الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه به ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الحج ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير اه يقول جل وعلا ومن ومن الناس من يجادل في الله بغير علم وقد مر مرت هذه الاية او قريبا منها بالاية الثالثة يقول جل وعلا ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد وهنا يقول ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير قال العلماء هاتان الايتان الاولى في المقلد في العام الجاهل المقلد وهذه الاية لدعاة الضلالة في الرؤوس الذين يفعلون ما يفعلون عن علم قال ابن كثير لما ذكر تعالى حال الضلال الجهال المقلدين في قوله ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ذكر بهذه الاية ذكر في هذه حال الدعاة الى الضلال من رؤوس الكفر والبدع فقال ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير اي بلا عقل صحيح ولا نقل صحيح بل لمجرد الرأي والهوى وقال السعدي رحمه الله بغير علم ولا هدى قال بغير علم صحيح ولا هدى اي غير متبع في جداله هذا من يهديه لا عقل مرشد ولا متبوع مهتد والمجادلة مفاعلة من الجدل وهي كما قال ابن عاشور هي المخاصمة بالقول وايراد الحجة عليه فتكون في الخير كما في قوله جل وعلا عن ابراهيم يجادلنا في قوم لوط وتكون بالشر كما هنا وفي قوله لا جدال في الحج فهم يجادلون بغير علم صحيح ولا هدى من الله ولا كتاب منير ولا كتاب بين واضح فيه الحق يبينه فانما يقولون هذا من وحي الشيطان لهم واتباع الهوى ومعارضة الحق بعقولهم وارائهم وعادات ابائهم ثم قال ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله العطف هو الجانب وعطفاء الرجل جانباه من اليمين والشمال والمراد ان هذا الرأس المجادل بالباطل بغير هدى ولا علم ولا كتاب منير المراد انه مستكبر عن الحق اذا دعي اليه ثاني عطفه يعني مستكبرا عن الحق اذا دعي اليه متبخترا قال هذا ابن عباس رضي الله عنهما وقيل معنى ثاني عطفه اي لاو عنقه لاو يلوي عنقه اه ما راح ان وتكبرا كما قاله الزجاج وقيل وهذا وهو على كل حال يلوي رقبة نعم يلوي عنقه وهي رقبته يعني يعرض عن الداعي الى الحق ويثني رقبته استكبارا كما قال جل وعلا وفي موسى اذ ارسلناه الى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر مجنون ساحر او مجنون وقال تعالى واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا وقال تعالى واذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لوووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون وقال لقمان لابنه ولا تصعر خدك للناس اي تميله عنهم استكبارا عليهم وقيل ان المراد بهذا الاعراب ثاني عطفه يعني معرض عن الحق معرض عن الحق تماما قال جل وعلا ليضل عن سبيله اللام يحتمل ان تكون لام العاقبة لاجل ان تكون عاقبة امره اظلال الناس عن سبيل الله وان كان لا يقصد هذا لكن هذه عاقبة امره ويحتمل ان اللام للتعليل وهو اظهر انه يفعل ذلك لعلتي لاجلي ان يضل الناس عن سبيل الله والسبيل سبيل الله الطريقة الموصلة اليه. اهدنا الصراط المستقيم لان سبيل الله جاء موحدا لانه واحد والله امر باتباع سبيله قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني والاخرون يتبعون سبل الشيطان وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله وقال ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله قال جل وعلا له في الدنيا خزي لهذا المجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. والثاني عطفه المتكبر المتجبر الذي يريد اغلال الناس عن الحق له في الدنيا خزي قال ابن كثير وهو الاهانة والذل كما انه لما لما استكبر عن ايات الله لقاه الله او لقاه الله المذلة في الدنيا وعاقبه فيها قبل الاخرة لانها اكبر همه ومبلغ علمه كما قال تعالى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك ان يقال له هذا تقريعا وتوبيخا اذا له في الدنيا خزي اذلال واهانة ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق تذيقه اي نعذبه فيذوق العذاب يوم القيامة في النار عذاب الحريق اي المحرق عذاب النار الذي يحرق الابدان كما جاء في الاثار ان فخذ الكافر مثل جبل البيضاء ومقعدته كما بين مكة والمدينة وانه يحرق بالنار حتى يصير مثل الذباب ثم يعاد يعظم خلقه كلما رضيت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب. نسأل الله العافية والسلامة ثم قال جل وعلا ذلك اي هذا العذاب الذي هو خزي في الدنيا تعديب في النار واحراق له واذاقة له عذابها بما قدمت اي بسبب الذي قدمت يداك فالباء هنا للسببية لان الله جل وعلا لا يعذب احدا الا بعمله فالجزاء من جنس العمل ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وما يحتمل ان تكون مصدرية فيكون المعنى بسبب تقديم يديك ويجوز ان تكون موصولة والمعنى بسبب الذي قدمت يداك والمراد الذي عملته لكنه عبر باليدين عن بقية البدن لانها هي التي تباشر المعاصي غالبا والسعي يكون بها فهو من باب التعبير بالجزء وارادة الكل ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام للعبيد جل وعلا قال ابن كثير وان الله ليس بظلام للعبيد كقوله تعالى خذوه فاتيلوه الى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق انك انت العزيز الكريم ان هذا ما كنتم به تم ترون اذا الله جل وعلا لا يظلم احدا ان الله لا يظلم الناس شيئا فهذا الخزي وهذا العذاب وهذا الاحراق هو بسبب كسب يدك بسبب كسب يد الكافر والله جل وعلا لا يظلم العبيد شيئا ولا مثقال ذرة بل من كرمه وجوده يضاعف الحسنات اقل ما يكون عشر مرات ويضاعف فوق ذلك الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة والسيئة يثبتها كما هي من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون دليل على تنزهه عن الظلم جل وعلا فهو يعذب العباد باعمالهم وافعالهم قال جل وعلا ومن الناس من يعبد الله على حرف ومن الناس من هنا كما سبق تبعيضية من يعبد الله على حرف ومعنى على حرف قال مجاهد وقتادة وغيرهما على شك على حرف يعني على شك في امره وفي دينه وفي هذه العبادة وقال غيرهم يعني غير مجاهد وقتادة على طرف على حرب يعني على طرف ومنه حرف الجبل اي طرف اي دخل في الدين على طرف فان وجد ما يحبه استقر والا انشمر يعني على طرف من الدين غير متمكن وغير جازم فيه ينظر هل يجد فيه بغيته ام لا ما في انقياد تام ينظر هل يحصل له شيء من الدنيا والا لا قال ابن كثير وقال البخاري وساق بسنده عن ابن عباس قال ومن الناس من يعبد الله على حرف قال كان الرجل يقدم المدينة فاذا ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال هذا دين صالح وان لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال هذا دين سوء وقد تكلم العلماء في المراد بقوله ومن الناس. فقال بعضهم هم المنافقون قال هم المنافقون دخلوا في الدين اما وجدوا شيئا من الدنيا انقلبوا وان اعطوا منها رضوا واذا لم يعطوا اذا هم يسخطون وقال بعض المفسرين هي في الاعراب كما مر عن ابن عباس وكذلك جاء عن ابن عباس عند ابن ابي حاتم قال كان ناس من الاعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون فاذا رجعوا الى بلادهم فان وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن يعني ولادة انعامهم قالوا ان ديننا هذا لصالح. فتمسكوا به وان وجدوا عاما جدوبة وعام ميلادي ولاد سوء وعام قحط قالوا ما في ديننا هذا خير فانزل الله على نبيه ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه وكذلك جاء نحوه عن ابن عباس من طريق العوف قال كان احدهم اذا قدم المدينة وهي ارض وبيئة فان صح بها جسمه ونتجت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن واطمأن اليه وقال ما ما اصبت منذ كنت على ديني هذا الا خيرا. وان اصابته فتنة والفتنة البلاء ايوة وان اصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة اتاه الشيطان فقال والله ما ما اصبت من كنت على دينك هذا والله ما اصبت منذ كنت على دينك هذا الا شرا وذلك الفتنة وهكذا ذكر قتادة والضحاك وابن جرير وغير واحد من السلف في تفسير هذه الاية اذا الاية اما ان المراد بها المنافقون نزلت في المنافقين واما انها نزلت في الاعراب الذين يأتون يدخلون في الدين لكن على حرف وعلى طرف وعلى شك وتوجس فان اصابهم خير للدنيا ثبتوا وان لم يصبهم اصابتهم فتنة نكسوا وتركوا الدين ولا مانع ان نقول بان الاية تشمل القسمين وتشمل اه الفريقين قال جل وعلا فان اصابه خير قال الطبري الخير هنا السعة من العيش وما يشبهه من اسباب الدنيا اطمأن به استقر بالاسلام وثبت عليه وان اصابته فتنة قال الطبري وهي الضيق بالعيش وما يشبهه من اسباب الدنيا انقلب على وجهه قال ابن كثير اي ارتد كافرا سقط يعني انقلب يعني سقط وانكب من قلب على وجه الى الكفر بدل ان كان مؤمنا لان ايمانه كان على حرف وعلى طرف خسر الدنيا والاخرة اي غبن من فعل ذلك في الدنيا والاخرة قال ابن جرير الطبري اي فله احصل من الدنيا فلهو حصل من الدنيا على شيء واما الاخرة فقد كفر بالله العظيم فهو فيها في غاية الشقاء والاهانة ولهذا قال ذلك هو الخسران المبين اي هذه هي الخسارة العظيمة والصفقة الخاسرة نسأل الله العافية والسلامة ثم قال يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ان يدعو هذا الكافر او يدعو هذا الرجل المنافق او الاعرابي الذي ارتد ورجع عن دينه يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه فيدعو الاصنام وهي لا تملك ضرا ولا نفعا قال ابن كثير اي يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه اي من الاصنام والانداد يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها وهي لا تنفعه ولا تضره ثم قال ذلك هو الضلال البعير هو الظلال البعيد الذي قد بلغ غاية بعيدة في البعد عن الحق نسأل الله العافية والسلامة فكيف يدعو من لا ينفعه ولا يضره كيف يدعو من لا يسمعه ولا يجيبه كيف يدعو من لو بقي الدنيا كلها يدعوه ما استجاب له ويوم القيامة يكون عدوا له فهذا ظلال لا يشبه ظلال اعظم الظلال فاين عقولكم يا عبدة الاوذان والاصنام والقبور والاولياء اين عقولكم تدعون من دون الله ما لا يضركم ولا ينفعكم يعني لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والا هو يضركم دعاء غير الله يضر هو اعظم الذنب وهو الشرك والكفر اعظم الذنوب انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار ان الشرك لظلم عظيم ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك الى غير ذلك من الايات الكثيرة الدالة على خطر الشرك ودعاء الاصنام لكن الكلام هنا ان هي لا تملك ضرا ولا نفع فلا تملك ضرا تضر به اعداء اتباعها ومن عبدوها وسألوها ولا تملكوا لاتباعها نفعا ولا نصرا ولا تمكينا وليس ببعيد ما مر من قصة ابراهيم وتحطيمه للاصنام تعليقه الصنم في رقبة كبيرهم قال اسألوهم ان كانوا ينطقون وكذلك اصنام قريش ما كانت تنفعهم شيئا ولهذا لما فشى الاسلام في المدينة حينما قدم مصعب جاء معاذ ابن الجموح الى صنم قومهم فالقوه في البئر ولطخوه بالعذرة فجاء كبيرهم فنظفه ثم اعطاه سيفا وقال دافع عن نفسك فجاءوا واخذوه من الليل ورموه بالعذرة مع جيفة كلب فلما رآه استيقظت الفطرة عنده فقال لو كان الها يملك نفعا دافع عن نفسه هذا لا ينفع ولا يضر. فاسلم رضي الله عنه وارضاه فهي لا تملك ضر ولا نفع هي بنفسها لا تستطيع ان تضر او تنفع لكن الانسان يضر نفسه حينما يعبدها من دون الله ويدعوهم من دون الله هي ضرر عليه بهذا الاعتبار باعتبار دعائه لها واشراكها مع الله اما هي بنفسها لا تملك ضرا ضرا ولا نفعا قال ابن كثير يدعو لمن ظرر وهو اقرب من نفعه اي ظرره في الدنيا قبل الاخرة اقرب من نفعه فيها واما في الاخرة فضرره محقق متيقن الحقيقة انه متيقن في الدنيا والاخرة نسأل الله العافية ثم قال جل وعلا لبئس المولى ولبئس العشير لبئس المولى قيل المولى ابن العم وقيل المولى الولي والناصر والعشير قيل هو المخالط المعاشر للانسان والمعنى ولا بئس الخليط المعاشر والصاحب قال ابن كثير ولبئس المولى ولبئس العسير قال مجاهد يعني الوثن. المولى هنا الوثن لانه اتخذه عبده من دون الله يعني بئس هذا الذي دعا به من دون الله مولى يعني وليا وناصرا ولبئس العشير وهو المخالط والمعاشر واختار ابن جرير الطبري ان المراد لبئس ابن العم والصاحب من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمئن به وان اصابته فترس انقلب على وجهه وقول مجاهد ان المراد به الوثن اولى واقرب الى سياق الكلام والله اعلم يعني ينبه ابن كثير على ان ما ذهب اليه مجاهد اولى من ما ذهب اليه ابنه ابن جرير الطبري والسياق يدل عليه لان الله قال يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه. ذلك وضع ثم قال يدعو الى من ظر وهو اقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ما الذي يدعو من لا يظره ولا ينفعه؟ يدعو الانداد والاصنام من دون الله اتخذها وليا تولاها فلبئس المولى الذي تولاه ولبئس الاسير لانه يعاشره يصاحبه يلازمه يختلط به فلبئس المولى ولبئس العشير لانه لا يملك نفعا ولا ضرا وانما عبادته تضر وتورث الخلود فينا نعوذ بالله من ذلك ثم قال جل وعلا ان الله يدخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار ان الله يفعل ما يريد قال ابن كثير لما ذكر اهل الضلالة الاشقياء عطف بذكر الابرار السعداء من الذين امنوا بقلوبهم وصدقوا ايمانهم بافعالهم فعملوا الصالحات من جميع انواع القربات وتركوا المنكرات فاورثهم ذلك سكنى الدرجات العاليات في روضات الجنات سجع مقبول وصحيح حق ودلت عليه نصوص القرآن وهذا ولهذا المعنى وهو انه ذكر اهل النار ومن يدعو من دون الله ثم ذكر الذين امنوا بالله وما اعده لهم هذا المعنى هو معنى تسمية القرآن مهاني لانه يذكر الشيء ويثني بضده يأتي بالشيء هو الاول ثم يأتي بالثاني يثني بظده بعده ويأتي بالجنة بذكر الجنة لما يأتي بذكر النار يأتي المؤمنين المصدقين ثم يأتي بالعصاة المعرضين ثم يتكلم يذكر الدنيا ثم يذكر الاخرة وهكذا فقال ان الله يدخل الذين امنوا يدخلهم برحمته وفضله جل وعلا الذين امنوا وقد ذكرنا ميرانا الايمان هو التصديق عن اقرار تصدقوا بقلوبهم واقروا بالحق والتزموا به هذا عمل القلوب وعملوا الصالحات الصالحات كل جمع صالح وهو كل عمل اجتمع فيه الاخلاص لله والمتابعة فيه للشرع المتابعة فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا دليل على مذهب اهل السنة والجماعة في ان الايمان قول واعتقاد وعمل فلم يكتفي بالايمان وهو الاعتقاد فقط. قال امنوا وضموا الى ذلك العمل الصالح فهو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالاركان. والجوارح فيدخلهم الله جل وعلا جنات جنات تجري من تحتها كما ذكرنا مرارا ان الجنة جنة واحدة اسمه جنس لكن بداخلها لكل واحد من اهلها جنان وبساتين كثيرة لا يعلمها الا الله تجري من تحتها الانهار من تحت هذه الجنات وهذه البساتين انهار مطردة انهار من ماء غير اس وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى ان الله يفعل ما يريد جل وعلا فهو الفعال لما يريد والله يدخلهم الجنة لانه يريد ذلك ويفعل ويفعلوا بهم لارادته جل وعلا ذلك وكذلك يدخل الكفار النار لارادته لذلك ولكنه جل وعلا ما ظلمهم وانما بناء على اعمالهم فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ومن حفت موازينه فامه هاوية جزاء بما كنتم تعملون الجزاء من جنس العمل والايات في هذا كثيرة جدا فالله يفعل ما يشاء ولكن فعله مقتضى العدل والحكمة والخير لا يظلم احدا او يعذبه بغير جرمه وذنبه ولا يدخل كافرا عدوا لله ورسوله الجنة جل وعلا قال من كان يظن الا ينصره الله في الدنيا والاخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك انزلناه اية بينات وان الله يهدي من يريد ذكر ابن كثير فيها قولين فقال قال ابن عباس من كان يظن ان لن ينصر الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة فليمدد بسبب اي بحبل الى السماء اي سماء بيته ثم ليقطع يقول ثم ليختنق به. وكذا قال مجاهد وعكرمة وعطاء وابو الجوزاء وقتادة وغيرهم ونحوه وهذا ما قرره الشنقيطي في اضواء البيان قال فليعقد رأس الحبل في خشبة في خشبة السقف ثم ليقطع اي ليختنق بالحبل فيشده في عنقه ويتدلى مع الحبل المعلق في السقف حتى يموت وانما اطلق القطع على الاختناق لان الاختناق يقطع النفس بسبب حبس مجاريه ثم قال فلينظر اذا اختنق هل يذهبن كيده؟ هل اي هل يذهب فعله ذلك ما يغيظه من نصرة الله لنبيه في الدنيا والاخرة هذا القول الاول من كان منكم من الناس يظن ان لن ينصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فليمدد بسببه السبب هو الحبل الحبل يسمى سببا بسبب الى السماء سماء بيته هو ويعلق حبلا في سقمه ثم ليقطع يعلقه في عنقه ويختنق به. حتى ينقطع نفسه فيموت قيل له هذا على سبيل يعني التهكم به وبيان ان الله ناصر دينه ومظهره فاختنق يا عدو الله ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيدهما يغيظ ثم قال ابن كثير وقال عبد الرحمن ابن زيد ابن اسلم فليمدد بسبب الى السماء اي ليتوصل الى بلوغ السماء فان النصر انما يأتي محمدا انما يأتي نبينا صلى الله عليه وسلم من السماء ثم ليقطع ذلك عنه اي ان قدر على ذلك يعني جعل المعنى من كان يظن ان الله لن ينصر نبيه في الدنيا والاخرة فليمد بسبب بسبب بحبل الى السماء ويصعد في السماء ثم يقطع النصر الذي يأتي من الله يقطعه عن نبيه ان قدر على ذلك قال ابن كثير وقول ابن عباس واصحابه اولى واظهر في المعنى انه يمد حبلا في في السماء سماء بيتي لان كل ما علاك فهو سماء فسقف بيتك يعتبر سماء بالنسبة لك لانه يعلوك فوقك وهو اولى من القول الثاني. الثاني اين يعلق الحبل لانه يخالطه يخاطبهم بما تعقله قلوبهم وما يعقلونه ويفهمونه ويعرفونه قال وقول ابن عباس واصحابه اولى واظهروا في المعنى وابلغوا في التهكم ابلا ابلغ في التهكم بهؤلاء الكفرة الحسدة فان المعنى من كان يظن ان الله ليس بناصر محمدا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه ان كان ذلك غائضه فان الله ناصره لا محالة قال الله تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولهذا قال فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ هل يذهبن كيده ما يغيب قال ابن كدير قال السدي من شأن يعني من شأن محمد صلى الله عليه وسلم يعني هل يذهبن كيد هذا ما يغيظه من شأن النبي صلى الله عليه واله وسلم؟ وقال عطاء الخرساني فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ ونحوه قول الشنقيطي يعني فلينظر اذا اختنق هل يذهب كيده الذي فعله اي هل يذهب فعله هذا ما يغيظه من نصرة الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم؟ الجواب لا هذا تهكم واستهزاء بهم ودليل على ان الله ناصر دينه ومعلن كلمته هو الذي بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. ولله جل وعلا الحمد والشكر على ذلك ثم قال وكذلك انزلناه ايات بينات لذلك انزلنا القرآن ايات بينات واضحات الدلالة تدل على الحق وتبينه وتظهره فمن اخذ به اهتدى ومن اعرض عنه فانما يضر نفسه وان الله يهدي من يريد جل وعلا يهدي من يريد يلقي الهداية في قلبه وييسره للهدى وايضا هذا بسبب اعماله كما قال جل وعلا والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم وقال فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم وهو جل وعلا يهدي ويضل والعبد يفعل اسباب ذلك فيجازى على حسب عمله لا بعلم الله السابق ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد