بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الشعراء فلا تدعوا مع الله الها اخر فتكون من المعذبين اه بعد ان ذكر جل وعلا في الايات السابقات نفي نفيا نزول القرآن وتنزله على الشياطين لانهم ليسوا باهل له فما ينبغي لهم وما يستطيعون ذلك لانهم عن السمع معزولون ومطرودون. لا يستطيعون ان يسترقوا شيء ان من السمع وذلك لما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم اه ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا فلا تستطيع الجن ان تسترق شيئا من السمع كما كانوا قبل آآ بعثة النبي صلى الله عليه واله وسلم. فقال بعد ذلك فلا تدعوا مع الله الها اخر فتكون من المعذبين قال ابن كثير يقول الله تعالى امرا امرا بعبادته وحده لا شريك له ومخبرا ان من اشرك به عذبه نعم فلا تدعوا مع الله الها اخر لانه مر معنا ان الدعاء هو العبادة فيشمل العبادة كلها والدعاء قسمان دعاء مسألة وهو ما كان فيه سؤال وطلب ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. مثلا وكقوله ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. ومنها ما هو دعاء عبادة يعني مجرد ان يصدر منك هذا العمل فانت تدعو الله به تريد به ثوابه او اجره او تكفير السيئات مثل الصيام مثلا فان الامساك مجرد الامساك تقربا الى الله الانسان يدعو ربه به ليغفر ليرفع درجاته ليعظم له الاجر وهكذا اذا فلا تدعوا مع الله لا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة فلا تدعوا مع الله الها اخر تسألونه قضاء الحوائج وتفريج الكربات وسؤال ما لا يقدر عليه الا الله ولا ايضا تتقرب باعمالكم الاخرى بان تنذروا او تذبحوا او تصوموا او تسجدوا او تفعلوا شيئا من العبادات لاله اخر مع الله جل وعلا فتكون من المعذبين لان من فعل ذلك يكون من المعذبين لانه اشرك والشرك ظلم عظيم. انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. وما للظالمين من انصار وقد جاء في القرآن ايات اه او عدد من الايات بمثل ما جاءت به هذه الاية كقوله جل وعلا لا تجعل مع الله الها اخر فتقعد مذموما مخذولا. وقال جل وعلا ولا تجعل مع الله الها اخر فتلقى في جهنم مدحورا. وقال جل وعلا ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به. فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون. وقال جل وعلا ولا تدعوا مع الله الها اخر لا اله الا هو كل شيء هالك الا اوجهه له الحكم واليه ترجعون ثم قال جل وعلا وانذر عشيرتك الاقربين والانذار هو الاعلام بموضع المخافة وهو ان يكون الانسان نذيرا لغيره ينذرهم ويخوفهم ما امامهم من العذاب والنكال والجزاء لمن كفر بالله ولم ولم يؤمن به. ولهذا نبينا صلى الله عليه وسلم وكذلك الانبياء جمع الله لهم بين والبشارة فهم منذرون من عذاب شديد لمن كفر بالله ومبشرون بالثواب العظيم لمن استجاب لهم وامن بالله جل واعلم. فامر الله نبيه ان ان ينذر عشيرته الاقربين. والعشيرة هم الاقارب الادنون. هم عشيرة الرجل الاقربون ادنون اليه وهم هنا قريش عمومها وهم قريش عمومها وخصوصها كما سيأتي في الاحاديث وانذر عشيرتك الاقربين وهذا دليل على ان الاقربين لهم مزيد حظ ولهم مزيد حق بالعناية بهم بدعوتهم الى الله نهيهم عن المعاصي وتعليمهم العلم يخصون بشيء دون غيرهم مع ان الانسان يقوم بالدعوة الى الله جل وعلا مطلقا وهذا كما قال ابن كثير رحمه الله وهذه النذارة الخاصة يعني لقومه وانذر عشيرتك الاقربين وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة بل هي فرد من اجزائها. يعني لا تنافي ان النبي اذير لجميع الناس للجن والانس لكن هذه فرد من افرادها هؤلاء يعني خصهم بمزيد عناية. والا النبي صلى الله عليه وسلم نذير للخلق اجمعين. قال ابن كثير وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة بل هي فرد من اجزائها كما قال تعالى لتنذر قوما ما انذر اباؤهم فهم غافلون. وقال لتنذر ام القرى ومن حولها. وقال وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم. وقال لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا. وقال لانذركم به بلغ كمن قال ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده وفي صحيح مسلم والذي نفسي بيده لا يسمع بي احد من هذه الامة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي الا دخل النار قال جل وعلا وانذر عشيرتك الاقربين. اورد الحافظ ابن كثير احاديث عدة في بيان انذار النبي صلى الله عليه وسلم لقومه بعد نزول هذه الاية آآ عليه آآ فقال وقد ورد احاديث كثيرة في نزول هذه الاية الكريمة فلنذكرها ثم قال الحديث الاول قال الامام احمد وهو ايضا في البخاري ومسلم عن ابن عباس قال لما انزل الله عز وجل وانزل عشيرتك الاقربين اتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى يا فاجتمع الناس اليه بين رجل يجيء اليه وبين رجل يبعث رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا بني عبد المطلب يا بني فهر يا بني لؤي ارأيتم لو اخبرتكم ان خيلا بسفحها بسفح يعني طرفي بسفح هذا الجبل تريد ان تغير عليكم صدقتموني؟ قالوا نعم. قال فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال ابو لهب تبا لك سائر اليوم اما دعوتنا الا لهذا وانزل الله تبت يدا ابي لهب وتب الحديث الثاني قال الامام احمد وهو ايضا عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزلت وانذر عشيرتك الاقربين. قام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال يا فاطمة بنت محمد ويا صفية بنت عبد المطلب ويجوز يا فاطمة ويا صفية ويا صبية بنت عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا املك لكم من الله شيئا. سلوني من مالي ما شئتم ثم قال الحديث الثالث قال احمد وهو ايضا في البخاري ومسلم عن ابي هريرة قال لما نزلت هذه الاية وانذر عشيرتك الاقربين. دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قريشا. فعم وخص فقال يا معشر انقذوا انفسكم من النار. يا معشر بني كعب انقذوا انفسكم من النار. يا معشر بني عبد يا معشر بني عبد مناف انقذوا انفسكم من النار يا معشر بني هاشم انقذوا انفسكم من النار يا معشر بني عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار. فاني والله ما املك من الله شيئا. الا ان لكم رحما سابلها الهاء ثم اورد رحمه الله جملة من الاحاديث بهذا المعنى. والحاصل ان دلالة هذه الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم عمة وخص فنادى قريش كلهم ثم خص الى ان نادى بطون قريش الى ان نادى عمه الى ان نادى عمته الى ان نادى ابنته فانذرهم جميعا فانذرهم جميعا وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم تفسير وتبيين وبيان لتفسير هذه الاية وينزل عشيرتك الاقربين يعني قومك الاقرب فالاقرب اقرب الناس احق اليك احق ثم من بعدهم ثم من بعدهم الى ان يعم القبيلة كلها قال جل وعلا واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين قال الطبري والن جانبك وكلامك لمن اتبعك وذكر نحوه القرطبي وزاد وتواضع لهم اذا واخفض جناحك يعني الن جنابك تواضع لمن اتبعك من المؤمنين كن بهم رؤوفا رحيما لين الجانب لان ذلك ادعى الى قبولهم الحق واستمرارهم عليه وثباتهم عليه ثم قال فان عصوك فقل اني بريء مما تعملون اذا عصوك عشيرتك الاقربون فقل اني بريء مما تعملون. لانهم يعملون الشرك والكفر والشرك يجب البراءة يجب على المسلم ان يبرأ منه الولاء والبراء فالواجب على المسلم ان يبرأ من الشرك واهله يتبرأ منهم ويتباعد ويوالي المؤمنين هذا هو الواجب ولو كان اقرب قريب ولو كان من الوالدين او الابناء يجب التبرأ من فعلهم وعملهم هذا الذي هو اكبر ذنب واعظم اثم وهو الشرك بالله جل وعلا. وقد جاء في معنى هذه الاية ايات اخرى منها قوله جل وعلا واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون. وقال جل وعلا قد كانت لكم اسوة في قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده وقال جل وعلا قل انما هو اله واحد وانني بريء من مما تشركون. فيجب على المسلم ان يبرأ من الشرك واهله وممن صدر منه هذا الفعل كائنا من كان يبرأ منه الى الله عز وجل ويعلم الله ذلك من قلبك برائتك وبغضك وكراهيتك لهذا الذنب وانك تبرأ الى الله منه وتتخلص منه ولا تعتقد بطلانه وعدم جوازه. ثم قال جل وعلا وتوكل على العزيز الرحيم اي اعتمد وفوض امرك على ربك العزيز الذي عز كل شيء وقهره. جل وعلا. وهو ايضا رحيم الذي وسعت رحمته كل شيء الذي وسعت رحمته كل شيء سبحانه وتعالى ولكن ايضا جعلها لمن سلك طريق الرحمة واعظم ذلك التوحيد والايمان بالله جل وعلا ولهذا لما قال ورحمتي وسعت كل شيء قال فسأكتبها للذين يتقون. واعظم التقوى التوحيد افراد الله جل وعلا بالعبادة والحذر من الشرك قال جل وعلا الذي يراك حين تقوم قال ابن كثير وتوكل على العزيز الرحيم اي في جميع امورك فانه مؤيدك وناصرك وحافظك ومظهرك او ومظفرك ومعلن كلمتك وقوله الذي يراك حين تقوم اي هو معتن بك كما قد قال تعالى فاصبر لحكم ربك فانك باعيننا قال ابن عباس الذي يراك حين تقوم يعني الى الصلاة يعني حين تقوم الى الصلاة وقال اكرمه يرى قيامه وركوعه وسجوده وقال الحسن الذي يراك حين تقوم اذا صليت وحدك وقال الضحاك الذي يراك حين تقوم اي من فراشك او مجلسك وقال قتادة الذي يراك قائما وجالسا وعلى حالاتك وهذا هو الصواب يعني هذا الذي ذكره السلف هذا من قبيل اختلاف التنوع لان الاختلاف في التفسير منهما واختلاف تنوع ومنه ما هو اختلاف تضاد ومعارضة فاما اختلاف التنوع فانه لا يعد خلافا لان كل واحد يعبر بنوع مما تدل عليه الاية ويضرب مثالا وهو لا يعارض تفسير غيره بل الاية مجموع ما جاء عن السلف من التفسيرات ولهذا كل هذه المعاني حق فالله يرى نبيه صلى الله عليه وسلم حين يقوم من فراشه وحين يقوم من مجلسه وحين يقوم في صلاته وحين يقوم في صلاة النافلة او صلاة الفريضة او غيرها. ثم قال جل وعلا وتقلبك في الساجدين قال قتادة الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين قال في الصلاة يراك وحدك ويراك بالجميع. وهذا قول عكرمة وعطاء الخرسان والحسن البصري وقال مجاهد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه كما يرى من امامه ويشهد لهذا ما صح في الحديث سووا صفوفكم فاني اراكم من من وراء ظهري رواه البخاري وغيره آآ فالحاصل ان الله جل وعلا يراك يا يرى نبيه في حال قيامه وفي حال تقلبه في الساجدين يعني في حال سجوده وصلاته في ضمن الساجدين المصلين لانه جل وعلا عليم بكل شيء لا يخفى عليه شيء من امر عباده. ثم قال جل وعلا انه هو السميع العليم. قال ابن كثير اي السميع لاقوال عباده العليم بحركاتهم وسكناتهم. كما قال تعالى وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا يعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه. جل وعلا. ثم قال جل وعلا هل انبئكم على من تنزل الشياطين؟ تنزلوا على كل كل افاك اثيم يلقون السمع واكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون يقول ابن كثير يقول تعالى مخاطبا لمن زعم من المشركين ان ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس حقا وانه شيء افتعله من تلقاء نفسه او انه اتاه به رأي من الجن فنزه الله سبحانه جناب رسوله صلى الله عليه واله وسلم عن قولهم وافترائهم ونبه ان ما جاء به انما هو من عند الله وانه تنزيله ووحيه نزل به ملك كريم امين عظيم وانه ليس من قبيل الشياطين فانهم ليس لهم رغبة في مثل هذا القرآن العظيم. وانما ينزلون على من يشاكلهم ويشابههم من الكهان الكذب ولهذا قال هل انبئكم اي اخبركم على من تنزلوا الشياطين تنزلوا على كل افاك اثيم. اي كذوب في قوله وهو الافاك الاثيم اي الفاجر في افعاله فهذا هو الذي تنزل عليه الشياطين كالكهان وما جرى مجراهم من الكذبة الفسقة فان الشياطين ايضا كذبة فسقة يعني بين ابن كثير رحمه الله هنا مناسبة هذه الايات فان لها علاقة بما سبق لانه قال وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون انهم عن السمع لمعزولون نفع تنزل الشياطين بالقرآن وانهم لا ينفعوا لا يصلح ذلك لهم لانه نزل بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم ظد ذلك ولا يستطيعون حتى لو ارادوا بل هم معزولون عن السمع لا يستطيعون ان يسمعونه ثم بين على من تتنزل الشياطين فقال هل انبئكم على من تنزل الشياطين؟ الشياطين تنزل على من ما تتنزل على النبي تخبره وتأتي بالقرآن تخبر به لا وانما تنزل على كل افاك اثيم افاك وهو كثير الافك قال الطبري يعني كذاب بهات واثيم يعني اثم ونحوه قول ابن كثير الذي مر كذوب في قوله وهو الافاك الاديم وهو الفاجر في افعاله فهذا الذي تتنزل عليه الشياطين الافاك كثير الافك والكذب الاثيم كثير الاثم والوقوع في الاثم وحاشى وكلا ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم كذلك قال يلقون السمع واكثرهم اه واكثرهم كاذبون قال الطبري يلقي الشياطين السمع وهو ما يسمعون مما استرقوا سمعه من حين حدث في السماء الى كل افاك اثيم من اولياء من بني ادم وقال ابن كثير يلقون السمع اي يسترقون السمع من السماء فيسمعون الكلمة من علم الغيب فيزيدون معها مئة كذبة ثم يلقونها الى اوليائهم من الانس فيتحدثون بها فيصدقهم الناس في كل ما قالوه بسبب صدقهم في تلك الكلمة التي سمعت من السماء كما صح بذلك الحديث كما رواه البخاري من حديث الزهري عن عائشة رضي الله عنها سأل ناس النبي صلى الله عليه واله وسلم عن الكهان فقال انهم ليسوا بشيء قالوا يا رسول الله فانهم يحدثون بالشيء يكون حقا. فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم تلك الكلمة من الحق يختطفها الشيء الجني فيقرقرها في اذني في باذن وليه كقرقرة الدجاجة يعني يقرقرها يعني يلقيها كانه يقرقر يعني حينما يلقيها طريقة القائه لها كقرقرة الدجاجة وصوت الدجاجة معروف فيخلطون معها اكثر من مئة كذبة قال ابن كثير وقال البخاري ايضا حدثنا الحميدي وساق بسنده عن ابيه عن ابي هريرة ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قظى الله الامر في السماء ظربت الملائكة باجنحتها خظعانا لقوله كانه صلة على صفوان حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا؟ قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مفترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضهم فوق بعض ووصف سفيان بيده فحرفها وبدد اصابعه يعني لما وصف سفيان وضع الشياطين حرف يده بدل ان تكون مبسوطة يده باطنها الى الارض وظهرها الى السماء لا حرفها وجعل اصابع بعضها فوق بعض الابهام فوق والخنصر اسفل شيء وفرق بين الاصابع قال الشياطين هكذا يعني ركوبهم فوق بعض يركب بعضهم فوق بعض قال فيسمع الكلمة فيلقيها الى من تحته ثم يلقيها الاخر الى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر. او الكاهن فربما تركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما القاها قبل ان يدركه فيكذب معها مئة كذبة فيقال اليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء انفرد به البخاري وايضا روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الملائكة تحدثوا في العنان يعني تتكلم تتحدث فيما بينها في العنان في العنان والعنان الغمام يعني في السماء تحدثوا في عنان بالامر يكون في الارض فتسمع الشياطين الكلمة فتقرها في اذن في اذن الكاهن كما تقر القارورة فيزيدون معها مئة كذبة الى غير ذلك والحاصل ان ابن كثير رحمه الله افاد واجاد في تفسير آآ هذه الاية او هذه الايات بما جاءت به السنة وهذا من بيان القرآن بالسنة وهو احسن البيان بعد بيان القرآن للقرآن اه ثم قال جل وعلا والشعراء يتبعهم الغاوون. الم ترى انهم في كل وادي يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون الذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب انقلبون اه الشعراء معروفون الذين يقولون الشعر واختلف العلماء هل هذه الاية تدل على ذم الشعر كله مطلقا فمن العلماء من ذهب الى هذا جاء عن بعض السلف انهم كرهوا الشعر كله. واستدلوا بهذه الاية لان النبي عم قال والشعراء يتبعهم الغاوون. الا الذين امنوا الذين امنوا معروف امرهم الذين يعني يدافعون عن الدين من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم وامثالهم قالوا لكن من لم يكن كذلك ليس في الدفاع عن الدين فان الشعر مكروه. واستدلوا على ذلك ايضا بما جاء في الحديث الذي رواه مسلم اه عن ابي سعيد قال بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج والعرج موضع اه بعد المدينة بقرابة ستة وسبعين ميلا اه وهو واد لا يزال يعرف الى اليوم والان قد قطنه الناس وسكنه الناس وهو وادي الفراعنة الان يسمى وادي الفراع وادي الفرع او الفرع آآ اذا اذا عرض شاعر ينشد يعني عرض لهم شاعر ينشد شعرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذوا الشيطان او امسكوا الشيطان لان يمتلي جوف احدكم قيحا خير له من ان يمتليا شعرا يعني يمتلي قيحا والقيح هو الصديد الذي يسيل من الدمل او الجرح نعوذ بالله. خير له من ان يمتلي شعرا آآ قال العلماء معنى قوله خذوا خذوا الشيطان وامسكوه يعني امنعوه من من انشاده ولعله صلى الله عليه وسلم لما رآه ينشد الشعر متعرضا غير ملتفت اليهم وغير مبال بهم مستهزئا بانشاده بانشاد الشعر عرف ان الغالب عليه هو قرض الشعر وانه مسلوب الحياء معزول عن الادب ولذلك اطلق عليه اسم الشيطان فالحاصل ان هذا يدل على كراهية الشعر مطلقا لكن الصواب ولهذا وذهب الى هذا بعض ائمة السلف والذي عليه جمهور السلف ان الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم ولا مانع من اجتماع الشعر الحسن ولا مانع ان ينشد ايضا بين يدي الرجل ويسمعه لا حرج في ذلك وقد انشد كعب النبي صلى الله عليه وسلم مئة بيت في المسجد. والنبي صلى الله عليه وسلم في يعني قصيدته المشهورة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اهن يعني يستزيده وانشد الشعر بين يديه ايضا صلى الله عليه وسلم فدل على جواز ذلك ومما يدل عليه ايضا ما رواه الامام احمد آآ بسند صحيح قال ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن كعب بن مالك عن عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن ابيه يعني عن ابيه كعب ابن انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل قد انزل في الشعر ما انزل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده لكأنما ترمونه لكأنما ترمونهم به نضح النبل ورواه ابن حبان وصححه الالباني في الصحيحة وغيرها فحصل ان انه اشد على الكفار من نبل السهام قوة تأثيره فيهم لان العرب تعتني بالشعر وله مقام عندهم ولا يزال عندهم الى الان ويعني يعتنون بالشعر ويجعلون له مقامه يخافون من الشاعر ان يقول كلاما ذما فيبقى عيبا على المذموم ولهذا ايضا ما يدل على جواز الشعر وعلى جواز سماعه ما رواه ابو داوود والترمذي وقال حسن صحيح غريب وصححه الالباني عن انس عن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم دخل مكة في عمرة القضاء يعني بعد الحديبية لانهم منعوه في سنة عام الحديبية ثم اعتمر بعد ذلك بعدها بسنة انه دخل مكة في عمرة القضاء وعبدالله بن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله فقال له عمر يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله عز وجل تقول الشعر يعني ينكر عليه تقول الشعر وبين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلي عنه اتركه يعني يا عمر اتركه يا عمر فلا هو اسرع فيهم من نضح النبل اسرع فيهم واكثر تأثيرا من رميهم بالسهام فدل على ان الشعر اذا كان شعرا طيبا دفاعا عن الاسلام هجاء لاهل الشر اه بيان لمحاسن الاسلام حث على مكارم الاخلاق انه جائز وحسن. ويجوز سماعه. فالنبي صلى الله عليه وسلم سمعه والصحابة سمعوه وانشد بعضهم بهالشعب ولا يزال السلف يسمعون الشعر النافع وآآ ربما يتعظون به ويعتبرون به. فالصواب ان الشعر كلام فحسنه حسن. وقبيحه قبيح. فالذي لا يجوز منه والكذب وما كان فيه كذبا او كان في الامور المحرمة من التغزل او السب او الشتم او ما شابه ذلك. ولهذا هذه الاية قال بعض المفسرين الشعراء هنا المراد بهم الكفار قال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس يعني الكفار شعراء قال هنا يعني الكفار يتبعهم ظلال الانس والجن. وكذا قال مجاهد رحمه الله وعبد الرحمن ابن زيد ابن اسلم رحمه الله وغيرهما وقال عكرمة كان الشاعران يتهاجيان ينتصر لهذا فئام من الناس ولهذا فئام من من الناس فانزل الله عز وجل والشعراء يتبعهم الغاوون يعني ان هذا في الشعراء المذمومين هذا هو الاصل في الشعراء سواء من الكفار او حتى من المسلمين تجد منهم من يثير الفتن يسب هذه القبيلة وفايق شاعر منها ويسب قبيلته ويتهاجيان يتهاجوان فيهجو كل منهم الاخر فيترتب على هذا من الظلم والرمي بالفحش والكذب والباطل ما الله به عليم وهذا امر معلوم ثم قال جل وعلا بعد ان اخبر ان اتباعهم الغاوون والغاوون يعني عبارات السلف تدور على هذا المعنى يتبعهم الغون فقال آآ ابن عباس هم الرواة اي رواة الشعر هم الغاوون الشعراء يقولون الشعر والرواة يرونه قصد اذا كان شعرا آآ يشتمل على ما لا يجوز وقال مجاهد هم الشياطين وقال ابن عباس في رواية الكلب هم السفهاء فالحاصل هؤلاء هم الغاوون الذين غووا فهم رواة الشعر الذين ينقلون الشعر المحرم وكذلك الشياطين وكذلك السبع الذين لا هم لهم الا الشعر ويشتغلون به ويشتغلون به عن علم الشريعة وتجدهم قليلا الذكر لله جل وعلا اه ثم قال جل وعلا المتر انهم في كل واد يهيمون يعني هذا يبين شيئا من حالهم الذي يدل على ظلالهم وعلى غواية من اتبعهم قال الم ترى انهم في كل واد يهيمون؟ قال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس في كل لغو يخوضون في كل لغو يخوضون. وقال الظحاك عن ابن عباس في كل فن من الكلام. وكذا قال مجاهد. وقال الحسن البصري قد والله رأينا اوديته التي يهيمون فيها مرة في شتمة في شتمة فلان ومرة فيهم في مدحة فلان وقال قتادة الشاعر يمدح قوما بباطل ويذم قوما بباطل. نعم في كل واد يهيمون في كل امر تجدهم يغنون ينشدون في السب في الذم في المدح في في في قال جل وعلا وانهم يقولون ما لا يفعلون. قال ابن عباس كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم احدهما من الانصار والاخر من قوم اخرين. وانهما تهاجيا فكان مع كل واحد منهما غواة من قومه هم السفهاء فقال الله تعالى والشعراء يتبعهم الغاوون المتر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون. وقال علي ابن مع ابي طلحة عن ابن عباس اكثر قولهم يكذبون فيه. نعم الشعراء اكثر قولهم يكذبون فيه. وهذا الذي قال ابن كثير وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنه هو الواقع في نفس الامر. فان الشعراء يتبجحون باقوال وافعال لم تصدر منهم ولا عنهم. فيتكثرون بما ليس لهم نعم تجد احدهم يقول نحن فعلنا ونحن وانا اللي افعل كذا وانا الذي اصبر وانا كذا وانا وهو كذاب يقول ما لا يفعل قال ابن كثير ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله في فيما اذا اعترف الشاعر في شعره بما يوجب حدا هل يقام عليه بهذا الاعتراف ام لا؟ لانهم يقولون لا يفعلون على قولهم فمن العلماء من من قال يقام عليهم الحد ومن العلم من قال لا لا يقام عليهم الحد بمجرد قولهم هذا الا انهم يطلبون ويسمع منهم فان اقروا واعترفوا فهذا يقام عليهم الحد. واما مجرد شعرهم فانهم يقولون ما لا يفعلون. يعني يقولون فعلنا وقد يقول احدهم انني فعلت بفلانة وهو لم يفعل لان الله يقول يقولون ما لا يفعلون قال ابن كثير وقد ذكر محمد بن اسحاق ومحمد بن سعد في الطبقات والزبير بن بكار في كتاب الفكاهة ان امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان ابن عدي ابن نظلة على ميسان من ارض البصرة وكان يقول الشعر. يعني استعمله اميرا على ميسان وكان شاعرا فقال انشد آآ النعمان الا هل اتى الحسناء ان حليلها بميسنة يسقى في زجاج وحنتم يعني انية الخمر يعني يشرب الخمر اذا شئت غنتني دهاقي قرية ورقاصة تحدو على كل منسم يعني ان شئت الراقصات والمغنيات يرقصن علي ويغنين فان كنت لا فان كنت ندمان فبالاكثر فبالاكثر اسقني ولا تسقني بالاصغر المتذلم. اذا كنت نديم ومنادمي ومسقيني الخمر فاسقني في الاناء الاكبر لا في الاصغر لعل امير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوشق المتهدم يقول امير المؤمنين عمر بن الخطاب يسوءه آآ تنادمنا يعني شربنا وتبادلنا الخمر فهذا اعتراف منه بانه يشرب الخمر لكن هل اقام عليه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الحد قال فلما بلغ امير المؤمنين قال اي والله انه ليسني ذلك. ومن لقيه فليخبره اني قد عزلته الله اكبر وكتب اليه بسم الله الرحمن الرحيم حا ميم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب بذي الطول لا اله الا هو اليه المصير. اما بعد فقد بلغني قولك لعل امير لعل امير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوسق المتهدم وايم الله. انه ليسني وقد عزلتك. فلما قدم على عمر بكته يعني لامه على ذلك وعلى مقولته السيئة هذه قال فلما قدم على عمر بكته بهذا الشعر فقال والله يا امير المؤمنين ما شربتها قط يعني ما شربت الخمر وما ذاك الشعر الا شيء طفح على لساني. فقال عمر اظن ذلك. ولكن والله لا تعمل لي على عمل ابدا وقد قلت ما قلت فلم يذكر انه حده على الشراب وقد ظمنه شعره لانهم يقولون ما لا يفعلون. ولكن ذمه عمر ورظي الله عنه ولامه على ذلك وعزلا ها ولهذا نعم يعني القصد انه ما يقام عليه الحد لانهم يقولون ما لا يفعلون اخذا من هذه الاية قال قال ابن كثير ولهذا جاء في الحديث لان يمتلي جوف احدكم قيحا حتى يريه خير له من ان يمتلي يعني والمراد من هذا ان الرسول صلى الله عليه وسلم الذي انزل عليه هذا القرآن ليس بكاهن ولا بشاعر لان حاله مناف لحاله من وجوه ظاهرة. كما قال تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له. ان هو الا ذكر والقرآن مبين. وقال تعالى انه لقول رسول كريم وما هو بقول سائر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين وهكذا قال ها هنا وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين. الى ان قال وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون انهم عن السمع لمعزولون. الى ان قال هل انبئكم على من تنزل الشياطين؟ تنزلوا على كل افاك اثيم يلقون السمع اكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون الم ترى انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون ثم قال جل وعلا الا الذين امنوا وعملوا الصالحات هؤلاء مستثنون من الشعر المذموم ومن الشعراء المذمومين قال محمد ابن اسحاق عن يزيد ابن عبد الله ابن قصي عن ابي الحسن سالم البراد مولى تميم الداري قال لما نزلت الشعراء يتبعهم الغاوون جاء حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحة وكعب بن مالك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون فقالوا قد علم الله حين انزل هذه الاية ان شعراء فتلى النبي صلى الله عليه وسلم الا الذين امنوا وعملوا الصالحات قال انتم وذكروا الله كثيرا قال انتم وانتصروا من بعد ما ظلموا قال انتم ورواه ابن جرير وابن ابي حاتم. وقد ايضا روي نحوه اه عن حسان وعبدالله بن رواحة انهما اتي النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت الشعراء ويتبعهم الغاوون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأها عليهم. والشعراء يتبعهم الغاوون حتى بلغ الا الذين امنوا وعملوا الصالحات قال انتم فالحاصل ان هذا يدل على ان اه يدل على ان الشعراء المؤمنين مستثنون من هذا وانهم غير داخلين في ذلك وانما المراد به آآ الشعب من الكفار او الفسقة الذين يقولون الشعر الذي فيه الذم آآ ثم قال جل وعلا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون استثنى الله عز وجل الذين امنوا جمعوا بين الايمان والعمل الصالح وذكروا الله كثيرا فكان الاغلب عليهم هو ذكر الله وليس الشعر واذا تكلموا بالشعر انما يتكلمون به لمصلحة وهو الانتصار من بعد ما ظلموا ممن ظلمهم ممن ظلمهم فانهم ينتصرون منه وكدفاعهم عن الاسلام ودبهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون سيعلم الظالمون اه قبح مآلهم ومصيرهم. قال ابن كثير وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون قال قتادة ابن دعامة يعني من الشعراء وغيرهم بل قال الله جل وعلا يوم لا ينفع مال ولا بنون يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. وفي الحديث الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اياكم والظلم فان الظلم الظلم ظلمات يوم القيامة اه الاية عامة في كل ظالم ولكن يدخل فيه من ظلم من الشعراء دخولا اوليا وبهذا نكون قد انتهينا من سورة الشعراء ولله الحمد والمنة. اه ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد