الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد مر معنا بالامس قوله جل وعلا وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته وقلنا ان معنى الاية ان الله جل وعلا يسلي نبيه بانه ما ارسل من قبله من رسول ولا نبي الا اذا تمنى اي الا اذا تلى وان معنى تمنى اي تلى وقرأ واستشهدنا عليه بقول الشاعر في عثمان رضي الله عنه تمنى كتاب الله اول ليله واخره لاقى حمام المقادير اي قرأ كتاب الله في اول الليل وفي اول ليله وفي اخره آآ نزل به الموت ونزل به القضاء والقدر قال جل وعلا الا اذا تمنى اي قرأ القى الشيطان في امنيته يلقي الشيطان شيئا في كلامه فيسمعه الكفار يفتنون به كما سيأتي قال جل وعلا ثم يحكم الله اياته آآ اي يخلصوا اي يخلصوا ايات كتابه من الباطل الذي القاه الشيطان على لسان نبيه فيبطل الله جل وعلا ما القى الشيطان كما قال ابن عباس ثم قال والله عليم حكيم اه عليم قد علم كل شيء واحاط بكل شيء علما وحكيم جل وعلا في كل ما يفعله ويقدره جل وعلا ومن ذلك اه آآ كونه يجعل الشيطان يلقي اه اثناء تلاوة النبي شيئا ثم بين علة ذلك قال ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض اي هذا الذي يلقيه الشيطان يكون فتنة سبب فتنة و سبب لعدم الدخول في الدين. قال ابن كثير ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض. اي شك وشرك وكفر ونفاق كالمشركين حين فرحوا بذلك يعني حينما سمعوا تلك الغرانيق العلا. قال واعتقدوا انه صحيح وانما كان من الشيطان وقال ابن جريج الذين في قلوبهم مرظ هم المنافقون والقاسية قلوبهم والقاسية قلوبهم هم المشركون وقال مقاتل ابن حيان هم اليهود الحاصل ان الله جل وعلا لحكمة عظيمة يعلمها جل وعلا انه يجعل ما يلقيه الشيطان بتلاوة النبي او الرسول يجعل في ذلك فتنة وابتلاء واختبار و عدم اه انشراح صدره للدخول في دين الاسلام ولكن هذا لمن كان في قلبه مرض اي شك وريبة وتردد وعدم ايمان. ولهذا كما قال جل وعلا فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والذين في قلوبهم مرظ قيل هم المنافقون والقاسية قلوبهم قيل هم اليهود. والاصل ان يقال ان الاية عامة في كل من كان حاله وكذلك سواء كان من اليهود او من المنافقين او من غيرهم من الكافرين. فكل من في قلبه اه شك مرض شك وريبة وتردد فان هذا اهذه التلاوة التي يلقيها الشيطان تكون فتنة له وصدا له عن سبيل الله جل وعلا قال آآ جل وعلا آآ وان الظالمين لفي شقاق بعيد ان الظالمين الظالمين هم الكافرون و الذين ظلموا انفسهم باختيار الكفر على دين الحق واختيار الضلال على دين النبي صلى الله عليه واله وسلم سواء كانوا من اليهود او من المنافقين او من الكفار اه الاصليين قال وان الظالمين لفي شقاق بعيد. في شقاق اي منازعة وبعد عن الحق فقد شاقوا الحق وسلكوا شقا وجانبا وناهية غير جانب الحق واهله وابعد في ذلك. وهذا دليل على تأصل كفرهم وعلى بعدهم عن الحق وعلى شدة اعراضهم وعدم دخولهم في دين الله جل وعلا. ثم قال وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك وليعلم الذين اوتوا العلم ان هذا ان هذا القرآن هو من عند الله جل وعلا. ولهذا نفى عنه تحريف المحرفين وانتحال المبطلين. فاذا القى الشيطان فان الله جل وعلا ينسخ ويزيل ويذهب اثر ما يلقيه الشيطان يبقى الحق الذي هو كلام الله جل وعلا وبهذا يزداد الذين امنوا ايمانا. قال ابن كثير رحمه الله وان الظالمين لفي شقاق بعيد اي في ظلال ومخالفة وعناد بعيد. اي من الحق والصواب. وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمن به اي وليعلم الذين اوتوا العلم النافع الذي يفرقون به بين الحق والباطل المؤمنون بالله ورسوله ان ما اوحيناه اليك هو الحق من ربك الذي انزله بعلمه وحفظه وحرسه ان يختلط به غيره بل هو كتاب حكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقوله فيؤمن به ان يصدقوا وينقادوا له فتخبت له قلوبهم اي قال ابن كثير اي تخضع وتذل وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم. اي في الدنيا والاخرة اما في الدنيا فيرشدهم الى الحق واتباعه ويوفقهم لمخالفة الباطل واجتنابه وفي الاخرة يهديهم الصراط المستقيم الموصل الى درجات الجنات ويزحزحهم عن العذاب الاليم والدركات هذا كلام جميل من الحافظ ابن كثير رحمه الله في شرح هذه الايات هذه من حكم الله جل وعلا لان الله جل وعلا لا يقدر شيئا الا لحكمة ولكن ولهذا لما القى الشيطان ما القى كان هذا فتنة للمشركين. فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم. واما المؤمنون فان الله جل وعلا زادهم فيه ايمانا لانهم يعلمون انه من عند الله ورأوا كيف نفى الله عنه الباطل واثبت الحق وحده لا شريك له واثبت الحق وحده وهذا كله وهذا كله منه جل وعلا لحكم عظيمة ولهذا قال في حق المؤمنين والذين اهتدوا زادهم مدوءاتهم تقواهم ثم اخبر جل وعلا عن حالهم عند سماع القرآن انه انهم يؤمنون ويصدقون ويقرون وتخبت قلوبهم وتخضع وتخشع وتستجيب للحق وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم وعد من الله واخبار بانه سيهدي اي سيوفق وهي هداية التوفيق والالهام سيوفق الذين امنوا وصدقوا واقروا واتبعوا الحق وخشعوا له الى صراط مستقيم. ففي الدنيا يهديهم الى الحق ليتبعوا يدعوه ويثبت عليه وفي الاخرة يهديهم الى الجنة والى النعيم المقيم الذي اعده لهم جل وعلا. ثم قال سبحانه وتعالى دايرة ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة او يأتيهم عذاب يوم عقيم اي يقول ابن كثير يقول تعالى مخبر عن الكفار انهم لا يزالون في مرية في اي في شك وريب من هذا القرآن. قاله ابن جرير اختاره ابن جرير اذا لا يزال الكفار في مرية في شك وريب فيها من هذا القرآن انه من عند الله فهم في ريبهم يترددون وفي طغيانهم يعمهون لانه لو زال عنهم الريب لا وعلموا وتيقنوا انه من عند الله لقاده لقاد كثير منهم الى الايمان به واتباعه والنجاة من سخط الله ولكنهم لا يزال الريب شكوا يتردد في قلوبهم في منه اي من هذا القرآن. وهذا هو القول الصحيح. وقال بعض المفسرين قال آآ سعيد بن جبير وابن زيد منه اي مما القى الشيطان ولا يزال الذين كفروا في مرية منه قلنا الجمهور على انه مرية من القرآن وقال ابن جريج في مرية مما يلقيه الشيطان. وهذا بعيد هذا بعيد لانهم ليسوا في مرية ولا شك بل هم اتبعوا الباطل وهم في قلوبهم مرظ اصلا فلا يزال في قلوبهم مرظ من هذا من هذا القرآن فلا يرجعون اليه ولا يتبعونه. قال جل وعلا حتى تأتيهم الساعة بغتة قال مجاهد اي فجأة وقال قتادة بغتة بغت القوم امر الله وما اخذ الله قوما قط الا عند سلوتهم وغرتهم ونعمتهم فلا تغتروا بالله انه لا يغتر بالله الا القوم الفاسقون الله المستعان نعم فلا يزالون شاكين في القرآن ممترين فيه حتى تأتيهم الساعة يعني حتى تأتيهم الساعة او يأتيهم عذاب عذاب يوم عقيم فهم لا يزالون في شك حتى طبغتهم الساعة بقيامها عليهم وذلك حين لا يستطيعون ان يقدموا او يؤخروا او ان يؤمنوا لانه قد فاتهم الامر او يأتيهم عذاب يوم عقيم وقيل له عقيم لشدتي لشدته ولقطعه كل خير عنهم ذهب اه مجاهد وابي ابن كعب الى ان المراد باليوم العقيم عذاب يوم عقيم هو يوم بدر ان يأتيهم عذاب يوم عقيم اي يهزمهم الله ويقتلهم يوم بدر وقد حصل ذلك فقتل منهم سبعون رجلا واسر سبعون هذا هو اليوم العقيم وقال وهذا القول ايضا قاله عكرمة وسعيد ابن جبير وقتادة واختاره ابن جرير الطبري وقال عكرمة ومجاهد في رواية عنهما هو يوم القيامة لا ليلة لا ليلة لهم وكذا قال الضحاك هو الحسن البصري فصار عندنا في اليوم العقيم في المراد به قولان القول الاول انه يوم بدر والقول الثاني انه يوم القيامة ولكنه لا ليل فيه. ولهذا قال يوم عقيم قد انقطع عنهم كل خير وانقطع عنهم كل فرج وهم في عذاب اه سرمدي ابدي ورجح ابن جرير القول الاول ان المراد به يوم بدر ورجح ابن كثير الثاني قالوا هذا هو القول الصواب وان كان يوم بدر من جملة وان كان يوم بدر من جملة ما اعيدوا به لكن هذا هو المراد ولهذا قال الملك يومئذ الله يحكم بينهم ها الاظهر والله اعلم هو قول ابن جرير لان العلماء يؤسسون يؤصلون قاعدة فيقولون الاصل في كلام الله انه يحمل على التأسيس لا على التأكيد على التأسيس يعني على افادة معنى جديد فاذا قلنا ان عذاب يوم عقيم هو يوم بدر اتينا بمعنى جديد واذا قلنا انه يوم القيامة اكدنا قوله آآ حتى تأتيهم الساعة فكأنه ذكر الساعة مرتين حتى تأتيهم الساعة بغتة او يأتيهم عذاب يوم القيامة وعذاب اتيان الساعة هو قيام الساعة يكون الكلام فيه تأكيد ليس تأسيس. لكن على القول الثاني يكون فيه تأسيس وافادة معنى جديد. والله اعلم ثم قال جل وعلا الملك يومئذ لله قال الطبري الملك يومئذ يقول السلطان والملك اذا جاءت الساعة لله وحده لا شريك له ولا ينازعه يومئذ منازع وقد كان في الدنيا ملوك يدعون بهذا الاسم ولا احد يومئذ يدعى ملكا سواه جل وعلا والا هو ملك الدنيا والاخرة الملك يومئذ يعني يوم القيامة ويوم وقوع العذاب يوم بدر وفي سائر الايام وفي كل الازمنة الملك لله وحده لا شريك له. لكنه خص ذلك اليوم بالملك لان من كان يملك في الدنيا او يدعى بانه ملك كلهم يزول ملكهم ويقفون بين يدي الله حفاة غرلا غير مختونين ليس فيه ملك ولا كبير ولا صغير بل هم سواسية كل منهم ينظر عمله فخص ذلك اليوم بالذكر لهذا السبب والله اعلم آآ ولهذا قال ابن كثير الملك يومئذ لله يحكم بينهم قال كقوله ما لك يوم الدين يعني الله هو مالك يوم الجزاء والحساب وهو مالك سائر الايام. لكن خصه بالذكر لانه لا يملك في ذلك اليوم احد سواه جل وعلا قال وقوله الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين آآ عسيرا. قال جل وعلا فالذين امنوا وعملوا الصالحات بعد ان ذكر ان الملك له جل وعلا وانه يحكم بينهم ان يفصلوا بين خلقه المشركين والمؤمنين بحكمه العدل فيجازي كل عامل بعمله ويفلج المؤمنين ويظهر سلامتهم ونجاتهم وفلاحهم على الكافرين الذين اذلهم واخزاهم بسبب كفرهم بين ان الناس ينقسمون الى قسمين فالذين امنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم حينما يحكموا ويفصلوا بينهم فانه جل وعلا يدخل الذين امنوا اه اي صدقوا واقروا بقلوبهم واظافوا الى ذلك فعل الاعمال الصالحة وهي كل عمل كان لله خالصا واتبع فيه فاعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم في جنات النعيم في جنات النعيم في جنات الخلد اي لهم النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ولا يبيد هذا الفريق الاول يحكم الله بينهم فيدخلهم الجنة يحكم الله بين المؤمنين والكافرين فيدخل المؤمنين الجنة واما الكافرين والذين كفروا وكذبوا باياتنا فاولئك لهم عذاب مهين وهم كفروا اي جحدوا بقلوبهم وانكروا ذلك مقابل امنوا للمؤمنين الذين صدقوا واقروا وكذبوا باياتنا اي كذبوا بالايات والدلائل الواضحات البينات التي تدل على الحق وعلى ان القرآن من عند الله وان رسول الله حق وان دينه حق وكل هذه الايات التي جاءتهم كذبوا بها. قال ابن كثير اي كفرت قلوبهم بالحق وجحدوا به وكذبوا به وخالفوا الرسل واستكبروا عن اتباعهم قال جل وعلا فاولئك لهم عذاب مهين مقابلة مقابل استكبارهم واعراضهم عن الحق لهم عذاب مهين اي مذل يهين ويذل من لحق به نعوذ بالله من عذابه. قال ابن كثير وهذا كقوله تعالى ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين اي صاغرين ذليلين حقيرين نعوذ بالله من عذابه ثم قال جل وعلا والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا او ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وان الله له خير الرازقين الهجرة هي الخروج من بلاد الكفر الى بلاد الاسلام فرارا بالدين فرارا من المرء بدينه اه والمراد انهم خرجوا في سبيل الله وهذا دليل على اخلاصهم وانهم انما خرجوا اه يبتغون وجه الله والدار الاخرة. فلم يخرجوا من اجل دنيا يحصلون عليها ولا من اجل امرأة يتزوجونها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من كانت هجرته لله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأته ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. ولهذا قوله في سبيل الله هذا يدل على الاخلاص. اي في السبيل التي شرعها الله وامر بها والمراد انهم يبتغون رضوان الله جل وعلا ويبتغون وجهه بهجرتهم قال ثم قتلوا او ماتوا يقول ابن كثير عند هذه الايات يخبر تعالى عن من خرج مهاجرا في سبيل الله ابتغاء مرضاته وطلبا لما عنده الاوطان ولاهالينا والخلان وفارق بلاده في الله ورسوله ونصرة لدين الله ثم قتلوا اي في الجهاد او ماتوا اي حتف او انفسهم او حتف انفهم اي من غير قتال على فرشهم فقد حصلوا على الاجر الجزيل والثناء الجميل. كما قال تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله اذا بين الله جل وعلا عظم شأن الهجرة والخروج في سبيل الله وابتغاء مرضاة الله وترك الاوطان والديار من اجل الله ان ذلك شأنه عظيم. فان المهاجر اذا خرج ثم قتل في سبيل الله يعني استشهد قاتل في سبيل الله فقتل او انه مات موتا طبيعيا مات على فراشه ليرزقنهم الله رزقا حسنا كلهم لهم عند الله الثواب العظيم والاجر الكثير حتى الذي مات على فراشه لكنه قد شرع في الجهاد في الهجرة وخرج من بيته فله اجر مجاهد في سبيل الله وهذا من فضل الله وكرمه كما قال صلى الله عليه وسلم من خرج من بيته الى الصلاة لا ينهزه الا الصلاة. خرج من بيته يريد المسجد لا ينهزه يعني ولا يحركه وما دفعه عن الخروج الا الصلاة قال فهو في صلاة فهو في صلاة يعني له اجر الصلاة. وان كان يمشي على قدميه الى الان ما دخل المسجد. وهذا من فضل الله وكرمه وجوده جل وعلا قال جل وعلا ليرزقنهم الله رزقا حسنة قال ابن كثير اي ليجزينهم ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنة ما تقر به اعينهم ليرزقنهم رزقا حسنا وصفه بالحسن وهو نعيم الجنة الذي لا اعظم منه ولا اعلى منه ولهذا قال وان الله لهو خير الرازقين جل وعلا وهو الرزاق ذو القوة المتين وهو خير من رزق ورزقه لا يحصيه احد ولا يعده وفي الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال ليدخلنهم مدخلا يرظونه. وان الله لعليم حليم قال ابن كثير اه قال ابن جرير ليدخلن الله المقتول في سبيله من المهاجرين والميت منهم اه مدخلا يرظونه كل وذلك المدخل هو الجنة اي ليدخلنه مدخلا يرظونه اي ليدخلنهم الجنة وهو مكان للدخول يرظونه ويرضون به ويرضون عن الله عز وجل لعظم نعيمه وفضله قال وان الله لعليم حليم آآ قال ابن جرير الطبري عليم بمن يهاجر في سبيله ممن يخرج من داره طلبا للغنيمة او عرب من عروض الدنيا وهو حكيم لمنع وهو حكيم عمن عصاه وهو حليم وهو حليم عمن عصاه قال وهو حليم حليم عن عصاة خلقه بترك معاجلتهم بالعقوبة والعذاب. ولكن يمهلهم فان تابوا وانابوا واقلعوا ودخلوا في دين الاسلام قبل ذلك منهم واعظم لهم الاجر والمثوبة وان ابوا واستمروا على هم في على ما هم فيه فانه جل وعلا يأخذهم ويعذبهم ولكنه يمهلهم مدة وهذا من فضله جل وعلا لانه الحليم الذي لا يعادل بالعقوبة ثم آآ ثم قال جل وعلا ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله ان الله لعفو غفور يقول اه وقبل ذلك آآ نذكر ما اورده ابن كثير في بيان فضل اه الرباط و الخروج في سبيل الله وانه لو مات الانسان ولم يقاتل ولم يقتل في الحرب فانه على خير عظيم وعلى اجر كبير فقد اورد او قال قبل ذلك ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم اي بمن يهاجر ويجاهد في سبيله ومن يستحق ذلك حليم ان يحلم ويصفح ويغفر لهم الذنوب ويكفرها عنهم بهجرتهم اليه وتوكلهم عليه فاما من قتل في سبيل الله من مهاجر او غير مهاجر فانه حي عند ربه يرزق كما قال تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا. بل احياء عند ربهم يرزقون والاحاديث في هذا كثيرة كما تقدم. نعم ذكر ابن كثير فيما مضى آآ الاحاديث الكثيرة في فضل الجهاد في سبيل الله والذب عن دينه قال ابن كثير واما من توفي في سبيل الله من مهاجر او غير مهاجر وقد تضمنت هذه الاية الكريمة مع الاحاديث الصحيحة اجراء الرزق عليه وعظيم احسان الله اليه. نعم هذا من فضل الله حتى لو انه مات على فراشه لكنه قد خرج للجهاد في سبيل الله او خرج مهاجرا فقد وقع اجره على الله وكتب الله له اجر في سبيله جل وعلا ثم قال ابن كثير قال ابن ابي حاتم حدثنا ابي وساق بسنده عن ابن عقبة يعني عبيدة ابن عقبة قال حدثنا شرحبيل ابن السمط قال طال رباطنا واقامتنا على حصن بارض الروم يعني كان مع المسلمين مرابطين على حسن في بلاد الروم فمر بن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه قال افمر بن سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات مرابطا اجرى الله عليه مثل ذلك الاجر واجرى عليه الرزق وامن من الفتانين الفتانين جمعوا فتان فتان الى القبر منكر ونكير شهيد ما يسألانه ما يفتنانه من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك قال وامن من الفتانين واقرأوا ان شئتم والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا او ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وان الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرظونه وان الله لعليم حليم ثم قال ابن كثير وقال ايضا حدثنا ابو زرعة يعني وقال ابن ابي حاتم في تفسيره حدثنا ابو زرعة وساق بسنده اه انه سمع ابا قبيل وربيعة بن سيف المعافري يقولان كنا برودس بيروتس وهي مدينة من بلاد الكفار قال كنا برودوس ومعنا فضالة بن عبيد الانصاري صاحب رسول الله صاحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمر بجنازتين احداهما قتيل والاخر متوفى. يعني كانوا جالسين معه وفضيلة ابن عبيد رضي الله عنه معهم فمر امامهم بجنازتين احدهما قتيل يعني شهيد في سبيل الله يعني قتل في المعركة اصابه العدو قال والاخرى متوفاه يعني الاخر متوفي على فراشه ليس بسبب اصابة العدو له قال فمال الناس على القتيل ماله يعني ذهبوا كلهم وراء القتيل لعظم فعله وانه قتل في سبيل الله فقال فضالة ما لي ارى الناس مال مع هذا وتركوا هذا ماله مع القتيل وتركوا الذي مات ميتة طبيعية فقالوا هذا قتيل في سبيل الله تعالى فقال والله ما ابالي من اي حفرتيهما بعثت يعني لو كنت احدهما ما ابالي هل انا ابعث من قبر القتيل او من قبر الذي مات ميتة عادية لماذا قال والله ما ابالي من اي حفرتيهما بعثت اسمعوا كتاب الله والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا او ماتوا وتلا الاية الى اخرها هذا كما مر يدل على ان من خرج في سبيل الله حتى لو مات ميتا طبيعية ان له اجر المجاهد او المهاجر في سبيل الله جل وعلا ثم آآ اورد ايظا اثرا آآ نحوه عند ابن ابي حاتم آآ ان عبدالرحمن بن جحدم الخولاني حدثه انه حظر فضالة ابن عبيد في البحر مع جنازتين احدهما اصيب بمنجنيق والاخر توفي فجلس فضالة ابن عبيد عند قبر المتوفى فقيل له تركت الشهيد فلم تجلس عنده فقال ما ابالي من اي حفرتيهما بعثت ان الله يقول والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا او ماتوا الى قوله يرضونه فما تبتغي ايها العبد اذا ادخلت محلا ترضاه ورزقت ورزقت رزقا رزقا حسنا. والله ما ابالي من اي حفرتيهما بعثت وذكر بعض الاثار ثم قال جل وعلا ذلك ومن عاق بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله قال يا مقاتل وابن جريج انها نزلت في سرية من الصحابة لقوا جمعا من المشركين في شهر محرم فناشدوه فناشدهم المسلمون لئلا يقاتلونهم في الشهر الحرام فابى المشركون الا قتال المسلمين وبغوا عليهم فقاتلهم المسلمون فنصرهم الله عليهم ان الله لعفو غفور الحاصل ان هذه الاية ان من عاقب غيره بمثل ما عاقبه به ثم بغي عليه فوق ذلك بغى وظلم وتجاوز فان الله وعده بان ينصره وان يجعل العاقبة له لان الله جل وعلا عفو غفور سبحانه وتعالى وهو ناصر عبده وهذا فيه حث على عدم المعاقبة وان اراد الانسان ان فله ذلك خاصة اذا حصل البغي عليه والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد