الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الاسراء في الاية السادسة عشر منها واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها. فحق عليها القول فدمرناها تدميرا يقول جل وعلا اذا اردنا ان نهلك قرية من القرى التي ظلمت وابت ان تستجيب لامر الله جل وعلا امرنا مترفيها وامرنا قرأها يعقوب امرنا امرنا مترفيها بمعنى اكثرنا مترة فيها ففسقوا فيها وقرأ الباقون امرنا بالتخفيف واختلف في هذه وفي المعنى المراد بهذه القراءة او المعنى المراد على هذه القراءة على ثلاثة اقوال فذهب بعض المفسرين الى ان المعنى امرنا مترفيها امرا قدريا يعني امرناهم بالفسق امرناهم امرا قدريا شرعيا كونيا لانه لا يقع شيء الا بارادة الله جل وعلا لكن ارادة الله منها ما هي كونية ازلية قدرية وقد يريد ما لا يحب كما اراد كفر ابليس وكفر الكفار والنوع الثاني ارادة شرعية ولا تكون الا محبوبة لله جل وعلا. فقالوا انا امرنا هنا المراد به الامر القدري امرناهم بالفسق والكفر ففسقوا فيها والقول الثاني وعليه اكثر المفسرين ان امرنا اي امرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا امرناهم بطاعتنا ففسقوا وقال الشنقيطي معناه امرنا مترفيها بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله واتباعهم ففسقوا ويقولون ان متعلق الامر لقوله امرنا محذوف لظهوره لظهوره والمعنى امرنا امرناهم بطاعة الله قالوا وهذا الاسلوب ذائع شائع في كلام العرب ومعروف بينهم قالوا ومنه قول الرجل اذا امر الرجل بطاعة او بامر له فيه رشد فلم يستجب يقول امرته فعصاني انا امرته فعصاني ما معنى قول القائل امرته فعصاني؟ امرته بمعصيتي فعصاني؟ لا الانسان يأمر غيره بطاعته فيما لم يكن يعني فيه معصية لله فيقول الرجل لابنه مثلا آآ تعال معي او افعل كذا فيعصيه فيقول امرته فعصاني مثلا قال الامين الشنقيطي رحمه الله وهذا يدل عليه قوله جل وعلا واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا والله امرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء قال فتصريحه جل وعلا انه لا يأمر بالفحشاء دليل واضح على ان قول على ان قوله امرنا مترفيها اي امرناهم بالطاعة فعصوا قال ويدل له ايضا قوله جل وعلا وما ارسلنا في قرية من نذير الا قال مترفوها انا بما ارسلتم به كافرون اذا هذه الاية تبين ان الكفار او المترفين او نعمل ان المترفين اذا جاءتهم الرسل يأمرونهم بالطاعة ولهذا قال وما ارسلنا في قرية من نذير الا قال مترفوها ان بما ارسلتم به كافرون لانهم ارسلوا بطاعة الله وبتوحيده واخلاصه فالقرآن يفسر بعضه بعضا. اذا المعنى امرنا مترفيها بطاعتنا وبالايمان وبالتوحيد فعصوا ففسقوا والقول الثالث على هذه القراءة امرنا قالوا المراد كثرنا عددهم امرنا مترفيها اي كثرنا عددهم قاله ابن عباس وقاله عكرمة والحسن والضحاك وقتادة وجاء عن الزهري ايضا قال امرنا من ترفيهها اكثرنا وقد استشهد بعضهم لذلك بالحديث الذي رواه الامام احمد لكن اسناده ضعيف عن سويد بن هبيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير مال امرئ خير ما لامرئ له مهرة مأمورة او سكة مأبورة قالوا معنى مأبورة المراد انها الطريقة المصطفة من النخل ومأبورة يعني ملقحة من التأبير عبر النخل يعني اذا لقحه ومعنى مهرة مأمورة قال اي كثيرة النسل اذا معنى الحديث لو صح ان خير مال الانسان مهرة مأمورة يعني فرس كثيرة النسل او سكة مأمورة او نخل مجموعة نخل مصطف على طريقة واحدة قد ابرها صاحبها ولقحها حتى تثمر ويجود ثمرها والقول الاظهر والله اعلم هو ان معنى امرنا اي امرناهم بالطاعة ففسقوا و قرأ علي ابن ابي طالب وابو عثمان النهدي وهي القراءة الثالثة قراءة يعقوب امرنا قلنا انه معنى اكثرنا مترفيها باقول امرنا وفيها ثلاث معاني كما اشرنا اليها. وقرأ علي ابن ابي طالب وابو عثمان النهدي وابو رجاء وابو العالية والربيع ومجاهد الحسن امرنا بالتشديد. اي سلطنا شرارها فعصوا فيها لكن هذه القراءة ليست من القراءات المتواترة من القراءات الشادة الظعيفة قال جل وعلا واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها. فسقوا فيها اي خرجوا عن طاعة الله الى الكفر لان الفسق هو الخروج عن طاعة الله ومنه قولهم فسقت الرطبة اذا خرجت من قشرتها فكذلك الفسق في حق الكفار هو الخروج عن طاعة الله او الفسق في اصطلاح الشرع هو الخروج عن طاعة الله. لكن قد يكون خروجا فسقا مخرجا من الملة وقد يكون فسقا لا يخرج من الملة ففسقوا فيها فحق عليها القول قال الطبري فوجب عليهم بمعصيتهم بمعصيتهم لله وفسوقهم فيها وعيد الله الذي اوعده من كفر به وخالف رسوله اذا حق عليها القول بالتدمير بالاهلاك فان كل من عصى الله وابى وتجبر ولم يستجب فان الله جل وعلا قد اخبر وقال انه يهلكه اذا حق عليهم قول الله ونزل بهم ما قاله عن اهلاكه للكافرين قال فدمرناها تدميرا اي اهلكنا هذه القرية اهلاكا ذريعا وقضينا عليهم فاتنا ان نذكر معنى مترفيها متربيها اي منعميها امرنا مترفيها اي المنعمون المنعمون فيها والمترف هو المنعم الذي ابطرته النعمة وسعت العيش وقال بعض المفسرين المراد بهم هم الملوك والمتسلطون والجبابرة في القرى لان كل قرية يكون فيها هؤلاء فهم المترفون منعمون لكثرة اموالهم ولرئاستهم وهم الذين يعارضون الحق قال جل وعلا وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا كم هنا هي كم الخبرية وهي للتكثير والمعنى اي اهلكنا كثيرا من القرون اهلكنا كثيرا من القرون من بعد نوح ولم يهلك احدا قبل نوح لان الناس من وقت ادم الى نوح كانوا على التوحيد. كما صح عن ابن عباس ومثله لا يقال بالرأي انه قال كان بين ادم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام اذا الامة المكذبة كلها بعد نوح. قوم نوح الذين بعث فيهم فمن بعدهم ولهذا قال وكم اهلكنا من القرون والقرون جمع قرن وهو مائة سنة على الاشهر ويطلق القرن ويراد به الجماعة من الناس المجتمعون في زمن واحد وهو المراد هنا والغالب انهم يكون لهم وقت ايضا يعيشون في وقت واحد وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح وهذا كما قال ابن كثير يقول تعالى منذرا كفار قريش في تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بانه اهلك امما من المكذبين للرسل من بعد نوح ثم قال انكم قال ومعناه انكم ايها المكذبون لستم اكرم على الله منهم وقد كذبتم اشرف الرسل واكرم الخلائق فعقوبتكم اولى واحرى وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح وكذا بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا قال ابن كثير اي هو عالم بجميع اعمالهم خيرها وشرها. لا يخفى عليه منها خافية سبحانه وتعالى وقال غيره كذا بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا. اي اكتفي اكتفي بربك بخبرته بالعباد فهو الخبير العليم ببواطن الامور وهو البصير بهم يبصر اعمالهم لا يخفى عليه منها شيء جل وعلا. ثم قال جل وعلا من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد. ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا. من كان تريد العاجلة العاجلة كما قال ابن جرير الطبري من كان طلبه الدنيا العاجلة ولها يعمل ويسعى واياها يبتغي عجلنا له فيها ما نشاء. عجل الله عز وجل له منها ما يشاء لمن يريد وقد لا يريد له ان يعجل له شيئا منها ولهذا قال قال ابن كثير يخبر تعالى ان كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل له يخبر تعالى انه ما ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل له. بل انما يحصل لمن اراد الله ما يشاء وهذه مقيدة لاطلاق ما سواها من الايات فانه قال عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم اي في الدار الاخرة. وابن كثير يشير الى اية سورة ال عمران فان الله جل وعلا يقول فيها ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤتيه منها فظاهر تلك الاية ان من اراد ثواب الدنيا اتاه الله ما اراد لكن هذه الاية خصصت اية ال عمران لانه قال من كان يريد العاجل تعجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد لكن قد لا نريد ان نعجل له اذا فهي مخصصة لاية ال عمران وقد نص على ذلك انها مخصصة الحافظ ابن حجر في الفتح والامين الشنقيطي في اضواء البيان اذا آآ والامين الشنقيطي في دفع ايهام الاضطراب عن اي الكتاب اذا الله جل وعلا يخبر انه من كان يريد العادلة والعاجلة هي الدنيا لانها هي القربى هي يستعجل بها او هي قبل الاخرة فهي عاجلة دنيا قريبة والاخرة متأخرة واجلة فالمراد بها الدنيا على كل حال. من كان يريد العاجلة عجلنا له في الدنيا واعطيناه ما نشاء ما نريده ونشاؤه لان سبق ان ذكرنا لكم ان المشيئة في القرآن تقابل الارادة الكونية كما سبق وذكرنا ان ارادة الله نوعان كونية قدرية ازلية وكونية شرعية وارادة شرعية فالمشيئة ترادف او بمعنى الارادة الكونية القدرية. اذا عجلنا له فيها ما نشاء ما نريد لمن نريد منهم؟ لان ما كل من طلب الدنيا ولا كل الكفار نعطيهم الدنيا وهذا امر يدل عليه الواقع. فكم من الكفار البخاري من الفقراء والبؤساء وما من لا يحصل له ما يريد هذا امر واقع ملموس. قال ثم جعلنا له جهنم. ثم عاطفة لكن تدل على اه التراخي الرتبي يعني على الترتيب والتراخي يدل على ان ذلك متراخ يعني ما يحصل له من العذاب في الاخرة لا يمهل في الدنيا ثم هو ايظا مرتب على عمله في الدنيا. ولهذا قال ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموم مدحورا ان يجعلنا له نار جهنم يصلاها يدخلها وتحرقه ويعذب فيها مذموما مدحورا قال ابن كثير مذموما اي في حال كونه مذموما على سوء تصرفه وصنيعه اذ اختار الفاني على الباقي وقال مدحورا معناه مبعدا مقصيا حقيرا ذليلا مهانا ونحوه قول المفسرين لان الدم هو الوصف بالمعائب التي في الموصوف والمدحور هو المطرود المبعد من رحمة الله. يقال دحره عن كذا اذا ابعده. ثم قال جل وعلا ومن اراد الاخرة دعا لها سعيها وهو مؤمن هذا كما قدمنا مرارا ان هذا مما يدل على وصف القرآن بالمثاني لانه يذكر الشيء ثم يثني بذكر ضده فلما ذكر الذين يريدون الدنيا والعاجلة وما يفعل بهم ثنى بذكر من يريد الاخرة. وهمه الدار الاخرة لينجوا من عذاب الله ويفوزوا برضاه وبدخول الجنة فقال ومن اراد الاخرة اي الدار الاخرة وما فيها من النعيم والسرور وسعى لها سعيها لابد من سعي لابد من عمل. الاخرة ما تكون هكذا. ينام الانسان ويتبع شهوات نفسه. لابد من سعي ولابد من عمل في الغالب انه تكرهه النفوس كما قال جل وعلا ليبلوكم ايكم احسن عملا وقال النبي صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره يعني اشياء تكره النفوس ما تريد تقوم بالطاعة وحفت النار بالشهوات اتباع شهوات النفس. ثم قال وهو مؤمن وهذا شرط ثالث لان العلماء يقولون قبول العمل له شرطان دائما يتكلمون ويذكرون شرطين للعمل يقولون الاخلاص لله بالعمل والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن هناك شرط ثالث وهو ان يكون مؤمن ولكن العلماء لا يذكرون هذا لانهم يتكلمون مع المؤمنين يتكلمون مع المسلمين. فهو يقول له ايها المسلم ايها المؤمن لا يقبل العمل الا بشرطين الاخلاص والمتابعة والا فان الايمان لابد منه. ولهذا قال وهو مؤمن. وهذا دلت عليه اية اخرى كما قال جل وعلا ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا. وقال جل وعلا من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. قال وهو مؤمن وقال جل وعلا ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هظما. اذا لا بد من شرط الايمان والا من لم يكن مؤمنا ولو عمل اعمالا صالحة ولو فعل بعض الاعمال لا تنفعه كما قال جل وعلى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. ثم قال آآ جل وعلا فاولئك كان سعيهم مشكورا. اولئك اتى باسم الاشارة الدال على البعيد. لبيان علو منزلة ومقام هؤلاء القوم الذين يريدون الاخرة ويسعون لها سعيها ويعملون الاعمال التي توصل اليها مع الايمان بالله سبحانه وتعالى. فاولئك كان سعيهم مشكورا كان سعيه وعملهم الذي قدموه قدموه مشكورا شكره الله لهم وتقبله منهم واثابهم عليه اعظم الثواب ولهذا يقول ابن جرير الطبري قال وشكر وشكر الله اياهم على سعيهم ذلك حسن لهم على اعمالهم الصالحة وتجاوزه لهم عن عن سيئها برحمته ثم عزاه الطبري لقتادة رحمه الله. قال جل وعلا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك. قال ابن كثير كلا اي كل واحد من الفريقين الذين ارادوا الدنيا والذين ارادوا الاخرة نمدهم فيها نمدهم فيما هم فيه من عطاء ربك وقال غيره من المفسرين كلا نمد هؤلاء وهؤلاء هؤلاء المؤمنون وهؤلاء الكفار فكل منهم نمده من عطاء ربك. والمراد بعطاء ربك هنا هو الرزق. اي من رزق ربك وهو ما يعيشون به في هذه الحياة ثم قال وما كان عطاء ربك محظورا ومعنا محظورة اي ممنوعا وعطاء ربك هنا هو نفس عطاء عطاء ربك الذي قبله. اي من رزقي ربك كلا نمد هؤلاء يعني نعطي هؤلاء نمدهم ونعطيهم الكفار والمؤمنين من رزق الله الذي يعيشون به في هذه الحياة وما كان عطاء ربك ما كان رزق ربك محظورا ممنوعا يمنعه احد بل هو المتصرف جل وعلا قال السمعاني اجمع المفسرون ان معنى عطاء ربك في هذه الاية في هذه السورة هو الدنيا فان الاخرة للمتقين وليس الكافرين فيها نصيب. اذا عطاء ربك هنا هو الرزق في الدنيا ثم قال وما كان عطاء ربك محظورا ما احد يستطيع ان يحضر عطاء الله جل وعلا قال ابن كثير اي لا يمنعه احد ولا يرده راد وقال قتادة وما كان عطاء ربك محظورا اي منقوصا. وقال الحسن وغيره اي ممنوعا ثم قال جل وعلا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض فانظر يا نبينا كيف بطلنا بعضهم على بعض اي في الدنيا قال ابن كثير اي في الدنيا فمنهم الغني والفقير وبين ذلك والحسن والقبيح وبين ذلك. ومن يموت صغيرا ومن يعمر حتى يبقى شيخا كبيرا. وبين ذلك نعم الناس الان متفاوتون فظل الله بعظهم على بعظ سواء في في الدين وهناك المؤمنون وهناك الكفار او في الدنيا هذا غني وهذا فقير في العقل في الرئاسة في الجاه وهذا امر لا ينكره احد فهم في متفاوتون فضل بعضهم على بعض يعني فاوت بينهم وجهل بعضهم افضل من بعض في بابه. افضل في باب الغنى اه في باب الدين اه في باب الجاه في باب العقل الى غير ذلك ثم قال وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا في الاخرة التفضيل فيها اكبر والدرجات فيها اكبر تفضيل الدرجات قال ابن كثير اي ولتفاوتهم في الدار الاخرة ولا تفاوتهم في الدار الاخرة اكبر من الدنيا. فان منهم من في الدركات في جهنم وسلاسلها واغلالها. ومنهم من يكون في الدرجات العلى ونعيمها وسرورها. ثم اهل بركات نسأل الله العافية اهل النار. يتفاوتون فيما هم فيه. كما ان اهل الدرجات اهل الجنة يتفاوتون فان في الجنة مئة درجة فان فان الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض. وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم ان اهل الدرجات ليرون اهل عليين كما ترون الكوكب الغابر في افق السماء يرون بعض المؤمنين والصديقين قد رفعهم الله مثل ما تنظر وانت في الارض تنظر الى الكوكب الغابر في السماء الذي ارتفع وبعد في السماء مع انهم كلهم من اهل الجنة. ولهذا قال وللاخرة اكبر درجات واكبر وهذا وان كان على سبيل الخبر لكنه ايضا متضمن للحث على الاجتهاد والاقبال على الله سبحانه وتعالى فاعمل يا اخي كما ترى التفاوت في الدنيا مع انه لا يلزم منه السعادة. فالتفاوت يوم الاخرة اعظم واكبر واجل. وانما ينال تفضيل الاخرة بقدر ما بقدر ما يكون عليه الانسان من الايمان والعمل الصالح. والاجتهاد في طاعة الله ومرضاته. فسابق سابق يا عبد الله ولهذا كم من الناس في الدنيا اشعث اغبر مدفوع بالابواب وهو في الاخرة في اعلى المنازل. وتلك وتلك هي المنزلة التي يجب ان يحرص عليها. لان تلك هي الدار الباقية. اما هذه مهما كان في ملك او في غنى او في جاه ينتهي. ينتهي في الدنيا او اذا جاءه الموت. فعلى الانسان ان يجد ويجتهد في الحرص على ان يكون في المنازل العالية عند الله جل وعلا ثم قال جل وعلا لا تجعل مع الله الها اخر فتقعد مذموما مخذولة قال ابن كثير يقول تعالى والمراد المكلفون من هذه الامة لا تجعل ايها المكلف في عبادتك ربك له شريكا فتقعد مذموما على اشراكك فقيل ملوما على اشراكك والمراد انه يذم يذمه الله ويذمه المؤمنون. مذموم المشرك مذموم غاية الذم عدو الله وايظا مخذولا اي لا ينصرك الله لانك سلكت طريقة عداوته قال ابن كثير مخذولا لان الرب تعالى لا ينصرك. بل يكلك الى الذي عبدت معه وهو لا يملك لك ضرا ولا نفعا لان ما لك الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له. ففيه التحذير من الشرك وبيان سوء عاقبته فاحرص على التوحيد وحد الله وافرده بالعبادة. واياك ان تجعل مع الله الها اخر معبودا تعبده معه وشريكا له تصل له العبادة فتبوء بالخسارة وتقعد وتبقى مذموما ملوما يذمك الله وخلقه مخذولا يخذلك الله ولا ينصرك ويكلك الى نفسك في الدنيا والاخرة ونكتفي بهذا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد