بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فلا يزال الكلام في قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ وكان اخر ما تكلمنا عليه بالامس اه ما اخبر الله جل وعلا انها سترسل الى سليمان بهدية من المال والذهب وغيره فتنظر بما يرجع رسلها من سليمان هل هو يعجب بهذا المال ويرضى به ويقتنع به ويتركها وملكها ام غير ذلك فقال جل وعلا فلما جاء سليمان يعني لما جاء رسولها الى سليمان بالهدية قال سليمان منكرا عليها ومتغيظا على عدم اجابتها وقومها على عدم اجابتها وعدم اجابة قومها اتمدونني بمال اي ما اتاني من من النبوة والملك العظيم والاموال الكثيرة خير مما اتاكم من المال الذي هو الذي الهدية من جملته ثم اوصى نبي الله سليمان رسول بلقيس من غير كتاب فقال ارجع اليهم اي الى بلقيس وقومها بهديتك بهديتهم وقل لهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها اذلة وهم صاغرون ثم قال قال يا ايها الملأ ايكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين يعني لما رجع اليها رسولها او رسلها بهديتها وبما قال سليمان سمعت واطاعت هي وقومها واقبلت تسير اليه في جنودها خاضعة ذليلة معظمة لسليمان ناوية متابعته في الاسلام قال ابن كثير قال محمد بن اسحاق عن يزيد ابن رومان قال فلما رجعت اليها الرسل بما قال سليمان قالت قد والله عرفت ما هذا بملك ومالنا به من طاقة وما نصنع بمكابرته شيئا وبعثت اليه اني قادمة عليك بملوك قومي لانظر ما امرك وما تدعونا اليه من دينك ثم امرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ فجاء فجعل في سبعة ابيات بعضها في بعض يعني اخفته وضعته في بيت في جوف بيت يعني سبعة ابيات فهو بداخلها البيت الذي هو فيه ثم من وراءه بيت اخر ثم يحيط به بيت ثالث ثم يحيط به رابع هكذا الى سبعة ابيات. وهذا لتمام الحفظ له قال فجعل في سبعة ابيات بعضها في بعض ثم اقفلت عليه الابواب ثم قالت لمن خلفت على سلطانها احتفظ بما بما قبلك وسرير ملكي فلا يخلص اليه احد من عباد الله ولا يرينه احد حتى اتيك ثم شخصت الى سليمان في اثنى عشر الف قيل من ملوك اليمن والقيل هو الملك في لغة اهل اليمن وتحت كل قيل منهم الوف كثيرة فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بما بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة حتى اذا دنت جمع من من عنده من الجن والانس ممن تحت يده وقال عليه السلام يا ايها الملأ ايكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين قال قتادة لما بلغ سليمان انها جائية وكان قد ذكر له عرشها فاعجبه وكان من ذهب وقوائمه لؤلؤ وجوهر وكان مسترا بالدباج والحرير وكانت عليه تسعة مغاليق فكره ان يأخذه بعد اسلامهم قد علم نبي الله انهم متى اسلموا تحرم اموالهم مع دمائهم فقال يا ايها الملأ ايكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين وهكذا قال عطاء الخرساني والسدي وزهير بن محمد قبل ان يأتوني مسلمين فتحرم علي اموالهم باسلامهم اختلف اهل العلم في السبب الذي من اجله خص سليمان مسألة الملأ من جنده او مسائلة الملأ من جنده احضار عرش هذه المرأة من بين من بين املاكها قبل اسلامها فقيل القول الذي قدمنا ذكره انه فعل ذلك لانه اعجبه كرسيها او عرشها حين وصف له الهدهد صفته وخشي ان تسلم في حرم عليه مالها فاراد ان يأخذ سريرها قبل ان يحرم عليه اخذه في اسلامها وهذا قول قتادة ومعه كما مر وقال اخرون بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به ويختبر به عقلها هل تثبته اذا رأته ام تنكره قاله ابن زيد ثم قال الطبري بعد ان ذكر هذه الاقوال واولى الاقوال بالصواب في السبب الذي من اجله قص سليمان بسؤاله الملأ من جنده باحوال عرش هذه المرأة دون سائر ملكها ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته ويعرفها بذلك قدرة الله وعظيم شأنه انها خلفته في بيت جوف ابيات بعضها في جوف بعض مغلق مقفل عليه فاخرجه الله من ذلك كله بغير فتح اغلاق واقفال حتى اوصله الى وليه من خلقه وسلمه اليه فكان لها في ذلك اعظم حجة اعظم حجة على حقيقة ما دعاها اليه سليمان وعلى صدق سليمان فيما اعلمها به من نبوته قبل ان يأتوني مسلمين آآ قيل معنى مسلمين يعني مستسلمين طوعا قبل ان يأتوني مستسلمين لذلك طائعين بطوع انفسهم وهذا مروي عن ابن عباس وقال بعض المفسرين بل معنى ذلك قبل ان يأتوا يأتوني مسلمين الاسلام الذي هو دين الله كما قال ابن جريج قال الطبري ثم فقال الطبري فاما الذي هو اولى التأويلين في قوله قبل ان يأتوني مسلمين فقول ابن عباس الذي ذكرناه قبل من ان معناه طائعين لان المرأة لم تأتي سليمان اذ اتته مسلمة وانما اسلمت بعد مقدميها بعد مقدمها عليه وبعد محاورة جرت بينهما ومساءلة يعني يرجح ابن ابن جرير الطبري ان معنى قبل ان يأتوني مسلمين يعني مستسلمين طائعين باختيارهم وليس معناه الاسلام الذي هو الدخول في الاسلام لماذا؟ لانه سيأتي بالايات اللاحقة ما يدل على محاورة بينه وبين سليمان ثم قالت بعد ذلك اسلمت لله رب العالمين ام تسلم وقت مجيئها قال جل وعلا قال عفريت من الجن انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين قال عفريت العفريت هو القوي المارد من الجن انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين يعني انا اتيك بعرشها قبل ان تقوم من مقعدك هذا قال ابن عباس يعني قبل ان تقوم من مجلسك وقال مجاهد مقعدك وقال السدي وغيره كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام من اول النهار الى ان تزول الشمس يعني هذا هو مقامه الذي هو فيه مجلسه ومقعده الذي كان جالسا فيه وهو فيما قيل كان يجلس للقضاء بين الناس من اول النهار الى الزوال طبعا هذا وقت قصير لان سليمان في الشام بدمشق وعرشها في اليمن بينهما مسافات طويلة كونه يأتي في سويعات رغم طول المسافة هذا شيء عجيب وهذا دليل ان الله سبحانه وتعالى قد اقدر بعض الجن وجعل لهم قدرة ترعة بالتحرك والمجيء والاتيان بالاشياء ولهذا لا يجوز للمسلم ان ان ينخدع بافعال الكهان والسحرة الذين قد يصنعون بعض الاشياء ويأتون ببعض الاشياء وينقلون بعض الاخبار فان بعض الناس اذا رأى هذا من تصرف الساحر انبهت لذلك واستسلم له لا الساحر كافر عدو الله يستخدموا الجن ولا يقوم بالسحر الا ان يقدم شيئا للجن يخرج به من دينه. فعند ذلك يخدمونه فهذه السرعة التي تراها وبعض التصرفات والاتيان بكذا هذا من فعل الجن والجن الله الذي اقدرهم على هذا فجعل لهم قدرة وليس معنى ذلك ان هذا الساحر يعلم الغيب او ان له شيء من صفات الالوهية حاشى وكلا. بل هو عدو الله كافر ولي الشياطين ولهذا انظروا كيف جاءت بعرشها اذا جاء هذا المال او قال هذا المارد اتيك به هذه المسافات الطويلة في سويعات قليلة فلا يغتر الانسان الساحر ولا بالكاهن بل لا يجوز له ان يذهب الى الساحر او الكاهن مهما كان الامر بان النبي صلى الله عليه وسلم يقول من اتى كاهنا او عرافا فسأله لم تقبل له اربعين لم تقبل له صلاة اربعين ليلة رواه مسلم في الصحيح عند احمد والحاكم وابي داوود من اتى كاهن او عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد نسأل الله العافية والسلامة قال واني عليه لقوي امين يعني يقول هذا المارد اني عليه على ذلك على احوار العرش والاتيان به قوي قال ابن عباس اي قوي على حمله امين على ما فيه من الجوهر قوي على حمله والاتيان به في هذا الوقت وامين على ما فيه من الجوهر والذهب والفصوص واللؤلؤ والمرجان ما يسقط منه شيء ولا يفقد منه شيء قال سليمان نعم قال الذي عنده علم من الكتاب يقول المفسرون او ذكر بعض المفسرين ان سليمان بن داود لما قال له هذا المارد اتيك به قبل ان تقوم من مقامه قال ابتغي اعجل من هذا اريد اسرع من هذا قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك والذي عنده علم من الكتاب هو كما قال ابن عباس قال هو اعصف كاتب سليمان ويقال له اصف ابن برخياء كان صديقا يعلم الاسم الاعظم وقال قتادة كان مؤمنا من الانس واسمه اصر قال ابا قتادة انه من بني اسرائيل وقال مجاهد كان اسمه اسطوم ويقال انه رجل من الانس يقال له ذو النور والامر بهذا هين يعني اسمه ما هو؟ المهم ان اكثر المفسرين على انه رجل من بني ادم وان له علاقة بسليمان وكان صديقا كثير التصديق مؤمنا صديقا يعرف اسم الله الاعظم الذي اذا دعي به اجاب جل وعلا قال انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك اي كما قال ابن كثير اي ارفع بصرك وانظر مد بصرك اما تقدر عليه فانه لا يكل بصرك الا وهو حاضر عندك الا وهبي ابن المنبه امدد بصرك فلا يبلغ مداه حتى اتيك به فذكروا انه امره ان ينظر نحو اليمن التي فيها هذا العرش المطلوب ثم قام فتوضأ ودعا الله عز وجل قال مجاهد قال يا ذا الجلال والاكرام الظوا بيا ذا الجلال والاكرام وقيل غير ذلك والله اعلم به المهم ان اكثر المفسرين على انه رجل من بني ادم صديق له علاقة بسليمان وانه يعرف اسم الله الاعظم وقيل ان معنى قوله قبل ان يرتد اليك طرفك المراد بالطرف تحريك الاجفان تحريك الاجفان وفتحها وارتدادها وارتداده وارتداده انضمامها يعني قبل ان يرتد اليك طرفك الطرف المراد به الادفان اجفان العين تحريكها وفتحها للنظر وقبل ان يرتد اليك طرقك يعني قبل ان تنضم تغلق عينك يعني تفتح عينك مجرد ان تفتحها قبل ان تغمضها مرة اخرى الا وهو بين يديه وهذا في غاية السرعة اية من ايات الله ومعجزة ليكون ذلك ادعى لايمان هذه المرأة قال فلما رآه سليمان مستقرا عنده رأى العرش حاضرا بين يديه مستقر ما هو مجرد صورة او تخييل قال هذا من فظل ربي ليبلوني اشكر ام اكفر هذا الذي حصل من فظل الله وحده لا شريك له لانه على كل شيء قدير. وسخر من سخر جل وعلا ليحضره ليبلوني ااشكر ام اكفر اي ليختبرني بهذه النعمة وبحضور العرش بين يدي ااشكره يختبرني ااشكره بذلك واعترف انه من فضله سبحانه وتعالى من غير حول مني ولا قوة ام اكفر بترك الشكر وعدم القيام به فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين بل علم ان ذلك اختبار من ربه فخاف الا يقوم بشكر هذه النعمة ثم بين ان هذا الشكر لا ينتفع لا ينتفع الله به وانما يرجع نفعه الى صاحبه فقال ومن شكر فانما يشكر لنفسه. ومن كفر فان ربي غني كريم غني عن اعماله كريم كثير الخير يعم به الشاكر والكافر الا ان شكر نعمه داء للمزيد منها وكفرها دائم لزوالها وهذا كما قال جل وعلا ان تكفروا انتم ومن في الارض ومن في الارض جميعا فان الله لغني حميد والابتلاء بالنعم ابتلاء للعبد هل يشكر ام يغتر كما قال صاحب المال الكثير الذي اعطاه الله له قال انما اوتيت هذا انما اوتيته على علم عندي على علم عندي ما قال الله الذي اعطاني اياه وفي قصة النفر الثلاثة من بني اسرائيل الاعمى والابرص والاقرع كل منهم قال عن ماله الذي اعطاه الله اليه هذا مالي ورثته عن ابائي واجدادي كابرا عن كابر الا الاعمى اعترف بنعمة الله وشكر ورضي عنه وغضب على ذينك الرجلين الذين جحدا ولم يشكر النعمة فيا عبد الله اشكر نعمة الله التي انت فيها فان شكرها قيد لها ومؤذن بمزيد خير من الله جل وعلا لك يا عبد الله لان الشكر قيد النعم وقوله هنا ومن يشكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم هذه عقيدة يجب ان يعتقدها المسلم ان الله غني عنك وعن عبادتك لا تظن انك اذا عبدت الله واجتهدت في العبادة ان لك على الله فضل او انك تنفع الله بشيء او انك تنفع الله بشيء من ذلك؟ لا قال ابن كثير وفي صحيح مسلم يقول الله تعالى يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه ثم قال جل وعلا مخبرا عما قاله سليمان قال نكروا لها عرشها ننظر اتهتدي ام تكونوا من الذين لا يهتدون ومعنى نكروا لها عرشها يعني غيروه بزيادة ونقص قال ابن عباس نزع منه فصوصه ومرافقه نزعت منه الفصوص هذا تنكير تغير ما كانت تعهد ان عرشها قد نزعت منه الفصوص وقال مجاهد امر به فغير ما كان فيه من احمر جعل اصفر وما كان اصفر جعل احمر وما كان اخضر جعل احمر غير كل شيء غير كل شيء عن حاله فقال عكرمة زادوا فيه ونقصوا وقال قتادة جعل اسفله اعلاه ومقدمه مؤخره وزادوا فيه ونقصوا يعني هذا هو معنى التنكير لكن ما الذي حمله على هذا قال الفراء انما امر بتنكيره تنكير العرش لان الشياطين قالوا له ان في عقلها شيئا فاراد ان يمتحنها وقيل ايضا ان الجن خافت ان يتزوج بها سليمان فيولد له منها ولد فيبقون مسخرين لال سليمان ابدا فقالوا لسليمان انها ظعيفة العقل ورجلها كرجل الحمار فقال نكروا لها عرشها لنعرف عقلها ننظر اتهتدي ان تكونوا من الذين لا يهتدون يقول من الذين لا يعقلون فلا تثبت عرشها قال ابن عباس قال قال ابن عباس زيد زيد في عرشها ونقص منه لينظر الى عقلها ووجدت ثابتة العقل وجدها ثابتة العقل فلما جاءت قادمة على سليمان عرض عليها عرشها وقد غير ونكر وزيد فيه ونقص ونقص منه وكان عهدها به قد خلفته في اليمن في بلدها فقيل لها اهكذا عرشك اي عرض عليها عرشها كان فيها ثبات وعقل ولها لب ودهاء وحزم فلم تقدم على انه هو لوجود التغيير فيه والتنكير ولبعد مسافته عنها ولا انه غيره لما رأت من اثاره وصفاته وان غير وبدل ونكر فقالت كانه هو اي يشبهه ويقاربه وهذا غاية في الذكاء والحزم فاتت بلفظ محتمل للامرين صادق على الحالين فقال سليمان متعجبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله ان اعطاها اعطاه اعظم منها قال واوتينا العلم من قبلها ذكر اكثر هذا الكلام الحافظ ابن كثير في تفسيره قال واوتينا العلم من قبلها هذا يقوله سليمان اي اتانا الله العلم به وبقدرته على ما على ما يشاء واتانا الهداية والعقل والحزم من قبل هذه المرأة وكنا مسلمين اي قبلها ايضا مستسلمين لله منقادين لامره ثم قال وصدها ما كانت تعبد من دون الله وصدها ما كانت تعبد من دون الله انها كانت من قوم كافرين قال ابن كثير هذا من كلامي هذا من تمامك كلام سليمان كما قال مجاهد وسعيد بن جبير اي قال سليمان واوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وهي كانت قد صدها اي منعها من عبادة الله وحده ما كانت تعبد من دون الله انها كانت من قوم كافرين وهذا الذي قاله مجاهد وسعيد حسن قاله ابن جرير وقاله ابن جرير ايضا يعني ان هذا من قول سليمان ان سليمان هو الذي قال وصدها من الذي صدها ايه؟ الشرك الذي كانت عليه وقال بعض المفسرين كما قال ابن جرير قال ويحتمل ان يكون في قوله وصدها ظمير يعود الى سليمان او الى الله عز وجل تقديره ومنعها ما كانت تعبد من دون الله اي صدها عن عبادة غير الله انها كانت من قوم كافرين فصار عندنا المعنى ان هذا من قول سليمان وانه اخبر اخبر ان انه قد صدها الكفر الذي كانت عليه وعبادة الشمس صدها عن عبادة الله وقيل بل الذي صدها هو سليمان يعني بعد ان جاءت الي صدها منعها من الكفر الذي كانت عليه وقيل ان الذي صدى هو الله منعها من الكفر الذي كانت عليه وادخلها في الاسلام كل هذه الاقوال محتملة ولا شك ان ذلك كله بامر الله جل وعلا وقضائه قال جل وعلا وصدها والصد هو المنع وصدها ما كانت تعبد من دون الله وهي عبادة الشمس كما اخبر الهدهد عنها بذلك والا فلها من الذكاء والفطنة ما تعرف به الحق من الباطل لكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلب انها كانت من قوم كافرين قد كفروا بالله وعبدوا غيره قد كان قومه يعبدون الشمس فاستمرت على دينهم قيل لها ادخلي الصرحاء قيل لها القائد سليمان او بعض جنوده عن امره ادخل الصرح والصرح الاصل فيه في كلام العرب هو القصر وكل بناء مرتفع يقال له صرح ومنه قوله جل وعلا وقال فرعون يا هامان ابني لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب قصر عظيم حتى اطلع عليه وارتفع ابحث عن اله موسى قاله عدو الله استكبارا والا ويعلم ان الله في السماء قال ابو عبيدة الصرح القصر وقال الزجاج الصرح الصحن يقال هذه صرحة الدار وقاعتها طحن الدار وحوشه الذي حوله وقال ابن قتيبة الصرح بلاط وذلك ان سليمان عليه السلام امر الشياطين فبنوا لها قصرا عظيما من قوارير اي من زجاج واجري تحته الماء فالذي لا يعرف امره فالذي لا يعرف امره يحسب انه ماء ولكن ولكن الزجاج يحول بين الماشي وبينه اذا هذا هو الصرح قيل لها ادخلي الصرح ادخلي القصر لكن ما هو السبب الذي حمل سليمان على ان يفعل بها ذلك يجعل هذا القصر الذي هو من زجاج والماء يجري من تحته. ما الذي حمله على ذلك فاختلف المفسرون في السبب الذي حمله على ذلك فقيل انه عزم على تزوجها واصطفائها لنفسه وذكر له جمالها وحسنها ولكن في ساقيها هلب عظيم والهلب والشعر الكثير ويقال الهلب بضم الهاء واسكان اللام والمراد به الشعر الكثير الغليظ فقيل له يعني ان في بدنها وساقيها هلب وشعر كثير طبعا وهذا عيب في المرأة فلما رأته نعم لما رأته رأت الصرح كشفت عن ساقيها لانها تظن انه ماء تظن انه لجة قدونه زجاج هي لما رأت الماء كان الزجاج شفافا كشفت عن ساقيها لا تريد الماء يصيب ثيابها فبدا ساقاها ورآه سليمان فعلا وكانت كثيرة الشعر قال سليمان او يعني استشار من معه فقالوا عليك بالموس يعني يحلق حلقا فابت ذلك وابا سليمان قال ان هذا يعني يفسدوا جمالها قال فامر الشياطين اتوه بالنورة وهي مادة تتلى على الجسم فتذهب بالشعر ولا يبقى منه شيء ويقال ان سليمان هو اول من فعل ذلك والله اعلم قال فلما رأته اي رأت هذا الصرح وهذا الماء الذي يجري حسبته لجة لجة من الماء اسمه ماء فعلا ما بينه وبينه شيء فارادت تخوظ الماء وتمشي في الماء وكشفت عن ساقيها لاجل ذلك قال سليمان انه صرح ممرد من قوارير ان هذا قصر ممرد من قوارير ومعنى ممرد يعني الممرض قالوا هو المحكوك المملس وتمريد البناء تمليسه ومنه الامرد الشاب الذي لا شعر فيه وتمرد الرجل اذا لم تخرج لحيته ومنه الشجرة المرداء التي لا ورق لها وايضا يطلق الممرد على المطول منه يقال للحصن مارد يصون مارد المراد ان قوله ممرد يعني مملس ومزين بالقوارير والقوارير جمع قارورة وهي الزجاج الشفاف قالت ربياني ظلمت نفسي اي بما تلف منها من كفرها تركيا وعبادتها للشمس من دون الله هذا اعظم الظلم واسلمت مع سليمان لله رب العالمين فاعلنت اسلامها واستسلامها مع سليمان مدعنة لله بالتوحيد مفردة له بالالوهية والربوبية دون كل من سواه و نكتفي بهذا القدر والله اعلم صلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد