بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الفرقان في الاية الحادية والخمسين منها ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا هو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح اجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا وهو الذي خلق من الماء شروا وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا فجعله نسبا وصهرا. وكان ربك قديرا يقول جل وعلا ولو شئنا يا نبينا لبعثنا في كل قرية نذيرا كل قرية من القرى في زمانك لو شئنا بعثنا في كل واحدة منها نذيرا ورسولا ينذرهم عذاب الله جل وعلا ويدعوهم الى الله سبحانه وتعالى قال ابن كثير رحمه الله يقول تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ان يدعوهم الى الله عز وجل ولكنا ولكنا خصصناك يا محمد بالبعثة الى جميع اهل الارض وامرناك ان تبلغ الناس هذا القرآن كما قال تعالى لانذركم به ومن بلغ يعني قوله جل وعلا واوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ وقوله ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده وقوله لتنذر ام القرى ومن حولها وقوله قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا وفي الصحيحين بعثت الى الاحمر والاسود وفيهما ايضا في الصحيحين وكان النبي صلى وكان النبي يبعث الى قومه خاصة ووعثت الى الناس عامة ولهذا قال فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا. يعني بالقرآن قاله ابن عباس وجهادا كبيرا كما قال يا ايها النبي جاهدوا الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ونحو قوله قال الطبري ولو شئنا يا محمد لارسلنا في كل مصر ومدينة نذرا ينذرهم بأسنا على كفرهم بنا فيخف عنك كثير من اعباء ما حملناك منه ويسقط عنك بذلك مؤنة ويسقط عنك بذلك مؤنة عظيمة ولكنا حملناك ثقلا نذارة جميع القرى لتستوجب بصبرك عليه ان ما اعد الله لك من الكرامة عنده والمنازل الرفيعة قبله فلا تطع الكافرين فيما يدعونك اليه من ان تعبد الهتهم ولكن جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا حتى ينقادوا حتى ينقادوا للاقرار بما فيه من فرائض الله ويدين ويذعن به الى اخر كلامه رحمه الله فتلخص كما بدأنا ان ان هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فالله يقول له لو شئنا يا نبينا لبعثنا في وقتك الى كل قرية رسول منهم ولكن ارسلناك لجميع الناس وجعلناك رسولا لجميع الخلق بل للجن والانس وخصصناك بذلك ولهذا قال فلا تطع الكافرين اي لا تطع كما قال جل وعلا ولا تطع الكافرين والمنافقين وكما قال ولا تطع ولا تطع منهم اثما او كفورا وكما قال ولا تطع كل حلاف مهين اي لا تطع الكافرين في قولهم لك تعبد الهنا يوما ونعبد الهك يوما او لا تطعهم فيما يريدون منك ان تترك دعوتهم وان لا تدعوا الى توحيدنا وافرادنا بالعبادة ثم قال وجاهدهم به جهادا كبيرا لا تطعهم فيما يريدون منك من عدم دعوتهم وعدم او ان تكون مثلهم او تعبد الى الهتهم او كل ما يريدونه منك خلاف الحق وجاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا اي جهادا شديدا لا يخالطه فتور قال السعدي اه او مر معنا قول ابن كثير وابن جرير وقال السعدي لا تبقي وجاهدهم به جهادا كبيرا. لا تبقي من مجهودك في نصر الحق وقمع الباطل الا بذلته ولو رأيت منهم من التكذيب والجرأة ما رأيت. فابذل جهدك واستفرغ وسعك ولا تيأس من هدايتهم ولا تترك ابلاغهم ثم قال جل وعلا وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح اجاج يبين جل وعلا شيئا من خلقه الدال على قدرته وعلى انه على كل شيء قدير فقال جل وعلا وهو الذي مرج البحرين هذا عدم فرات وهذا منح ايجاز فمرج البحرين مرج فيها قولان والمراد بالبحرين وسنذكرهما قريبا والبحراني بحر الماء العذب وبحر الماء الملح الاجاج قال الامين الشنقيطي رحمه الله في اضواء البيان اعلم ان لفظة مرج تطلق في اللغة اطلاقين الاول مرج بمعنى ارسل وخلى من قولهم مرج دابته اذا ارسلها الى المرج وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب كما قال حسان ابن ثابت رضي الله عنه وكانت لا يزال بها انيس خلال مروجها نعم وشاءوا وعلى هذا في المعنى ارسل البحرين وخلاهما لا يختلط احدهما بالاخر يكون معنا مرج البحرين يعني ارسلهما وخلاهما مع بعضهما ارسلهما مع بعض وخلاهما مع بعضهما البعض لكن مع ذلك لا يختلط احدهما بالاخر ثم قال والاطلاق الثاني مرج بمعنى خلط ومنه قوله تعالى في امر مريج اي مختلط فعلى القول الاول المراد بالبحرين الماء العذب العذب في جميع الدنيا والماء الملح في جميعها وقوله هذا عدم فرات يعني به ماء الابار والانهار والعيون في اقطار الدنيا وقوله وهذا ملح اجاج اي البحر الملح كالبحر المحيط وغيره من البحار التي هي ملح اجاج وعلى هذا التفسير فلا اشكال واما القول الثاني بانه مرج بمعنى خلط فالمعنى انه يوجد في بعض المواضع اختلاط الماء الملح والعذب والماء العذبي في مجرى واحد ولا يختلط احدهما بالاخر بل يكون بينهما حاجز من قدرة الله جل وعلا يعني خلاصة ما ذكره هنا هنا ان مرج تحتمل ان المراد يعني انه اوجد وخلى وارسل بحرين فجعل هذا ماء عذب وهذا ملح اجاج ولا يلزم ان يكون بجوار بعضهما لا وهذا ما ذهب اليه ابن كثير وابن جرير ان المراد انه جعل ماء عذبا كمياه الابار و الانهار وآآ ارسل ايضا وجعل ماء مالحا وهي مياه البحار وليس المراد مرج مرجهما يعني خلطهما مع بعضهما بجوار بعضهما وكأن ابنك نعم وحاول ابن كثير يعني ترجيح هذا القول وتأييده فقال اي خلق المائين الحلو والملح فالحلو كالانهار والعيون والابار وهذا هو البحر الحلو الفرات العذب الزلال قاله ابن جرير قاله ابن جريج واختاره ابن جرير وهذا الذي لا شك فيه فانه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات يعني يقول سماه الله بحرا لا يعرف بحر في الوجود علم البحار كلها مالحة قال فالبحر العذب نعم قال والله سبحانه انما انما اخبر عن الواقع لينبه العباد على نعمته عليهم ليشكروه. فالبحر العذب هو هذا السارق بين الناس فرقه تعالى بين خلقه لاحتياجهم اليه انهارا وعيونا في كل ارض بحسب حاجتهم وكفايتهم لانفسهم واراضيهم قال وقوله وهذا ملح اجاج اي مالح مر زعاق لا يستساغ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق وبحر القلزم وبحر اليمن وبحر البصرة وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر وما شاكلها وشابها من البحار الساكنة التي لا تجري ولكن تتموج وتضطرب وتغتنم في زمن الشتاء وشدة الرياح ومنها ما فيه مد وجزر ففي اول كل شهر يحصل منها مد وفيض فاذا شرع الشهر في النقصان جزرك حتى ترجعوا الى غايتها الاولى فاذا استهل الهلال من الشهر الاخر شرعت في المد الى الليلة الرابعة عشرة ثم تشرع في النقص فاجرى الله سبحانه وتعالى وله القدرة التامة العادة بذلك وثم قال فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة الماء مالحة الماء لئلا يحصلوا بسببها نتن الهواء يفسد الوجود بذلك ولان لا تجوي الارض بما يموت فيها من الحيوان ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة. ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ماء البحر ان اتوضأ به؟ قال هو طهر ماءه الحل ميتته. رواه الائمة ما لك الشافعي واحمد واهل السنن باسناد جيد فخلاصة كلام ابن كثير رحمه الله انه يرى آآ ان معنى مرج البحرين يعني ارسلهما وسواهما وخلقهما وخلاهما فاوجدهما البحر الماء العذب وحده لا يختلط لكن يكن في الابار في الانهار وبينهما حاجز وهو اليبس الارض اليابسة والماء الاوجاج المالح هي البحار وهذا قول. والقول الثاني وهو الذي اشار اليه الامير الشنقيطي هنا رحمه الله بان المراد ان البحرين يكونان في موضع واحد في موضع واحد يكون في بحر واحد تجد ماء عذبا وماء ملحا مع انه قد مرجهما وخلطهما. الماء متصل بعضه ببعض لكن هذا اذا شربت منه عذبا فراكا وهذا اذا شربت منه ملح اجاج. مع ان الماء مختلط ببعضه وهذا من قدرة الله جل وعلا وهذا والله اعلم هو الاظهر هو الذي هو الاظهر وان كان الاول لا شك انه نعمة من الله جل وعلا على عباده لكن هذا المعجزة فيه اظهر واقوى قال الامين الشنقيطي رحمه الله واما على القول الثاني فان مرج بمعنى خلطا. فالمعنى انه يوجد في بعض المواضع اختلاط الماء الملح والماء العذب في مجرى واحد لا يختلط احدهما بالاخر بل يكون بينهما حاجز من قدرة الله تعالى وهذا محقق الوجود في بعض البلاد. محقق ثابت ومن المواضع التي هو واقع فيها المحل الذي يختلط في نهر السنغال في نار السنغال بالمحيط الاطلسي بجنب مدينة سان لويس وقد زرت مدينة سان لويس عام ست وستين وثلاثمائة والف هجرية واغتسلتم مرة في نهر السنغال ومرة في المحيط ولم اتي محل اختلاطهما. ولكن اخبرني بعض المرافقين الثقات انه جاء الى محل اختلاطهما. وانه وانه جالس يغرف باحدى يديه عذبا عذبا وفراتا وبالاخرى ملحا اجاجا. والجميع في مجرى واحد لا يختلط احدهما بالاخر فسبحانه جل وعلا ما اعظمه ما اعظمه وما اكمل قدرته وهو الذي وهذا الذي ذكره الله جل وعلا في الاية جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى في سورة فاطر وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج وقوله تعالى مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان اي لا يبغي احدهم على الاخر فيمتزج به. وهذا البرزخ الفاصل بين البحرين المذكورين في سورة الوقان وسورة الرحمن قد بين قد بين تعالى في سورة النمل انه حاجز حجز بينهما وذلك في قوله جل وعلا امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا االه مع الله؟ بل اكثرهم لا يعلمون وهذا الحاجز هو اليبس من الارض الفاصل بين الماء العذب والماء الملح على التفسير الاول يعني التفسير الاول الذي يقول ان معنى البحرين يعني انه جعل انهارا وابارا فيها الماء الحلو مستقلة متباعدة من الماء المالح الذي في البحار قال واما على التفسير الثاني فهو حاجز من قدرة الله غير مرئي للبشر واكد شدة حجزه بينهما بقوله هنا وحجرا محجورا. والظاهر ان قوله هنا حجرا اي منعا وحراما قدريا وان محجورا توكيد له اي منعا شديدا للاختلاط بينهما وقوله هذا عدم صفة مشبهة من قوله عذب الماء بالظم فهو عذب وقوله فرات صفة مشبهة ايضا من من فرط الماء بالظم من فروة الماء بالظم يفو فرات اذا كان شديد العذوبة وقولوا وهذا ملح صفة مشبهة ايضا من قوله من قولهم ملح الماء بالظم فهو ملح هكذا ذكر الشيخ وقد حدثني بعض الثقات عندي ان في البحرين التي تسمى الان دولة البحرين انه كان هناك مكان آآ في البحر اه فيه مختلط الماء مع بعضه لكن الملح مالح والعذب عذب جدا مع انهما بجوار بعضهما وقالوا يعني انه حدثنا كبار السن السن بهذا وانهم كانوا يذهبون الى البحر ويرتوون الماء العذب ويقولون يكون الماء العذب لونه اسود في سواد اكثر من الماء المالح فهذا موجود ولا شك ايضا ان وجود الماء العذب في الاباري والعيون ووجود الماء المالح ان ان ذلك ايضا من نعم الله على عباده وخلقه لهم لكن هذا اظهر في القدرة وان كان المعنى الاخر حق ايضا ولكن ايضا من قدرته جل وعلا وقوته على ما يريد وفعله لما يشاء انه يجعل المائين المختلطين في مكان واحد احدهما عذب فرات سائغ للشاربين والاخر ملح اجاج مر لا يستطيع احد ان يشربه. ومع ذلك لا يختلطان وبينهما بارز برزخ وحاجز يمنعهما من ذلك فسبحان الله فهو على كل شيء قدير قال جل وعلا وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات اي شديد العذوبة وهذا منح اجاج اي فيه ملوحة ومرارة شديدة وجعل بينهما برزخا مانعا وحاجزا يحجز بينهما على ضوء ما مر وحجرا محجورا وحجرا محجورا كما قدمنا انه يكون كما قدمنا كلام الامين الشنقيطي انه يعني مانعا يمنع بينهما وحراما محرما ان ان يعذب هذا الماء ان يأذب الماء المالح باختلاطه بالماء الحلو او او يمنح الماء العذب باختلاطه بالماء المالح اه ثم قال جل وعلا وهو الذي خلق من الماء بشرا وصهرا وهذا ايضا في بيان قدرته جل وعلا وهذا يرجح ان الله سبحانه وتعالى ذكر هنا في هذه الايات امورا تدل على كمال قدرته جل وعلا فانه جعل هذه الامور العجيبة اوجدها وجعلها ليدل خلقه على كمال قدرته جل وعلا وبذلك يجب عليهم ان يفردوه ويوحدوه لانه على كل شيء قدير. ولا يستطيع هذا احد غيره جل وعلا ثم قال وهو الذي خلق من الماء بشرا يعني خلق من الماء بشرا. البشر الناس بشر ينتشرون فجعله نسبا وصهرا جعل هذا البشر نسبا وصهرا جعل بينهم نسب وصهر قال القرطبي النسب والصهر معنيان يعمان كل قربى تكون بين ادميين ثم النسب هو الذي المراد بهما يكون من جهة نسبك من جهة اصولك وهو الذي لا يحل نكاحه والصهر القرابة من جهة النكاح من جهة النكاح والزواج فالنسب قرابتك من جهة نسبك اصولك وفروعك فجعل نسبا للانسان اباء وامهات واجداد وجدات وان علوا وجعل له بنينا وحفدة بنين وبنات وان نزلوا وكذلك ايضا جعل قرابة اخرى غير النسب وهي قرابة الصهر الرجل يتزوج امرأة اجنبية لا تحل له فيجعل بينهما صهرا فيسمع له اسحارا واقارب من جهة عقد النكاح قال جل وعلا وكان ربك قديرا. جل وعلا لا يعجزه شيء ثم قال سبحانه وتعالى ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويعبدون ان يعبدوا كفار قريش وغيرهم شعائر الكفار قال ابن كثير يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غير الله من الاصنام التي لا تملك لهم نفعا ولا ضرا بل لا دليل قادهم بلا بلا دليل قادهم الى ذلك ولا حجة ولا حجة ادتهم الى اليه بل بل بمجرد الاراء والتشهي والاهواء فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم ويعادون الله ورسوله فيهم نعم اذا يعبد الكفار من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم فهذه الاصنام وهذه الالهة لا تنفعهم ولا تجد لهم النفع ولا تضرهم ايضا لانها جماد لا تملك نفعا ولا ظرا قال وكان الكافر على ربه ظهيرا ظهيرا بمعنى عوينا اي عونا في سبيل الشيطان على حزب الله وحزب وحزب الله هم الغالبون كما قال تعالى واتخذوا من دون الله الهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون الى ان قال قال مجاهد وكان الكافر على ربه ظهيرا يعني يظاهر الشيطان على معصية الله يعينه وقال سعيد بن جبير وكان الكافر على ربه ظهيرا. يقول عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك وقال زيد ابن اسلم وكان الكافر على ربه ظهيرا قال مواليا نعم هذا معنى وكان الكافر على ربه ظهيرا كان على ربه ظهيرا يعني كان معينا للشيطان على ربه يعني انه من حزب الشيطان وانه يشرك بالله ويظهر العداوة لله ولرسوله فهو ظهير معويل للشيطان وان كان وان كان لا يلزم من ذلك ان يضر الله شيئا لكن هذه حالهم انه يتخذ الشيطان وليا ويطيعه ويعبده والشيطان كافر يدعو الى الكفر والشرك فيعين الكافر بهذا فيعين الكافر بهذا الشيطان بان يكون معه ويعبد الاصنام ويكون ظهيرا للشيطان ظد ضد ربه ونبيه وضد التوحيد وضد المؤمنين. ولا يضر بذلك الا نفسه ثم قال جل وعلا وما ارسلناك الا مبشرا ونذيرا ما ارسلناك يا نبينا الا مبشرا تبشر بالخير وبالايمان والاسلام. وتبشر من اطاع الله بالجنة والثواب العظيم. ومنذرا تنذر عذاب الله. وتنذر الشرك تنذر من كفر بالله جل وعلا بالعذاب الاليم قال ابن كثير اي بشير للمؤمنين ونذير للكافرين. مبشرا بالجنة لمن اطاع الله ونذيرا بين يدي عذاب شديد لمن خالف امر الله ثم قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما اسألكم عليه من اجر الا من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا لا اسألكم على دعوتي اليكم اجرا وثوابا قال ابن كذيب اي قل ما اسألكم عليه من اجر اي على هذا البلاغ وهذا الانذار من اجرة اطلبها من اموالكم وانما افعل ذلك ابتغاء وجه الله لمن شاء منكم ان يستقيم والا من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا اي طريقا ومشركا ومنهجا يقتدي فيها بما جئت به الا انه صلى الله عليه وسلم يريد فقط ان يتخذوا الى الله سبيلا ما يريد منهم اجرا ولا ثوابا الذي يريده منهم ان يتخذوا الى الله سبيلا وطريقا وهو اتباع الحق فيسيرون فيه الى الله جل وعلا وهو الصراط المستقيم. ولا يريد منهم ثوابا على ذلك ثم قال جل وعلا وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده. التوكل هو الاعتماد على الله وتفويض الامور اليه مع الاخذ بالاسباب والله امر نبيه بالتوكل عليه وقال وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين فامر نبيه والامر لنبيه امر لنا كذلك وتوكل على الحي الذي لا يموت لان له الحياة الدائمة فهو الاول فليس قبله شيء. وهو الاخر فليس بعده شيء والجن والانس يموتون وكله كل من عليها فان كل نفس ذائقة الموت الا ربنا جل وعلا فهو الحي الذي لا يموت فهو المستحق ان يعبد وهل دليل على كمال قيوميته وحياته وقدرته فقال جل وعلا وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا سبح بحمده التسبيح هو التنزيه والتبرئة لله عن كل نقص وعيب مع التعظيم له او على سبيل التعظيم له والحمد هو الثناء على الله جل وعلا بجميع انواع المحامد فامر الله نبيه ان يجمع بينهما بين تنزيهه وحمده فهو ينزه ربه ويحمده انزهك تنزيها مصحوبا بالحمد وهذا من اعظم الذكر. ولهذا قال ابن كثير اقرن بين حمده وتسبيحه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك يعني في سجوده وركوعه كان يقول هذا اي اخلصوا اي اي اخلص له العبادة والتوكل كما قال تعالى رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا. وقال فاعبده وتوكل عليه. وقال قل هو الرحمن امنا به وعليه توكلنا ولهذا جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال او شرع ان يقول الانسان في الصباح والمساء سبحان الله وبحمده مائة مرة ان يقول في الصباح سبحان الله وبحمده مئة مرة فمن قال ذلك غفرت ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر هذا فيه فضل ان يقرن الانسان في ذكر الله جل وعلا بين تسبيحه وحمده آآ ثم قال جل وعلا وكفى به بذنوب عباده خبيرا اي كفى بالله جل وعلا كفى به اي بالله وهذا بمعنى اكتفي به لما عدي بالباء لان الاصل كفى الله المؤمنين القتال الاصل ان كفى تتعدى بنفسها لكن عداها بحرف الجر هنا ليدل على انها مظمنة لمعنى الامر اي اكتفي به بذنوب عباده خبيرا قال الطبري وحسبك بالحي الذي لا يموت خابرا من ذنوب عبادي. خابرا بذنوب خلقه. فانه لا يخفى عليه شيء منها. وهو محسن جميعها يجازيهم به يجازيهم بها يوم القيامة ونحوه قال ابن كثير وكفى به بذنوب عباده خبيرا اي لعلمه التام الذي لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة. والخبير هو العليم ببواطن الامور جل وعلا وكفى به خبيرا. اكتفي به والله هو هو الخبير الذي لا يخفى عليه شيء وهذا ايضا دليل على انه هو المستحق للعبادة من كان بهذا الوصف ثم قال الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام اخبر ايضا عن قدرته التامة وانه خلق السماوات السبع وما فيهن وما بينهن وكذلك خلق الاراضين سبع في سهولها وكثافتها وما فيها في ستة ايام ابتدأها يوم الاحد وفرغ منها يوم الجمعة كما جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم ثم استوى على العرش جل وعلا اي علا على العرش واستقر عليه وارتفع على ما يليق بكماله وجلاله جل وعلا ولا يجوز ان يقال استوى بمعنى استولى فان هذا تحريف للكلمة عن مواضعه ويلزم منه لوازم فاسدة كأن العرش كان مستقلا عن الله ثم استولى عليه. استولى عليه بعد ان كان مستقلا. وهذا لا يقوله لا يلتزم به احد وانما المراد انه على عليه على ما يعرف من كلمة الاستواء في لغة العرب استواء يليق بجلاله وكماله ثم استوى على عرش الرحمن والعرش هو اعظم المخلوقات وقد مر الكلام عليه مفصلا في اكثر من موضع قال فاسأل به خبيرا على العرش الرحمن. وصف نفسه بانه الرحمن فاسأل به فاسأل استوائه على العرش وخلقه السماوات والارض في ست ايام. اسأل به خبيرا يعني نفسه جل وعلا فاسأل الله وهو الذي اخبرك بهذا وهو الخبر الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه ذهب بعض المفسرين وذهب اليه ابن كثير انها المراد فاسأل بالله به اي بالله وعن الله او فاسأل به بما سبق ذكره من خلق السماوات والارض واستواء الله على العرش اسأل به خبيرا وهو النبي صلى الله عليه وسلم لانه رسول الله فهو الخبير بربه وقال بعضهم فاسأل به اي بالقرآن والاظهر هو الاول والسياق يدل عليه. اي فاسأل ربك الذي اخبرك بهذا فهو اخبار من الخبير الذي احاط ببواطن الامور وقوله حق وصدق وعدل ثم قال جل وعلا واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمان اذا امرهم الله جل وعلا بالسجود للرحمن لله جل وعلا. لان الرحمن من اسماء الله جل وعلا. وهو الله والرحمن والرحيم والقوي والعزيز والملك والقدوس الى غير ذلك من اسمائه فهي اسماء متعددة لمسمى واحد هو الله سبحانه وتعالى لكن كل اسم منها يدل على معنى ليس بالاسم الاخر فاذا قال لهم اسجدوا للرحمن هذه الاية متفق على انها من من من السجدات التي او من الايات التي يشرع السجود فيها عند التلاوة ولم يختلفوا العلماء في ذلك فاذا قيل لهم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه اسجدوا للرحمن ايعبدوه وخروا له سجدا مؤمنين مستجيبين قالوا وما الرحمان؟ انكروا ذلك وهذا تحكما منهم وهذا كما قال ابن كثير قال ثم قال تعالى منكرا على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الاصنام والانداد واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمان اي لا نعرف الرحمن وكانوا ينكرون ان يسمى الله باسمه الرحمن كما انكروا ذلك يوم الحديبية حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب اكتب بسم الله الرحمن الرحيم او حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قالوا لا نعرف الرحمن ولا الرحيم ولكن اكتب كما كنت تكتب باسمك اللهم ولهذا انزل الله قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوه فله الاسماء الحسنى اي هو الله وهو الرحمن وقال في هذه الاية واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمان؟ اي لا نعرفه ولا نقر به السجد لما تأمرنا؟ هذا استفهام انكاري منهم آآ وعلى كل حال الذي انكره جمع منهم وكثير لكن بعضهم يقرون يقرون باسم الرحمن وقد بسط العلماء الكلام على ذلك عند في بداية التفسير عند ذكر البسملة. وذكر اسم الرحمن قال جل وعلا قالوا انسجد لما تأمرنا وقالوا هذا على سبيل الانكار نسجد له بس مجرد انك امرتنا به ما نعرفه ولا ندري لا نقر بذلك ثم قال وزادهم نهورا نعوذ بالله امرهم بالسجود للرحمن زادهم نفورا وتبعدا من الحق وعدم ايمان وما يضرون بذلك الا انفسهم وقوله لما تأمرنا فيها قراءتان قرأ حمزة والكسائي لما يأمرنا بالياء وقرأ الباقون لما تأمرنا بالتاء والمعنى متقارب الحاصل انهم ينكرون على النبي صلى الله عليه وسلم ان يسجدوا لما امرهم بالسجود له بمجرد امره لهم وقالوا انهم لا يعرفونه وهذا من شدة ظلالهم وبعدهم عن الحق والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد