الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة المؤمنون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون سيقولون لله قل فانى تسحرون؟ بل اتيناهم بالحق وانهم لكاذبون هذه الايات في سياق قوله جل وعلا قبلها قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولون لله قل افلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل افلا تتقون. وقد سبق الكلام عليها وبيان معناها ومما ذكرناه فيها القراءة في قوله سيقولون لله لانها جاءت في ثلاث ايات في الاية الخامسة والثمانين وفي الاية السابعة والثمانين وفي الاية التاسعة والثمانين فاما الموطن الاول فقد اتفق القراء على قراءتها بلام الجر سيقولون لله واما الموضع الثاني وهي الاية السابعة والثمانين والتاسع والثمانين فقرأوا فقرأ الجمهور سيقولون لله بحرف الجر لله كما قرأوا الموطن الاول وقرأ ابو عمرو ويعقوب سيقولون الله بدون لام الجر يقول جل وعلا قل من بيده ملكوت كل شيء هذا انكار عليهم فيقول لهم قل لهم يا نبينا من بيده ملكوت كل شيء والملكوت هنا مبالغة في الملك فالملكوت اه كما يقال الرحموت والرهبوت وما شابه ذلك والمراد به والمراد بالملكوت هنا المقترن بالتصرف في مختلف الانواع والعوالم. لذلك جاء بعده كل شيء قال ابن جرير الطبري قل من بيده ملك قل من بيده خزائن كل شيء وقال الامين الشنقيطي ملكوت فعلوت من الملك اي من بيده ملك كل شيء بمعنى من هو مالك كل شيء كائنا ما كان وقال الشيخ السعدي رحمه الله قل من بيده ملكوت كل شيء اي بيده الملك ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها اي متصرف فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا والذي نفسي بيده وكان اذا اجتهد في اليمين قال لا ومقلب القلوب فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف يعني اراد ابن كثير ان يشير الى اه عموم ملك الله جل وعلا وانه مالك كل شيء. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا والذي نفسي بيده لا ومقلب القلوب يعني القلوب ملكه ونفس النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها في ملكه وفي قبضته جل وعلا كل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. هذا دليل على كمال عظمته جل وعلى وجبروته وقوته قال ابن كثير وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون يقول كانت العرب اذا كان السيد فيهم فاجار احدا لا يغفر في جواره وليس لمن دونه ان يجير عليه لئلا يفتات عليه. ولهذا قال تعالى وهو يجير ولا يجار عليه اي وهو السيد العظيم الذي لا اعظم منه الذي له الخلق والامر ولا معقب لحكمه الذي لا يمانع ولا يخالف وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقال الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون اي لا يسأل عما يفعل لعظمته وكبريائه وقهره وغلبته وعزته وحكمته وعدله. والخلق كلهم يسألون عن اعمالهم كما قال تعالى فوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون وقال آآ الامين الشنقيطي رحمه الله وهو يجير ولا يجار عليه ان يمنعوا من شاء ولا يمنع احد منه احدا شاء ان يهلكه ولا يمنع احد منه احدا شاء ان يهلكه او يعذبه لانه قادر وحده على كل شيء وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير اذا هو يجير جل وعلا يمنع من يشاء ولا يجار عليه ولا احد يمنع احدا منه سبحانه لكمال قوته وقدرته جل وعلا ثم قال ان كنتم تعلمون ان كنتم تعلمون العلم النافع لانه جل وعلا حتى الكفار يقرون بانه جل وعلا هو الذي يجير ولا يجار عليه وهو القادر على كل شيء وهو والخالق ولكنهم يتخذون الاصنام معه لتقربهم اليه زلفى. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. قال جل وعلا سيقولون لله قل فانى تسحرون. سيقول الكفار ملكوت السماوات وكلها لله سبحانه وتعالى. فقال لنبيه قل ايا نبينا قل لهم فانى تسحرون اي كيف تسحرون؟ وهذا استفهام تعجبي فان فانى بمعنى كيف وتسحرون اي تصرفون عن الحق تصرفون عن الحق فكيف يذهب بعقولكم وتنصرفون عن الحق ولا تتبعونه مع اقراركم بانه جل وعلا بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه سبحانه وتعالى عما يصفون. ثم قال جل وعلا بل اتيناهم بالحق بل اتيناهم بالحق وانهم لكاذبون. وهذا اظراب اه انتقالي انتقل الى بيان وتقرير امر ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بل اتيناهم بالحق الذي لا مرية فيه. قال ابن كثير رحمه الله بل اتيناهم بالحق وهو الاعلام بانه لا اله الا الله واقمنا الادلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك وانهم لكاذبون اي في عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك. كما قال في اخر السورة ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له اهو به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون. فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم اله فيه من الافك والضلال وانما يفعلون ذلك اتباعا لابائهم واسلافهم الحيارى الجهال كما قال الله عنهم انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون فقد بين رحمه الله بيانا شافيا كافيا ان الله سبحانه وتعالى اتى بالحق الذي لا مرية فيه واقام عليه الدلائل ولكنه وانهم وانهم هم فيما يقولون من جعل الشريك وعبادة غير الله من جعل الشريك لله وعبادة غير الله لكاذبون اشد الكذب فماذا فلا دليل عندهم على ذلك؟ وانما يتبعون اهواءهم وانما يستجيبون للشيطان. والشيطان يؤزهم على ذلك ولا لهم واملى لهم في ذلك انما يصدرون عن اتباع الشيطان ولا يصدرون عن اتباع الحق. ثم قال جل وعلا ما اتخذ الله من ولد. قال جل وعلا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله نعم ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون. عالم الغيب والشهادة فتعال عما يشركون ما اتخذ الله من ولد هذا نفي للولد عن الله جل وعلا لانهم زعموا ان الملائكة بنات الله وكذلك اليهود زعموا ان المسيح ان عزير ابن الله والنصارى زعموا ان المسيح ابن الله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وهذا كقوله جل وعلا لم يلد ولم يولد فالله جل وعلا ما اتخذ من ولد لانه الغني عن كل احد وكل احد محتاج اليه لان من اتخذ الولد او كان له ولد فهو محتاج اليه ولابد ان يكون له والد والله جل وعلا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا فهو احد فرد صمد قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وما كان معه من من اله وهنا نفى المشاركة ونفى ان يكون معه الهة اخرى ثم قال اذا لذهب كل اله بما خلق ولا على بعضهم على بعض قال الامين الشنقيطي رحمه الله ان الله جل وعلا في هذه ذكر في هذه الاية ثلاث مسائل نفي الولد عنه جل وعلا ونفي الشريك له وابطال او اقامة البرهان على عدم تعدد الالهة واقامة البرهان على عدم تعدد الالهة فقال جل وعلا وما كان معه من اله وهذا مقرر في ايات كثيرة كما في قوله جل وعلا اعبدوا الله ما لكم من اله غيره في ايات كثيرة من كتاب الله جل وعلا. قال جل وعلا اذا لذهب كل اله بما خلق. لو كان معه الهة كما تقولون اذا لذهب كل اله بما خلق واستقل كل اله بخلقه الذي خلق. وادى ذلك الى التنازع والى اختلال الملك واختلال عالم السماوات والارض ولكن الامر على خلاف ذلك فهي متسقة لا يعارض شيء منها شيئا ولا يعني يتصادم شيء مع شيء لان المصرف له هو الله وحده لا شريك له ومن ليس معه الهة اخرى تضاده او تأمر بغير امره او تعترض على امره سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. قال ابن كثير رحمه الله عزه تعالى نفسه عن ان يكون له ولد او شريك في الملك. فقال تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله. اذا لذهب كل اله ما خلق ولا على بعضهم على بعض اي لو قدر تعدد الالهة لانفرد كل منهم بما يخلق فما كان ينتظم وجود والمشاهد ان الوجود منتظم متسق. كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ثم لكان كل منهم يطلب قهر الاخرين يعني لو كان معه الهة ثم لكان كل منهم يطلب قهر الاخرين وخلافه فيعلو بعضهم على بعض انتهى كلامه رحمه الله. اذا هذا ما يسميه العلماء او المتكلمون دليل التمانع جميل دليل التمانع. وقد اشار اليه ابن كثير آآ ولكن دلالة القرآن اقوى واوضح وابين ولهذا قال الامين الشنقيطي في اضواء البيان قال ولم نتعرض لما يسميه المتكلمون دليل التمانع دليل التمانع لكثرة المناقشات الواردة على اهل الكلام فيه وانما بينا الايات على طريق الاستدلال القرآني بها فافاد واجاد رحمه الله اذا لو وما كان معه اله اذا لو كان معه اله كما تقولون لذهب كل اله بما خلق بخلقه لانه اله متصرف مستقل فذهب كل اله بخلقه وادى ذلك الى التصادم والى اه التعارض. قال جل وعلا ولعلى بعضهم على بعض اه اي لعلى بعض هذه الالهة على بعضهم الاخر كما قال ابن كثير قال او يعني ذكر كلاما عاما قال وما جاء هذا المحال الا من فرض التعدد يعني فرض التعدد الالهة فيكون محالا فاما ان حصل مراد احدهما دون الاخر كان الغالب هو الواجب والاخر المغلوب ممكنا والاخر المغلوب لانه لا يليق بصفة الواجب ان يكون مقهورا ولهذا قال ولعلى بعضهم على بعض. يعني والمراد على هنا المغالبة. قال القرطبي اي ولغالب وطلب القوي ضعيفا كالعادة بين الملوك وكان وكان الضعيف المغلوب لا يستحق الالوهية اذا ولعلى بعضهم على بعض تغالبوا وغلب بعضهم بعضا وكل واحد منهم يحاول ان يغلب الاخر ويعلو عليه تعالى الله عن قال ولهذا قال بعده سبحان الله عما يصفون سبح اي نزه نفسه لان التسبيح هو التنزيه والتبرئة لله جل وعلا عن كل نقص وعيب مع تعظيمه جل وعلا سبحان الله عما يصفون فما يصفونه به هو ما يصفونه من الشريك والولد واثبات ذلك له فتعالى الله وترفع وتنزه عما يصفونه به من الكذب والباطل من ادعاء الولد له وشريك. ثم قال جل وعلا عالم الغيب عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون آآ قرأ فرأى الجمهور عالم بالضم على انه مستأنف وان الكلام كلام مستأنف جديد وقرأ ابن كثير وابن عامر وابو عمرو وحفص عن عاصم بجر الميم عالمي على انه وصف لاسم الجلال لاسم الله جل وعلا سبحان الله عالمي على ان عالم وصف صفة لله جل وعلا الله اسم الله مجرور وصفة المجرور مجرورة وبينما قرأ آآ نافع انا قلت للجمهور وهو في الحقيقة قراءة نافع وحمزة والكسائي وابو بكر عن عاصم انهم قرأوه عالم الغيب والشهادة على انه مبتدأ او على انه خبر لمبتدأ هو عالم الغيب والشهادة او عالم او على انه مبتدع. عالم الغيب والشهادة. فالغيب هو كل ما غاب عن الحواس الخمس ولكن والغيب غيبان غيب مطلق وغيم نسبي. فالنسبي غيب لاناس دون اناس. والمطلق هو الغيب الذي لا يعلمه الا الله جل وعلا. فالله جل وعلا الا عالم الغيب وهو ما غاب عن الناس وايضا هو عالم الشهادة الشيء المشاهد آآ الحاضر فهو يعلم ذلك كله جل وعلا وقد احاط به علما هذا دليل على كماله وجلاله وقدرته سبحانه وتعالى وانه هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له دون من سواه لكمال علمه واحاطته بكل شيء بخلاف من زعموه من الالهة شريكا له فانها اما ان تعلموا علما نسبيا ولا تعلموا شيئا من الغيب او انها لا ايظا لا تعلم شيئا كالجمادات والحجارة ونحوها ثم قال جل وعلا فتعالى عما يشركون فتعالى اي تقدس عن اشراكهم به. قال ابن كثير فتعالى اي عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد او الشريك علوا كبيرا اه ثم قال فتعالى عما يشركون اي تقدس وتنزه وتعالى وعز وجل عما يقول الظالمون والجاحدون. لانهم قالوا ان له ولد وان له شريك. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرة وهذا دليل على ان الشرك من اقبح الذنوب واعظمها جرما. ولهذا ينزه الله جل وعلا نفسه عن ذلك فاذا جاء ذكره مرارا وتكرارا لان هذا من اظلم الظلم واجهل الجهل عدم معرفة عظمة الله وقدرته. فاللائق ان يسبح وينزه جل وعلا عن مثل هذه الاقوال الخبيثة عن هذه الافعال الردية. ثم قال جل وعلا قل ربي اما تريني ما يوعدون. يقول الله عز وجل كما يقول ابن كثير قال يقول وتعالى امرا نبيه محمدا صلى الله عليه واله وسلم ان يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم ربي اما تريني ربي اما تريني ما يوعدون اي ان عاقبتهم واني شاهد لذلك فلا تجعلني فيهم كما جاء في الحديث الذي رواه الامام احمد والترمذي وصححه قال النبي صلى الله عليه وسلم لدعائه واذا اردت بقوم فتنة فتوفني اليك غير مفتون وهذا حديث قال عنه الترمذي حسن صحيح ونقل تصحيح البخاري له وان البخاري قال صحيح واذا صححه الالباني في صحيح اه الترمذي اذا بين ابن كثير رحمه الله ان الله امر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقول حينما يرى ما يوعدون لان الله وعد هؤلاء وتوعدهم بالعذاب الاليم وبحلول النقمات وبحلول المصائب فقال فامره ان يدعو الله اما تريني ما يوعدون يعني حينما يعني تريني حلول العذاب بهم او تبقيني الى ان يحل العذاب بهم. ربي فلا تجعلني في القوم الظالمين. ربي لا تجعلني معهم فلا تصيبني نقمتك وعذابك الذي تحله بهم وهذا دليل على وجوب الخوف من الله سبحانه وتعالى لكمال عظمته ولهذا امر نبيه اه ان يدعو الله الا يجعله مع الظالمين اذا اراد جل وعلا ان يحل عقوبته بهم والنبي صلى الله عليه وسلم موجود فلا تجعلني في القوم الظالمين بالانسانية يخاف من عقوبة الله جل وعلا وان تناله لان الله جل وعلا يقول واتقوا واتقوا فتنة لا لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وهذا ادب عظيم ينبغي للانسان ان يدعو الله اه ان يجنبه الفتن وان لا تصيبه الفتن ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يا ربي نعم واذا اردت بقوم فتنة فتوفني اليك غير مفتون هي يسأل الانسان يجنبه الله الفتن واذا اراد بعباد فتنة ان يقبضه اليه وهو غير مفتون ولا تصيبه الفتنة ولا يفتن ولا تصيبه اثار الفتنة والعقوبة التي تحل باهلها. قال جل وعلا وانا على ان نريك ما نعدهم لقادرون. بين جل وعلا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم قدرته على ان يريه العذاب الذي وعد قومه فيه فيراه بام عينه حينما تحل بهم النقمات والسخطات التي تستأصلهم ولكن الله جل وعلا لم يفعل ذلك رحمة اكراما لنبيه صلى الله عليه وسلم ورحمة بهذه الامة. فان الله لا يستأصلهم بعذاب وانما ينزل بهم شيئا من العذاب فيهلك بعضهم ويبقى اخرون لكن لا يأخذهم بعذاب عام يأتي عليهم جميعهم وهذا من الله جل وعلا بهذه الامة فكم من اناس كانوا يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم ويقفون ضده ولكن الله لم يعاجلهم في العقوبة ولهذا بقوا حتى اسلموا وامنوا وحسن اسلامهم وصاروا يدافعون عن الاسلام لو شاء لاخذهم دفعة واحدة كما كان يفعل بالامم السابقة يهلكهم جميعا ولا يبقى منهم احد وقد ذكر ابن كثير آآ ان ان انه بعد ان انزل الله التوراة على موسى ما استأصل امة جميعها لكن استأصل قوم فرعون الذي حاج موسى وادعى الربوبية لكن قبل ان تنزل عليه التوراة فلما اهلك الله نوح فرعون ومن معه واغرقهم في البحر آآ وخرج موسى من بني اسرائيل عند ذلك ذهب لميقات ربه وانزل الله عليه التوراة فبعد نزول التوراة لم ينزل عذابا استئصاليا يستأصل جميع الناس وكذلك هنا فهذا من رحمة الله جل وعلا بهذه الامة ليتوب مسيئها ويراجع. فكم من انسان تاب مما كان عليه من الجرم والضلال لانه لم يعاجل به وهذا من فضل الله جل وعلا لانه الحليم الغفور جل وعلا اه ثم قال جل وعلا معلما نبيه ومؤدبا نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الادب العظيم الذي هو من اعظم مكارم الاخلاق قال ادفع بالتي هي احسن يا نبينا ادفع بالتي هي احسن قال الطبري اي ادفع بالخلة التي هي احسن وذلك الاغظاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على اذاهم وقال اه ومر او قال ابن كثير ثم قال مرشدا له اي للنبي صلى الله عليه وسلم الى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الاحسان الى من يسيء ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة وقال تعالى ادفع بالتي هي احسن وهذا كما قال في الاية الاخرى ادفع بالتي هي احسن. فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم اي ما يلهم هذه الوصية او هذه الخصلة او هذه الصفة الا الذين صبروا اي على اذى الناس فعاملوهم بالجميل مع اسدائهم اليهم القبيح يعني يعاملون الناس بالجميل مع ان الناس يسدون اليهم القبيح قال جل وعلا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم اي في الدنيا والاخرة فهذا ارشاد عظيم والخلة قوله التي هي هذا عائد على الخصلة فادفع السيئة التي تجيك من تأتيك من الناس وهو اذاهم لك وسبهم وشتمهم واذاهم ادفعه بالخصلة التي هي احسن الخصال وهي الصبر عليهم والكف عن اذاهم وقد قال بعض اهل العلم ان هذا قد نسخ باية السيف فكان النبي صلى الله عليه وسلم في اول الامر مأمور بالاعراض عنهم وبالصفح عنهم لكن بعد ان نزلت اية السيف اه نسخ الله ذلك فامره بقتالهم والصواب ان هذه الاية محكمة وليست منسوخة. والمراد هنا حثه على حسن التعامل على من اساء اليه وهذا امر لا بد منه ولا يعني ينجح الانسان ولا يسعد في هذه الدنيا الا بهذه بهذه الطريقة لان الناس اذا اختلط الانسان بهم لهم اذى فلابد ان يقع منهم بعض الاذى. ولهذا ينبغي الانسان يعفو ويصفح يتجاوز ويتغافل حتى يعيش سعيدا وليس معنى ذلك ان الله انه اذا لم يأخذ حقه ان الله لا يأخذ له حقه يوم القيامة سيأخذ الله له حقه يوم القيامة ولكن هو يعفو ويصفح فان ذلك فيه راحة البال وفيه مصلحة الناس لا تستقيم الحياة للاستقامة طيبة الا بمثل هذا ثم قال جل وعلا اه ادع بالتي هي احسن قلنا اه انا او نقول ان قوله بالتي هي احسن السيئة. يعني ادفع السيئة بالحسنة بالخصلة التي هي احسن والسيئة المراد بها كما قال الامين الخصلة من خصال السوء ثم قال نحن اعلم بما يصفون قال الشنقيطي اي بما تصفه السنتهم من الكذب في تكذيبك وادعائهم الاولاد والشركاء لله جل وعلا فالله جل وعلا اعلم بذلك فهو عليم به. ولهذا لا احد اصبر من الله سبحانه وتعالى على اذى سمعه فانه يجعلون له الولد وهو يطعمهم ويرزقهم جل وعلا. ثم قال وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين. ارشد نبيه صلى الله عليه وسلم ان يستعيذ بالله ويستجير به من همزات الشياطين وهمزات الشياطين كما قال ابن كثير قال امره الله ان يستعيذ من الشياطين لانهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف قال وقد قدمنا عند الاستعاذة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه وآآ قال الشوكاني همزات الشياطين نزغاتهم ووساوسهم وقال الامين الشنقيطي اه الابهر نعم. قال نخساتهم لبني ادم ليحثوهم ويحظوهم على المعاصي لان الهمزة هو بمعنى النسخ بمعنى آآ بمعنى النخس باليد او نحوها. فالمراد ان همزات الشياطين يعني نقصهم لابن ادم وازهم بني ادم يحركونهم يدفعونهم آآ ليعملوا اه الامور المنكرة. ولهذا اه قال جل وعلا واعوذ بك ربي ان يحضرون اي استعذ بنا استعذ بربك ان يحظروك. قال ابن كثير اي في اي شيء من امري ولهذا امر بذكر الله في ابتداء الامور وذلك مطردة للشيطان عند الاكل والجماع والذبح وغير ذلك من الامور. ولهذا روى ابو داوود ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم آآ قال ولهذا روى ابو داوود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم اني اعوذ بك من الهرم واعوذ بك من الهدم ومن الغرق واعوذ بك ان يتخبطني عند الموت. اذا هذا من همزات الشياطين وهذا من حضور الشياطين يعني يحذر عند الانسان ويتخبطه عند الموت حاول ان يضله حتى تخرج روحه على الكفر ثم اورد ابن كثير ما رواه الامام احمد بسند صحيح كما قال الترمذي وصححه كذلك الالباني قال عن عمرو بن شعيب وعن ابيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع بسم الله اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون وهذا القدر صحيح ثم قال فكان عبد الله ابن عمر يعلمها من بلغ من ولده ان يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيرا لا يعقلها لا يعقل ان يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه ابو داوود والترمذي لكن والنسائي من حديث محمد بن اسحاق لكن ضعف الالباني هذه الزيادة فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده. ولكن لا مانع ان يعلمها الانسان حتى ولو ضعف الاسناد عن عبد الله بن ما دام ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم امر الصحابة ان يقولوا ذلك عند نومهم فالانسان يقول ذلك ويتعلمه ويعلم ابناءه ومن حوله فاحفظوا هذا الدعاء بارك الله فيكم. اللهم اني اعوذ بك من الهرم واعوذ بك من الهدم ومن الغرق. واعوذ بك ان يتخبطني الشيطان عند الموت واحفظوا ايضا قول آآ الدعاء باسم الله اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده. ومن همزات الشياطين وان يحضرون وقال الامين الشنقيطي معنى ان يحضرون المعنى اعوذ بك من ان يحضرني الشيطان في امر من امور كائنا ما كان سواء كان ذلك في وقت تلاوة القرآن او عند حضور الموت او غير ذلك من جميع الشؤون في جميع الاوقات. فالانسان يستعيذ بالله ان يحضره الشيطان. لان الشيطان عدو لدود. ويهمز ويلمز فاذا حضر الانسان اضر به فيستعيذ بالله ان يحضره الشيطان. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد