم احد من المشركين بل كانوا كلهم على التوحيد وكان اول ما وقع الشرك في قوم نوح او في القوم الذين بعث اليهم نوح وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كيف كان بين ادم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام كلهم على الاسلام ثم حدث الشرك بعد ذلك فارسل الله نوحا يدعوهم الى عبادة الله وحده لا شريك له والى نبذ عبادة الاصنام التي اتخذوها الهة مع الله ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا شكور اي كثير الشكر لله جل وعلا وهذا دليل على قوة الايمان التي في قلبه ومعرفة الحق لاهله ولهذا روى الحاكم وصححه ووافقه عليه الذهبي وسبقهم الى تصحيح ابن حبان عن بعض السلف او عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ان نوحا عليه السلام كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله فلهذا سمي شكورا سمي عبدا شكورا فكان نوح عليه السلام كثير الشكر لله جل وعلا. يشكر الله على طعامه وشرابه ولباسه وجميع شأنه ولهذا ايضا في الحديث الذي رواه البخاري في حديث الشفاعة ان الناس يأتون الى نوح يوم القيامة لما يقول بهم المقام فيقولون يا نوح انت اول رسول ارسله الله وسماك عبدا شكورا. وسماك عبدا شكورا فاشفع لنا عند ربك الحديث اذا شكورا كثير الشكر لله جل وعلا ولهذا يشرع للمسلم ان يكثر من الشكر لله جل وعلا في جميع احواله ومن ذلك شكر الله على الطعام والشراب ولهذا روى الامام احمد والامام مسلم عن عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل الاكلة او يشرب الشربة فيحمد الله عليها ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمد الله عليها ويشرب الشربة فيحمد الله عليها انظروا الى رحمة رب العالمين. فانت تأكل لتسد جوعتك وتشرب لتسد ظمأك فاذا قلت الحمد لله رضي الله عنك كان هذا سببا لرضا الله جل وعلا عنك فينبغي للانسان ان يلزم الشكر والحمد والثناء على الله ولهذا قال اهل العلم الشكر يكون بثلاثة اشياء يكون باللسان فيلهج اللسان بالحمد والثناء على الله وشكره ويكون بالقلب وهو الاقرار والاعتراف بهذه النعم واستحضار ذلك ومعرفة فضل الله عليك بها ويكون بالجوارح وهو ان تعمل هذه الجوارح بطاعة الله شكرا لله على نعمه ومن ذلك الصدقة تصدق وهذا من شكر نعمة المال ان يخرج الانسان منه شيئا لله جل وعلا ولهذا يقول هو القائل افادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجب. الضمير المحجبة يعني القلب الاقرار والاعتراف وهذا لا يحتاج منك كثير جهد يحتاج منك ان تشكر الله وان تحمده وتثني عليه ولكن الموفق من وفقه الله قال جل وعلا وقضينا الى بني اسرائيل وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين ولتعلنن علوا كبيرا ومعنى قضينا اي تقدمنا اليهم كما يقول الشيخ السعدي رحمه الله قال اي تقدمنا وعهدنا اليهم واخبرناهم في كتابهم انه لابد ان يقع منهم افساد في الارض ونحوه قول الطبري قال وقظينا الى بني اسرائيل اي اعلمناهم اعلمناهم بذلك واخبرناهم ففرغنا فاخبرناهم به ففرغنا اليهم منه يعني قضينا الى بني اسرائيل تقدمنا اليهم فيما انزلنا عليهم من الكتاب واخبرناهم واعلمناهم انهم سيفسدون في الارض مرتين لتفسدن ولقد نعم وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب والمراد في الكتاب التوراة التي انزلها الله جل وعلا عليهم لتفسدن في الارض الافساد في الارض هو العمل فيها بالمعاصي الفساد افساد والفساد في الارض هو العمل فيها بمعصية الله جل وعلا قال الطبري لتعصن الله يا معشر بني اسرائيل ولتخالفهن امره في بلاده مرتين لتفسدن في الارض يعني الارض التي هم فيها ويعيشون عليها وهي ارض الشام مرتين سيحصل منهم الافساد مرتين والمراد انه يغلب عليهم الفساد فيغلب عليهم البغي ويغلب عليهم والتنحي عن شريعة الله قال جل وعلا ولتعلن علوا كبيرا. قال الطبري لتستكبرن على الله باجترائكم عليه استكبارا شديدا والعلو مرتبط بالفساد في الغالب انه اذا حصل العلو في الارض حصل الفساد معه لا يكاد ينجو من هذا الا اهل الايمان لانه يغتر بقوته وما اعطاه الله وما جعل له من الغلبة فالحاصل ان الله اخبر انهم سيعلون ويتكبرون ويتجبرون ويكون هذا منهم كبيرا علوا كبيرا وتجبرا وفسادا واعراظا عن اوامر الله وترك لدينه قال جل وعلا فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا فاذا جاء وعد اولاهما اذا جاء وعد اولى الافسادتين لانهم سيفسدون في الارض مرتين فاذا جا وعد اولاهما اي الافسادة الاولى فحصل منهم الاجساد وطغوا وعلو وعتوا عتوا كبيرا عند ذلك يبعث الله عليهم عبادا من عباده. جزاء وفاقا. لانهم اعرضوا عن دين الله جل وعلا فسلط الله عليهم اعداء قال بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد اي اصحاب قوة وشدة اولو قوة شديدة واصحاب شدة وغلبة وتمكن بحيث يغلبونكم ويقتلونكم وقد تنازع العلماء في هؤلاء الذين سلطوا على بني اسرائيل في المرة الاولى او في المرتين فقال بعض اهل العلم المراد به وهو مروي عن ابن عباس وقتادة قال انه جالوت الجزري وجنوده سلطه الله عليهم اولا ثم ادينوا عليه بعد ذلك وقتل داوود جالوت كما قال جل وعلا في سورة البقرة فالحاصل ان هذا القول يقول ان الذي سلط عليهم عبادا لنا اولي بأس شديد المراد به جالوت ومن معه من قومه وكان رجلا كافرا ثم رددنا لكم الكرة عليهم قال اي جعلنا الدائرة لكم عليها عليهم بان بعثنا داوود ومكناه من قتل جالوت فصارت الغلبة لكم مرة اخرى وقال بعض المفسرين ان المراد بهؤلاء العباد المسلطين على بني اسرائيل قال انه ملك الموصل. واسمه سنحاريب وجنوده وهذا القول مروي عن سعيد ابن جبير ويروى ايضا عن سعيد بن جبير وعن غيره انه بخت نصر ملك بابل هو الذي سلط عليهم في المرة الاولى والثانية وعلى كل حال الله اعلم من هو هذا الذي سلط عليهم لكن لا شك انهم لما عصوا وبغوا وعلو علوا كبيرا ان الله سلط عليهم عبادا من عباده فقتلوهم شر قتلة حتى ذكروا في اخبار بني اسرائيل ان بختنصر قتل منهم سبعين الفا واستباح دماءهم ونساءهم واخذ ذراريهم معه وهدم بيت وهدم المسجد الاقصى وفعل بهم الافاعيل وخرب ديارهم كل ذلك بسبب اعراضهم وهذا دليل على ان عواقب الذنوب وخيمة سواء على الفرد او على الجماعة فيجب على الانسان ان يتقي الله بنفسه وان يحذر من العلو في الارض والفساد الكثير ويحذر من ان يكون من من العصاة المفسدين لان الافساد في الارض هو العمل فيها بالمعاصي فان الله يسلط على من فعل ذلك عاجلا واجلا في الدنيا وفي الاخرة وكما هو متقرر عند اهل العلم ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه. نعم لم لم يسلط الله عدو على هذه الامة فيستأصلهم جميعا لكن يسلط على بعضهم او يسلط الله بعضهم على بعض اذا حصل منهم الاعراض وهذه سنة الله في الخلق ولهذا لما طغى بنو اسرائيل وافسدوا فسادا عريضا سلط الله عليهم جندا من جنده وعبادا من عباده ووصفهم بان لهم بانهم اولوا اولوا بأس شديد اي اصحاب قوة شديدة فجاسوا خلال الديار جاسو الجوس هو التردد في المكان والتخلل في البلاد ذهابا ومجيئا قال ابن جرير الطبري امام المفسرين في تفسير قوله فجاسوا خلال الديار قال وترددوا بين الدور والمساكن وذهبوا وجاؤوا وقيل قتلوهم ذاهبين وجائين. هذا هو الجوس خربوا ديار بني اسرائيل وترددوا فيها ذهابا وايابا لاجل قتلهم والقضاء عليهم ولاجل افساد ديارهم وخيراتهم فجاسوا خلال الديار من خلال ديارهم التي كانوا يسكنونها فقتلوهم شر قتلة وجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا كان جوسهم ودخولهم ديار بني اسرائيل وعدا مفعولا لا محالة واقعة مفعولا لا بد من فعله ولابد من وقوعه. لان الله جل وعلا قدره وقضاه واخبر به في كتابه الكريم التوراة ثم قال جل وعلا ثم رددنا لكم الكرة عليهم ومعنى رددنا اي ادلناكم عليهم وجعلنا النصرة لكم عليهم والكرة اي الدولة او الرجعة وذلك لما تبتم واطعتم اذا لما عصوا وافسدوا في الارض وعملوا فيها بالذنوب والمعاصي سلط الله عليهم عبادا من عباده ولما تابوا وانابوا ورجعوا الى الله جعل الدائرة لهم على اعدائهم فمكنهم من عدوهم وادالهم عليهم قال ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين اي رزقناكم الاموال التي تستعيننا بها على قتال الاعداء. وامددناكم بالبنين وجعلنا لكم اولادا ذكورا كثيرا وجعلناكم اكثر نذيرا اي اكثر عددا منكم قبل ذلك والنذير يطلق على العدد الكبير ويطلق ايضا على من ينفر يخرج للجهاد والقتال في سبيل الله وكلا الامرين جعله الله لهم رزقهم بالاموال الطائلة وايضا رزقهم بالبنين الذكور الذين يقاتلون الاعداء وجعلهم اكثر عددا من ذي قبل وجعلهم ايضا ينفرون ويهرعون الى الجهاد والقتال في سبيل الله فيقاتلون اعدائهم وكل هذا من منة الله وفضله جل وعلا عليهم لكن لذلك سبب وهو توبتهم ورجوعهم عما كانوا عليه من المعاصي الى طاعة الله جل وعلا وكن كذلك يا عبد الله وابشر متى ما كنت توابا رجاعا الى الله مستقيما على امره وطاعته ابشر بالتمكين ابشر بالخيرات المتتالية ابشر بالحياة السعيدة في الدنيا والاخرة هذا اذا فعله الفرد واذا فعلته فعلته الامة فهي كذلك ايضا وانظر الى حال الصحابة في اول الاسلام ثم كيف صار امرهم وشأنهم بعد ذلك كيف مكن الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم ولاصحابه في حياته وبعد موته حتى انه قال بعض المؤرخين ان المسلمين فتحوا في تماني في ثماني سنوات ما فتحته او ما بانته الروم في ثمانمائة سنة ويقال في ثمانين سنة وهذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد لكن متى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا متى ما شرط ذلك يعبدونني لا يشركون بي شيئا اذا حققت الامة التوحيد وافردوا الله بالعبادة وصرفوا عبادتهم لله وحده لا شريك له ولم يصرفوها لغيره فلا يعبدون القبور ولا يدعونها ولا يدعون الاولياء ولا يدعون الاوثان والاحجار والاصنام وانما يدعون رب السماوات والارض ويخلصون له العبادة فهذا هو غاية التمكين فليبشروا فانه لن يقف في وجوههم احد لان الامر امر الله والامر بيده جل وعلا وهذا وعده والله لا يخلف الميعاد قال جل وعلا ان احسنتم احسنتم لانفسكم ان احسنتم في عبادتكم واعمالكم فثواب احسانكم راجع لكم لانفسكم فانتم تنالون ثواب ذلك في الدنيا وفي الاخرة وان اسأتم فعليها اذا اسأتم العمل فلها فلأنفسكم اسائتكم راجع على انفسكم وستجازون بذلك في الدنيا وفي الاخرة لان الله حكم عدل لا يؤاخذ احد بجريرة احد فمتى ما احسن العبد فاحسانه له ويجد ثوابه في الدنيا. ولا ينفع ذلك ولا ينفع الله شيئا بذلك لان الله غني عنا وعن عبادتنا وان اسأتم العمل فلهب لانفسكم اسائتكم وجريرة ذلك راجعة عليكم وانتم الذين ستنالون اثر ذلك وشؤمه في الدنيا وفي الاخرة وهذا وان كان على سبيل الخبر لكنه فيه الحث للعباد على ان يحسنوا حتى ينالوا الثواب العظيم وفيه التحذير لهم من ان يسيئوا لانهم لا يظرون الا انفسهم قال جل وعلا فاذا جاء وعد الاخرة اي اذا جاء وعد الافسادة الثانية لان الله اخبر انهم سيفسدون في الارض مرتين واخبر بالافسادة الاولى وكيف سلط الله عليهم من سلط من عباده وابادوهم وقتلوهم ثم ذكر انه جعل الكرة واعاد الامر اليهم عليهم فغلبوا اعداءهم ثم رجعوا وقعوا في الافساد مرة اخرى وهي المعنية بقوله فاذا جاء وعد الاخرة اي وعد الافسادة الاخرة وهي الثانية لانهم سيفسدون مرتين ذكر الاولى والاخرى ذكرها بقوله الاخرة. لانها هي اخر الافسادتين فاذا جاء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم اي يهينونكم يهينكم العدو ويقهركم ويسوءوا وجوهكم باعماله التي يعملها بكم من قتل وسلب وهدم لبيوت الله وتسلط على نسائكم وذرياتكم وافساد اموالكم ليسوءوا وجوهكم وليدخل المسجد كما دخلوه اول مرة ليدخل المسجد الاقصى كما دخلوه اول مرة فيعيثون فيه فسادا ويفسدونه ويخربونه ولكن هذا بسبب اعمالكم وافعالكم التي فعلتموها ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة في الافسادة الاولى وهذا دليل على ان الافسادة الاولى ايضا حصل فيها انهم دخلوا المسجد الاقصى وهدموه وفعلوا فيه ما فعلوا عليهم من الله ما يستحقون لكن كانت بنو اسرائيل هي السبب في اعراضها عن عن امر الله جل وعلا حتى سلط عليهم عدوهم قال جل وعلا فاذا جاء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخل المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا يكبر يعني يدمر ويخرب ما علوا تتبيرا يعني ما علوا عليه ما ظهروا عليه ما ظهروا عليه من المسجد والبلاد فصار بايديهم ليدمرونه تدميرا بليغا وكذلك فعلوا هدموا المسجد وسبوا الذرية وانتهكوا النساء وقتلوا الرجال وافسدوا الديار كل ذلك بشؤم المعاصي قال جل وعلا وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم ان يرحمكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا عسى من الله واجبة كما يقول اهل العلم فاذا قال الله عسى الله ان يرحمكم فهي متحققة وواقعها الرحمة من الله لهم لكن لذلك شرط وهو التوبة والانابة والرجوع الى الله. فمن تاب الى الله تاب الله عليه من تاب الى الله اصابته رحمة الله وغفر له ذنوبه وكفر عنه سيئاته ولهذا قال عسى ربكم ان يرحمكم يعني اذا تبتم وسلكتم الطريقة التي توصل الى رحمة الله وهي التوبة والانابة فسيرحمكم الله لان عسى من الله واجبة قال وان عدتم عدنا وان عدتم يا بني اسرائيل الى الافساد في الارض عدنا الى ان نسلط عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد يقومون بقتلكم وسبيكم واخذ اموالكم واستباحة المسجد الاقصى وهذا وعيد شديد وتهديد وتخويف اكيد لبني اسرائيل وشرع من قبلنا شرع لنا نحن كذلك فهو ايضا وعيد لنا ان ان عدنا واعرظنا عن الله وعدنا الى معاصيه والى الافساد في الارظ فان الله يعود علينا بالعقوبات العاجلة والاجلة ومتى ما تاب العباد الى ربهم رفع الله عنهم البأساء وما حل بهم من الذنوب وهذا كما قدمنا كما انه نص عام في الامة فكذلك هو في الفرد فمتى ما تبت الى الله ورجعت اليه ابشر برحمة الله ومتى ما اعرضت وعدت الى المعاصي والذنوب فان الله يعود عليك بالمؤاخذة ويسلط عليك من جنده عقوبة عاجلة غير الاجلة فعلى الانسان ان يستقيم على طاعة الله وان يلزم الاستغفار دائما وابدا لان الاستغفار نجاة يقول النبي صلى الله عليه وسلم طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا الاستغفار سبب لكل خير والله جل وعلا يقول فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا. هذي كلها من بركات الاستغفار. تمحى الذنوب ويوسع للانسان في رزقه ويرزق الذرية ويرزق البساتين والاموال اذا لجأ الى الله بالتوبة والاستغفار التوبة النصوح والاستغفار الصادق الذي يوافق فيه اللسان القلب لا مجرد ذكر الاستغفار والانسان مصر على الذنوب او باق عليها قال جل وعلا وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا جعلنا نار جهنم للكافرين الذين كفروا بالله جل وعلا جعلنا جعلناها لهم حصيرا ومعنى حصيرا اي تحصرهم ويحصرون بباطنها وللسلف في معنى الحصير قولان القول الاول ان معنى حصيرا اي سجنا جعلنا جهنم للكافرين سجنا نسجنهم فيه لا يخرجون منها ولهذا قال خالدين فيها ابدا وقال بعض المفسرين ان معنى حصيرا اي فراشا ومهادا حصيرا مثل الحصير الذي مثل الفراش الان الذي يجلس عليه الناس قديما كانوا يجلسون على الحصير من سأب النخل ونحوه فهي في جهنم للكافرين بمثابة الفراش والمهاد والوطاء اي يكونون مستقرين بداخلها والقولان حق والاية تشملهما فاهل فالكفار النار لهم مهاد وفراش ووطاء وهم مسجونون فيها لا يخرجون منها ابد الاباد الا الموحدون عصاة الموحدين يخرجون من النار واما الكافرون فانهم لا يخرجون منها ابد الاباد نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم بعد ان ذكر اسراء اسراءه بنبيه صلى الله عليه وسلم في اول السورة ثم اتيانه موسى التوراة وذكري ما وقع من قومه من بني اسرائيل وما حل بهم حين معصيتهم وحين رجوعهم اردف ذلك بالثناء والبيان لحال هذا القرآن العظيم الذي انزله على نبينا صلى الله عليه وسلم فقال ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم قال ابن جرير رحمه الله يهدي للتي هي اقوم قال للسبيل التي هي اقوم من غيرها من السبل وذلك دين الله الذي بعث به انبياؤه وهو الاسلام اذا هذا القرآن يهدي للسبيل التي هي اقوم السبل او للحال التي هي احسن الاحوال وهي حال الايمان والاسلام والتوبة الى الله والاستقامة على دينه فالقرآن يهدي الى احسن السبل وانفعها واعظمها واصوبها وهو السبيل الموصل الى الله والطريق الموصل الى الله جل وعلا وهو الصراط المستقيم الذي يسأله المسلم كل يوم في في الفرائض سبع عشرة مرة اهدنا الصراط المستقيم ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم فاذا اردت السبيل التي هي اقوم السبل والحالة التي هي احسن الاحوال اهتدي بهدي القرآن اقرأه واعمل بما فيه ان فعلا وان تركا فان امرك بفعل فافعله وان نهاك عن شيء فاتركه فتهدى الى احسن السبل واحسن الطرق وتنال السعادة في الدنيا قبل الاخرة ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم ان لهم اجرا كبيرا يبشرهم والبشارة هي الخبر الذي تتغير له بشرة الوجه والاعم والاغلب انه في الخير ان يبشروا بخير تتغير بشرة وجهه له فرحا وسرورا وقد تستخدم البشارة بي ما يسوء الانسان بحيث تتغير بشرة وجهه من سوء ما علمه او اعد له لكن هنا البشارة بالخير فهو يبشر المؤمنين بسبب ايمانهم بي بسبب ايمانهم ثم وصفهم بوصف لابد منه وهو انهم يعملون الصالحات وهذا دليل لمذهب اهل السنة والجماعة ان الايمان قول واعتقاد وعمل فقول باللسان وهو الشهادتان وعمل واعتقاد بالجنان وعمل بالاركان والجوارح فلا يكفي ان يقول الانسان انه مؤمن وهو لا يعمل ولهذا قال يبشرهم بايمانهم يبشر ويبشر المؤمنين هاي بايمانهم ثم ذكر انهم يعملون الصالحات والصالحات جمع صالحة وهو كل عمل اجتمع فيه امران الاخلاص فيه لله جل وعلا والاتباع فيه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فالعمل الصالح هو ما كان لله خالصا يبتغي به صاحبه وجه ربه جل وعلا ولا يرائي به ولا يريد به وجه احد ولا شيئا من الدنيا وايضا يكون متبعا فيه للنبي صلى الله عليه وسلم ليس مبتدعا ولا محدثا لشيء في الدين بل متبع للنبي صلى الله عليه واله وسلم فهؤلاء يبشرهم ان لهم اجرا كبيرا ان لهم عند الله اجرا وثوابا كبيرا اي عظيما جزيلا لا يقادر قدره وقد ذكرنا مرارا الحديث الذي في الصحيحين ان اخر رجل يخرجه الله جل وعلا من النار بعد ان يعذب فيها مددا طويلة ان الله يخرجه وذكر في الحديث انه يدخله الجنة فتتراءى له الجنة انها ملأى لان الناس قد اخذوا منازلهم يقول الله عز وجل له تمنى اي اطلب فيتمنى ولا يزال الله يذكره حتى تنقطع به الاماني فيقول الله له ايرضيك ان اعطيك مثل الدنيا فذكر الحديث فيه فان لك الدنيا وضعفها فان لك الدنيا وضعفها وظعفها وظعفها الى ان ذكر عشرة اظعافها هذا اخر رجل يدخل الجنة وهو اخر رجل يخرج من النار من الموحدين فالمؤمنين عند الله اجرا كبيرا عظيما ليس على قدر عملهم الذي يعملون لا فوقه ولهذا ما احد يدخل الجنة بعمله لكن الله يمن على عباده المتقين فيجعل عملهم الضعيف القليل اليسير يجعله سببا لدخول الجنة لا على سبيل المكافأة. وانما على سبيل المنة من الله جل وعلا على عباده ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا. وان الذين لا يؤمنون بالاخرة اعتدنا لهم عذابا اليما وان الذين هذا معطوف على قوله ان لهم اجرا كبيرا وان الذين لا يؤمنون بالاخرة على قول جمع من اهل التفسير فقالوا فيه بشارتان بشارة لهم بالثواب العظيم ودخول الجنة وبشارة لهم بانه يعذب اعداءهم واضدادهم الكافرين الذين اذوهم وفعلوا فيهم ما فعلوا وان الذين لا يؤمنون بالاخرة لا يؤمنون بالبعث ولا بالنشور ولا بيوم القيامة الذي هو احد اركان الايمان الستة ان اعتدنا لهم عذابا اليما ومعنى اعتدنا اي اعددنا وهيأنا اعددنا وهيئنا لهم يوم يلقون الله عذابا اليما اي مؤلما موجعا شديدا لمن حل به فهذا مما جاء في هذا القرآن العظيم بعظم ثواب المؤمنين وبشدة عذاب الكافرين المعرضين الذين لا يؤمنون بالاخرة ويقولون لا بأس ولا نشور وانهم لا يبعثون ولا ينشرون قال جل وعلا ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا يدعو الانسان يدعو بالشر قال ابن كثير يخبر تعالى عن عجلة الانسان ودعائه في بعض الاحيان على نفسه او ولده او ماله بالشر اي بالموت والهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك فلو استجاب له ربه لهلك بدعاءه كما قال جل وعلا ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم وكذا فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة وقد تقدم بهذا الحديث لا تدعوا على انفسكم ولا على اموالكم ان توافقوا من الله ساعة استجابة ساعة اجابة فيستجيب فيستجيب لكم فيها الحديث رواه مسلم وابو داود فهذه طبيعة الانسان عجول كما قال جل وعلا في اية اخرى خلق الانسان من عجل فالانسان مستعجل دائما ولهذا بعضهم اذا غضب على ولده او على نفسه او جعل يدعو بالشر يستعجل ما يتريث ويصبر ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا غضب احدكم فليسكت اذا غضبت اسكت لا تطلق لسانك تدعو على نفسك تدعو على ولدك على سيارتك على مالك او الناس هكذا اذا غضب اطلق لسانه انتبه هذي طبيعة الانسان العجلة لكن الانسان المؤمن يقيد نفسه بالشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدعوا على انفسكم ولا على اموالكم ولا على اولادكم فيوافق من الله ساعة استجابة فيستجيب ومن بعض الناس الان شقي بولده اتعبه الولد كثيرا وربما هو السبب غضب عليه يوما ما قال الله لا يوفقك. او دعا عليه بالهلاك فقال الله وجبت والان يشقى بجراء دعائه هذا اسكت اذا غضبت اسكت لا تتكلم قل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تتكلم بشيء بان لا يوافق هذا ساعة استجابة فيستجيب الله لك اذا انسان عجول ولهذا روى الترمذي بسند صحيح من حديث سلمان وابن عباس في قصة ادم عليه السلام حينما خلقه الله وبدأت الروح فيه هم بالنهوض قائما قبل ان تصل الروح الى رجليه وذلك انه جاءته النفخة من قبل رأسه فلما وصلت الى دماغه عطس فقال الحمد لله فقال الله يرحمك الله يرحمك ربك يا ادم فلما وصلت الى عينيه فتحهما فلما سرت الى اعضائه وجسده جعل ينظر اليه ويعجبه فهم بالنهوض قبل ان تصل الى رجليه فلم يستطع وقال يا ربي عجل قبل الليل الى اخر الاثر وازهر يحسنه صحيحه بعض اهل العلم هذا ادم وطبيعة الانسان انه خلق عجولا خلق من عجل يستعجل دائما لكن المؤمن يضبط نفسه وهذا فيه جميع الامور الا في امر الاخرة استعجل سابقوا سارعوا هذه هي امر الاخرة لكن في امور الدنيا لا تعجل ما هو مجرد ترى تصرف من بعض اخوانك تعجل او تسمع بكلمة تعجل وتصدر حكما او تسبه او تشتمه او ترى تصرف من ولدك او من لك به علاقة بزوجة ونحوها فاحذر من العجلة يا عبد الله لان العجلة لا تأتي بخير وقد يفعل الانسان فعلا لا يستطيع ان يرجع عنه ويسبق السيف العدل لكن لو صبر نظر في امره اذا رأى ان الصواب هو ان يعاقب او يقول قال بعد ان يتروى وينظر في امره قال جل وعلا ويدعو الانسان بشر دعاءه بالخير يدعو بالشر كما يدعو بالخير يقول بعضهم اللهم اهلكني اللهم اهلك هذه الدابة التي اتعبتني اللهم افعل بهذا البيت الذي فعل به ما فعل الله افعل بهذه الزوجة التي فعلت لا اتق الله لا تدعو بالشر دعاءه بالخير يعني مثل ما يدعو بالخير لكن الخير اقره عليه وامره بالدعاء وقال ربكم ادعوني استجب لكم واسألوا الله من فضله لكن الدعاء بالشر لا لا تدعو بالشر لا تدعو بالشر ولا تعجل في ذلك قال جل وعلا واجعلنا الليل والنهار اية فمحونا اية الليل الناس اية النهار مبصرة. مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب. وكل شيء فصلناه قيل وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. من اهتدى فانما لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها. ولا تزر وازرة وزر اخرى. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. نعم ثم قال جل وعلا وجعلنا الليل والنهار ايتين يمتن الله جل وعلا على عباده ببعض ما خلق لهم بعض من من الايات العظيمة ومن ذلك اية الليل والنهار فيقول وجعلنا الليل والنهار ايتين اي سيرناهما خلقناهما واوجدناهما وجعلناهم وجعلناهما ايتين عظيمتين سواء من حيث الظلام والانارة فاذا جاء النهار وطلعت الشمس صار النهار مضيئا في غاية الاضاءة والوضوح ثم اذا غشيه الليل صار الليل مظلما مدلهما هذه اية من ايات الله ان يأتي بالليل في ظلم الارض ومن فيها ومن عليها ويأتي بالنهار فتشرق الارض وما عليها من الذي يأتي بهذا؟ هو الله وحده لا شريك له ولا يستطيع احد ان يفعل ذلك وايضا في جعل الليل والنهار متعاقبان يذهب هذا ويأتي هذا دائما وابدا لا يختلف الامر ولا يختل النظام منذ ان خلق الله الارض وخلق الشمس والقمر الى ان يأذن بانتهاء الدنيا جل وعلا وايضا الليل لا يطول طولا سرمديا ويكون سرمدا على الناس الى يوم القيامة ولا النهار كذلك وايضا فيهما ايات عظيمة مما جعله الله من خصائص الليل وما جعله من خصائص النهار ففي الليل النوم المريح الذي يسترد به البدن عافيته وقوته وجعل نومه سباتا منقطعا لا يتحرك اثناء النوم ولا يمشي ولا يذهب يعمل كما يعمل في حال يقظته وجعل النهار معاشا يطلب فيه الرزق وجعل لكل منهما خصائص فهما ايتان من ايات الله عظيمتان فيهما من العبر والعظات ما يكفي لبيان انه لا اله الا الله وحده لا شريك له فان القادر على ذلك هو المستحق ان يعبد وحده دون من سواه قال جل وعلا وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة محونا اية الليل اي طمسنا واذهبنا اية الليل اختلف العلماء في المراد في اية الليل فاكثر المفسرين على انها الظلمة هي اية الليل وعلامته اعظم علاماته ودلائل الليل الظلام فمحاها الله وطمسها واذهبها وازالها وجعل النهار مبصرا وقال جاء عن جمع من السلف يروى عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعن غيره ان اية الليل هي السواد الذي في القمر لطخة السواد الذي تراها في القمر ولكن الاظهر هو القول الاول لان القمر لا يظهر كل ليلة لا يظهر كل ليالي الشهر معروف حاله وانما اية الليل هي الظلمة او الظلام فمحونا اية الليل ومن قال انه القمر ذكروا بعظ الاثار هي من اخبار بني اسرائيل الله اعلم بصحتها فقالوا ان الله خلق القمر مثل الشمس ظوؤه مثل ظوء الشمس فامر جبريل فوظع جناحه عليه فذهب ضوءه وبقي نورا وذكروا اشياء الله اعلم بصحتها لكن ظاهر السياق ان المراد باية الليل هي ظلامه بدليل انه قال وجعلنا اية النهار مبصرة تمحى ظلمة الليل وجعل اية النهار مبصرة اية النهار قيل هي الشمس مبصرة منيرة مضيئة يبصر الناس الاشياء يرونها وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم هذه من حكم جعل النهار وطلوع الشمس لاجل ان تبتغوا فضلا من ربكم والمراد به الرزق طلب المعاش ولا بالارزاق طلعت الشمس الناس يهبون لاعمالهم ومصالحهم ووظائفهم فيعملون ويكدون حتى يحصلوا رزق الله وفضله الذي قدره لهم وكتبه لهم. لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب. كذلك جعل اية النهار مبصرة لتعلموا عدد السنين والحساب تعلم عدد السنين والاشهر والايام وتعرفون حساب ذلك وتؤرخون به تعرفون به الحياة والاوقات فلولا هذا الحساب لا ندري متى ولد النبي صلى الله عليه وسلم وفي اي زمان كان لكن بسبب تعاقب الليل والنهار وما جعله الله عز وجل من القمر ايضا يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج هذه كلها نعمة من نعم الله والا لاختلط التأريخ وما عرف الناس من الاول من من الاخر ولا في اي زمان وجد وهذه من نعم الله ولذلك حتى الان الناس يحسبون الايام والمواعيد التي يضربونها والاجال ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا قال الطبري وكل شيء بيناه بيانا شافيا لكم ايها الناس كل شيء تحتاجون اليه فصلناه وضحناه وبيناه بيانا شافيا واضحا لا غموض فيه وهذا من فظل الله عز وجل علينا فصل لنا كل ما نحتاج اليه. فصل لنا شرعنا فصل لنا الحلال من الحرام فسر لنا كل ما نحتاج اليه فما علينا الا العمل وكل هذا من من الله وفضله على عباده والفائل لذلك هو المستحق ان يعبد جل وعلا لانه على كل شيء قدير ثم قال جل وعلا وكل انسان الزمناه طائره في عنقه كل انسان الزمناه طائره في عنقه واكثر المفسرين على ان المراد بالطائر هو العمل طائره اي عمله في عنقه قال ابن عباس عمله وقال في قوله ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا قال عمله الذي احصي عليه فاخرج له يوم القيامة ما كتب له من العمل وقال الطبري وكل انسان الزمناه ما قضي له انه عامله وهو صائر اليه يقول الله جل وعلا وكل انسان الزمناه طائره في عنقه قال ابن كثير يقول تعالى بعد ذكري الزمان وذكر ما يقع فيه من اعمال في الاية السابقة وجعلنا الليل والنهار ايتين قل كانه يذكر وجه المناسبة بين هذه الاية والتي قبلها يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من اعمال بني ادم وكل انسان الزمناه طائره في عنقه وطائره ما طار عنه من عمله كما قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد من خير وشر يلزم به ويجازى عليه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وقال تعالى عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وقال تعالى ان وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون وهذا من ابن كثير رحمه الله بيان عظيم دليل على حفظه لكتاب الله وكيف ينزع بالايات التي تدل على الاية ولهذا تفسير ابن كثير كما انه يتميز بالسنة والاحاديث والاثار فهو ايظا متميز بتفسير القرآن بالقرآن وذكر الايات التي تفسر التي يفسر بعضها بعضا هذا جدير بان يجمع كلامه رحمه الله في هذا الباب ثم اورد حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لطائر كل انسان في عنقه وجاء بعضها لعمل كل انسان في عنقه. وكذلك ايضا جاء جاء عند احمد بسند صحيح من حديث عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس من عمل يوم الا وهو يختم عليه يعني كل انسان يعمل عمل يختم على عمله هذا ما من عمل يوم الا وهو يختم عليه فاذا مرض المؤمن قالت الملائكة يا ربنا عبدك فلان قد حبسته فيقول الرب جل وعلا اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ او يموت قال ابن كثير اسناده جيد قوي وصححه الالباني في السلسلة الصحيحة فما يظيع شي يا عبد الله وهذا العمل الذي الان الزمت به يوم القيامة يخرج لك الان تعمل في عنقك لازم لك عملك ما يظيع منه شي لا لا تخشع ولا تخف ولا تقل لعل بعظ الذنوب تظيع ما تسجل علي كل شيء محصن عليك ولهذا قال جل وعلا ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا نخرج له يوم القيامة هذا العمل الذي الزمناه فيه وكان يعمله وهو في كتاب يقرأه كتاب منشور مفتوح ينشر امامه ويلقاه يلقاه من المقابلة والرقي وكذلك ايضا يجده منشورا ويقال له اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا يقال يا عبد الله اقرأ كتابك بنفسك وهذا من تمام عدل الله جل وعلا ما يظلم العباد فيقرأ الانسان عمله من كان قارئا في الدنيا ومن لم يكن قارئا كل الناس يوم القيامة يقرأون حتى الامية الذي كان لا يقرأ في الدنيا يوم القيامة يقرأ كتابه ويرى اعماله ولا ينكر شيئا من ذلك في كتاب لا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها فانتبه يا عبد الله لا تظن ان ذنوب السر والخفايا واذا بعدت عن الناس اذا اغلقت باب بيتك او باب غرفتك او خلوت بجوالك لا تظن هذا يذهب سدى كل شيء محصن عليك وستراه وستقرأه فلا تعمل الا عملا يبيض وجهك لا يخزيك بين يدي الله جل وعلا من الذنوب التي يفعلها العبد الان يسر بها يتمنى ما يراها احد من البشر طيب في الاخرة هو ذاك ذاك يوم الفظيحة على رؤوس الاشهاد ولا يخفى شيء في الدنيا قد يخفي وقد يعتذر وقد وقد لكن تبلى السرائر يوم القيامة فالله الله في اصلاح البواطن والظواهر اصلحوا بواطنكم وظواهركم فانكم تقدمون لانفسكم وان ظننتم انكم تخادعون الله فانتم تخادعون انفسكم وكل ما قدمته ستراه فاليوم اعمل الذي يسرك يوم تراه يوم تقرأه. لا تعمل شيئا يسوؤك لانه يوم القيامة من الناس من يعطى كتابه بيمينه وهم المؤمنون ومنهم من يعطى كتابه بشماله نعوذ بالله من وراء ظهره تلوى يده الشمال الى خلف ظهره ويأخذ كتابه ذليلا وفيه ما يسوؤه وهذا في الحقيقة يجعل الانسان ينتبه الى متى الغفلة يا اخوان؟ والله المستعان