بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة النمل بعد ان ذكر قصة موسى في رجوعه من مدين الى مصر بقوله جل وعلا اذ قال موسى لاهله اني انست نارا ساتيكم منها بخبر او اتيكم بشهاب قبس لعلكم تسطلون فلما جاءها نودي ان بورك من في النار ومن حولها. وسبحان الله رب العالمين آآ مر معنا بالامس تفسير هذه الايات وان موسى رأى نارا فذهب اليها اه لانه كان قد ظل الطريق لان سفره كان ليلا وايضا كان في ليلة شاتية فلما جاءها اي جاء الى هذه النور اي الى هذه النار التي رآها نودي ان بورك من في النار ومن حولها نودي ناداه الله جل وعلا ان بورك من في النار اي قدس من في النار وذكرنا بالامس خلاف اهل العلم في المراد في قوله من في النار وذكرنا ان جمعا من المفسرين يرون انه يعود على الله سبحانه وتعالى وان النار والنور بمعنى واحد. وذكرنا الحديث اه الذي في صحيح مسلم وفيه اه ان حجابه النور جل وعلا لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه كل شيء ادركه بصره والمعنى انه محتجب من خلقه بالنور ولهذا لم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم ان يراه ليلة الاسراء والمعراج. ولهذا قال رأيت نورا او في لفظ آآ نور انا اراه. يعني كيف اراه وهو ايضا نور وايضا نار شديد الحرارة يحرق لقوله لاحرقت سبحات وجهي ما انتهى اليه بصره ومن العلماء من قال آآ ان بورك من في النار المراد راجع على نوري نور الله جل وعلا وقيل بل المراد انه راجع على الملائكة كانوا بداخل هذه النور وهذا اهذه النار وهذا النور ثم قال جل وعلا وسبحان الله رب العالمين. قال ابن كثير اي الذي يفعل ما يشاء ولا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا يحيط به شيء من مصنوعاته وهو العلي العظيم المباين لجميع المخلوقات ولا يكتنبه الارض والسماوات بل هو الاحد الصمد المنزه عم مماثلة المحدثات ثم قال يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم اي اعلمه ان الذي يخاطبه ويناجيه هو الله هو ربه الله العزيز الحكيم الذي عز كل شيء وقهره وغلبه وهو الحكيم في افعاله واقواله واقداره واحكامه سبحانه وتعالى آآ ثم قال والقي عصاك قال ابن كثير امره ان يلقي عصاه من يده ليظهر له ليظهر له دليلا واضحا على انه الفاعل المختار القادر على كل شيء فلما القى موسى تلك العصا من يده انقلبت في الحال حية عظيمة هائلة في غاية الكبر وسرعة الحركة مع ذلك ولهذا قال فلما رآها تهتز كانها جان الجان ظرب من الحيات يعني نوع من الحيات من انواع الثعابين اسرعه حركة واكثره اضطرابا وفي الحديث اي الصحيح نهى عن قتل جنان البيوت ومراد بها الحيات التي تكون في البيوت فلما عاين موسى ذلك ولى مدبرا ولم يعقب اي ولم يلتفت من شدة فرقه فقال الله له يا موسى لا تخف اني لا يخاف لدي المرسلون اي لا تخاف مما ترى فاني اريد ان اصطفيك رسولا واجعلك نبيا وجيها هكذا فسر ابن كثير رحمه الله هذه الايات وهو تفسير واضح ونزيده بعض الايضاح ان الله امره ان يلقي عصاه معنى القياسات يعني اطرحها على الارض كان يتوكأ عليها ويعتمد عليها ويهش بها على غنمه فامره ان يرميها في الارض فلما رأها فلما رماها انقلبت حية كما جاء ذلك في سورة طه قال جل وعلا قال القها يا موسى فالقاها فاذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الاولى اذا لما طرحها انقلبت حية تهتز تتحرك ابدا مثل ما تحركوا الحيات المعروفة وتبطين كانها جان مثل الجن. الجن المراد به الحيات نوع من الحيات سمى جان كانها جان فلما ارى ذلك ولى مدبرا ولى يعني فر وهرب خوفا من الحية ولم يعقب يعني لم يرجع من قولهم عقب فلان اذا رجع على عقبه الى حيث بدأ يعني فر على وجهه ثم ناداه الله جل وعلا يا موسى لا تخف لا تخف من هذه الحية ولا من غيرها اني لا يخاف لدي المرسلون. هنا اخبره انه ارسله وجعله من الرسل وانه لا يخاف لديه المرسلون بل هو الذي ينصرهم ويؤيدهم ويقويهم ويظهرهم على عدوهم الا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فاني غفور رحيم الاستثناء هنا الا استثناء منقطع ولا يجوز الا ان يكون منقطعا لان تقدير الكلام اني لا يخاف لدي المرسلون لكن من ظلم يعني وقع في الظلم في المعصية ثم بدل حسنا بعد سوء يعني تاب ورجع تاب واناب ورجع الى الله بعد الظلم وفعل المعصية فاني غفور رحيم غفور اغفر له الذنب ورحيم به ارحمه واتجاوز عن سيئاته قال ابن كثير رحمه الله وقوله الا من ظلم ثم بدل الا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فاني غفور رحيم. هذا استثناء منقطع فيه بشارة عظيمة للبشر يعني للناس كلهم لنا نحن ايضا وذلك ان من كان على شيء ثم اقلع عنه يعني كان على شيء من المعاصي والذنوب ثم اقلع عنه ورجع وتاب وانام فان الله يتوب عليه من هذا الذنب كما قال تعالى واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى وكما قال تعالى ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما والايات في هذا كثيرة جدا ثم قال له جل وعلا وادخل يدك في جيبك تخرج بيظاء من غير سوء وهذه اية اخرى الاية الاولى رؤية الحية او ان العصا انقلبت الى حية عظيمة تسعى وتتحرك ثم امره بان يأخذها فرجعت عصا كما كانت فايده بهذه المعجزة واعلمه وعلم ان عصاه تنقلب حية ولهذا لما جاءت مناظرة فرعون والسحرة بعد ذلك القى موسى هذه العصا فجعلت تلقف ما يأفكون لانه قد علم انها كذلك وانها تنقلب حية حقيقية اية من ايات الله عز وجل والاية الثانية قال له وادخل يدك في جيبك تخرج بيظاءة من غير سوء كما قال في سورة طه واظمم اليك جناحك تخرج بيظاء واضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء. اية اخرى فكان يدخل يده بجيب قميصه جيب درعه يدخلها ثم يخرجها. واذا هي بيضاء تتلألأ نورا قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاية قال هذه اية اخرى ودليل باهر على قدرة الله الفاعل المختار وصدق من جعل له معجزة وذلك ان الله تعالى امره ان يدخل يده في جيب درعه فاذا ادخلها واخرجها خرجت بيضاء خرجت بيظاء ساطعة كانها قطعة قمر لها لمعان يتلألأ كالبرق الخاطف هذه ايضا اية وهما من اعظم الايات التي اتاها الله موسى قال تخرج بيظاء من غير سوء يعني من غير مرظ ليس برصا ليس برصا او مرضا وامر يسوء لا من غير سوء بيضاء تتلألأ في غاية الجمال في تسع ايات الى فرعون وقومه اي هاتان ثنتان من تسع ايات اؤيدك بهن واجعلهن برهانا لك الى فرعون وقومه اذا هاتان ايتان في تسع يعني هي من ضمن تسع ايات ساعطيك اياها وهي دلائل وبينات على انك رسول من رب العالمين الى فرعون وقومه لان فرعون وقومه لان فرعون وقومه كانوا كفرة بالله ولم يؤمنوا ولهذا قال انهم كانوا قوما فاسقين فاسقين اي خارجين عن طاعة الله الى معصيته لان الفسق هو الخروج والفاسق الخارج عن طاعة الله الى معصيتي وهذه الايات التسع ذكرها الله عز وجل ايضا في سورة الاسراء فقال وقد مرت معنا قال ولقد اتينا موسى تسعة ايات بينات قال الامين الشنقيطي رحمه الله قال بعض اهل العلم الايات التسع هي العصا واليد هما اللتان ذكرتا هنا والسنون والسنون المراد السنين يعني القحط كما قال جل وعلا ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات قال والسنون والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وقد مرت معنا هذه الايات والكلام عليها وكل واحدة من هذه عليها دليل من القرآن فالعصى واليد عليها اكثر من دليل ومنها ما ما هو معنى وما مر قريبا والسنون والسنون ايضا ما اشرنا اليه من قوله جل وعلا ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين ونقص من الثمرة وبقية الايات والبحر البحر جاء في قوله جل وعلا واوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل كل فرق كالطود العظيم وبقية الايات ذكرها الله جل وعلا في قوله فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وبعضهم ذكر بدل السنون يعني ذكر في هذه الاية التسع بدل السنون او السنين ذكر آآ رفع الجبل ذكر بعضهم الجبل استدل بقوله واذا نطقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وهذا الذي يظهر انه اه لبني اسرائيل اية لبني اسرائيل وليس لفرعون وقومه الايات التي او الاية التي جعلها الله عز وجل لبني لي فرعون وقومه وايد موسى بها هي السنين ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين آآ قال جل وعلا فلما جاءتهم اياتنا مبصرة لما جاءتهم يعني جاءت فرعون وقومه اياتنا ودلائلنا البينات مبصرة تبصر وتنير الحق وتدل عليه قال ابن كثير فلما جاءتهم اياتنا مبصرة اي بينة واضحة ظاهرة قالوا هذا سحر مبين هذا الذي جئت به سحر مبين بين واضح انه سحر وقد مر معنا في دروس ماظية وليست ببعيدة ذكر قصة موسى مع فرعون وقصة السحرة وكيف جاؤوا بسحر عظيم ثم القى موسى عصاه فاذا هي تلقف ما يأفطون ثم ايمان السحرة لموسى اتباعهم له كل ذلك مضى قريبا قال جل وعلا وارادوا معارضته بسحرهم وارادوا معارضته بسحرهم فغلبوا وانقلبوا صاغرين قلبوا وانقلبوا صاغرين ايضا على ضوء ما مر وجحدوا بها اي في ظاهر امرهم جحدوا بهذه الايات جحدوها ولم يؤمنوا بها ظاهرا واستيقظتها انفسهم هذا في الباطن يعني هو في الظاهر جحدوا قالوا هذا سحر وهذا ساحر وجحدوا بهذه الايات ولم يؤمنوا بها واستيقظتها انفسهم وهم في الباطن استيقنوا انها ايات حق وعلموا ذلك ويكفي قصة ايمان السحرة وايضا التقاف عصى موسى للسحر للحبال والعصية العظيمة وابتلاعها فهم استيقنوا ذلك ببواطنهم لكنهم عارضوا اكبارا وعلوا يقول ابن كثير اي وجحدوا بها اي في ظاهر امرهم واستيقنتها انفسهم اي علموا في انفسهم انها حق من عند الله ولكن جحدوها وعاندوها وكابروها ظلما وعلوا قال ابن كثير ظلما من انفسهم سجية ملعونة ظلم ووضع الشيء في غير موضعه وعلوا اي استكبارا عن اتباع الحق لان الكفار ان في صدورهم ما فيش دورهم الا كبر ما هم ببالغيه ففيهم علو وتكبر وترفع عن الحق وهذا هو معنى قولي هنا ظلما وعلوا ظلما وضعا للشيخ في غير موضعه جحدوا هذه الايات مع استيقانهم بها ظلما منه وضعا للشيء في غير موضعه وعلوا تكبرا على الحق وترفعا عن الحق وعدم استجابة له فقال جل وعلا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين فانظر يا نبينا كيف كان عاقبة هؤلاء المفسدين وما انتهى اليه امرهم ومآل اليه من الغرق في الدنيا في البحر والحرق في النار في نار جهنم فذهبت ابدانهم للغرق وارواحهم للحرق والنار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب قال ابن كثير رحمه الله قال ولهذا قال فانظر كيف كان عاقبة المفسدين؟ اي انظر يا محمد كيف كان عاقبة كفرهم باهلاك الله اياهم واغراقهم عن اخرهم في صبيحة واحدة وقت واحد قال ابن كثير وفحوى الخطاب وهو مفهوم المخالفة وفهو الخطاب احذروا ايها المكذبون بمحمد. يعني تحذير لكفار قريش احذروا ايها المكذبون بمحمد الجاحدون لما جاء به من ربه ان يصيبكم ما اصابهم في طريق الاولى والاحرى فان محمدا صلوات الله وسلامه عليه اسرفوا واعظم من موسى وبرهانه ادل واقوى من برهان موسى بما اتاه الله تعالى من الدلائل المقترنة بنفس بوجوده في نفسه وشمائله وما سبقه من البشارات من الانبياء به واخذ المواثيق له عليه من ربه افضل الصلاة والسلام يعني الله اخبر بهذه الايات وفيه تحذير لكفار قريش لئلا يصيبكم ما اصابهم فاحذروا من تكذيبه بل امنوا بنبينا واطيعوه واتبعوه والا سيكون مآلكم مآل فرعون وقومه من حيث حلول العذاب بكم ونزوله بكم ثم قال جل وعلا ولقد اتينا داود وسليمان علما جرى جل وعلا في في ذكر قصص سليمان لكنه ابتدأ بذكر ابيه داود وذكره معه هذا كالتوطئة والتمهيد لان سليمان هو ابن داوود وانما ورث عن ابيه ورث النبوة وورث الملك عن ابيه فاشار اليه فاشار اليه جل وعلا قال ولقد اتينا اي اعطينا داوود وسليمان علما قال قتادة تفسيرا لقوله علما قال كان داود اوتي ثلاثا سخرت له الجبال يسبحن معه والين له الحديد وعلم منطق الطير وقال ايضا قتادة وقال قتادة ايضا علما فهما وقيل علما بالدين والحكم وغيرهما وقيل علما النبوة والخلاف في الارض والزبور وقال الطبري ذلك علم كلام الطير والدواب وغير ذلك مما خصهم الله بعلمه والصواب ان الاية تشمل ذلك كله تشمل ذلك كله. اتاهم الله علما فاهمة اني منطق الطير آآ اتاهم النبوة اتاهم الحكم بين الناس اتى داود الزبور آآ اتاهم فهما جعل الجبال تسبح مع داود والين له الحديد الى غير ذلك. كل ذلك حق ولقد اتينا داود وسليمان علما وقال الحمد لله الذي فظلنا على كثير من عباده المؤمنين. وقال اي سليمان وداوود شاكرين او شاكرين لربهما منته الكبرى بتعليمهما وهكذا يجب على المسلم اذا انعم الله عليه بنعمة ان يشكر الله عليها ان يشكر الله على هذه النعمة ومن ذلك نعمة العلم اذا من الله عليك بالعلم الشرعي وجعلك من اهله ومن طلبته فاحمد الله واشكره على ذلك فانه محض فضله جل وعلا محض فضله عليك ليس بقوتك ولا بفهمك ولا بادراكك بتوفيق الله لك فكم من الناس من هو افهم منك ولم يوفق الى العلم وقال الحمد لله الذي فظلنا على كثير من عباده المؤمنين. وهكذا ينبغي الانسان ان يحمد الله جل وعلا كما جاء في الحديث ما انعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله الا كان الذي اعطى اخذ الا كان الذي اعطى افضل من الذي اخذ او كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فاذا انعم عليك بنعمة فقلت الحمد لله فقد آآ شكرت هذه النعمة وفعلت فعلا عظيما قال جل وعلا الذي فظلنا على كثير من عباده المؤمنين اي في زمانهم ووقتهم فهم افضل الناس في زمانهم وليس معنى ذلك انه فضلهم على العالم كلهم فانا نبينا صلى الله عليه وسلم افضل منهم بل اولي العزم كلهم افضل منهم اولو العزم نبينا صلى الله عليه وسلم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى لكن المراد على الذي فضلنا على عالم زماننا او يكون في الظلام في ما اعطاهم من يعني تعليم منطق الطير فان هذا مما اختص به سليمان ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما امسك ذاك الجني الذي تفلت عليه يريد يرمي شهابا في وجهه استعاذ بالله وامسكه في السعادة النبي صلى الله عليه وسلم بالله منه ثم امسكه ودعته حتى وجد برد للعابه او لسانه بين اصبعيه صلى الله عليه وسلم قال فاردت يعني ان اربطه حتى يصبح يلعب به صبيان اهل المدينة قال فتذكرت دعوة اخي سليمان وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي فلعله اذا قيل بمجموع ما اعطاهم الله فقد فظلهما على العالمين كلهم لهذا الباب في باب تعليم سليمان منطق الطير تسخير الريح له روحها شهر وغدوها شهر او ان المراد على فضة لهم على عالم زمانهم والله اعلم قال جل وعلا ورث سليمان داود اي ورثه بالنبوة والملك وليس المراد يعني ميراث المال. قال ابن كثير وورث سليمان داود اي في الملك والنبوة وليس المراد وراثة المال اذا لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر اولاد داود يعني بذلك لم يخص سليمان وحده لان داوود كان عنده اولاد غير سليمان قال فانه كان لداوود مائة امرأة ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة فان الانبياء لا تورث اموالهم كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث ابي هريرة قال نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة او ما تركنا صدقة قال وورث سليمان داود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير قاله سليمان مثنيا على الله جل وعلا مبتهجا بهذه النعمة شاكرا لها قال علمنا منطق الطير اي فهمنا منطقة طير فصار يفهم ماذا يقول الطيب ولهذا قال ابن كثير اي اخبر سليمان بنعم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام والتمكين العظيم حتى انه سخر له الانس والجن والطير وكان يعرف لغة لغة الطير والحيوان ايضا وهذا شيء لم يعطه احد من البشر فيما علمناه مما اخبر الله به ورسوله ومن زعم من الجهلة والرعاة ان الحيوانات كانت تنطق كنطق بني ادم قبل سليمان بن داود كما يتفوه به كثير من الناس فهو قول بلا علم ولو كان الامر كذلك لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة اذ كلهم يسمعوا كلام الطير والبهائم ويعرف ما تقول فليس الامر كما زعموا ولا كما قالوا بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت الى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال ولكن الله سبحانه وتعالى كان قد افهم سليمان عليه السلام ما يتخاطب به الطيور في الهواء وما شيء نعم وما تنطق به الحيوانات على اختلاف اصنافها ولهذا قال علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ومعنى من كل شيء اي مما يحتاج اليه الملك ان هذا لهو الفضل المبين اي الظاهر البين لله علينا هاء واورد ابن كثير نعم آآ نقول نعم فسر ابن كثير هذه الايات بان سليمان قال علمنا للناس؟ علمنا منطق الطير فهمنا فصار يفهم كلام الطير حتى روى الحافظ البيهقي اه في كتابه في البداية والنهاية وذكرها ابن كثير عن نعم ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية واسندها للبيهقي والحقيقة ان انها غير موجودة في الكتب التي بين ايدينا آآ من كتب البيهقي لكن اوردها ابن كثير وانا اذكرها لان فيها طرفة قال ابن كثير في البداية والنهاية وقد قال الحافظ ابو بكر البيهقي بعد ان ساق اسناده الى ابي ما لك قال مر سليمان ابن داوود بعصفور يدور حول عصفورة فقال سليمان لاصحابه اتدرون ما يقول قالوا ما وما يقول؟ يا نبي الله؟ قال يخطبها الى نفسه. ويقول تزوجيني اسكنك اي غرف دمشق شئت اي غرف دمشق شئت قال سليمان لان غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر ان يسكنها احد ولكن كل خاطب كذاب يخاطب كذاب ورواه ابن عساكر عن ابي القاسم زاهر بن طاهر عن البيهقي به فالحاصل انه علم منطق الطير وصار يفهم ما تقول الطير ولهذا سيأتي قصته مع الهدهد وسؤاله له واخبار الهدد له وارساله الهدهد واخباره بقولهم اخبار الهدهد له بقول ملكة سبأ فعلمه الله منطق الطير قال علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء هذا من العام المخصوص ليس كل شيء وانما من كل شيء من امور الملك مما اتاه الله سليمان والا فانه ما اوتي علم ملكة سبأ حتى اخبره الهدهد الهدهد بذلك لكن هذا من العامة المخصوص قال ان هذا لهو الفضل المبين هذا فضل من الله ظاهر واضح لا يخفى على احد وهذا يعني من شكري لهذه النعمة ثم وقبل ذلك قوله من كل شيء نذكر بعض اقوال اهل العلم زيادة في الايضاح قال ابن عباس من امر الدنيا والاخرة من كل شيء واوتينا من كل شيء قال من امر الدنيا والاخرة وقيل اي مما يحتاج اليه الملك وقال مقاتل يعني النبوة والملك وتسخير الجن والشياطين والرياح. وعلى كل حال هو من باب العام المخصوص ليس على اطلاقه واورد ابن كثير هنا حديثا اه اريده كما اورده ابن كثير وابين حكمه قال ابن كثير قال الامام احمد حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن ابي عمرو عن المطلب عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة فكان اذا خرج اغلقت الابواب فلم يدخل على اهله احد حتى يرجع قال فخرج ذات يوم واغلقت الابواب فاقبلت امرأته تطلع الى الدار فاذا رجل قائم وسط الدار وقالت لمن في البيت من اين دخل هذا الرجل والدار مغلقة والله لنفتضحن بداوود فجاء داوود عليه السلام فاذا الرجل قائما وسط الدار فقال له داود من انت قال الذي لا يهاب الملوك انا الذي لا يهاب الملوك ولا يمتنع من الحجاب يعني ما احد يمنعه وقال داود انت والله اذا ملك الموت مرحبا بامر الله فتزمل داوود عليه السلام مكانه حتى قبضت نفسه يعني شد عليه ثيابه ثم اضطجع فقبض ملك الموت روحه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس وقال سليمان عليه السلام للطير اظلي على داوود فاظلت عليه الطير حتى اظلمت عليهما الارظ وقال لها سليمان اقبضي جناحا جناحا قال ابو هريرة يا رسول الله كيف فعلت الطير فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يعني قبض الجناح وغلبت عليه يومئذ مفرحية او المسرحية قالوا قال ابو فرج ابن الجوزي المفرحية هي النسور الحمر يعني غلبت في ذلك اليوم التي كانت تظل حول سليمان الطيور النسور نوع من الطيور الحمر لكن هذا الحديث ضعيف لانقطاعه لان المطلبة حدروته المطلب ابن عبد الله ابن حنطب لم يسمع من ابي هريرة ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد