الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الكهف واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا يقول الله جل وعلا واضرب يا نبينا لهؤلاء المشركين او للناس عموما مثل الحياة في الدنيا في زوالها وفنائها وانقضائها كما ان انزلناه من السماء اي يعني بذلك المطر الماء الذي ينزله الله الله من جهة السماء فاختلط به نبات الارض. فلما نزل من السماء ونزل على الارض اه اختلط به نبات الارض يعني انه دخل في الارض فخالط الارض انبتت الارض آآ زخرفها ولهذا قال الطبري فاختلط به نبات الارظ اي فنبت بذلك المطر آآ انواعا من النبات مختلط بعظها ببعظ. ويقول ابن كثير فاختلط به نبات الارظ اي ما فيها من الحب فشب وعلاه الزهو والنور والنظرة ثم بعد ذلك كله اصبح هشيما اي يابسا لان قال الطبري فاصبح هشيما فاصبح نبات الارض يابسا متفتتا هامدا تذروه الرياح اي تحمله وتطيره الرياح وتفرقه. قال ابن كثير اي تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال لانه قد يبس وصار رميما وصار متفتتا فاذا هبت به الرياح ذرته واطارته وحملته من مكانه وكان الله على كل شيء مقتدرا جل وعلا فانه قادر على اعدام الموجود وايجاد المعدوم وفيه بيان قدرته جل وعلا وان القادر على ذلك قادر على خلقكم وبعثكم واعادتكم موتكم ثم قال جل وعلا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا. المال قانون اه زينة الحياة الدنيا يعني مما يتزين مما يتزين به الانسان في هذه الحياة تزن حياته اذا رزقه الله مالا ورزقه بنينا كما قال القرطبي قال انما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لان في المال جمالا ونفعا وفي البنين وفي البنين قوة وفي البنين قوة ودفعا فصار زينة الحياة الدنيا. ويقول ابن المال والبنون زينة الحياة الدنيا كقوله زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب. وقال تعالى انما اموالكم واولادكم فتنة والله عنده اجر عظيم. اي اقبال عليه والتفرغ لعبادته خير لكم من اشتغالكم بهم والجمع لهم والشفقة المفرطة عليهم. ويذكر بعض المفسرين لان هذا رد على آآ من سموهم بعيينة ابن حصن والاقرع ابن حابس انهم جاؤوا وافتخروا بان لهم اموالا وان لهم اولادا وافتخروا على صهيب وبلال وغيرهم وطلبوا من النبي سلم ان وعدهم ولا يدنيهم منهم فرد الله عليهم بهذا والصواب ان الاية عامة وهذا بيان من الله جل وعلا اه نزل لا لسبب قال اه المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا الباقيات الصالحات اختلف العلماء فيها فقال بعضهم آآ هي الصلوات الخمس وذكر المؤلف فيها اه بعظ الاحاديث قال الاكثر انها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا لا حول ولا قوة الا بالله وفيها حديث صحيح ان سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله. هن الباقيات الصالحات ولكن وقيل انها تشمل الاعمال الصالحة وهذا هو الصواب. وهو اختيار ابن جرير الطبري والامين الشنقيطي وغيرهم ان ان الباقيات الصالحات تدخل فيها الصلوات فهن من الباقيات الصالحات وتدخل فيها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله الله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله. ويدخل فيها كل عمل صالح تدخل فيها الاعمال الصالحة كلها من اقوال وافعال آآ ترضي الله جل وعلا. آآ قال جل وعلا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا اي خير اجرا ومثوبة وجزاء عند الله جل وعلا. من هذه الدنيا والتعلق بها وبالاولاد والانشغال بهما وخير املا اي خير خير ما يأمله الانسان لان هذه الصالحات باقيات فهو خير ما يأمله الانسان يعني يؤمله للاخرة ويأمل ان ينفعه عند الله جل وعلا خير من هذه الدنيا ومن البنين فانها فانية زائلة. ولابد. قال ثم قال جل وعلا ويوم نسير الجبال. يعني بعد ان ذكر حال الدنيا وحال اشتغال الناس بها وبذرية اردف ذلك الحديث عن اهوال القيامة. فقال ويوم نسير الجبال هذه الجبال الراسخة تسير يوم القيامة. كما قال جل وعلا وسيرت الجبال فكانت سرابا لان الجبال كما قال الشوكاني لها احوال ذكر الله لها في القرآن عدة احوال فقال ذكر الله احوال الجبال بوجوه مختلفة. ولكن ولكن الجمع بينها ان نقول ان اول احوالها الاندكاك يعني تتدكدك هذه الجبال وتسيخ في الارض قال جل وعلا وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة. وثاني احوالها ان انها كالعهن المنفوش كما قال جل وعلا وتكون الجبال كالعهن المنفوش والعهن هو الصوف الذي نفش وظرب حتى صار خفيفا وثالث احوالها ان تصير كالهباء وهو قوله وبست الجبال فكانت هباء منبثا ورابع احوالها ان تنسف وتحملها الرياح كما قال جل وعلا وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وخامس احوالها ان تصير سرابا. اي لا شيء. كما في هذه الاية قوله وسيرت الجبال فكانت سرابا. قلت ومثله ومنه هذه الاية وسيرت الجبال يعني انها تسير تقلع وتدكدك وتسير من اماكنها وتسير سيرا سريعا كالعين المنفوش وكالهباء وتصبح كالسراب وترى وهذا كله يوم القيامة ولهذا يقول ابن كثير يخبر الا عن اهوال يوم القيامة وما يكون فيها من من الامور العظام. كما قال تعالى يوم تمور السماء مورا تسير جبال سيرى اي تذهب من اماكنها وتزول كما قال تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر والسحاب. وقال تعالى وتكون الجبال كالعين المنفوش. وقال ويسألونك عن الجبال عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فاذا رهقاء صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا. فيذكر تعالى انه تذهب الجبال وتتساوى هاد وتبقى الارض قاعا صفصفا اي سطحا مستويا لا عوجا فيه ولا امتى اي لا وادي ولا جبل ولهذا قال وترى الارض بارزة اي بادية ظاهرة ليس فيها معلم لاحد ولا مكان يواري احدا بل الخلق كله هم صاخون لربهم لا تخفى عليهم منه خافية. قال جل وعلا وترى الارض بارزة. قال الطبري اي ظاهرة وظهورها لرأي لرأي اعين الناظرين من غير شيء يسترها من جبل ولا شجر. فهي بارزة لا بناء فيها ولا شجر وقيل ظاهرة لانها تكون قاعا صفصفا وكل ذلك حق وحشرناهم فلم نغادر منهم احد حدا في ذلك الوقت حشرناهم اي جمعناهم بعثنا من كان في القبور وحشرنا الجميع وجمعناهم لاجل مجازاة على اعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر. قال فلم نغادر منهم احدا يعني ما تركنا احدا الا واحضرناه ذلك الموقف وحشرناه واوقفناه لاجل مجازاة والحساب. قال جل وعلا وعرضوا على ربه اي عرض الناس كلهم على الله جل وعلا صفا قيل صفوفا وقيل بل صفا واحدا وقيل بل صفوف من كل امة وزمرة صفا؟ كل امة مع نبيهم صفا قال جل وعلا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم اول مرة. جئتمونا ايها الناس كما خلقناكم اول مرة. قيل اول مرة يعني فرادى. خلقنا الانسان من بطن امه يخرج فريدا. فكذلك نعيدهم ايظا فرادى وقيل بالمعنى اول مرة يعني حفاة اه عراة لا مال معكم ولا ولد. وكل ذلك حق وان كان الثاني اظهر. قال جل وعلا بل زعمتم ان لن نجعل لكم موعدا. وهذا توبيخ وتبكيت للكفار واضراب عن الاخبار بحشرهم الى ذكر زعمهم الزعم الباطل ان لن نجعل لكم موعدا يعني انكرتم البعث والجزاء والحشر والنشر وانكرتم يوم القيامة فلم ينفعكم ذلك فها هو اليوم آآ تجازى على اعمالكم وانكاركم لا ينفعكم امر الله حق وصدق ولا بد من وقوع قال جل وعلا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا. وظع الكتاب اه المراد كتاب الاعمال لكل انسان وضع له كتابه اه بين يديه اه قال ابن كثير اي كتاب الاعمال ووضع الكتاب واي كتاب الاعمال الذي فيه الجليل والحقير. والفتيل والصغير والكبير قال فعند ذلك فترى المجرمين مشفقين مما فيه. خائفين وجلين. اي من اعمالهم السيئة وافعالهم القبيحة يقولون يا ويلتنا اي يا حسرتنا وويلنا على ما فرطنا في اعمارنا يعني يتحسرون وينادون بالويل والهلاك والخسارة لكن لا ينفع ذلك في ذلك الوقت ما لهذا الكتاب يعني يقولون وخسارتنا وهلاكنا ما لهذا الكتاب اي شيء لهذا الكتاب؟ كتاب الاعمال لا يغادر صغيرة ولا كبيرة لا يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من الاعمال الا احصاها واثبتها ووجدوا ما عملوا حاضرا ووجدوا كل ما عملوه حاضرا آآ موجودا يقرأ يرون بام اعينهم ويقرؤونه ويقرؤونه ولا يظلم ربك احدا. بل جل وعلا هو لم يظلمهم في هذا الكتاب بل اثبت عليهم ما فعلوا. وكذلك ايضا يوم القيامة يحكم بينهم بالعدل والانصاف يحكم بين عباده في اعمالهم جميعا. ولا يظلم احدا من خلقه بل يغفر ويصفح ويرحم ويعذب من يشاء بقدرته وحكمته وعدله ويملأ النار من الكفار واصحاب المعاصي ثم ينجي اصحاب اصحاب المعاصي ويخلدوا فيها الكافرون وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم. قال تعالى ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما. وقال ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة ان من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين. قاله ابن كثير رحمه الله. آآ قال جل وعلا واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس. اي واذكر يا نبينا اذ قلنا وحين قلنا لان اذ الظرفية زمانية بمعنى الحين او الوقت او اليوم او نحو ذلك. واذ قلنا اي واذكر حين قلنا او او زمن قلنا او ساعة قلنا للملائكة اسجدوا لادم. وذلك عندما خلق الله ادم بيده اه امر الملائكة بالسجود له. فسجدوا سجد الملائكة كلهم الا ابليس. اه ابى عن السجود قال الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه. وهذا فيه بيان ان ابليس ليس من وانما هو من الجن. ولهذا يقول ابن كثير فسجدوا الا ابليس كان من الجن اي خانه اصله. خانه اصله. فانه خلق من مارج من نار النار يعني سنة لهب النار الذي اذا اوقدت النار اه يتلهب اعلاها فتراه يمرج من النار وينقطع اللهب. يعني هو مخلوق من نار من من المارج منها. قال فانه خلق من خارج من نار واصل خلق الملائكة من نور كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه يقال خلقت الملائكة من نور وخلق ابليس من مارج من نار وخلق ادم مما وصف لكم يعني من من تراب قال فعند الحاجة يقول ابن كثير فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه وخانه والطبع عند الحاجة وذلك انه كان قد توسم بافعال الملائكة وتشبه بهم وتعبد وتنسك. ولهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة. ثم قال ابن كثير ونبه تعالى ها هنا على انه من الجن. اي انه خلق من نار كما قال ان انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ان قال الحسن البصري ما كان ابليس من الملائكة طرفة عين وانه لاصل الجن كما ان ادم عليه السلام اصل البشر رواه ابن جرير باسناد صحيح قال الظحاك عن ابن عباس كان ابليس من حي من احياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة. الى اخر كلامه ولكن ان الاظهر هو قول الحسن لان الاية صريحة وآآ آآ كذلك الحديث انهم خلق من مارج من نار فهو من الجن ولكن خوطب مع الملائكة لانه كان من ضمنهم وفي جملتهم ودائما الحكم للاغلب فيخاطب آآ بالاغلب وان كان معهم من يخالفهم وقد سبق الكلام على هذا مفصلا هل الاستثناء منقطع او متصل آآ سبق مرارا. قال الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه. ومعنى فسق يعني خرج عن طاعة ربه به لان الفسق في الاصل في اللغة اه هو الخروج هو الخروج ومنه فسقة الرطبة اذا خرجت من قشرتها فالقصد انه فسق اي خرج عن طاعة الله جل وعلا وعصى ربه ولم يسجد لادم ثم قال افتتخذونه ذريته؟ هذا استفهام تار وتوبيخ ينكر الله جل وعلا على من اتخذ الشيطان وليا ويوبخهم افتتخذونه وذريته وهم ومن ولدوا له وكانوا على طريقته وملته تتخذونهم اولياء ومعنى اولياء يعني تتولونهم وتأخذون بامرهم وهم لكم عدو وهم لكم عدو غاية العداوة كما قال جل وعلا ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فهذا الفعل من السفه ونقص العقل ونقص التصرف ان يتخذ الانسان عدوه وليا. قال لا تتخذونه ذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا. اي بئس هذا البدل بدلا منهم بدلا لهم بئس هذا البدل الذي اتخذتموه واستبدلتم ولاية الله جل وعلا وولاية المؤمنين فاتخذتم آآ ابليس وذريته اولياء فبئس البدل الذي اتخذتموه عما جعله الله لكم. ثم قال جل وعلا ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ما اشهدتم يعني ما احضرتهم ولا جعلتهم شاهدين حينما خلقت السماوات والارض ولستعنت بهم ولهذا يقول ابن كثير يقول تعالى هؤلاء الذين اتخذتموهم اولياء من دوني عبيد امثالكم لا يملكون شيئا ولا اشهدتهم خلقي في السماوات والارض ولا كانوا اذ ذاك موجودين يقول تعالى انا المستقر انا المستقل بخلق الاشياء كلها ومدبرها ومقدرها وحدي ليس معي في ذلك شريط ولا وزير ولا مشير ولا نظير كما قال تعالى ادعوا قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما لهم منهم من ظهير. ولا ولا تنفع الشهادة عنده الا لمن اذن له. ولهذا قال وما كنت متخذا المضلين عضدا. قال اعوانا يعني الله جل وعلا يقول ما كنت متخذا المضلين الظالين عن الحق عضدا يعني اعوانا وانصارا يعينونني لانه جل وعلا لا يحتاج احد لانه قوي القادر على كل شيء. ثم قال جل وعلا ويوم القيامة يقول ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم اي واذكر يوم يقول نادوا شركائي في دار الدنيا الذين زعمتموهم ولهذا يقول ابن كثير يقول تعالى مخبرا ما يخاطب به المشركين يوم القيامة على رؤوس الاشهاد تقريعا لهم وتوبيخا. نادوا شركائي الذين زعمتم في دار دنيا ادعوهم اليوم ينقذونكم مما انتم فيه. كما قال تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة. وتركتم ما وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وظل عنكم ما كنتم تعومون وقال فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وقوله فدعوهم فلم يستجيبوا لهم كقوله جل وعلا فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو انهم كانوا يهتدون وقال ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا له كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. وقال تعالى واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا. كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضد هذه من محاسن تفسير ابن كثير رحمه الله ومحاسنه كثيرة لكن من محاسنه تفسير القرآن بالقرآن فهو ينزع بالايات التي تفسر الاية التي يتكلم حولها رحمه الله. قال جل وعلا فدعوهم اي فدعم هؤلاء الشركاء شركاءهم دعا هؤلاء الكفار شركاؤهم فلم يستجيبوا لهم ولم يجيبوا دعوتهم لانهم لا يملكون نفعا ولا ظرا بل يلقون مع معبوديهم في النار انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم. قال وجعلنا بينهم موبقا اه الموبق هو مكان الهلاك اي جعلنا بينهم حائلا جعلنا بين هؤلاء المشركين وبين وبين شركائهم الذين زعموهم جعلنا بينهم حائلا مهلكا بحيث لا يمكن ان يذهبوا الى شركائهم. وقيل وقال الحسن اه جعلنا بينهم موبقاء عداوة بينهم يوم القيامة. وقال ابن عباس جعلنا بينهم موبقا اي مهلكا. وقيل واد عميق موبق هو واد عميق في جهنم. آآ ثم قال جل وعلا ورأى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعوها رواها بام اعينهم. وعاينوها لما جيء بها تقاد ولها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك. كما جاء في الحديث فاذا رأى المجرمون النار وتحققوا انهم لا محالة سيقعون فيها اه ايقنوا بالهلاك والخسار وهذا من يعني عقوبة الله جل وعلا انه عجل لهم الهم والحزن والبؤس اه قبل ان يدخلوها جزاء وفاقا على اعمالهم الخبيثة. قال فظنوا انهم واقعوها اي ايقنوا لانهم رأوها بام اعينهم ظن يطلق بمعنى الظن ويطلق بمعنى اليقين وهو هنا بمعنى اليقين انهم مواقعوها. اي مخالطوها وواقعون في فيها ولم يجدوا عنها مصرفا ولم يجدوا آآ عنها معدلا ولا مكان ينصرفون اليه لينجوا من العذاب وهذا دليل على حتمية وقوعهم في النار وانهم سيدخلونها ويقعون فيها و وتطبق عليهم ويعذبون فيها بالاغلال والانكار وسائر انواع العذاب نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا ولقد في هذا القرآن للناس من كل مثل. اي اه يقول ابن كثير ولقد بينا للناس بهذا القرآن ووضحنا لهم الامور وفصلناها كي لا يضلوا عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى. ومع هذا ومع هذا البيان وهذا الفرقان الانسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل الا من هدى الله وبصره لطريق النجاة ويقول الامين الشنقيطي ولقد صرفنا اي رددنا وكثرنا تصريف الامثال بعبارات مختلفة واساليب متنوعة في هذا القرآن للناس ليهتدوا الى الحق ويتعظوا فعارضوا بالجدال والخصومة. ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل والاصل في المثل هو القول الغريب السائر في الافاق لكن المراد هنا الامثلة الكثيرة التي ظربها لهم مما يدل على الحق ويبطل الباطل ولكن مع ذلك عارض الانسان وكان الانسان اكثر شيء جدلا اي اكثر خصومة ومماراة بالباطل بل يقصد يقصد بذلك اذ حاض الحق. ثم قال جل وعلا وما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم الا ان تأتيهم سنة الاولين او يأتيهم العذاب قبلا. آآ يقول ابن يقول الامير الشنقيطي رحمه الله في اضواء البيان في الاية قولان. فالقول الاول وما منع الناس من الايمان والاستغفار اذ جاءتهم الرسل بالبينات الواضحة الا ما سبق في علمنا من انهم لا يؤمنون. بل يستمرون على كفرهم حتى تأتيهم سنة الاولين والقول الثاني بمعنى الاية الكريمة يقول ان في الاية مضافا محذوفا تقديره وما منع الناس من الايمان والاستغفار الا طلبهم ان تأتيهم سنة الاولين او يأتيهم العذاب قبلا اذا ما ما الذي منع الناس ان يؤمنوا لما جاءهم الهدى والبيان ويستغفروا ربهم ويتوبوا اليه ويرجعوا اليه الا ما سبق في علم الله جل وعلا انهم لا يؤمنون. على قول وعلى القول الثاني ما منعهم من الايمان الا ان الا ان يأتيهم او تأتيهم السنة يعني ما منعهم من الهدى والاستغفار الا طلبهم اه ان تأتيهم سنة الاولين وطريق طريقة الاولين من غشيانهم بالعذاب واخذهم عن اخرهم. آآ او يأتيهم العذاب قبلة مقابلة ومعاينة ومباشرة يرونه عيانا ومواجهة ومقابلة ثم قال جل وعلا ومن يوصل المرسلين الا مبشرين ومنذرين. هذه صفة الرسل البشارة والنذارة لا انهم يجبرون الناس على الايمان. ولهذا قال ابن كثير الا مبشرين ومنذرين اي قبل العذاب مبشرين من صدقهم وامن بهم ومنذرين من كذبهم وخالفهم. ثم اخبر تعالى عن الكفار انهم يجادلون بالباطل اي يخاصمون الذين كفروا يجادلون يخاصمون بالباطل باطل ضد الحق كقولهم ابشر يهدوننا وقولهم من يوحي العظام وهي رميم وقوله امبعوثنا ائنا لمبعوثون خلقا جديدا وغيرها وما شابهها قال واتخذوا اياتي ورسلي هزوا هزوا. قال ابن كثير لا اي اه اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل وما وخوفوهم به من العذاب هزوا اي سخروا منهم في ذلك وهو اشد التكذيب. يعني اتخذوا ذلك سخرية وقوله جل وعلا قبل قرأ عاصم وحمزة والكسائي قبل بضم القاف والباء ومعناه اي اه انواعا مختلفة يتلو بعضها بعضا. واه معناه عيانا آآ يرونه باعينهم. وقرأ وقرأ الباقون يعني من عدا عاصم وحمزة والكسائي قبلا قبلا. او يأتيهم العذاب قبلا. قالوا ايضا معناه آآ مقابلة عيانا اه ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على ورسوله نبينا محمد