بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في الاية الثالثة من سورة الفرقان واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ظرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا طورى يقول ابن كثير رحمه الله ملخصا دلالة هذه الاية احسن تلخيص واوضحه واوضحه يقول يخبر تعالى عن جهل المشركين في اتخاذهم الهة من دون الله الخالق لكل شيء المالك لازمة الامور الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ومع هذا عبدوا معه من الاصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضة بل هم مخلوقون ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا فكيف يملكون لعابديهم ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا. اي ليس اليهم من ذلك شيء. فلذلك مرجعه كله الى الله عز وجل وهو الذي يحيي ويميت وهو الذي يعيد الخلائق يوم القيامة اولهم واخرهم ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة يعني كقوله ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وقوله وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر وقوله فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة وقوله ان كانت الا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون فهو الله فهو الله الذي لا اله غيره ولا رب سواه ولا تنبغي العبادة الاله لانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو الذي لا ولد له ولا والد ولا عديل ولا عديل ولا نديد ولا وزيرا ولا نظير بل هو الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. هكذا لخص ابن كثير رحمه الله تفسير هذه الاية فافاد واجاد فان الله سبحانه وتعالى يخبر عن كفار قريش وعن هؤلاء المشركين انهم اتخذوا من دون الله الهة يعبدونها ويتقربون اليها ويذبحون لها ويطلبون منها تفريج الكربات وهي ما جعلوه من الاصنام من اللات والعزى وهبل وغيرها وهذه الالهة الاوثان الاصنام التي عبدوها لا يخلقون شيئا ومن لا يخلق شيئا لا يجوز ان يكون الها لانه مخلوق لانه مخلوق والمخلوق ضعيف محتاج الى خالق فكيف يجعل الها لا يخلقون شيئا وهم يخلقون لان الله خالق كل شيء جل وعلا كما مر معنا بالاية السابقة وخلق كل شيء فقدره تقديرا فهم مخلوقون مربوبون فكيف يجعلون الهة يعبدون مع الخالق المتفرد بالكمال والجلال والالوهية سبحانه وتعالى ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا. الهتكم واوثانكم ومعبوداتكم هذه التي عبدتموها من دون الله لا يملكون لانفسهم ضراء لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا فلا يستطيعون ضر انفسهم ولا دفع الظر عنها ولا يستطيعون ايظا نفعها لانهم عاجزون والنفع والضر بيد الله جل وعلا قال جل وعلا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا. ومع ذلك لا يملكون الموت فليس هم الذين يميتون الناس ولا يملكون الحياة احياء الناس ولا يملكون النشور ولا يملكون يوم القيامة فيبعثونها فيبعثون الخلق وينشرونهم كل ذلك الى الله فهو جل وعلا المالك للموت يحيي من يشاء ويميت من يشاء وكل شيء عنده باجل مسمى وهو الذي يحيي وهو الذي يميت وهو الذي ينشر الخلق ويبعثهم يوم القيامة قال جل وعلا وقال الذين كفروا ان هذا الا اذ كن اشتراه واعانه عليه قوم اخرون فقد جاءوا ظلما وزورا اخبر جل وعلا ايضا عن خزي من خزاياهم وعن فعل خبيث وعن قول خبيث وعن عمل من اعمالهم لانهم لشدة جهلهم وعنادهم طعنوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعنوا فيما جاء به يقول ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار في قولهم عن القرآن ان هذا الا افك اي كذب افتراه يعنون النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال الذين كفروا ان هذا ان هنا نافية بمعنى ماء ما هذا؟ وهو القرآن الذي جاء به صلى الله عليه وسلم الذي هو تنزيل من حكيم حميد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه قالوا عنه افك افتراه افكن اي كذب افتراه يعني كذبه وافترى في ذلك على الله وجاء به من وجاء به من اخذه لقصص الاولين واخبارهم وتلفيقاتهم وكذبهم وهذا اعظم الفجور لانهم يعلمون انه كتاب الله وانه من عند الله وانه لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولهذا تحداهم الله جل وعلا ان يأتوا بكتاب من مثله فعجزوا وتحداهم ان ياتوا بعشر سور من مثله مفتريات فعجزوا وتحداهم ان يأتوا بسورة واحدة من مثله بقدر قل يا ايها بقدر انا اعطيناك الكوثر فعجزوا بل حتى لو استعانوا بالجن وبمن استعانوا به لن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرة عوينة فهم يعلمون حقا انه كلام معجز في غاية الفصاحة والبيان والصدق ولكن انما يكون يقولون ذلك بهتا وعنادا وهكذا من اظله الله فانه لا يقتصر على ضلاله بل يتهم الحق ويرميه يشوش عليه ويطعن فيه نسأل الله العافية والسلامة ولكن اذا استقام الانسان على دين الله صدقة وعدل وحذر من الظلم ومن قول الباطل وقول البهت فالزموا امر ربكم قال جل وعلا وقال الذين كفروا ان هذا الا افك افتراه اي ما هذا القرآن الذي جاء به الا افك كذب افتراه هو كذبه مفتريا به وليس من عند الله واعانه عليه قوم اخرون اعانه على هذا الكذب وهذا الافتراء قوم اخرون قال جل وعلا فقد جاءوا ظلما وزورا مع انهم يعرفون نبينا صلى الله عليه وسلم نشأ بينهم وما ذهب ولا جاء يعيش معهم ما كان يلتقي باحد او يأخذ عنه ما التقى باحد عنده قصص الاولين واخبارهم وانما هذا وحي انزله الله اليه ولهذا وصف الله قولهم هذا وفعله فقد جاءوا ظلما وزورا نعم قال ابن كثير اي فقد اي فقد افتروا هم قولا باطلا هم يعلمون انه باطل ويعرفون كذب انفسهم فيما يزعمون فهو ظلم والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وزورا هو اشد الكذب زوروا ذلك الا وقول الزور الا وشهادة الزور عليهم من الله ما يستحقون وهكذا يدافع الله عن كتابه وعن نبيه ويبين ان قولهم هذا هو في غاية الظلم ووضع الشيء في غير موضعه وهو في غاية الزور والكذب ثم قال ايضا مخبرا عنهم انهم قالوا اساطير الاولين ومر معنا ان اساطير جمع اسطورة والمراد به قصص الاولين واخبارهم وما حصل منهم والغالب عليها ان تكون كذبا فقالوا اساطير الاولين اكتتبها اكتسبها يعني طلب كتابتها له من اهلها او من القوم الاخرين الذين اعانوه على ذلك فهي تملى عليه بكرة واصيلا فهي تملى عليه يعني تقرأ عليه يكتبوا ويكتبوا هالكتبة ويقرأونها عليه بكرة واصيلا في اول النهار واخره وهذا قال ابن كثير وهذا الكلام لسخافته وكذبه وبهته كل احد يعلم منهم بطلانه منهم هم انفسهم يعرفون بطلانه فانه قد علم بالتواتر وبالضرورة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم لم لم يكن يعاني شيئا من الكتابة ما كان يعرف الكتابة لم يكن يعاني شيئا من الكتابة لا في اول عمره ولا في اخره وقد نشأ بين اظهرهم من اول مولده صلى الله عليه وسلم الى ان بعثه الله نحوا من اربعين سنة وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه وبره وامانته ونزاهته ونزاهته من الكذب والفجور وسائر الاخلاق الرذيلة حتى انهم لم يكونوا يسمونه في في صغره الى ان بعث الا الامين لما يعلمون من صدقه وبره فلما اكرمه الله بما اكرمه به نصبوا له العداوة ورموه بهذه الاقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها وجار وحاروا اي تحيروا وحاروا ماذا يقذفونه به فتارة من افكهم يقولون ساحر وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون مجنون وتارة يقولون كذاب قال الله تعالى انظر كيف ظربوا لك الامثال فظلوا؟ فلا يستطيع فلا يستطيعون سبيلا نعم ولهذا قال جل وعلا قل انزله الذي يعلم السر في السماوات والارض انه كان غفورا رحيما انزل هذا القرآن الله الذي يعلم السر وما خفي في السماوات والارض انه كان غفورا رحيما قال ابن كثير وقال تعالى في جواب ما عاندوا ها هنا وافتروا قل انزله الذي يعلم السر في السماوات والارض الاية اي انزل القرآن المشتمل على اخبار الاولين والاخرين اخبارا حقا صدق مطابقا للواقع في الخارج ماضيا ومستقبلا انزله الذي يعلم السر اي الله الذي يعلم غيب السماوات والارض ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر ثم قال جل وعلا انه كان غفورا رحيما يخبر جل وعلا عن نفسه بانه الغفور الذي يغفر الذنوب ويسترها ويتجاوز عنها وهو الرحيم الذي يرحم من تاب واناب اليه واستغفره صادقا وهذا دعاء دعاء لهم قال ابن هذا دعاء لهم الى التوبة والاستغفار. رغم ما قالوه وما افتروه وما كذبوه فسبحان الغفور الرحيم. سبحان التواب قال ابن كثير عند قوله انه كان غفورا رحيما. قال دعاء لهم الى التوبة والانابة واخبار لهم ان رحمته واسعة. وان حلمه عظيم وان من ناب اليه وان من تاب اليه تاب عليه. فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وكفرهم وعنادهم وقولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن ما قالوا يدعوهم الى التوبة يدعوهم الله سبحان الرحيم. الرحمن الرحيم يدعوهم الى التوبة والاقلاع عما هم فيه الى الاسلام والهدى كما قال تعالى لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا ومنهم عذاب اليم افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم وقال تعالى ان الذين فتنوا مؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق قصد ابن كبير رحمه الله انه استشهد لهذه الاية انه كان غفورا رحيما. وانها تدل على دعوة الله جل وعلا هم جل وعلا لهم للتوبة والانابة حتى يغفر لهم ويرحمهم. ان لها نظائر من القرآن كلها يدعو الله يدعو الله عباده المفترين الكافرين الكاذبين الى التوبة والاستغفار ووعدهم بان يتوب عليهم اذا فعلوا ذلك قال الحسن البصري عند قوله ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق قال الحسن البصري انظروا انظروا الى هذا الكرم والجود قتلوا اولياءه وهو يدعوهم الى التوبة والرحمة. سبحان الرحمن الرحيم صدق رحمه الله والله ما يهلك على الله الا هالك مهما اخطأت مهما اذنبت مهما اجرمت مهما فعلت تب الى الله توبة نصوحا. توبة صادقة. وابشر برب غفور رحيم يغفر الذنب جل وعلا بل قد يبدل السيئات الى حسنات بل ويبدل السيئات الى حسنات جل وعلا وهذا من اعظم ما يدعو الى التوبة والاستغفار والرجوع الى الله مهما كنت مذنبا لان الشيطان يا اخوان له كيد فتجده يأتي العباد فيظلهم ويوقعه في الذنوب الكبار والذنوب العظيمة والجرائم الكبيرة ثم اذا تاب العبد وبدأ بالرجوع الى الله جاءه يؤيسه ويقنطه قد عملت ما عملت كيف يتوب الله عليه كيف تريد ان يتوب عليك وانت فعلت وفعلت وفعلت وقد لمست هذا من اكثر من شخص لانه يقول نعم الله يغفر الذنوب لكن انا فعلت وفعلت انا انا سبحان الله الله جل وعلا يقول قل يا عبادي الذين يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا مهما عظم ذنبك تب الى الله تاب الصحابة من الشرك من الكفر من عبادة الاوثان بعضهم من تأديب المؤمنين من فعل الافاعيل من اذية النبي صلى الله عليه وسلم من قتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما تابوا تاب الله عليه فهو التواب الرحيم هذا اعظم باعث وحاث على من له قلب او القى السمع وهو شهيد هاظا محاسن له على التوبة والرجوع ولهذا توبوا الى الله واستغفروه فانه غفور رحيم يتوب على الكفار الملحدين المجرمين الكافرين المفترين على الله ورسوله اذا تابوا توبة نصوحة فكيف بك وانت مسلم مؤمن لكن يحصل منك بعض الذنوب قال جل وعلا مخبرا ايضا عن شيء من ضلالهم وافعالهم القبيحة واقوالهم وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق؟ لولا انزل اليه ملك فيكون معه نذيرا قال ابن كثير يخبر تعالى عن تعنت الكفار وعنادهم وتكذيبهم للحق بلا حجة ولا دليل منهم وانما تعللوا بقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام يعني كما نأكله ويحتاج اليه كما نحتاج اليه ويمشي في الاسواق ان يترددوا فيها واليها طلبا للاكتساب والتجارة يعني انهم من شدة تكذيبهم او طعنهم في النبي صلى الله عليه وسلم يقولون مال هذا الرسول يأكل الطعام ان تقول انه رسول؟ هو يقول انه رسول لماذا يأكل الطعام اذا كان رسول ما له يأكل الطعام هذا من شدة التكذيب والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق يمشي في الاسواق مثل ما نمشي يذهب اليها يبيع يشتري هذا رسول؟ يعني هذا يقولونه انكارا منهم لرسالته صلى الله عليه وسلم ويقولون لولا انزل اليه لولا انزل اليه ملك لولا بمعنى هلأ هلأ اذا كان رسول اذا كان رسولا من عند الله حقا هلا ارسل اليه ملك يعني انزل اليه ملك من عند الله فيكون شاهدا له فيكون معه نذيرا يكون معه نذير يشهد له ويصدقه وينذر مثل ما ينذر ويقول انه صادق والانذار هو الاعلام من موضع المخافة يعني يدعونا كما يدعون محمد ويكون مع محمد يصدقه ويؤيده. ويدل على ان قوله صحيح انظر الى شدة تعنتهم قال جل وعلا ايضا عنهم او يلقى اليه كنز او تكون او تكون له جنة قال ابن كثير وكذلك قال هؤلاء على السواء اه قبل ذلك قال يقولون هلا انزل اليه ملك من عند الله فيكون له شاهدا على صدق ما يدعيه وهذا كما قال فرعون فلولا القي عليه اسورة من ذهب او جامعه الملائكة مقترنين يقول فرعون في حق موسى والكفر ملة واحدة وما اشبه ولكل قوم وارث وما اشبه الليلة بالبارحة قال جل وعلا آآ فلولا القي عليه اسورة من ذهب او جاء معه الملائكة مقتنين قال ابن كثير وكذلك قال هؤلاء على السواء تشابهت قلوبهم ولهذا قالوا او يلقى اليه كنز اي علم كنز يكونوا ينفقوا منه او تكون له جنة يأكل منها اي تسير معه حيث سار يعني هذه من اقتراحاتهم يقول لو كان نبي حقا يعني هو هذا يريدون به الطعن عن النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرون امورا لو كان نبيا الا كانت معه موجودة لكنها غير موجودة فهو ليس برسول. هو افاك عليهم من الله ما يستحقون ولهذا قالوا او يلقى اليه كنز يلقى اليه كنز اذا كان الرسول من عند الله يلقي الله عنده واليه كنز من الذهب والفظة والكنوز حيث انا نرى عنده الكنوز وهذا نراه يمشي في الاسواق معنا ويبيع ويشتري معنا ليس عنده كنز وليس عنده شيء من ذلك. فكيف يكون رسوله او تكون له جنة يأكل منها تكون له بستان مزرعة يأكل منها ما عنده شيء يأكل منه يشتغل بالتجارة ويشتغل اجيرا عند اهل مكة على قراريط ما عنده جنة كيف يكون رسوله ليس عنده جنة مزرعة ثم قالوا يعني بعد ان ذكروا هذه الطعون في النبي صلى الله عليه وسلم التي يقولون انها دليل على انه ليس برسول لو كان الرسول لوجدت هذه الاشياء عنده. فلم توجد عنده وليس برسول فكيف تتبعون رجلا مسحورا مسحورا وقال الظالمون اشد الظلم لانهم ظلموا انفسهم وظلموا رسول الله ووضعوا الامور في غير موضعها وقال الظالمون ان تتبعون الا رجلا مسحورا ان نافية بمعنى ما اي ما تتبعون الا رجلا مسحورا ما تتبعون هذا الرجل ان اتبعتموه الا انكم تتبعون رجلا مسحور قد اصابه السحر ليس بنبي ولكنه رجل مسحور وهذا تنفير عنه كيف كيف تتبع الرجل المسحور المسحور الذي قد سحر وذهب عقله ويتصرف تصرفات تصرفات المجنون كل هذا قالوه تنفيرا عنه قال جل وعلا انظر كيف ظربوا لك الامثال فظلوا انظر يا نبينا كيف ضربوا لك الامثال فقالوا هذا مسحور هذا رجل مسحور قال ابن كذيب مبينا هذا قال انظر كيف ظربوا لك الامثال اي جاؤوا بما يقذفونك به ويكذبون به عليك. من قولهم ساحر مسحور مجنون كذاب شاعر وكلها اقوال باطلة كل احد ممن له ادنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك ولهذا قال فظلوا يعني انظر كيف ظربوا لك الامثال تاحر مجنون كاهن كذاب شاعر فظنوا في ذلك والله لقد ظلوا سواء الصراع ظلوا وزاغوا ومال واخطأوا الحق فلا يستطيعون سبيلا قال ابن كثير فلا يستطيعون سبيلا قال فظلوا اي عن طريق الهدى فلا يستطيعون سبيلا وذلك لان كل من خرج عن الحق فانه ظال حيثما توجه. لان الحق واحد ومنهج متحد يصدق بعظه بعظا فظلوا السبيل نعم ظلوا السبيل والصراط المستقيم السبيل الصحيح لان الصراط السبيل الصحيح الصراط الصحيح صراط واحد واما سبل الضلال لا تحصى كثرة اهدنا الصراط المستقيم وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ولا تتبعوا السبل فتضلك عن سبيل الله عن سبيله نعم يا اخوان ظل السبيل وحد السبيل لان سبيل الحق واحد ومن ظله وظل عنه فقد وقع في الظلام والكفر وما يوصله الى النار. قال جل وعلا تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الانهار ويجعل لك قصورا تبارك مرة معانا بيان هذه الكلمة العظيمة وهو ان معناها كما قال الامين الشنقيطي اي تكاثرت البركات والخيرات من قبله وذلك يستلزم عظمته وتقدسه جل وعلا فتعاظم وكملت اوصافه وكثرت خيراته سبحانه وتعالى ودام وثبت انعامه تبارك الذي وهو الله الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك ان شاء يعني ان شاء واراد لان المشيئة في القرآن هي بمعنى الارادة الكونية لان الارادة نوعان ارادة كونية وارادة شرعية فالارادة الكونية ما اراده الله كونا وازلا والشرعية ما اراده شرعا من العباد فالله اراد كونا من جميع العباد ان يؤمنوا. الله اراد كونا الله اراد شرعا من العباد جميعهم ان يؤمنوا. ولكنه كونا ما اراد كل العباد ان يؤمنوا يهدي من يشاء ويظل من يشاء عدلا منه جل وعلا وما ظلمه وما ربك بظلام للعبيد المشيئة بمعنى الارادة الكونية فالمعنى هنا لو اراد الله ذلك كونا لكن الله ما اراد ذلك بل جعل نبيه صلى الله عليه وسلم يشفع يوما ويجوع يوما ويربط الحجر على بطنه لان هذه الايات التي اقترحوها وهذه الامور ليست هي التي تهدي الى الصراط المستقيم وليست هي التي تدل على الحق الذي يدل على الحق هو الدعوة الى الحق وتلاوة القرآن ليس هذه الامور وهذه الجنات وهذه القصور وهذه رسالة لك يا عبد الله بعض الناس يقع في نفسه انه لو اغناه الله قصد دعاة لو ان عنده مال كثير وعنده يعني سدت حاجاته تزوج وعنده سيارة ومسكن وراتب لاجتهد في الدعوة لا هالدعوة اجتهد في الدعوة ولو كنت فقيرا الدعوة ما تنتشر بكثرة المال تنتشر بالبيان. نعم نعم المال الصالح للرجل الصالح لكن يا اخي الدعوة تنتشر بالبيان بالقول حتى ليس بالتصوير الف واربع مئة سنة الف واربع مئة سنة والاسلام ينتشر بالقول والبيان ما هو بالصور الله المستعان ما لنا حجة يا اخوان اجتهدوا ادعوا قدر استطاعتكم وهداية الخلق الى ربهم لكن علينا نحن البلاء والبيان والدعوة قال جل وعلا تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الانهار لو شاء ذلك واراده جعل لك خيرا مما يقترحون الذي مر اقتراحاتهم او يلقى اليه كنز او تكون له جنة لو شاء لجعل لك خيرا من ذلك جنات ما هي بجنة واحدة. جنات بساتين غناء تجري من تحتها الانهار الدائمة التي لا تنقطع ولا تتوقف ويجعل لك قصورا يجعل لك بيوتا مبنية يعني في الدنيا يجعل لك ذلك في الدنيا والا في الاخرة سيجعل الله له ذلك وزيادة قال مجاهد قريش يسمون كل بيت من حجارة قصرا سواء كان كبيرا او صغيرا لو ساجعل لك بيوتا مبنية من حجارة كثيرة ولكنه لم يشأ ذلك ليكون ذلك اعظم لاجر نبيه صلى الله عليه وسلم في الاخرة قال جل وعلا بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا. هذا بل هنا للاظراب الانتقالي فبين اظرب عن كلامهم السابق وبين وانتقل الى بيان ان الذي حملهم على التكذيب بك واتهامك وعدم تصديقك انهم كذبوا بالساعة يكذبون بالبعث والنشور يكذبون بان هناك شيء اسمه ساعة واخرة وقيام ولهذا يا اخوان الايمان بالاخرة بقيام الساعة عظيم الاثر في اصلاح العمل. ولهذا كثيرا ما يذكر الله في كتابه الايمان به وباليوم الاخر يخصهم بين اركان الايمان الستة لأنه يحمل على العمل والاستعداد لذلك اليوم فمتى فمتى ما اعتقد الانسان ان وراءه يوم وساعة يبعث فيها ويحشر وينشر اجازة على عمله اليوم سعى في اصلاح عمله حتى يبيض وجهه يوم يلقى الله ومتى ما كذب بذلك فعل ما شاء. لانه يكذب ما هناك ساعة ما هناك بعث ولا نشور وهذا هو ما يفعله الكفار. قال جل وعلا واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا اعتدنا يعني اعددنا وهيأنا وارصدنا لمن كذب بالساعة وقيامها ووجودها سعيرا اي نارا مستعرة شديدة الاستعاظ والحر وقودها الناس والحجارة ثم قال جل وعلا اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا فاذا رأتهم السعير وهي النار وكما قدمنا او او نقول ان الساعة ان ان النار لها عدة اسماء كل اسم يدل على وصف فهي مسميات لمسمى واحد كما قال الناظم قال جهنم ولظا من بعدها حطمة ثم السعير وكل الحر في سقر اذا السعير هو وصف هو اسم للنار وفيه وصف من اوصافها وهي شدة التسعر والتوقد نسأل الله العافية. اذا رأتهم اي النار من مكان بعيد. قيل مسيرة خمس مئة سنة وقيل مسيرة الف سنة هاي من مكان بعيد قبل ان يصلوا اليها نسأل الله العافية والسلامة سمعوا لها تقيظا وزفيرا وهذا دليل ان النار ترى والله على كل شيء قدير ولهذا روى الترمذي بسند قال عنه حسن غريب صحيح وصححه الالباني من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران واذنان تسمعان ولسانا ولسان ينطق يقول اني يقول اني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله الها اخر وابن مصورين نعوذ بالله قال سمعوا اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا تموا عليها تغيظا قال الطبري تغيظ يقول اذا رأت هذه النار التي اعتدناها لهؤلاء المكذبين اذا رأت اشخاصهم من مكان بعيد تغيظت عليهم وذلك ان تغلي وتفور يقال فلان تغيظ على فلان وذلك اذا غظب عليه فغلى صدره من الغظب عليه وتبين في كلامه وزفيرا اي هي هو صوتها ونحوه قال ابن كثير اي من مكان بعيد قال اذا رأتهما اي جهنم من مكان بعيد قال في مقام الحشر قال السدي من مسيرة مائة عام سمعوا لها تقيض وزفيرها اي حنقا عليهم كما قال تعالى واذا القوا فيها اذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ اي يكاد ينفصل بعضها من بعد من شدة غيظها على من كفر بالله نعوذ بالله والزفيرا والزفير هو الصوت الذي يسمع من الجوف قال السعدي زفيرا تقلق منه الافئدة وتتصدع القلوب ويكاد الواحد منهم يموت خوفا وذعرا قد غضبت عليهم اي النار لغضب الله خالقها وزاد لهبها لزيادة كفرهم وشرهم واذا القوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا دعوا هنالك ذبورا اذا القوا منها يعني القوا في النار في مكان منها قال ابن قال السعدي وهو وسطها وهو مكان ظيق شديد الضيق مقرنين اي قد قرن بعضهم ببعض قد قرن بعضهم ببعض قال ابو صالح مكتفين وقيل مصفدين قد قرنت ايديهم الى اعناقهم في الاغلال وقيل قرنوا مع الشياطين اي قرن كل واحد منهم مع شيطانه كما قاله يحيى ابن سلام دعوا هنالك ذبورا ما يستطيعون الا ان يقولوا واثبوراه واويلاه نسأل الله العافية والسلامة دعوا هنالك ذبورا ما ينفعه ماذا؟ اذا رأوا النار وحشروا في هذا المكان الضيق دعوا هنالك ثبورا وهو قولهم واثبوراه قال ابن كثير عن ابن قال ابن عباس في قوله لا تدعوا اليوم ذبورا واحدة اي لا تدعو اليوم ويلا واحدا وادعوا ويلا كثيرا. وقال الضحاك الثبور الهلاك. قال ابن كثير والاظهر ان الثبور يجمع الهلاك والويل لا والخسارة والدمار كما قال موسى لفرعون واني لاظنك يا فرعون مثبورا اي هالك نعم لا تدعوا اليوم ثبورا واحدة وادعوا ثبورا كثيرا وويل وهلاكا ولكن لن ينفعكم ذلك لا ينفعكم ذلك لانكم تلقون جزاء عملكم وقد متم على الكفر والالحاد ففيه والله موعظة عظيمة يحذر الانسان من معصية الله التي تؤدي به الى هذا الامر الى الويل والهلاك والثبور. والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد