بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال اه ذكرنا في الدرس الماضي اه جملة مما يتعلق بهذه الاية الكريمة. ومن ذلك سردنا جملة من الاحاديث التي اوردها ابن كثير رحمه الله في شأن المساجد. وذكرنا ايضا تفسير الاية وهو ان الله سبحانه وتعالى قال في بيوت اذن الله ان ترفع وهي المساجد على قول كثير من المفسرين وقال عكرمة انها جميع البيوت والاول اصح ان ترفع اذن اي امر جل وعلا ان ترفع ويذكر فيها اسمه. قيل ترفع اي تبنى وقيل ترفع يعني تطهر عن كل كلام ناقص او كل امر لا يجوز وهذا هو الاظهر وان كان لا مانع ان شاء الله ان ان قوله ترفع يشمل الامرين وهو تطهيرها التطهير المعنوي فلا يذكر فيها الا ذكر الله والصلاة وتنزه عن الباطل وعن قول ما لا يليق وتنزه عن البيع والشراء وانشاد الضالة ونحوه وكذلك ايضا ترفع تبنى وفيه الحث على بناء المساجد كما اشرنا الى ذلك في بعض الاحاديث التي اوردناها في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يذكر فيها اسم الله جل وعلا قيل اسم الله وقيل المراد ذكر الله وذلك حق ومتلازم فذكر الله عز وجل لابد ان يشتمل على اسمه من قراءة القرآن والتسبيح والتحميد ونحو ذلك يسبح له فيها بالغدو والاصال ويسبح ذكرنا ان فيها قراءتين ويسبح الاصح انه يصلي كما قال ابن عباس كل تسبيح في في القرآن فهو صلاة. اي يصلي فيها في هذه المساجد بالغدو والاصال والغدو هو اول النهار اول النهار هذا هو الغدو والاصال جمع اصيل وهو العشي وهو ما بين العصر الى مغرب الشمس كما قاله الطبري والجوهري ويدل ايضا عليه القرآن كما قال جل وعلا واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين ونص كثير من المفسرين على ان اه المراد بالغدو اي صلاة الفجر والاصال صلاة العصر وهما من اهم الصلوات فان صلاة الفجر في الغدو تجتمع فيها ملائكة الليل مع ملائكة النهار وصلاة العصر تجتمع فيها ملائكة النهار مع ملائكة الليل فهذا يدل على فضل هاتين الصلاتين ولا يعني ان بقية الصلوات لا تصلى بل يجب اداء الصلوات الخمس في المساجد يسبح لها في له فيها بالغدو والاصال رجال رجال هنا مدح وثناء على هؤلاء الذين يصلون الفجر والعصر وسائر الصلوات في المساجد ثناء عليهم بانهم رجال قال ابن كذيب فيه اشعار بهممهم السامية ونياتهم وعزائمهم العالية التي صاروا بها عمارا للمساجد التي هي بيوت الله في ارضه ومواطن عبادته وشكره وتوحيده وتنزيهه. كما قال تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقوله رجال على التفسير السابق يصلي له وقت الغدو ووقت الاصال رجال قال بعض اهل العلم فيه دليل ان هذا خاص بالرجال واما النساء فالافضل لهن ان يصلين في بيوتهن وهذا حق فان الذين يحثون على الصلاة في المساجد هم الرجال واما النساء فصلاتهن في بيوتهن افضل يدل لذلك ما رواه ابو داوود بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة المرأة في بيتها افضل من صلاتها في حجرتها في حجرتها وصلاتها في دعها الى المكان الذي تنام فيه افضل من صلاتها في بيتها وجاء ايضا عند الامام احمد عن ام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خير مساجد النساء قعر بيوتهن حسنه الالباني لغيره بصحيح الترغيب وصححه في الصحيحة وايضا ما يدل على ان صلاة المرأة في بيتها افضل ما رواه الامام احمد بسند صحيح اه عن ام حميد امرأة ابي حميد الساعدي انها جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني احب الصلاة معك قال قد علمت انك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال فامرت فبني لها مسجد في اقصى بيت باقصى بيت من بيوتها واظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت لقيت الله اي حتى ماتت وما رؤي الا جنازتها رضي الله عنها وارضاها اذا قوله هنا رجال مقصود هذا اللفظ والنساء لا تدخل فيه لانه كثير من خطابات القرآن يذكر الرجال والنساء تبع لهم ولكن هنا اراد به الرجال خاصة لان المرأة الافضل لها صلاتها في بيتها وصلاتها في بيتها افضل من صلاتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل وكذلك افضل من الصلاة في المسجد الحرام الذي تضاعف فيهما الصلاة وكل هذا من حرص الاسلام على بعد المرأة عن الرجال لانها اذا بقيت في بيتها سلمت من الشر واهله. واذا خرجت صار هناك فرصة يعني الالتقاء بها ورؤيتها الوصول اليها تلتعي نساء الاسلام هذا التوجيه العظيم كلام رب العالمين سبحانه وتعالى وعليهن اي اي يقرن في بيوتهن كما امر الله امهات المؤمنين الطاهرات المطهرات العفيفات المبرآت من الوقوع في الشر وفي الاثم والزنا امرهن الله جل وعلا بان يبقين في بيوتهن فقال وقرن في بيوتكن آآ وايضا مما ينبغي ان يتنبه يتنبه له انه يجوز للمرأة ان تصلي في المسجد ولا يجوز لوليها ان يمنعها وذلك لقول النبي صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله ابن عمر قال لا تمنعوا اماء الله مساجد الله ورواه احمد وزاد وبيوتهن خير لهن وفي رواية وليخرجن وهن تفلات اي غير متطيبات وغير متعطرات لا رائحة لهن ودل على ذلك ايضا ما رواه مسلم عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود قالت قال لنا الرسول صلى الله عليه وسلم اذا اذا شهدت احداكن المسجد فلا تمس طيبا فلا تمسوا طيبة وايضا جاء في الصحيحين عن عائشة انها قالت كان نساء المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطه ان ما يعرفن من الغلس يعني من الظلمة هذا دليل على ان جواز المرأة جواز صلاة المرأة في المسجد ولكن بشروط ان لا تكون متطيبة وان لا تؤذي احدا من الرجال بزينة يعني لا تخرج متزينة وان تكون متحجبة متغطية لا يرى منها شيء حتى لا تفتن ولا تفتن ولهذا قالت عائشة في الصحيح في الصحيحين كان نساء المؤمن قالت نعم قالت لو ادرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما احدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني اسرائيل. وهذا في زمن عائشة يعني لما حصل من النساء بعض التفلت وبعض الامور قالت لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمنعهن فعلى النساء ان يتقين الله وان يحافظنا على حجابهن وتسترهن ولا يتطيبن اثناء الخروج لان المرأة اذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان ولهذا صلاتها في قعر بيتها خير لها من الصلاة في المسجد وان كان يجوز لها ان تصلي في المسجد آآ قال جل وعلا رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيان عن ذكر الله رجال فاعلوا يسبحوا على قراءة الجمهور واما عن القراءة الاخرى يسبح فانه يوقف على قوله الاصال يسبح له فيها بالغدو والاخصال واما على قراءته يسبح فالوقف على رجال لانها هي الفاعل يسبح له في الغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله هذا مدح وثناء عليهم قال ابن كثير كقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون قال ابن كثير يعني لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم والذين يعلمون ان الذي عنده هو خير لهم وانفع مما مما بايديهم لان ما عندهم ينفد وما عند الله باق. ولهذا قال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة ان يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مراده ومحبتهم ولهذا قال ابن مسعود لما رأى قوما من اهل السوق حين نودي للصلاة المكتوبة تركوا بيائاتهم ونهضوا الى الصلاة قال عبد الله ابن مسعود هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيان عن ذكر الله وهكذا جاء عن عبد الله ابن عمر انه كان في السوق فاقيمت الصلاة فاغلقوا حوانيتهم يعني دكاكينهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر فيهم نزلت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيان عن ذكر الله رواه ابن ابي حاتم وابن جرير وايضا جاء عن عبد الله ابن عمر كما قال ابنه سالم او كما قال عمرو بن دينار الاعور قال كنت مع سالم بن عبدالله ونحن نريد المسجد فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا الى الصلاة وخمروا متاعهم. فنظر سالم الى امتعتهم ليس معها احد فتلا سالم. هذه الاية رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. ثم قال هم هؤلاء وهذا من قول سالم بن عبد الله بن عمر وليس من قول ابن عمر قول ابن عمر هو الذي تقدم آآ لا تلهيهم تجارة ولا بيع اه البيع من التجارة ولكنه ذكره لمزيد عناية وتشريف وتشريف للمؤمنين في تركهم لان التجارة مجموعة من البيع والشراء ولكن البيع امكنوا في النفوس والنفوس احرصوا عليه لان الشراء آآ قد لا يعجل عليه او او لا يقدمه على الصلاة لانه يشتري الان او يشتري بعد الصلاة اه سيحصل على التجارة لكن البيع البيع وهذا يحصل احيانا عند وقت الصلاة يكثر الناس الذاهب والقادم فيتزاحمون على المتاجر فهنا المؤمن يقدم الصلاة مع انه لو بقي لا نفذ نفذت هذه التجارة وباعها واخذ ربحها وكسبها ولكنه مع ذلك يترك الصلاة يترك البيع ويذهب الى الصلاة لانه البيع متحقق الربح فيه لكن الشراء الشراء يشتريها وقد يبيعها اليوم وقد يبيعها غدا وقد يبيعها بعد سنة وقد لا يبيعها وقد تخسر لكن البيع لا متحقق الان انه سيأخذ الثمن ويأخذ المربح فخصه بالذكر لمزيد عناية به وهذا دليل على تمكن الايمان في قلوب هؤلاء الرجال فانهم حتى البيع وحصول الاموال وجلبها في هذا الوقت يتركونه من اجل ان يؤدوا الصلاة مع جماعة المسلمين في المساجد فقال جل وعلا لا تلهيهم يعني لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله عن ذكر الله عموما وقال بعض المفسرين ذكر الله المراد به الصلاة فلا يلهيهم عن اقامة الصلاة كما قال الظحاك وسعيد ابن ابي الحسن قال لا تلهيهم التجارة والبيع ان يأتوا الصلاة في وقتها وقال مطر الوراق كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان احدهم اذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه واقبل الى الصلاة قبض وانزل الميزان وذهب الى الصلاة تركه يأتيه بعد الصلاة ونحوه قال اه ابن عباس في رواية علي ابن ابي طلحة لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. يقول عن الصلاة المكتوبة وقال السدي عن الصلاة في الجماعة وقال مقاتل بن حيان لا يهيهم ذلك عن حضور الصلاة وان يقيموها كما امر الله ويحافظوا على مواقيتها وما استحفظوا فيها وهكذا عبارة السلف كلها تدور في هذا المعنى فعلى هذه الاقوال والمراد بالصلاة هنا المراد بذكر الله الصلاة واقام الصلاة هذا حكم اخر هو اداؤها في اوقاتها فالمعنى لا تلهيهم ولا تشغلهم التجارة ولا البيع عن الصلاة ولا عن الاتيان فيها في اوقاتها ولا على الاتيان فيها في اوقاتها فيكون من باب ذكري الخاص او من باب افادة معنى جديد فذكر الله الصلاة واقف او واقامها اي الاتيان بها واقامتها في اوقاتها المخصصة وقال بعض المفسرين بل ذكر الله هنا عام فيشمل جميع ذكر الله من قراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل فتجد هؤلاء التجار المؤمنون وهم في تجارتهم يذكرون الله ويسبحونه ويستغفرونه ويقرأون القرآن اذا وجدوا فرصة وايضا اذا رجعوا الى اهليهم وجاء الليل فانهم يقومون يصلون ويذكرون الله ويقرأون القرآن وليس كالذي يشتغل بالتجارة طيلة يومه ولا هم له الا هي فاذا جاء الليل واوى ابدا اوى لاجل ان ينام فقط يأكل وينام ويكون جيفة طيلة الليل فهؤلاء المؤمنون يشتغلون بالتجارة ولكن ايضا يذكرون الله ولا ينشغلون فهم مع انهم يشتغلون بالتجارة لكن يذكرون الله ويصلون ويقومون الليل ويقرأون القرآن فهكذا ينبغي للمسلم فعلى هذا القول يكون ذكر الله عام واقام الصلاة المراد به اداء الصلوات الخمس في وقتها واقام الصلاة وايتاء الزكاة وايتاء الزكاة قيل المراد بها الزكاة المفروضة فلا تشغلهم بيعهم وشرائهم ولا اموالهم عن اخراج الزكاة فهم يخرجونها في وقتها وقال بعض المفسرين الزكاة وهنا هي الطاعة والاخلاص يزكون انفسهم بالاخلاص لله والطاعة قالوا لان الزكاة المفروضة الذي يخرج من المال ليس كل مؤمن عنده مال يزكيه واقام الصلاة وايتاء الزكاة ثم بين السبب الحامل لهم على ذلك وهو انهم يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار وهو يوم القيامة تتقلب فيه القلوب والابصار من شدة الفزع وعظمة الاهوال كما قال تعالى وانذرهم يوم الازفة اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين وقال تعالى انما يؤخرهم ليوم تشخص به الابصار. وقال تعالى ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا. ان اما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا. هذا هو اليوم الذي تتقلب فيه القلوب والابصار قال فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا فتقلب القلوب هو اضطرابها عن مواضعها من الخوف والوجل من الله سبحانه وتعالى ومن الاخرة قال يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله احسن ما عملوا اي هؤلاء كما قال ابن كثير هؤلاء من الذين يتقبل الله عنهم احسن ما عملوا من فضله ويتجاوز عن سيئاتهم وقوله ويزيده من فضله ان يتقبلوا منهم الحسن فيضاعفه لهم كما قال تعالى ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها وقال من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة وقال والله يضاعف لمن يشاء. وقال والله يرزق من يشاء بغير حساب ثم اورد اثر ابن مسعود انه جيء بلبن فعرظه على جلسائه واحدا واحدا فكلهم لم يشربه لانه كان صائما. يعني كان جلسائه كلهم صائمون. طبعا غير الفريضة نافلة فتناوله ابن مسعود وكان مفطرا فشربه ثم تلا قوله تعالى يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار رواه النسائي وابن وابن ابي حاتم فهذا يدل على فظلهم وعلى يعني خوفا من الله هذا هذا على ما ذهب اليه ابن كثير ليجزيهم الله من فضله ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله فوايزهم على احسن اعمالهم ويزيدهم من فضله ويتفضل عليهم جل وعلا ويضاعف لهم الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف وذهب بعض المفسرين ومنهم القرطبي والامين الشنقيطي الى ان قوله هنا احسن المراد به العمل الحسن قالوا لان العمل منه ما هو حسن ومنه ما هو مباح وما ومنه ما هو سيء فيقول احسن هنا المراد به العمل الصالح المراد به العمل الصالح والحسن المراد به العمل المباح فالحسن هو المباح الذي لا ثواب عليه ولا عقاب اذا الله ذكر بهذه الاية انه جل وعلا يجزي عباده على الاحسن اي على العمل الصالح لان الاحسن هو العمل الصالح. واما العمل الحسن فهو المباح والمباح لا يثاب عليه العبد الا اذا نوى نية صالحة لكن الاصل في المباح ان الانسان لا يثاب عليه فقوله الاحسن المراد به هو العمل الصالح الذي يثاب عليه. والحسن هو المباح هذا قاله القرطبي وقاله الامين الشنقيطي وارتضاه اذا ليجزيهم الله احسن ما عملوا المراد به العمل الحسن وليس معناه انه يجزيهم على الاحسن ولا يجزيهم عن الحسن يعني اذا كان الانسان عنده عمل صالح منه ما هو احسن ومنه ما هو حسن. لكن كله يشترك في عمل صالح ليس هذا معنى الاية لانه لو كان هذا معنى الاية لكان المعنى ان الله يجزي عباده على العمل الاحسن والافضل لكن العمل الصالح الذي ليس هو الاحسن هو مجرد عمل حسن لا يجزيهم الله عليه هذا غير صحيح الله جل وعلا يقول من يعمل مثقال ذرة خيرا يره قال من جاء بالحسنة فله عشر امثالها اي حسنة ولكن المعنى هنا احسن هذا المراد به العمل الصالح ويقابله الحسن هو العمل المباح. اذا الله جل وعلا يجزيهم هنا على ماذا على العمل الصالح واما العمل المباح هذا لا ثواب عليه ولا عقاب ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب جل وعلا يرزق من يشاء من عباده بغير حساب يضاعف لهم اضعافا كثيرة الى سبع مئة ضعف الى ما فوق ذلك وكذلك الصابرون يوفيهم حسابهم او ثوابهم بغير حساب انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب لان هذه الاعمال وهي صبرهم على امر الصلاة وعلى ذكر الله وعدم انشغالهم بالتجارة يدل على انهم قد صبروا وصابروا وجاهدوا انفسهم وتركوا محبوبات انفسهم ومشتهياتها فكانوا من الصابرين والله يجزي الصابرين بغير حساب ثم قال جل وعلا ليجزيهم نعم والذين كفروا اعمالهم كسرابهم بقيعة والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة قال ابن كثير هذان مثلا ضربهم الله تعالى لنوعي الكفار كما ضرب للمنافقين في اول البقرة مثلين ناريا ومائيا وكما ضرب لما يقر في القلوب من الهدى والعلم في سورة الرعد مثلين مائيا وناريا وقد تكلمنا على كل منهما في موضعه بما اغنى عن عن اعادته ولله الحمد والمنة ابن كثير رحمه الله يقول هنا اه الله ظرب مثلا الكفار لان الكفار ليسوا على حد سواء رؤوس رؤوس ومتبوعين و اتباع وعامة فضرب لكل منهم ما يناسبه كما ان المنافقين في اول سورة البقرة المنافقون ليسوا على حد سواء فيهم الرؤوس والمتبوعون والائمة وفيهم الاتباع فضرب مثلين في المنافقين الاول ناري للرؤوس قال كمثل رجل استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله مثله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون. صم بكم عمي فهم لا يرجعون. هؤلاء رؤوس النفاق لا يرجعون ابدا عن نفاقهم فضرب لهم المثل الناري ثم ذكر الاتباع وظرب لهم المثل المائي فقال او كسيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشافيه واذا اظلم عليهم قاموا اذا هؤلاء الاتباع المثل المائي اخف ولهذا يضيء لهم الايمان فيمشون ثم يظلم عليهم فيقفون فهم مرة يتقدمون الايمان ومرة يقفون. بخلاف الرؤوس اصحاب المثل الناري فهم لا يرجعون. صم بكم عنهم فهم لا يرجعون فكذلك هنا الكفار ليسوا على حد سواء فمنهم الرؤوس والمتبوعين وهم الذين ضرب لهم المثل بقوله او كظلمات في بحر لجي والاتباع وهم اصحاب الجهل البسيط لان الرؤوس اصحاب الجهل المركب اما هؤلاء اصحاب الجهل البسيط يفعلون هذا جهلا منهم وعدم معرفة بالحق وانما اتباعا لسادتهم من غير بصيرة فهؤلاء ظرب لهم المثل الاول والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة ولهذا او هنا او كظلمات او هنا للتنويع لذكر النوع الاخر وليست او للشك الله لا يشك جل وعلا فهو الحق وقوله الحق فليس المراد انه متردد هل هم كمثل كمثل كسراب بقيعة او كظلمات؟ لا لكن هذا نوع وهذا نوع فاو هنا للتنويع والتفصيل قال جل وعلا والذين كفروا اعمالهم كسراب اي اعمالهم مثل اعمالهم التي عملوها وقد ذكر بعض المفسرين ان المراد بالاعمال هنا الاعمال التي هي من اعمال الخير فان الكفار يكون عندهم شيء من اعمال الخير قال كالصدقة وصلة الرحم وعمارة البيت وسقاية الحاج وفك العاني فالكفار عندهم بعض الاعمال المراد الاعمال الصالحة وليست الاعمال السيئة الاعمال السيئة لا يرجون جزاءها يريدون الفكاكة منها فقوله هنا والذين كفروا اعمالهم اي اعمالهم الصالحة كسراب بقيعة السراب هو ما يرى في المفاوز في الصحراء اذا خرجت للصحراء يرى في المفاوز من لمعان الشمس عند اشتداد حر النهار على صورة الماء في ظن من يراه ويسمى سرابا لانه يسرب ان يجري كالماء وهذا امر معروف اذا مشيت في الصحراء في وقت وسط النهار يتراءى لك في طرف الارض ترى ماء ترى ماء ابدا هو هو بعينك ماء لكن تمشي فاذا جئت المكان الذي رأيت فيه الماء واذا هو لا ماء فيه هذا هو السراب هذا هو السراب اذا رآه الظمآن شديد العطش يظنه ماء ولكن في الحقيقة هو ليس بماء هو ضوء لمعان الشمس وانعكاسها على وجه الارض. ليس ماء حقيقيا فكذلك اعمال هؤلاء الكفار الصالحة التي عملوها من صدقة او صلة رحم او احسان هي كالسراب بالقيعة كسراب بقيعة وقيعة جمع قاع كالجيرة جمع جار والمراد بالقاع الارض المستوية المتسعة المنبسطة وفيها يكون السراب قال ابن كثير وانما ذلك يكون في نصف النهار نصف النهار الثاني يسمى سراب. طيب ما ما يكون في اول النهار؟ قال واما الاول فانما واما الال او اما الال واما الال يسمونه هكذا فهو ما يكون في اول النهار يرى كانه ماء بين السماء والارض الاول يرى كانه مرتفع جدا ولكن السراب لا من بعد منتصف النهار يرى ملتصقا الارظ لكن يرى بياض الماء قال كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء الظمان اذا رآه يظنه ماء فيفرح يريد يشرب فيذهب اليه قال حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ما وجد شيئا لان هذا ما كان ماء اصلا كان سراب ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب وجد الله جل وعلا عند عمل هذا وذلك يوم القيامة. لان الله له بالمرصاد وهو يظن ان هذه الاعمال تنفعه يوم القيامة فاذا رجع الى الله جل وعلا وظن ان اعماله تنفعه تبين له انها لا تنفعه ولهذا قال ابن القيم وجدوا الله تم يعني هناك فجازاهم باعمالهم وقيل وجد جزاء الله عنده اه على عمله هذا على عمله فوفاه. هذا العمل يحبط وقال القرطبي وجد الله عنده اي وجد وجد الله بالمرصاد له على عمله هذا لانه في الحقيقة ما كان يراد به وجه الله وهذا كما قال جل وعلا وذكر ذلك بغير اية ان الكفار لا تنفعهم اعمالهم يوم القيامة كما قال جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا لان هذا العامل الكافر وان كان يحسب ان هذا عمل وانه قد حصل شيئا لكنه في الحقيقة لم يكن مخلصا فيه او يبتغي به وجه الله او لعدم ايمانه وسلوك الشرع فيصدق عليه قوله جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقال جل وعلا مثل الذين كفروا بربهم اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد لان العمل لا يقبل الا بشرطين الاخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء الكفار قد يكونون مخلصين لكنهم ما اتبعوا الشرع وما هو واتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم فلابد ان يكون الاسلام مسلما الانسان مسلما ومن يعمل الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن لابد من الايمان فالحاصل انهم اعمالهم هذه لا تنفعهم لانهم كانوا كفرة بالله جل وعلا فيوفيهم الله حسابهم ويجازيهم على اعمالهم والله سريع الحساب اذا حاسب عباده حسيبهم كلهم في لحظة واحدة ويجازي كل عمل بعمله واكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك. وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد