بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فلا نزال في ذكر قصة موسى مع فرعون في سورة الشعراء وقد مضى طرف منها بالدروس الماضية وكنا انتهينا الى قوله جل وعلا قال امنتم له قبل ان اذن لكم وقد سبق معنا في الايات السابقات ذكر اقامة موسى الحجة على فرعون وقومه واتيانهم واتيانه بالايات الدالة على صدقه وانها معجزة فاستكبر فرعون وقال ان هذا سحر وان موسى لساحر عليم واستشار قومه في شأن موسى قالوا له ارجه اخاه امهله واخاه وابعث في المدائن حاشرين حتى يأتوك بالسحرة من كل مكان فجاءوا بالسحرة من جميع اقاليم مصر واجتمع الناس في مشهد عظيم فالقى السحرة هبالهم واعصيهم وعند ذلك القى موسى عصاه فاذا هي تلقف وتبتلع ما يأفقون وما يصنعون من السحر فعند ذلك امن السحرة برب العالمين وخروا سجدا لانهم عرفوا الحق لما رأى ذلك فرعون تهددهم وانكر عليهم وهذا وهذا دليل على شدة ظلمه وتكبره وجبروته رغم هذه الايات البينات الواضحات الدالة على صدق موسى وانه رسول رب العالمين ولهذا بادر اهل الاختصاص وهم السحرة وهم اعلم الناس بالسحر بادروا الى الايمان بالله جل وعلا لتيقنهم بان هذا ليس سحرا وانما هو اية معجزة وهي دليل على ان موسى رسول من عند رب العالمين ولكن ذلك لم يرق لفرعون فقال امنتم له قبل ان اذن لكم قال هذا على سبيل الاستنكار على سبيل الانكار على السحرة ثم اتهمهم فقال انه لكبيركم الذي علمكم السحر فسوف تعلمون قال ابن كثير تهددهم فلم ينفع فلم ينفع ذلك فيهم وتوعدهم فما زادهم الا ايمانا وتسليما يعني السحرة وذلك انه قد كشف عن قلوبهم حجاب الكفر وظهر لهم الحق بعلمهم ما جهل قومهم من ان هذا الذي جاء به موسى لا يصدر عن بشر الا ان يكون الله قد ايده به وجعله حجة ودلالة على صدق ما جاء به من ربه ولهذا لما قال لهم فرعون امنتم له قبل ان اذن لكم اي ما كان ينبغي ان اي كان ينبغي ان تستأذنوني فيما فعلتم ولا تفتاتوا علي في ذلك فان اذنت لكم فعلتم وان منعتكم امتنعتم فاني انا الحاكم المطاع قال انه لكبيركم الذي علمكم السحر وهذه مكابئ وهذه مكابرة يعلم كل احد بطلانها فانهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم فكيف يكون كبيرهم الذي افادهم صناعة السحر هذا لا يقوله عاقل ثم توعدهم فرعون بقطع الايدي والارجل والصلب فقال لاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف يخالف بينها ويقطع اليمنى مع اليسرى واليسرى مع اليمنى من خلف ولاصلبنكم اجمعين جاء هذا مبينا في سورة الاعراف وهو انه ان فرعون اه تهددهم بسلبهم بالنخل في جذوع النخل وهذا من شدة عتوه وتكبره واعراضه عن الحق والا فقد علم ان الحق ما جاء به موسى ولهذا في سورة الاعراف قال جل وعلا قال فرعون امنتم به قبل ان اذن لكم ان هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها اهلها فسوف تعلمون لاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف ثم لا اصلبنكم اجمعين وقال في سورة طه فالقي السحرة ساجدين فافألقي السحرة سجدا فقالوا امنا برب هارون وموسى قال امنتم له قبل ان اذن لكم انه لكبيركم الذي علمكم السحر فلاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف ولا اصيبنكم في جذوع النخل ولتعلمن اينا اشد عذابا وابقى اذا ذكر صلبهم في جذوع النخل ليس في سورة الاعراف وانما في سورة طه ثم اخبر عن قيلهم له قالوا لا ظيف انا الى ربنا منقلبون. قال ابن كثير لا ضير اي لا حرج ولا يضرنا ذلك ولا نبالي به انا الى ربنا منقلبون اي المرجع الى الله وهو لا يضيع اجر من احسن عملا ولا يخفى عليه ما فعلت بنا وسيجزينا على ذلك اتم الجزاء ولهذا قالوا انا نطمع ان يغفر لنا ربنا انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا اي ما ما قارفناه من الذنوب وما اكرهتنا عليه من السحر ان كنا اول المؤمنين اي بسبب انا بادرنا قومنا من القبط الى الايمان قال فقتلهم كلهم اه اولا نقول ان قولهم لا ظير انا الى ربنا منقلبون جاء ذكر ذلك في مواضع اخرى غير هذه الاية وهي قوله جل وعلا في سورة الاعراف قالوا انا الى ربنا منقلبون وما تنقموا منا الا ان امنا بايات ربنا لما جاءتنا ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ففيها زيادة بيان انهم امنوا وانهم جادلوا فرعون وقالوا ما تنقموا منا الا ان الا ان امنا بايات ربنا لما جاءتنا وفيها انهم سألوا الله ان يفرغ عليهم الصبر ويرزقهم صبرا على ما يلقونه وسألوا الله ان يتوفاهم مسلمين في سورة طه قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات هذا فيه زيادة ايضاح انهم خاطبوا فرعون وواجهوه فقالوا لن نؤثرك يعني ولن نؤثر امرك ونطيعك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا اقسموا على ذلك وهذا دليل صدق الايمان فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا انا امنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر والله خير وابقى انه من يأتي ربه مجرما فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. ومن يأتيه مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى وهذا يدل على كمال تيقنهم وايمانهم وظهور الحق لهم ومما ذكرناه ان ابن كثير قال فقتلهم جميعا او فقتلهم كلهم يعني قتل السحرة الذين امنوا وصاروا من اهل الايمان وتهددهم بقطع الايدي والارجل من خلاف والصلب ولكن المسألة فيها خلاف قال الامين الشنقيطي رحمه الله في اضواء البيان واعلم ان العلماء اختلفوا هل فعل بهم فرعون ما توعدهم به او لم يفعله بهم فقال قوم قتلهم وصلبهم وقوم انكروا ذلك واظهرهما عندي انه لم يقتلهم وان الله عصمهم منه لاجل ايمانهم الراسخ لاجل ايمانهم الراسخ بالله تعالى لان الله يقول لموسى وهارون انتما ومن اتبعكما الغالبون والعلم عند الله تعالى ثم قال جل وعلا واوحينا الى موسى واوحينا الى موسى ان اسري بعبادي ليلا انكم متبعون فهذا واضح وبين ان الله جل وعلا امر موسى ان يسري ببني اسرائيل ليلا ان يسري بهم في وقت الليل وهذا لا يعارض قوله بعد ذلك فاتبعوهم مشرقين لان وقت خروج موسى بقومه كان في الليل كما قال في اية اخرى فاسري بعبادي ليلا انكم متبعون ولكن وقت وصول فرعون وقومه الى البحر كان وقت شروق الشمس واما موسى وقومه فقد خرجوا من الليل قال ابن كثير لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر واقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملأه وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون لم يبقى لهم الا العذاب والنكال. فامر الله موسى عليه السلام ان يخرج ببني اسرائيل ليلا من مصر وان يمضي بهم حيث يؤمر ففعل موسى عليه السلام ما امره به ربه عز وجل خرج بهم بعدما استعاروا من قوم فرعون حليا كثيرا وهذا له وجه من النظر في قصة السامري مما جعل لهم عجلا من حلي له خوار فهم استعاروا الحلي من بني اسرائيل من بني من القبط وخرجوا بها ليلا ولا شك ان هذا تشريع من الله عز وجل لموسى في في زمانه قال خرج بهم بعدما استعاروا من قوم فرعون حليا كثيرا. وكان خروجه بهم فيما ذكر غير واحد من المفسرين وقت طلوع القمر وذكر مجاهد رحمه الله انه كسف القمر تلك الليلة فالله اعلم آآ ثم ذكر ابن كثير اه خبرا تعقبه بانه غريب جدا والاقرب انه موقوف آآ على ابي موسى الاشعري وخلاصته ان موسى لما سرى ببني اسرائيل سأل عن قبر يوسف لان يوسف عهد الى علمائهم انكم اذا خرجتم يا بني اسرائيل اذا خرجتم من مصر فاخرجوا بقبر او بتابوت الذي انا فيه وانه سأل موسى عن ذلك ولم يجد احدا يعرفه الا عجوزا وانها اشترطت عليه الا تخبره الا ان يكون معه في الجنة وانهم وجدوه في نهر وايبسوا ماءه ونزفوه ثم اخرجوا قبر يوسف معهم ولكن هذا يحتاج الى دليل صحيح صريح فان هذا من اخبار بني اسرائيل ولا يصح رفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غريب جدا كما قال ابن كثير وبعيد ايضا لان الله لم يذكر ذلك في التفاصيل وانما ذكر انه امر موسى بالخروج بقومه ليلا وانه خرج مباشرة وان فرعون اغتاظ لذلك وانه لحقهم مباشرة وكان وقتا يسيرا خرجوا بالليل ولحق بهم عند شروق الشمس وليس في هذه الامور وذهابهم يبحثون عن قبره واخراج الماء وتجفيف الماء من النهر او من العين هذا كله يحتاج الى وقت ولهذا آآ لا يصح ذلك ولا يجوز ان يعتمد وانما انا ذكرته آآ من اجل ان انبه عليه وانه ولا يصح ذلك قال ابنك ابن كثير في شرح هذه الايات فلما اصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب يعني ليس في في الارض عندهم اصبح القبط وليس عندهم احد في البلد لا داعي ولا مجيب يعني ليس هناك احد غاب ذلك قال فلما اصبحوا وليس في ناديهم داع داع ولا مجيب. غاض ذلك فرعون واشتد غضبه على بني اسرائيل لما الله به من الدمار فارسل سريعا في بلاده حاشرين. يعني ارسل فرعون جنوده احشروا الناس اجمعوهم ائتوا بهم اي من يحشر الجند ويجمعه كالنقباء والحجاب ونادى فيهم ان هؤلاء يعني بني اسرائيل لشرذمة قليلون اي طائفة قليلة يعني يهون من شأنهم ويشجع على قتالهم ان هؤلاء لشرذمة قليل نعم لشرذمة قليلون اي لطائفة قليلة وانهم لنا لغائضون اي كل وقت يصل لنا منهم ما يغيظنا والغيظ هو يعني الغظب يعني يغضبوننا يغيظوننا يعني يفعلون افعالا تغيظنا وتغظبنا دائما فلا بد ان يعني نستريح منهم ونقطع شأفتهم. وهذا كله تحريض لاتباعه على قتالهم ثم قال وانا لجميع حاذرون اي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم واني اريد ان استأصل شأفتهم وابيد خضراءهم فجوزي في نفسه وجنده بما اراد لهم قال الله تعالى فاخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم اي فخرجوا من هذا النعيم الى الجحيم وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والانهار والاموال والارزاق والملك والجاهل وافر في الدنيا نعم كانوا في جنات بساتين مزارع وعيون تجري وتسقي زروعهم وكانوا في كنوز لهم عندهم كنوز واغنياء اصحاب واموال وعندهم الذهب والفظة وكانوا في مقام كريم يعني في عيشة كريمة يقيمون في عيشة كريمة رغد من العيش وغنى لكنهم ما شكروا نعمة الله جل وعلا فعادوا رسوله واتباعه فسلبهم الله تلك النعمة وابدلهم منها نار جهنم النار يعرضون عليها غدوا وعشيا. ويوم تقول ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد قال جل وعلا كذلك واورثناها بني اسرائيل كما قال تعالى واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وقال تعالى ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهم وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون قال جل وعلا كذلك واورثناها بني اسرائيل فاتبعوهم مشرقين كما مر اي اورثنا الكنوز والجنات والعيون والمقام الكريم اورثناها بني اسرائيل فورثوها وصاروا هم اهلها ورثوها عن قوم فرعون لان الله اهلكهم جميعا فتركوا الاموال والديار والجنات والعيون وهذا من عدل الله جل وعلا بهم قال فاتبعوهم مشرقين ومعنى مشرقين يعني عند اشراق الشمس اتبع فرعون وقومه موسى وقومه فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون لما تراءى الجمعان ولحق جمع فرعون بجمع موسى لان جمع موسى توقفوا لما وصلوا البحر فلما وقفوا لحق بهم فرعون وقومه فعند ذلك قال اصحاب موسى ان لمدركون سيدركنا فرعون وجنده ويقتلوننا شر قتله لماذا؟ لان البحر من امامهم وفرعون من ورائهم فلا مفر لهم ولا مهرب وعند ذلك قال نبي الله الواثق بوعد الله قال كلا ما يدركوننا ولا يستطيعون ان ينالون منا شيئا كلا ان معي ربي سيهدين وفي اية اخرى قال جل وعلا قال لا تخافوا دركا ولا تخشى لا تخاف يا نبينا دركا ان يدركك فرعون ولا تخشى البحر الذي امامك من ان تغرق فيه قال فاوحينا والفاء للترتيب والتعقيب وفيه بيان سرعة نصر الله جل وعلا وفرجه لعباده المؤمنين. قال فاوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر وقال جل وعلا في اية اخرى واوحينا الى موسى نسرب عباده فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا. لا تخافوا دركا ولا تخشى وهنا قال ان اضرب بعصاك البحر فانفلق اي انفلق البحر والفلق والفرق يعني انفلق وصار طرقا فكان كل فرق كالطود العظيم والطود هو الجبل العظيم والفرق المراد به الطرق الاثنى عشر. لان موسى ظرب البحر فلما ضربه انفرق البحر قيل انه ضربه اثنا عشر مرة بعصاه فانفرق البحر وانفلق اثنا عشر طريقا وهي الفرق بعدد اسباط بني اسرائيل لانهم كانوا اثنا عشر سبتا قال وازلفنا ثم الاخرين الاجراف هو التقريب والمراد انا ازلفنا ثم ثم اي هناك قربنا الاخرين وهم قوم فرعون وانجينا موسى ومن معه فانجى الله موسى ومن معه من الغرق ومن البحر ثم اغرقنا الاخرين الذي قربهم ازلفنا هناك الاخرين قربهم ثم لما دخل موسى وقومه في البحر تبعوهم فدخلوا في البحر فاغرقهم الله كلهم اه ثم قال ان في ذلك لاية وما كان اكثرهم مؤمنين بهذه بما صنعه الله لموسى وما فعله بفرعون وما صنعه لاوليائه وما فعله باعدائه هذا اية من ايات الله وعلامة دالة على انه لا اله الا الله ولا وما كان اكثرهم مؤمنين ولكن اكثر الناس لا يؤمنون ولو جئتهم بكل اية ما تبعوا قبلتكم ما تبعوا قبلتك وان ربك لهو العزيز الرحيم. العزيز الذي قد عز فلا يغالب ينفذ امره ويفعل ما يشاء وهو الرحيم فهو قوي على اعدائه وعلى من عصاه وهو رحيم باوليائه ينجيهم من اعدائهم يعيشه في الدنيا حياة طيبة ثم في الاخرة يدخلهم الجنة والنعيم المقيم ونقرأ شيئا مما ذكره ابن كثير رحمه الله قال ابن كثير ذكر غير واحد من المفسرين ان فرعون خرج في جحفل عظيم وجمع كبير هو عبارة عن مملكة الديار المصرية في في زمانه اولي الحل والعقد والدول من الامراء والوزراء والكبراء والرؤساء والجنود فاما ما ذكره غير واحد من الاسرائيليات من انه خرج في الف في الف الف وستمائة الف فارس منها مائة الف على خيل دهم وقال كعب الاحبار فيهم ثمان مئة الف حصان ادهم فبذلك نظر والظاهر انه من مجازفات بني اسرائيل والله سبحانه وتعالى اعلم والذي اخبر به هو النافع ولم يعين عدتهم اذ لا فائدة فيه الا انهم خرجوا باجمعهم وهذا منهج جميل من الحافظ ابن كثير ذكر ما جاء عن بني اسرائيل في عددهم فتعقبه بان فيه نظر ثم ذكر ان ما لنا فيه فائدة ذكره الله لنا في القرآن ما يحصل لنا به الفائدة والاعتبار. اما العدد ما يترتب عليه شيء وهذا هكذا القرآن يذكر النافع للعباد ويعرض عما لا فائدة لهم فيه قال فاتبعوهم مشرقين اي وصلوا اليهم عند شروق الشمس وهو طلوعها فلما تراءى الجمعاني اي رأى كل من الفريقين صاحبه فعند ذلك قال اصحاب موسى انا لمدركون وذلك انه انتهى بهم السير الى سيف البحر وهو بحر القلزم وبحر القلزم هو الذي يسمى الان البحر الاحمر البحر الاحمر فصار امامهم البحر وفرعون قد ادركهم بجنوده. فلهذا قالوا انا لمدركون. قال كلا ان معي ربي سيهدين. اي لا يصل شيء مما تحذرون فان الله سبحانه هو الذي امرني ان اسير ها هنا بكم ولا يخلف الميعاد وكان هارون عليه السلام في المقدمة ومعه يوشع ابن نون ومؤمن ال فرعون وموسى في الساقة. وقد ذكر غير واحد من وسيرين انهم وقفوا لا يدرون ما يصنعون وجعل يوشع ابن نون او مؤمن ال فرعون يقول لموسى عليه السلام يا نبي الله ها هنا امرك الله ان تسير فيقول نعم واقترب فرعون وجنوده ولم يبقى الا القليل. فعند ذلك امر الله نبيه موسى ان يضرب البحر بعصاه فضربه وقال وقال انفلق يأمره انفلق باذن الله وقال ابن ابي حاتم حدثنا ابو زرعة حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد وحدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن يوسف بن عبدالله بن سلام ان موسى عليه السلام لما انتهى الى البحر قال يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء اجعل لنا مخرجا. فاوحى الله اليه ان يضب بعصاك البحر وقال قتادة اوحى الله تعالى تلك الليلة الى البحر ان اذا ضربك موسى بعصاه فاسمع واطع فبات البحر تلك الليلة وله اضطراب لا يدري من اي جانب يضربه موسى. فلما انتهى اليه موسى قال له قال له فتاه يوشع يا نبي الله اين امرك ربك؟ قال امرني ان اظرب البحر. قال فاظربه وقال محمد بن اسحاق اوحى الله فيما فيما ذكر لي الى البحر ان اذا ظربك موسى بعصاه فانفلق له قال فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من الله تعالى وانتظارا لما امره الله واوحى الله الى موسى ان يضرب بعصاك البحر فضربه وفيها سلطان الله الذي اعطاه فانفلق وقد ذكر غير واحد ومنهم السدي وقد ذكر غير واحد انه اي موسى كناه اي كن البحر فقال انفلق علي ابا خالد بحول الله قال تعالى فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم اي كالجبل الكبير قاله ابن مسعود وابن عباس ومحمد ابن كعب اكو وقتادة وغيرهم. وقال عطاء الخرساني هو الفج بين الجبلين وقال ابن عباس صار البحر اثني عشر طريقا لكل سبت طريق وزاد السدي وصار فيه طاقات ينظر بعضهم الى بعض طاقات يعني كالنوافذ وهم في ممر البحر ينظر بعضهم الى بعض قال وقام الماء على حيله كالحيطان وبعث الله الريح على قعر البحر فلفحته فسار يبسا كوجه الارض فصار يبسا كوجه الارض قال تعالى فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا. لا تخافوا دركا ولا تخشى. وقال في هذه القصة وازلفنا ثم قرين اي هنالك الاخرين قال ابن عباس وعطاء وقتاده السدي وازلفنا اي قربنا فرعون وجنوده من البحر وادنيناهم اليه وانجينا موسى ومن معه اجمعين ثم اغرقنا الاخرين اي انجينا موسى وبني اسرائيل ومن معهم على دينهم فلم يهلك منهم احد واغرق فرعون وجنوده فلم يبقى منهم رجل الا هلك واورد ابن ابي حاتم عن علي ابن الحسين وساق بسنده عن عبدالله بن مسعود ان موسى عليه السلام حين اسري حين اسري او اسرى ببني اسرائيل بلغ فرعون ذلك فامر بشاة فذبحت ثم قال لا والله لا يفرغ من سلخ فيها حتى يجتمعوا الي ست مئة الف من القبط يعني من شدة كثرة استعداده وكثرة جنوده وجاهزيتهم للقتال عليه من الله ما يستحق فانطلق موسى حتى انتهى الى البحر فقال له انفرق فقال البحر لقد استكبرت يا موسى وهل وهل انفرقت لاحد من ولد ادم فانفرق لك قال ومع موسى رجل على حصان له فقال له ذلك الرجل اين امرت يا نبي الله قال ما امرت الا بهذا الوجه يعني البحر فاقحم فرسه فسبح به فخرج يعني ما وجده يبسا كادت تغرق فرجع يعني ليس هذا الذي وعدك ربك فقال اين اين امرت يا نبي الله؟ قال ما امرت الا بهذا الوجه. قال والله ما كذبت ولا كذبت. ثم اقتحم الثانية فسبح. ثم خرج فقال اين امرت يا نبي الله قال ما امرت الا بهذا الوجه. قال والله ما كذبت ولا كذبت قال فاوحى الله الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فضربه موسى بعصاه فانفلقا فكان فيه اثنى عشر طريقا لكل شبط طريق تراءون فلما خرج اصحاب موسى وتتام اصحاب فرعون التقى البحر عليهم فاغرقهم وفي رواية اسرائيل عن ابي اسحاق عن عمرو ابن ميمون عن عبدالله قال فلما خرج اخر اصحاب موسى وتكامل اصحاب فرعون اذ طم عليهم البحر فما رؤي سواد اكثر من يومئذ وغرق فرعون لعنه الله ثم قال تعالى ان في ذلك لاية اي في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين لدلالة وحجة قاطعة وحكمة بالغة لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد