الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين يقول الله جل وعلا والذين لا يشهدون الزور واذا مروا باللغو مروا كراما آآ لا يزال او لا تزال الايات تذكر شيئا من اوصاف عباد الرحمن فيقول جل وعلا عنهم والذين لا يشهدون الزور والزور اختلفت اقوال اهل العلم فيه فمنهم من قال الزور هو الشرك وعبادة الاصنام وقيل الزور هو الكذب والفسق واللغو والباطل وقيل الزور هو اللهو والغناء قاله محمد ابن الحنفية وقال ابو العالية وطاووس ومحمد بن سيرين ومن معهم هي اعياد المشركين وقال عمرو ابن قيس هي مجالس السوء والخناء وقيل المراد بقوله لا يشهدون الزور اي شهادة الزور وهي الكذب متعمدا على غيره كما ثبت في الصحيحين عن ابي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر ثلاث مرات قالوا بلى يا رسول الله قال الشرك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال الا وقول الزور الا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت والصواب ان هذه ان الاية تشمل كل هذه الامور كل هذا من الزور عبادة الاصنام واللهو والغنى والكذب والفسق وشهادة الزور قال الطبري رحمه الله مرجحا بعد هذه الاقوال قال فاولى الاقوال بالصواب ان يقال والذين لا يشهدون شيئا من الباطل لا شركا ولا غناء ولا كذبا ولا غيره وكل ما لزمه اسم الزور لان الله عم وصفه اياهم لا يشهدون الزور فلا ينبغي ان يخص من ذلك شيء الا بحجة يجب التسليم لها من خبر او عقل وقال الشيخ السعدي اي لا يحضرون الزور اي القول فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الاقوال المحرمة او الافعال المحرمة كالخوض في ايات الله والجدال والجدال الباطل او الجدال بالباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير والصور ونحو ذلك واذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب اولى واحرى الا يقولوه ويفعلوه وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الاية بالاولية او بالاولوية وهذا هو الاظهر والله اعلم ان الزور هنا شامل لكل الباطل لكل ما حرمه الله فتدخل فيه الاقوال والاعمال حتى شهادة الزور وان كان ابن كثير رحمه الله بعد ان اورد الحديث الا وقول الزور الا وشهادة الزور؟ قال والاظهر من السياق ان المراد لا يشهدون الزور اي لا يحضرونه ولهذا قال واذا مروا باللغو مروا كراما اي لا يحضرون الزور واذا اتفق مرورهم به مروا ولم يتدنسوا فيه بشيء ولهذا قال مروا كراما هكذا قال رحمه الله وله وجه من النظر لكن الاظهر هو العموم لانه اذا كان لا يشهدون الزور ولا يحظرونه من باب اولى لا يشهدون به ولا يقولونه فهذه هي صفات عباد الرحمن وهي وان كانت على سبيل الاخبار لكن هذا امر من الله جل وعلا لعباده اي اجتنبوا شهود الزور اجتنبوا هذه الامور فهو خبر بمعنى الامر قال جل وعلا واذا مروا باللغو مروا كراما آآ قال الشيخ السعدي رحمه الله اللغو هو الكلام الذي لا خير فيه ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ككلام السفهاء ونحوهم وقال ابن تغيير آآ واذا اتفق مرورهم باللغو مروا ولم يتدنسوا فيه بشيء ثم اورد حديث ابن مسعود او الخبر عن ابن مسعود انه مر بلهو معرظا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد اصبح ابن مسعود او امسى كريما لكن في سنده مقال فالحاصل ان اللغو هو الكلام الذي لا خير فيه والمعنى انه اذا حصل مرورهم به مروا كراما قد اكرموا انفسهم عن الوقوع فيه فهم لا يقصدون حضوره ولكن عند المصادفة اليه من غير قصد يكرمون انفسهم عنه فاحيانا يأتي الانسان مجلسا وهو لا يريد مجالس اللغو والكلام الذي لا خير فيه لكن يحضر مجلسا ائت رجل او فيتكلم باللغو والكلام الذي لا خير فيه فهم اذا مروا به وسمعوا مروا كراما يعني كرموا انفسهم من الوقوع فيه وهم كرام لا يقعون في مثل هذه الامور ولا يخوضون فيها. والقصد انهم يتجنبون ذلك وهذا كما قلنا خبر بمعنى الامر اذا مررت يا ايها المسلم بمجلس لغو او بكلام لاغ باطل لا خير فيه فكن كريم المرور بمعنى الا تتلطخ فيه ولا تفعلوا ولا تشارك ثم قال جل وعلا والذين اذا ذكروا بايات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا فاذا ذكروا بايات الله وتليت عليهم لم يخروا ويسجدوا على الارض وهم صم عن سماع الحق وعمي عن ابصاره بل هم حاضر القلوب قلوبهم حاضرة فيسمعون الايات اذا تليت ويعقلون المعنى ويفهمونه فاذا مروا باية سجدة او نحوها تجدوا وهم مبصرون للحق وهم مستمعون للحق يعقلون ما قرأوا يتدبرونه فيخشون الله ويتعظون بما فيه بخلاف من عداهم فانهم يخرون لكن ربما احدهم لا يدري لماذا خر ولماذا سجد؟ لانه مشغول فقلبه غائب غير حاضر واذا اذنه صماء عن سماع الحق وتدبره وعقله وفهمه وهو ايضا اعمى عن ابصار الحق والعمل به واتباعه فوصف المؤمنين بانهم بخلاف هذا الوصف الذميم فدل على انهم يحظرون قلوبهم ولهذا قال يحضرون قلوبهم وينصتون ويعقلون قراءة القرآن عندما يتلى تتلى عليهم ايات الله ولهذا قال جل وعلا واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون فليحذر المسلم من هذا الانشغال وهذا السهو وهذه الغفلة تتلى عليه ايات القرآن في الصلاة واذا انصرف لا يذكر ماذا قرأ الامام لا يدري لو قيل له ماذا قرأ الامام؟ قال لا ادري هذا دليل انه انه غير منصت وغير يعني مقبل عليه وغير فاهم له عليك يا عبد الله اذا قرأ القرآن ان تنصت وتدبر وتتأمل لانه يزيدك ايمانا وتكون من اهل الايمان. واحذر من صفات المنافقين المعرضين عن سماع الحق والانتباه به ولهذا يقول ابن كثير هذه من صفات المؤمنين يعني عند قوله والذين اذا ذكروا بايات ربهم لم يخروا عليها صما وعميا. قال هذه من صفات المؤمنين. الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون بخلاف الكافرين فانه اذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يقصر عما كان عليه بل يبقى مستمرا على كفره وطغيانه وجهله وظلاله. كما قال تعالى واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادت وادي ايمانا فاما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم فقوله لم يخروا عليها صما وعميان اي بخلاف الكافرين اي الذي اذا ذكر بايات ربه استمر على حاله كأن لم يسمعها اصم واعمى وقال مجاهد لم يخروا عليها صموا واميانا لم يسمعوا ولم يبصروا ولم ولم يفقهوا شيئا وقال الحسن البصري كم من رجل يقرأها ويصر عليها اصم اعمى وقال قتادة والذين اذا ذكروا بايات ربهم لم يخروا عليها صم وعميان يقول لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه فهم والله قوم عقلوا عن الله فانتفعوا بما سمعوا فانتفعوا بما سمعوا قال جل وعلا والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما ايضا هذه من صفات المؤمنين الدعاء لازواجهم ولذرياتهم يدعون لهم بالخير وبالصلاح هكذا ينبغي للمسلم يدعو لنفسه ولي زوجتي وذريته ولوالديه يدعو لهم بالصلاح وهكذا دعوات الانبياء في القرآن هذه ايضا صفة عباد الرحمن الدعاء لازواجهم وذرياتهم تدعو لهم بالصلاح ان يصلحهم الله وان يهديهم بما فتح الله عليك وهذا دليل على ان الدعاء للزوجة او للزوجات امر مهم ولهذا بدأ بالدعاء لهن او لزوجته قبل الدعاء للذرية لان صلاحها باذن الله جل وعلا صلاح لذريتها فاذا صلحت الزوجة سعت في اصلاح الذرية واعانتك ايها الزوج الصالح على ذلك ومن هنا نعلم ان ترفع بعظ الناس عن الدعاء للزوجة او يرى ان هذا ضعف ان هذا من الجاهلية ادع لها يا اخي ان يصلحها الله ما العيب ما النقص بالعكس هؤلاء هم عباد الرحمن يريدون صلاح الزوجات والذريات واسوأ من هذا بعض العبارات عند بعض من قل فقههم وبعدوا عن معرفة الشرع اذا ذكر المرأة قال امرأة اكرمك الله او امرأة الله يكرمك يكرمك عنها هذا خطأ بين التكريم ليس بالجنس الرجل او المرأة التكريم بالتقوى كما قال جل وعلا ان اكرمكم عند الله اتقاكم قال ولقد كرمنا بني ادم كلهم مكرمون فينبغي للمسلم ان يتجنب مثل هذه العبارات واذا سمع مثلها ينكر على من يدعو او على من يقول ذلك وذرياتنا ايضا يدعون لذرياتهم لاولادهم وبناتهم يدعون لهم بالصلاح بالهداية يدعون لهم بالخير ادعو ذريتي واكثر من الدعاء لهم تأمل القرآن كم ذكر الله فيه دعاء الدعاء للذرية والاولاد الانسان قد يغظب احيانا على اولاده وعلى ولده ولكن ان استطاع ان يدعو له فيقول عفا الله عنك غفر الله لك سامحك الله هداك الله فهذا خير وان لم يدعوا له بالخير لا يدعو عليه بالشر على الاقل يمسك لا تدعو عليه فان هذا امر خطير ولهذا روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تدعوا على انفسكم ولا تدعوا على اولادكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم وعند الترمذي بسند حسن عن ابي هريرة وذكر قال ثلاث دعوات لا قبل ذلك عند ابي داود في هذا الحديث زيادة يعني مقال لا تدعوا على انفسكم ولا تدعوا على اولادكم قال ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على اموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم او كما قال صلى الله عليه واله وسلم لا تدعو على نفسك بعض الناس يدعو على نفسه نسأل الله العافية تقول اللهم اقطعني اللهم اهلكني اللهم افعل بي كذا لانني فعلت كذا لا اتق الله تب الى الله واستغفر اياك اياك ان تدعو على نفسك اياك ان تدعو على اولادك اياك ان تدعو على مالك ونشهده على سيارته يدعو على جواله يدعو على بيته لا تدعو اتق الله يا الله يوفقكم ان الله ساعة استجابة فيستجيب لا تدعو على خدمكم ولهذا بعظ الناس تجده قد شقي باولاده بقلة صلاحهم وتجد انه يشتكي من عقوقهم وعدم استقامتهم وربما كان هو السبب في دعوة دعاها وهو مغضب كما يقول بعضهم اذا غضب على ابنه قال الله لا يوفقك اعوذ بالله طيب اذا وافقت من الله ساعة استجابة فقال وجبت ما الذي يشقى انت معه ادعو لابنائكم ولا تدعوا عليهم ادعوا لازواجكم ولا تدعوا عليهم ادعوا بالبركة لاموالكم ولا تدعو عليها كذلك ادعوا لوالديكم فينبغي للمسلم يحافظ هل الدعاء لوالديه وهم اصوله والدعاء لولدي وهم فروعه وقبل ذلك يدعو لنفسه ويدعو لزوجه ايضا هذه صفات هذه صفات عباد الرحمن فكن منهم يا عبد الله قال واجعلنا للمتقين اماما ايضا يدعون الله ان يجعلهم للمتقين امامة وقبل ذلك اه نريد اثرا اورده ابن كثير وسنده صحيح او نكمل نكمل الكلام عن الاية هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين قرة اعين يعني هب لنا منهم ما تقروا به اعيننا وهو كما قال الطبري قال قرة اعين قال اي ما تقر به اعيننا من ان تريناهم يعملون بطاعتك تريناهم يعملون بطاعته قال ابن كثير يعني الذين يسألون الله ان يخرج من اصلابهم وذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له قال ابن عباس يعني بقوله قرة اعين يأنون من يعمل بالطاعة فتقر به اعينهم في الدنيا والاخرة وقال عكرمة لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا ولكن ارادوا ان يكونوا مطيعين اي لله وقال الحسن البصري وسئل عن هذه الاية قال ان يري الله العبد المسلم من زوجته ومن اخيه ومن حميمه طاعة لله لا والله ما شيء اقروا لعين المسلم من ان يرى ولدا او ولد ولد او اخا او حميما مطيعا لله عز وجل هذا الذي تقر به العين حينما ترى اولادك مستقيمين على طاعة الله محافظين على دينهم وزوجك واخوانك هذا شيء تقر به العين وتأنس ويستأنس الانسان بذلك ادعو الله ان يجعلهم قرة عين وهذا متضمن للدعاء لهم بالصلاح قال ابن جريج هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة عين قال يعبدونك ويحسنون عبادتك ولا يجرون علينا الجرائر لا يجرون علينا الجرائد يعني ما يكون سبب شقاء على ابيه يجر عليه جريرة ومشاكل وفتن وعيب ونقد بسبب مخالفة امر الله ثم اورد ما رواه الامام احمد وسنده صحيح عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن ابيه عن ابيه جبير بن نفير قال جلسنا الى المقداد ابن الاسود رضي الله عنه يوما فمر به رجل فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم لوددنا انا رأينا ما رأيت. وشهدنا ما شهدت استغضب يعني غضب المقداد من قول هذا الرجل قال يعني جبير فجعلت اعجب ما قال الا خيرا ثم اقبل اليه المقداد فقال ما يحمل الرجل على ان يتمنى محضرا غيبه الله عنه. لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم اقوام اكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه اولا تحمدون الله اذ اخرجكم لا تعرفون الا ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم قد كفيتم البلاء بغيركم لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على اشد حال بعث عليها نبيا من الانبياء في فترة من جاهلية ما يرون ان دينا افضل من عبادة الاوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده حتى اذا كان وفرق بين الوالد وولده حتى اذا كان حتى ان كان الرجل ليرى والده وولده او اخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للايمان يعلم انه ان هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم ان حبيبه في النار وانها التي قال الله والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين قال ابن كبير وهذا اسناد صحيح ثم قال وجعلنا للمتقين اماما قال ابن عباس والحسن وقتادة والسدي والربيع اماما اي ائمة يقتدى بنا في الخير وقال غيرهم هداة مهتدين دعاة الى الخير فاحبوا ان تكون عبادتهم متصلة بعبادة اولادهم وذرياتهم وان يكونوا وان يكون هداهم متعديا الى غيرهم بالنفع. وذلك اكثر ثوابا. واحسنوا مآبا ولهذا ورد في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث من ولد صالح يدعو له او علم ينتفع به من بعده او صدقة جارية نعم وهذا هو الاظهر والله اعلم اماما يعني ائمة يقتدى بنا في الخير ائمة يقتدى بنا في الخير لان الانسان اذا كان اماما في الخير فان الناس يقتدون به فيعملون بمثل عمله فيجري له من الاجور مثل اجورهم من غير ان ينقص من اجورهم شيئا قال ابن قال الشيخ السعدي رحمه الله اي اوصلنا يا ربنا الى هذه الدرجة العالية. درجة الصديقين والكمل من عباد الله الصالحين وهي درجة الامامة وهي درجة الامامة في الدين وان يكونوا قدوة للمتقين في اقوالهم وافعالهم يقتدى بافعالهم ويطمئنوا لاقوالهم ويسير اهل اهل الخير خلفهم فيهدون فيهدون ويهتدون هذا دليل على فضل هذا السؤال وهذا ليس من ارادة العلو في الارض لا هذا من ارادة الامامة بالدين ان يكون اماما ينشر دين الله ويدعو اليه ويقتدى به ويتأسى به فيتدين الناس ويدينون بدين الله وليس هذا بغيا للعلو في الارض ثم قال جل وعلا اولئك يجزون الغرفة. اولئك اتى باسم الاشارة الدال على البعيد لبيان علو مكانة هؤلاء عباد الرحمن وقال اولئك يجزون الغرفة والغرفة هي الجنة وقيل هي اعلى منزلة في الجنة فالحاصل انهم يجزون على هذه الاعمال وهذه الصفات التي مرت بدخول الجنة بما صبروا اي بسبب صبرهم على امر ربهم وطاعته فهم صابرون على طاعة الله جل وعلا صابرون عن معصيته قادرون على اقداره المؤلمة ويلقون فيها تحية وسلاما يلقون فيها في هذه الجنة تحية يحييهم الملائكة ويحيونهم بالسلام سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم له فضل عظيم هذا فضل عظيم يا اخوان ان الله سبحانه وتعالى نجاهم وجعل الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ويحيونهم بتحية الاسلام سلام عليكم ومعلوم ان معنى السلام يعني السلامة لانه يحمل معنى الامن والسلامة قال جل وعلا وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ها يحيون بالسلام كذلك ايضا قال جل وعلا كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون فهم يلقون فيها تحية يحيون بها وسلاما. ودعاء هذا اكرام لهم ويلقون فيها قراءتان هذه القراءة قراءة الجمهور يلقون وقرأ حمزة والكسائي وابو بكر يلقون يلقون وهما بمعنى فهم يلقون التحية والسلام في الغرفة في الجنة عند دخولها او يلقون ذلك من قبل الملائكة. والمعنيان متلازمان لانهم يلقون تحية وسلاما من قبل الملائكة اكراما لهم ثم قال خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما خالدين في هذه الجنة وفي هذه الغرفة وفي هذا النعيم ابد الاباد قال الدين فيها ابدا لا يأتي عليهم يوم يخرجون من هذا النعيم وهذا الاكرام ومن الجنة لا حسنت مستقرا حسن حسن الجنة مستقرا قرارا لهم يقرون فيه ويمكثون فيه ويبقون فيه ومقاما يقيمون فيه وهم مقيمون في النعيم المقيم وفي الثواب العظيم هذا ثناء وبيان لعظم الثواب الذي يلقونه بسبب اتصالهم بالصفات السابق ذكرها وهي وهي احدى عشرة صفة ولهذا قال القرطبي اولئك هذا مبتدأ اه قال القرطبي وعباد الرحمن هذا مبتدع. وخبر اولئك يجزون الغرفة قال وما تخلل بين المبتدأ وخبره اوصافهم بين وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا الى قوله اولئك بين المبتدأ وخبره ذكر صفاتهم من التخلي والتحلي التخلي يتخلون عن عن الصفات الذميمة والتحلي يتحلون بالصفات العظيمة قال وهي احدى عشرة التواضع والحلم والتهجد والخوف وترك الاسراف والتقتيل والنزاهة من الشرك والزنا قتل والتوبة وتجنب الكذب والعفو عن المسيء وقبول المواعظ والابتهال الى الله يعني بالدعاء هذه صفاتهم العظيمة. ولهذا قال قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم قل يا نبينا لكفار قريش او للناس كافة ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ومعنى ما يعبأ كما قال الامير الشنقيطي هي اضواء البيان ما يأبى معناه ما عبئ معناه ما عبأت ما ابأت بفلان اي ما باليت به ولا اكترثت به اي ما كان له عندي وزن ولا قدر يستوجب الاكتراث والمبالاة واصله من العبء من العبء وهو الثقل واختلف العلماء في المراد بهذه الاية يعني ما يعبأ بكم ربي ما لا وزن لكم لا يبالي بكم ولا يكترثوا بكم لولا دعاؤكم فذكر الامين الشنقيطي ايضا فيها اربعة اقوال القول الاول ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم اي عبادتكم له وحده جل وعلا وعلى هذا في وعلى هذا القول الخطاب عام للكافرين والمؤمنين ثم افرد الكافرين دون المؤمنين بقوله فقد كذبتم ما يعبأ بكم ايها الناس مؤمنكم وكافركم لولا عبادتكم له ثم ابرد الكفار لانهم لم يعبدوه قال فقد كذبتم فلم تؤمنوا بما امرتم ولا بالكتب ولا بالرسل فتعبدوني فسوف يكون لزاما سوف يكون عذابكم عذابا لزاما لازما لكم غراما لا ينتهي سرمدي ابدي نعوذ بالله من ذلك والقول الثاني ان المعنى لولا دعاؤكم ايها الكفار له وحده عند الشدائد والكروب اي لو ولو كنتم ترجعون الى شرككم اذا كشف عنكم الضر يعني يكون ما يعبأ بكم ربي لا يقيم لكم وزنا ولا يكترث بكم ولا يجيب لكم دعوة لولا دعاؤكم حينما تقعون في الاضطراب لان المشركين اذا وقعوا في الظراء في البحر وفي الهلاك دعوا ربهم مخلصين له الدين والقول الثالث ان المعنى ما يأبأ بكم ربي اي ما يصنع بعذابكم لولا دعاؤكم معه الهة اخرى ما يأبى يعني ما يكترث بعذابكم لولا دعاؤكم غيره معه فلو لم تعبدوا غيره معه ولم تشركوا لا حاجة له في عذابكم جل وعلا ولا يخفى ان هذا فيه تقدير لان تقدير ما يأبأ بك ربي اي ما يسرع بعذابكم لولا دعاؤكم معه الهة اخرى والقول الرابع معناه ما يأبأ بما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤه اياكم على السنة رسله ما يعبوا ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤه دعاؤكم ايه؟ دعاؤكم يعني دعاء رسله لكم لتؤمنوا بي. ثم اخبروا ان اخبر انهم كذبوا فسوف يكون العذاب لزاما لهم لازما غراما مستديما نسأل الله العافية والسلامة ثم ذكر الامير الشنقيطي ان اشهرها عند المفسرين هو القول الاول هو القول الاول ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم اي عبادتكم له وحده جل وعلا ومعنى فقد كذبتم فسوف يكون لزاما هذا في حق الكفار. قد كذبوا ولم يستجيبوا ولم يؤمنوا فسوف يكون لزاما العذاب اي ملازما غير مفارق لكم وقيل ان المراد بالعذاب هنا هو يوم بدر المراد به ما وقع يوم بدر وبهذا نكون قد اتينا على تفسير هذه السورة المباركة والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد