الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه من تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة المؤمنون ثم انشأنا من بعدهم قرونا اخرين ما تسبق من امة اجلها وما يستأخرون يقول جل وعلا ثم انشأنا من بعدهم قرونا اخرين اي امما وخلائق وقوله من بعدهم هذا بعد قوله ثم انشأنا من بعدهم قرنا اخرين فارسلنا فيهم رسولا منهم ان اعبدوا الله ما لكم من اله غيره وقد ذكرنا بالامس ان بعض المفسرين قال المراد بهم قوم عاد لانهم هم الامة التي جاءت بعد آآ نوح قوم نوح قد ذكر الله قوم نوح قبلهم في الايات التي قبلهم وقال بعض المفسرين بل انها في قوم صالح اذا مود اه لان في الايات ما لان في الايات قوله جل وعلا فاخذتهم الصيحة بالحق. قالوا والصيحة هي التي اهلك بها قوم صالح ثم قال جل وعلا هنا ثم انشأنا من بعدهم قرون اخرين انشأنا اي اوجدنا وخلقنا وجعلنا قرونا اخرين امم اخرين لان الامم كثيرة جدا قال جل وعلا ما تسبقوا من امة اجلها. قال ابن كثير يقول تعالى ثم انشأنا من بعدهم قرون اخرين اي امما وخلائق ما تسبقوا من امة اجلها وما يستأخرون يعني بل يؤخذون على حسب ما قدر ما قدر لهم تعالى في كتابه المحفوظ وعلم قبل كونهم امة بعد امة وقرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل وخلقا وخلفا بعد سلف اذا الله جل وعلا انشأ بعد قوم نوح وقوم هود وقومي صالح مم اخرى كثيرة ثم اخبر انه ما تسبقه من امة اجلها ان كل امة لم تسبق الاجل الذي اجله الله لها في موعد اهلاكها ونزول العذاب فيها فلا تسبقوا امة وقتها تجيء قبل مجيء وقتها ولا كذلك العذاب الذي قدره عليهم يسبق اجله فكل ذلك في كتاب عند الله جل وعلا وله اجل مسمى لا يستقدم عنه ساعة ولا يستأخر قال ما تسبقون من امة اجلها وما يستغفرون عنها فلا يتقدمونه ولا يتأخرون عنه بل يأتون في نفس الوقت الذي قدره الله وكتبه قال ثم ارسلنا رسلنا تترا يقول ابن كثير قال ابن عباس يعني يتبع بعضهم بعضا يقصد تترا لان تترى هي كما قال ابن عباس يتبع بعضهم بعضا قال وقال الطبري يتبع بعضها بعضا وبعضها في اثر بعض وهي من المواترة وقال ابن زنجلة بحجة القراءات ومعنى تترى من المواترة والمواترة اي يتبع اي يتبع الخبر الخبر والكتاب الكتاب ولا يكون بين ذلك فصل كثير والمراد انها تترى يعني متتابعة متتالية. وهذا يدل على كثرتهم قال ابن كثير ثم ارسلنا رسلنا كثرة قال ابن عباس يعني يتبع بعضهم بعضا وهذه كقوله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة يشير ابن كثير يعني الى قوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا يعني كل امة ارسل الله فيهم رسول وهم تترى متتابعون كل امة تأتي يرسل فيها رسول لأن الرؤساء الرسالة عمت كلها امة ثم قال ابن كثير وقوله كلما جاء امة كلما جاء امة رسولها كذبوه يعني جمهورهم تروهم. في قوله تعالى يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤون. وقوله فاتبعنا بعضهم بعضا. اي اهلكناهم اذا ثم ارسلنا رسلنا تترا يتبع بعظهم بعظا كلما جاء امة رسولها كذبوه. يعني الاغلب والا هناك من يؤمنون به ثم ماذا فانا ماذا فعل الله بهم وماذا صنع بهم؟ قال فاتبعنا والبعونة للترتيب والتعقيب. وقد مر معنا ان تعقيب كل شيء بحسبه. وليس المراد انهم مجرد ان جاءهم الرسول فكذبوه واخذهم الله. لكن امهلهم مدة حتى اقاموا الحجة عليهم ثم اخذهم فتعقيب كل شيء بحسبه. قال فاتبعنا بعضهم بعضا. يعني في الاهلاك. اهلكنا امة بعد امة. وجيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن وجعلناهم نعم. قال ابن كثير فاتبعنا بعضهم بعضا اي اهلكناهم. كقوله وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح. وقوله وجعلناهم احاديث اي اخبار واحاديث للناس كقوله فجعلناهم احاديث ومزقناهم كل ممزق ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال وجعلناهم احاديثا فبعدا لقوم لا يؤمنون. يعني بعد ان اهلكناهم قال لهم احاديث يتحدث بهم خبرا بعد عين مجرد احاديث لكن يتحدث الناس بخبرهم ومنه ما قصه الله علينا من اخبارهم هنا فهي مجرد احاديث عنهم واخبار اما هم قد فنت ابدانهم واجسادهم اجسادهم وذهبوا الى جزاء اعمالهم. قال فبعدا لقوم لا يؤمنون اي بعد بعدا اي بعدوا بعدا كما مر معنا في الايات لقوم لا يؤمنون فدعاء عليهم يعني طلب لبعدهم وهلاكهم لانهم لا يفرح بقربهم لانهم كانوا كفرة. ولهذا قال لقوم لا يؤمنون لقوم الله لانهم لا لم يؤمنوا بالله عز وجل. فهم كفار. فدل على اه البراءة منهم والبعد منهم والفرح ببعدهم وعدم قربهم ثم قال ثم ارسلنا موسى واخاه هارون باياتنا وسلطان مبين يعني بعد هذه الامم ذكر موسى عليه عليه السلام وذلك لان موسى تميز عن الانبياء بميزة وهي ان الله انزل عليه الكتاب وانزل عليه التوراة و بعد ان انزل التوراة عليه اه ما اهلك امة اه بكاملها اخذهم جميعا لانه شرع الجهاد وقتالا اعداء الله باولياء الله لكن من قوم موسى قوم فرعون ومن قبله كانوا اذا عصوا اهلكوا جميعا لكن بعد ذلك جاء مشروعية الجهاد فكان الله جل وعلا لا يأخذ الامة كلها لكنه يرسل عليهم يرسل لهم رسولا ويجعل منهم مؤمنون اجعل منهم من يؤمن فيجاهد في سبيل الله من كفر بالله جل وعلا. قال ثم ارسلنا موسى واخاه هارون اه سبق ان ذكرنا ان امنا انا امن اخ على اخيه هو موسى هو يعني اعظم منة من اخ على اخيه هو موسى لانه سأل الله ان يجعل اخاه هارون نبيا فاستجاب الله دعاء دعاءه وجعل معه اخاه هارون نبيا قال باياتنا يعني باياتنا بدلائلنا بالايات بالدلائل التي تبين الحق وتدل عليه من العصا و ادخال يده في جيبه ومن الضفادع والدم والقمل وغيرها من الايات فجاءوا بايات بينات واضحات من الله جل وعلا تدل على الحق الذي جاء به موسى ومع ذلك لم يقبلوا هذا قال وسلطان مبين اي حجة ظاهرة قوة في الدليل وبرهان ظهر وتبين ان الحق مع موسى وان فرعون وملأه على اه خطأ بين قال الى فرعون وملأه يعني ارسله الى فرعون وملأه. والملأ هم اشراف القوم وعليتهم واغنياؤهم وكبراؤهم وذكرهم وخصهم بالذكر لان لان ضعفاؤهم تبع لهم ولان اشراف بني اسرائيل القبط قوم فرعون كانوا معه على نفس اه يعني ما هو عليه. ولهذا اشاروا عليه وذكروا انه ان تركهم انه يذر الناس الهة فرعون ويدرك والهتك ولما استشارهم اشاروا بنفس الرأي الخبيث الذي هو عليه فخصهم بالذكر لانهم مشاركون له في قبح رأيهم وليسوا مجرد اتباع له قال فاستكبروا وكانوا قوما عاليين. استكبر فرعون وملأه وقومه عن الحق وترفعوا عليه. وكانوا قوما عاليين قال الطبري كانوا قوما عاليين على اهل ناحيتهم ومن في بلادهم من بني اسرائيل وغيرهم بالظلم قاهرين لهم وقال ابن زيد علوا على رسلهم وعصوا ربهم اه ونعم وعصروا وعصوا ربهم وذلك علوهم. قال ذلك علوهم. يعني ما هو علوهم؟ كانوا قوم عاليين انهم علوا على الرسل وترفعوا وعصوا ربهم جل وعلا ثم كان يتلو اه ابن زيد هذه الاية تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا المراد بالعلو هنا يعني انهم تعالوا على الحق لان الحق يحتاج الى من يطمئن له ويخضع ويذل ويخشع ويتبع اما هؤلاء ترفعوا وتعالوا على الحق فلم يتبعوه قال جل وعلا فقالوا انؤمن لبشرين مثلنا؟ هذا استفهام انكار منهم انؤمن لبشرين مثلنا يقصدون موسى وهارون مثلنا في البشرية فكيف نؤمن لهما وهذا من ضلالهم والا ما بعث الله رسولا الا من بني ادم ما بعث رسول الى الناس الا من بني ادم. وقد سبقتهم الامم وارسلت اليهم وارسل اليهم بشر قال وقومهم ولنا عابدون. يعني هذا دليل على انهم قد استعبدوا قومهم. وهذا هو الكبر الذي يمنع كثير من الضلال عن اتباع الحق فيجب على الانسان ان يلين ويخضع ويخشع ويحذر من التكبر والترفع على الحق بل يذل له ويلينه ويتبع ولهذا هم احتجوا بان قومهم لنا اعابدون اه يعني كأنهم يقولون هم عبيدنا كيف نتبعه هو وقومه الواجب على الانسان ان يتبع الحق مع من كان ولو كان عبدا حبشيا مملوكا فيجب اتباع الحق وان يكون الحق اكبر من نفسه من كل شيء قال جل وعلا فكذبوهما فكانوا من المهلكين كذب فرعون وملأه موسى وهارون فكانوا من المهلكين اهلكهم الله جل وعلا بالغرق اغرقهم في البحر على ضوء ما مر معنا في قصة فرعون في قصة موسى هم مع فرعون في اكثر من موضع في كتاب الله جل وعلا. ثم قال جل وعلا ولقد اتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون يعني اخبر انه اتى موسى الكتاب وهو الانجيل اه لعلهم يهتدون لعل بني اسرائيل يهتدون به ويعملون بما فيه لان الكتاب التوراة انما انزلت على موسى بعد ان اهلك الله فرعون وقومه في البحر ثم خرج بنو اسرائيل ثم بعد ذلك انزل الله على موسى التوراة واتلو كلام ابن كثير في هذه الايات وهو ملخص جدا ولكنه كاف في البيان قال رحمه الله يخبر تعالى انه بعث رسوله موسى عليه السلام واخاه هارون الى فرعون وملأه بالايات والحجج الدامغات والبراهين القاطعات وان فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما والانقياد والانقياد لامرهما لكونهما بشرين كما انكرت الامم الماضية بعثة الرسل من البشر تشابهت قلوبهم. فاهلك الله فرعون وملأه واغرقهم في يوم واحد اجمعين وانزل على موسى الكتاب وهو التوراة فيها احكامه واوامره ونواهيه وذلك بعدما قسم الله فرعون والقبط واخذهم اخذ عزيز مقتدر وبعد ان انزل الله التوراة لم يهلك امة بعامة لاحظوا هذه هذه الفائدة التي اشرت اليها قبل قليل من ابن كثير قال وبعد ان انزل الله التوراة لكن متى انزل الله التوراة على موسى؟ بعد هلاك فرعون وقومه قال وبعد ان انزل الله التوراة لم يهلك امة بعامة يعني جميعهم بل امر المؤمنين بقتال الكافرين كما قال تعالى ولقد اتينا موسى الكتاب ومن بعد ما اهلكنا القرون الاولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ثم قال جل وعلا وجعلنا ابن مريم وامه اية واويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين يقول جل وعلا وجعلنا ابن مريم وامة. يعني اوجده وهذا بعد موسى. لان ابن مريم هو اخر الانبياء وبينه وبين نبينا صلى الله عليه وسلم قرابة ست مئة سنة فقط ولم يكن بينه وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نبي كما صح بذلك الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم انا اولى بعيسى ابن مريم وذلك انه لم يكن بيني وبينه نبي قال وجعلنا ابن مريم وامه اية. ابن مريم هو عيسى ابن مريم وامه كذلك لعلهم اية قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليهم السلام انه جعلهما اية للناس. اي حجة قاطعة على على ما يشاء فانه خلق ادم من غير اب ولا ام وخلق حواء من ذكر بلا انثى وخلق عيسى من انثى بلا ذكر وخلق بقية الناس من ذكر وانثى فهو اية وعلامة ودليل واضح على قدرة الله جل وعلا وانه يفعل ما يشاء ومن كان بهذه المثابة على كل شيء قدير يخلق انسان من غير اب ويخلق انسان من غير اب ولا ام ويخلق امرأة من غير اب ويخلق ايضا انسانا من اب وام ان ذلك على كل شيء قدير. وانه مستحق ان يعبد وحده لا شريك له. وانه قادر على بعث الانسان وانشائه واخراجه يوم يوم القيامة للجزاء والحساب قال واويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين. قال الطبري اويناهما اي ضممناهما وصيرناهما الى ربوة الى مرتفع من الارض على ما حوله وقال ابن كثير اوينهما الى ربوة ذات قرار ومعين قال الضحاك عن ابن عباس الربوة المكان المرتفع من الارض وهو احسن ما يكون فيه النبات. وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة اه واختلفت عبارات العلماء هنا الحكم قبل ذلك يقول ابن عباس ذاتي قرار يعني ذات خصب ومعين يعني ماء طاهرا وقال مجاهد ربوة مستوية. وقال سعيد بن جبير ذات قرار ومعين استوى الماء فيها وقال مجاهد وقتادة ومعين الماء الجاري. يعني هذا تفسير للمعنى الربوة وهي المكان المرتفع ذات قرار يعني ذات خصب وذات استواء وقرار يقر عليها الانسان ومعين اي ذات ماء كثير جار معين اه قال ابن كثير ثم اختلف المفسرون في مكان هذه الربوة في اي ارض هي فقال عبدالرحمن بن زيد يعني هنا خلاف المفسرين اين كانت هذه الربوة التي اوى الله اليها ابن مريم وامه وظمهما اليهما وسيرهم اليها فقال بعض المفسرين آآ وهو عبدالرحمن بن زيد قال اليس الربا الا بمصر والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى. ولولا الربى غرقت القرى. وروي عن وهب ابن منبه نحو هذا ثم تعقب ابن كثير هذا القول وقال وهذا غريب وهذا بعيد جدا لان موسى ما كان في مصر وانما كان في بيت المقدس في الشام في فلسطين قال ثم قال وقال ابن ابي حاتم واورد قول سعيد ابن المسيب في قوله وعويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين قال هي دمشق روي عن عبد الله بن سلام والحسن وزيد بن اسلم وخالد بن معدان نحو ذلك يعني الى ربوة ذات قرار ومعين انها دمشق و ايضا روى ابن ابي حاتم عن ابن عباس قال ذات قرار ومعين انهار دمشق وجاء مجاهد ايضا انه قال اواويناهما الى ربوة قال عيسى ابن مريم وامه حين اويا الى غوطة دمشق وما حولها والغوطة بضم الغين هي اسم هي اسم لبساتين هي اسم البساتين والمياه التي عند دمشق آآ روى عبد الرزاق عن ابي هريرة بقوله تعالى اه الى روبوت ذات قرار ومعين اه قال هي الرملة من فلسطين ذكر حديثا في ذلك لكنه ضعيف وغريب جدا اه ان قال عن مرة البهزي قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لرجل انك ميت بالربوة قال فمات بالرملة لكن هذا الحديث قال عنه ابن كثير غريب جدا وقد رواه ابن ابي حاتم ثم قال ابن كثير مرجحا واقرب الاقوال في ذلك ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله واويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين قال المعيون الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله تعالى فيه قد جعل ربك تحتك سريا وكذا قال الضحاك وقتادة الى ربوة ذات قرار ومعين هو بيت المقدس فهذا والله اعلم هو الاظهر لانه المذكور في الاية الاخرى والقرآن يفسر بعضه بعضا وهو اولى ما يفسر به ثم الاحاديث الصحيحة ثم الاثار اذا رجح ابن كثير ان معنى قوله ذات الى ربوة ذات قرار ومعين انها بيت المقدس انها بيت المقدس وهذا حق وهذا هو اظهر الاقوال لماذا؟ لان الله جل وعلا قد ذكر قصة مريم اه في سورة مريم وانها يعني كانت وذكر قصة اه آآ انها كفلها زكريا وزكريا كان في بيت المقدس وكانت تخدم بيت المقدس فهي في بيت المقدس. وجاءها وحملت وهي في بيت المقدس وولدت في بيت المقدس فما هناك دليل على انها انتقلت هي وابنها الى مكان اخر ولهذا يقول الله جل وعلا في سورة مريم وهذا يعني يوضح ويبين آآ صحة هذا القول قال جل وعلا واذكروا في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا مكان شرق بيت المقدس فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا. قالت انى يكون لغلام ولم يمسسنى بشر ولم اك بغيا كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس ورحمة منا وكان امرا مقضيا. فحملته انتبذت به مكانا قصيا فاجاءها المخاض الى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسية فناداها من تحتها الا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا. وهذا ما احتج به ابن كثير. ان السري هو النهر ربط ذات قرار ومعين يعني معين ماء جاري وهو النهر فهذا هو ما حصل مريم وكانت في بيت المقدس اذا فهي في بيت المقدس والربوة يعني مكان مرتفع وذلك انها لما جاء يعني انتبذت من اهلها مكانا قصيا يعني بعيد شرق بيت المقدس واتخذت مكانا مرتفعا مكانا مرتفعا ربوة مرتفع يعني اتخذ من دونهم حجاب واتخذت موضعا في مكان مرتفع ولكن مع ذلك اجرى الله فيه معين نهرا اجرى الله نهرا اه تحت مريم او عند مريم تشرب منه وهي في ذلك المكان آآ المرتفع وهذا من عناية الله عز وجل بمريم وبابنها. ثم قال جل وعلا يا ايها يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون. فتقطعوا امرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فدرهم في غمرتهم حتى حين ايحسبون ان ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون يقول ابن كثير يأمر الله يأمر تعالى عباده المرسلين عليهم الصلاة والسلام اجمعين بالاكل من الحلال والقيام بالصالح من الاعمال فدل هذا على ان الحلال عون على العمل الصالح. فقام الانبياء عليهم السلام بهذا اتم القيام وجمعوا بين كل خير قولا وفعلا ودلالة ونصحا فجزاهم الله عن العباد خيرا ثم قال اورد قول الحسن البصري قال الحسن البصري في قوله يا ايها الرسل كلوا من الطيبات قال اما والله ما امروا باصفركم ولا احمركم ولا حلوكم ولا حامظكم ولكن قال انتهوا الى الحلال منه. يعني ما اللون الاصفر والبرتقال مثلا او اللون الاحمر آآ كذا لا قيل لهم انتهوا الى الحلال هذه الطيبات الحلال يا ايها الناس كلوا من الطيبات يعني من الحلال فامروا باكل حلال فاكلوا منه وليس نوعا محددا من انواع الفاكهة والطعام فقال سعيد ابن جبير والضحاك كلوا من الطيبات اي من الحلال وقال ابو اسحاق السبيعي عن ابي ميسرة عامر ابن شرحبيل كان عيسى يأكل من غزل امه آآ اذا امر الله الرسل بان يأكلوا من الطيبات. وان يعملوا صالحا قال ابن كثير وفي الصحيح وهو في صحيح البخاري ما من نبي الا رعى الغنم قالوا وانت يا رسول الله؟ قال نعم كنت ارعاها على قراريط لاهل مكة اذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من كسب يده يرعى الغنم ويأكل من كسب يده وقال وبالصحيح ان وهو في صحيح البخاري ومسلم ان داود عليه السلام كان يأكل من كسب يده كان يأكل من كسب يده اذا الاكل من كسب اليد شيء عظيم وهو من الطيب وهو من الطيبات يعني اذا اكل الانسان من كسب يده وكان يعني كسبه بالحلال ما ارتكب امرا محرما ونوع الكسب فيما احل الله واباح فهذا من الطيبات هذي من الطيبات من المباح الحلال الذي احله الله عز وجل. وهو من اجل الاعمال ان يأكل الانسان من كسب يده آآ قال آآ قال ابن كثير ثم ذكر حديث ضعيفا اه لا لسنا بحاجة الى ذكره لكن قال وقد ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي ومسند الامام احمد واللفظ له من حديث فضيل ابن مرزوق عن عدي ابن ثابت عن ابي حازم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال آآ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس ان الله طيب لا يقبل الا طيب يبقى وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. فقال يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم. وقال يا ايها الذين امنوا كلوا من طيباته ما رزقناكم. هذا وجه ان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وهذا قد امر به الرسل كما هنا نعم كما في قوله يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا نعم كما هنا في هذه الاية. يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني مما تعملون عليم قال في الحديث ثم ذكر الرجل يطيل السفر اغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام يمد يديه الى السماء يا رب يا رب فانى يستجاب لذلك كيف يستجاب له؟ دليل ان اكل الحرام من اسباب منع اجابة الدعوة ومنع اجابة الدعاء ولهذا لما قال سعد يا رسول الله اسأل الله ان اكون مستجاب الدعوة قال يا سعد اطب مطعمك تجب دعوتك تجب دعوتك. وهذا الذي امر الله به الرسل لانه اطب مطعمك يعني اجعله طيبا. وهو ما امر الله به رسله كلوا من الطيبات وهو ايضا ما امر به عباده المؤمنين يا ايها الذين امنوا كونوا من طيبات ما رزقناكم قد افاد ابن جرير في تنبيهه على فيما مر معنا قال قال فدل هذا على ان الحلال عون عن العمل الصالح هي اكل الحلال يا اخي عون على العمل الصالح يعينك ييسر الله عز وجل امورك لكن تجد الذي يأكل الحرام ويشتغل في الحرام تتلكأ عليه اموره في الغالب ويحصل له سوء الحال وضيق الحال اه يعني اه الامراظ والاعراظ فالانسان يتقي الله يطيب مطعمه ويقتصر على ما احل الله له. وفي ذلك غنية وكفاية بل سيكون ذلك عونا له على طاعة جل وعلا ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد