بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد سبق معنا في الدرس السابق قوله جل وعلا افلم يتدبروا ان جاءهم ما لم يأت اباءهم الاولين ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون؟ ام يقولون به جنة بل جاءهم بالحق واكثرهم للحق كارهون وقلنا ان هذا ان الله انكر عليهم فقوله افلم يتدبروا استفهام انكار فالله ينكر على كفار قريش انهم لم يتدبروا القول وهو القرآن الذي انزل عليهم فلم يتفهموه ولم يعقلوا معناه ويتأملوا فيه اه ثم قال منكرا عليهم ام جاءهم ما لم يأت اباءهم الاولين قلنا ان ام هنا بمعنى بل وهي المنقطعة ام هنا المنقطعة وهي بمعنى بل مع الهمزة بل اجاء اجاءهم ما لم يأت اباءهم الاولين وكان ذلك يعني مدعاة او عذرا او نوع عذر الا يعملوا بهذا القرآن ثم قال ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون او لم يعرفوا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاءهم بهذا القرآن فقالوا هذا رجل غريب ولا ندري ولا ندري صدقه من كذبه لا بل يعرفونه حق المعرفة وانه صادق امين وثم قال ام يقولون به جنة بل ايقولون به جنة اي بالنبي صلى الله عليه وسلم يقولون به جنون وانه مجنون وهذا الكلام الذي جاء به هذا من اثار فلا يقبل منه لانه مجنون وكلامه كلام مجنون. والجواب لا ولهذا قال بل جاءهم بالحق واكثرهم الحق كارهون بل جاءهم صلى الله عليه وسلم بالحق بالقرآن بالكلام من بالقرآن الذي هو كلام الله من عند الله جل وعلا وفيه الحق ويبين الحق وهو حق بنفسه والحق احق ان يتبع ولهذا قال جل وعلا بل جاءهم بالحق واكثرهم للحق كارهون اكثر هؤلاء للحق كار يكرهون الحق ولا يريدونه قال ابن كثير رحمه الله ام يقولون به جنة يحكي قول المشركين عن النبي صلى الله عليه وسلم انهم كانه تقول القرآن اي افتراه من عنده او ان به جنونا لا يدري ما يقول. واخبر عنهم ان قلوبهم لا تؤمن وهم يعملون وهم يعلمون بطلان ما يقولونه في القرآن فانه قد اتاهم من كلام الله ما لا يطاق ولا يدافع. وقد تحداهم وجميع اهل الارض ان يأتوا بمثله فما استطاعوا ولا يستطيعون ابد الابدين. ولهذا قال بل جاءهم بالحق واكثرهم بالحق كارهون. يحتمل ان تكون هذه جملة حالية اي بلوى ومعنى الكلام اي في حال كراهة اكثرهم للحق ويحتمل ان تكون خبرية مستأنفة والله اعلم وكل ذلك يعني ممكن والحال انه جاءهم بالحق واكثرهم الحق كارهون او انه اخبر انه جاء بالحق وهم واكثرهم الحق كارهون ثم قال جل وعلا ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكر معرضون يقول جل وعلا لو اتبع الحق اهواء هؤلاء كفار قريش بل وغيرهم من الناس لو اتبع الحق لو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض لان اهواءهم باطلة فاسدة ما تصلح لاصلاح الدنيا والاخرة لا يصلح ذلك الا قول الله جل وعلا وما جاءت به رسله ولهذا يقول ابن كثير رحمه الله ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن قال مجاهد وابو صالح والسدي الحق هو الله. يعني لو اتبع الحق لو اتبع الله اهواءهم التي يريدون واقوالهم لفسد السماوات قال قال مجاهد وابو صالح والسدي الحق هو الله عز وجل. والمراد لو اجابهم الله الى ما في انفسهم من الهوى وشرع الامور على وفق ذلك لفسدت السماوات والارض ومن فيهن اي لفساد اهوائهم واختلافها كما اخبر عنهم في قوله لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم. ها هذه اهوائهم. هذا ما يريده ثم قال اهم يقسمون رحمة ربك هذا استفهام على سبيل الانكار وقال تعالى قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي. اذا اذا لامسكتم خشية الانفاق. وكان الانسان وقتورا وقال ام لهم نصيب من الملك؟ فاذا لا يأتون الناس نقيرا ففي هذه ففي هذا كله يبين عز وجل يبقى ففي هذا كله تبين عجز العباد واختلاف ارائهم واهوائهم. وانه تعالى هو الكامل في جميع صفاته واقواله وافعاله وشرعه وقدره وتدبيره لخلقه تعالى وتقدس. فلا اله غيره ولا رب سواه. ثم قال بل اتيناهم بذكرهم يعني القرآن فهم عن ذكري عن ذكرهم معرضون فهم عن ذكرهم وموعظتهم التي جاءهم الله جل وعلا معرضون عنها معرضون عنها غير قابلين لها. قال جل وعلا ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن ايظا فسد فسد فسدت السماوات والارض لان الذنوب تفسد الارظ ويسعون في الارض فسادا الا انهم هم مفسدون وكذلك يفسدون من في السماوات والارض لانهم يتبعون الاهواء والضلال في السماوات والارض ومن فيهن لا يصلحهن الا كلام رب العالمين سبحانه وتعالى ثم قال بل اتيناهم بذكرهم اضرب عن الكلام السابق فاخبر انه اتاهم بذكره بذكرهم وهو القرآن وسماه ذكرا لهم ذكرهم يعني ليتعظوا به فهو ذكر لهم انزله الله لهم ليتذكروا ويتعظوا به فاسنده اليهم بهذا الاعتبار فهم عن ذكرهم معرضون فهؤلاء القوم عن ذكرهم وما يكون فيه تذكير لهم وعظة معرضون منصرفون مبتعدون متولون لا يأخذون بما فيه ثم قال جل وعلا ام تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين وام هنا ايضا هذا استفهام انكاري وآآ ام هنا هي المنقطعة وتقدير الكلام اي ما تسألهم خرجا فيعتذرون بالاعراض عنك لاجل لاجله شحا باموالهم فانت ما تسألهم خرجا والخرج والخراج هو العطاء والاجر يعني انت لا تسألهم مالا على دعوتك لهم قال ابن كثير رحمه الله ام تسألهم خردا؟ قال الحسن اجرا. وقال قتادة جعلا فخراج ربك خير اي انت لا تسألهم اجرا ولا جعلا ولا شيئا على دعوتك اياهم الى الهدى. بل انت في ذلك عند الله جزيل ثوابه كما قال تعالى قل ما سألتكم من اجر فهو لكم. ان اجري الا على الله. وقال تعالى قل ما اسألكم عليه من اجر. وما انا من المتكلفين. وقال جل وعلا قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى وقال وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قومي اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم اجرا وهم مهتدون. اذا هذه حال الانبياء فكان يعني انت ما تسألهم خرجا ولا مالا ولا اجرا ولا عطاء على دعوتك اياهم بل انت ترجو ما عند الله ولهذا قال فخراج ربك خير خراجه واجره وثوابه وعطاؤه لك خير من عطائهم وهو خير الرازقين جل وعلا فهو خير الرازقين واعظم الرازقين واغنى الرازقين واكرم الرازقين سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا وانك لتدعوهم الى صراط مستقيم قال ابن كثير قال الامام احمد وساق عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد احدهما عند رجليه والاخر عند رأسه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل امتي فقال ان مثل هذا ومثل امتي كقوم كمثل قوم سفر يعني مسافرين انتهوا الى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة من فاز الصحراء الواسعة ولا ما يرجعون به فبينما هم كذلك اذ اتاهم رجل في في حلة حبرة والحبرة يعني البرد المخطط فقال ارأيتم ان وردت بكم رياضا معشبة وحياظا رواء تتبعوني؟ فقالوا نعم. قال فانطلق بهم فاوردهم رياظا معشبة وحياظ الرواء فاكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم الم الفكم على تلك الحال فجعلتم لي ان وردت بكم رياضا معشبة وحيابا روائا تتبعوني؟ قالوا بلى. قال فان بين ايديكم رياضا اعشب من هذه وحياضا هي اروى من هذه فاتبعوني قال فقالت طائفة صدق والله لنتبعن تبعن وقالت طائفة قد رضينا بهذا نقيم عليه هكذا اورد هذا الاثر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ضعيف كما قال الارناؤوط كون قال محقق مسند الامام احمد قالوا ضعيف لضعف علي ابن زيد ابن جدعان وليني يوسف ابن مهران اذا في ضعف لكن نحن اوردناه كما اورده ابن كثير ولننبه على عدم صحة اسناده ثم اورد ايضا ما رواه الحافظ ابو يعلى اا عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني ممسك بحجزكم اني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني وتقاحمون فيها معنى تقحمون يعني تقعون فيها وتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فاوشك ان ارسل حجزكم وانا فرطكم على الحوض وانا فرطكم يعني تجدني امامكم وانا فرطكم على الحوض فتردون علي مع فتلدون علي معا واشتاتا يعني تريدون مع بعضكم وتردون متفرقين بعضكم مع بعض وبعضكم متفرقين تعرفكم باسماكم واسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الابل في ابله فيذهب فيذهب بكم ذات الشمال فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فاناشد فيكم رب العالمين اي رب قومي اي ربي لامتي فيقال يا محمد انك لا تدري ما احدثوا بعدك. انهم كانوا يمشون بعدك القهقرة. وعلى اعقابهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا اعرفن احدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها فغاء ينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك من الله شيئا بلغت ثم قال ولا اعرفن احدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء ينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك شيئا قد بلغت. ولاعرفن احدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة صوتها فينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك شيئا قد بلغت ولاعرفن احدكم يأتي يوم القيامة يحمل سقاء من ادم ينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك شيئا قد بلغت قال ابن كثير وقال علي ابن المديني هذا حديث حسن الاسناد الا ان حفص بن حميد مجهول لا اعلم روى عنه غير يعقوب عن غير يعقوب بن عبد الله الاشعري القمي قال ابن كثير قلت بل قد روى عنه ايضا رواه عنه ايضا اشعث ابن اسحاق وقال فيه صالح ووثقه النسائي وابن حبان وهذا الحديث له شاهد في الصحيح في البخاري ومسلم وغيرهما وله ايضا يعني لبعضه شواهد ببعضها شواهد كما بل هي شواهد في الصحيحين في البخاري ومسلم ناهيك عن غيرها من مراجع السنة كمسند الامام احمد وغيره ولهذا اورده مسلم من حديث ابي هريرة واورد جزءا منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش ايقاعنا فيه. فانا اخذ بحجزكم وانتم تقتحمون فيه ونحو ايضا عند البخاري فالحاصل ان الله سبحانه وتعالى بين في هذه الاية الكريمة ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا امته وان امته لا يستجيبون له ليس كلهم يستجيب وانهم ينصرفون ذات اليمين وذات الشمال آآ عند الحوض لكن هذا وفق اعمالهم التي عملوها في الدنيا فلما اخذوا في الدنيا ذات اليمين وذات الشمال عن الحق وعن هدي النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك جزاؤهم ومصيرهم يوم القيامة وهذا يدل على تحريم البدع فيجب الحذر منها لانها اخذ ذات اليمين وذات الشمال عن شرع محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبها محجوب من الجنة يقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك اقتطعوا من دون النبي صلى الله عليه وسلم فيقول يا ربي امتي امتي امتي فيقول انك لا تدري ما احدثوا بعدك. ما زالوا يرتد القه القهقرة ما زالوا يرتدون على اعقابهم القهقرة يعني يتركون دينك وسنتك ثم قال سبحانه وتعالى مزكيا لنبيه ومثنيا عليه وانك لتدعوهم الى صراط مستقيم انت تدعوهم الى طريق الحق الى طريق النجاة الى سواء السبيل وقصده الى الطريق الذي يوصل الى الجنة وينجي من النار ثم قال جل وعلا وان وان الذين لا يؤمنون بالاخرة عن الصراط لناكبون. يعني انت تدعوهم الى صراط مستقيم الى الصراط الذي لا اعوجاج فيه لكن الذين لا يؤمنون بالاخرة ولا يؤمنون بالبعث والنشور والمجازات والوقوف بين يدي الله جل وعلا لا عن الصراط المستقيم الذي تدعوهم اليه وهو طريق الجنة والمحجة الموصلة الى الله لناكبون اي عادلون عادلون يعدلون عن هذا ويتنكبون الطرق الهداية ولا يتبعونها قال ابن كثير وان الذين لا يؤمنون بالاخرة عن السرى عن الصراط الى ناكب اي لعادلون حائرون منحرفون تقول العرب نكب فلان عن الطريق اذا عنها ثم قال جل وعلا ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون قال ابن كثير يخبر تعالى عن عن غلظهم في كفرهم بانه بانه لو ازاح على لهم وافهمهم القرآن لمن قادوا له. ولا استمروا على كفرهم وعنادهم وطغيانهم كما قال تعالى ولو علم الله فيهم خيرا لا اسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون وقال ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون. وقالوا ان هي الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين. فهذا من باب بعلمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف كان لو كان كيف كان يكون قال ابن قال الضحاك عن ابن عباس كل ما فيه لو فهو مما لا يكون ابدا. هذي قاعدة جيدة عطاها ابن عباس كل ما كان فيه لو يشير الى قوله ولو رحمناهم فهو مما لا يكون ابدا قال جل وعلا ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر قال المفسرون الظر هو القحط والجدب وضر الجوع والهزال الذي اصابهم ولهذا دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال اللهم اجعلها عليهم كسني يوسف فنزلت بهم شدة فيقول الله جل وعلا لو رحمناهم فكشفنا ما بهم من الضر والجدب والقحط فاغنيناهم للجوا في طغيانهم نعمهون للجوا قال الشوكاني اصل اللجاج التمادي في العناد ومنه اللجة بالفتح لتردد الصوت ثم قال ولجة البحر تردد امواجه ولجة الليل تردد ظلامه ولهذا قال ابن عباس لو تكونوا ايش مر معنا قريبا انها تكون فيما لا يفعل لو في القرآن كما قال ابن عباس كل ما فيه لو فهو مما لا يكون ابدا للجوا في طغيانهم طغيانهم يعني تجاوزهم للحدود وكفرهم بل بلغوا فيه مبلغا كبيرا للجوا في طغيانهم يعمهون يعني يتحيرون ويترددون فلا يهتدون ولا يخرجون منه ولهذا بين الله جل وعلا ان القوم قد بلغوا في الكفر مبلغا وتجاوزوا الحدود فهم لا لا يرعون ولا يستجيبون للحق ثم قال جل وعلا ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون حتى اذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد اذا هم فيه مبلسون قال الطبري ولقد اخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا وانزلنا بهم بأسنا وسخطنا وضيقنا عليهم معايشهم واجدبنا بلادهم وقتلنا سراتهم يعني كبراءهم يوم بدر فما استكانوا فما خضعوا لربهم فينقادوا لامره ونهيه وينيب الى طاعته وما يتضرعون وما يتذللون ونحو قول ابن كثير قال يقول تعالى ولقد اخذناهم بالعذاب اي ابتليناهم بالمصائب والشدائد. فما استكانوا لربهم اي فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة بل استمروا بل استمروا على غيهم وضلالهم فما استكانوا اي ما خشعوا وما يتضرعون اي ما دعوا كما قال تعالى فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ثم اورد اثر بن ابي حاتم عن ابن عباس قال جاء ابو سفيان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد انشدك الله والرحم فقد اكلنا العلهز والعلهز بالكسر طعام كانوا يتخذونه من الدم ووبر البعيد ووبر البعير فيس سني المجاعة يعني يضعون دما على وبر البعير ويأكلونه وهذا لا يصيرون الا اليه الا في شدة الجوع الذي يحل بهم وينزل بهم الله جل وعلا اخذهم بهذا ليرجعوا ويتوبوا. قال ابن كثير وهكذا رواه النسائي وعصر هذا الحديث في الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال اللهم اعني عليهم بسبع كسبع يوسف يعني بسبع سنوات مثل السبعة التي دعا بها يوسف على قوم فرعون فاخذتهم الشدة وفعلا حصلت لقريش حتى اكلوا الجلود ولكن مع ذلك ما رجعوا الى الحق وما اتعظوا والواجب على الانسان اذا مسه العذاب او مسته الضراء ان يرجع الى الله جل وعلا كما اخبر جل وعلا في كتابه الكريم قال فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا لانهم لو تضرعوا لاوشك ان يرفع الله عنهم العذاب فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا او قبل ذلك قال ولقد ارسلنا الى امم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والظراء لماذا؟ لعلهم يتضرعون يخشعون ويخضعون لله جل وعلا ويدعونه وينيبوا اليه فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون ولهذا قوله ما استكانوا الاستكانة هي الخضوع مشتقة من السكون والتضرع هو الدعاء بتذلل فما ما استكانوا يعني ما خضعوا لامر الله وما سكنوا اليه وما ذلوا له وما يتضرعون ايضا لا يدعون الله ولا يتذللون له فهم معرضون متكبرون عن الحق ناكبون عنه ولذلك حل بهم ما حل قال حتى اذا فتحنا عليهم بابا من السماء باب ان ذا عذاب سليم اذا هم فيه مبلسون الى الباب قيل هو القتال يوم بدر يعني معركة بدر التي فتحها الله عليهم قتل كبراءهم ورؤساهم سبعين منهم واسر سبعين وهزموا شر هزيمة وهذا قول ابن عباس وقال مجاهد ما من ذا عذاب شديد يعني قال هو باب المجاعة والظر وهو الباب ذو العذاب الشديد. وقال الطبري وهو اولى بتأويل الاية قال ابن كثير رحمه الله حتى اذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد اذا هم فيه مبلسون. اي حتى اذا جاءهم امر الله. وجاءتهم الساعة بغتة واخذهم من عقاب الله ما لم يكونوا يحتسبون فعند ذلك اب ابلش من كل خير وايسوا من كل راحة وانقطعت امالهم ورجائهم لان المبلس هو كما قال الطبري الحزين قال ابلس يعني هو اليائس من الخير الحزين قال الطبري مبلسون حزنا نادمون على ما سلف منهم وقال الشوكاني مبلسون اي متحيرون لا يدرون ما يصنعون والابلاس التحير والاياس من كل خير ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد