الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الفرقان وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا انزل علينا الملائكة او نرى ربنا لقد لقد استكبروا في انفسهم واتوا عتوا كبيرا في هذه الاية الكريمة المباركة يخبر جل وعلا عن تعنت الكفار في كفرهم وعنادهم وقبل ذلك اخبر انهم لا يرجون لقاءنا ومعنى لا يرجون لقاءنا اي لا يخافون البعث ولقاء الله لان لا يرجون قد تأتي بمعنى الخوف. ما لكم لا ترجون لله وقارا لا تخافون لله تعظيما فمعنى لا ترجون كما قال الامير الشنقيطي وغيره اي لا تخافون يوم القيامة ويوم البعث وهذا دليل على انهم كافرون بالبعث غير مؤمنين به ولا يرجون لقاء الله ولا يؤمنون به ولا يعتقدونه وهذا مما حملهم على ما صاروا اليه فقالوا لولا انزل علينا الملائكة ولولا بمعنى هلا للتحظيظ هلا انزل علينا الملائكة او نرى ربنا وهذا من قولهم يحتمل امرين يحتمل انهم ارادوا امرين الامر الاول لولا انزل علينا الملائكة يعني بالرسالة كما نزل على الانبياء يعني من شدة تكبرهم انهم قالوا هلا انزل علينا نحن ايضا انزلت علينا الرسالة تنزلت الملائكة وجاءتنا بالرسالة كما اتت الانبياء وهذا يدل له قوله جل وعلا قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله هذا المعنى الاول والمعنى الثاني ان مرادهم لولا انزل عليه الملائكة اي لو نزلت علينا الملائكة فنراهم عيانا ويخبروننا ان محمدا رسول الله يعني فهلا انزلت علينا الملائكة يخبروننا انك رسول من عند الله وهذا من شدة تعنتهم وهذا وايضا قالوا او نرى ربنا او نرى ربنا فيخبرنا انك رسوله فنقبل عند ذلك واكثر المفسرين على هذا على ان مراد الكفار هنا انهم قالوا هلا انزل ملائكة الينا يخبروننا بانك رسول من عندهم من عند الله ان كنت صادقا او نرى ربنا فيكلمنا ويخبرنا انك رسوله وهذا هو الاظهر والله اعلم لان الله جل وعلا عقبه بقوله لقد استكبروا في انفسهم واتوا عتوا كبيرا استكبروا وتعظموا واصابهم الكبر عن ان يتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم او يتبع الحق الذي جاء به ان في صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه وايضا من كبرهم انهم قالوا لو جاءنا الله وكلمنا فهذا كبر ما وراءه كبر وخبث ما وراءه خبث ولهذا قال جل وعلا واتوا عتوا كبيرا لقد استكبروا في انفسهم وتعظموا واتوا عتوا كبيرا قال ابن كثير لقد استكبروا في انفسهم واتوا عتو كبيرة وقد قال الله تعالى عنهم ولو ولو اننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ولكن اكثرهم يجهلون اذا هم متكبرون ولا يريدون اصلا الايمان وانما يقولون ذلك تحججا ولهذا ايضا قالوا في اية اخرى او تأتي بالله والملائكة قبيلا فهم لا يريدون الايمان وانما يريدون هذه الاعتراضات بسبب الكبر الكبر الذي في نفوسهم ولهذا قال وعثوا عتوا كبيرا قال الطبري اي تجاوزوا في الاستكبار بقيلهم ذلك حده وقال السمعاني العتو هو المجاوزة في الظلم وعتوهم هنا طلبهم رؤية الله حتى يؤمنوا وقال الامين الشنقيطي في اضواء البيان واتوا عتو كبيرة اي تجاوزوا الحد في الظلم والطغيان نعم تجاوزوا الحد في في الظلم والطغيان وهم يطلبون ان تتنزل عليهم الملائكة او يأتي ربهم اليهم ويخبرهم بصدق محمد صلى الله عليه وسلم حتى يتبعوه لقد استكبروا في انفسهم كبرا كبيرا وعتوا وتجاوزوا الحدود وظلموا انفسهم اشد الظلم ثم قال جل وعلا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا يوم يرون الملائكة اي واذكر حين يرون الملائكة يرى هؤلاء الذين لا يرجون لقاء الله والذين استكبروا في انفسهم واتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة وهذا يحتمل امرين يحتمل رؤية الملائكة عند قبض ارواحهم ويحتمل رؤية الملائكة يوم القيامة عند الجزاء والحساب ولا مانع من الامرين كما قال الامين الشنقيطي رحمه الله ورؤيتهم للملائكة يكونوا عند احتضارهم ويكون يوم القيامة ولا بشرى لهم في رؤيتهم في كلا الوقتين اذا يوم يرون الملائكة عند قبض الارواح فهم لا يرونهم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم بل يرون الملائكة ولا بشرى لهم اي لا تبشرهم رؤيتهم لا تبشرهم رؤيتهم الملائكة ولا تكون لهم في ذلك الوقت بشارة بخير بل تكون بشارة لهم بالشر لان الملائكة تبشرهم بالنار وغضب الجبار كما في حديث البراء انه ينزل ملك الموت ويأتي عند رأس الكافر المحتضر ومعه ملائكة معهم مسوح من النار فيقول ملك الموت ايتها النفس الخبيثة اخرجي الى سخط من الله وغضب فلا بشرى لهم بالخير بل بشرى لهم بالشر ولهذا قال الله جل وعلا ولو ترى اذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم وقال تعالى ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسط ايديهم اي بالظرب يضربونهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون هذه حال الكفار نسأل الله العافية والسلامة وهذا هو القول الاول والقول الثاني ان المراد ان الملائكة يقولون ذلك يوم القيامة لهم جزاء وفاقه على اعمالهم وكلا القولين حق. ولهذا قال ابن كثير ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم فان الملائكة في هذين اليومين يوم الممات ويوم المعادي تتجلى للمؤمنين وللكافرين فتبشر المؤمنين بالرحمة والرضوان وتخبر الكافرين بالخيبة والخسران فلا بشرى يومئذ للمجرمين فلا بشرى يومئذ للمجرمين وهذا كما قلنا دلت عليه نصوص من كتاب الله عز وجل وقوله هنا لا بشرى لان البشرى والبشارة هي الخبر السار الذي تغير له بشرة الوجه من حسنه وبهائه وسرور صاحب وسرور المبشر به وقد تستخدم البشارة بالعذاب بشر المنافقين بان لهم عذابا اليما لكن الحاصل هنا انه نفى البشارة بالخير للكافرين عند احتظار ارواحه عند احتظارهم وخروج ارواحهم بل يبشرون بالنار وعذاب الجبار وكذلك يوم القيامة لا بشرى لهم بالخير وهذا بخلاف المؤمنين فان المؤمنين وهذا يفهم يؤخذ من مفهوم المخالفة يعني ان غير هؤلاء المشركين او ان المؤمنين يبشرون بما يسرهم ومفهوم وهذا المفهوم مفهوم المخالفة جاء مصرحا به لقوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا والاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم سبحانه وتعالى ويقولون حجرا محجورا يوم يرون الملائكة لا بشرى لهم لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ووصفهم بالاجرام لشدة جرمهم وكثرة ذنوبه ومنها ما سبق قريبا انهم يقولون لن نصدق ان محمدا رسول الله حتى تأتينا الملائكة تكلمنا او يأتي الله او يأتي ربنا ويكلمنا هو رسولي هذا غاية الاجرام والتكذيب قال ويقولون حجرا محجورا ويقولون حجرا محجورا اولا الحجر كما قال ابن جرير قال الحجر الحجر اصله المنع ومنه يقال حجر القاضي على فلان اذا منعه التصرف اما لسفه او فلس او صغر او نحو ذلك ومنه سمي الحجر عند البيت الحرام لانه يمنع الطواف يمنع الطواف ان يطوه فيه وانما يطاب من ورائه ومنه يقال للعقل حجرا حجرا لانه يمنع صاحبه عن تعاطي ما لا يليق واختلفوا اولا معنى الكلمة فقالوا معنى حجرا محجورا يعني حرام محرم عليكم الفلاح اليوم واختلفوا من القائل فاكثر المفسرين على ان القائل هم الملائكة يومئذ يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون اي تقول الملائكة لهم حجرا محجورا اي حرام محرم عليكم والفلاح اليوم ممنوع حرام محرم لانه يأتي بمعنى لانه بمعنى المنع احرام محرم يعني يمنع نعم حجرا محجورا يعني حرام محرم عليكم ممنوع تمنعون من الخير والفلاح في هذا اليوم جزاء اجرامكم و هذا تقريبا هو قول الجمهور انه يعود على الملائكة وان الملائكة يقولون لهؤلاء المجرمين حجرا مهجورا اي حرام محرم عليكم والفلاح اليوم جاء عن ابي سعيد الخدري انه قال حراما محرما ان يبشر بما يبشر به المتقون وقيل ان الذي يقول ذلك هم الكفار انفسهم المجرمون وذلك من كلامهم وهذا مروي عن ابن جريج واختاره الامير الشنقيطي والمعنى انهم يتعوذون من الملائكة وذلك ان العرب كانوا اذا نزل باحدهم نازلة او شدة يقول حجرا محجورا وقيل ان معنى قول المشركين حجرا محجورا اي حراما محرما عليكم ان تمسونا بسوء تقوله للملائكة يقوله المجرمون احراما محرما عليكم ان تمسونا بسوء اي اننا لم نرتكب ذنبا نستوجب به العذاب كما اوضحه الله بقوله تعالى الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم فالقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون والاظهر والله اعلم انه من قول الملائكة قال ابن كثير وهذا القول القول بانه من قول المشركين قال وهذا القول وان كان له مأخذ ووجه ولكنه بالنسبة الى السياق في الاية بعيد ولا سيما قد نص الجمهور على خلافه ثم قال ولكن قد روي روى ابن ابي نجيح عن مجاهد انه قال حجرا محجورا اي عوذا معاذا فيحتمل انه اراد ما ذكره ابن جريج ولكن في رواية ابن ابي حاتم عن ابن ابي نجيح عن مجاهد انه قال هجرا مهجورا عوذا معاذا الملائكة تقوله فالله اعلم فالذي يظهر والله اعلم ان هذا من قول الملائكة ويقولون لهم حجرا محجورا اي حرام محرم عليكم الفلاح اليوم ومهجورا من باب التوكيد تأكيد للمعنى بمعنى حجرا وهذا وهذا موجود في كلام العرب وهو يدل على التوكيد كما يقال موت موت ماءت ويقال ذيل ذائل وقالوا حجرا محجورا كلهم من باب التوكيد انهم ممنوعون من الفلاح والفوز والنجاة ثم قال جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا يخبر جل وعلا انه يحاسب الكفار وينظر في عملهم فيجعله هباء قال ابن كثير وهذا يوم القيامة حين يحاسب الله العباد على على ما عملوه من خير وشر فاخبر انه لا يتحصل لهؤلاء المشركين من الاعمال التي ظنوا انها منجاة لهم شيء لا يتحصل لهم شيء ثم قال وذلك لانها فقدت الشرط الشرعي اما الاخلاص فيها واما المتابعة واما المتابعة لشرع الله فكل عمل لا يكون خالصا وعلى وعلى الشريعة المرضية فهو باطل فاعمال الكفار لا تأخذ لا تخلو من واحد من هذين وقد تجمعهما معا فتكون ابعد من من القبول حينئذ ولهذا قال تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا اشار ابن كثير رحمه الله هنا الى شرطي قبول العمل فان العمل لا يقبل الا بشرطين الاخلاص فيه لله جل وعلا والمتابعة فيه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فالكفار قد يحصل عندهم واحد من الامرين لكن ما يجتمع الامران فقد يعملون العمل مخلصين فيه لله لكن ليسوا متبعين النبي صلى الله عليه وسلم. فليس هو بمشروع وقد يجتمع عندهم الامران لا اخلاص ولا متابعة لا يعملون العمل خالصا لله يعملونه رياء او سمعة ولا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وقدمنا اي امدنا كما قال السدي وقال بعضهم معنا وقدمنا اي اتينا عليه وهما بمعنى يعني اتينا على عملهم او عمدنا الى عملهم الذي عملوه في الدنيا فجعلناه هباء منثورا الهباء فيه اقوال للسلف وهي ومؤداها واحد وهي قريبة من بعض فقال بعضهم وهو مروي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه عن ابن عباس ومجاهد عكرمة وسعيد ابن جبير حسن البصري ان المراد به الهباء ان المراد بالهباء هو تلك الاجسام التي تظهر اذا دخل ضوء الشمس من قوة البيت مثلا في بيتك قوة يعني نافذة صغيرة شق فالغرفة مظلمة فدخل ضوء الشمس اليها فانك اذا مررت او تحركت عند ضوء الشمس الذي داخل الغرفة تتراءى لك اجسام بيضاء صغيرة تتطاير مجرد ان تتحرك تتطاير من خفتها قالوا هذا هو الهباء يعني لا شيء نجعله هباء منثورا يعني نجعلها مثل الهباء المنتثر فهو اصلا خفيف لا وزن له وايضا منتذر ما تستطيع ان تمسك به. متطاير هنا وهناك وقال جاء عن علي بن ابي جاء عن ابن عباس من طريق علي ابن ابي طلحة ان الهباء المنثور هو الماء المهراق الماء الذي صببته اهرقته لا شيء وجائر عن علي بن ابي طالب انه قال الهباء رهج الدواب وجاء مثله عن ابن عباس والضحاك ومعنى رهج الدواب يعني غبار الدواب اذا جاءت تمشي الدواب تثير غبارا هذا الغبار ما تمسكه ما وهباء متناثر غبار متطاير يعني لا شيء له لا وزن له اعمالهم التي كانوا يعملون يظنون انها ستنفع صارت مثل الهباء الذي لا وزن له ولا قيمة له ولا ينفع صاحبه وجاء عن قتادة انه قال ما رأيت يبيس الشجر الشجري اذا اذرته الرياح فهو ذلك الورق يقول الهباء يعني هي الاوراق اليابسة المتطايرة من الاشجار تذروها الرياح وقال عبدالله بن وهب عن عبد الله بن يعلى قال ان الهباء الرماد وهذه الاقوال متقاربة كما قال ابن جرير قال وحاصروا هذه الاقوال التنبيه على مضمون الاية وذلك انهم عملوا اعمالا اعتقدوا انها شيء فلما عرضت على الملك الحكيم العدل الذي لا يجور ولا يظلم احدا اذا ان اذا انها لا شيء بالكلية وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق الذي لا يقدر منه صاحبه على شيء بالكلية كما قال تعالى مثل الذين كفروا بربهم اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء. ذلك هو الضلال البعيد وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الاخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فاصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين وقال تعالى والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا وقد تقدم الكلام عليها وانه المراد ما يتراءى للناظر بانهما فاذا جاء لم يجده شيئا لانه سراب هكذا اعمالهم يعني لا شيء. نسأل الله العافية والسلامة لانهم قد عملوا في الدنيا اعمالا قد يكون احدهم وصل الرحم اه اعطى المسكين فعل امور من لكنها لا تنفعهم لانهم ما جاءوا باصل قبولها وهو الاخلاص والمتابعة او لم يأتوا باحد هذين الامرين نسأل الله العافية والسلامة ثم قال جل وعلا اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن ما قيلا بعد ان ذكر حال الكفار وما لهم من العذاب وما مصير اعمالهم اردف وثنى بذكر حال اصحاب الجنة وهم المؤمنون فقال اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن ما قيلا. قال ابن كثير اي يوم القيامة لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون وذلك لان اهل الجنة يصيرون الى الدرجات العاليات والغرفات الامنات فهم في مقام امين حسن المنظر طيب المقام خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما واهل النار يصيرون الى الدركات السافلات والحسرات المتتابعات وانواع العذاب والعقوبات انها سعت مستقرا ومقاما اي بئس المنزل منظرا وبئس المقيل مقاما ولهذا قال تعالى اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا. اي بما عملوه من الاعمال المتقبلة نالوا ما نالوا وصاروا الى ما صاروا اليه بخلاف اهل النار فانهم فانه ليس لهم عمل واحد يقتضي لهم دخول الجنة نجاة من النار فنبه تعالى بحال بحال السعداء على حال الاشقياء وانه لا خير عندهم بالكلية فقال تعالى اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا قال الظحاك عن ابن عباس انما هي ظحوة فيقيل اولياء الله فيقيل اولياء الله على الاسرة مع الحور العين ويقيل اعداء الله مع الشياطين مع الشياطين مقرنين نعم يعني قارن بينهما لان القيلولة هي وقت الاستراحة نصف النهار قال سعيد بن جبير يفرغ الله من الحساب نصف النهار فيقيل اهل الجنة في الجنة واهل النار في النار قال تعالى اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسنوا مقيلا وقال عكرمة اني لاعرف الساعة التي يدخل فيها اهل الجنة الجنة واهل النار هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الاكبر اذا انقلب الناس الى اهليهم للقيلولة فينصرف اهل النار الى النار واما اهل الجنة فينطلق بهم الى الجنة فكانت قيلولتهم في الجنة واطعم كبد حوت فاشبعهم ذلك كلهم وذلك قوله اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا وقال سفيان بن عن ميسرة عن المنهال عن ابي عبيدة عن ابي عبيدة او عن ابي عبيدة سلماني عن عبد الله ابن مسعود انه قال لا ينتصف النهار حتى يقيلوا هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسنوا مقيلا وقرأ ثمان ان مرجعهم لالى الجحيم وقال العوفي عن ابن عباس في قوله اصحاب الجنة يومئذ خير مستقر واحسن ما قيلا قال قالوا في الغرف من الجنة وكان حسابهم ان عرضوا على ربهم عرظة واحدة وذلك الحساب اليسير وهو مثل وهو مثل قوله تعالى فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب الى اهله مسرورا وقال قتادة في قوله اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن ما قيلا قال مأوى ومنزل ثم اورد بعض الاثار وليعلم المسلم ان الله جل وعلا يخفف ذلك اليوم الذي مقداره خمسين الف سنة يخففه الله جل وعلا على عباده المؤمنين يدل لذلك ما رواه ابو يعلى وابن حبان في صحيحه وصححه الالباني في صحيح الترغيب عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم يقوم الناس لرب العالمين مقدار نصف يوم من خمسين الف سنة فيهون ذلك على المؤمنين كتدلي الشمس الى الغروب الى ان تغرب يكون فقط هذا الذي على الكافرين خمسين الف سنة يكون على المؤمنين مثل ما مثل الوقت الذي اخر النهار لما تتدلى الشمس الغروب يعني تتضيف للغروب تميل للغروب ما بقي شيء على مغيب الشمس وقت يسير وجاء في بعض الاحاديث انها تكون كما بين العصر الى مغيب الشمس لكن الحديث فيه ضعف في دراجة بالسمح لكن يغني عنه هذا الحديث الصحيح نسأل الله عز وجل ان ينجينا واياكم من النار وان يهون علينا يوم الحساب وان يجعلنا واياكم من اصحاب اليمين وان يهون علينا ذلك اليوم العسير بجوده وكرمه ورحمته انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد