الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا ولقد ارسلنا نوحا الى قومه فقال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره افلا تتقون؟ فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا الا بشر مثلكم يريد ان يتفضل عليكم ولو شاء الله لانزل ملائكة ما سمعنا بهذا ما سمعنا بهذا في ابائنا الاولين ان هو الا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ولقد ارسلنا نوحا يقول ابن كثير يخبر تعالى عن نوح عليه السلام حين بعثه الى قومه لينذرهم عذاب الله وبأسه الشديد وانتقامه ممن اشرك به وخالف امره وكذب رسله فقال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره افلا تتقون؟ اي الا تخافون من الله في اشراككم به فقال الملأ وهم السادة والاكابر منهم ما هذا الا بشر مثلكم يريد ان يتفضل عليكم يعني يعنون يترفع عليكم ويتعاظم بدعوى النبوة وهو بشر مثلكم. فكيف اوحى اليه فكيف اوحي اليه دونكم ولو شاء الله لانزل ملائكة اي لو اراد لو اراد ان يبعث نبيا لبعث ملكا من عنده ولم يكن بشرا. ما سمعنا بهذا اي ببعثة البشر في ابائنا الاولين يعنونا بهذا اسلافهم واجدادهم والامم الماضية وقوله ان هو الا رجل به جنة اي مجنون فيما يزعمه من ان الله ارسله اليكم واختصه من بينكم بالوحي فتربصوا به حين فتربصوا به حتى حين اي انتظروا به ريب المنون واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه لقد لخص ابن كثير رحمه الله دلالة هذه الايات بهذا التلخيص الوجيز الذي بين الاية بين معاني الايات لان سورة قصة نوح قد سبقت اكثر من مرة وسبقت في سورة هود مفصلة من من الاية الخامسة وعشرين من سورة هود الى الاية الثامنة والاربعين. وقد مر الكلام عليها فهي واضحة ومع ذلك ساعيد يعني الاشارة او ذكر بعض اه ما فيها فيخبر الله انه ارسل نوحا الى قومه وهم فالذين اشركوا بالصالحين وغنوا فيهم ونصبوا او صوروا صورهم عند مجالسهم التي كانوا يعلمون فيها ثم وقع الشرك بعد ذلك فناداهم بقوله اعبدوا الله اي وحدوا الله افردوه بالعبادة. كما قال ابن عباس اذا مر بك اعبدوا في القرآن فهو بمعنى وحدوا ما لكم من اله غيره وهذا معنى لا اله الا الله لا معبود حق سواه ولا يجوز ان يعبد احد احدا مع الله وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. قال جل وعلا افلا تتقون تتقون الله وتجعلون بينكم وبين عذابه وقاية بفعل اوامره واجتناب نواهيه فقال الملأ والملأ يطلق على اكابر القوم واشرافهم وقادتهم ورؤساؤهم وهم دائما هم الذين يعارضون الرسل كما قال جل وعلا وكذلك جعلنا في كل قرية اكابرا مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون الا بانفسهم وما يشعرون وهذا من حكمة الله جل وعلا واظهاره لدينه فانه يرسل النبي ويتبعه فظعفاء الناس واما اصحاب القوة والشأن والشرف والرؤسا فيعارضون الحق ويقفون في وجهه ثم يدير الله الحق وينصره على من عاداه فهذا دليل ايها الاخوة ان القوة بالحق وليست القوة بالجاه ولا المال ولا الرئاسة فكل من عارض الحق فهو ضعيف امام الحق ولهذا جعل الذين يعارضونها الاقوياء والاشد والرؤساء والاشراف ثم غلبهم وجعل الدائرة للحق عليهم فاذا كان هؤلاء هم اقوى الناس ورؤوسهم قد اهلكهم الله واظهر دينه ونصره دل ذلك على ان القوة في الحق ذاته في دين الله ومن تمسك به فهو الناجي وهو المنتصر قال جل وعلا فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا الا بشر مثلكم نوح بشر مثلكم يريد ان يتفضل عليكم. اوه يريد بهذا ان يكون له عليكم الفضل بالنبوة هكذا الرؤسا فيهم كبر وحسد وبغي ولا يريدون ان ينازعهم احد يريدون الامور كلها تحت سيطرتهم يريد ان يتفضل عليكم ولو شاء الله لانزل ملائكة قال لو شاء الله يرسل رسول انزل ملائكة. ملكا من عنده فليس بشرا ما سمعنا بهذا في ابائنا الاولين ما سمعنا بهذا ان الرسول يكون من البشر لان نوح كان اول رسول ولكن هؤلاء لن يؤمنوا به اصلا لانهم انما يتبعون اباءهم واجدادهم واسلافهم وهذا هو عين الضلال فان الحق متى ما جاء وجب الاخذ به والانصياع له قال جل وعلا عنه ان هو الا رجل ان نافية بمعنى ما ايمانوح الا رجل به جنة اصابه مس من الجن مجنون فتربصوا به حتى هيل تربص هو الانتظار انتظروا به حتى وقت من الزمان ويموت هذا المجنون هكذا قالوا فرؤساء الكفر يجمعون بين التكبر والتجبر ويجمعون ايضا الى ذلك اه وعد اتباعهم واظلال اتباعهم بانه سيهلك هذا الذي يخالفهم وهذا دليل على انهم يأملون البقاء في الدنيا حتى حين انتظروا حتى يموت وهكذا الكفار يظنون انهم مخلدون ومع ان نوح مكث فيهم مدة طويلة مكث بهم فقط يدعوهم الف سنة الا خمسين عاما هذا فقط وقت الدعوة مدة الدعوة فهل كم كان عمره قبل ذلك؟ والغالب ان النبي يبعث يبعث على رأس الاربعين ومتى عاش بعد ذلك؟ الله اعلم لكنه عمر مديد طويل ثم قال جل وعلا قال رب انصرني بما كذبون استنصر نوح بربه ودعا ربه ولهذا يقول ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام انه دعا ربه يستنصره على قومه كما قال تعالى مخبرا في الاية الاخرى فدعا ربه اني مغلوب فانتصر وقال لهاون رب انصرني بما كدبون فعند ذلك امره الله تعالى بصنعة السفينة واحكامها واتقانها وان يحمل فيها من كل زوجين اثنين اي ذكرا وانثى من كل صنف من الحيوانات والنباتات والثمار وغير ذلك واي يحمل فيها اهله الا من سبق عليه القول منهم اي سبق فيه القول من الله بالهلاك وهم الذين لم يؤمنوا به من اهله كابنه وزوجته والله اعلم ايضا رخص ابن كثير دلالة الاية بايجاز اكتفاء منه بما سبق كما سيشير اليه قريبا اذا دعا نوح واستنصر بربه بما كذبون تنصرني عليهم بسبب تكذيبهم للحق وعدم اتباعهم له فاوحينا اليه ان اصنع الفلك باعيننا ووحينا اوحى الله اليه وامره ان يصنع الفلك والفلك هي السفينة وقد مر الكلام عليهم مطولا في سورة هود باعيننا ووحينا ومر ايضا ان معنا باعيننا كما قال ابن عباس بمرأى منا بمرأة منا ولم يذكر ابن كثير غيره وذكر السمعاني قولين اخرين هما بمعناه فقال قوله وقال الضحاك بمرء باعيننا قال بمنظر منا وهو بمعنى بمرأى منا وقيل برؤيتنا وحفظنا وهو ايضا كذلك مثل القولين اللذين سبقه. فهذا من معنى باعيننا يعني بمرأى منا بنظرنا برؤيتنا له هذا يقتضي حفظه وصيانته وايضا تبصيره ودلالته على صنع السفينة قال جل وعلا ووحينا فاوحينا اليه ان يستعيذوك باعيننا ان اصنع الفلك باعيننا ووحينا. قال ابن كثير في سورة يهود معنى ووحينا اي تعليمنا لك ما تصنعه هكذا اذا نصر الله عبدا يسر امره وهيأ له اسباب النجاة والنصر قال جل وعلا فاذا جاء امرنا وهو امرنا باهلاكهم وحلول العذاب بهم. وفار التنور. وسبق ايضا ذكرنا ان معنى فارة يعني نبع بالماء والتنور فيه عدة اقوال ايضا كما سبق ان ذكرناها فقيل التنور هو وجه الارض اي نبع وانبجس الماء من وجه الارض وقيل وقال بعض المفسرين هو تنوير الصبح يعني فار التنور يعني طلع الفجر طلع الصبح وقيل هو التنور الذي يختبز فيه تنور المعروف تنور الذي توقد فيه النار ثم يوضع فيه الخبز والطعام ورجح هذا القول ابن جرير الطبري وقال ان هذا هو المعروف من كلام العرب ان التنور تنور الخبز فلا يصرف كلام كلام الله جل وعلا الا الى الوجه الذي تعرفه العرب لانه قرآن عربيا وهذا هو الاظهر والله اعلم وذلك ان الله جعل علامة لنوح ان يفور التنور تنوره الذي في بيته ومكان وقود النار ووضع الخبز فيها. فاذا رأى الماء يخرج منه دليل على انه جاء امر الله وان عليهم ان يركبوا في السفينة استعدادا لي اه النجاة ويعني حمل الماء لهذه السفينة قال جل وعلا فاسلك فيها ومعنى فاسلك اي فادخل وفي سورة هود قل نحمل فيها من كل زوج من كل زوجين اثنين اذا افادنا فاسلك انه معنى ادخل وحملنا انه حملهم على السفينة فادخلهم داخل السفينة ثم السفينة حملتهم وهي تجري بهم في موج كالجبال لانه قد يسلكه يدخله ويخرج او قد يحمله فوق السفينة لكن لما قال فاسلك دل على انه ادخلهم داخل السفينة قال جل وعلا فاسلك فيها من كل كل تنوين العور تنوين العوظ معوض به عن جملة من كل شيء او من كل المخلوقات ومن كل ما امرت به زوجين اثنين زوجين كما قال ابن كثير ذكر وانثى ونحوه قال الطبري قال حمل نوح في الفلك من امره الله به من امره الله وكانوا قليلا كما قال الله ويعني بقوله كما قال الله وما امن معه الا قليل قال وحمل فيها من كل زوجين اثنين بما فيه الروح والشجر يعني كل شيء فيه روح او الاشجار ذكرا وانثى فحمل فيه بنيه الثلاثة سام وحام ويعفث ونساؤهم ونساءهم وستة اناس ممن كانوا امنوا به فكانوا عشرة عشرة نفر نوح وبنوه وازواجهم ثم ادخل ما امره الله به من الدواب وتخلف عنه ابنه يافث وكان كافرا وجع ان ابنه اسمه كنعان والله اعلم وانه كان كافرا قال فاسرك فيها من كل زوجين اثنين واهلك اهلكم اولاده واولادهم الا من سبق عليه القول وقد فسر ابن كثير عنا المراد به زوجة نوح وابنه الذي قال ساوي الى جبل يعصمني من الماء هؤلاء سبق عليهم القول انهم لا يؤمنون. اذ سيهلكون مع الهالكين ولهذا اعلم عبد الله انه لا ينجيك الا العمل الصالح. الا الايمان والعمل الصالح اما النسب اما الشرف اما المال ما ينجيك فهذا ابن نوح ابن نبي الله وهو حريص على ان يخرج معه وان يصعد السفينة اهلكه الله واغرقه مع الكافرين قال جل وعلا ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون. قال ابن كثير اي عند معاينة انزال المطر العظيم لا تأخذنك رأفة بقومك بقومك وشفقة لا تأخذنك رأفة بقومك وشفقة عليهم وطمع في تأخيرهم لعلهم يؤمنون فاني قد قضيت انهم مغرقون على ما هم عليه من الكفر والطغيان وقد تقدمت القصة مبسوطة في سورة هود بما يغني عن اعادة ذلك ها هنا نعم اذا لا تخاطبوا الذين ظلموا يعني لا تصيبك بهم شفقة اذا رأيت العذاب حل بهم هكذا قال وقال الطبري لا تخاطبني بالذين ظلموا بعد اليوم. انتهى الامر خلاص سنهلكهم فلا تخاطبني فيهم انتهى امرهم لان عذاب الله اذا حل ما يرفع جاءهم ما كانوا يوعدون لانهم كفرة قال جل وعلا ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون اي جميعا فارقهم الله الا الذين كانوا على الفلك قال فاذا استويت انت ومن معك على الفلك استويت اي علوت قوقعة كما قال الشوكاني والفلكيه السفينة. قال ابن كديب فاذا استويت انت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. كما قال تعالى وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون. وقد امتثل نوح عليه السلام هذا كما قال تعالى وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها فذكر الله تعالى فذكر الله يعني نوح فذكر الله تعالى عند ابتداء سيره وعند انتهائه وقال تعالى وقل ربي انزلني من منزلا مباركا وانت خير المنزلين وهيضع هذا تلخيصهم كثير رحمه الله لمعاني الايات اكتفاء بما سبق ان ورد اذا امره الله اذا استوى وعلى على السفينة واستقر فوقها هو معه ان يقولوا الحمد لله يحمدون الله وهذه هي السنة اذا ركب الانسان ان يحمد الله ويقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين قال جل وعلا الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين نجانا فيه بيان وبشارة لنوح مع انه الان استوى على الفلك ولم تبدأ الرحلة كما يقال لان كاد كالبشارة له ان الله نجاه وانتهى من هؤلاء الاعداء ولن تعود عداوتهم مرة اخرى فابشروا بالنور هذه بشارة من الله انك لن تغرق انت ايضا في السفينة ولن يحصل لك ما يؤذيك انت ومن معك او تنكسر السفينة او تغرق تغرقكم او او ابشروا بالنجاة قال الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين اي الكافرين بان الكفر هو اعظم الظلم وقل ربي انزلني منزلا مباركا امره ان يدعو ربه ويسأله ان ينزله منزلا مباركا ثم قال وانت خير المنزلين ولهذا اختلفت القراءة في منزلة فقرأ ابو بكر وقل ربي انزلني منزلا مباركة بفتح الميم وكسر الزاي جعله اسما للمكان كانه قال انزلني دارا مباركا والمنزل اسم لكل ما نزلت فيه وقرأ الباقون بضم الميم وفتح الزاي منزلا جعلوه مصدر بمعنى الانزال تقول انزلته انزالا مباركا ومنزلا وقل ربي انزلني منزلا منزلا مباركا بدليل ان بعض المنازل مبارك وبعضها غير مبارك قال النبي صلى الله عليه وسلم الشؤم ان كان الشؤم ففيه ثلاث بالمرأة والدابة والدار الانسان يحرص عليه يكون منزل مبارك وذلك طاعة الله فيه وقراءة القرآن وذكر الله والصلاة حتى يكون مباركا وليس شؤما وهذا دليل على شدة حاجة الانسان الى ربه في جميع اموره ثم قال جل وعلا ان في ذلك لايات ايات عبر حجج واضحة بينة في ان الله جل وعلا يهلك الكفار وينجي المؤمنين ولهذا قالوا وان كنا لمبتلين قال الشوكاني اين مختبرين لهم بارسال الرسل اليهم؟ ليظهر المطيع والعاصي للناس او الملائكة مبتلين لمبتلين اي مبتلين لهم مختبرين لهم بارسال الرسل وانزال الكتب ودعوتهم الى الحق لننظر من يطيع ومن يعصي وعند ذلك يجازى كل عامل بعمله ثم قال جل وعلا ثم انشأنا من بعدهم قرنا اخرين فارسلنا فيهم رسولا منهم ان اعبدوا الله ما لكم من اله غيره افلا تتقون قال ابن كدير يخبر تعالى انه انشأ بعد قوم بعد قوم نوح قرنا اخرين قيل المراد بهم عاد فانهم كانوا مستخلفين بعدهم وهذا رأي الجمهور ان المراد بهؤلاء القوم هم قوم عاد لان عاد نبيهم هود وهود بعد نوح فالامة التي جاءت بعد نوح هي امة عاد هذا قول لبعض المشتريين وعليه اكثر المفسرين قال ابن كثير وقيل المراد بهؤلاء ثمود قوم صالح لتشبه القصتين قالوا لقوله فاخذتهم الصيحة بالحق لان الذين اخذتهم الصيحة هم قوم صالح واما قوم عاد عاد اهلكت بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما واختار ابن واختار هذا ابن جرير سار على هذا وايا ما كان سواء قلنا انهم قوموا انهم عاد قوم هود او ثمود قوم صالح في قصصهم عبرة لاولي الالباب وذلك يظهر من خلال هذه المحاجة بينهم وبين رسلهم. وتكذيبهم لرسلهم. وكيف احل الله بهم الامر؟ البأس قال جل وعلا فارسلنا فيهم رسولا منهم ان اعبدوا الله اي افردوه ووحدوه بالعبادة ما لكم من اله غيره افلا تتقون؟ كما مر معنا في قصة نوح ما لكم من اله غيره لا معبود بحق الا هو افلا تتقون الله بطاعته وفعل ما امر به واجتناب ما نهى عنه واعظم ذلك التوحيد. الدخول في الدين وعدم الشرك وقال الملأ من قومه الملأ هم علية القوم رؤساؤهم واشرافهم وقال الملأ من قومه للذين كفروا وكذبوا وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الاخرة. انظروا الى صفاتهم. هذا يغلب في اشراف الناس ورؤوسهم كفروا وجحدوا بقلوبهم وكذبوا بالسنتهم وما رأته اعينهم من الايات كذبوا بلقاء الاخرة اي بالبعث والنشور واثرفناهم بالحياة الدنيا. قال الشوكاني اي وسعنا لهم نعم الدنيا فبطروا بسبب ما صاروا فيه من كثرة الاموال ورغد العيش واعترفناهم بالحياة الدنيا ما هذا الا بشر مثلهم هكذا قال الملأ ما هذا؟ اي هذا النبي سواء قلنا انه هود او صالح ما هذا الا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربونه يعني بشر مثلهم يأكل ما تأكل ويشرب ما تشربون منه هذا من باب يعني العناد والكفر يريدون ملكا ولو جعلناه ملكا للبسنا عليهم ماء ولو جعلناهم ملكا لجعلناه رجل. وان لبسنا عليهم ما يلبسان هذه حكمة الله جل وعلا انه يرسل الرسل من جنس بني ادم من انفسكم لان هذا ادعى الى قبول قوله لانه من بني جنسنا نعرفه لو كان غريبا يكون هذا ادعى الى النفور منه ولكن لا ليس قصدهم الا الحجج الباطلة ثم قالوا ولئن اطعتم بشرا مثلكم انكم اذا لخاسرون ان اطعتم بشر مثلكم ما هو ملك انكم اذا لخاسرون اي مغبونون بترككم الهتكم واتباعكم اياه من غير فظل من غير فضيلة له عليكم كما قال الشوكاني ايعدكم انكم اذا متم وكنتم ترابا وعظا انكم مخرجون. هذا استفهام انكاري ينكرون ذلك يعدكم ويخبركم انكم اذا متم وكنتم ترابا وعظاما بالية انكم مخرجون؟ يعني تبعثون وتخرجون هل تكذب منهم بالبعث هيهات هيهات لما توعدون قال ابن عباس هيهات هيهات اي بعيد بعيد وقال الطبري بعيد ايها القوم ما توعدون وقال وقال السمعاني بعيد بعيد ما توعدون اي لا يكون ذلك ابدا والتكرار هنا للتأكيد هيهات هيهات لتأكيد استبعادهم ذلك ان هي الا حياتنا الدنيا. ان نافية بمعنى ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا. وما نحن بمبعوثين ما هذه الحياة الا الحياة الدنيا فقط؟ بعدها ما فيه حياة ولا بعث ولا نشور يصبحون ترابا وعظاما وهذا دليل على تكذيبهم بالبعث لان الايمان بالبعث واليوم الاخر يحمل على اصلاح العمل لكن اذا كان يعتقد انه لن يبعث ولن يكون له حياة اخرى سيعمل ما يريد. ولهذا كثيرا ما يقرن الله جل وعلا بين الايمان به واليوم الاخر قال جل وعلا عنهم انهم قال ان هو الا رجل افترى على الله كذبا اي ما هذا النبي الا رجل افترى على الله كذبا اختلق على الله الكذب فهو كذاب الله ما ارسله وما نحن له من مؤمنين يعني قسط صرحوا بذلك تصريحا ما بعده تصريح فكذبوا ثم بنوا على كذبهم وما اعتقدوه عدم الايمان به قال رب انصرني بما كذبون دعا ربه عليهم استفتح قال عما قليل لا يصبحن نادمين بعد وقت قليل يحل بهم العذاب لان كل ما هو ات من قريب وهو قليل بالنسبة لاعمار بالنسبة لمدة ما يبقون بعد الموت فهو قليل لان كل ما قليل من الوقت وقريب قال جل وعلا فاخذتهم الصيحة بالحق والصيحة قيل انها صوت قطع قلوبهم. هذا اذا كانوا قوم هوود اذا كانوا قوم صالح قيل صاح بهم جبريل فتقطعت قلوبهم فماتوا وبعضهم يرى ان الصيحة تطلق على العذاب صاح بهم عن العذاب مطلقا حتى الريح التي اصابت عاد كانت صيحة اي حل بهم العذاب ومن باب سعة الكلام لكن الاظهر والله اعلم هنا انهم قوم صالح لانهم الذين اهلكهم الله بالصيحة فاخذوا نصيحته بالحق الذي لا مرية فيه وهو الذي توعدهم به نبيهم وذكرهم انهم ان لم يؤمنوا سيقعوا بهم فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين. جعلناهم غثاء قال الشوكاني اي كغثاء السيل الذي يحمله ثم قال والغثاء ما يحمل السيل من بال الشجر والحشيش والقصب ونحو ذلك مما يحمله على ظاهر الماء والمعنى سيرهم هلكى فيبسوا كما يبس الغثاء فبعدا للقوم الظالمين اي بعدوا بعدا او يكون مصدر مرض ابعدوا بعدا لانهم قوم ظالمون يقول ابن كثير والظاهر انه اجتمع فاخذتهم الصيحة اي وكانوا يستحقون ذلك من الله لكفرهم والظاهر انه اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصرصري العاصف القوي الباردة. هذا على ان ابن كثير يرى انها في قوم عاد لانه اهلكوا بريح صلصلا عاتية فيقول الظاهر انه اجتمع عليهم الامران اذا كانوا قوم عاد وان كانوا قوما صالح ان كانوا قوم هود وان كانوا قوم صالح فهو واضح انه اصابتهم الصيحة قال تدمر قال اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصرصري العاصف القوي الباردة تدمر كل شيء بامر ربها فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم. وقوله فجعلناهم غثاء اي صرعى. هلكى كغثاء السيل وهو الشيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيء منه يقصد الغثاء. فبعد القوم الظالمين كقوله وما ظالمون ولكن كانوا هم الظالمين. اي بكفرهم عنادهم ومخالفتهم رسول الله اصابهم ما اصابهم فليحذر السامعون ان يكذبوا رسولهم واكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد