الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فنبتدأ في سورة المؤمنون وقبل البدء بتفسير اياتها نتكلم على بعض المسائل المتعلقة بها. فاولا اسمها او اسماؤها تسمى بسورة سورة المؤمنين وتسمى سورة المؤمنون وتسمى قد افلح وتسمى سورة الفلاح فاما تسميتها بسورة المؤمنين فباعتبار اضافة السورة الى المؤمنين لافتتاحها بالاخبار عنهم بانهم قد افلحوا وقد وردت تسميتها كذلك سورة المؤمنين بالاضافة فيما رواه النسائي بسند صحيح كما يقول الالباني عن عبد الله بن السائب قال حضرت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فصلى في قبل الكعبة فخلع نعليه ووضعها عن يساره فافتتح سورة المؤمنين فلما جاء ذكر موسى او عيسى اخذته سعلة السعلة يعني ما يسمى الان يسمونها كحة ان جاءته كحة اثر حلقه اخذته سعلة فركع واما تسميتها بسورة المؤمنون المؤمنون يعني ما جرها بالاضافة مع ان موقعها موقع مضاف اليه قال قالوا والثاني يعني سورة المؤمنون على حكاية لفظ المؤمنون الواقع في اولها في قوله قد افلح المؤمنون اذا سورة المؤمنون قلنا المؤمنون ولم نجرها ونقول المؤمنين لان هذا على سبيل الحكاية كما يقال سورة المنافقون سورة المؤمنون هذا على سبيل الحكاية يبقى المحكي على حاله وتسمى سورة قد افلح لانه جاء في اولها قد افلح المؤمنون وتسمى سورة الفلاح اخذا من معنى قد افلح المراد به الفلاح يعني نال الفلاح وسميت بسورة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر معنا في حديث عبد الله بن السائب واما نوعية او اما نوعها فهي مكية بالاتفاق مكية بالاتفاق وهناك من توقف في بعض ورود لاجل ورود ذكر الزكاة فيها وقد رد هذا ابن عاشور في التحرير والتنوير وبين انه لا يلزم من ذكر الزكاة ان تكون السورة مدنية بل قد تكون مكية وسيأتي توجيه هي عليك وترتيبها في النزول هي سورة السادسة والسبعون نزلت بعد سورة الطور وقبل سورة الملك وقبل سورة الملك وقوله تبارك الذي بيده الملك واما عدد اياتها فعدها الجمهور مئة وسبع عشرة اية واعدها الكوفيون مائة وثماني عشرة اية وقد سبق ان قلنا ونقول انه لا يلزم من اختلاف العادين لايات السور لا يلزم اختلافهم في العدد ان يكون ذلك اختلاف في القرآن فهؤلاء عندهم اية زائدة والاخرون اسقطوا هذه الاية. لا القرآن هو هو كما هو بلا زيادة حرف ولا نقصانه لكن الفرق بينهما ان بعضهم يعد هذه الاية ايتين وبعضهم يعدها اية كما في قوله جل وعلا هنا اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون الجمهور عدوها اية واحدة بينما الكوفيون عدوها ايتين اعدوا قوله جل وعلا اولئك هم الوارثون اية وقوله الذين يرثون الفردوس وهم فيها خالدون اية اخرى ولهذا زاد زاد العدد عندهم عن الجمهور الجمهور مئة وسبعة عشر وهم مئة وثمانية عشر يقول الله جل وعلا قد افلح المؤمنون الفلاح هو الفوز والظفر بالمطلوب والنجاة من المرغوب واذا ذكر فهو يدل على صلاح من حصل منه ذلك وعلى خيريته وعلى حصوله على النعيم وعلى المرغوب فيه والمطلوب وعلى نجاته مما يرهب ويخاف وهذا اخبار ولكنه يتضمن الامر فهو اخبر ان المفلحين قد ان المؤمنين قد افلحوا فذكر شيئا من صفاتهم فهم مفلحون لهذه الصفات لخشوعهم في صلاتهم واعراضهم عن اللغو وفعل الزكاة الى ما الى اخر ما ذكر لكنه يتضمن الامر والحث افعلوا ذلك حتى تكونوا من المفلحين قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون هذا اول صفاتهم الذي حصل به على الفلاح وهو خشوعهم في الصلاة وقبل ذلك نذكر بعض الاثار التي ذكرها ابن كثير رحمه الله في تفسيره مما يدل على فضل هذه السورة ويدل ايضا على فلاحي المؤمنين وهو ما رواه النسائي عن يزيد ابن باب باب نوس قال قلنا لعائشة يا ام المؤمنين كيف كان خلق كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فقرأت قد افلح المؤمنون حتى انتهت الى قوله والذين هم على صلاتهم يحافظون قالت هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والحديث احد طرقه او رواه ابن حبان ورواه الحاكم باسنادين قال عن احدهما صحيح ووافقه الذهبي وشطر الحديث الاول كان خلقه القرآن هذا رواه مسلم في صحيحه وبعض اهل العلم ضعف هذا الحديث لكن معناه حق ولا شك وان كان الاسناد فيه ما فيه فهو فمعناه حق وبعض اهل العلم يحسن هذا الحديث مجموع طرقه ومما اورده ابن كثير ايوا ما رواه البزار الطبراني عن ابي سعيد الخدري قال خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرسها وغرسها غرسها للمؤمنين غرسها بالاشجار وقال لها تكلمي تكلمي فقالت اي الجنة قد افلح المؤمنون فدخلتها الملائكة فقالت طوبى لك منزل الملوك وهذا موقوف على هذا حديث صححه الالباني في السلسلة الصحيحة او غيره وهو موقوف على ابي سعيد لكنه جاء مرفوعا وفي موطن اخر بسند صحيح وعلى كل حال حتى لو كان موقوفا على ابي سعيد فان له حكم الرفع لان مثل هذا لا يقال بالرأي انما في الجنة وكلام الملائكة هذي من الامور الغيبية التي لا يقول فيها الصحابي برأيه لكنه محمول على انه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه واله وسلم وايضا روى الطبراني في الاوسط والبزار عن ابي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك روى ايضا البزار بسند قال عنه الالباني في صحيح الترغيب بانه صحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم حائط الجنة حائط الجنة لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك فقال لها تكلمي فقالت قد افلح المؤمنون فقالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك هذه كلها احاديث صحيحة فتدل على فضل الجنة وما اعده الله عز وجل لاهلها من النعيم وان لبنها وما بنيت به هو من الذهب والفضة وكذلك ايضا املاطها وكذلك غرسها فهو يدل على فضلها وما فيها من النعيم المقيم ثم قال جل وعلا الذين هم في صلاتهم خاشعون قبل ذلك قال ابن كثير فقوله تعالى قد افلح المؤمنون اي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح وهم المؤمنون المتصفون بهذه الاوصاف الذين هم في صلاتهم خاشعون قال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس خاشعون اي خائفون ساكنون يعني قلوبهم وجلة لوقوفهم بين يدي الله واستحضارهم المقام وهم ساكنون لا يتحركون ويضطربون وكثروا يا عم مجاهد والحسن وقتادة والزهري فقال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعن الصحابة اجمعين الخشوع خشوع القلب وقال الحسن البصري كان خشوعه في قلوبهم فغضوا بذلك ابصارهم وخفضوا الجناح وقال محمد ابن سيرين كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون ابصارهم الى السماء في الصلاة فلما نزلت هذه الاية قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون خفظوا ابصارهم الى موظع سجودهم قال ابن سيرين كانوا يقولون لا يجاوز بصره مصلاه فان كان قد اعتاد النظر فليغمض رواه ابن جرير وابن ابي حاتم بل روى ابن جرير عن عطاء بن ابي رباح ايضا مرسلة طبعا والمرسل الاصل انهم من انواع الضعيف ان عطاءه ليس بصحابي قال ان قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك حتى نزلت هذه الاية اذا الخشوع هنا يحملوا على كل هذه الامور خشوع القلب وخشوع البدن ايضا لهذا يقول ابن كثير والخشوع في الصلاة انما يحصل لمن فرغ قلبه لها واشتغل بها عما عداها واثرها على غيرها وحينئذ تكون راحة له وقرة عين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الامام احمد والنسائي عن انس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال حبب الي حبب الي الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة وهذا حديث صحيح وقال ايضا قال الامام احمد حدثنا وكيل حدثنا مسعر عن عمرو بن مره عن سالم بن ابي الجعد عن رجل من اسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بلال ارحنا بالصلاة واسناده صحيح وله طرق منها ما عند احمد وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قم يا بلال فارحنا بالصلاة المؤمنون الخاشعون الذين يخشعون في الصلاة وتطمئن قلوبهم وتذل لله تخشع كما تخشع ابدانهم هم المفلحون لانهم يعقلون معنى الصلاة ويعبدون الله كأنهم يرونه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فان المصلي واقف بين يدي الله جل وعلا تناجيه فلابد من خشوع القلب تذلله بين يدي الله ووجله وحضوره هذي افة ابتلي بها كثير من المسلمين فلابد الانسان يعالج نفسه يعالج نفسه ولهذا جاء في بعض الاثار ان رجل من التابعين سأل الصحابة كيف تفعلون اذا صليتم فقال له الصحابي كنا نبادر الوسواس نبادر الاسس يعني نسابق الوسواس بمعنى ان احدهم اذا دخل في الصلاة انشغل اما بالسماع بالاستماع الى الامام ولا يوسوس يترك يغفل ويبدأ يوسوس ولا يدري ماذا يقرأ الامام لا اذا كان الصلاة جهرية يستمع الامام والا يبادر الى القراءة هو ويعقل ما يقول ويتأمل وينشغل فيه وبمعناه وما دل عليه ويبادر الوسواس الذي هو الشيطان الذي يوسوس للانسان فيقول له اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر ثم قال جل وعلا قال الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون قال ابن كثير اي عن الباطل يعني فسر اللغو بانه الباطل قال اي عن الباطل وهو يشمل الشرك كما قال بعضهم والمعاصي كما قال اخرون وما لا فائدة فيه من الاقوال والافعال كما قال تعالى واذا مروا باللغو مروا كراما قال قتادة اتاهم والله من امر الله ما اتاهم من امر الله ما وقدهم عن ذلك يعني ما منعهم من ذلك فالغوا منهم ما فسره بانه الشرك ومنهم من فسره بانه المعاصي ويرى ابن كثير انه عام بلغوا هو القول الباطل اللغو هو القول الباطل بل هو الباطل كله فهم معرضون عنه عن الشرك عن المعاصي عن الاقوال الافعال والذين هم عن اللغو معرضون الانسان حينما يعرض ويترك اللغو يعرض عنه ان يتركه ولا يشتغل فيه ولا يفعله فان هذا من علامة الفلاح فيه لان كثيرا من الناس يشتغل باللغو والاذن في القول والفعل تلك الافعال ولا يحصل من ذلك الا الاثم فالمؤمن يعرض عن هذه الامور ان يترك الذنوب والمعاصي ويقبلوا على طاعة الله فهذا هو المفلح هذه من صفات المفلحين ثم قال جل وعلا والذين هم للزكاة فاعلون هذه فيها ثلاثة اقوال قال بعضهم وهم الاكثرون المراد بالزكاة هنا زكاة الاموال والذين هم للزكاة فاعلون اي يؤدون زكاة اموالهم وهذا يشكل عليه ان هذه السورة مكية وهذه الاية مكية بسورة مكية والزكاة انما فرضت بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة كما قال الحافظ ابن كثير ثم وجه ابن كثير بعد ان ذكر انها فرضت سنة اثنتين قال الظاهر ان التي فرضت بالمدينة انما هي ذات ذات النصب والمقادير الخاصة والا فالظاهر ان اصل الزكاة كان واجبا من مكة كما قال تعالى في سورة الانعام وهي مكية واتوا حقه يوم حصاده اذا الزكاة فرضت بمكة فرض اصلها عليهم زكاة ولم تبين لهم المقادير لكن عليهم شيء يجب لكن تفصيل المقادير في الخارج من الارض نصف العشر او العشر في بهيمة الانعام كذا وكذا في النقدين كذا هذه التفاصيل جاءت في السنة الثانية بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لكن في مكة فرضت عليهم زكاة ولعله والله اعلم ترك لهم اخراج المقدار بانفسهم. ولهذا قال اتوا حقه يوم حصاده لكن في المدينة فصل ذلك وبين وقرر اذا هذا يؤيد ان السورة كلها مكية وما كون بعضهم يتوقف لورود الزكاة فيها والزكاة ما فرضت الا بالمدينة نقول لا الذي فرض في المدينة هي المقادير والانصبة وتفصيلات الزكاة واما زكاة فرضها كان بمكة كان يجب عليهم حقا في اموالهم ولم يأتي بيانه فيرجعوا الى اجتهادهم والى ما تجود به انفسهم ثم فصل بعد ذلك في المدينة هذا هو القول الاول ان المراد بها زكاة الاموال وهو الابهر والله اعلم والقول الثاني آآ لا ليس هو الاظهر لانه سيأتي ان ابن كثير يرجح العموم وهو الاظهر العموم اظهر وليس انها زكاة الاموال خاصة وان كان زكاة الاموال داخلة في ذلك والقول الثاني يحتمل ان المراد بالزكاة هنا قال ابن كثير زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله تعالى قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها وفي قوله تعالى وويل للمشركين الذين لا يأتون الزكاة على احد القولين في تفسيرها يعني من هم فسرها؟ لا يؤتون الزكاة يعني لا يزكون انفسهم بالتوحيد وترك الشرك وقال بعضهم لا يؤتون الزكاة يعني زكاة اموالهم قال وقد يحتمل ان كلا الامرين هذا القول الثالث وقد يحتمل ان كلا الامرين مرادا وهو زكاة النفوس وزكاة الاموال فان من جملة زكاة النفوس فانه من جملة زكاة النفوس والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا والله اعلم نعم اذا الذين هم للزكاة فاعلون يزكون انفسهم بالتوحيد وترك الشرك وايضا يزكون اموالهم ويؤدون آآ الزكاة التي فرضها الله عليهم في اموالهم اذا توفرت فيها شروط الزكاة ثم قال جل وعلا والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى ورأى ذلك فاولئك هم العادون هذه من صفات المؤمنين المفلحين الكمل انهم لفروجهم حافظون يحفظون فروجهم فلا يقعون في الزنا ولا في عملي قومي لوط ولا في الاستمناء او العادة السرية لهذا يقول ابن كثير ايها الذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا او لواط ولا يقربون سوى ازواجهم التي احلها الله لهم وما ملكت ايمانهم من السراري ومن تعاطى ما احله الله له فلا لوم عليه ولا حرج ولهذا قال فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك اي غير الازواج والاماء واولئك هم العادون اي المعتدون لكن يلاحظ ان الحافظ ابن كثير هنا قال فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا او لواط وقد تكلم بعض اهل العلم ومنهم الشيخ بن عثيمين انه لا ينبغي ان يقال لواط لان لوط لا علاقة له بهذا. هذا عمل قوم لوط ولا نجد في السنة ما يدل على ان هذا يسمى لواطا ما الذي جاء في السنة من وجدتموه يعمل عملا قوم لوط فالافضل ان يقال الانسان من زنا او من عمل قوم لوط او من اتيان الرجال في ادبارهم او ما شابه ذلك فالحاصل ان هذه من صفات المؤمنين الكمل المفلحين انهم قد حفظوا فروجهم فلم يقعوا في الزنا ولم يفعلوا ما فعله قوم لوط ولم يأتوا النساء في ادبارهن ولا الرجال فحفظوها من الوقوع فيما حرم الله الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فان الله احل لهم الازواج فلا يحفظون فروجهم عن ازواجهم. يأتي الرجل امرأته او ما ملكت ايمانهم ملك اليمين الرق الرقيق كان الرجل يشتري المملوكة العبدة الجارية فيطؤها من غير عقد لانها ملكه شراهة. اشتراها بماله سرية او مملوكة فكان يطأها ولا شيء عليها الله الذي احل لهم ذلك و لا لوم عليهم ولا عتب ولهذا قال فانهم غير ملومين لا لوم عليهم ليس عليه ليس عليهم لون في الشرع لا يلومهم الله على ذلك ولا يلومهم رسوله صلى الله عليه وسلم ولا المؤمنون لانهم ما فعلوا شيئا ينكر ما فعلوا امرا يلام عليه او ملامه بل فعلوا ما احل الله لهم واتوا ازواجهم او اماؤهم ولهذا قال فانهم غير ملومين ثم قال فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون من ابتغى وراء ذلك يعني وراء الزوجة وملك اليمين واولئك هم العادون والعادون جمع عاد وهو المتجاوز بحدود الله المعتدي العادون الذين اعتدوا وتعدوا الحد الذي حده الله جل وعلا هم اثمون بذلك ومن طلب غير الزوجة طلب الجماع او النكاح من غير الزوجة وغير ملك اليمين فهو معتد متجاوز لحدود الله جل وعلا فان كان بكرا جلد مئة وغرب عام وان كان ثيبا رجم وان فعل ذلك في رجل فانه يقتل ايضا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وانا وجدتموه يعمل ما وجدتموه يعمل عمل قوم لوط تقتله واختلف الصحابة في كيفية قتله فمنهم من قال يرجم بالحجارة منهم من قال يرمى بالسيف منهم من قال يرمى من شاهق ويتبع بالحجارة لكن من حيث الجملة هم متفقون على ان حكم من فعل اللواط من فعل فعل قوم نوح نوح من فعل فعل قوم لوط فانه يقتل اما رجما واما تعزيرا بالسيف او نحو ذلك ثم قال جل وعلا نعم. وهنا مسألة مهمة جدا اشار اليه ابن كثير بقوله وقد استدل الامام الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الاية الكريمة وهو ما يسمى اليوم بالعادة السرية او الاستمناء باليد وجاء في حديث ضعيف ناكح يده يسمى نكاح اليد لانه يضع يده على فرجه ويحركه الى ان يستمني الشافعيون معه يستدلون بهذه الاية قال لان الله جل وعلا قال الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العدو الا على ازواجهم وما ملك الايمان فانهم غير مألومين فمن ابتغى وراء ذلك وراء الزوجة وملك اليمين فهو معتدي وكون الرجل يمني بيده اليد ليست زوجة ولا ملك يمين هو معتدي متجاوز فيما حرم الله عليه هذا الاستدلال واضح وظاهر بناء على هذا فان العادة السرية وما يسمى بالعادة السرية حرام لا تجوز ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصيام فانه له وجاء النبي صلى الله عليه وسلم قال من يستطيع الزواج ما نيجي يجد المهر يتزوج طيب ما يستطيع يتزوج هل قال يستملي بيده يستعمل العادة السرية؟ قال لا فعليه بالصيام. لماذا فانه له وجاء. يعني يجأ ويقطع الشهوة الصيام فما يحتاج الى استمناء وكما يقول اهل العلم البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة فلو كان الاستمناء جائز لاشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال تزوجوا فمن لم يستطع فلينزل بيده او يستملي بيده او يصوم لا النبي صلى الله عليه وسلم قال فعليه بالصيام فانه له وجاء فالعادة السرية لا تجوز وهي حرام وايضا ثبت في الطب الحديث ان لها اضرارا كثيرة منها قد تسبب العقم وعدم الانجاب مستقبلا وقد تسبب الضعف والارتخاء عند الرجل الى غير ذلك من الامراض التي ذكرها اهل الطب واهل المعرفة بذلك ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد