بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد اما بعد يقول الله جل وعلا كذبت قوم لوط المرسلين اذ قال لهم اخوهم لوط الا تتقون اني لكم رسول امين فاتقوا الله واطيعون وما اسألكم عليه من اجر. ان اجري الا على رب العالمين ذكر الله جل وعلا هنا قصة قوم لوط وابتدأها بقوله كذبت قوم لوط المرسلين وهذا قد مر معنا مرارا وتكرارا ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل وساذكر الايات التي ورد فيها ذلك وقد ورد ذلك في ست ايات اولها قوله جل وعلا كذبت قوم نوح المرسلين وقوم نوح ما ارسل لهم الا نوح هو اول رسول ما هناك قبله رسول ومع ذلك قال كذبت قوم نوح المرسلين وقال جل وعلا كذب عاد المرسلين وقال ولقد كذب اصحاب الحيل المرسلين وقال كذب الثمود المرسلين وقال كذب اصحاب الايكة المرسلين وقال هنا كذبت قوم لوط المرسلين هذه كلها تدل على ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب بجميع الرسل ولوط يقول ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله لوط عليه السلام وهو لوط ابن هاران ابن ازر وهو وهو ابن اخي ابراهيم قليل وكان الله قد بعثه الى امة عظيمة في حياة ابراهيم وكانوا يسكنون سدوم واعمالها التي اهلكها الله بها وجعل مكانها بحيرة منتنة خبيثة وهي مشهودة وهي مشهورة ببلاد الغور متاخمة لجبال بيت المقدس بينها وبين بلاد الكرك والشوبك ولا تزال تعرف بهذا الاسم بحيرة لوط وتعرف ايضا باسم البحر الميت وهو وهذه البحيرة وهذا البحر الميت منطقة حدودية بين الاردن نصفها في الاردن ونصفها في فلسطين ثم قال ابن كثير فدعاهم الى الله اي نبيهم فدعاهم الى الله عز وجل ان يعبدوه وحده لا شريك له وان يطيعوا رسولهم الذي بعثه الله اليه ونهاهم عن معصية الله وارتكاب ما كانوا قد ابتدعوه في العالم مما لم يسبقهم اليه الخلائق الى فعله من اتيان الذكران دون الاناث ونلخص دلالة الايات مرة اخرى اخبر الله جل وعلا ان قوم لوط كذبوا المرسلين وكذبوا نبيهم الذي ارسل اليهم اذ قال لهم اخوهم لوط الا تتقون. والمراد انه اخوهم ذي النسب الا تتقون الله جل وعلا وذلك بالايمان بي وبما جئت به وعدم الكفر بالله جل وعلا. اني لكم رسول امين. امين اي مؤتمن امين على ما ارسلت به لم ازد ولم انقص فاتيتكم بما امرني الله به وبما ارسلني به اليكم فاتقوا الله واطيعوه. اتقوا الله بعبادته وحده لا شريك له. وبالايمان به وحده لا شريك له. واطيعوني فيما ادعوكم اليه من وجوب الايمان والتوحيد وعدم الشرك والكفر والمعاصي وعدم اتيان آآ الرجال في ادبارهم وما اسألكم عليه من اجر ما اسألكم على دعوتي اياكم من اجر ان اجري الا على رب العالمين ما اجري الا على الله سبحانه وتعالى انما ابتغي الثواب من عنده ثم قال اتأتون الذكران الذكران من العالمين وهذا استفهام انكار وتوبيخ وهذا العمل اول من عرف به قوم لوط من الامم وقد جاء تحريم اتيان الرجال والنساء مع الادبار فهو حرام منكر كبيرة من كبائر الذنوب حتى جاء في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من وجدتموه يعمل من وجدتموه يعمل عملا قومي لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به وكذلك ايضا جاء في الحديث في تحريم اه اتيان الرجال وكذلك النساء في الادبار ما رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن غريب وحسنه الالباني عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان اخوف ما اخاف على امتي عمل قومي لوط وروى الطبراني بسند قال عنه الالباني صحيح لغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه واله وسلم ملعون من عمل عمل قوم لوط قالها مرتين وعن ابن حبة وعند ابن حبان بسند صحيح قالها ثلاث مرات ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ايضا جاء الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي والنسائي بسند صحيح كما قال الالباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لا ينظر الله الى رجل اتى رجلا او امرأة في دبرها وكذلك جاءت الاحاديث الاخرى التي في تحريم اتياء النساء في ادبارهن لانها فاحشة ومنكر عظيم فمن ذلك ما رواه الامام احمد والبزار بسند حسنه الالباني عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال تلك اللوطية الصغرى يعني الرجل يأتي امرأته في دبرها وروى الترمذي بسند صحيح عن ابي هريرة قال نعم وروى الترمذي وابن ماجة والدارمي بسند صحيح كما يقول الالباني عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من اتى حائضا او امرأة في دبرها او كاهنا فقد كفر بما انزل على محمد. نسأل الله العافية والسلامة وايضا روى ابو يعلى عن عمر بسند صحيح بسند صحيح لغيره كما قال الالباني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال استحيوا من الله استحيوا فان الله لا يستحي من الحق ولا تأتوا النساء في ادبارهن ويدل على تحريم ذلك ايضا ما رواه ابن ماجة واللفظ له. والنسائي بسند صحيح طحاوي الالباني وعن خزيمة ابن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان الله لا يستحي من الحق ثلاث مرات لا تأتوا النساء في ادبارهن وايضا يدل له ما رواه الطبراني بسند قال عنه الالباني حسن صحيح. عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعن الله الذين يأتون النساء في محاشهن وروى الطبراني في الاوسط بسند صحيح لغيره كما قال الالباني عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من اتى النساء في اعجازهن فقد كفر وكفى بهذه الادلة رادعا وزاجرا لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فان اتيان النساء في ادبارهن حرام منكر لا يجوز وكذلك اتيان الرجال في ادبارهم اتيان الرجال في ادبارهم ايوا فيجب الحذر من هذا اشد الحذر وان يحذر الناس من التخلق باخلاق البهائم والدواب فان كثيرا من الناس يقلد الكفرة الفجرة الذي ارتكبوا الكفر ولا ذنب بعد الكفر فيجب الحذر من هذا اشد الحذر مع ما بين اهل الطب من المفاسد الكثيرة التي تترتب على هذا والاضرار التي تلحق بالطرفين من الفاعل والمفعول به نسأل الله العافية والسلامة قال جل وعلا اتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من ازواجكم بل انتم قوم عادون تذرون اي تتركون ما خلق لكم ربكم من ازواجكم وهو بروجهن التي احلها الله لكم قال الطبري وتدعون الذي خلق لكم ربكم من ازواجكم من فروجهن فاحله لكم وذكر في قراءة عبد الله اي بن مسعود وتذرون ما اصلح لكم ربكم من ازواجكم وقال مجاهد تركتم اقبال النساء الى ادبار الرجال وادبار النساء بل انتم قوم عادون اضراب هنا لي بيان انهم قد تجاوزوا الحد الى ما لا يحل لهم فالعادي هو الذي تجاوز الحد الى ما لا يحل. فهم قوم عادون متجاوزون لحدود الله الى ما حرم الله عليهم فاجابوه قالوا لان لم تنتهي يا لوطو لتكونن من المخرجين يعني لئن لم تنتهي عن دعوتك لنا وما جئتنا به ستكونن من المخرجين. اي ننفيك من بين اظهرنا كما قال تعالى عنهم في اية اخرى فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا ال لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون فلما رأى انهم لا يرتدعون عما هم فيه وانهم مستمرون على ضلالهم تبرأ منهم وقال اني لعملكم من القالين ومعنى القليل يعني المبغظين لا احبه ولا ارضى به وانا بريء منه ثم دعا عليهم قال ربي نجني واهلي مما يعملون اي نعم وهذا لا بد ان يعقد الانسان قلبه على بغظ المعصية ولهذا قوله من القالين يعني من المبغظين كما قال جل وعلا ما ودعك ربك وما قلى ما تركك ولا ابغضك فيجب ان يكره وان يبغض المسلم معصية الله جل وعلا قال سبحانه وتعالى فنجيناه واهله اجمعين الا عجوزا في الغابرين عجوزة وهي زوجته وكانت قد بلغت من الكبر عتيا وللعلماء في قوله الغابرين لهم قولان القول الاول ان معنى من الغابرين يعني ممن طال عمرها حتى هرمت وغبرت وبقيت حتى هرمت وقال بعضهم بل الغابرين هنا المراد انها ممن بقي ولم يخرج مع لوط فبقيت في العذاب فاصابها العذاب مع قومها وهذا والله اعلم اظهر لان القول ان المراد غابرين انها قد كبر سنها حتى هرمت هذا يفهم من قوله الا عجوزا فالعجوز يدل على كبر السن والهرم لكن قوله في الغابرين يعني من الباقين الذين لم يخرجوا ولم ينجوا فلم تخرج مع زوجها وذرية وابنائها بل غبرت وبقيت بالمكان حتى نزل بها العذاب مع قومها قال جل وعلا ثم دمر الاخرين اي اهلكنا اهلكناهم بالخسف والحصب قال جل وعلا وامطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين امطرنا وهذا هو العذاب الذي دمرهم به انه امطر عليهم مطرا يعني الحجارة تجارة من سجيل نسأل الله العافية والسلامة فساء مطر منذرين ساء من افعال الذنب والمخصوص بالذنب بالذم محذوف تقديره فساء فساء مطرهم فجاء مطر المنذرين مطرا قبح والمنذرين الذي انذرهم نبيهم واعلمهم وخوفهم فلم يستجيبوا. ان في ذلك لاية في ذلك اية عبرة وعلامة دالة على صدق لوط وعلى قدرة الله جل وعلا وعلى جزاء من كذب الرسل ولم يؤمن بهم وما كان اكثرهم مؤمنين اكثر الناس لا يؤمنون. وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ثم قال وان ربك لهو العزيز الرحيم العزيز الذي عز كل شيء جل وعلا وقهره قال الشوكاني اي الغالب القاهر لهؤلاء بالانتقام منهم مع كونه كثير الرحمة ولذلك امهلهم ولم يعادلهم بالعقوبة او المعنى منتقم عزيز يعني منتقم من اعدائه رحيما باوليائه سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا كذب اصحاب الايكة المرسلين اذ قال لهم شعيب الا تتقون قال ابن كثير رحمه الله هؤلاء اعني اصحاب الايكة هم اصحاب هم اهل مدينة على الصحيح وكان نبي الله شعيب من انفسهم وانما لم يقل ها هنا اخوهم شعيبا لانهم نسبوا الى عبادة الايكة وهي شجرة عظيمة وهي شجرة وقيل شجر ملتف كالغيظة كانوا يعبدونها ولهذا لما قال كذب اصحاب الايكة المرسلين لم يقل اذ قال لهم اخوهم شعيب وانما قال اذ قال لهم شعيب فقطع نسب الاخوة بينهم للمعنى الذي نسبوا اليه وان كان اخاهم نسبا ومن الناس من لم يتفطن لهذه النكتة فظن ان اصحاب فظن ان اصحاب الايكة غير اهل مدين فزعم ان شعيبا عليه السلام بعثه الله الى امتين ومنهم من قال ثلاث امم نعم يعني ابن كثير يريد هنا ان يقول ان اصحاب الايكة هم قوم شعيب لكن لماذا قال قوم شعيب قال نسبهم الى عبادة الايكة والايكة شجرة عظيمة كانوا يعبدونها من دون الله ويشركون فيها. او يعبدون اشجارا كثيرة في مكان واحد وقد مر الكلام عليه لكن لماذا لم يقل قال اخوهم لانه اخبر انهم اصحاب الايكة ولا يمكن ان يكون اخوهم صاحبهم في الايكة لانه كان عدوا للايكة وكان ينهاهم عن عبادة الايكة وابن كثير ذكر هذه اللطيفة ليبين ان اصحاب الملائكة هم هم قوم شعيب وانه انما ارسل الى امة واحدة وان ما جاء بما يشعر او قد يفهم منه انهم امتان او انهم ثلاث امم ان هذا غير صحيح بل هي امة واحدة والاوصاف التي ذكرها او ما يعني ثلاث اوصاف انما ذكرها لمناسبة كل وصف لفعل من افعالهم وهم امة واحدة وهم فعلوا هذه الافعال الثلاثة فذكر كل فعل من افعالهم مرة في بعض الايات وفي بعض الايات ذكرها وذكرهم بوصفهم الاخر وهكذا قال ابن كثير رحمه الله وقد روى اسحاق بن بشر الكاهلي وهو ضعيف حدثني ابن السدي عن ابيه وزكريا ابن عمر عن خصيف عن عكرمة قال ما بعث الله نبيا مرتين الا شعيبا مرة الى مدينة فاخذهم الله بالصيحة ومرة الى اصحاب الايكة فاخذهم الله بعذاب يوم الظلة وروى ابو القاسم البغوي عن هدبة الهمام عن عن قتادة في قوله تعالى واصحاب الرس قال هم قوم شعيب وقوله واصحاب الايكة قال هم قوم شعيب قال ابن اسحاق ابن بشر قال اسحاق بن بشر وقال غير جويبر اصحاب الايكة ومدينهما واحد والله اعلم وهذا الذي رجحه ابن كبير قال وقد روى الحافظ ابن عساك في ترجمة شعيب من طريق محمد ابن عثمان ابن عثمان ابن ابي شيبة عن ابيه عن معاوية ابن هشام عن هشام ابن سعد عن ابن ابي هلال عن ربيعة ابن سيف عن عبدالله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قوم مدين واصحاب الايكة امتان. فبعث الله اليهم شعيبا النبي عليه السلام قال ابن كثير وهذا غريب وفي رفعه نظر والاشبه ان يكون موقوفا. والصحيح انهم امة واحدة وصفوا في كل مقام بشيء يعني من افعالهم ولهذا وعظ لهؤلاء وامرهم بوفاء المكيال والميزان كما في قصة مدينة سواء بسواء فدل ذلك على ان على انهم امة واحدة ثم قال جل وعلا اوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين قال ابن كثير يأمرهم تعالى بايفاء المكيال والميزان وينهاهم عن التطفيف خوف الكيل يعني اعطوا الناس اذا كنتوهم كيلا وافيا لا نقص به لانهم كانوا اذا كانوا الناس بخسوهم واذا اكتالوا لانفسهم استووا حقهم قال ابن كثير او الكيل ولا تكونوا من المحسنين اي اذا دفعتم الى الناس فكملوا الكيل لهم ولا تخسروا الكيل فتعطوه ناقصا وتأخذوه اذا كان لكم وتأخذوه اذا كان لكم تاما وافيا ولكن خذوا كما تعطونا واعطوا كما تأخذون او الكيل ولا تكونوا من المخسرين. يعني المنقصين للناس حقهم ونصيبهم وزنوا بالقسطاس المستقيم القسطاس قال ابن كثير هو الميزان وقيل القبان وقال بعضهم معرب من الرومية وهو بمعنى الميزان وقالوا مجاهد القصاص المستقيم العدل بالرومية وقال قتادة القصاص العدل والاكثر على انه الميزان وان كان العدل ايظا مراعى يعني جنوا بالقسطاس بالميزان العادل الذي لا جور فيه بحيث تبخسون الناس حقهم وتخسرونهم اذا كنت اذا قلتم لهم وتأخذون حقكم وافيا اذا كنتم لانفسكم قال جل وعلا ولا تبخسوا الناس اشياءهم اي لا تنقصوهم اموالهم ولا تأثموا في الارض مفسدين قال ابن كثير يعني قطع الطريق كما قال في الاية الاخرى ولا تقعدوا بكل صراط توعدون فنهاهم عن بخس الناس اشياءهم ونهاهم عن ان يأثوا في الارض مفسدين وان يعملوا فيها بالذنوب والمعاصي يعمل بها اعمالا على سبيل الافساد والاجرام. ثم قال واتقوا واتقوا الذي خلقكم والجبلة الاولين اتقوا الله الذي خلقكم وخلق الجبلة الاولين. قال الطبري الجبلة الخلق الاولين وقال مجاهد الخليقة اي الاولين والحاصل انه قال اتقوا الله الذي خلقكم وخلق ايضا الامم التي قبلكم والخليقة التي قبلكم وهو الخالق وحده لا شريك له وهذا دليل على انه هو الرب المعبود وحده لا شريك له وانه الخلاق وحده لا شريك له. وهو الذي يجب ان يعبد دون من سواه قال جل وعلا عنهم قالوا انما انت من المسحرين نذكر قول ابن كثير قال ابن كثير واتقوا الذي خلقكم الجبلة الاولين يخوفهم بأس الله الذي خلقهم. وخلق اباءهم الاوائل. كما قال موسى عليه السلام ربكم ورب ابائكم الاولين قال ابن عباس ومجاهد السدي وسفيان ابن عيينة وعبد الرحمن ابن زيد ابن اسلم والجبلة الاولين يقول خلق الاولين. وقرأ ابن زيد ولقد اظل منكم جبلا كثيرا وهذه الاية ولقد اظل منكم جبلا فيها ثلاث قراءات اثنتان منهما لغة لغتان فقرأ نافع بن عاصم فقرأ نافع عاصم جبلا بكسر الجيم والباء والباء والتشديد وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي جبلا بضمتين اي بضم الجيم والباء وقرأ عمرو بن عامر جبلا بضم الجيم وسكون الباء استثقال لاجتماع الضمتين فالحاصل انه يقال الجبل الجبلة والجبلة وايظا فيها لغات اخرى قال جل وعلا قالوا انما انت من المسحرين. مر معنا ان المسحرين يحتمل امرين احتملوا ان المسحرين يعني من المسحورين الذين سحروهم الذين قد سحروا ويحتمل من من المسحرين اي ذا سحرة ذو سحر اي ذو رئة فانت بشر مثلنا ولست نبيا النبي لا يكون من الناس ما يكونوا ذو سحر ذو رئة قالوا انما انت من المسحرين وما انت الا بشر مثلنا وان نظنك من الكاذبين ما انت الا بشر مثلنا لست بملك ولست بنبيا نبي لا يكون من البشر وهذا من شدة طغيانهم وعتوهم وبعدهم عن الحق وان نظنك ان نافية بمعنى ما نظنك الا من الكاذبين هاي ما نعتقد فيك الا انك كاذب ولست رسول من رب العالمين فاسجد علينا كسفا من السماء ان كنت من الصادقين هذا من جهلهم استعجلوا عذاب الله جل وعلا فقالوا اسقط انزل علينا كسفا من السماء والاصل في الكسف هي القطعة من الشيء والمراد به هنا قال الظحاك جانبا من السماء اسقط علينا كسا من السماء يعني جانبا من السماء قطعة من السماء ان كنت صادق لانا عصيناك ولم نؤمن بك وقال قتادة قطعا من السماء وقال السدي عذابا من السماء قال ابن كثير وهذا شبيه بما قالت قريش فيما اخبر الله عنهم في قوله وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا الى ان قال او تسقط السماء علينا او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا او تأتي بالله والملائكة قبيلا فهنا قالوا تحدوه ان كنت من الصادقين ان كنت صادقا فيما تقول فاسقط علينا وانزل علينا كسفا من العذاب قال ربي اعلم بما تعملون ربي جل وعلا قد احاط باعمالكم كلها وقد احصاها عليكم ومن ذلك كفركم وتكذيبكم وعنادكم واستهزاؤكم فكذبوه فاخذهم عذاب يوم الظلة كذبوه ولم يؤمنوا به ولم يتبعوه فاخذهم عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم قال ابن كثير فاسكت علينا كسب من السماء ان كنت من الصادقين قال ربي اعلم بما تعملون. يقول الله يقول الله اعلم بكم فان كنتم تستحقون ذلك جزاكم به غير ظالمين لكم. وكذلك وقع بهم كما سألوا جزاء وفاقا ولهذا قال تعالى فكذبوه فاخذهم عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم وهذا من جنس ما سألوا من اسقاط الكشف او الكسب عليهم فان الله عز سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم ان اصابهم حر شديد مدة سبعة ايام لا يكنهم منه شيء ثم اقبلت اليهم سحابة اظلتهم اذا هذه الظلة الظلة السحابة جاءت سحابة فقالوا هذه تظلنا من الحر لانه نزل بهم حر شديد فقالوا هذه نستظل بظلها قال ثم اقبلت قال ابن كثير ثم اقبلت اليهم سحابة اظلتهم فجعلوا ينطلقون اليها يستظلون بظلها من الحر فلما اجتمعوا تحتها ارسل الله تعالى عليهم منها شررا من نار ولهبا ورهجا عظيما ووهجا عظيما ورجفت بهم الارض وجاءتهم صيحة عظيمة ازهقت ارواحهم. ولهذا قال انه كان عذاب يوم عظيم لاحظتم ان ابن كثير ذكر هنا ثلاث عقوبات انه ارسل عليهم الظلة شرر من الظلة. ورجفت بهم الارض وجاءتهم صيحة عظيمة قطعت قلوبهم وازهقت ارواحهم ومن هنا قال بعض العلماء لما رأى اختلاف العقوبات الثلاثة ظن انها ثلاث امم او انهما امتان قال ابن كثير رحمه الله وقد ذكر تعالى صفة اهلاكهم في ثلاثة مواطن. كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق يعني هم امة واحدة وذكر الله اهلاكهم بثلاث اه بثلاثة بثلاث في ثلاثة مواطن لكن هي امة واحدة وكل موطن مناسب لشيء من افعالهم قال كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق ففي الاعراف ذكر انه اخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين وذلك لانهم قالوا لنخرجنك يا شعيب والذين امنوا معك من قريتنا او لتعودن في ملتنا فارجفوا بنبي الله ومن اتبعه فاخذتهم الرجفة يعني مناسب لفعلهم وفي سورة هود قال واخذت الذين ظلموا الصيحة وذلك لانهم استهزأوا بنبي الله في قولهم اصلاتك تأمرك ان نترك ما يعبد اباؤنا او ان نفعل في اموالنا ما نشاء انك لانت الحليم الرشيد قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء فناسب ان تأتيهم صيحة تسكتهم فقال واخذت الذين ظلموا الصيحة وها هنا قالوا فاسقط علينا كسبا من السماء ان كنا من الصادقين على وجه التعنت والعناد فناسب ان يحق ان يحق ان يحق عليهم ما استبعدوه ان يحق عليهم ما استبعدوا وقوعه. فاخذ فاخذهم عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم قال قتادة قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان الله سلط عليهم الحر سبعة ايام حتى ما يظلهم منه شيء ثم ان الله انشأ لهم سحابة فانطلق اليها احدهم يعني الى ظلها واستظل بها فاصاب تحتها بردا وراحة فاعلم بذلك قومه فاتوها جميعا فاستظلوا تحتها فأججت عليهم نارا نسأل الله العافية عليهم نارا نزلت عليهم نار احرقتهم وهكذا رؤيا وهكذا روي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم وقال عبدالرحمن ابن زيد بن اسلم بعث الله اليهم الظلة حتى اذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظل واحمى عليهم الشمس ما احترقوا كما يحترق الجراد في المقلى وقال محمد بن كعب القرظي ان اهل مدينة عذبوا بثلاثة اصناف من العذاب اخذتهم الرجوة في دارهم حتى خرجوا منها فلما خرجوا منها اصابهم فزع شديد ففرقوا ان يدخلوا الى البيوت فتسقط عليهم فارسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل فقال ما رأيتك اليوم ظلا اطيب ولا ابرد من هذا هلموا ايها الناس فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعا ثم تلا محمد ابن كعب فاخذهم عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم ثم اورد ابن كثير ما رواه ابن جرير ان يزيد الباهي قال سألت ابن عباس عن هذه الاية فاخذهم عذاب يوم الظلة قال بعث الله عليهم رعدا رعدا وحرا شديدا فاخذ بانفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا الى البرية فبعث الله تحابة فاضلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى اذا اجتمعوا تحتها ارسلها الله عليهم نارا قال ابن عباس فذاك عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم ان في ذلك لاية وما كان اكثرهم مؤمنين وان ربك لهو العزيز الرحيم اي العزيز في انتقامه من الكافرين الرحيم بعباده المؤمنين. ونكتفي بهذا القدر والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد