بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الفرقان في الاية الخامسة عشر منها قل اذلك خير ام جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا هذه الاية بعد قوله جل وعلا واذا القوا او قبل ذلك قال بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا واذا القوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعو اليوم ثبورا واحدة وادعوا ثبورا كثيرا. ثم قال هنا قل اذلك خير ام جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا فهذه الاية جاءت بعد ذكر عذاب المعذبين وما اعده الله لهم من العذاب والنكال والخزي في نار جهنم قال اذلك خير ام جنة الخلد وهذا الاستفهام ان كان في حق الكفار كما قال ابن عاشور الطاهر ابن عاشور قال ان كانت في حق الكفار فهو فهو للتهكم يتهكم بهم اذلك وهو دخول النار وضيق المقام فيها وتغيضها وزفيرها عليهم وكونهم يلقون فيها مكتوفين ويدعون بالثبور والويل والهلاك والخسار اذلك خير ام جنة الخلد فيكون في حق الكفار على سبيل التهكم بهم ثم قال ابن عاشور وان كان في حق المؤمنين او يجوز ان يكون للمؤمنين فيكون الاستفهام مستعمل في التلميح معهم يا عباد الله ذلك خير ام جنة الخلد قال ابن كثير رحمه الله تحت هذه الاية يقول تعالى يا محمد هذا الذي وصفناه من حال هؤلاء الاشقياء الذين يحشرون على وجوههم الى جهنم فتتلقاهم بوجه عبوس وبغيض وزفير ويلقون في اماكنها الضيقة على وجوههم الى جهنم ويلقون في ويلقون في اماكنها الضيقة مقرنين لا يستطيعون حراكا ولا انتصارا ولا فكاكا مما هم فيه اهذا خير عن جنة الخلد التي وعدها الله للمتقين من عباده التي اعدها لهم وجعلها لهم جزاء على ما اطاعوه في الدنيا وجعل مآلهم اليها والجواب واضح جنة الخلد خير جنة الخلد خير وقال الخلد لخلودهم فيها كما جاء في الايات الاخرى خالدين فيها ابدا ليس ذلك مغيم بغاية او مؤقت بوقت بل خالدين فيها ابد الاباد كما ان الكفار نعوذ بالله الذين هم اهل النار خالدين فيها ابدا لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين وسماها جنة الخلد لان من دخلها يخلد فيها وينعم فلا يبعس قال جل وعلا التي وعد المتقون والذي وعدهم بها هو الله سبحانه وتعالى ثم قال كانت لهم جزاء ومصيرا كانت هذه الدار وهذه الجنة جنة الخلد جزاء لهم وثوابا على اعمالهم التي عملوها في الدنيا وهي ما عملوه طاعة لله جل وعلا وتقربا اليه وفق شرعه وكانت ايظا مصيرا لهم يصيرون اليها ومرجعا ومآلا ومكانا يصيرون اليه ويؤولون اليه فنعم المصير في جنة الخلد جنة الخلد التي سقفها عرش الرحمن والجار فيها النبي صلى الله عليه وسلم والانبياء والصديقون والشهداء والصالحون فحسن اولئك رفيقا ثم قال جل وعلا لهم فيها ما يشاؤون لهؤلاء المؤمنين الذين دخلوا الجنة المتقون الذين اتقوا ما حرمه الله عليهم واتقوا ما نهاهم عنه لهم ما يشاؤون كل شيء يشاؤونه في الجنة فلهم ذلك الله اكبر كل ما يشاؤونه ويريدونه ويرغبون فيه يكون لهم حتى ان منهم من يشتهي الزرع منهم من يشتهي الولد منهم من يشتهي كذا فلهم ما يشاؤون تكفي هذه الاية لهم ما يشاؤون كل شيء يشاؤونه يريدونه فهو لهم من النعيم. وهذا والله اعظم النعيم لهم ما يشاؤون فيها لهم فيها ما يشاؤون خالدين ايضا وهم خالدون فيها لا يخرجون منها فتتبدل حالهم ويتعرضون خلاف النعيم او لمصائب الدنيا او لتعب الدنيا لا خالدين في هذه الجنة ابد الاباد رضي الله عنهم ورضوا عنه ثم قال كان على ربك وعدا مسئولا كان ادخالهم الجنة وخلودهم فيها ولهم فيها ما يشتهون كان هذا وعدا على الله والله لا يخلف الميعاد ومسؤولا افترض في مسئولا فقرر الطبري ان معنى مسؤولة يعني واجبة كان على كان دخولهم الجنة وخلودهم ولهم ما يشتهون فيها وعدا على الله واجبا لان الله جل وعلا لا يخلف الميعاد وقال اكثر المفسرين ان معنى مسؤولا هنا المراد ان المؤمنين كانوا يسألون الله ذلك في الدنيا فكانوا يسألون الله جل وعلا دخول الجنة فاعطاهم الله جل وعلا ذلك وانعم به عليهم كما قال جل وعلا على المؤمنين انهم قالوا واتنا ما وعدتنا على رسلك قال ابن عباس كان على ربك وعدا مسؤولا يقول سلوا الذي واعدتكم او قال واعدناكم ننجز لكم وقال محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى كان على على ربك وعدا مسئولا وقال محمد ابن كعب القرظي في قوله تعالى كان على ربك وعدا مسئولا ان الملائكة تسأل لهم ذلك ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم وقال ابو حازم اذا كان يوم القيامة قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذي امرتنا فانجز لنا ما وعدتنا فذلك قوله وعدا مسئولا ففي هذه الاية قولان وكلاهما حق فان المؤمنين يسألون في الدنيا الوعد الذي وعدهم الله به واتنا ما وعدتنا على رسلك وايضا كان وعدا مسؤولا يعني واجبا متحققا لا خلف فيه لان الله لا يخلف الميعاد وليس من باب ان احدا اوجب ذلك على الله بل هو اوجبه على نفسه ووعد به عباده المؤمنين والله لا يخلف الميعاد وهذا يدل على تحقق ذلك وان هذا وعد واجب لكم وحق ستجدونه اذا استقمتم على ديني وعلى عبادتي واطعتم رسلي فشمروا يا عباد الله الى الجنة واعملوا الصالحات وابشروا بما بما وعدكم به ربكم ابشروا بالخير العظيم فوالله ان الله لا يخلف الميعاد بل يجازي بالحسنة بل يجازي الحسنة بعشر امثالها. الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة فهو الرحمن الكريم الجواد جل وعلا ولا يهلك عليه الا هالك ثم قال سبحانه وتعالى ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول اانتم اظللتم عبادي هؤلاء امهم ظلوا السبيلا قالوا سبحانك ما ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء ولكن متعتهم واباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عما يقع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله من الملائكة وغيرهم فقال ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله قال مجاهد عيسى والعزير والملائكة ويوم اي واذكر يا نبينا يوم يحشرهم الله ويجمعهم يوم القيامة يجمع هؤلاء الكفار المشركون وما يعبدون ويجمعهم ويجمع الذين كانوا يعبدونهم وكما سمعتم قيل هم الملائكة بمن يعبد الملائكة وقيل وما يعبدون هو عيسى والعزير والملائكة والصواب ان هذا عام في كل من عبد احدا من دون الله جل وعلا سواء الملائكة او الانبياء او الصالحين او الجن او غيرهم يحشرون جميعا ويقول الله جل وعلا لهؤلاء المعبودين وهذا خاص بالصالحين يقول للمعبودين من دون الله هؤلاء الذين عبدوا فالملائكة والعزير وعيسى وغيرهم يقول الله لهم اانتم اضللتم عبادي هؤلاء اانتم طلبتم منهم ودعوتمهم الى عبادتكم من دون ولهذا يقول ابن ابن كثير اي فيقول الرب تبارك وتعالى اانتم دعوتم هؤلاء الى عبادتكم من دوني؟ ام هم عبدوكم من تلقاء انفسهم من غير دعوة من لهم كما قال تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله؟ قال سبحانك ما ايكون لي ان اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد قال ابن كثير ثم قال ابن كثير ولهذا قال تعالى مخبرا عما يجيب به المعبدون يوم القيامة قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء سبحانك اي ننزهك لان التسبيح والتنزيه والتبرئة لله جل وعلا عن كل نقص وعيب على سبيل التعظيم له فسبحانك ننزهك يا ربنا ان نكون قلنا ذلك او دعوناهم الى عبادتنا او الى عبادة احد سواك ثم قالوا مبينين ان العبادة حق لله ولا يجوز لاحد ان يدعو الى عبادة غير الله فقالوا ما كان ينبغي لنا. ما يجوز ما كان ينبغي لنا هذا ولا يحق لنا ولا يجوز لنا ولا يجوز لاحد ان يدعو احدا الى عبادة غير الله جل وعلا ما كان ينبغي لنا ذلك ما كان ينبغي لنا ذلك ولا لغيرنا قال ابن كثير رحمه الله قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء قرأ الاكثرون بفتح النون من قوله نتخذ من دونك اولياء اي ليس للخلائق كلهم ان يعبدوا احدا سواك لا نحن ولا هم فنحن ما دعوناهم الى ذلك بل هم قالوا ذلك من تلقاء انفسهم من غير امرنا ولا رضانا ونحن برءاء منهم من عبادتهم كما قال تعالى ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون وقرأ اخرون ما كان ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء اي ما ينبغي لاحد ان يعبدنا فان عبيد لك فانا عبيد لك فقراء اليك وهي قريبة المعنى من الاولى اشار الحافظ ابن كثير رحمه الله الى آآ القراءتين في قوله نتخذ ان نتخذ من دونك فانه قد قرأ الجمهور بالفتح بفتح النون وكسر الخاء ان نتخذ وقرأ ابو جعفر وزيد بضم النون وفتح الخاء ان نتخذ وهما قرأتان عشريتان متواترتان والمعنى كما قال ابن كثير واحد ما ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك اولياء وما كان ايضا ولا يجوز ان نتخذ من دونك اولياء يعني تصرف لنا العبادة فان هذا محض حق الله ولا يجوز ان تصرف العبادة لاحد سواه وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين جل وعلا ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون قال جل وعلا ولكن متعتهم واباءهم فيقول هؤلاء المعبودون من دون الله المدعوون بغير رضاهم ولكن متعتهم واباءهم حتى نسوا الذكر متعتهم اطلت في اعمارهم قال ابن كثير اي طال عليهم العمر حتى نسوا الذكر اينسوا ما انزلته اليهم على السنة رسلك من الدعوة الى عبادتك وحدك لا شريك لك نسوا الذكر ما ذكروا به نسوا الحق الذي انزلته نسوا التوحيد نسوا افرادك بالعبادة لانه طال عليهم العمر متعتهم وطالت عليهم السنين فامنوا من مكر الله واغتروا بما هم عليه قال جل وعلا عن هؤلاء المعوذين من دون الله انهم يقولون وكانوا قوما بورا هؤلاء الذين عبدوا عبدونا وعبدوا غيرك كانوا قوما بورا قال ابن عباس اي هلكى وقال الحسن البصري ومالك عن الزهري اي لا خير فيهم وقال ابن جرير الطبري او قبله قال الفراء البور في كلام العرب لا شيء يعني هو الذي لا شيء وقال الطبري بورا اي هلكى قد غلب عليهم الشقاء والخذلان نعوذ بالله واي خذلان وشقاء اعظم من الشرك ومن عبادة غير الله جل وعلا فكانوا قوما هلكى اشقياء غلبت عليهم الشقاوة لان الشرك اعظم الذنوب. ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم قال جل وعلا فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا فقد كذبوكم اي ايها العابدون للملائكة وللعزير وللصالحين وللانبياء كذبوكم كذبكم هؤلاء بما تقولون وانهم انتم تقولون انهم الهة لكم تعبدونهم تقول نريد ان يقربونا الى الله زلفى كذبوكم في في قولكم هذا وتبرأوا منكم قال ابن كثير فقد كذبوكم بما تقولون تقولون اي فقد كذبكم الذين ابتم فيما زعمتم انهم لكم اولياء وانكم اتخذتموهم قربانا يقربونكم اليه زلفى كما قال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وقوله جل وعلا فما تستطيعون صرفا ولا نصرا وقوله يفسر قوله هنا وقوله فما تستطيعون صرفا ولا نصرا اي لا يقدرون على صرف العذاب عنهم ولا الانتصار لانفسهم ومن يظلم منكم ان يشرك بالله نذيقه عذابا كبيرا اذا كذب المعبودون من دون الله عابديهم وتبرؤوا الى الله منهم فما تستطيعون ايها المشركون وايها العابدون لغير الله صرفا للعذاب ولما تكرهون عن انفسكم فلا تستطيعون صرف ما تخافون وصرف الظرر ولا تستطيعون ايظا نصر انفسكم وذلك حينما يكون ينزل بكم العذاب او ان المعنى ان هؤلاء الذين عبدتم من دون الله لا يستطيعون صرف الضر عنكم ومنعه ولا يستطيعون نصركم ولا نصر انفسهم لان الامر لله وحده لا شريك له الدفع والصرف والظر والنفع والنصر من عند الله سبحانه وتعالى وكل من عبد من دون الله لا يملك من ذلك شيئا ثم قال جل وعلا ومن يظلم منكم الظلم هنا هو الشرك كما قال الله جل وعلا عن لقمان انه قال يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم وهو اعظم الذنوب نذقه عذابا كبيرا نذقه عذابا كبيرا عند الله وهو عذاب النار فندخله النار ونخلده فيها ويصيبه من العذاب ما لا يعلم قدره الا الله وهو يعذب في النار ويقيد بالاغلال والسلاسل الى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه الكريم. ثم قال جل وعلا وما ارسلناك وما ارسلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الاسواق وجعلنا بعظكم لبعظ فتنة اتصبرون؟ وكان ربك بصيرا قال ابن كثير يخبر تعالى يقول تعالى مخبرا عن جميع من بعثه من الرسل المتقدمين انهم كانوا يأكلون الطعام ويحتاجون الى التغذي به ويمشون في الاسواق اي للتكسب والتجارة وليس ذلك بمناف لحالهم ومنصبهم فان الله جعل لهم من السمات الحسنة والصفات الجميلة والاقوال الفاضلة والاعمال الكاملة والخوارق الباهرة والادلة القاهرة ما يستدل به كل كل ذي لب سليم وبصيرة مستقيمة على صدق ما جاءوا به من الله عز وجل ونظير هذه الاية الكريمة قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم من اهل القرى وقوله وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين اذا ليس قولكم ان رسولنا صلى الله عليه وسلم يأكل الطعام ويمشي في الاسواق. ليس هذا قادحا فيه بل هذه سنة الله في جميع الرسل. فما ارسلنا قبلك من المرسلين والنبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل الا انهم لا يأكلون الطعام. كلهم يأكلون الطعام لانهم من بني ادم بشر فيحتاجون الى ان يتغذوا بالطعام ويأكلوا من وكذلك يمشون في الاسواق يتكسبون يشترون يبيعون حتى يكسبوا ما يعيشون به هذا في جميع الانبياء والرسل فما وجه انكاركم ذلك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الذي ذكرتموه ليس بمطعن وليس دليلا على ان الرسل لا يأكلون الطعام ولا يمشون في الاسواق بل هذه سنة الله جل وعلا في رسله يأكلون الطعام لانهم من بني ادم وايضا يمشون في الاسواق للتكسب والتجارة قال جل وعلا وجعلنا بعظكم لبعظ فتنة اخبار من الله انه جعل بعضنا لبعض فتنة قال ابن كثير اي اختبرنا بعضكم ببعض وبالونا بعضكم ببعض لنعلم من يطيع ممن يعصي وقال السئر نعم وقال الشوكاني وجعلنا او قبله قال الطبري وجعلنا بعظكم لبعظ فتنة اي ولابتليكم ايها الناس واختبر طاعتكم ربكم واجابتكم رسوله الى ما دعاكم اليه بغير عوظ من الدنيا ترجونه من نبينا وقال الشوكاني وجعلنا بعضكم لبعض فتنة هذا الخطاب عام للناس قد جعل سبحانه بعض عبيده فتنة لبعض فالصحيح فتنة للمريض والغني فتنة للفقير وهذا هو الاظهر ان هذه الاية عامة جعل الله بعظنا لبعظ فتنة فالغني فتنة للفقير. الفقير يقول ليتني مثل فلان والفقير فتن للغني يحتقره ويزدريه ويهضمه حقه الصحيح فتنة للمريض يقول المريظ ليتني وعافى مثل فلان لماذا لا اعافى مثل فلان الصحيح قد يهزأ ويحتقر المريض او يقلل شأنه وهكذا فسبحان الله جعل الله بعظنا لبعظ الفتنة هذا عام في كل شيء ولهذا ذكر عن بعض السلف انه مر به احد الامراء او اصحاب الشأن في موكب وكان واقفا فلما رآه تلا هذه الاية وجعلنا بعظكم لبعظ فتنة. اتصبرون ثم قال نعم نصبر نعم يا اخوان فلابد من الصبر. اذا كان الانسان كلما رأى شيء تغير وتأثر وندم وتمنى وتحسر والله سيعيش في هذه الدنيا شقيا فالله جعل بعضنا لبعض فتنة لكن ما هو الواجب علينا ان نصبر لان قوله اتصبرون هذا استفهام للتقرير تقرير اي اصبروا ولهذا قال الشيخ السعدي رحمه الله اتصبرون فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكم ام لا تصبرون فتستحقون المعاقبة وقال ابن عاشور هو هذا استفهام مستعمل في الحث والامر يعني اصبروا يحثنا على ان نصبر قال هذا او هو استفهام مستأمن في الحث والامر كقوله تعالى فهل انتم منتهون اذا اتصبرون؟ الله جعل بعضنا لبعض فتنة. اتصبرون على ذلك وتقومون بما هو وظيفتكم من حمد الله وشكره والرضا عنه والقيام بما اوجبه عليكم او لا تصبرون فان صبرتم او لم تصبروا سواء ذلك الله ماض حكمه فيكم. لكن ان صبرتم وقمتم بما اوجب الله عليكم وتعاملتم بالشرع اثابكم الله على ذلك الثواب العظيم. ونجحتم في هذه الفتنة وهذا الاختبار والا عذبكم على معصيتكم وعدم شكركم لنعمة ربكم قال ابن كثير وجعلنا بعظكم لبعظ فتنة اتصبرون اي اختبرنا بعظكم ببعظ وبلونا بعظكم ببعظ لنعلم من يطيع ممن يعصي. ولهذا قال اتصبرون وكان ربك بصيرا اي بمن يستحق ان يوحى اليه كما قال تعالى الله اعلم حيث يجعل رسالته. ومن يستحق ان يهديه الله لما ارسلهم به ومن لا يستحق ذلك وقال محمد ابن اسحاق في قوله وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون قال يقول الله لو شئت ان اجعل الدنيا مع رسلي لا يخالفون لفعلت ولكني قد اردت ان ابتلي العباد بهم وابتليهم بهم ايضا بنى الله الانبياء بالناس والناس بالانبياء بال الله المؤمنين بالكفار والكفار بالمؤمنين والصواب كما قدمنا ان الاية عامة فالانسان يتأمل ويتدبر في هذا قال وفي صحيح مسلم عن عياض ابن حمار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله اني مبتليك ومبتلي بك هذا على سبيل يعني ذكر بعض الانواع وان الله ابتلى النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار وابتلاهم به وهذا على سبيل ظرب المثال والا الاية عامة فعلينا ان نصبر على امر الله ونتمسك به ولا يكون ما نراه من غيرنا فتنة لنا بل هو فتنة لنا لكن لا يكون حاملا لنا على عدم طاعة الله والاستقامة على دينه بل نصبر على امر الله ونقوم ونتعامل وفق ما امرنا الله به حتى نفوز بالعاقبة الحميدة لان الله كان بصيرا بنا وباعمالنا بصيرا بمن يصبر ومن لا يصبر بصير ممن يطيع وبمن يعصي وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد