الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد. وعلى اله واصحابه ومن دعاهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الشعراء وازلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين. وقيل لهم اينما كنتم تعبدون من دون الله؟ هل ينصرونكم او او ينتصرون فكبئكبوا فيها هم والغاوون وجنود ابليس اجمعون في هذه الايات المباركات يبين الله جل وعلا شيئا من اهوال القيامة وما يقع فيها فقال جل وعلا وازلفت الجنة اي قربت وادنيت للمتقين الذين اتقوا الله جل وعلا وجعلوا بينهم وبين عذابه وقاية في الدنيا وبرزت الجحيم للغاوين الابراز الاظهار والبيان اي اظهرت وبينت للغاوين الذين غووا وظلوا عن الصراط المستقيم يقول ابن كثير رحمه الله وازلفت الجنة اي قربت الجنة وادنيت من اهلها يوم القيامة مزخرفة مزينة لناظريها وهم المتقون الذين رغبوا فيها واعملوا وعملوا لها في الدنيا ثم قال وبرزت الجحيم للغاوين اي اظهرت وكشف عنها وبدت منها عنق يشير رحمه الله لذلك الى ما رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب وصححه الشيخ الالباني عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران واذنان تسمعان ولسانا ينطق ولسان ينطق ينطق يقول وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله الها اخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين. اسأل الله العافية والسلامة قال فزفرت اي النار زفرة بلغت منها القلوب الى الحناجر وقيل لاهلها تقريعا وتوبيخا. اينما كنتم تعبدون هذا استفهام تقريعي توبيخي تهكمي بهم اينما كنتم تعبدون من دون الله؟ هل ينصرونكم او ينتصرون وايضا هل ينصرونكم او ينتصرون؟ استفهام انكاري استهزائي بهم ليزيد في حسرتهم عذابهم وخزيهم قال اينما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم او ينتصرون اي ليست الالهة التي عبدتموها من دون الله من من تلك الاصنام والانداد تغني عنكم اليوم شيئا ولا تدفعوا عن انفسها فانكم واياها اليوم حصبوا جهنم انتم لها واردون وقوله فكبكبوا فيها هم والغاون قال مجاهد يعني فدهوروا فدهوروا فيها وغير وقال غيره كببوا فيها والكاف مكررة كما يقال صرصر والمراد انه القي بعضهم على بعض من الكفار وقادتهم الذين هم الذين دعوهم الى الشرك وقد ذكر غير ابن كثير بعض اقوال المفسرين في معنى كبكبوا وان كانت راجعة الى ما ذكره ابن كثير بل الى ما لخصه ابن كثير فجاءني ابن عباس انه قال فجمعوا فيها وجاءني ابن زيد انه قال طرحوا فيها وقال القرطبي قلبوا على رؤوسهم وهذا كله حق ولا تعارض بين هذه الاقوال فهذا من باب اختلاف التنوع ولهذا يجمعها قول ابن كثير رحمه الله والمراد انه القي بعضهم على بعض من الكفار وقادتهم الذين دعوهم الى الشرك. كلهم القوا في النار وجمع بعضهم على بعض قال وجنود ابليس اجمعون اي القوا فيها عن اخرهم كذلك يعني هم كبكبوا فيها وايضا كوبتي بهيها والقي فيها وطرح فيها جنود ابليس اجمعون. كل جنود ابليس الذي الذين كانوا معه وكانوا يعملون بامره ويساعدونه في اظلال الناس وفي صرفهم عن الحق نعوذ بالله قال قالوا وهم فيها يختصمون اي قال هؤلاء كلهم من الكفار والشيطان ابليس وجنود ابليس قالوا وهم فيها يختصمون قالوا وهم في وسط النار نعوذ بالله وهم يختصمون ان يتجادلون ويخاصم بعضهم بعضا ويجادل بعضهم بعضا يقول جل وعلا ان يقولوا قالوا وهم فيها يختصمون تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين ان يقول الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا. فهل انتم مغنون عنا نصيبا من النار نعم يختصم ويخاصم بعضهم بعضا يقول تالله ان كنا لفي ضلال مبين بين واضح. ظللنا ظلالا مبينا اذا نسويكم برب العالمين سويناكم وجعلناكم الهة مع رب العالمين وسويناكم في السمع والطاعة لكم بل قدمنا امركم على امر الله ولكن هذا حين لا ينفع الندم في ذلك الوقت لكن المؤمن يعتبر اليوم في هذا الوقت ما دام انه يستطيع ان يعتبر ويتذكر ويتعظ ويرعوي قال ابن كثير ويقولون وقد عادوا على انفسهم بالملامة تالله ان كنا لفي ضلال مبين. اذ نسويكم برب العالمين اي نجعل امركم مطاعا كما يطاع امر رب العالمين وعبدناكم مع رب العالمين وما اظلنا الا المجرمون ما اوقعنا في هذا الظلال وجعلنا نصير اليه الا المجرمون الذين بلغوا الغاية في الاجرام والذنوب والسيئات والمراد بهم الرؤوس هنا ودعاة الباطل ودعاة الضلال ثم قال جل وعلا فما لنا من شافعين اي قال بعضهم قال بعضهم كما يقولون فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا او نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل وكذا قالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم اي قريب قال قتادة رحمه الله يعلمون والله ان الصديق اذا كان صالحا نفع وان وان الحميم اذا كان صالحا شفع لكن ليس لهم حميم صالح وليس لهم صديق صالح اختاروا هؤلاء الضلال في الدنيا فوجدوا جزاء ذلك فما لهم من شافعين ليس لهم احد يشفع لهم عند الله لانهم كفار والكفار لا تنفعهم شفاعة الشافعين والشفاعة انما تكون في الموحدين كما قال جل وعلا ولا يشفعون الا لمن ارتضى وقال جل وعلا من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه قد بين العلماء انه لا بد من الاذن من الله جل وعلا للشافعي في الشفاعة ولابد ايضا من الرضا من الله جل وعلا عن المشفوع له وكذلك الشافعي لابد ان يكونوا من الموحدين واما الكفار فما تنفعهم شفاعة الشافعين وليس لهم احد يشفع لهم لانهم ارتكبوا الكفر هل لدي من ارتكبه هو عدو الله ان الله لا يغفر ان يشرك ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قال انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ولهذا مر معنا بالامس قصة ابراهيم كان يريد وعادا اباه انه يشفع له وانه يستغفر له ولهذا يوم القيامة يأتي ليشفع فيقال له انه من الكافرين ويقال انظر تحت قدميك فيراه على هيئة ضيق ضبع متلطش بنتنه وعذرته فالكافر لا مطمع له في الشهادة. ولهذا قال جل وعلا هنا انهم قالوا لانهم ايقنوا وعرفوا الامور على حقيقتها فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ولا ان صديق لان الصديق الصالح ينفع صاحبه والحميم كذلك ينفع كما جاء في احاديث الشفاعة هل يشفع تشفع الملائكة ويشفع النبيون ويشفع المؤمنون المؤمنون يشفع بعضهم ببعض عند الله جل وعلا لكن في اهل التوحيد قال ابن كثير فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين لو ان لنا رجعة الى الدنيا فنكون من اهل الايمان فنؤمن ونتبع الرسل قال وذلك انهم يتمنون انهم يردون الى الدار الدنيا ليعملوا بطاعة ربهم فيها ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون وهو سبحانه وتعالى يعلم انه لو ردهم الى الدار الدنيا لاذوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون. وقد اخبر جل وعلا عن تخاصم اهل النار في سورة صاد ثم قال ان ذلك لحق تخاصموا اهل النار نعم يتخاصمون ويخاصم بعضهم بعضا ولكن ذلك لا ينفعهم عند الله سبحانه وتعالى ولا يقبل منهم صرف ولا عدلا. لانه قد فات وقت الانتفاع وقت الايمان والان صاروا الى الكفر صاروا الى جزاء الكفر وجزاء الذنب الذي عملوه في الدنيا ثم قال جل وعلا ان في ذلك لاية وما كان اكثرهم مؤمنين يعني في ذلك اية قال بعض المفسرين وهو قول ابن كثير اي في محاجة ابراهيم لقومه واقامته الحجة عليهم في التوحيد لاية ودلالة واضحة جلية على انه لا اله الا الله هكذا قال والذي يظهر ان عود الضمير هنا على اقرب مذكور في ذلك اية يعني في تخاصم اهل النار وتبرأ بعضهم لبعض وذموا بعضهم لبعض وندمهم على ذلك كل ذلك فيه اية وعبرة ياخد من الانسان اية وعبرة وعظة اليوم قبل غد قبل ان يسير الى هذا المصير المهين ثم قال جل وعلا وان ربك لهو العزيز الرحيم اي ربك هو العزيز الذي قد عز كل شيء وهو العزيز الذي لا يغالب وهو الرحيم بخلقه لمن سلك طريق الرحمة كما قال جل وعلا جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء ساكتبها للذين يتقون. اما المشركون لا تنالهم رحمة الله لانهم هذا الطريق على انفسهم ثم قال جل وعلا كذبت نوح كذبت قوم نوح المرسلين اذ قال لهم اخوهم نوح الا تتقون؟ اني لكم رسول امين فاتقوا الله واطيعون وما اسألكم عليه من اجر اجري الا على رب العالمين فاتقوا الله واطيعوه قال ابن كثير هذا اخبار من الله عز وجل عن عبده ورسوله نوح عليه السلام وهو اول رسول بعث الى الارظ بعدما عبدت الاصنام والانداد بعثه الله ناهيا عن ذلك ومحذرا من وبل عقابه فكذبه قومه واستمروا على ما هم عليه من الفعال الخبيثة في عبادتهم اصنامهم ويتنزل تكذيبهم له بمنزلة تكذيب جميع الرسل ولهذا قال كذبت قوم نوح والمرسلين اذ قال لهم اخوهم نوح الا تتقون اي الا تخافون الله في عبادتكم غيره اني لكم رسول امين اي اني رسول من الله اليكم امين فيما بعثني به ابلغكم رسالة ربي لا ازيد فيها ولا انقص منها فاتقوا الله واطيعون وما اسألكم عليه من اجر اي لا اطلب منكم جزاء على نصح لكم بل ادخروا ثواب ذلك عند الله جل وعلا فاتقوا الله واطيعون فقد وضعوا حالتهم وبان صدقي ونصحي وامانتي فيما بعثني به وائتمنني عليه وقد اجاد وافاد ابن كثير رحمه الله ونزيد بعضها بيانا وقال كذبت قوم نوح المرسلين هذا دليل على ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل ولهذا لا بد في الايمان بالرسل ان يؤمن بجميع الرسل كما قال الله عز وجل عن المؤمنين كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله ولهذا اليهود الذين لا يؤمنون بعيسى ومحمد ليسوا بمؤمنين النصارى الذين لا يؤمنون بمحمد ليسوا مؤمنين فالمؤمنون هم المسلمون الان الذين يؤمنون بجميع الرسل وقوله اذ قال لهم اي حين قال لهم اخوهم واخوهم هنا من جهة النسب لا من جهة اخوة الايمان والاسلام فان المؤمن ليس باخ للكافر ونوح هو اول الرسل كما قال جل وعلا وكذلك اوحينا اليك انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده وفي حديث الشفاعة في البخاري ان الناس لما يموج بعضهم ببعض ويأتون الى ادم ويحيلهم الى نوح يأتون اليه ويقولون يا نوح انت اول رسول ارسله الله وذلك ان الناس بقوا على التوحيد عشرة قرون كما صح عن ابن عباس. منذ ان نزل ادم الى الارض بقوا عشرة قرون وهم على التوحيد وافراد الله جل وعلا بالعبادة ثم دب الشرك فيهم بسبب الغلو في الصالحين سبب الغلو في علمائهم ود ويعوق ونسر وسواء فصوروهم لينشطوا على العبادة اولا ثم ما زالوا يعظمونهم حتى عبدوهم من دون الله جل وعلا وقوله اني لكم رسل امين اي رسول مؤتمن على ما ارسلني الله به لا ازيد ولا انقص فلا اقول لكم الا ما ارسلني به ربكم فاتقوا الله واطيعون لانه لا استقامة الا بتقوى الله وهو ان يجعل المسلم بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل الاوامر واجتناب النواهي ثم بين له انه لا يريدونهم جزاء ولا شكورا ولا اجرا وانما يريد وجه الله فامرهم بتقوى الله وطاعته ثم قال جل وعلا قالوا انؤمن لك واتبعك الارذلون؟ قال وما علمي بما كانوا يعملون؟ ان حسابهم الا على ربي لو تشعرون. وما انا بطارد اخبر الله عز وجل عن قوم نوح انهم قالوا له اتريدنا ان نؤمن بك ونتبعك والذين اتبعوك هم الاراذل اراذل الناس وضعهم وهذا كما قال جل وعلا عنهم في سورة هود فانه قال جل وعلا هناك ولقد ارسلنا نوحا الى قومه اني لكم نذير مبين الا تعبدوا الا الله اني اخاف عليكم عذاب يوم اليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين اذا يقول لهم الارذلون هم اراذلنا ضعفة وهذا كما طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم ان يطرد الضعفاء الذين كانوا يجالسونه لأن فين في قلوبهم كبر في صدورهم كبر ما هم ببالغيه وهكذا قال قوم نوح فلكل قوم وارث وكرهوا ملة واحدة قال ابن كثير يقولون انؤمن لك ونتبعك ونتساوى مع في ذلك مع ونتساوى في ذلك بهؤلاء الاراذل الذين اتبعوك وصدقوك وهم اراذلنا ولهذا قالوا انؤمن لك واتبعك الارظ نون؟ قال وما علمي بما كانوا يعملون اي واي شيء يلزمني من اتباع هؤلاء لي ولو كان على اي شيء كانوا عليه لا يلزمني ولو كانوا على اي شيء كانوا عليه لا يلزمني التنقيب عنهم والفحص والبحث انما علي ان اقبل منهم تصديقهم اياي واكلوا سرائرهم الى الله عز وجل ان حسابهم الا على ربي لو تشعرون وما انا بطارد المؤمنين كانهم سألوا منه ان يبعدهم عنه ان يبعدهم عنه ليتابعوه فابى عليهم ذلك وقال وما انا بطارد المؤمنين ان انا الا نذير مبين اي انما بعثت نذيرا فمن اطاعني واتبعني وصدقني كان مني وكنت منه سواء كان شريفا او وضيعا او جليلا او حقيرا وهذا كما قال جل وعلا في الاية في سورة هود قال يا قومي ارأيت ارأيتم ان كنت على بينة من ربي واتاني رحمة من عنده فعميت عليكم الزمكموها وانتم لها كارهون الى ان قال وما ان وياك نعم وما انا بطارد الذين امنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني اراكم قوما تجهلون ويا قومي من ينصرني من الله ان طردتهم افلا تذكرون ففيه بيان انه لا يجوز طرد الضعفاء بل على الانسان ان يحرص على كل من اراد الحق وان يقبل عليه سواء كان ضعيفا او غنيا او كبيرا او صغيرا لان العبرة بالايمان لا بالانساب ولا بالجاه ولا بالمال ثم قال جل وعلا ان انا الا نذير مبين يعني ما انا الا نذير منذر مؤلم بموضع المخافة ومبين اي بين بينوا النذارة وظاهر النذارة وناصح لكم قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين بلغ بهم الامر انهم ارادوا ان يمنعوه ان يتكلم فضلا عن ان يتبعوه. لا لا يريدوا لا يريدوا منه ان ينصحهم. ولا ان يعظهم ولا ان يدعوهم الى الله ولهذا تهددوه بالرجم ان لم ينتهي عن دعوتهم وهذا ديدنهم وهذا ديدن الكفار في كل وقت واوان فانهم يتكبرون ويترفعون عن الحق ولا يقبلون به وكما قال جل وعلا هنا لئن لم تنتهي يا نوح لتكونن من المرجومين قال جل وعلا في سورة نوح قال ربياني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزد من دعائي الا فرارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا ثماني دعوتهم جهارا ثم اني اعلنت لهم واصرت لهم اصرارا فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا اذا ابدأ واعاد الف سنة الا خمسين عاما وهو ما كل ولا مل عليه السلام الى ان ضجروا منه وقالوا لئن لم تنتهي يا نوح لتكونن من المرجومين ثم قال قال ربي ان قومي كذبون قال ابن كثير رحمه الله لان لم تنتهي اي عن دعوتك ايانا الى دينك يا نوح؟ لتكونن من المرجومين اي لنرجمنك فعند ذلك دعا عليهم دعوة استجاب الله منه فقال ربي اني ان قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين كما قال في الاية الاخرى فدعا ربه اني مغلوب فانتصر ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر وفجرنا الارظ عيونا فالتقى الماء على امر قد قدر وحملناه على ذات الواح ودسر تجري باعيننا جزاء لمن كان كفر فدعا عليهم ان يجعل الله بينه وبينهم فتحا فيفتح له عليهم وينصرهم ويكفى شرهم وعنادهم وسأل الله ان ينجيه ومن معه من المؤمنين فقال فانجيناه ومن معه في الفلك المشحون ومعنى المشحون الذي قد شحن بالمخلوقات لان الله جل وعلا ان يحمل فيها من كل زوجين اثنين وان يحمل فيها المؤمنين كما قال جل وعلا في ثورة يهود قال جل وعلا واوحي الى نوح انه لن يؤمن من قومك الا من قد امن فلا تبتأس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك باعيننا ووحينا. ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون هنا اوجز فقال فانجيناه من معه في الفلك المشحون. لكن في سورة هود بين انه امره بان يصنع الفلك وان هؤلاء قومهم مغرقون وانه حصل من قومه ما حصل لما كان يصنع الفلك قال جل وعلا ويصنع الفلك وكلما مر ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذابا يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى اذا جاء امرنا يعني امرنا وقدرنا الذي قدرناه لبدء الغرق واغراقهم وفار التنور وهو موقد النار الذي يختبز فيه نبع الماء منه ونزل الماء من السماء قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول. وما امن وما وما امن معه الا قليل وهنا قال الفلك المشحون الذي شحن من كل زوجين اثنين وبالمؤمنين بنوح معه من المؤمنين قال ثم اغرقنا بعد الباقين من عدا نوح من معهم من المؤمنين اغرق الله الباقين جميعا قال جل وعلا ان في ذلك لاية وما كان اكثرهم مؤمنين ان في قصة فرعون قصة نوح مع قومه وان جاءه لهم واغراقهم واهلاكهم لما عصوا وكفروا وكذبوا في ذلك اية عبرة موعظة وما كان اكثرهم مؤمنين لكن اكثر الناس لا يؤمن ولا يصدق ولا يعتبر بالايات والعظات التي يجعلها الله جل وعلا ثم قال وان ربك لهو العزيز الرحيم العزيز ذو العزة التي لا الذي لا يغالب عز كل شيء وقهره جل وعلا وهو الرحيم بخلقه الرحيم الذي رحم الخلق وفعل ذلك بهم وهذا فيه بيان انه لو تابوا اليه وانابوا لرحمهم لان رحمته وسعت كل شيء ولكنه جل وعلا انما كتبها للمؤمنين هذا سببها وهذا يؤيد ايضا ما قاله ابن القيم رحمه الله في معنى الرحمن الرحيم قال الرحمان يدل على الوصف والرحيم يدل على الفعل فالرحمن دل على اتصف الله بالرحمة ذو الرحمة الواسعة والرحيم الذي يفعل ذلك يرحم الخلق فهو رحمن متصل بالرحمة ويرحم الخلق وينزل بهم رحمته ويفعل ذلك بهم جل وعلا فهذه قصة نوح مع قومه وكما ذكرنا بالامس انه لم يراعى في ترتيب قصص الانبياء هنا الترتيب الزماني وانما ذكر قصة ابراهيم عليه السلام وهو متأخر عن نوح اولا ثم ثن بعد ذلك بقصة نوح وهو اول الرسل واول شرك وقع في الارض في زمنه بعث اليهم وهذا دليل على انه لا يلزم من ذكر القصص في السورة الواحدة ان يكون ذلك مرتبا حسب الزمان لكن قد تقدم قصة على اخرى لحكمة او لامر ولكن لا يلزم من ذلك الترتيب الزماني ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد